Kitab Al-Tahzhib fi Adillat Matn al-Taqrib (1)

Kitab Al-Tahzhib (Tahdzib) Syarah Matan Taqrib, At-Tahdhib (1) Penulis: Mustofa Daib Al-Bigha Al-Maidani Al-Dimasyqi Al-Syafi'i Bidang studi: fikih

Kitab Al-Tahzhib fi Adillat Matn al-Taqrib (1)

Nama kitab: Al-Tahzhib (Tahdzib) Syarah Matan Taqrib, At-Tahdhib
Nama lain: At-Tahzhib Dalil Al-Quran dan Hadits dari Matan Taqrib
Judul kitab asal: Al-Tahdzib fi Adillati Matnil Ghayah wat Taqrib
Nama kitab asal: (التذهيب في أدلة متن الغاية والتقريب)
Penulis: Mustofa Daib Al-Bigha Al-Maidani Al-Dimasyqi Al-Syafi'i
Bidang studi: Dalil Quran dan Hadits fiqih madzhab Syafi'i dalam Kitab Matan Taqrib karya Abu Syujak
Profil kitab: Kitab ِAl-Tahdzib ini berisi dalil-dalil Quran, hadits dan logika ijtihad ulama fiqih madzhab Syafi'i dalam kitab Matan Taqrib.

Daftar Isi

  1. Kitab Al-Tahzhib (Tahdzib) Syarah Matan Taqrib, At-Tahdhib (1)
    1. Muqaddimah (Pengantar Penulis)
    2. Kitab Taharah (Bersuci)
    3. Kitab al-Shalah (Salat)
  2. Kitab Al-Tahzhib (Tahdzib) Syarah Matan Taqrib, At-Tahdhib (2) 
    1. Kitab al-Zakah (Zakat)
    2. Kitab Shaum (Puasa)
    3. Kitab al-Hajj (Haji)
    4. Kitab al-Buyu' wa Ghairiha min al-Muamalat (Jual Beli dan Transaksi Lain)
    5. Kitab al-Faraidh wa al-Washaya (Warisan dan Wasiyat)
    6. Kitab al-Nikah (Perkawinan) dan Talak Cerai
    7. Kitab al-Jinayat (Pidana)
    8. Kitab al-Hudud (Hukuman)
    9. Kitab al-Jihad (Perang di Jalan Allah)
    10. Kitab al-Shaid wa al-Dzabaih (Berburu dan Sembelihan)
    11. Kitab al-Sabq wa al-Ramyi (Lomba dan Memanah)
    12. Kitab al-Aiman wa al-Nudzur (Sumpah dan Nazar)
    13. Kitab al-Uqdhiyah wal al-Syahadat (Pengadilan dan Persaksian)
    14. Kitab al-Itqi (Memerdekakan Budak)
    15. Bayan bi Al-Maraji' al-Musyar ilaiha a bi Ba'd al-Mustalahat (Penjelsan Sumber Rujukan dan Beberapa Istilah)
  3. Kitab Kuning  
  4. Konsultasi Agama 
  الموضوع:  التراث الفقهى علي مذهب الإمام الشافعي

اسم الكتاب: التذهيب في أدلة متن الغاية والتقريب المشهور بـ متن أبي شجاع في الفقه الشافعي

تأليف الدكتور مصطفى ديب البغا دكتوراه في الشريعة الإسلامية

الناشر: دار ابن كثير

دمشق - شارع مسلم الباروردي - باء فولي وصلاحي بيروت

Muqaddimah (Pengantar)

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده، القائل في كتابه: "فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين" [التوبة: 122]

والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، القائل فيما أوتي من جوامع الكلم:

(مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْراً يُفَقهْهُ في الديَنِ) متفق عليه. وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان، ففقه في دين الله عز وجل، فعلم وعلَّم.

وبعد: فإن كتاب (متن الغاية والتقريب) من خير كتب الفقه الشافعي، شكلاً ومضموناً، فهو على صغر حجمه قد اشتمل على جميع أبواب الفقه ومعظم أحكامه ومسائله في العبادات والمعاملات وغيرها، مع سهولة العبارة وجمال اللفظ وحسن التركيب إلى جانب ما امتاز به من تقسيمات موضوعية، تسهل على المتفقه في دين الله تعالى إدراكه واستحضاره.

ويمتاز هذا الكتاب بما كتب الله تعالى له من قبول، فتجد طلاب العلم والعلماء، قديماً وحديثاً، مقبلين عليه درساً وتعليماً، وفهماً وحفظاً، وإيضاحاً وشرحاً.

ولما كان هذا المختصر قاصراً كل ذكر الأحكام الفقهية دون التعرض

لأدلتها، وطلاب العلم اليوم تهفو نفوسهم إلى أخذ الحكم الشرعي مؤيداً بدليله، رغبت أن أخدم دين الله عز وجل، وأقدم للشباب المسلم المثقف، وكل فقيه ومتفقه، هذا الكتاب الذي أحبه الجميع وألفوه، مزيناً بالأدلة التي تجعلهم على بصيرة في دينهم، وتزيدهم يقيناً في شريعتهم، وتثبتاً في عقيدتهم، واطمئناناً في عباداتهم، واستقامة في تصرفاتهم ومعاملاتهم.

وكان فضل الله تعالى عليَّ كبيراً، إذ وفقني إلى هذا العمل، بعد أن استشرت فيه أفاضل أساتذتي في الفقه خاصة، وفي علوم الشريعة عامة، فسُرواً له ورغبوا به وشجعوا عليه.

وكان عملي مقتصراً على ذكر الأدلة النقلية، من كتاب وسنَّة وآثار للصحابة وقلما أتعرض للتعليلات العقلية والاستدلالات القياسية، وإن ذكرت شيئاً منها أحياناً.

والتزمت غالبآ الأدلة التي ذكرت في كتب المذهب، إلا إذا وجدت دليلاّ أقوى وأوضح، عدلت إليه وذكرته.

وأخذت نفسي أن أرجع في هذه الأدلة إلى مراجعها الأصلية، ما أمكن ذلك وخاصة كتب الحديث لآخذ النص منها، وأثبت رقم الحديث المتسلسل إن وجد، أو الصفحة والجزء المثبت فيهما الحديث، وقلما أعتمد على مصدر آخر في تخريج الحديث، وأما الآيات فأذكر رقمها والسورة الموجودة فيها.

ثم أذيل النص المستدل به بشرح غريب ألفاظه، بحيث يسهل فهمه ويستبين وجه الاستدلال به.

هذا وربما تعرضت أحياناً لشرح بعض ألفاظ المتن أو ذكر بعض التعاريف إن احتاج الأمر، ولم ألتزم ذلك دائماً، لأني لم أقصد شرح الكتاب، لوفرة الشروح له.

إن وجدت قولاّ ضعيفاً في المتن بينت ما هو الأصح والأقوى مسترشداً بكتب المذهب المعتمدة، وربما أشرت إلى المرجع، وقد لا أشير.

ولم يفتني أن أضيف أحياناً بعض الأحكام، أو أذكر بعض الفوائد، رغبة في إتمام النفع ورجاء أن يجزل الله تعالى المثوبة والأجر.

وأبقيت الأصل على حاله في أعالي الصفحات، وجعلت عملي حواشي ذات أرقام أسافلها، وسميته: (التذهيب في أدلة متن الغاية والتقريب) مشيراً إلى أن الأدلة خيوط ذهبية تنتظم الأحكام الشرعية وتوشحها.

والله تعالى أسأل أن يجعل عملي هذا خالصاً لوجهه، ويقبله صدقة جارية لي ولوا لدَيَّ ولمن له حق عليَّ، إنه على ما يشاء قدير وبالإجابة جدير.

مصطفى ديب البغا

ليلة الأحد: 21 محرم سنة 1398 هـ

1 كانون ثاني سنة 1978 م

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين وصحابته أجمعين.

قال القاضي أبو شجاع أحمد بن الحسين بن أحمد الأصفهاني رحمه الله تعالى:

سألني بعض الأصدقاء حفظهم الله تعالى: أن أعمل مختصراً [1] في الفقه على مذهب الإمام الشافعي، رحمة الله تعالى عليه ورضوانه، في غاية الاختصار ونهاية الإيجاز [2] ليقرب على المتعلم درسه، ويسهل على المبتدي حفظه، وأن أكثر فيه من التقسيمات وحصر الخصال [3] فأجبته إلى ذلك طالباً للثواب راغباً إلى الله تعالى في التوفيق للصواب، إنه على ما يشاء قدير وبعباده لطيف خبير.

(1) هو ما قل لفظه وكثر معناه.

(2) الاختصار: أن يسلك الطريق الأقرب للوصول الى الغرض، والايجاز قريب منه. قال في الصباح: وجُز اللفظ وجازة، فهو وجيز، أي قصير سريع الوصول الى الفهم. والغاية والنهاية متقاربتان، بمعنى: أقصى ما يمكن الوصول اليه.

(3) جمع خصلة، والمراد المسائل الفقهية المحتاج إليها.

كتاب الطهارة

Kitab al-Thaharah (Bersuci)

المياه التي يجوز بها التطهير سبع مياه:

1 - ماء السماء

2 - وماء البحر

3 - وماء النهر

4 - وماء البئر

5 - وماء العين

6 - وماء الثلج

7 - وماء البرد [1].

ثم المياه على أربعة أقسام:

1 - طاهر مطهر غير مكروه وهو الماء المطلق [2]

2 - وطاهر مطهر مكروه وهو الماء

(1) ويمكن أن يقال اختصاراً: يتطهر بكل ماء نبع من الأرض أو نزل من السماء. والأصل في جواز التطهر بهذه المياه:

آيات، منها: قوله تعالى: "وَيُنَزلُ عَلَئكُمُ مِنَ السَّماءِ مَاءّ لِيُطَهركُم بِهِ" / الأنفال: 11/.

وأحاديث، منها: ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إنا نرْكبُ البحرَ، ونحمل معنا القليل من الماء، فإنْ تَوَضأنا به عطشنا، أفَنَتوضأ بماء البحر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ، الحِلُّ مَيْتَتُه) .

رواه الخمسة، وقال الترمذي (69) : هذا حديث حسن صحيح.

[الحل ميتته: أي يؤكل ما مات فيه - من سمك ونحوه - بدون ذبح شرعي] .

(2) والأصل في طَهُوريَّة الماء المطلق: ما رواه البخارى (217) =

المشمس [1]

3 - وطاهر غير مطهر وهو الماء المستعمل [2] والمتغير بما خالطه من الطاهرات [3]

4 - وماء نجس

= وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قام أعرابي فبال في المسجد، فقام

إليه الناس ليقعوا به، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (دَعُوهُ وهَريقوا عَلى بَوْلِهَ سَجْلاً مِن مَاء - أو: ذَنوبا مِنْ مَاءْ - فَإتمَا بُعِثْتُمْ مُيسَرِينً وَلَمْ تُبعَثُوا مُعَسرِينَ) .

[ليقعوا به: ليزجروه بالقول أو الفعل. سجلا: دلواً ملأى بالماء، ومثله الذنوب] .

(1) المسخن في إناء من معدن بحَر الشمس، وكراهته لما قيل: من أنه يسبب مرض البرص أو يزيده. ولا يكون مكروهاً إلاَّ إذا استعمل في البدن وكان في قطر حار كالحجاز.

(2) في رفع حدث، ودليل كونه طاهراً: ما رواه البخاري (191) ومسلم: (1616) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودُني وأنا مريض لا أعْقِلُ، فتوضأ وصب عَليَّ منْ وَضُوئِهِ.

[لا أعقلَ: أي في حالة غيبوبة من شدة المرض. وضوئه: الماء الذي توضأ به] ولو كان غير طاهر لم يصبه عليه.

ودليل كونه غير مطهر: ما رواه مسلم (283) وغًيره: عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يغْتَسِلْ أحَدُكُمْ في المَاءِ الدائِمِ وَهُوَ جُنُبٌ) . فقالوا: يا أبا هريرة، كيف يفعل؟ قال: يتناوله تناولاً.

أفاد الحديث: أن الاغتسال في الماء يخرجه عن طهوريته؛ وإلا لم ينه عنه؛ وهو محمول على الماء القايل. وحكم الوضوء في هذا حكم الغسل، لأن المعنى فيهما واحد، وهو رفع الحدث.

(3) الأشياء الطاهرة التي يستغني عنها الماء عادة، والتي لا يمكن فصلها=

وهو الذي حلت فيه نجاسة، وهو دون القلتين [1]، أو كان قلتين فتغير [2].

= عنه بعد المخالطة، كالمسك والملح ونحوهما. وكونه غير مطهر لأنه أصبح لا يسمى ماء في هذه الحالة.

(1) روى الخمسة عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يُسْأل عن الماء يكون بالفَلاة من الأرض، وما يَنُوبُه من السباع والدواب؟ فقال: (إذا كَانَ المَاءُ قُلتَينِ لَمْ يَحْملِ الخَبَثَ) وفي لفظ لأبي داود (65) : (فإنه لا يَنْجُسُ) .

[بالفلاة: الصحراء ونحوها. بنوبهْ: يرد عليه. السباع: كل ما له ناب يفترس به من الحيوانات] .

ومفهوم الحديث: أنه إذا كان أقل من قلتين ينجس ولو لم يتغير، ودل على هذا المفهوم: ما رواه مسلم (278) عن أبى هريرة رضى الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا استَيْقَظَ أحَدُكُم مِنْ نَومه فَلاَ يغْمِسْ يَدَهُ في الإنَاء حَتى يغسلَهَا ثَلاثاً، فَإنهُ لا يَدرِيً أينَ بَاتَتْ يَدُهُ) . فقد نهى المستيقظ من نومه عن الغمس خشية تلوث يده بالنجاسة غير المرئية، ومعلوم أن النجاسة غيرَ المرئية لا تغير الماء، فلولا أنها تنجسه بمجرد الملاقاة لم ينهه عن ذلك.

(2) ودليله الإجماع، قال في المجموع: قال ابن المنذر: أجمعوا أن الماء القليل أو الكثير، إذا وقعت فيه نجاسة، فغيرت طعماً أو لوناً أو ريحاً، فهو نجس.

وأما حديث: (الماء طهور لاَ يُنَجسُهُ شيء إلا مَا غير طَعمَهُ أوْ رِيحَهُ) فضعيف سنداً، قال عنه النووي رحمه الله تعالى: لا يصح الاحتجاج به. وقال: ونقل الإمام الشافعي رحمه الله تعالى تضعيفه عن أهل العلم بالحديث. [المجموع: 1/ 160] .

والقلتان خمسمائة رطل بغدادي تقريباً في الأصح [1].

"فصل" وجلود الميتة تطهر بالدباغ [2] إلا جلد الكلب والخنزير [3] وما تولد منهما أو من أحدهما وعظم الميتة وشعرها. نجس إلا الآدمي [4].

"فصل" ولا يجوز استعمال أواني الذهب والفضة [5]،

(1) أي ما يساوي مائة وتسعين ليتراً تقريباً، أو سعة مكعب طول حرفه 58 سم.

(2) روى مسلم (366) عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذَا دُبِغَ الإهَابُ فَقَدْ طَهرَ) .

[الإهاب: الجلد، ودبغ: أزيلت فضوله ورطوبته التي يفسده بقاؤها، بحيث لو نقع في الماء بعد ذلك لم يعد إليه النتن] .

(3) لأنً كلاً منهما نجس حال الحياة، فلا يطهر جزؤه بعد الممات من باب أولى.

(4) لقوله تعالى: "حُرمتْ عَلَيكُمُ المَيْتَةُ" / المائدة: 3/ "والميتة: كل حيوان زالت حياته بغير ذبح شرعي، فيدخل فيه:"

ما لا يؤكل لحمه إذا ذبح كالحمار، وما يؤكل لحمه إذا لم تتوفر شروط ذبحه، كذبيحة المرتد، وإن لم يكن فيه ضرر بالصحة. وعليه: فتحريم الميتة دليل نجاستها، لأن تحريم ما لا ضرر فيه ولا حرمة له دليل نجاسته، ونجاستها تستتبع نجاسة أجزائها.

وأما الآدمي فلا تنجس ميتته، وكذلك أجزاؤه، لقوله تعالى: "وَلَقَدْ كَرمنَا بَني آدَمَ" / الإسراء: 70 /. وهذا يتنافى مع القول بنجاسته بعد موته، وحرم تناول لحمه لحُرمته، أي كرامته.

(5) روى البخاري (5110) ومسلم (2067) عن حذيفةَ بن اليمان

ويجوز استعمال غيرهما من الأواني [1].

"فصل" والسواك مستحب في كل حال [2] إلا بعد الزوال للصائم [3]، وهو في ثلاثة مواضع أشد استحبابا:

1 - عند تغير الفم من أزم وغيره [4]،

2 - وعند القيام من النوم [5]،

- رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لاَ تَلْبَسُوا الحريرَ ولاَ الدَيبَاجَ، ولا تَشْرَبُوا في آنيةِ الذهبِ وَالْفِضَّةِ، ولا تَأكُلُوا في صِحافِها، فَإنهَا لَهُمْ في الدُنْيَا وَلَنَا في الآخِرَة)

[الديباج: نوع نفيس من ثياب الحرير. آنية: جمع إناء. صحافهاَ جمع صَحْفَة وهي القصعة. لهم: أي الكفار] .

ويقاس على الأكل والشرب غيرهما من وجوه الاستعمال، ويشمل التحريم الرجال والنساء.

(1) الطاهرة، لأن الأصل الإباحة ما لم يرد دليل التحريم.

(2) روى النسائي (1/ 10) وغيره: عن عائشة رضى الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (السوَاكُ مطَهَرَةٌ لِلفَمِ، مَرْضَاة للرب) . ورواه البخاري تعليقاً.

والسواك: الآلة التي تدلك بها الأسنان، ويطلق على الفعل، وتحصل السنة باستعمال كل خشن يزيل الوسخ، وعود الأراك المعروف بالسواك أفضل.

(3) لما رواه البخاري (1795) ومسلم (1151) عن أبى هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لخُلُوفُ فَمِ الصائم أطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ المسْك) . والخلوف تغير رائحة الفم، ولا يحصل غالباً للصائم إلا بعد الزوالَ، وَاستعمال السمواك يذهبه، ولذلك كره.

(4) الأزم: السكوت الطويل، أو ترك الأكل والشرب. وغيره: كتعاطي ذي رائحة كريهة.

(5) روى البخاري (242) ومسلم (255) وغير هما، عن حذيفة =

3 - وعند القيام إلى الصلاة [1].

"فصل" وفروض الوضوء ستة أشياء:

1 - النية عند غسل الوجه

2 - وغسل الوجه

3 - وغسل اليدين مع المرفقين

4 - ومسح بعض الرأس

5 - وغسل الرجلين إلى الكعبين

6 - والترتيب على ما ذكرناه [2]

- رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يَشُوصُ فاه بالسواك [يشوص: يَدْلِكُ] .

وروى أبو داود (57) وغيره، عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يَرْقُدُ، من ليل ولا نهار، فيستيقظ إلا تَسَوَكَ قبل أن يتوضأ.

(1) وكذلك عند الوضوء، لما رواه البخاري (847) ومسلم (252) وغيرهما، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لَولا أنْ أشُق عَلى أمتي لأمَرْتُهُمْ بِالسوَاك عنْدَ كُل صَلاة) .

وفي رواية لأحمد (6/ 325) : (لأمَرتُهمْ بالسوًاكَ معً كُل وُضُوء) .

أي لأمرتهم أمرَ إيجاب، وهذا دليل الاستحباب المؤكد.

(2) الأصل فيَ مشروعية الوضوء وبيان فروضه: قوله تعالى: "يَا أيهَا الَذينَ آمَنوا إذَا قُمتُمْ إلى الصلاة فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وأيْدِيَكُم إلى الَمَرَافِقِ وامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ واَرجُلَكُمْ إلى الكَعبَينِ" / المائدة: 6 /.

[المرافق: جمع مرفق، وهو مجتمع الساعد مع العضد. الكعبين: مثنى كعب، وهما العظمان الناتئان من الجانبين، عند مفصل الساق مع القدم.

وإلى في الموضعين بمعنى مع، فيدخل المرفقان والكعبان في وجوب الغسل، ودل على ذلك: ما رواه مسلم (246) عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنه توضأ فغسل وجهه فأسبغ الوُضُوء، ثم غسل يده اليمنى حتى أشْرَعَ في =

العَضُد، ثم يده اليسرى حتى أشرع في العضد، ثم مسح رأسه، ثم غسل رجله اليمنى حتى أشرع في الساق، ثم غسل رجله اليسرى حتى أشرع في الساق، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ.

أشرع في العضد وأشرع في الساق: معناه أدخل الغسل فيهما.

برؤوسكم: أي بجزء منها، دل على ذلك: ما رواه مسلم (274) وغيره عن المغيرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح بناصِيَتِه وعلى العمامة.

والناصية مقدم الرأس، وفي جزء منه، والاكتفاء بالمسح عليها دليل على أن مسح الجزء هو المفروض، ويحصل بأي جزء كان.

ودل على فرضية النية أوَّلَه - وكذلك في كل موطن تطلب فيه النية - ما رواه البخاري (1) ومسلم (1907) من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: (إنّمَا الأعْمالُ بِالنياتِ) . أي: لا يعتد بها شرعاً إلا إذا نويت.

ودل على فرضية الترتيب - كما ذُكِر - فعلُ النبي صلى الله عليه وسلم، الثابت بالأحاديث الصحيحة، منها حديث أبي هريرة رضي الله عنه السابق.

قال في المجموع: واحتج الأصحاب من السنة بالأحاديث الصحيحة، المستفيضة عن جماعات من الصحابة، في صفة وُضوء النبي صلى الله عليه وسلم، وكلهم وصفوه مرتباً، مع كثرتهم وكثرة المواطن التي رأوه فيها، وكثرة اختلافهم في صفاته في مرة ومرتين وثلاث وغير ذلك، ولم يثبت فيه - مع اختلاف أنواعه - صفة غير مرتبة، فعله صلى الله عليه وسلم بيان للوضوء المأمور به، ولو جاز ترك الترتيب لتركه في بعض الأحوال لبيان الجواز، كما ترك التكرار في أوقات. (1/ 484) .

وسننه عشرة أشياء:

1 - التسمية [1]

2 - وغسل الكفين قبل إدخالهما الإناء

3 - والمضمضة

4 - والاستنشاق

5 - ومسح جميع الرأس [2]، ومسح الأذنين ظاهرهما وباطنهما بماء جديد [3]

(1) روى النسائي (1/ 61) بإسناد جيد، عن أنس رضي الله عنه قال: طلب بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وَضوءاً فلم يجدوا ماءَ، فقال صلى الله عليه وسلم: (هَلْ معً أحَد مِنكمْ مَاء) . فَأتيَ بماء، فوضع يده في الإناء الذي فيه الماء، ثم قال: (تَوَضؤُا بِسمِ اللهِ) أي قائلين ذلك، فرأيت الماء يفور من بين أصابعه، حنى توضأ نحو سبعين رجلاً.

(2) دليل هذه السنن الأربع: ما رواه البخاري (183) ومسلم (235) من حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه، وقد سئل عن وُضوء النبي صلى الله عليه وسلم، فدعا بِتَوْر من ماء، فتوضأ لهم وُضوء النبي صلى الله عليه وسلم: فأكفَأ على يده من التور، فغسل يديه ثلاثاً، ثم أدخل يده في التور، فمضمض واستنشق واستنثر بثلاث غَرَفات، ثم أدخل يده فغسل وجهه ثلاثاً، ثم غسل يديه مرتين إلى المِرفقين، ثم أدخل يده فمسح رأسه، فأقبل بهما وأدبر مرة واحدة، ثم غسل رجليه إلى الكعبين.

[التور: إناء كان معروفاً لديهم. فأكفأ: أسال وصب] .

(3) روى الترمذي وصححه (36) عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح برأسه، وأذنيه ظاهرهما وباطنهما.

وللنسائي (1/ 74) : مسح برأسه وأذنيه، باطنهما بالسباحَتيْنِ، وظاهرهما بإبهاميه.

وروى الحاكم (1/ 151) من حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه، في صفة وُضُوئه صلى الله عليه وسلم أنه توضأ، فمسح أذنيه بماء غير الماء الذي مسح به الرأس. قال الحافظ الذهبي: صحيح.

6 - وتخليل اللحية الكثة [1]

7 - وتخليل أصابع اليدين والرجلين [2]

8 - وتقديم اليمنى على اليسرى [3]

9 - والطهارة ثلاثاً ثلاثاً [4]

10 - والموالاة [5].

(1) روى أبو داود (145) عن أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ أخذ كفاً من ماء، فأدخله تحت حَنَكِهِ، فخَللَ به لحيته، وقال: (هكذَا أمرَني رَبى عز وَجَل) .

(2) عن لَقِيط بن صَبرَةَ رضي الله عنه قال: قلت يا رسولْ الله، أخبرني عن الوضوء؟ قال: (أسبِغِ الوضُوءَ، وخَلِّلْ بيْن الأصَابع، وَباَلِغْ في الاستنثسَاق إلاّ أنْ تكُونَ صَائِماً) .

رواه أَبو داود (142) وصحه الترمذيَ (38) وغيرهما.

[أسبغ: أتمه وأكمله بأركانه وسننه] .

(3) روى البخاري (140) عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه توضأ ... وفيه: ثم أخذ غُرْفة من ماء فغسل بها يده اليمنى، ثم أخذ غرفة من ماء فغسل بها يده اليسرى، ثم مسح رأسه، ثم أخذ غرفة من ماء فرش بها على رجله اليمنى حتى غسلها، ثم أخذ غرفة من ماء فغسل بها رجله اليسرى، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ. وانظر حاشية 2 ص 13.

(4) روى مسلم (230) : أن عثمان رضي الله عنه قال: ألا أريكم وُضُوءَ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ثم تَوَضأ ثلاثاً ثلاثاً.

(5) أي التتابع في التطهير بين الأعضاء، بحيث لا يجف الأول قبل الشروع في الثاني عادة. ودليلها الاتباع المعلوم من الأحاديث السابقة.

تنبيه: كل ما ورد في السن من أدلة ظاهرها الوجوب، دل على عدم الوجوب فيها آية الوضوء التي نصت على الفرائض، وأدلة أخرى غيرها، لم نذكرها خشية التطويل.

"فصل" والاستنجاء واجب من البول والغائط والأفضل أن يستنجي بالأحجار ثم يتبعها بالماء ويجوز أن يقتصر على الماء أو على ثلاثة أحجار ينقي بهن المحل فإذا أراد الاقتصار على أحدهما فالماء أفضل [1]

= فائدة: يستحب أن يقول بعد الوضوء: (أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ، وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه. اللهم اجْعَلْني من التَّوّابينَ واجْعلْني مِنَ المتَطَهرِينَ. سُبْحَانَك اللهُم وَبحَمْدكً، أشْهدُ أن لا إلهَ إلا أنْتَ، أستَغفركَ وَأتُوبُ إليكَ) .

ورد مجموع هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، في أحاديث، رواها مسلم (423) والترمذي (55) والنسائي في أعمال اليوم والليلة.

(1) روى البخاري (149) ومسلم (271) : عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلمِ يدخلِ الخلاءَ، فأحْمِلُ. أنا وغلامُ نحْوِي، إداوة من ماء وعنزةً، فَيسَتنْجي بالماء.

[الخلاء: مكان قضاء الحاجة. إداوة: إناء صغير من جلد. عنزة: الحربة القصيرة، تركز ليصلى إليها كسترة. يستنجي: يتخلص من أثر النجس] .

وروى البخاري (155) وغيره: عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم الغائطَ، فأمرني أن آتيهُ بثلاثة أحجار.

[الغائط: المكان المنخفض من الأرض تقضى فيه الحاجة، ويطلق على ما يخرج من الدبر] .

وروى أبو داود (40) وغيره: عن عائشة رضي الله عنها: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذَا ذَهَبَ أحدُكمْ إلى الغائطِ =

ويجتنب استقبال القبلة واستدبارها في الصحراء [1] ويجتنب البول والغائط في الماء الراكد [2]، وتحت الشجرةِ

- فلْيَذْهَبْ مَعَهُ بِثَلاثَةِ أحجارٍ، يَسْتطِيبُ بِهِن، فَإنّهَا تُجْزِىءُ عَنهُ).

[يستطيب: يستنتجي، سمي بذلك لأن المستنتجي تطيب نفسه بإزالة الخبث عنَ المخْرَج، ويجزىء كل جاف طاهر كالورق ونحوه] وروى أبو داود (44) والترمذي (3099) وابن ماجه (357) : عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (نزلت هذه الآية في أهل قُباء: "فِيهِ رِجَال يُحبّونَ أنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحبّ المُطهَرِينَ" / التوبة: 108/. قال: كانوا يَسْتَنْجُونَ بالماءِ، فنزلَت فيهم هذه الآية) .

(1) روى البخاري (386) ومسلم (264) : عن أبي أيّوبَ الأنصاري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذَا أتَيْتُمُ الْغَائطَ فَلا تَسْتَقْبِلُوا الْقبْلَةَ وَلا تَسْتَدْبِرُوهَا، ولَكِنْ شَرِّقُوا أوْ غًرِّبُوا) . وخص ذلك بَالصحراء وما في معناها من الأمكنة التي لا ساتر فيها، ودليل التخصيص: ما روى البخاري (148) ومسلم (266) وغيرهما: عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ارْتَقَيْتُ فَوْقَ ظَهْرِ بيت حَفْصَةَ لبعضِ حاجتي، فرأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقضي حاجتَه مُسْتَدْبِر القِبْلة مُسْتَقْبِلَ الشّام.

فحمل الأول على المكان غيرَ المعد لقضاء الحاجة وما في معناه من الأماكن التي لا ساتر فيها، وحمل الثاني على المكان المعد وما في معناه، جمعاً بين الأدلة، ولا يخلو الأمر عن كراهة في غير المعد مع وجود الساتر.

(2) روى مسلم (281) وغيره: عن جابر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه نهى أنْ يُبَالَ في الماء الراكِد. والتّغَوُّطُ =

المثمرة، وفي الطريق والظل [1]، والثُّقب [2] ولا يتكلم على البول والغائط [3] ولا يستقبل الشمس والقمر ولا يستدبرهما [4].

أقبح وأولى بالنهي، والنهي للكراهة، ونقل عن النووي أنه للتحريم.

[انظر شرح مسلم: 3/ 187] .

(1) روى مسلم (269) وغيره: عن أيى هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اتّقُوا اللَّعَانَيْنِ. قالوا وما اللعانانِ يا رسولَ الله؟ قال: (الذي يَتخلَّى في طَرِيقِ الناسِ أوْ في ظِلِّهِمْ) .

[اللعانين: الأمرين الجالبين للعْن] .

(2) روى أبو داود (29) وغَيره: عن عبد الله بن سرجس رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنْ يُبَالَ في الجُحْر.

وهو الثقب في الأرض.

(3) روى مسلم (370) وغيره: عن ابن عمر رضي الله عنه: أن رجلاً مرَّ ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَبُولُ، فسلم عليه، فلم يَرُدَّ عليه.

وروى أبو داود (15) وغيره، عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يخْرُجِ الرَّجُلان يَضْرِبَان الغَائطَ، كَاشِفَيْنِ عَنْ عَوْرَتِهِمَا يَتَحَدثَان، فَإنَ اللهَ عَز وَجَلَ يمْقُتُ عَلى ذَلِكَ) .

[يضربان: يأتيان. يمقت: يغضب] .

(4) ذكر النووي في المجموع (1/ 103) أن الحديث المستأنس به في هذا ضعيف، بل هو باطل، وأن الصحيح المشهور أنه يكره الاستقبال دون الاستدبار. قال الخطيب في الإقناع (1/ 46) : وهذا هو المعتمد.

"فصل" والذي ينقض الوضوء ستة أشياء:

1 - ما خرج من السبيلين [1]

2 - والنوم على غير هيئة المتمكن

3 - وزوال العقل بسكر أو مرض [2]

4 - ولمس الرجل المرأة الأجنبية

فائدة: يستحب لقاضي الحاجة أن يقول الأذكار والأدعية، التي ثبتت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قبل دخول الخلاء وبعد الخروج منه:

فيقول قبل الدخول: (بِاسْمِ اللهِ، اللهُم إنّي أعُوذُ بِكَ مِنَ الخُبُثِ وَالخَبائثِ) .

[الخبث: َ جمع خبيث، والخبائث: جمع خبيثة، والمراد ذكور الشياطين وإناثهم] .

البخاري (142) ومسلم (375) والترمذي (606) .

وبعد الخروج يقول: (غفْرَانَكَ، الحمدُ لله الّذي أذْهَبَ عَنّي الأذَى وَعَافَاني، الحمد لله الّذِي أذَاقَنيَ لَذتًهُ وَأبْقَى فيَّ قُوَّتَهُ وَدَفَعَ عَنَّي أذَاهُ) .

أبو داود (30) والترمذي (7) وابن ماجه (301) والطبراني.

(1) قال تعالى: "أو جَاءَ أحَد مِنْكُم مِنَ الغَائِطِ" / المائدة:6 /.

أي من مكان قضاء الحاجة، وقد قضى حاجته.

وروى البخاري (135) ومسلم (225) : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يَقبلُ اللهُ صَلاةَ أحَدِكُم إذَا أحْدَثَ حتَّى يَتَوَضَّأ) . فقال رجل من أهل حضرموت:

ما الحدثُ يا أبا هريرةَ؟ قال: فُسَاءُ أوْ ضُرَاطُ.

وقيس على ما ذكر كل خارج من القبل أو الدبر، ولو كان طاهراً.

(2) روى أبو دارد (203) وغيره: عن علي رضي الله عنه قال:

من غير حائل [1]

5 - ومس فرج الآدمي بباطن الكف [2]

6 - ومس حلقة دبره على الجديد [3].

"فصل" والذي يوجب الغسل ستة أشياء: ثلاثة تشترك

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وكَاءُ السَّه العَيْنَانِ، فَمَنْ نَامَ فَلْيَتوَضَّأْ) .

[وكاء: هو الخيط الذي يربط به الكيس وغيره. السه: الدبر.

والمعنى: أن اليقظة تحفظ ما في داخل الإنسان من الخروج لأنه يحس بذلك، فإذا نام كان نومه مظنة لخروج شيء منه] .

والمتمكن: هو الذي ينام وقد وضع أليتيه على الأرض، بحيث لا

يقع لو لم يكن مستنداً إلى شيء، ولا ينتقض وضوؤه لأنه يحس بما يخرج

منه. وقيس زوال العقل على النوم لأنه أبلغ منه في معناه.

(1) لقوله تعالى في آية الوضوء: "أوْ لامَسْتُمْ النسَاءَ" . أي لمستم، كما في قراءة.

(2) روى الخمسة وصححه الترمذي (82) : عن بسرة بنت صفوان رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ مسَ ذَكَرَهُ فَلا يُصلَي حتى يَتَوَضَّأ) . وفي رواية للنسائي (1/ 100) : (وَيتَوَضأ مِنْ مَس الذكَرِ) . فيشمل ذكر نفسه وذكر غيره. وعند ابن ماجه (481) عن أم حبيبة رضي الله عنها: (مَنْ مس فَرْجَهُ فَلْيَتَوَضأ) .

فيشمل الذكر والأنثى، كما يشمل القبل والدبر.

(3) المذهب الجديد ما قاله الشافعي رحمه الله تعالى في مصر، تصنيفاً أو إفتاءً، وهو المعمول به دائماً، إلا في مسائل رجحها أئمة المذهب من القديم، ونصوا عليها.

فيها الرجال والنساء وهي:

1 - التقاء الختانين [1]

2 - وإنزال المني [2]

(1) مثنى ختان، وهو موضع الخَتْن، وهو عند الصبي: الجلدة التي تغطي رأس اَلذكر قبل الختن، وعند الأنثى: جلدة في أعلى القبل مجاورة لمخرج البول، والمراد بالتقاء الختانين تحاذيهما، ويكون ذلك بدخول الحشفة في الفرج، وهو كناية عن الجماع.

روى البخاري (287) ومسلم (348) عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن. النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذَا جَلَسَ بَينَ شُعَبِهَا الأرْبعَ ثُم جَهَدهَا فَقَدْ وَجَبَ عَلَيه الغُسلُ) وفي رواية لمسلم: (وإنْ لَمْ يُنزِل) .

[شعبها: جمع شُعْبة، وهي القطعة من الشيء، والمراد هنا: فخذا المرأة وساقاها. جهدها: كدها بحركته، وهو كناية عن معالجة إدخال ذكره في فرجها] .

والحديث دليل على وجوب الغسل بمجرد الجماع وإن لم ينزل، كما صرحت به رواية مسلم.

(2) روى البخاري (278) ومسلم (313) عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: جاءت أم سُلَيْم: إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت:

يا رسول الله، إن الله لايَسْتَحيْي من الحق، فهل على المرأةِ من غُسْل إذا هي احْتَلَمَتْ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نَعَمْ، إذا رَأت المَاءَ) . أي المني، أو ما يخرج من المرأة حال الجماع.

[احَتلمت: رأت في نومها أنهاُ تجامع] .

وروى أبو داود (236) وغيره: عن عائشة رضي الله عنها قالت: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يَجِدُ البَلَلَ ولا يذكرُ احتلاماً؟ فقال: (يغْتَسِلُ) . وعن الرجل يرى أنْ قد احتلم ولا يجد البلل؟ فقال: (لا غُسْلَ عَلَيْه) . فقالت أم سُلَيْمٍ: المرأة ترى ذلك، أعليها غُسْلٌ؟ قال: (نَعَمَ، النَّسَاءُ شَقَائِقُ الرَّجَال) .

أي: نظائرهم في الخلق والطبع، فكأنهن شُقِقْنَ من الرَجال.

3 - والموت [1] وثلاثة تختص بها النساء وهي:

1 - الحيض [2]

2 - والنفاس [3]

3 - والولادة [4].

"فصل" وفرائض الغسل ثلاثة أشياء:

1 - النية [5]

2 - وإزالة

(1) روى البخاري (1195) ومسلم (939) عن أم عَطيَّةَ الأنصارية رضي الله عنها قالت: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسَلم حين تُوُفَّيَت ابنتُهُ فقال: (اغْسِلْنَهَا ثَلاثا ... ) .

وروى البخاري (1208) ومسلم (1206) عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رجلا وَقَصَهُ بعيرُه، ونحن مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو مُحْرمُ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اغْسِلُوهُ بماء وسِدْر، وَكَفَنُوهُ في ثوْبَيْنِ ... ) [وقصه: رماه وداس عنقه] .

(2) قال الله تعالى: "فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ في المَحِيض وَلاَ تَقْرَبُوهُن حَتّى يَطهُرْنَ فَإذا تَطَهَرْنَ فأتُوهُنَّ مِن حَيْثُ أمَرَكُمْ اللهُ إن اللهَ يحُبُّ التَّّوَّابينَ وَيحُبُّ المُتطَهرِين" / البقرة: 222/. [تطهرنَ: اغتسلَن] .

وروى البخاري (314) عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لفاطمةَ بنت أبى حُبَيْش رضي الله عنها: (فَإذَا أقْبَلَتِ الحَيْضَةُ فَدَعي الصَلاةَ، وَإذا أدْبَرَتْ فَاغْتَسِلى وَصَليِّ) .

(3) قياساً على الحيض، لأن دم النفاس دم حيض متجمع.

(4) لأن الولد الخارج منعقد من مني، والغالب أن يخرج معه دم.

(5) لحديث: (إنما الأعمال بالنيات) . انظر ص 14 حاشية.

النجاسة إن كانت على بدنه [1]

3 - وإيصال الماء إلى جميع الشعر والبشرة [2] وسننه خمسة أشياء:

1 - التسمية [3]

2 - والوضوء قبله [4]

3 - وإمرار اليد على الجسد [5]

4 - والموالاة [6]

5 - وتقديم اليمنى.

(1) لما رواه البخاري (246) عن ميمونة رضي الله عنها في غسله صلى الله عليه وسلم: وغسل فرجه وما أصابه من أذى. أي نجاسة وقذر.

وصحح النووي في كتبه: أنه يكفي في إزالتها غسلة رفع الحدث، وهو المعتمد، فتكون إزالة القذر قبل إفاضة الماء سنة. الإقناع.

(2) روى البخاري (245) ومسلم (316) عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اغتسل من الجنابة، بدأ فغسل يديه، ثم يتوضأ كما يتوضأ للصلاة، ثم يُدْخِلُ أصابعه في الماء فَيُخَلِّلُ بها أصولَ شَعَرِه، ثم يَصُبُّ على رأسه ثلاثَ غُرَف بيديه، ثم يُفِيضُ الماءَ على جلْده كلِّه.

وروىَ أبوَ داود (249) وغيره: عن علي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (مَنْ تَرَكَ مَوْضِعَ شعَرَة مِن جَنَابة، لَمْ يصِبهَا الماءُ، فَعَلَ اللهُ بِهِ كَذا وكَذا مِنَ النارِ) . قال علي: فمن ثَمَّ عَادَ يْتُ شَعَرِي. وكان يَجُزُّ شعره رضي الله عنه. أي يحلقه.

(3) لحديث: (كُل أمْر ذي بَال لا يُبْدَأ فِيهِ ببسِمِْ اللهِ الرحمن الرحيمِ، فهُو أقطعُ) . [كشفً الخفاء: 1964] .

[ذي بال: له شأن يهم به شرعا. أقطع: ناقص وقليل البركة] .

(4) لحديث عائشة رضي الله عنها السابق حاشية (2) .

(5) خروجاً من خلاف من أوجبه وهم المالكية.

(6) كما مر في الوضوء (حا 5 ص 16) لوجوبها عند المالكية.

على اليسرى [1].

"فصل" والاغتسالات المسنونة سبعة عشر غسلا:

1 - غسل الجمعة [2]

2 - والعيدين [3]

3 - والاستسقاء

4 - والخسوف

5 - والكسوف [4]

(1) أي الجهة اليمنى من جسده ظهراً وبطناً، لما رواه البخاري (166) ومسلم (268) عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعْجِبُهُ التيمن في تَنَعله وَترَجُّله وَطُهُوره، وفي شأنِهَ كله.

[تنعله: لبسه النعل. ترجله: تسريح شعر رأسه. طُهوره: وضوئه وغسله] .

(2) روى البخاري (837) ومسلم (844) وغيرهما، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذَا جَاءَ أحَدُكُمْ إلى الجُمُعَةِ فلْيَغتَسِلْ) ولمسلم (أرادَ أحَدُكُمْ أنْ يأتِيَ) .

وصرفه عن الوجوب خبر الترمذي (497) : (مَنْ تَوضأ يَوْمَ الجمعة فبها ونِعْمَتْ، ومن اغتسلَ فالغسلُ أفْضَلُ) .

[فبها ونعمت: أي فبالسنة أخذ وعمل: ونعمت السنة] .

(3) روى مالك في الموطأ (1/ 117) أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يغتسل يومَ الْفِطْرِ، قبل أن يَغْدُوَ إلى المصَلى.

وقيس بيوم الفطر يوم الأضحى.

(4) لم أجد دليلاً نقلياً لاستحباب هذه الأغسال الثلاثة، ولعل العلماء قالوا باستحبابها قياساً على الجمعة والعيدين، لأنها في معناها من حيث مشروعية الجماعة فيها، واجتماع الناس لها.

6 - والغسل من غسل الميت [1]

7 - والكافر إذا أسلم [2]

8 - والمجنون

9 - والمغمى عليه إذا أفاقا [3]

10 - والغسل عند الإحرام [4]

11 - ولدخول

(1) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ غَسلَ مَيْتاً فَلْيَغْتَسِلْ، وَمَنْ حَمَلَهُ فَلْيَتَوَضَّأ) رواه الخمسة وحسنه الترمذي (993) وصرفه عن الرجوب خبر الحاكم (1/ 386) : (لَيْس عَلَيْكُمْ في غُسلِ مَيًتكُمْ غُسْلٌ إذَاغَسلْتُموه) .

(2) روى أبو داود (355) والترمذي (605) عن قيس بن عاصم رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أريد الإسلام، فأمرني أن أغتسلَ بماء وسدْر. وهو ورق مطحون من شجر معين.

قال الترمذي بعَد روايته الحديث: والعمل عليه عند أهل العلم، يستحبون للرجل إذا أسلم أن يغتسل ويغسل ثيابه.

ولم يجب الغسل لعدم أمره صلى الله عليه وسلم كل من أسلم به.

(3) لما رواه البخاري (655) ومسلم (418) عن عائشة رضي الله عنها قالت: (ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أصلى الناس؟ فقلنا: لا، هم ينتظرونك يا رسول الله، فقال: ضعوا لي ماء في المخضب قالت: ففعلنا، فاغتسل، ثم ذهب ليَنُوءَ فأغْميَ عليه، ثم أفَاقَ فقال:

أصلى الناس؟ فقلنا: لا، هم ينتظرونك يا رسول الله، فقال ضعوا لي ماء في المخضب. قالت: ففعلنا، فاغتسل، ثم ذهب لينوء فأغمي عليه، ثم أفاق ... ) .

[ثقل: اشتد مرضه. المخضب: وعاء كان تغسل فيه الثياب.

لينوء: لينتهض بجهد ومشقة] .

وقيس بالإغماء الجنون لأنه في معناه، بل هو أولى.

(4) روى الترمذي (830) عن زيد بن ثابت رضي الله عنه: أنه رأى النبى صلى الله عليه وسلم تجرد لإهلاله واغتسل.

[لإهلاله: لإحرامه، والإهلال: رفع الصوت بالتلبية عند الإحرام]

مكة [1]

12 - وللوقوف بعرفة [2]

13 - وللمبيت بمزدلفة [3]

14 - ولرمي الجمار الثلاث

15 - وللطواف [4]

16 - وللسعي

17 - ولدخول مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم.

"فصل" والمسح على الخفين جائز [5] بثلاثة شرائط:

1 - أن يبتدئ لبسهما بعد كمال الطهارة [6]

2 - وأن يكونا

(1) روى البخاري (1478) ومسلم (1259) واللفظ له، عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه كان لا يَقْدمُ مكة إلا بات بذي طُوى حتى يصبح ويغتسل، ثم يدخل مكة نهاراً، ويذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعله.

(2) روى مالك في الموطأ (1/ 322) عن ابن عمر رضي الله عنهما: كان يغتسل لإحرامه قبل أن يحرم، ولدخول مكة، ولوقوفه عشية عرفة.

(3) الأصح لا يستحب. نهاية.

(4) المعتمد أنه لا يسن الغسل للطواف. الإقناع.

(5) ودليل جوازه أحاديث كثيرة، منها: ما روى البخاري (380) ومسلم (272) واللفظ له، عن جربر رضي الله عنه: أنه بال ثم توضأ ومسح على خفيه، فقيل له: تفعل هذا؟ فقال: نعم، رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بال، ثم ثوضأ، ومسح على خفيه.

قال الحسن البصري: روى المسح سبعون نفساً، فعلا منه وقولا.

(6) روى البخاري (203) ومسلم (274) عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة في مسير، فأفرغت عليه من الإداوة، فغسل وجهه، وغسل ذراعيه، ومسح برأسه، ثم أهويت لأنزع خفيه، فقال: (دَعْهُما، فإنَي أدْخَلْتُهُما طَاهَرَتَيْنِ) فمسح عليهما.

ساترين لمحل غسل الفرض من القدمين

3 - وأن يكونا مما يمكن تتابع المشي عليهما ويمسح المقيم يوما وليلة والمسافر ثلاثة أيام بلياليهن [1] وابتداء المدة من حين يحدث بعد لبس الخفين فإن مسح في الحضر ثم سافر أو مسح في السفر ثم أقام أتم مسح مقيم.

ويبطل المسح بثلاثة أشياء:

1 - بخلعهما

2 - وانقضاء المدة

3 - وما يوجب الغسل [2].

"فصل" وشرائط التيمم خمسة أشياء:

1 - وجود العذر بسفر أو مرض [3]

(1) روى مسلم (276) وغيره عن شريح بن هانئ قال: أتيت عائشة رضي الله عنها أسألها عن المسح على الخفين، فقالت: ائت علياً، فإنه أعلم بهذا مني، كان يسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألته فقال: جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة أيام ولياليَهن للمسافر، ويوماً وليلة للمقيم.

(2) روى الترمذي (96) والنسائي (1/ 83) واللفظ له، عن

صفوان بن عسال رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا مسافرين: أن نمسح على خفَافِنا ولا نَنْزِعَها ثلاثةَ أيام، من غائط وبوْل ونَوْم، إلاّ من جَنابًة.

(3) قال تعالى: "وَإنْ كنتم مَرضى أوْ عَلى سَفَرٍ أوْ جَاءَ أحَد مِنْكُمْ مِنَ الْغَائطِ أوْ لامَسْتُمُ النسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاء فتيمموا" / المائدة: 6/.

وروى البخاري (341) ومسلم (682) عن عمران بن حصين رضي=

2 - ودخول وقت الصلاة [1]

3 - وطلب الماء

4 - وتعذر استعماله

5 - وإعوازه بعد الطلب

والتراب الطاهر له غبار فإن خالطه جص أو رمل لم يجز.

وفرائضه أربعة أشياء:

1 - النية

2 - ومسح الوجه

3 - ومسح اليدين

4 - مع المرفقين

5 - والترتيب [2]

وسننه ثلاثة أشياء:

1 - التسمية

2 - وتقديم اليمنى على اليسرى

3 - والموالاة [3]

والذي يبطل التيمم ثلاثة أشياء:

= الله عنهما قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فصلى بالناس، فإذا هو برجل معتزل، فقال: (مَا مَنَعَكَ أنْ تُصَلًيَ) .

قال: أصابتني جَنابَةٌ ولا ماءَ. قال: (عَلَيْكَ بالصَعِيدِ فَإنهُ يكفيكَ) .

[الصعيد: ما صعد على وجه الأرض من التراب] .

(1) روى البخاري (328) عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وَجُعلتْ لِيَ الأرضُ مَسْجداً وَطَهُوراً، فأيُّمَا رَجُل مِنْ أمتى أدْركًتْهُ الصلاةُ فَلْيُصَل) . وعند أحمد: (2/ 222 ) ) أينَمَا أدرَكَتني الصَلاةُ تَمسَحْتُ وصَليتُ).

فدلت الروايتان على: أنه يتيمم ويصلى إذا لم يجد الماء، بعد دخول وقت الصلاة.

(2) لقوله تعالى: "فَتَيَمموا صَعِيداً طَيَباً فَامْسحُوا بِوُجُوهكُم وَأيْديكُمْ منْهُ" / المائدة: 6/.

[فتيَمموا: فاَقصدوا، وهو دليل فرضية النية، مع حديث: (إنما الأعمال بالنيات) . طيباً: طاهراً] .

(3) اعتباراً بالوضوء لأنه بدله. وانظر: حاشية (5) ص (16) .

1 - ما أبطل الوضوء

2 - ورؤية الماء في غير وقت الصلاة [1]

3 - والردة

وصاحب الجبائر يمسح عليها، ويتمم ويصلي، ولا إعادة عليه إن كان وضعها على طهر [2].

ويتيمم لكل فريضة [3] ويصلي بتيمم واحد ما شاء من النوافل.

(1) أي في غير حال الصلاة، وقبل الدخول فيها. روى الترمذي (124) وغيره، عن أيى ذر رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الصَعِيدَ الطَيبَ طَهُور المُسْلِمِ وَإن لم يَجِد المَاءَ عَشْر سنِينَ، فَإذَا وَجَدَ المَاءَ فَلْيُمِسهُ بشَرَتهُ، فَإن ذَلِك خَير) .

[فليمسه بشرته: فليتوضأ، وهذا دليل على أن تيممه قد بطل] .

(2) روى أبو دارد (336) وغيره، عن جابر رضي الله عنه قال: خَرجْنا في سَفَر، فأصاب رجلا منا حجر فَشَجتهُ في رأسه، ثم احْتلمَ فسأل أصحابه: هل تجدون لي رخْصَةَ في التيمم؟ فقالوا: ما نجد لك

رخصة وأنت تقدر على الماء، فاغتسل فمات، فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر بذلك، فقال: (قَتلُوهُ قتلهم الله، ألا سألُوا إذْ لَمِْ يعلموا؟ فَإنما شِفَاءُ العِيِّ السؤالُ، إنّمَا كَانَ يكفيه أنْ يتًيَمَّم ويَعْصِرَ - أوْ يَعْصِبَ- جرْحَهُ، ثم يمسح عَلَيه، وَيغسلَ سَائِرَ جَسَدِهِ) .

[العي: التحير في الكلام، وقيل: هو ضد البيان] .

(3) روى البيهقي بإسناد صحيح (1/ 221) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: يَتَيمّمُ لكل صلاة وإن لم يحدِثْ.

"فصل" وكل مانع خرج من السبيلين نجس [1] إلا المني [2].

(1) روى البخاري (214) عن أنس رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا تبرز لحاجته أتيته بماء فيغسلُ به.

[تبرز لحاجته: خرج إلى البَراز، وهو الفضاًء، ليقضي حاجته من بول أو غائط. فيغسل به: أثر الخارج من القبل أو الدبر]

وروى البخاري (176) ومسلم (303) عن علي رضي الله عنه قال:

كنت رجلا مذاَءً، فاسْتَحْيَيْتُ أنْ أسْألَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فأمرت المقدادَ بن َ الأسْوَدِ فسأله، فقال: (فيه الْوُضُوءُ) . ولمسلم: (يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَيَتَوَضأ) .

[مذاء: كثير خروج المذي، وهو ماء أصفر رقيق يخرج من الذكر غالباً عند ثوران الشهوة] .

وروى البخاري (155) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم الغائطَ، فأمَرَني أنْ آتِيَهُ بثَلاثَة أحجار، فوجدتُ حجرين والتمسْتُ الثالثَ فلم أجِدهُ، فأخذت رَوْثًة فَأتيته بها، فأخذ الحجرين وألقى الروثة وقال: (هذا رِكْس) .

[الركس النجس، والروثة براز مأكول اللحم] .

فدلت هذه الأحاديث على نجاسة الأشياء المذكورة، لغسله - صلى الله عليه وسلم - لها أو الأمر بغسلها أو التصريح بنجاستها، وقيس ما لم يذكر فيها، مما يخرج من السبيلين، على ما ذكر.

(2) من الإنسان وجميع الحيوانات ما عدا الكلب والخنزير.

أما مني الإنسان: فلما رواه مسلم (288) وغيره، عن عائشة رضي الله عنها: قالت: كنت أفْرُكُ المَنِى من ثَوب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم يذهب فيصلى فيه. ولوكان نجساً لم يكَف فيه الفرك.

وأما سني غير الاَدمي: فلأنه أصل حيوان طاهر، فأشبه مني الآدمى.

وأما الكلب والخنزير فلنجاسة عينهما.

وغسل جميع الأبوال والأرواث واجب [1] إلا بول الصبي الذي لم يأكل الطعام فإنه يطهر برش الماء عليه [2].

ولا يعفى عن شيء من النجاسات إلا اليسير من الدم والقيح، وما لا نفس له سائلة: إذا وقع في الإناء ومات فيه فإنه لا ينجسه [3].

والحيوان كله طاهر [4]، إلا الكلب والخنزير وما تولد

(1) لما رواه البخاري ومسلم وغيرهما من أمره صلى الله عليه وسلم بصب دلو من ماء، على المكان الذي بال عليه الأعرابي في المسجد.

(انظر: ص 8 حاشية 2). وانظر حاشية اص31.

(2) روى البخاري (221) ومسلم (227) وغيرهما، عن أم قيس بنت محصن رضي الله عنها: أنها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجلسه صلي الله عليه وسلم في حِجْرِه، فباك على ثوبه، فدعا بماء، فَنَضَحَهُ وَلَم يَغسلهُ.

[فنضحه: رشه بحيث عم المحل بالماء وغمره بدون سيلان] .

(3) روى البخاري (5445) وغيره، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذَا وَقعً الذبَاب في إنَاء أحَدكُمْ فَلْيَغْمسْهُ كلهُ، ثم ليَطْرَحْهُ، فإن في أحَدِ جَنَآحَيْهِ شفَاء وَفي الَآخَرِ داءً) .

ووجه الاستدلال: أنه لو كان ينجسه لم يأمر بغمسه. وقيس بالذباب كل ما في معناه من كل ميتة لا يسيل دمها.

(4) أي جميع الحيوانات طاهرة العين حال الحياة.

منهما أو من أحدهما [1] والميتة كلها نجسة إلا السمك والجراد والآدمي [2].

ويغسل الإناء من ولوغ الكلب والخنزير سبع مرات إحداهن بالتراب [3]، ويغسل من سائر النجاسات مرة تأتي عليه [4] والثلاث أفضل.

وإذا تخللت الخمرة بنفسها طهرت [5]، وإن خللت

(1) لأن كلا منهما نجس العين، قال تعالى: "أوَْ لحمَ خنْزِيرَ فإنَّهُ رِجْس" / الأنعام: 145/. ولحديث الأمر بالتطهير من ولوغَ الكلب بالآتي.

(2) أي جميع الميتات نجسة إلا ما استثني. انظر: ص 11 حاشية 4.

وطهارة السمك والجراد لقوله صلى الله عليه وسلم: (أحلت لنا ميتتان) وسيأتي في كتاب الصيد والذبائح.

(3) روى البخاري (170) ومسلم (279) ، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذَا شَرب الْكَلب في إناء أحدكمْ فلْيَغْسِلْهُ سبعاً) وفي رواية لمسلم: (طهورُ

إنَاء أحدكمَْ إذَا وَلغ فيه الْكَلْبُ أنْ يَغْسِلَهُ سَبع مَرات أولاهَن باَلترابِ) . وللدارقَطنَي (1/ 65) : (إحداهُن بالْبطحَاء) [ولغ: شرب. البطحاء: وهي الحصى الصغار، والمراد التَراب] .

وقيس بالكلب الخنزير لأنه أغلظ منه، وبالفم غيره من باب أولى، كما دل ذلك علي نجاسة عينه.

(4) لحديث ابن عمر رضي الله عنه:: كانت الصلاة خمسين، والغسل من الجنابة سبع مِرارٍ، وغَسْلُ البول بسعَ مرار، فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل - أي يسألَ الله الخفيًفَ - حتى جُعِلَت الصلاة خمساً والغسل من الجنابة مرة، وغسل البول من الثوب مرة. رواه أبو داود (247) ولم يضعفه. وقيس بالبول غيره.

(5) لأن علة النجاسة الإسكار، وقد زالت بالتخلل.

بطرح شيء فيها لم تطهر [1].

"فصل" ويخرج من الفرج ثلاثة دماء:

1 - دم الحيض

2 - والنفاس

3 - والاستحاضة:

فالحيض: هو الدم الخارج من فرج المرأة على سبيل الصحة من غير سبب الولادة [2] ولونه أسود محتدم لذاع [3].

(1) لأن ما يطرح فيها يتنجس بملاقاتها، ويبقى متنجساً، فإذا انقلبت خلا وهو فيها نجَّسَهَا.

(2) روى البخاري (290) ومسلم (1211) عن عائشة رضي الله عنها قالت: خرجنا لا نرى إلا الحج، فلما كنا بسَرف حضت، فدخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكيَ، قالَ: (مَالك، أنَفِسْتِ) قلت: نعم، قال: (إن هَذَ اأمْرٌ كَتَبَه الله على بَنَات آدَمً، فَاقْضي ماَ يقضي الحَاج، غيرَ أن لا تَطُوفي بِالبيْتِ) . فَي رواية (حتى تطْهري) .

[نرى: نَظن أنفسنا محرمين. بسرف: مكان قرب مكة. أنفست: أحضت. فاقضي: افعلي ما يفعلهُ الحاج من المناسك] .

(3) محتدم: حار، من احتدم النهار اشتد حره. لذاع: موجع.

روى أبو داود (286) وغيره، عن فاطمة بنت أبي حبيش: أنها كانت تُسْتحاضُ، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (إذَا كَانَ دَمُ الحيْضَة فَإنّهُ دَمٌ أسْوَدُ يُعْرَفُ، فَإذَا كَانَ ذَلِكَ فأمسكي عنِ الصَلاةِ، فَإذَا كاَن الآخرُ فَتَوَضئي وَصَلّي، فَإنّما هو عِرْق) .

[يعرف: يعرفه النساء عادة. الآخر: الذي ليست صفته كذلك عرق: أي ينزف] .

والنفاس: هو الدم الخارج عقب الولادة.

والاستحاضة: هو الدم الخارج في غير أيام الحيض والنفاس [1].

وأقل الحيض يوم وليلة، وأكثره خمسة عشر يوماً، وغالبه ست أو سبع.

وأقل النفاس لحظه، وأكثره ستون يوماً وغالبه أربعون يوماً.

وأقل الطهر بين الحيضتين خمسة عشر يوماً ولا حد لأكثره.

وأقل زمن تحيض فيه المرأة تسع سنين [2].

وأقل الحمل ستة أشهر، وأكثره أربع سنين وغالبه

(1) روى البخاري (226) ومسلم (333) عن عاشة رضي الله عنها قالت: جاءت فاطمة بنت أيى حُبَيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إني امرأة أسْتحاضُ فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنّمَا ذَلِكَ عِرْق وَلَيْسَ بِالْحيضةَ، فإذَا أقبَلَت الحيضَةُ فَاتْرُكي الصلاةَ، فَإذا ذَهَبَ قدرُها فاغسْلىِ عنكِ الدَمَ وَصَلَي) .

(2) هذه التقادير في الحيض والنفاس والطهر مبناها الاستقراء، أى تتبع الحوادث والوجود، وقد وجدت وقائع أثبتتها.

رما رواه أبو داود (311) وغيره عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: كانت النفساء تجلس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين يوماً.

محمول على الغالب، وهو لا ينفي الزيادة.

تسعة أشهر [1].

ويحرم بالحيض والنفاس ثمانية أشياء:

1 - الصلاة [2]

2 - والصوم [3]

3 - وقراءة القرآن [4]

4 - ومس المصحف وحمله [5]

(1) استدل لأقل الحمل بقوله تعالي: "وَحَمْلُهُ وَفصالُهُ ثلَاثُونَ شهراً /" الأحقاف 15/. مع قوله سبحانه: "وَفصَاله في عَامَيْن" / لقمان: 14/. [فصاله: فِطَامه] . فإذا كان مجموعَ الحمل والفصال ثلاثين شهراً والفصال وحده عامين، كان الحمل ستة أشهر. ودليل غالبه وأكثره الاستقراء.

(2) انظر حاشية (3) ص (34) وحاشية (1) ص (35) .

(3) روى البخاري (298) ومسلم (80) عن أبي سعيد رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في المرأة، وقد سئل عن نقصان دينها: (ألَيْس إذَا حَاضَتْ لَمْ تصَلً وَلَمْ تَصمُْ) .

وتقضي الحائض والنفساء الصوم ولا تقضي الصلاة.

روى البخاري (315) ومسلم (335) واللفظ له، عن معاذة قالت: سألت عائشة- رضي الله عنها- فقلت: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ .. قالت: كان يصيبنا ذلك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة.

(4) روى ابن ماجه (596) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يَقْرَأ الجُنُبُ والحَائِضُ شيئاً مِنَ الْقُرْآن) .

(5) لقوله تعالَى: "ليمسه إلا المطهرون" / الواقعة: 79/.

ولقوله صلى الله عليه وسلم: (أنْ لا يمَس القرْآنَ إلا طاهِرٌ) .

رواه الدارقطني مرفوعاً (1/ 121) ومالك في الموطأ مرسلا (1/ 199) .

5 - ودخول المسجد [1]

6 - والطواف [2]

7 - والوطء [3]

(1) إن خافت تلويثه، وإلا فيحرم عليها المكث والتردد فيه، لا مجرد الدخول. لما رواه أبو داود (232) عن عاثشة رضي الله عنها، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا أحل المَسْجِدَ لِحَائِض وَلا لجنبٍ) . وهو محمول على ما ذكر، ويدل عليه: ما رواه مسلم (298) وغيره، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ناَوِلِيني الخُمْرَةَ من المسجِدِ) فقلت: إني حائضٌ، فقال: (إن حَيضتك ليستَ في يَدِكِ) .

وعند النسائي (1/ 147) عن ميمونة رضي الله عنها قالت: وتقوم إحدانا بِالخمرَة إلى المسجد فتبسطها وهي حائض.

[الخمرة: هي السجادة أو الحصير الذي يضعه المصلي ليصلي عليه أو يسجد] .

(2) روى الحاكم (1/ 459) وصححه، عن ابن عباس رضي الله عنه قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الطَّوَافَ بِالْبَيتِ مِثْلُ الصلاةِ، إلا أنكم تَتكَلمون، فَمن تكَلّمَ فَلا يتًكلَّمْ إلا بخِيرٍ) . وانظر حاشية (2) ص (34) .

(3) لقوله تعالى: "فاعْتَزِلُوا النسَاءَ في المَحيضِ وَلا تَقْرَبَوهن حَتتَى يطْهرْنَ فَإذَا تطهَرْنَ فأتُوهُن مِنْ حَيْثُ أمرَكمْ اللهُ إن اللهَ يحبُّ التّوَّابِينَ وَيحِبُّ المتطهِّرِين" / البقرة: 222/. والمراد باعتزالهن ترك الوطء.

8 - والاستمتاع بما بين السرة والركبة [1].

ويحرم على الجنب خمسة أشياء:

1 - الصلاة [2]

2 - وقراءة القرآن

3 - ومس المصحف وحمله

4 - والطواف

5 - واللبث في المسجد [3]

ويحرم على المحدث ثلاثة أشياء:

1 - الصلاة

2 - والطواف

3 - ومس المصحف وحمله [4].

(1) روى أبو داود (212) عن عبد الله بن سعد رضي الله عنه: أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يَحِل لي من امرأتي وهي حائض؟ قال: (لَكَ مَا فَوْقَ الإزَارِ) . أي فوق ما يستره الإزار، والإزار الثوب الذي يستر وسط الجسم، وهو ما بين السرة والركبة غالباً.

تنبيه: أجمع العلماء على أن النفاس كالحيض، في جميع ما يحل ويحرم، وما يكره أو يندب.

(2) لقوله تعالى "لا تَقربوا الصَّلاةَ وَأنْتُمْ سكَارَى حَتَّى تعْلموا مَا تقولُونَ وَلا جُنباً إلا عَابِري سبَيل حَتّى تَغتَسِلُوا" / النساء: 43/. فالمراد بالصلاة هنا مواضعها، لَأن العبور لا يكون في الصلاة، وهو نهي للجنب عن الصلاة من باب أولى.

وروى مسلم (224) وغيره، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تُقْبَلُ صَلاة بِغَيْرِ طَهُورٍ) . وهو يشمل طهارة المحدث والجنب، ويدل على حرمة الصلاة منهما.

(3) انظر في هذه حا 2. حا 5،4 ص 36. حا 1،2 ص 37.

(4) روى البخاري (6554) : مسلم (225) عن أبى هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يقبل اللهُ صَلاة أحَدكِمْ إذا أحدثَ حَتى يتوَضأ) . وانظر حا 5 ص 36. حا 2 ص 37.

كتاب الصلاة [1]

Kitab al-Shalah (Salat)

الصلاة المفروضة خمس (1) :

1 - الظهر وأول وقتها زوال الشمس [2] وآخره إذا صار

(1) الأصل في مشروعية الصلاة:

آيات، منها: قوله تعالى "إنَ الصَلاةَ كَانَتْ على المُؤْمنينَ كِتَاباً مَوْقوتاً" / النساء: 103/.

وأحاديث، منها: حديث ابن عمر رضي الله عنهما، الذي رواه

البخاري (8) ومسلم (16) وغيرهما: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (بُنِيَ الإسْلامُ عَلى خَمْس: شَهَادَة أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وأنَ مُحمَداً رَسُولُ اللهِ، وإقامِ الصلاةِ وإيَتَاءِ الزكإَةِ، والحج، وَصَوْم رَمضَانَ) .

وجَاء في حديث الإسراء: (ففَرَضَ اللهُ على أمتي خَمْسينَ صَلاةً ... فرَاجَعتُهُ فقال: هي خمس، وهي خمسُونَ، لا يُبَدلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ) . البخاري (342) مسلم (163) وغيرهما.

(هي خمس: من حيث الفعل. هي خمسون: من حيث الأجر).

(2) والحديث الذي يجمع مواقيت الصلوات الخمس، ما رواه مسلم (614) وغيره، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه أتاه سائلٌ يسألُه عن مواقيت الصلاة، فلم=

ظل كل شيء مثله بعد ظل الزوال [1].

2 - والعصر: وأول وقتها الزيادة على ظل المثل [2]، وآخره في الاختيار [3] إلى ظل المثلين،

= يَرُدَّ عليه شيئاً. قال: فأقام الفجر حين انْشَق الفجْرُ، والناس لا يكاد يعرفُ بضُهم بعضاً، ثم أمره فأقام بالظهر حين زالتِ الشمسُ، والقائلُ يقولُ: قد انْتَصَفَ النهارُ، وهو كان أعْلمَ منهم، ثم أمره فأقام بالعصرِ والشَّمْسُ مُرْتَفعَةٌ، ثم أمره فأقام بالمغرب حين وَقَعَت الشمس، ثم أمره فأقام العشاءَ حين غابَ الشَّفَقُ.

ثم أخَر الفجرَ من الْغدِ، حتى انْصرَفَ منها والقائلُ يقول: قد طلعت الشمس أو كَادتْ، ثم أخَّر الظهر حتى كان قريباً من وقت العصر بالأمْس، ثم أخر العصر حتى انصرف منها والقائلُ يقولُ: قد احْمَرَّتِ الشمسُ، ثم أخّو المغربَ حتى كان عند سُقوطِ الشَفَقِ، ثم أخّر العشاء حتى كان ثلثُ الليل الأوَّل. ثم أصبح، فدعا السائل فقال: (الْوَقتُ بَيْنَ هَذيَن) .

[انشق الفجر: طلع ضوؤه. زالت: مالت عن وسط السماء.

وقعت الشمس: غابت. الشفق: الحمرة التي تظهر بعد غروب الشمس.

سقوط الشفق: غيابه] .

وهناك أحاديث بينت بعض ما أجمل فيه، أو زادت علمه، كما سترى.

(1) الظل الموجود عند ما يعرف الزوال.

(2) أقل زيادة يعرف بها دخول الوقت.

(3) أي الوقت الذي يختار عدم تأخير الصلاة عنه.

وفي الجواز إلى غروب الشمس [1].

3 - والمغرب: ووقتها واحد وهو غروب الشمس وبمقدار ما يؤذن ويتوضأ ويستر العورة ويقيم الصلاة ويصلي خمس ركعات [2].

4 - والعشاء: وأول وقتها إذا غاب الشفق الأحمر وآخره في الاختيار إلى ثلث الليل وفي الجواز إلى طلوع الفجر الثاني [3].

(1) روى البخاري (554) ومسلم (608) عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ أدرَكَ مِنَ الصبْحِ رَكْعَةً قَبْلَ أنْ تطْلُع الشَمْسُ فَقَدْ أدْرَكَ الصبحَ، وَمَنْ أدْرَكَ رَكْعَة مِنَ العَصْرِ قَبْلَ أنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أدْرَكَ العصر) .

(2) وهذا المذهب الجديد للشافعي رحمه الله تعالى، ودليله: حديث جبريل عليه السلام، الذي رواه أبو داود (393) والترمذي (149) وغيرهما، عن ابن عباس رضي الله عنه، وفيه: أن جبريل عليه السلام صلى بالنبي صلى الله عليه وسلم المغرب في اليومين حين أفطر الصائم.

أي في وقت واحد وهو بعد الغروب.

والمذهب القديم امتداد وقت المغرب حتى يغيب الشفق الأحمر، ورجحه أئمة المذهب لرجحان أدلته، كحديث مسلم السابق (حا 2 ص39) الذي كان في المدينة، وهو مرجح علما حديث جبريل عليه السلام الذي كان في مكة، لأن العبرة بما ثبت أخيراً، وفيه: ثم أخر المغرب حتى كان عند سقوط الشفق. وثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال: (وَقْتُ صَلاةِ المغْرِبِ مَا لَمْ يَغِبِ الشَفَقُ) . رواه مسلم (612) .

(3) لما رواه مسلم (681) وغيره، عن أيى قتادة رضي الله عنه أنّه صلى الله عليه وسلم قال: (أما، إنِّه ليسَ في النَّوْمِ تفْرِيطٌ، إنّما=

5 - والصبح: وأول وقتها طلوع الفجر الثاني وآخره في الاختيار إلى الأسفار وفي الجواز إلى طلوع الشمس [1].

"فصل" وشرائط وجوب الصلاة ثلاثة أشياء:

1 - الإسلام

2 - والبلوغ

3 - والعقل وهو حد التكليف [2].

- التَّفْرِيطُ على مَنْ لمْ يُصَل الصَّلاةَ حَتّى يَجِيءَ وَقْتُ الصَلاةِ الأخْرَى). فدل على أن وقت الصلاة لا يخرج إلا بدخول وقت غيرها، وخرجت الصبح من هذا العموم بدليل (انظر حا 1 ص 39. حا 2 ص41) فبقي على مقتضاه في غيرها.

والفجر الثاني: هو المنتشر ضوؤه معترضاً بنواحي السماء يعقبه الضياء، نجلاف الأول فإنه يطلع مستطيلاً، يعلوه ضوء طويل كذنب الذئب، ثم تعقبه ظلمة.

(1) انظر: حا (1) ص (39) وحا (2) ص (41) .

(2) أي إذا اجتمعت هذه الأمور الثلاثة المذكورة وجد التكليف بالصلاة وغيرها من فروع الشريعة، وإذا لم تجتمع انتفى التكليف.

ودل على شرط الإسلام ما رواه البخاري (1331) ومسلم (19) عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذاً رضي الله عنه إلى اليمن فقال: (ادْعهُمْ إلى شَهَادَةِ أن لا إلهَ إلا اللهُ وأنّى رَسُولُ الله، فَإنْ هُمْ أطَاعُوا لذلك فَأعْلِمهُمْ أن اللهَ قَد افْتَرَضَ عَلَيهمْ خَمْس صَلَوَات في كُل يوْم وَليْلَة ... ) .

ودل على اشتراط العقل والبلوغ ما رواه أبو داود (4403) وغيره، عن علي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (رُفِع الْقَلمُ عَنْ ثَلاثَة: عَنْ النّائِمِ حَتّى يَسْتَيْقظَ، وَعَنِ الصَّبيَ حَتّى يَحْتَلِمَ، وعن المجنونِ حَتّى يَعْقِلََ) . [يحتلم: يبلغَُ] .

والصلوات المسنونات [1] خمس:

1 - العيدان

2 - والكسوفان

3 - والاستسقاء.

والسنن التابعة للفرائض سبعة عشر ركعة:

4 - ركعتا الفجر [2]

5 - وأربع قبل الظهر

6 - وركعتان بعده [3] وأربع

(1) أي سناً مؤكداً تأكيداً زائداً عن غيرها، لاستقلالها وطلب الجماعة فيها، وستأتي مفصلة في أبوابها، إن شاء الله تعالى.

(2) روى البخاري (1116) ومسلم (724) عن عائشة رضي الله عنها قالت: لم يَكُنِ النبي صلى الله عليه وسلم على شيء من النوَافِلِ أشد تَعاهُداً منه على رَكْعَتَيْ الفجر.

[النوافل: جمع نافلة، وهي ما زاد عن الفرض. أشد تعاهداً: أكثر محافظة] .

(3) روى البخاري (1127) عن عائشة رصي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يَدعَُ أرْبَعاً قبل الظهر، وركعتين قبل الغَداة.

أي صلاة الفجر. ولمسلم (730) : كان يصلي في بيتي قبل الظهر أربعاً، ثم يخرج فيصلي بالناس، ثم يدخل فيصلي ركعتين.

ويزيد ركعتين أيضاً بعدها، لما رواه الخمسة وصححه الترمذي (428،427) عن أم حبيبة رضي الله عنها قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (مَنْ صَلّىَ أرْبعً رَكْعَات قبلَ الظهر، وأربعاً بعدها، حَرمهُ اللهُ عَلى النّارِ) .

والجمعة كالظهر فيما مر، لأنها بدل عنها، ولما رواه مسلم (881) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذَا صَلَى أحَدُكُمُ الجُمُعَةَ فَلْيُصَل بَعْدَهَا أرْبَعاً) .

وروى الترمذي (523) : أن ابن مسعود رضي الله عنه كان يصلي قَبْلَ الجمعة أربَعاً وبعدَها أربعاً. والظاهر أًنه توقيف، أي علمه من فعل النبي صلى الله عليه وسلم.

قبل العصر [1]

وركعتان بعد المغرب [2]

وثلاث بعد

(1) لما رواه الترمذي وحسنه (430) عن ابن عمر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (رَحمَ اللهُ امرَءاً صَلّى قبل الْعَصْرِ أربعاً) . ويصليها ركعتين ركعتين، لما رواه الترمذي (429) وغيره عن علي رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي قبل العصر أربع ركعات يفصِلُ بَينَهُن بِالتَسلِيمِ.

(2) روى البخاري (1126) ومسلم (729) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: حفظت من النبي صلى الله عليه وسلم عشرَ رَكْعات: ركعتين قبلَ الظهر وَركعتين بعدها، وركعتين بعدَ المغرب في بيته، وركعتين بعدَ العشاء في بيته، وركعتين قلَ صلاة الصبح، كانت ساعة لا يُدْخَلُ على النبي صلى الله عليه وسلم فيها.

وهذه الركعات العشر المذكورة في هذا الحديث آكد من غير ها، ودل على سنية غيرها ما ذكر من الأدلة.

ويستحب أن يصلى ركعتين خفيفتين قبل صلاة المغرب، لما رواه البخاري (599) ومسلم (837) عن أنس رضي الله عنه قال: كنا بالمدينة، فإذا أذنَ المؤذنُ لصلاة المغرب ابْتدَرُوا السواري،

فيركعونَ ركعتين ركعتين، حتى إن الْغَريبَ ليدخل المسجد فَيَحْسِب أنَ الصلاة قد صُليَتْ، من كثرة من يصليهما.

(ابتدروا السواري: جمع سارية وهي الدعامةُ التي يرفع عليها وغْيرها السقف، وتسمى أسْطوانةً، وابتدروها أي تسارعوا إليها ووقف كل واحد خلف واحدة منها. ركعتين ركعتين: أي كل واحد يصلي ركعتين لا يزيد عليها) وكونهما خفيفتين: أي لا يطيل فيهما القراءة.

ويستحب- أيضاً- أن يصلي ركعتين خفيفتين قبل صلاة العشاء،=

العشاء يوتر بواحدة منهن [1].

= لما رواه البخاري (601) ومسلم (838) عن عبد الله بن مُفضَّل رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (بَيْنَ كل أذَانيْن صَلاةٌ، بَيْنَ كُل أذَانَين صَلاةٌ. ثم قال في الثالثة: لِمَنْ شاءَ) .

(أذانين: الأذان والإقامة).

(1) لحديث ابن عمر رضي الله عنهما السابق (حاشية 2 ص 44) ، ولما رواه مسلم (752) عنه أيضاً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الوِتْرَُ ركْعةٌ مِنْ آخِر الليل) .

وهذا أقل الوتر، وأوسطه ثلاث ركعات، وأكثره إحدى عشرة ركعة.

روى البخاري (1071) ومسلم (736) واللفظ له، وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ما بين أن يَفرغُ من صلاة العشاء إلى الفجر إحدى عَشرَةَ رَكْعة، يُسلًمُ بين كل ركعتين، ويُوتِرُ بوَاحدَة. فإذا سكَتَ المؤذنُ من صلاة الفجر، وتَبَيِّنَ له الفجر، وجَاءهَ المؤذنُ، قام فركع ركعتين خفيفتين، ثم اضطَجعً على شِقِّهِ الأيْمَن حتى يأتِيهُ المؤذن للإقامةِ.

[ركعتين خفيفتين: هما سنة الفجر] .

وروى أبو داود (1422) وغيره، عن أبي أيوب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (الوِتْرُ حَق، فَمنْ أحب أنْ يُوترَ بخمْس فَليَفْعلْ، ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل، ومن أحَب أن يُوتِرَ بِوَاحِدَة فَلْيَفعَلْ) .

[حق: مشروع ومطلوب] .

وثلاث نوافل مؤكدات [1]:

1 - صلاة الليل [2]

2 - وصلاة الضحى [3]

(1) أي بعد النوافل التي تطلب فيها الجماعة، والنوافل الرواتب التابعة للفرائض، لفضيلة الجماعة في الأولى، وارتباط الثانية بالفريضة.

والنوافل: جمع نافلة، وهي بمعنى المسنون والمستحب.

(2) روى مسلم (1163) وغيره، عن أبى هريرة رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيّ الصلاة أفضلُ بعد المَكتُوبَةِ؟ قال: (الضَلاةُ في َجوْفِ اللّيل) .

(المكتوبة: المفروضة. جوف الليل: باطنه وساعات التفرغ فيه للعبادة).

وتسمى قيام الليل، والتهجد ان فعلت بعد النوم، قال تعالى: "وَمِنَ اللَيْلِ فَتَهجدِْ بهِ نَافِلَةَ لكَ" الإسراء:79 /.

(أي ترك الهجود- وهو النوم - وقم فصل واقرأ القرآن. نافلة لك: زيادة على الفرائض مفروضة عليك خاصة).

(3) روى البخاري (1880) ومسلم (721) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أوْصاني خَليلي بثلاثٍ: صيامِ ثلاثةِ أيام من كل شَهرٍ، ورَكْعتيِ الضُحى وأن أوتِرَ قبلَ أنْ أنَامَ. أصًلي الوتر.

وأقلها ركعتان، لما ذكر في الحديث، وأكثرها ثمان ركعات، لما رواه البخاري (350) ومسلم (336) واللفظ له، في حديث أم هانىء رضي الله عنها: أنه لما كان عام الفتح، أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بأعلى مكة، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى غسله، فسترت عليه فاطمة، ثم أخذ ثوبه والْتَحَفَ به، ثم صلى ثمانيَ ركعاتٍ سُبْحَةَ الضحى. أي صلاة الضحى.

والأفضل أن يفصل بين كل ركعتين، لما جاء في رواية أبي داود (1290) عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم=

3 - وصلاة التراويح [1].

= صلى يوم الفتح سُبْحَةَ الضحى ثماني ركعات، يسلَم مِن كل ركعتين.

ووقتها من ارتفاع الشمس حتى الزوال، والأفضل فعلها عند مُضيَ ربع النهار، روى مسلم (748) وغيره، كن زيد بن أرْقَم رضي الله عنه قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم على أهل قباء هم يصلون الضحى، فقال: (صَلاةُ الأوَابِينَ إذا رَمِضَتِ الفِصَالُ مِنَ الضحَى) .

(الأوابين: جمع أواب، وهو الراجع إلى الله تعالى. رمضت الفصال: احترقت من حر الرمضاء، أي وجدت حر الشمس، والرمضاء في الأصل الحجارة الحامية من حر الشمس، والمراد ارتفاع النهار. والفصال: جمع فصيل، وهو ولد الناقة).

(1) وتسمى قيام رمضان، وهي عشرون ركعة في كل ليلة من ليالي رمضان، يصلي كل ركعتين بتسليمة، ووقتها بين صلاة العشاء وصلاة الفجر، وتصلى قبل الوتر.

روى البخاري (37) ومسلم (759) وغيرهما، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ قَامَ رمَضَانَ إيماناً واحْتساباً غُفِرَ لهُ مَا تَقَدمَ مِنْ ذَنْبه) [إيماناً: تصديقَاً بأنه حق. احتساباً: إخلاصاً لله تعاَلىَ] .

وروى البخاري (882) ومسلم (761) واللفظ له، عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلّى في المسجد ذات ليلة، فصلَّى بصلاته ناسٌ، ثم صلى من القابلة فكثُر الناس، ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة- أو الرابعة - فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أصبح قال: (قد رأيْت الّذي صَنَعْتُمْ، فلم يَمْنَعني من الخروج إليكم، إلا أنّي خَشيتُ أن تُفْرَضَ عليكم) . وذلك في رمضان.

[الذي صنعتم: أيَ اجتماعكم للصلاة وانتظاري] .

"فصل" وشرائطُ الصلاة قبل الدخول فيها خمسة أشياء:

1 - طهارة الأعضاء من الحدث [1] والنجس [2]

2 - وستر العورة

= وروى البخاري (1906) عن عبد الرحمن بن عبد القاري قال: خرجت مع عمر بن الخطاب في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاع مُتَفَرَقونَ، يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهْطُ، فقال عمر: إنّي أرى لو جمعت هؤلاء على قارىء واحد لكان أمْثلَ.

ثم عزم فجمعهم على أبيَ بن كعب، ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم، فقال عمر: نعمت البدعهَ هذه، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون. يعني آخر الليل، وكان الناس يقومون أوله.

[أوزاع جماعات. الرهط: ما دون العشرة من الرجال. نعمت البدعة هذه: حسن هذا الفعل، والبدعة ما استحدث على غير مثال سبق، وتكَون حسنة ومشروعة إن وافقت الشرع واندرجت تحت مستحسن فيه، وذميمة مرفوضة إن خالفته، أو اندرجت تحت مستقبح فيه، وإن لم تخالف الشرع ولم تندرج تحت أصل فيه كانت مباحة] .

وروى البيهقي وغيره بإسناد صحيح (2/ 996) : أنهم كانوا يقومون على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في شهر رمضان بعشرين ركعة.

وروى مالك في الموطأ (1/ 115) : كان الناس في زمن عمر يقومون في رمضان بثلاث وعشرين ركعة. وجمع البيهقي بين الروايتين: بأن الثلاث كانت وتراً.

(1) الأصغر والأكبر، لقوله تعالى: "يَا أيُّهَا الَذينَ آمَنُوا إذَا قمْتُمْ إلى الصَلاةَ فَاغسْلوا وُجُوهكُمْ وأيْدَيَكُمْ إلَى المَرَافقِ وَامْسحوا بِرُؤوسكمْ وَأرجُلَكُمْ إلى الْكعبيْنِ وَإنْ كُنْتُمْ جُنباً فاطهرُوا" / المائدة: 6 /. وانظر حا 1 ص20، حا 2 ص 38.

(2) دل على ذلك أمره صلى الله عليه وسلم بغسل النجاسات، =

بلباس طاهر [1]،

= كقوله لفاطمةَ بنت أبي حبيش رضي الله عنها: (فَإذَا أقْبَلَتِ الحَيْضةُ فَاتْرُكي الصَلاةَ، فَإذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا فَاغْسِلي عَنْكِ الدمَ وَصَلَي) . انظر حاشية (1) ص (35) .

وحديث علي رضي الله عنة فيْ غسل المذي، انظر حا 1 ص 31.

وقياساً على طهارة الثوب، المأمور به بقوله تعالى: "وثيابكَ فطَهرْ" / المدثر: 5 /.

(1) لقوله تعالى: "خُذُوا زينَتَكُمْ عنْدَ كلً مسَجد" / الأعراف: 31 /. قال ابن عباس رضَي الله عنهَما: المراد به الثياب في الصلاة. (مغني المحتاج: 1/ 184) .

وروى الترمذي (377) وحسنه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تُقبلُ صَلاةُ الحائِضِ إلا بِخمَار) . والحائض البالغ، لأنها بلغت سن الحيض. والخمار ما تغطي به الَمرأة رأسها، وإذا وجب ستر الرأس فستر غيره أولى. ودل على هذا ما رواه البخاري (365) عن عائشة رضي الله عنها قالت: لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الفجر، فَيَشْهَد معه نساء من المؤمنات، مُتَلَفِّعَاتٍ في مروطهِن، ثم يرجعن إلى بيوتهن، ما يعرفهن أحد.

[متلفعات في مروطهن: متلفافات بأكسيتِهن، واللفاع ثوب يجلل به الجسد كله] .

ودليل اشتراط كونها طاهرة، قوله تعالى: "وَثِيَابَكَ فَطهِّرْ" المدثر: 5 /.

وروى أبو داود (365) عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن خولة

3 - والوقوف على مكان طاهر [1]

4 - والعلم بدخول الوقت [2]

5 - واستقبال القبلة [3].

بنت يسار أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إنه ليس لي إلا ثوب واحد، وأنا أحيض فيه، فكيف أصنع؟ قال: (إذا طَهُرْت فَاغْسِلِيهِ ثم صلَي فيه) . فقالت: فإن لم يخرج الدم؟ قال: (يَكفِيَك غَسْلُ الدم، ولَا يضرك أثَرُهُ) .

(1) دَل على ذلك: أمره صلى اللهَ عليه وسلم بصب الماء على بول الأعرابي في المسجد (انظر حا 2 ص 8) . وقياساً على طهارة الثوب.

(2) لقوله تعالى: "إن الصَّلاةَ كَانَتْ عَلى المُؤمنينَ كتَاباً مَوْقُوتاً" / النساء 103 /. أي فرضاً محدداً بوقت فلابد من العلًم بدخولَه.

(3) قال تعالى: "قَد نَرَى تَقَلُبَ وَجْهِكَ في السَمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قبْلَة تَرْضَاهَا فَوْل وَجْهَكَ شَطر المَسْجد الحَرَام" / البقرة: 144 /.

[تقلب وجهك: تردد وجهك وتصرف نظرك إلى جهة السماء.

فلنولينك: فلنحولنك ولنصرفنك. قبلة: جهة تقابلها في صلاتك، ترضاها: تحبها وتميل إليها. فول وجهك: توجه شطر المسجد: نحوه وتلقاءه. الحرام: الذي لا يحل التعرض له وانتهاكه] .

وروى البخاري (5897) ومسلم (397) في حديث المسيء صلاته: أنه صلى الله عليه وسلم قال له: (إذَا قُمْتَ إلى الصَلاةِ فَأسبغِ الْوُضُوءَ، ثم اسْتَقْبِل الْقِبلةَ فكبر) . (انظر حاشية 1 ص 52) .

والمراد بالمسجد الحرام في الآية، وبالقبلة في الحديث، الكعبة.

روى البخاري (390) ومسلم (525) عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى نحوَ بيت المَقْدِسِ، ستة عَشَرَ أو سبعة عشر شهراً، وكان رسولُ اللهِ صلي الله عليه وسلم يُحِب أنْ يوَجَهَ نحوَ الكَعْبَة، فأنزل الله: "قَد نَرَى تَقَلب وَجْهِكَ في السمَاءِ" فَتَوَجَهَ نَحوَ الكعبة.

ويجوز ترك القبلة في حالتين:

1 - في شدة الخوف [1]

2 - وفي النافلة في السفر على الراحلة [2].

"فصل" وأركان الصلاة ثمانية عشر ركنا:

1 - النية [3]

2 - والقيام مع القدرة [4]

(1) من قتال وغيره، إذا كان السبب مباحاً، لقوله تعالى: "فَإنْ خِفتمْ فَرِجَالاً أوْ رُكْبَانا" / البقرة: 239 /.

أي إن لم يمكنكم أن تصلوا صلاة كاملة لخوف ونحوه، فصلوا كما تيسر لكم، مشاة على أرجلكم، أو راكبين على دوابكم، قال ابن عمر رضي الله عنهما: مستقبلي القبلة أو غير مستقبليها. قال نافع: لا أرى عبد الله بن عمر ذكر ذلك إلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. (البخاري:4261) .

(2) روى البخاري (391) عن جابر رضي الله عنه قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يصلي على رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجتَهَتْ - وفي رواية: نَحوَ المَشرِقِ - فإذا أراد الفريضةَ، نزل فاستقبل القبلة.

وفي رواية (1045) عن ابن عمر رضي الله عنهما: كان يصلي في السفر ...

(3) لقوله تعالى: "وَما أمرُوا إلا ليعبدُوا اللهَ مُخْلصين َُ له الدين" / الينة: 5 /. قال الماوردي: والإَخلاص في كلامهم اَلنية.

ولحديث: (إنّما الأعمال بالنيِّات) انظر: ص 14 حاشية.

(4) روى البخاري (1066) عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال كانت بي بَوَاسيرُ - فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فقال: (صل قَائماً. فَإنْ لَمْ تسَتطِع فقاعِداً، فَإنْ لَمْ تَسْتَطِع فعلى جنب) .

زاد النسائي: (فَإنْ لَمْ تَسْتطِعْ فَمُسْتَلقيا، لا يكَلَفُ اللهُ نفساً إلا وُسعها) . [كفاية الأخبار:1/ 103] .

3 - وتكبيرة الإحرام

4 - وقراءة الفاتحة وبسم الله الرحمن الرحيم آية منها

5 - والركوع

6 - والطمأنينة فيه

7 - والرفع

8 - والاعتدال

9 - والطمأنينة فيه

10 - والسجود

11 - والطمأنينة فيه

12 - والجلوس بين السجدتين

13 - والطمأنينة فيه [1]

14 - والجلوس

(1) دليل ما سبق من الأركان إلى هنا: ما رو - صلى الله عليه وسلم - لام، فقال: (ارْجِعْ فصل: فَإنكَ لَمْ تُصَلً) . فصلى ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: (ارجعْ فصل، فَإنَّك لم تُصل) .

ثلاثاً، فقال: والذي بعثَك بالحق ما أحْسنُ غيرَه، فعلمني. فقال: (إذَا قمْتَ إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ مَا تَيَسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئَن راكعاً، ثم ارفع حتى تطمئن جالساً، ثم اسجد حتى تطْمئن ساجداً، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها) .

ويطلق العلماء على هذا الحديث: خبر المسيء صلاته.

[لم تصل: الصلاة المطلوبة. غيره: غير الذي فعلته من الكيفية.

اقرأ ما تيسر معك من القرآن: وعند ابن حبان (484) : (ثم اقرأ بأم القُرْآن) وهي الفاتحة، ودل على ذلك حديث البخاري (723) ومسلم (394) : (لا صلاةَ لمنْ لمْ يقْرَأ بفاَتحة الْكِتابِ) . ودل على أن البسملة آية منها ومن كل سورة، ما رواَه مسَلم (400) عن أنس رضي الله عنه قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بين أظْهُرِنا إذ أغفىَ إعْفَاءةً، ثم رفع رأسه متبسماً، فقلنا: ما أضحْككَ =

الأخير [1]

15 - والتشهد فيه [2]

16 - والصلاة على النبي صلى الله عليه

= يا رسول الله؟ قال: (أنْزِلَتْ علي آنِفاً سورة فقرأ: بسمِ الله الرحْمنِ الرحيمِ. إنا أعْطَيْنَاكَ الكوثر.) فعدها صلى الله عليه وسلمَ آية من السورة. تعتدل قائمة: أي وتطمئن في قيامك، كما جاء في الحديث عن ابن جان. في صلاتك كلها: أي في كل ركعة من صلاتكُ].

(1) لما رواه البخاري (794) عن أبي حُمَيْد السّاعِدِي رضي الله عنه، في صفة صلاتِه صلى الله عليه وسلم: وإذا جلس في الركعة الآخِرَة قدم رجلهَ اليُسْرَى، ونصَب الأخْرى، وقَعدَ على مَقْعَدَتَهَ.

ولأنه محل ذكر واجب، كما سيأتي، فكان واجباً، كالقيام لقراءة الفاتحة.

(2) لما رواه البخاري (5806) ومسلم (402) وغيرهما عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كنا إذا صلَّينا مع النبي صلى الله عليه وسلم قلنا - وعند البيهقي (2/ 138) والدارقطني (1/ 350) : كنا نقول قبل أن يُفْرَضَ علينا التَشهُدُ - السلامُ على اللهِ قبل عبادهِ، السلام على جبريلَ، السلامُ على ميكائيلَ، السلام على فُلانَ، فلَما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم أقْبَلَ علينا بوجْهِه فقال: (إن اللهَ هو السلامُ، فإذَا جَلسَ أحَدُكُمْ في الصَلاة فَلْيقَلْ: التحِياتُ ... ) .

[هو السلام: أي هو اسم من أَسماء الله تعالى، قيل: معناه: سلامته مما يلحق الخلق من العيب والفناء] .

وقد ررد في صيغته روايات عدة كلها صحيحة وصيغته الكاملة المفضلة لدى الشافعي رحمه الله تعالى: ما رواه مسلم (403) وغيره عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم =

وسلم فيه [1]

17 - والتسليمة الأولى [2]

18 - ونية الخروج من

= يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن، فكان يقول: (التحِياتُ المُبَارَكَاتُ، الصَلَوَاتُ الطيبَات لله، الَسّلامُ عَليكَ أيها النبي ورحمةُ الله وَبَرَكَاتُه، السَّلامُ عليَنا وعلى عباد اللهِ الصَالِحِين، أشهَدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ، وأشهَدُ أن مُحَمداً رسُولُ اللهِ) .

(1) قوله تعالى: "إن اللهَ وَمَلائكَتَهُ يُصَلونَ عَلى النّبِي يَا أيهَا الّذينَ آمنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلًمُوا تَسْليماً" / الأحزاب: 56 /.

وقد أجَمع العلماء على أنها لا تجب في غير الصَلاة، فتعين وجوبها فيها، وقد أخرج ابن حبان (515) والحاكم (1/ 268) وصححه، عن ابن مسعود رضي الله عنه، في السؤال عن كيفية الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم: كيف نصلي عَلَيْكَ، إذا نحن صلينا عليك في صَلاتِنا صلَى الله عليكَ؟ فقال: قولوا ....

وهذا يعين أن محل الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم الصلاة.

والمناسب لها آخر الصلاة، فوجبت في الجلوس الأخير بعد التشهد.

والصيغة الكاملة فيها: اللهم صل على محمد وعلى آلِ محمد، كما صليت على إبراهيمَ وعلى آل إبراهيمَ، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركْتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، في العالمين إنك حَمِيدي مجيد.

وقد ثبت هذا بأحاديثَ صحيحة، رواها البخاري ومسلم وغيرهما، وفي بعض طرقها زيادة على ذلك أو نقص.

(2) روى مسلم (498) عن عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسَتفْتِحُ الصلاةَ بالتكبِيرِ ... وكان يَخْتِمُ الصلاةَ بالتسلِيمِ.

الصلاة [1]

وترتيب الأركان على ما ذكرناه [2].

وسننها: قبل الدخول فيها شيئان:

1 - الأذان

2 - والإقامة [3]

(1) الأصح أنها ليست بركن، ولكنها تسن، رعاية للقول بأنها ركن.

(2) لخبر المسيء صلاته، وفيه عطف الأركان بثم، وهي للترتيب، وعمل النبي صلى الله عليه وسلم المنقول بالأحاديث الصحيحة.

(3) للصلوات المفروضة. ودل على مشروعيتهما ما رواه البخاري (602) ومسلم (674) عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا حضَرَتِ الصَلاةُ فَلْيُؤَذنْ لَكُم أحَدكُمْ وَلْيَؤُمكُمْ أكبرُكُم) .

وعند أبي داود (499) من حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه: (وتقول إذَا أقَمْتَ إلى الصَلاة: اللهُ أكبرَ، اللهُ أكبرَ ... ) .

وصرف الأمر عن الوجوب أدلة أَخرى.

وصيغة الأذان: اللهُ أكْبَرَ اللهُ أكْبَرَ، اللهُ أكبَرَ اللهُ أكبْرَ، أشهَدُ أنْ لا إلهَ إلاّ اللهُ، أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلاّ اللهُ، أشْهَدُ أن مُحَمَداً رسولُ الله، أشْهَدُ أن محمَد رسولُ الله، حَي عَلى الصَلاة، حَي على الصَّلاة، حي عَلى الفلاحِ، حي عَلى الفَلاحِ، اللهُ أكْبًرَ اللهُ أكبَرَ، لاَ إلهَ إلاّ اللهُ.

ويضيف في أذان الفجر: الصلاةُ خيرٌ مِنَ النومِ، الصَّلاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوم، بعد قوله: على الفلاح الثانية.

وصيغةَ الإقامة: اللهُ أكْبَرَ اللهُ أكبَرَ، أشْهَدُ أنْ لا الهَ إلا اللهُ، أشهَدُ أن محمَّداً رسولُ الله، حَي على الصلاةِ حي على الفَلاحِ، قدْ قَامتِ الصلاةُ قد قامتِ اَلصًلاةُ، اللهُ أكْبَرَ اللهُ أكْبرَ، لا إلهَ إلا اللهُ.

= وقد ثبت ذلك بالأحاديث الصحيحة عند البخاري ومسلم وغيرهما.

ويسن لمن سمع الأذان أن يقوك مثل ما يقول المؤذن، فإذا انتهى الأذان صلى على النبي صلى الله عليه وسلم، ودعا له بما ورد.

روى مسلم (384) وغيره، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا سمعتم المؤذنَ فقولوا مثل ما يقولُ، ثم صلوا علي، فإنهُ من صلًى عليَ صلاة صلى الله بها عليه عشراً، ثم سلوا الله ليَ الوسيلةَ، فإنها مَنزِلَةٌ في الجنةِ، لا تَنْبَغي إلا لعَبْد من عباد الله، وأرْجُو أنْ أكونَ أنا هُوَ، فمن سألَ اللهَ لي الوسيلةَ حًلَتْ علَيه الشَفَاعةُ) أي استحقها ووجبت له.

وروى البخاري (589) وغيره عن جابر رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من قالَ حين يَسْمعُ الندَاءَ: اللهُم رب هذهِ الدعْوَةِ التامةِ والصَلاة القَائمَةِ، آت محمداً الوسيلةَ والفضيلةَ، وابْعثة مقاماً محصوداً الذيَ وعَدْته. حَلًّتْ له شَفاعَتي يومَ القيَامةَ) .

[الدعوة التامة: دعو ة التوحيد التي لا ينالها تغيير ولا تبديل. الفضيلة: المرتبة الزائدة على سائر الخلائق. مقاماً محموداً: يحمد القائم فيه. الذي وعدته: بقوله سبحانه: "عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً" / الإسراء:79 /] .

وتسن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء للمؤذن أيضاً، ويقولها بصوت أخفض من الأذان ومنفصل عنه، حتى لا يتوهم أنها من ألفاظ الأذان.

ويستثنى من موافقة السامع للمؤذن قوله: (حي على الصلاة) و (حي على الفلاح) ، فإنه يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله - رواه البخارى (588) =

وبعد الدخول فيها شيئان:

1 - التشهد الأول [1]

2 - والقنوت في الصبح [2] وفي الوتر في النصف الثاني من شهر رمضان [3].

= مسلم (385) وغيرهما - وقوله: (الصلاة خير من النوم) فإنه يقول: صدقت وبررت.

ويسن مثل ذلك أيضاً عند سماع الإقامة والانتهاء منها، وعند قول: قد قامت الصلاة، يقول: أقامها اللهُ وأدَامَها. رواه أبو داود (528) .

(1) للاتباع المعلوم من الأحاديث الصحيحة، منها حديث البخاري (1167) : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قامَ مِنَ اثْنتَيْنِ من الظُّهر لَمْ يجْلِسْ بَيْنَهمَا، فلما قَضى صَلاتَهُ سَجدَ سَجْدَتَيْن. ثم سلمَ بعد ذلك. فالسجود لتركه سهواً دليل سنيته.

[بينهما: أي بين الركعتين الأوليين والركعتين الأخريين] .

وفي حديث المسيء صلاته عند أبي داود (860) (فَإذا جَلَستَ في وَسَطِ الصَّلاةِ فاَطمَئِن، وَافْتَرِشْ فَخِذَكَ اليسرَى، ثم تَشهَد) .

(2) روى الحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا رَفع رأسَه من الركوعِ في صلاةِ الصبح في الركعةِ الثانيةِ، رَفعً يَدَيْه يَدعُو بهذا الدعَاء:

اللهم اهْدِني فيمَنْ هَدَيْت ... [مغني الَمحتاج:1/ 166] .

(3) روى أبو داود (1425) عن الحسن بن علي رضي الله عنه قال: عَلمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في الوتر: اللهم اهْدني فِيمَنْ هَدَيْت وعَافِني فيمَنْ عَافَيْتِ، وَتَوَلني فِيمَنْ توليت، وبَارِكْ لي فيمَا أعْطَيتً، وَقِني شَرّ ما قَضَيتَ، إنك تَقضي وَلا يُقضىَ عَلَيكَ، وَإنهُ لا يَذل مَنْ وَاليْتَ، وَلا يَعز من عادَيْتَ، تَبَارَكْتَ ربنا وَتَعَالَيْت).

وهيآتها خمسة عشر خصلة:

1 - رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام

2 - وعند الركوع

3 - والرفع منه [1]

4 - ووضع اليمين على الشمال [2]

5 - والتوجه [3]

= قال الترمذي (464) هذا حديث حسن. وقال: ولا نعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم في القنوت في الوتر شيئاً أحسن منه.

وعند أبي داود (1428) أن أبَي بنَ كعب - رضي الله عنه - أمَهمْ - يعني في رَمَضَانَ - وكان يَقْنُتُ في النصفِ الآخِر مِنْ رَمَضَانَ. وفعل الصحابي حجة إذا لم ينكر عليه.

(1) روى البخاري (705) ومسلم (390) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم افْتَتَحَ التكْبيرَ في الصَّلاةِ، فرفعً يَديْهِ حينَ يُكَبَرُ، حتى َجْعَلهُما حَذْوَ مَنكبَيْهِ، وإذا كَبَر للركوع فعلَ مثله، وإذا قال: سمعَ اللهُ لِمَن حَمِدَهُ، فعل مثلَه وقالَ: رَبنَا وَلَكَ الحَمْدُ، ولاَ يفعل ذلك حينَ يسَجدُ، ولا حينَ يرفع رأسَهُ من السجُود.

(2) لخبر مسلم (401) عن وَائل بن حِجرِ رضى الله عنه: أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه حين دخل في الصلاة، ثم وَضعً يدَه اليُمْنى على اليسرَى.

(3) روى مسلم (771) عن علي رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه كان إذا قام إلى الصلاة قال: (وَجَهْتُ وَجْهِيَ لِلذِي فَطَرَ السمَاوَاتِ والأرْضَ حنيفاً وما أنا مِنَ المُشْركِينَ، إن صَلاتي وَنُسُكي وَمُحْيَايَ وَمَماتي لله رب العَالمَينَ، لا شَرِيك لَهُ، وبذلك أمِرت وَأنَا مِنَ المسلمِينَ) .

[وجهت وجهي: قصدت بعبادتَي. فطر: ابتدأ خلقها. حنيفاً: مائلاُ إلى الدين الحق. نسكى: عبادتي وما أتقرب به إلى الله تعالى] .

6 - والاستعاذة [1]

7 - والجهر في موضعه

8 - والإسرار في موضعه [2]

(1) لقوله تعالى: "فَإذَا قَرَأتَ الْقُرآنَ فَاسْتَعِذْ بِالله مِنَ الشَيْطَانِ الرجِيمِ" / النحل: 98 /.

(2) يجهر في الصبح وأولي المغرب والعشاء، وفي الجمعة والعيدين، وخسوف القمر، والاستسقاء، والتراويح ووتر رمضان، وركعتي الطواف ليلاً ووقت الصبح، وستأتي في مواضعها. ويتوسط في النفل المطلق في الليل بين السر والجهر، قال تعالى: "ولاَ تجْهرْ بصلاِتكَ ولا ُتخَاِفتِْ بها وابْتغَِ بين ذلكَ سبيلاً" . / الإسراء: 110 /. والمراد صلاة الليل. ويسر فيما عدا ما ذكر.

دل على ذلك أحاديث، منها:

- ما رواه البخاري (735) ومسلم (463) عن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في المَغْرِب بِالطّورِ.

- ما رواه البخاري (733) ومسلم (464) عن البراء رضي الله عنه قال: سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ "والتينِ وَالزيتُون" في العشاء، وما سمعت أحداً أحسنَ صوتاً منه، أو قراءة.

- ما رواه البخاري (739) ومسلم (449) من حديث ابن عباس رضي الله عنه في حضور الجن واستماعهم القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه: وهو يُصَلَي بأصحابه صلاة الفجر، فلما سَمعُوا القرآنَ استَمَعُوا لهُ.

فهذه الأحاديث تدل على أنه صلى الله عليه وسلم كان يجهر بقراءته بحيث يسمعها من حضر.

ودل على السر في غير ما ذكر، ما رواه البخاري (713) عن خباب =

9 - والتأمين [1]

10 - وقراءة سورة بعد الفاتحة [2]

11 - والتكبيرات

= رضي الله عنه، وقد سأله سائل: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر؟ قال: نعم، قلنا: بمَ كنتم تعرفون ذلك؟ قال: باضطِرَاب لحيتَهَ.

وروى البخاري (738) ومسلم (396) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: في كل صلاة يقرأ، فما أسْمعنَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أسْمَعْناكم وما أخْفىَ عنّا أخفيْنا عنكم.

ولم ينقل الصحابة رضي الله عنهم الجهر في غير تلك المواضع.

(1) روى أبو داود (934) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذاْ تلا: "غيرِ المَغضُوب عَلَيْهِمْ ولا الضَالَينَ" قال: آمينَ، حتى يسمع من يليه من الصف الأَول.

وزاد ابن ماجه (853) : فيرتج بها المَسجد.

يسن هذا للمأموم أيضاً، ويكون تأمينه عقب تأمين الإمام، روى البخاري (749) ومسلم (410) عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا قال الإمامُ "غَيْر المَغْضُوبِ عَلَيْهِم وَلا الضالينَ" فقولوا: آمينَ، فإنهُ مَنْ وَافق قَولُهُ قوْل المَلائكَةِ، غُفِرَ لَهُ مَا تقَدمَ مِنْ ذَنبِه) . وفي رواية عند أبي داود (936) (إذا أمنَ الإمام فأمنوا ... ) .

(2) في الركعتين الأوليين، دل على ذلك أحاديث منها: ما رواه البخاري (745) ومسلم (451) عن أبي قتادة، رضي الله عنه: أنَ النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بأُم الكتابِ وسورة معها، في الركعتين الأولَييْن من صلاةِ الظهر وصلاة العصر. وفي رواية: وهكذا يفعل في الصبح. مع ما سبق من أحاديث الجهر بالقراءة.

عند الرفع والخفض [1]

12 - وقول سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد [2]

13 - والتسبيح في الركوع والسجود [3]

14 - ووضع اليدين على الفخذين في الجلوس يبسط اليسرى ويقبض اليمنى إلا المسبحة فإنه يشير بها متشهداً [4]

= ولا يقرأ المأموم غير الفاتحة في الصلاة الجهرية، لما رواه أبو داود

(823، 824) والنسائي (2/ 141) وغيرهما، عن عبادة بن الصامت

رضي الله عنه قال: كنا خَلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة

الفجر فَثَقلَت عليه القراءةُ، فلما انصرف قال: (لعلَكُمْ تقرؤونَ خَلفَ إمَامِكم) . قال: قلنا يا رسول الله، إي والله. قال: (لا تَفعلوا إلا بأمَ القرْآن، فإنه لا صلاةَ لِمَنْ لم يَتقْرًأ بها) . وفي رواية: (فلا تقرؤوا بشيء مِنَ الْقرْآن إذا جهرْتُ به إلا بأم القُرآن) .

(1) روي البخاري (752) ومسلم (392) عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنه كان يصلي بهم، فيكبر كلما خفض ورفع، فإذا انصرف قال: إني لأشبَهُكمُ صلاة برسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.

[بهم: أي بأصحابه. خفض ورفع: نزل للركوع أو السجود أو قام منهما. انصرف: انتهى من صلاته] .

(2) انظر حاشية (1) ص (58) .

(3) روى مسلم (772) وغيره، عن حذيفة رضي الله عنه قال: صليتُ مع النبي صلى الله عليه وسلم ذاتَ ليْلة .. وفيه: ثم ركع، فجعل يقول: سبحانَ رَبِّي العظِيمِ ... ثم سجدً فقال: سُبْحَان ربي الأعلى.

(4) روى مسلم (580) عن ابن عمر رضي الله كنهما - في صفة جلوسه صلى الله عليه وسلم - قال: كان إذا جلس في الصلاة، =

15 - والافتراش في جميع الجلسات

16 - والتورك في الجلسة الأخيرة [1] والتسليمة الثانية [2].

= وضع كفة اليمنى على فَخِذِهِ اليُمْنى، وقبضَ أصابعَه كلَها، وأشار بإصبعه التي تلي الإبهامَ، ووضع كفه اليُسرَى على فَخِذِهِ اليُسْرَى.

(1) لما رواه البخاري (794) من حديث أبي حُمَيْد الساعِدِي رضي الله عنه قال: أنا كنتُ أحفَظَكُمْ لصلاة رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم ... وفيه: فإذا جَلسَ في الركعَتَيَنِ جلسَ على رِجله اليُسرى ونَصَبَ اليُمْنى، وإذا جلس في الركعة الاَخرة قدمَ رجلَهَ اليُسرى، ونصبَ الأخرى، وقعد على مَقْعَدَتِهِ.

[قدم رجله اليسرى: أي من تحت رجله اليمنى المنصوبة] .

وعند مسلم (579) عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قعد في الصلاة: جعل قدمه اليسرى بين فَخذِهِ وساقِهِ، وفرش قدمَه اليُمْنى.

(2) روى مسلم (582) عن سعد رضي الله عنه قال: كنتُ أرَى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يُسَلمُ عن يَمِينِهِ وعن يسَارِهِ، حتى أرَى بَيَاضَ خَده.

وروى أبو داودَ (996) وغيره، عن ابن مسعود رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كانَ يُسَلِّمُ عَنْ يمِينِهِ وَعَن شِمَالهِ، حتى يُرَى بياضُ خَده: (السلامُ عليكمْ وَرَحْمَةُ اللهِ، السلامُ عليكُمْ ورَحْمَةُ اللهِ) . قال الترمذي (295) : حديث ابن مسعود حديث حسن صحيح.

(فصل) والمرأة تخالف الرجل في خمسة أشياء:

1 - فالرجل يجافي مرفقيه عن جنبيه [1]

2 - ويقل بطنه عن فخذيه في الركوع والسجود [2]

3 - ويجهر في مواضع الجهر

4 - وإذا نابه شيء في الصلاة سبح [3]

5 - وعورة الرجل ما بين سرته وركبته [4].

(1) روى البخاري (383) ومسلم (495) عن عبد الله بن مالك ابن بُحَينَة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى فَرَّجَ بَيْنَ يديه، حتّى يَبدُوَ بَيَاضُ إبْطَيْهِ. وعند أبي داود (734) والترمذي (270) عن أبي حميد رضي الله عنه: نحى يديه عن جنبيه، ووضع كفيه حذو منكبيه. يجافي: يرفع ويباعد.

(2) روى أبو داود (735) عن أبي حميد رضي الله عنه، في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وإذا سجد فَرج بينَ فَخِذيه، غَيرَ حَامِل بَطْنَهُ على شيء من فَخِذيه. يقل: يرفع ويحمل.

(3) أي إذا حصل لإمامه أو غيره شيء وأراد أن ينبهه قال: سبحان الله. لما رواه البخاري (652) ومسلم (421) عن سهل بن سعد رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ رَابَهُ شيءٌ في صَلاتِه فَليُسَبَح، فإنه إَذا سَبَّحَ التُفِتَ إلَيْهِ، وإنما التصفِيقُ للنسَاء) .

[التصفيق هنا: ضرب ظاهر الكف اليسرى بباطن الكف اليمنى.

رابه: شك في أمر يحتاج إلى تنبيه، ولفظ مسلم (نابه) أي أصابه شيء يحتاج فيه إلى إعلام] .

(4) روى الدارقطني (1/ 231) والبيهقي (2/ 229) مرفوعاً: (ما فوْقَ الركبَتَيْنِ مِنَ الْعوْرَةِ وً ما أَسْفَلَ مِنْ السرةِ مِنْ الْعوْرةِ) .

وروى البخارى (346) عن جابر رضي الله عنه: أنه صلى في ثوب =

1 - والمرأة: تضم بعضها إلى بعض [1]

2 - وتخفض صوتها بحضرة الرجال الأجانب [2]

3 - وإذا نابها شيء في الصلاة صفقت [3]

4 - وجميع بدن الحرة عورة إلا وجهها وكفيها [4]

= واحد، وقال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في ثوب واحدٍ وفي رواية (345) : صلّى جابرُ في إزارٍ قد عَقَدَهُ من قِبَلِ قَفَاهًُ.

والإزار في الغالب ثوب يستر وسط الجسم، أي ما بين السرة والركبة وما قاربهما.

(1) روىَ البيهقي (2/ 223) : أنه صلى الله عليه وسلم مرَّ على امرأتين تصلّيان، فقال: (إذَا سجَدْتُما فَضُمّا بَعْضَ اللَّحمِ إلى الأرْضِ، فَإن المرأةَ لَيْسَتْ في ذَلِكَ كالرَّجُلِ) .

(2) خشيةَ الفتنة، قال تعالى: "فلا تخْضعْنَ بِالقوْلِ فيطمعً الذي في قَلْبه مَرَض" / الأحزاب: 32 /.

[تخضعنَ باَلقول: تلينَ كلامكنّ: مرض: فسوق وقلة ورع] وهذا يدل على أن صوت المرأة قد يثير الفتنة، فيطلب منها خفض الصوت بحضرة الأجانب.

(3) انظر: حا 3 ص 63.

(4) لقوله تعالى "ولا يبدِينَ زِينَتَهن إلا مَا ظهَرَ مِنهَا" .

النور: 31 /.

والمشهور عند الجمهور: أن المراد بالزينة مواضعها، وما ظهر منها هو الوجه والكفان. (ابن كثير: 3/ 283) .

روى أبو داود (640) وغيره، عن أم سلمةَ رضي الله عنها: أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أتصَلي المرأةُ في دِرعْ وخمارٍ وليس عليها إزار؟ قال: (إذا كان الدرعُ سابغاً. يغطي ظهور قدميها) .

والأمة كالرجل [1].

"فصل" والذي يبطل الصلاة أحد عشر شيئاً:

1 - الكلام العمد [2]

2 - والعمل الكثير [3]

3 - والحدث

4 - وحدوث النجاسة

5 - وانكشاف العورة

6 - وتغير النية [4]

7 - واستدبار القبلة [5]

8 - والأكل

9 - والشرب

10 - والقهقهة

11 - والردة [6].

[درع: قميص المرأة الذي يغطي بدنها ورجليها. خمار: ما تغطي به المرأة رأسها. سابغ: طويل] .

وواضح: أنه إذا غطى ظهور قدميها حال القيام والركوع، انسدل أثناء السجود، وغطى باطن القدمين، لانضمام بعضها إلى بعض. وانظر: حاشية 1 ص 49.

(1) أي في ستر العورة فيَ الصلاة، أما خارج الصلاة فهي كالحرة.

(2) روى البخاري (4260) ومسلم (539) عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: كُنَّا نتكلمُ في الصلاةِ، يُكَلَمُ أحَدُنا أخاه في حاجَتهِ حتى نَزَلَتْ هذه الآية: "حَافِظُوا عَلى الصلَوَات والصَّلاة الْوسْطًي وقوموا للهِ قَانِتِين" / البقرة: 382 / فأمِرْنا بالسكوتَ [قانتينَ: خاضعين] وروى مسلم (537) وغيره، عن معاوية بن الحَكم السلمي رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن هذه الصلاةَ لا يَصْلح فيها شيء من كلام الناس، إنَّما هوَ التَّسْبيح والتَّكبير وقراءة القُرْآنِ) .

(3) لأنه يتنافى مع نظام الصلاة.

(4) بأن ينوي الخروج من الصلاة.

(5) لأن في هذه الأمور الخمسة تركاً لشرط من شروط الصلاة أو ركن من أركانها، كما علمت مما مر.

(6) لمنافاة هذه الأمور لهيئة الصلاة وشروطها، وانظر حا 2.

"فصل" وركعات الفرائض سبعة عشر ركعة: فيها أربع وثلاثون سجدة، وأربع وتسعون تكبيرة وتسع تشهدات، وعشر تسليمات ومائة وثلاث وخمسون تسبيحة.

وجملة الأركان في الصلاة مائة وستة وعشرون ركنا: في الصبح وثلاثون ركنا وفي المغرب اثنان وأربعون ركنا وفي الرباعية أربعة وخمسون ركناً.

ومن عجز عن القيام في الفريضة صلى جالساً ومن عجز عن الجلوس صلى مضطجعاً [1].

"فصل" والمتروك من الصلاة ثلاثة أشياء:

1 - فرض

2 - وسنة

3 - وهيئة

فالفرض لا ينوب عنه سجود السهو بل إن ذكره والزمان قريب أتى به وبنى عليه وسجد للسهو [2]

(1) لحديث عمران بن حصين رضي الله عنه: (صَلً قائماً، فإنْ لم تسْتَطعْ فقاعداً، فإنْ لم تَسْتَطعْ فَعَلى جنْبٍ) . انظر: ص 51 حا 4.

(2) روى البخاري (1169) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: صلّى بنا النبى صلى الله عليه وسلم الظهرَ أو العصرَ، فسلمَ، فقال له ذو اليدين: الصلاةُ يا رسول الله، أنقصت؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: (أحق مَا يَقولُ) . قالوا: نَعَم، فصلى ركعتين أخْرَيَينِ، ثم سَجدَ سجْدتَيْنِ.

والسنة: لا يعود إليها بعد التلبس بالفرض لكنه يسجد للسهو عنها [1].

والهيئة: لا يعود إليها بعد تركها ولا يسجد للسهو عنها [2].

وإذا شك في عدد ما أتى به من الركعات بنى على اليقين وهو الأقل وسجد للسهو [3].

(1) روى البخاري (1166) ومسلم (570) عن عبد الله بن بُحيْنةَ رضي الله عنه أنه قال: صلّى لنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ركْعَتَيْنِ من بعض الصلوات - وفي رواية: قام من اثنتين من الظهر - ثم قام فلم يجلس، فقام الناس معه، فلما قَضَى صلاته ونَظرْنَا تسليمه، كبر قبل التسليم، فسجد سجدتين وهو جالس، ثم سلَّم. [نظرنا: انتظرنا] .

وانظر ص 57 حاشية 1.

وروى ابن ماجه (1208) وأبو داود (1036) وغيرهما، عن المغيرة ابن شعبة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذَا قَامَ أحَدُكمْ مِنَ الرَّكْعَتين، فلَمْ يستتم قَائماً، فَلْيَجْلِسْ. وَإذَا اسْتتَم قائِما فَلا يَجْلسْ، ويَسْجدُ سَجْدَتَيِ السهو) .

(2) لعدم تأَكدها وعدم ورود السجود فيها.

(3) روى مسلم (571) عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذَا شَك أحدُكُمْ في صلاتِهِ، فليمْ يَدرِ كَمْ صَلَّى، ثلاثا أم أربعاً؟ فَلْيَطرَحِ الشَك، وليبن على ما استيقَنَ ثم يَسْجُدُ سجدتينِ قبل أن يُسَلِّمَِ، فإن كان صلَّى خمساً شفَعْنَ له صلاتَه، وإن كان صلَّى إتماماً لأربع، كانَتا تَرْغيماً للشيطانِ) .

[شفعن: جعلنها زوجاً كما ينبغي أن تكون. ترغيماً: إغاظة وإذلالاً]

وسجود السهو سنة [1] ومحله قبل السلام [2].

"فصل" وخمسة أوقات لا يصلى فيها إلا صلاة لها سبب:

1 - بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس

2 - وعند طلوعها حتى تتكامل وترتفع قدر رمح

3 - وإذا استوت حتى تزول

4 - وبعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس

5 - وعند الغروب حتى يتكامل غروبها [3].

(1) لأنه لم يشرع لترك واجب.

(2) كما ثبت في الأحاديث المتقدمة.

(3) روى البخاري (561) ومسلم (827) عن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه قال: سمِعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا صَلاِةَ بَعدَ الصَّبْح حَتّى تَرْتَفع الشمْس، وَلا صَلاةَ بَعْدَ العَصْرِ حَتى تَغيب الشمس) . والمراد بالنفي هنا النهي، أيَ لا يصلين أحد في هذه الأوقات.

وروى مسلم (831) عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: ثلاث ساعات كان رسول الله صلي الله عليه وسلم ينهانا أن نُصَليَ فيهِن وأن نقبرَ موتانا: حين تَطلعٌ الشَمسُ بازغة حتى ترتَفع، وحينَ يَقُومُ قائمُ الظَهيرة حتى تزُولَ، وحينَ تَضيف الشمسُ للغرُوبِ.

[بازَغة: يطلع قرصها. قائم الظهيرة: اشتداد الحر، وأصله أن البعير إذا كان باركاً قام من شدة الحر. تزول: تميل عن وسط السماء. تضيف: تميل حال اصفرارها] . والنهي فيما سبق للتحريم.

أما ما لها سبب فتصلى في كل الأوقات. نفلاً كانت أم فرضاً، دل على ذلك:

ما رواه البخاري (572) ومسلم (684) عن أنس رضي الله عنه، عن

"فصل" وصلاة الجماعة سنة مؤكدة [1] وعلى المأموم أن ينوي الائتمام دون الإمام [2].

ويجوز أن يأتم الحر بالعبد، والبالغ بالمراهق [3]

النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ نَسيَ صلاة فَليصَل إذا ذَكَرَها، لا كَفارَةَ لها إلا ذلك: "وَأقمِ الصلاةَ لِذكري" / طه: 14 /) .

وما رواه البخاري (1176) ومسلم (834) عن أم سلمة رضي الله عنها: أنه صلى الله عليه وسلم صلى ركعتينِ بعدَ العصرِ، فسألتْه عن ذلك فقال: (يا بنتَ أبي أمَيةَ، سألت عن الركعتين بعد العصر، وإنه أتاني ناس منْ عَبْد القَيس، فَشَغَلُوَني عن الركْعَتَينِ اللتًّيْن بعدَ الظهرِ، فَهُمًا هَاتانَ) .

(1) للرجال والنساء، لما رواه البخاري (619) ومسلم (650) عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (صَلاةُ الجَمَاعَةِ تفْضُلُ صَلاةَ الفَذ بسَبعْ وَعِشْرِينَ درًجَة) .

[الفذ: المنفرد] .

والأصح أنها فرض كفاية في حق الرجال المقيمين، بحيث يظهر شعارها، لما رواه أبو داود (547) وصححه ابن حبان (425) : (ما من ثَلاثَة في قرْيَة أوْ بَدْو، لا تُقَامُ فيهم الجماعةُ - وفي رواية: الصلاة - إلا اسْتَخْوَذَ عليهِمُ الشَّيْطَان) . أي غلبهم واستولى عليهم وحولهم إليه.

(2) ليصح اقتداؤه ويكون له ثواب الجماعة، عملا بحديث: (إنما الأعمال ... ) .

(3) هو الذي قارب البلوغَ، والمراد به هنا الصبي المميز، لما رواه البخاري (4051) : أن عَمْرَو بْنَ سلمة رضي الله عنه، كان يَؤُم قَوْمَهُ وهو ابنُ ست أو سبعَ سنين.

ولا تصح قدوة رجل بامرأة [1] ولا قارئ بأمي [2].

وأي موضع صلى في المسجد بصلاة الإمام فيه وهو عالم بصلاته [3] أجزأه ما لم يتقدم عليه وإن صلى خارج المسجد والمأموم قريبا منه وهو عالم بصلاته ولا حائل [4] هناك جاز.

"فصل" ويجوز للمسافر قصر الصلاة الرباعية [5] بخمس

(1) روى أبو داود (596) وغيره، عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (مَنْ زار قوماً فلا يَؤُمَهُمْ، وَلْيَؤُمَّهُمْ رَجُلٌ مِنْهُم) .

ومفهومه: أن المرأة لا تؤم القوم وفيهم الرجال.

(2) القارىء هو الذي يحسن قراءة الفاتحة، والأمي هو الذي يخل بحرف منها، ولم تصح القدوة به لأن قراءتها كاملة ركن كما علمت، وصحت صلاته لنفسه ضرورةً لعدم قدرته على التعلم.

(3) أي بصلاة الإمام كأن يسمعه أو يراه، أو يسمع مبلغا، أو يرى بعض الصف.

(4) حاجز يمنع الاستطراق أو المشاهدة.

(5) لقوله تعالى: "وَإذَا ضَرَبْتُمْ في الأرْض فَلَيْسَ عَلَيكُمْ جَنَاحٌ أنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاة" / النساء: 101/.

[ضربتم: سافرتم] .

روى مسلم (686) عن يعلى أمية قال: قلت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: "لَيس عَلَيكم جُنَاحٌ أنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَلاةِ إنْ خِفْتُم أنْ يُفتِنكُمُ الّذِين كفرُوا" فقد أمِنَ الناسُ؟ فقال: عجت مما

شرائط:

1 - أن يكون سفره في غير معصية

2 - وأن يكون مسافته ستة عشر فرسخا [1]

3 - وأن يكون مؤديا للصلاة الرباعية [2]

4 - وأن ينوي القصر مع الإحرام

5 - وأن لا يأتم بمقيم [3]

ويجوز للمسافر أن يجمع بين الظهر والعصر في وقت أيهما شاء وبين المغرب والعشاء في وقت أيهما شاء [4].

عجبتَ منه، فسألت رسولَ الله صلي الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: (صَدَقَةٌ تَصَدقَ اللهُ بها عَلَيكُم، فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ) .

وهذا يدل على أن قصر الصلاة ليس خاصاً بحالة الخوف.

وروى البخاري (1039) ومسلم (690) عن أنس رضي الله عنه قال: صليت الظهر مع النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة أربعاً، والعَصْرَ بذي الحُلَيْفَة رَكعتَيْنِ.

(1) َ روى البخاري تعليقا (في تقصير الصلاة، باب: في كم تقصر الصلاة) : وكان ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما، يَقْصُران ويفطران في أربعة برد، وهي ستة عشر فرسخاً. وتساوي (81) كيلو متراً تقريباً.

ومثله يفعل توقيفاً، أي بعلم عن النبي صلى الله عليه وسلم.

(2) أي يقصر الصلاة الرباعية التي يؤديها حال السفر، فلو قضى فائتة الحضر في السفر فلا يقصر، وكذلك إذا قضى فائتة السفر في الحضر.

(3) لخبر أحمد بن حنبل، عن ابن عباس رضي الله عنهما، سئل: ما بال المسافر يصلي ركعتين إذا انفرد، وأربعاً إذا ائْتم بمقيم؟ فقال: تلك السنة.

(4) روى البخاري (1056) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلمِ يَجْمعُ بَيْنَ صلاةِ الظهْر والعَصر إذا كان على ظهْرِ سَيْرٍ، ويجمعُ بين المَغْرِب والْعشاَءِ.

[على ظهر سير: أي مسافراً سائراً] .

وروى أبو داود (1208) والترمذي (553) واللفظ له، وغيرهما، عن

ويجوز للحاضر في المطر أن يجمع بينهما في وقت الأولى منهما [1].

"فصل" وشرائط وجوب الجمعة [2] سبعة أشياء:

معاذ رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلِم كان في غزوة تَبُوك: إذا ارتَحلَ قَبْلَ أنْ تزيغ الشمس أخَّرَ الظهر حتى يَجْمَعَهاَ إلى العصًرِ يُصَلِّيهما جميعاً، وإذا ارتحل بَعدَ زَيغْ الشمسِ صلَى الظهر والعصر

جميعاً ثم سار. وكان إذا ارتحل قبلَ المَغْرِب أخرَ المغربَ حتى يصليها مع العشاء، وإذا ارتحل بعد المغرب عجلَ العِشَاء، فصلاها مَع المغربِ.

(1) روى البخاري (518) ومسلم (705) عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالمدينة سبعا وثمانياً: الظهر والعصر، والمغرب والعشاء. زاد مسلم: من غَيْر خَوْف ولا سَفَرٍ. وعند البخاري: فقال أيوب - أحد رواة الحديث - لعله في ليلة مطيرة؟ قال: عسَىَ.

ويشرط أن يكون هذا جماعة في المسجد، أو مكان بعيد عُرْفاً. ولا يجوز جمعهما في وقت الثانية، لأنه ربما انقطع المطر، فيكون أخرج الصلاة عن وقتها بغير عذر.

(2) والأصل في وجوبها:

قوله تعالى: "يَا أيُها الَّذينَ آمَنُوا إذَا نُوديَ لِلصَلاة مِنْ يَوم الجُمُعة فَاسعَوا إلى ذكرِ الله وَذَرُوا البَيع ذَلِكُمُ خَيْرٌ لَكُمْ إن كُنْتم تَعلَمُونَ" / الجَمعة: َ 9 /.

وروى مسلم (865) وغيره، عن أبي هريرة وابن عمر رضي الله عنهما: أنَهما سمعا النبي صلى الله عليه وسلم يقول على أعواد منبره: (لَيَنْتَهِيَن أقْوَام عَنْ وَدْعِهِمُ الجُمُعَاتِ، أوْ ليًخْتِمَن اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ، ثُم لَيَكُونُن مِنَ الْغَافلينَ) .

[ودعهم: تركهم] .

1 - الإسلام

2 - والبلوغ

3 - والعقل

4 - والحرية

5 - والذكورية

6 - والصحة

7 - والاستيطان [1].

وشرائط فعلها ثلاثة:

1 - أن تكون البلد مصراً أو قرية [2]

2 - وأن يكون العدد أربعين من أهل الجمعة [3]

3 - وأن يكون

(1) أي الإقامة وعدم السفر، دل على الشروط الثلاثة الأولى ما مر في أول كتاب الصلاة ودل على الأربعة الأخرى: ما رواه الدارقطني (2/ 3) وغيره عن جابر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ باللهِ وَاليَوْم الآخِرِ فعَلَيْهِ الجُمعةُ، إلا امرأةَ ومسافراً وعَبْداً ومَريضاً) .

وعند أبي داود (1067) عن طارق بن شهاب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الجُمُعَةُ حَق وَاجِبٌ عَلى كُل مُسْلِمِ في جماعَةِ إلا أربعةَ: عبدٌ مملوكٌ أو امرأةٌ أو صبي أو مريضٌ) .

(2) لأن النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم لم يصلوها إلا هكذا، وكانت قبائل الأعراب مقيمين حول المدينة وما كانوا يصلونها، وما أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بها.

والمصر ما كان فيه سوق قائم وأمير وقاض، وقيل غير ذلك.

(3) وهم الذين تتوفر فيهم الشروط السابقة، ودل على اشتراط العدد: ما رواه الدارقطني. (2/ 4) والبيهقي (3/ 77) عن جابر رضي الله عنه قال: مَضَتِ السنةُ أن في كل أربعين فما فَوقَ ذلك جُمُعَةً.

وروى أبو داود (1069) وغيره، عن كعب بن مالك رضي الله عنه: أن أولَ مَن جمعِّ بهم أَسْعدُ بن زرارة رضي الله عنه، وكانوا يومئذ أربعين.

الوقت باقيا [1] فإن خرج الوقت أو عدمت الشروط صليت ظهراً.

وفرائضها ثلاثة:

1 - خطبتان يقوم فيهما

2 - ويجلس بينهما [2]

3 - وأن تصلى ركعتين [3] في جماعة [4].

وهيآتها أربع خصال:

1 - الغسل وتنظيف الجسد

2 - ولبس الثياب البيض

3 - وأخذ الظفر

4 - والطيب [5].

(1) روى البخاري (3935) ومسلم (860) عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم الجمعةَ، ثم نَنْصرفُ وليس للحيطان ظِل نستظل فيه. وعندهما (897، 859) عن سهل بن سعد رضي الله عنه: ما كنا نُقيلُ ولا نتَغَدى إلا بعد الجمعة.

[نقيل: من القيلولة، وهي النوم وسط النهار للاستراحة] .

دل الحديثان على: أن الجمعة ما كانت تصلى إلا وقت الظهر بل وفي أوله.

(2) روى البخاري (878) ومسلم (861) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ قائماً، ثم يَقْعُدُ، ثم يقومُ، كما تفعلونَ الآنَ.

(3) للإجماع، ولما رواه النسائي (3/ 111) وغيرِه، عن عمر رضي الله عنه أنه قال: صَلاةُ الجُمُعةِ ركْعَتَانِ ... على لَسانِ مُحمَّد صلى الله عليه وسلم.

(4) لأنها لم تصل في عصر النبى صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين إلا كذلك.

ولما رواه أبو داود (1067) عن طارق بن شهاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة)

(5) روى البخاري (843) وغيره عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يَغتَسِلُ رَجُل يومَ الجمعة، ويَتَطَهرُ ما استطاعَ من طهْر، ويَدهِنُ من دُهْنِهِ، أو يَمَس من

ويستحب الإنصات في وقت الخطبة [1]

ومن دخل والإمام يخطب صلى ركعتين خفيفتين ثم يجلس [2].

"فصل" وصلاة العيدين سنة مؤكدة [3] وهي

طيبِ بيْتِهِ، ثم يَخْرُج فلا يُفَرِّقُ بينَ اثتين، ثم يصلِّي ما كُتبَ له، ُثم ينْصِتُ إذا تكَلمَ الإمَامُ، إلا غُفِرَ له ما بينه وين الجمعةِ الأَخرى).

وعند أحمد (3/ 81) : (وَلَبِسَ مِنْ أحْسَن ثيَابهِ) . واختيرت البيض لخبر الترمذي (994) وغيره: (الْبَسُوا مِن ثياَبكمَ البياضَ فَإنَها مِنْ خَير ثيابكم، وكَفنُوا فيها مَوْتَاكم) .

وروى البزار في مسنده: أَنه صلى الله عليه وسلم كان يقلم أظافره ويقص شاربه يوم الجمعة. (وانظر ص 25 حاشية 2) .

(1) روى البخاري (892) ومسلم (851) وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا قُلْتَ لصَاحِبِكَ يومَ الجمعةِ: أنصِتْ، والإمامُ يخطُبُ، فلَقدْ لَغَوْتَ) . وعند

أبي داود (1051) . من رواية علي رضي الله عنه: (ومن لغا فليس له في جمعته نلك شيء) أي لم يحصل ثوابها كاملاً. واللغو ما لا يحسن من الكلام.

(وانظر الحاشية السابقة).

(2) روى مسلم (875) عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (إذا جَاءَ أحَدُكُمْ يومَ الجمعةِ والإمامُ يَخْطُبُ فَلْيركع رَكْعَتَين وَلْيَتَجَوَزْ فِيهِمَا) . أيَ يخففهما. وانظر البخاري (888) .

(3) روى البخاري (913) ومسلم (889) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخْرج يومَ الفِطر والأضْحَى إلى المصَلى، فأوَلُ شيء يبدَأ بِهِ الصلاةُ، ثم يَنصَرِف، فيقومُ مقابلَ الناسِ، والناسُ جًلوسٌ على صُفوفِهم، فيعظهمْ ويُوصِيهِمْ ويَأمُرُهُم، فإنْ كانَ يريدُ أنْ يَقْطعً بَعثاً قطعَهُ، أو يَأمرَ بشيء أمرَ به، ثم ينصرف. يقطع بعثاً: يفرد جماعة يبعثهم للجهاد.

ركعتان [1] يكبر في الأولى سبعاً سوى تكبيرة الإحرام وفي الثانية خمساً سوى تكبيرة القيام [2].

ويخطب بعدها خطبتين: يكبر في الأولى تسعاً وفي الثانية سبعاً [3].

ويكبر من غروب الشمس من ليلة العيد إلى أن يدخل

(1) روى النسائي (3/ 111) وغيره، من حديث عمر رضي الله عنه أنه قال: وصلاةُ الفِطْرِ رَكْعَتَانِ، وصلاةُ الأضْحى ركْعَتانِ .. ثم قال: على لسانِ محمد صلى الله عليه وسلم. وعلى هذا الإجماع.

(2) عن عمرو بن عوف المزني رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كبر في العيدين: في الأولى سبعاً قبلَ القراءةِ، وفي الآخرةِ خمساً قبلَ القراءة. رواه الترمذي (536) وقال: هو أحسن شيء في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم.

(3) روى البخاري (920) ومسلم (888) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كانَ النبى صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما يصلون العيدْين قَبلَ الخُطْبَةِ.

وروى البخاري (932) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم يومَ فِطْر أو أضْحَى، فصلَّى ثم خَطب.

وروى الشافعي رحمه الله تعالى (الأم: 1/ 211) عن عبيد الله ابن عبد الله بن عتبة قال: السنة أن يخطب الإمام في العيدين خطبتين، يفصل بينهما بجلوس. وروى البيهقي (3/ 299) عنه قال: السنة أن تفتتح الخطبة بتسعِ تكبيرات تَتْرَى، والثانية بسبعِ تكبيرات تَتْرَى. أي متتالية.

الإمام في الصلاة [1]

وفي الأضحى: خلف الصلوات المفروضات من صبح يوم عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق [2]

"فصل" وصلاة الكسوف سنة مؤكدة فإن فاتت لم تقض ويصلي لكسوف الشمس وخسوف القمر ركعتين في كل ركعة قيامان يطيل القراءة فيهما وركوعان يطيل التسبيح فيهما دون السجود ويخطب بعدها خطبتين [3].

(1) لقوله تعالى: "وَلتُكْملوا الْعدةَ وَلتُكَبرُوا اللهَ عَلى مَا هَداكُمْ وَلَعَلَكمْ تَشكُرُونَ" / البقرْةَ: 185 /. قالوا: هذا في تكبير عيد الفطر، وقيس به الأضحى.

(2) روى الحاكم (1/ 299) عن علي وعمار رضي الله عنهما: أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يجْهَرُ في المكتوباتِ ببسم الله الرحمن الرحيم، وكان يَقنُتُ في صلاة الفجر، وكان يكبَرُ من يوم عرفة، صلاةَ الغداة، ويقطعها صلاةَ العصر آخر أيام التشريق. قال: هذا حديث صحيح الإسناد ولا أعلم في رواته منسوباً إلى الجرح. [صلاة الغداة: صلاة الفجر] .

وقال البخاري: وكان عمر رضي الله عنه يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون، ويكبر أهل الأسواق حتى تَرْتَج مِنىً تكبيراً. وكان ابن عمر - رضي الله عنهما - يكبر بمنى تلك الأيامَ، وخلف الصلوات، وعلى فراشه، وفي فُسْطاطه ومجلسه وممشاه، تلك الأيامَ جميعاً. كتاب العيدين، باب التكبير أيام منىَ. [فسطاطه: بيته المتخذ من الشعر] .

(3) روى البخاري (997) ومسلم (901) عن عائشة رضي الله عنها قالت: خَسَفَتِ الشمسُ في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس، فقام فأطال القيام، ثم ركع فأطال الركوع، ثم قام فأطال القيام، وهو دون القيام الأوَّلَ، ثم ركع فأطال

ويسر في كسوف الشمس، ويجهر في خسوف القمر [1].

"فصل" وصلاة الاستسقاء مسنونة [2] فيأمرهم الإمام: بالتوبة والصدقة والخروج من المظالم ومصالحة الأعداء

الركوع، وهو دونَ الركوع الأول، ثم سجد فأطال السجود، ثم فعل في الركعة الثانية مثل ما فعل في الأولى، ثم انصرف وقد انْجَلَتِ الشمس، فخطب الناس، فحمِد الله وأثنى عليه، ثم قال: (إن الشَّمْسَ وَالقَمَرَ آيتانِ مِنْ آياتِ اللهِ لا يَنخَسِفَان لِمَوْت أحَد ولا لِحَيَاتِهِ، فإذَا رَأيتُم ذَلِكَ، فَادعُوا الله وكَبًّرُوا وصَلوا وَتَصَدقوا) .

[خسفت: ذهب بعض ضوئها أو كله، ومثله كسفت. في عهد .. : ووافق هذا يوم موت ولده إبراهيم عليه السلام. سجد: أي سجدتين.

لموت أحد: وقد كانوا في الجاهلية إذا خسف أحدهما ظنوا أن عظيماً من العظماء قد مات. انجلت: صفت وعاد نورها] .

(1) لما رواه الترمذي (562) وقال: حسن صحيح، عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: صلّى بنا النبي صلى الله عليه وسلم في كسوف، لا نسمع له صوتاً.

ولما رواه البخاري (1016) ومسلم (901) عن عائشة رضي الله عنها: جَهَرَ النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الخسوف بقراءته.

فحمل الأول على صلاة كسوف الشمس لأنها نهارية، والثاني على صلاة خسوف القمر لأنها ليلية.

(2) روىَ البخاريَ (966) ومسلم (894) عن عبد الله بن زيد بن عاصم رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم خَرَج إلى المصلى فاستَسقى، فاستقبلَ التقبلَةَ وقَلبَ رداءه، وصلى ركعتي. وفي رواية عند البخاري: جهر فيهما بالقراءة.

وصيام ثلاثة أيام [1]. ثم يخرج بهم في اليوم الرابع في ثياب بذلة [2]، واستكانة وتضرع [3] ويصلي بهم ركعتين كصلاة العيدين [4]، ثم يخطب بعدهما [5]،

(1) لأن لهذه الأمور أثراً في استجابة الدعاء كما ثبت في الأحاديث، والمراد بالأعداء من كانت بينه وبينهم عداوة دنيوية من المسلمين.

(2) هكذا ضبطت في الشروح، أي ثياب المهنة والعمل التي لا عجب بها ولا خيلاء.

(3) روى ابن ماجه (1266) وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم متواضعاً متبذلاً متَخَشعاً مرَسلاً مُتضرعاً، فصلى ركعتين كما يصلي في العيد.

[متضرعاً: مظهراً للضراعة، وهي التذلل عند طلب الحاجة] .

(4) أي يكبر في الأولى سبعاً وفي الثانية خمساً، لما رواه أبو دارد (1165) والترمذي (558) عن ابن عباس رضي الله عنهما، وقد سئل عن صلاته صلى الله عليه وسلم الاستسقاء فقال: وصلى ركعتين كما يصلي في العيد. وانظر: حا 2 ص 78. حا 3 من هذه الصفحة.

(5) روى ابن ماجه (1268) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً يستسقي، فصلى بنا ركعتين بلا أذان ولا إقامة ثم خطبنا ودعا الله، وحول وجهه نحو القبلة رافعاً يديه، تم قلب رداءه: فجعل الأيمن على الأيسر والأيسر على الأيمن.

ويستغفر في خطبتيه بدل التكبيرات التي في خطبتي العيدين، لقوله تعالى: "استغفروا ربكم إنه كان غفاراً. يرسلِ السماء عليكم مدراراً" / نوح:10 - 11 /.

[مدراراً: كثير الدر أي مطراً متتابعاً كثيراً] .

ويحول رداءه [1] ويكثر من الدعاء والاستغفار [2]، ويدعو بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو: اللهم اجعلها سقيا رحمة ولا تجعلها سقيا عذاب ولا محق ولا بلاء ولا هدم ولا غرق [3] اللهم على الظراب والآكام ومنابت الشجر وبطون الأودية اللهم حوالينا ولا علينا [4] اللهم اسقنا غيثا مغيثا هنيئاً مريئاً مريعاً سحاً عاماً غدقاً طبقاً مجللا، دائما إلى يوم الدين [5] اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين [6] اللهم إن بالعباد والبلاد من الجهد والجوع والضنك ما لا نشكو إلا إليك [7] اللهم

(1) يقلبه: الأعلى أسفل واليمين شِمالاً. تفاؤلاً أن يقلب الله تعالى الحال من جدب إلى خصب. انظر حاشية 5 ص 79.

(2) انظر حاشية 5 ص 79.

(3) مرسل، رواه الشافعي في الأم: 1/ 222.

(4) رواه البخاري (967) ومسلم (897) .

[الظراب: جمع ظَرِب وهو الجبل الصغير أو الرابية الصغيرة. الآكام: جمع أكَمَة وهي التراب المجتمع، أو الهضبة الضَّخمة] .

(5) رواه أبو داود (1169) وغيره.

[غيثاً: مطراً. مغيثاً: منقذاً من الشدة. هنيئاً: طيباً لا ينغصه شيء.

مريئاً: محمود العاقبة منمياً. مريعاً: مخصباً فيه الريع وهو الزيادة سحا:

شديد الوقع على الأرض. غَدَقاً: كثيراً. طبقاً: مستوعباً لنواحي الأرض.

مجللاً: محلل الأرض ويعمها. دائما: مستمراً نفعه إلى انتهاء الحاجة إليه] .

(6) الآيسين بتأخير المطر.

(7) الجهد: المشقه. الضنك: الضيق والشدة.

أنبت لنا الزرع وأدر لنا الضرع [1] وأنزل علينا من بركات السماء وأنبت لنا من بركات الأرض واكشف عنا من البلاء ما لا يكشفه غيرك اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدراراً [2].

ويغتسل في الوادي إذا سال [3] ويسبح للرعد والبرق [4]. 

 

  "فصل" وصلاة الخوف على ثلاثة أضرب:

1 - أحدهما: أن يكون العدو في غير جهة القبلة فيفرقهم

(1) أدر: من الإدرار وهو الإكثار، الضرع: يقال أضرعت الشاة أي نزل لبنها قبل النتاج، أي قبل وضعها حملها.

(2) للاتباع، رواه الشافعي في الأم: 1/ 222. وانظر حا 5 ص 79.

(3) لخبر الشافعي رحمه الله تعالى: أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا سال السيل قال: (اخرجوا بنا إلى هذا الذي جعله الله طَهوراً، فنتطهَّر منه ونحمدُ الله عليه) . (الأم: 1/ 223)

وروى مسلم (898) وغيره عن أنس رضي الله عنه قال: أصابنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مطر، قال: فحسر ثوبه حتي أصابه من المطر، فقلنا: لم صنعت هذا؟ قال: (لأنه حديث عهد بربَه تعالى) .

قال النووي: معناه أن المطر رحمة، وهو قريب العهد بخلق الله تعالى لها، فيتبرك بها. شرح مسلم: 6/ 195.

(4) لما رواه مالك في الموطأ (2/ 992) عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما: أنه كان إذا سمع الرعْدَ ترك الحديث وقال: سُبحانَ الذي يسبح الرعْدُ بحمده والملائكةُ من خِيفته، ثم يتقول: إن هذا لوعَيد لأهل الأرض شديد. لما ينذر به من نزول الصواعق والسيول ونحوها.

وهذا الدعاء مقتبس من الآية (13) من سورة الرعد.

الإمام فرقتين: فرقة تقف في وجه العدو وفرقة خلفه فيصلي بالفرقة التي خلفه ركعة ثم تتم لنفسها وتمضي إلى وجه العدو وتأتي الطائفة الأخرى فيصلي بها ركعة وتتم لنفسها ويسلم بها [1].

2 - والثاني: أن يكون العدو في جهة القبلة فيصفهم الإمام صفين ويحرم بهم فإذا سجد سجد معه أحد الصفين ووقف الصف الآخر يحرسهم فإذا رفع سجدوا ولحقوه [2].

3 - والثالث: أن يكون في شدة الخوف والتحام الحرب فيصلي كيف أمكنه راجلا أو راكبا مستقبل القبلة وغير مستقبل لها [3].

(1) روى البخاري (3900) ومسلم (842) وغيرهما، عن صالح بن خَوَّات، عمن شَهِدَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، صلى يومَ ذَات الرقاع صلاة الخوف: أن طائفة صفتْ معه، وطائفة وجاده العدو فصلى بالتي معه ركعة 14، ثم ثبت قائماً، وأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا، فصفوا وجاهَ العدو، وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته، تم ثبت جالساً، وأتموا لأنفسهم ثم سلم بهم.

(2) روى البخاري (902) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قام النبي صلى الله عليه وسلم وقام الناس معه. فكبر وكبرواً معه، وركع ناس منهم، ثم سجد سجدوا معه، ثم قام للثانية، فقام الذين سجدوا وحرسوا لإخوانهم، وأتت الطائفة الأخرى، فركعوا وسجدوا معه، والناس كلهم في صلاة، ولكن يحرس بعضهم بعضاً.

(3) قال تعالى: "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين. فإن خفتم فرجالاً أو ركباناً فإذا أمنتم فاذكروا"

"فصل" ويحرم على الرجال لبس الحرير والتختم بالذهب ويحل للنساء وقليل الذهب وكثيره في التحريم سواء [1].

وإذا كان بعض الثوب إبريسما وبعضه قطنا أو كتانا جاز لبسه ما لم يكن الإبريسم غالبا [2].

الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون "/ البقرة: 238، 239 /."

[الوسطى: صلاة العصر. قانتين: خاشعين. كما علمكم: أي أعمال الصلاة] .

روى البخاري (4261) عن ابن عمر رضي الله عنه، في وصفه صلاَة الخوف: فإن كان خوف هو أشد من ذلك، صلوا رجالاً قياماً على أقدامهم أو ركباناً مستقبلي القبلة أو غير مستقبليها. قال مالك: قال نافع: لا أرىَ عبد الله بن عمر ذكر ذلك إلا عن رسو ل الله صلى الله عليه وسلم.

(1) روى البخاري (5110) : مسلم (2067) عن حذيفة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تلبسوا الحرير ولا الديبَاج ... )

وروى البخاري (5526) ومسلم (2089) عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنَّه نَهى عن خَاتِمِ الذهَبِ.

وروى الترمذي (1720) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (حُرمَ لِبَاسُ الحريرِ والذهب على ذكور أمتي، وأحل لإناثهم) .

(2) روى البخاري (5490) ومسلم (2069) عن عمر رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لبُسْ الحَرِيرِ إلا هكذا، وأشار بإ صبعيه اللتين تليان الإبهام. قال - راوي الحديث - فيما علمنا أنه يعني الأعلام. وهي الخطوط التى تكون على حواشي الثوب ونحوها.

الإبريسم: أحسن الحرير.

 "فصل" ويلزم في الميت أربعة أشياء:

1 - غسله

2 - وتكفينه

3 - والصلاة عليه

4 - ودفنه [1]

واثنان لا يغسلان ولا يصلي عليهما

1 - الشهيد في معركة المشركين [2]

2 - والسقط الذي لم يستهل صارخا [3]

ويغسل الميت وترا ويكون في أول غسله سدر وفي آخره شيء من كافور [4]

(1) أجمع المسلمون على وجوب هذه الأمور الأربعة وجوبا كفائيا، والدليل على لزومها الإجماع، المستند إلى ما ورد من الأحاديث، التي سيأتي بعض منها في الباب.

(2) لخبر البخاري (1278) عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر في قَتْلى أُحُد بدفنهم في دمائهم، ولم يغسلوا ولم يُصَل عليهم.

(3) لحديث الترمذي (1032) وغيره، عن جابر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: قال: (الطَفْل لا يُصَلَى عليه ولا يَرِثُ ولا يورَثُ، حتّى يسْتَهل) .

وروى ابن ماجه (1508) عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا اسْتهَل السقطُ صُلَيِ عَليْهِ وَورِثَ) .

استهل: من الاستهلال وهو الصياح أو العطاس أو حركة يعلم بها حياته

(4) دل على ذلك: ما روى البخاري: (165) ومسلم (939) عن أم عطية الأنصارية قالت: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نغَسلُ ابنته فقال: (اغْسلْنَهَا ثلاثاً أو خمساً أو أكثرَ منْ ذلك إن رأيْتُن، بماء وسدر، واجعلنَ في الآخِرة كافوراً، أو شيئاً من كافور، وابدأن بِمَيَامنها ومَوَاضِعِ الوُضُوء منهاَ) . [وتراً: عدداً مفرداً.

سدر: ورق مدقوق لنوع من الشجر. كَافور: كمام النخل أي زهره] .

ويكفن في ثلاثة أثواب بيض ليس فيها قميص ولا عمامة [1].

ويكبر عليه أربع تكبيرات [2]

1 - يقرأ الفاتحة بعد الأولى [3]

2 - ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الثانية [4]

3 - ويدعو للميت بعد الثالثة فيقول: اللهم هذا عبدك وابن عبديك خرج من روح الدنيا وسعتها ومحبوبه وأحبائه فيها إلى ظلمة القبر وما هو

(1) روى البخاري (1214) ومسلم (941) عن عائشة رضي الله عنها قالت: كُفنَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثَةِ أثْوَابٍ بِيض سحُوليةِ، ليس فيها قميص ولا عمامَة.

[سحوليًة: ثياب بيض نقية لا تكَون إلاّ من القطن، وقيل: نسبة إلى بلد باليمن] وانظر: ص 74 حاشية 5.

(2) روى البخاري (1188) ومسلم (951) عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نَعَى النَّجَاشيَّ في اليوم الذي مات فيه، خَرَجَ إلى المُصَلَى، فصف بهم، وكَبر أربعاً.

(3) روى البخاري (1270) عن طلحةَ بن عبد الله بن عوف قال: صيت خلف ابن عباس رضي الله عنهما على جنازة، فقرأ بفاتحةِ الكتاب، فقال: لِيَعْلموا أنَها سُنة.

(4) روى الشافعي في مسنده والنسائي (4/ 75) بإسناد صحيح عن أبي أمامة بن سهل رضي الله عنه: أنه أخبره رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أن السنة في الصلاة على الجنازة أن يكبر الإمام، ثم يقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى سراً في نفسه، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويخلص الدعاء للجنازة في التكبيرات، ولا يقرأ في شيء منهن، ثم يسلم سراً في نفسه. [انظر هامش الأم: 6/ 265] .

لاقيه كان يشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وأن محمدا عبدك ورسولك وأنت أعلم به منا اللهم إنه نزل بك وأنت خير منزول به وأصبح فقيرا إلى رحمتك وأنت غني عن عذابه وقد جئناك راغبين إليك شفعاء له اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه وإن كان مسيئا فتجاوز عنه ولقه برحمتك رضاك وقه فتنة القبر وعذابه وافسح له في قبره وجاف الأرض عن جنبيه ولقه برحمتك الأمن من عذابك وحتى تبعثه آمنا إلى جنتك يا أرحم الراحمين [1].

(1) هذه الأدعية التقطها الشافعي رحمه الله تعالى من مجموع الأخبار، وربما ذكرها بالمعنى، واستحسنها أصحابه. وأصح حديث في الباب ما رواه مسلم (963) عن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة، فسمعته يقول: (اللهم اغْفِرْ لهُ وارْحمهُ وعافه واعفُ عنه، وأكْرِم نزلَهُ وَوَسعَ مدخَلَهُ، واغسله بماء وثَلْجَ وبَرَد، ونقه من الخطايا كما ينَقّى الثوبُ الأبيض من الدنس، وأبدلْهُ داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، وزوجاً خيراً من زوجَه، وقه فتنةَ القبر وعذابَ النارِ) . قال عوف: فتمنيت أن لو كنت أنا الميَت، لدَعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك الميت.

[عافه: خلصه مما يكره] .

وما رواه الترمذي (1024) وأبو داود (3201) عن أبي هريرة رضيِ الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى على جنازة قال (اللهُم اغفِرْ لحينَا وميتِنَا، وشاهدنَا وغائبنَا، وَصغيرِنا وَكبيرنا، وَذَكًرِنَا وأنْثانَا، اللهم مَنَْ أحييته مِنا فَأحيه عَلىَ الإسلام. ومن تَوفيتهُ منَا فَتوفه علىَ الإيمان.

4 - ويقول بعد الرابعة: اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده واغفر لنا وله [1]

ويسلم بعد الرابعة [2].

ويدفن في لحد مستقبل القبلة [3] ويسل من قبل رأسه برفق [4] ويقول الذي يلحده: بسم الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم [5] ويضجع في القبر بعد أن يعمق قامة وبسطة [6].

(1) رواه أبو داود (3201) بلفظ: (ولا تضِلَّنَا بعدَه) .

(2) روى البيهقي (4/ 43) بإسناد جيد، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعَل التسيلمَ على الجنازةِ مثلَ التسليم في الصلاة.

(3) روى مسلم (966) عن سعد بن أبي وقَّاص رضي الله عنه: أنه قال في مرض موته: ألحدوا لي لحداً، وانصبوا علي اللبن نصباً، كما صُنعَ برسول الله صلى الله عليه وسلم.

واللحد هو الشق تحت الجانب القبلي من القبر.

(4) روى أبو داود (3211) بإسناد صحيح: أن عبد الله بن يزيد الحَطْمي الصحابي، أدخل الحارث القبر من قبل رجلي القبر، وقال: هذا من السنة.

(5) رواه أبو داود (3213) والترمذي (1046) وحسنه، عن ابن عمر رضي الله عنه: أن النبي صلِى الله عليه وسلم كان إذا وضع الميت في القبر قال: (بسمِ الله، وعلى سُنة رسول اللهِ) .

(6) أي قدر ارتفاَع إنسان معتدلَ الطولَ رافع يديه إلى الأعلى. روى أبو داود (3215) والترمذي (1713) وقال: حسن صحيح، عن هشام بن عامر رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في قتلى أحد: (احفرُوا وأوْسعُوا وأحسنوا) .

ويسطح القبر، ولا يبنى عليه ولا يجصص [1]. ولا بأس بالبكاء على الميت [2] من غير نوح ولا شق جيب [3]

(1) للنهي عن هذا، روى مسلم (969) وغيره: أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال لأبي الهَياج الأسَدي: ألاَ أبْعَثُكَ على ما بَعثنَي عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنْ لا تَدعً تِمثالا إلا طَمَسْتَه.

ولا قَبْراً مُشْرِفاً إلا سَويْتَهُ.

[تمثالاً: صورة والمراد هنا ما كان لذي روح. طمسته: محوته أو درسته. مشرفاً: مرتفعاً. سويته: مع الأرض بارتفاع قليل] .

وروى مسلم (970) عن جابر رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنْ يُجصَصَ القبرُ، وأنْ يُقْعَدَ عليه، وأنْ يُبنْى عليه.

[يجصص: يوضع عليه الجص، وهو ما يسمى بالجبصين، فما بالك بوضع الرخام ونحوه، ورفع القبر وتزيينه، بعد هذا النهي الصريح من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا شك أنه حرام، لمخالفة السنَّة، وما فيه من إضاعة المال المنهي عنه شرعاً] .

(2) روى البخاري (1241) ومسلم (2315، 2316) : أنه صلى الله عليه وسلم بكى على ولده إبراهيم قبل موته، لما رآه يجود بنفسه، وقال: (إن الْعَينَ تَدمعُ، والقَلْبَ يَحْزَنُ، ولا نَقُولُ إلا مَا يُرْضي رَبنَا، وإنا بِفِرَاقِكَ يا إبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ) .

وروى مسلم (976) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: زارَ النبي صلى الله عليه وسلم قبرَ أمِّهِ، فبكى وأبْكى مَنْ حَوْلَهُ.

(3) النوح والنياحة كل فعل أو قول يتضمن إظهار الجزع: وينافي الانقياد والاستسلام لقضاء الله تعالى، ومنه شق الجيوب ولطم الخدود ونحوها،

ويعزى أهله إلى ثلاثة أيام من دفنه [1].

ولا يدفن اثنان في قبر إلا لحاجة [2].

وكل ذلك محرم في شرع الله عز وجل.

روى مسلم (935) عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه: أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (النَّائحَةُ إذَا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِهَا، تُقَامُ يوْمَ الْقِيَامة وعليها سِرْبالٌ مِن قَطِرَان، وَدِرعٌ مِنْ جَرَبٍ) .

أي يسلط على أعضائهَا الجرب والحكة بحيث يغطي بدنها تغطية الدرع وهو القميص، وفي معناه السربال. والقطران نوع من صمغ الأشجار، تطلى به الإبل إذا جربت.

وروى البخاري (1232) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الخُدُودَ، وَشق الجُيوبَ، ودعا بدعوى الجاهلية) .

[لطم: ضرب. الجيوب: جمع جيب، وهو فتحة الثوب من جهة العنق، أي شق ثيابه من ناحية الجيب. بدعوى الجاهلية: قال ما كان يقوله أهل الجاهلية، مثل: واعضداه، يا سند البيت، ونحوها] .

(1) لما رواه ابن ماجه (1601) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه قال: (مَا منْ مُسْلم يُعَزَي أخَاهُ بمصِيبَة إلا كَسَاهُ اللهُ مِنْ َحلل الكَرَامَة يَوْمَ القِيَامَة) .

[يعَزِّي أخاه: يحثه على الصبر ويواسيه بمثل قوله: أعظم الله أجرك] .

وتكره بعد ثلاثة أيام إلا لمسافر، لأن الحزن ينتهي بها غالباً فلا يستحسن تجديده. كما يكره تكرارها، والأولى أن تكون بعد الدفن لاشتغال أهل الميت بتجهيزه، إلا إن اشتد حزنهم فتقديمها أولى، مواساة لهم.

(2) روى البخاري (1280) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما: أن صلى الله عليه وسلم كان يجْمعُ الرجُلينِْ من قتلى أحُد.

LihatTutupKomentar