Pembagian Isra’iliyyat (Riwayat Bani Israil)

Pembagian Isra’iliyyat (Riwayat Bani Israil) Kisah-kisah dan perkataan dari Bani Israil terbagi menjadi tiga kategori: Kategori Pertama: Yang kit

Pembagian Isra’iliyyat (Riwayat Bani Israil)

Judul kitab: Terjemah Kitab Hadits Israiliyat dan Hadis Palsu dalam Kitab Tafsir
Judul asal: Al-Israiliyat wa Al-Maudhu'at fi Kutub al-Tafsir
Penulis: Dr. Muhammad bin Muhammad Abu Syahbah (د.محمد بن محمد ابو شهبة) 
Penerjemah: alkhoirot.net Al-Khoirot Research and Publication 
Bidang studi: Tafsir al-Quran dan Ilmu Tafsir  

 Daftar Isi 

  1. Bagian 1: Pembagian Isra’iliyyat (Riwayat Bani Israil)   
  2. Bagian 2: Ketegasan Umar bin Khattab ra
  3. Bagian 3: Pandangan Ibnu Taimiyyah tentang Perbedaan Tafsir
  4. Bagian 4: Penyebab Kesalahan dalam Tafsir
  5. Bagian 5: Perbedaan Ulama Salaf adalah Perbedaan Variasi (Tanawwu’)
  6. Bagian 6: Menghadapi Pertentangan antara Riwayat dan Ijtihad 
  7. Kembali ke: Terjemah Kitab Israiliyat, Maudhuat fi Kutub al-Tafsir

 أقسام الإسرائيليات
مدخل
...
أقسام الإسرائيليات:
أخبار بني إسرائيل، وأقاويلهم على ثلاثة أقسام:
القسم الأول: ما علمنا صحته مما بأيدينا من القرآن والسنة، والقرآن هو: الكتاب المهيمن، والشاهد على الكتب السماوية قبله، فما وافقه فهو: حق وصدق، وما خالفه فهو: باطل وكذب، قال تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ، وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ﴾ ١.
وهذا القسم صحيح، وفيما عندنا غنية عنه، ولكن يجوز ذكره، وروايته للاستشهاد به، ولإقامة الحجة عليهم من كتبهم، وذلك مثل: ما ذكر في صاحب موسى عليه السلام، وأنه الخضر فقد ورد في الحديث الصحيح، ومثل ما يتعلق بالبشارة بالنبي ﷺ، وبرسالته٢، وأن التوحيد هو دين جميع الأنبياء، مما غفلوا عن تحريفه، أو حرفوه، ولكن بقي شعاع منه يدل على الحق.
وفي هذا القسم ورد قوله: ﷺ: «بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا فليتبوَّأ مقعده من النار» ٣، قال الحافظ في الفتح: أي: لا ضيق عليكم في الحديث عنهم؛ لأنه كان تقدم منه ﷺ الزجر عن الأخذ عنهم، والنظر في كتبهم، ثم حصل التوسع في ذلك، وكان النهي وقع قبل استقرار الأحكام الإسلامية، والقواعد الدينية؛ خشية الفتنة، ثم لما زال المحذور وقع الإذن في ذلك، لما في سماع الأخبار التي كانت في زمنهم من الاعتبار٤.
١ المائدة: ٤٨، ٤٩.
٢ قد أفضت القول في هذا في كتابي «السيرة النبوية في ضوء القرآن والسنة» ص ٢٥٣-٢٥٩.
٣ كتاب أحاديث الأنبياء، باب ما ذكر عن بني إسرائيل.
٤ المائدة: ٤١.
 
القسم الثاني: ما علمنا كذبه مما عندنا مما يخالفه، وذلك مثل: ما ذكروه في قصص الأنبياء، من أخبار تطعن في عصمة الأنبياء عليه الصلاة والسلام، كقصة يوسف، وداود، وسليمان ومثل: ما ذكروه في توراتهم: من أن الذبيح إسحاق، لا إسماعيل، فهذا لا تجوز روايته وذكره إلا مقترنا ببيان كذبه، وأنه مما حرفوه، وبدلوه، قال تعالى: ﴿يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِه﴾ .
وفي هذا القسم: ورد النهي عن النبي ﷺ للصحابة عن روايته، والزجر عن أخذه عنهم، وسؤالهم عنه، قال الإمام مالك رحمه الله في حديث: «حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج»: المراد جواز التحدث عنهم بما كان من أمر حسن: أما ما عُلِم كذبه فلا١.
ولعل هذا هو المراد من قوله ﷺ: «يا معشر المسلمين: كيف تسألون أهل الكتاب، وكتابكم الذي أنزل على نبيه ﷺ أحدث ٢، تقرءونه لم يشب ٣، وقد حدثكم الله أن أهل الكتاب بدلوا كتاب الله، وغيروه، وكتبوا بأيديهم الكتاب، وقالوا: هو من عند الله، ليشتروا به ثمنا قليلا، ألا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسألتهم، لا والله ما رأينا منهم رجلا يسألكم عن الذي أنزل عليكم» ٤.
القسم الثالث: ما هو مسكوت عنه، لا من هذا، ولا من ذاك، فلا نؤمن به، ولا نكذبه، لاحتمال أن يكون حقا فنكذبه، أو باطلا فنصدقه، ويجوز حكايته لما تقدم من الإذن في الرواية عنهم. ولعل هذا القسم هو المراد بما رواه أبو هريرة، قال: «كان أهل الكتاب يقرأون التوراة بالعبرانية، ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام، فقال رسول الله ﷺ:»لا تصدقوا أهل الكتاب، ولا تكذبوهم، وقولوا آمنا بالله، وما أنزل إلينا، وما أنزل إليكم«٥ الآية، ومع هذا: فالأولى عدم ذكره، وأن لا نضيع الوقت في
١ فتح الباري ج ٦ ص ٣٨٨.
٢ أحدث: آخر الكتب السماوية نزولا من عند الله.
٣ لم يخلط بغيره قط، لأنه محفوظ من التبديل، والزيادة،
٤ صحيح البخاري كتاب»الاعتصام بالكتاب والسنة«، باب قول النبي ﷺ:»لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء".
٥ المرجع السابق، وكتاب التفسير سورة البقرة، باب: ﴿قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا﴾ ... الآية. والآية التي أشار إليها في سورة العنكبوت: ٤٦.
 
الاشتغال به، وفي هذا المعنى: ورد حديث أخرجه الإمام أحمد، وابن أبي شيبة والبزار، من حديث جابر: أن عمر أتى النبي ﷺ بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب، فقرأه عليه، فغضب، قال: «لقد جئتكم بها بيضاء نقية، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق، فتكذبوا به، أو بباطل، فتصدقوا به، والذي نفسي بيده لو أن موسى حيا ما وسعه إلا أن يتبعني» ورجاله موثقون؛ إلا أن في مجالد -أحد رواته- ضعفًا، وأخرج البزار أيضا من طريق عبد الله بن ثابت الأنصاري: أن عمر نسخ صحيفة من التوراة، فقال رسول الله ﷺ: «لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء»، وفي سنده جابر الجعفي؛ وهو ضعيف، قال الحافظ في الفتح: واستعمله: «يعني البخاري» في الترجمة: يعني عنوان الباب، لورود ما يشهد بصحته من الحديث الصحيح.
قال ابن بطال عن المهلب: "هذا النهي في سؤالهم عما لا نص فيه؛ لأن شرعنا مكتفٍ بنفسه، فإذا لم يوجد فيه نص، ففي النظر والاستدلال غنىً عن سؤالهم، ولا يدخل في النهي سؤالهم عن الأخبار المصدقة لشرعنا، والأخبار عن الأمم السالفة١ يعني.
١ فتح الباري ج ١٣ ص ٢٨٤، ٢٨٥.
 
تشديد سيدنا عمر على من كان يكتب شيئًا من كتب اليهود:
وقد كانت مقالة النبي ﷺ لعمر، وغضبه لكتابته شيئا من التوراة درسا تعلم منه سيدنا عمر، ومنهجا أخذ الناس به.
روى الحافظ أبو يعلى، بسنده، عن خالد بن عرفطة قال: "كنت جالسا عند عمر؛ إذ أتى برجل من عبد القيس، مسكنه بالسوس، فقال له عمر: أنت فلان ابن فلان العبدي؟ قال: نعم. قال: وأنت النازل بالسوس؟ قال: نعم، فضربه بقناة معه، فقال الرجل: ما لي يا أمير المؤمنين؟!
فقال له عمر: اجلس، فجلس، فقرأ عليه: بسم الله الرحمن الرحيم ﴿الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ، إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ، نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ﴾ ١ فقرأها عليه.
١ يوسف: ١-٣.
 
ثلاثا، وضربه ثلاثا، فقال له الرجل: ما لي يا أمير المؤمنين؟! قال: أنت الذي نسخت كتاب دانيال؟ ١، قال: مرني بأمرك أتبعه، قال: انطلق فامحه بالحميم٢، والصوف الأبيض، ثم لا تقرأه، ولا تقرئه أحدا من الناس، فلئن بلغني عنك أنك قرأته، أو أقرأته أحدًا من الناس، لأنهكنك عقوبة، ثم قال: اجلس، فجلس بين يديه، فقال: انطلقت أنا فانتسخت كتابا من أهل الكتاب، ثم جئت به في أديم٣، فقال لي رسول الله ﷺ: «ما هذا في يدك يا عمر؟» قلت: يا رسول الله: كتاب نسخته؛ لنزداد به علما إلى علمنا، فغضب رسول الله ﷺ حتى احمرت وجنتاه، ثم نودي بالصلاة جامعة فقالت الأنصار: أغضب نبيكم؟ السلاح السلاح، فجاءوا حتى أحدقوه بمنبر رسول الله ﷺ، فقال: «يا أيها الناس إني قد أوتيت جوامع الكلم، وخواتيمه، واختصر لي اختصارا، ولقد أتيتكم بها بيضاء نقية، فلا تهوكوا، ولا يغرنكم المتهوكون» ٤.
قال عمر: فقمت، فقلت: «رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا وبك رسولا، ثم نزل رسول الله ﷺ» وروى الحافظ أبو بكر الإسماعيلي بسنده عن جبير بن نفير: أن رجلين كانا بحمص في خلافة عمر رضي الله عنه فأرسل إليهما فيمن أرسل من أهل حمص، وكان قد اكتتبا من اليهود شيئا في صحيفة، فأخذاها معهما يستفتيان فيهما أمير المؤمنين عمر، فلما قدما عليه قالا: إنا بأرض أهل الكتاب، وإنا نسمع منهم كلاما تقشعر منه جلودنا، أفنأخذ منه ونترك؟ فقال: سأحدثكما ... ثم ذكر قصته لما كتب شيئا أعجبه من كلام اليهود، وقرأه عليه، فغضب الرسول، وصار يمحوه بريقه ويقول: «لا تتبعوا هؤلاء؛ فإنهم قد هوكوا، وتهوكوا» ٥، حتى محا آخره، حرفا حرفا، ثم قال عمر: فلو علمت أنكما كتبتما منه شيئا جعلتكما نكالا لهذه الأمة، قالا: والله ما نكتب منه شيئا، ثم خرجا بصحيفتهما، فحفرا لها، وعمقا في الحفر، ودفناها، فكان آخر
١ أحد أنبياء بني إسرائيل.
٢ الماء الحار.
٣ أديم: جلد.
٤ في القاموس: «المنهوك المتحير» أي المتحيرون الشاكون.
٥ أي شكوا، وشككوا غيرهم.
 
العهد منها١، وليت من جاء بعد عمر فعل هذا.
وقال الإمام الشافعي رحمه الله في حديث: «حدثوا عن بني إسرائيل، ولا حرج»: «من المعلوم أن النبي ﷺ لا يجيز التحدث بالكذب فالمعنى: حدثوا عن بني إسرائيل بما لا تعلمون كذبه، وأما ما تجوزونه فلا حرج عليكم في التحدث به عنهم، وهو نظير قوله:»إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم، ولا تكذبوهم«، ولا يرد الإذن٢، ولا المنع من التحدث بما يقطع بصدقه٣.
وقال الحافظ في الفتح في حديث:»لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم«: أي إذا كان ما يخبرونكم به محتملا، لئلا يكون في نفس الأمر صدقا فتكذبوه، أو كذبا فتصدقوه، فتقعوا في الحرج، ولم يرد النهي عن تكذيبهم فيما ورد شرعنا بخلافه ولا عن تصديقهم فيما ورد شرعنا بوفاقه، نبه على ذلك الشافعي رحمه الله ويؤخذ من هذا الحديث: التوقف عن الخوض في المشكلات والجزم فيها بما يقع في الظن، وعلى هذا، يحمل ما جاء عن السلف من ذلك»٤.
وبهذا البيان والتوفيق بين المرويات في هذا الباب: ظهر أن لا تعارض بينها، ولا يخالف بعضها بعضا، وأن لكل حالة حكمها.
مقالة لابن تيمية في هذا:
وللإمام تقي الدين أحمد بن تيمية في هذا: مقالة جيدة، قال رحمه الله: الاختلاف في التفسير على نوعين منه ما مستنده النقل فقط ومنه ما يعلم بغير ذلك، إذا العلم إما نقل مصدق، وإما استدلال محقق والمنقول: إما عن المعصوم، وإما عن غير المعصوم..... وهذا هو النوع الأول، فمنه ما يمكن معرفة الصحيح منه، والضعيف، ومنه ما لا يمكن معرفة ذلك فيه، وهذا القسم الثاني من المنقول، وهو: ما لا طريق إلى
١ تفسير ابن كثير ج ٤ ص ٤١٢-٤١٣.
٢ هكذا في النسخة التي تحت يدي، ولعل فيها نقصا أي ولا يزد الإذن فيما علم كذبه حتى يكون الكلام متناسقًا متجهًا.
٣ فتح الباري ج ٦ ص ٣٨٨.
٤ فتح الباري ج ٨ ص ١٣٨.
 
الجزم بالصدق منه، فالبحث عنه مما لا فائدة فيه، والكلام فيه من فضول الكلام، وأما ما يحتاج المسلمون إلى معرفته: فإن الله نصب على الحق فيه دليلا.
فمثال ما لا يفيد، ولا دليل على الصحيح منه: اختلافهم في أحوال «أصحاب الكهف»، وفي البعض الذي ضرب به موسى البقرة، وفي مقدار سفينة نوح، وما كان خشبها، وفي اسم الغلام الذي قتله الخضر، ونحو ذلك، فهذه الأمور طريق العلم بها: النقل، وما لم يكن كذلك، بل كان يؤخذ من أهل الكتاب، كالمنقول عن كعب، ووهب، ومحمد بن إسحاق، وغيرهم ممن أخذ عن أهل الكتاب، فهذا لا يجوز تصديقه ولا تكذيبه إلا بحجة، كما ثبت في الصحيح عن النبي ﷺ أنه قال: «إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم، ولا تكذبوهم، فإما أن يحدثوكم بحق فتكذبوه، وإما أن يحدثوا بباطل فتصدقوه».
وكذلك: ما نقل عن التابعين، وإن لم يذكر أنه أخذه عن أهل الكتاب، فمتى اختلف التابعون لم يكن بعض أقوالهم حجة على بعض، وما نقل في ذلك عن بعض الصحابة نقلا صحيحا: فالنفس إليه أسكن مما نقل عن بعض التابعين؛ لأن احتمال أن يكون سمعه من النبي ﷺ، أو من بعض من سمعه منه أقوى من نقل التابعي، ومع جزم الصاحب فيما يقوله، كيف يقال: إنه أخذه من أهل الكتاب وقد نهوا عن تصديقهم١؟! والمقصود بيان أن الاختلاف الذي لا يعلم صحيحه، ولا يفيد حكاية الأقوال فيه: هو كالمعرفة لما يروى من الحديث الذي لا دليل على صحته، وأمثال ذلك. وأما القسم الأول الذي يمكن معرفة الصحيح منه: فهذا موجود فيما يحتاج إليه، ولله الحمد٢.
وقال في وضع آخر: «وغالب ذلك: يعني المسكوت عنه مما لا فائدة فيه تعود إلى أمر ديني، ولهذا تختلف أقوال علماء أهل الكتاب في مثل هذا كثيرًا، ويأتي عن المفسرين خلاف بذلك كما يذكرون في مثل هذا أسماء أصحاب الكهف، ولون
١ قد أجبنا عن ذلك: بأنهم أخذوا عنهم لما فهموا من الإذن والإباحة من قوله ﷺ حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج» ما دام لم يدل دليل على كذبه.
٢ مقدمة في أصول التفسير ص ١٨-٢٠.
 
كلبهم، وعدتهم، وعصا موسى من أي الشجر كانت، وأسماء الطيور التي أحياها الله لإبراهيم، وتعيين البعض الذي ضرب به المقتول من البقرة، ونوع الشجرة التي كلم الله منها موسى، إلى ذلك١، مما أبهمه الله في القرآن الكريم، مما لا فائدة في تعيينه تعود على المكلفين في دنياهم، ولا دينهم، ولكن نقل الخلاف عنهم في ذلك جائز، كما قال تعالى:
﴿سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا﴾ ٢.
فقد اشتملت هذه الآية الكريمة على الأدب في هذا المقام: وتعليم ما ينبغي في مثل هذا، فإنه تعالى أخبر عنهم بثلاثة اقوال، ضعف القولين الأولين، وسكت عن الثالث، فدل على صحته؛ إذ لو كان باطلا لرده على ردهما، ثم أرشد إلى أن الاطلاع على عدتهم لا طائل تحته، فيقال في مثل هذا: ﴿قل ربي أعلم بعدتهم﴾، فإنه ما يعلم بذلك إلا قليل من الناس، ممن أطلعه الله عليه، فلهذا قال: ﴿فَلا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا﴾،
أي لا تجهد نفسك فيما لا طائل تحته، ولا تسألهم عن ذلك، فإنهم لا يعلمون من ذلك إلا رجم الغيب، فهذا أحسن ما يكون في حكاية الخلاف: أن تستوعب الأقوال في ذلك المقام، وأنه ينبه على الصحيح منها، ويبطل الباطل، وتذكر فائدة الخلاف، وثمرته، لئلا يطول النزاع، والخلاف فيما لا فائدة تحته، فيشتغل عن الأهم، فأما من حكى خلافا في مسألة ولم يستوعب أقوال الناس فهو ناقص؛ إذ قد يكون الصواب في الذي تركه، أو يحكى الخلاف ويطلقه، ولا ينبه على الصحيح من الأقوال فهو ناقص أيضا، فإن صحح غير الصحيح عامدا، فقد تعمد الكذب، أو جاهلا، فقد أخطأ، كذلك من نصب الخلاف فيما لا فائدة تحته، أو حكى أقوالا متعددة لفظا، ويرجع حاصلها إلى قول، أو قولين معنى، فقد ضيع الزمان، وأكثر مما ليس بصحيح، فهو
١ مما ذكر آنفا في مقالته السابقة ولم يذكره هنا.
٢ الكهف: ٢٢.
 
كلابس ثوبي زور، والله الموفق للصواب١.
١ مقدمة في أصول التفسير ص ٤٦، ٤٧.
 
أسباب الخطأ في التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي والاجتهاد
مدخل
...
أسباب الخطأ في التفسير بالمأثور، والتفسير بالرأي والاجتهاد:
يمكننا إجمال أهم أسباب الخطأ والغلط في التفسير بالمأثور في الأمور الآتية:
١- تنزيل اللفظ القرآني على غير ما يراد منه، وإلصاق ذلك بالقرآن لصقا، من غير أن يكون في اللفظ دلالة عليه، بحيث لا يشهد له سياق، ولا سباق، ويصير كالبقلة الشاذة بين الزهور، والورد.
٢- عدم التمييز بن الصحيح والضعيف، والموضوع، وبين المقبول، والمردود، وعدم التفرقة بين الجيد والرديء، والاكتفاء بذكر الأسانيد من غير نقد للرواة.
٣- عدم التمييز بين الدخيل، وغير الدخيل، والإكثار من النقل عن أهل الكتاب الذين أسلموا، وفيه الكثير من الإسرائيليات والخرافات، والأباطيل التي لا يشهد لها نقل صحيح، ولا عقل سليم.
٤- حذف الأسانيد، ونقل الأقوال من غير عزوها إلى قائليها، ولا بيان مم استُقِيَتْ؟ ومن أين جاءت؟ وبذلك التبس الحق بالباطل، واختلط الخطأ بالصواب، فصار من يسنح له رأي يذكره، ولو كان خطأ، ومن يقع على قول ينقله، ولو كان باطلا، فجاء من بعدهم فنقله، ظانا أن له أصلا، وهو قول مخترع، مبتدع، باطل.
وقال الإمام ابن تيمية ما خلاصته:
وأما التفسير بالرأي والاجتهاد: فقد وقع فيه الغلط من جهتين حدثتا بعد تفسير الصحابة والتابعين، وتابعيهم بإحسان؛ فإن التفاسير التي يذكر فيها كلام هؤلاء صرفا، لا يكاد يوجد فيها شيء من هاتين الجهتين، مثل: تفسير عبد الرزاق، والفريابي، ووكيع بن الجراح، وعبد بن حميد، ومثل: تفسير الإمام أحمد، وإسحاق بن راهويه، وبقي بن مخلد، وأمثالهم، والذين أخطأوا في التفسير فريقان: «أحدهما»، قوم اعتقدوا معاني، ثم أرادوا حمل ألفاظ القرآن عليها.
 
ثانيهما: قوم فسروا القرآن بمجرد ما يسوغ أن يريده بكلامه من كان من الناطقين بلغة العرب، من غير نظر إلى المتكلم بالقرآن، المنزل عليه، والمخاطب به.
فالأولون: راعوا المعنى الذي رأوه، من غير نظر إلى ما تستحقه ألفاظ القرآن من الدلالة والبيان، والآخرون: راعوا مجرد اللفظ. وما يجوز عندهم أن يريد به العربي، من غير نظر إلى ما يصلح للمتكلم به، وسياق الكلام، ثم هؤلاء كثيرا ما يغلطون في احتمال اللفظ لذلك المعنى في اللغة، كما يغلط في ذلك الذين قبلهم، كما أن الأولين كثيرا ما يغلطون في صحة المعنى الذي فسروا به القرآن، كما يغلط في ذلك الآخرون، وإن كان نظر الأولين إلى المعنى أسبق، ونظر الآخرين إلى اللفظ أسبق.
والأولون صنفان: تارة يسلبون لفظ القرآن ما دل عليه، وأريد به، وتارة يحملونه على ما لم يدل عليه، ولم يرد به، وفي كل الأمرين قد يكون ما قصدوا نفيه، وإثباته من المعنى باطلا، فيكون خطؤهم في الدليل، والمدلول، وقد يكون حقا، فيكون خطؤهم في الدليل، لا في المدلول، وهذا كما أنه وقع في تفسير القرآن، فإنه وقع في تفسير الحديث.
فالذين أخطأوا في الدليل والمدلول مثل: طوائف من أهل البدع اعتقدوا مذهبا يخالف الحق الذي عليه الأمة الوسط، الذي لا يجتمعون على ضلالة، كسلف الأمة، وأئمتها، وعمدوا إلى القرآن، فتأولوه على آرائهم، وليس لهم سلف من الصحابة والتابعين لا في آرائهم، ولا في تفسيرهم، وعمدوا إلى القرآن، فتأولوه على آرائهم، تارة يستدلون بآيات على مذهبهم، ولا دلالة فيها، وتارة يتأولون ما يخالف مذهبهم بما يحرفون به الكلم عن مواضعه.
ومن هؤلاء: فرق الخوارج، والروافض، والجهمية، والمعتزلة، والقدرية، والمرجئة وغيرهم.
 
تفاسير المعتزلة:
والمعتزلة من أعظم الناس كلاما وجدالا، وقد صنفوا تفاسير على أصول مذهبهم، مثل: تفسير عبد الرحمن بن كيسان الأصم شيخ إبراهيم بن إسماعيل ابن علية، الذي كان
 
يناظر الشافعي، ومثل: كتاب أبي على الجبائي، والتفسير الكبير للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمداني، والتفسير لعلي بن عيسى الرماني، والكشاف لأبي القاسم الزمخشري.
والمقصود: أن مثل هؤلاء اعتقدوا رأيا، ثم حملوا ألفاظ القرآن عليه، وليس لهم سلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، ولا من أئمة المسلمين لا في رأيهم، ولا في تفسيرهم، وما من تفسير من تفاسيرهم الباطلة إلا وبطلانه يظهر من وجوه كثيرة، وذلك من جهتين: تارة من العلم بفساد قولهم، وتارة من العلم بفساد ما فسروا به القرآن؛ إما دليلا على قولهم، أو جوابا على المعارض لهم، ومن هؤلاء: من يكون حسن العبارة فصيحا، ويدس السم في كلامه، وأكثر الناس لا يعلمون، كصاحب الكشاف ونحوه، حتى أنه يروج على خلق كثير من أهل السلف كثير من تفاسيرهم الباطلة.
 
تفسير ابن جرير وابن عطية وأمثاله:
وتفسير ابن عطية وأمثاله أتبَعُ للسنة، وأسلَمُ من البدعة، ولو ذكر كلام السلف المأثور عنهم على وجهه لكان أحسن وأجمل فإنه كثيرا ما ينقل من تفسير محمد بن جرير الطبري، وهو من أجل التفاسير وأعظمها قدرا، ثم إنه يدع ما نقله ابن جرير عن السلف، لا يحكيه بحال، ويذكر ما يزعم أنه قول المحققين، وإنما يعني بهم طائفة من أهل الكلام، الذين قرروا أصولهم بطرق من جنس ما قررت به المعتزلة أصولهم، وإن كان أقرب إلى السنة من المعتزلة، لكن ينبغي أن يعطي كل ذي حق حقه، ويعرف أن هذا من جملة التفسير على المذهب.
فإن الصحابة، والتابعين، والأئمة إذا كان لهم في تفسير الآية قول، وجاء قوم فسروا الآية بقول آخر؛ لأجل مذهب اعتقدوه، وذلك المذهب ليس من مذاهب الصحابة والتابعين، صار مشاركا للمعتزلة، وغيرهم من أهل البدع، في مثل هذا.
وفي الجملة: من عدل عن مذاهب الصحابة، والتابعين، وتفسيرهم إلى ما يخالف ذلك كان مخطئا في ذلك، بل مبتدعا، وإن كان مجتهدا مغفورا له خطؤه، فالمقصود بيان طرق العلم، وأدلته، وطرق الصواب.
ونحن نعلم: أن القرآن قرأه الصحابة، والتابعون، وتابعوهم، وأنهم كانوا أعلم
 
بتفسيره، ومعانيه، كما أنهم أعلم بالحق الذي بعث الله به رسوله ﷺ، فمن خالف، وفسر القرآن بخلاف تفسيرهم فقد أخطأ في الدليل والمدلول جميعا..... والمقصود هنا: التنبيه على مثار الاختلاف في التفسير، وأن من أعظم أسبابه: البدع الباطلة، التي دعت أهلها إلى أن حرفوا الكلم عن مواضعه، وفسروا كلام الله ورسوله ﷺ بغير ما أُيد به وتأولوه على غير تأويله.
وأما الذين يخطئون في الدليل لا في المدلول: فمثل كثير من الصوفية والوعاظ، والفقهاء وغيرهم، يفسرون بمعانٍ صحيحة، لكن القرآن لا يدل عليها، مثل كثير مما ذكره أبو عبد الرحمن السلمي١ في حقائق التفسير وإن كان فيما ذكروه ما هو معانٍ باطلة فإن ذلك يدخل في القسم الأول، وهو الخطأ في الدليل والمدلول جميعا، حيث يكون المعنى الذي قصدوه فاسدا٢. أقول: وهو فصل قيم جيد، يدل على علم واسع بالتفسير والمفسرين ومثل هذا: يمكن أن يقال في التفسير بالمأثور، فقد يذكرون قصة صحيحة، ولكن لفظ القرآن لا يدل عليها فيكون الخطأ في الدليل، يعني: في دلالة الألفاظ على هذا، وقد تكون القصة باطلة في نفسها ولا يدل لفظ القرآن عليها، ويتكلف في دلالة اللفظ عليها، فيكون الخطأ في الدليل والمدلول، وذلك مثل: ما ذكره بعض المفسرين في تفسير قوله تعالى: ﴿وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ، إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ، إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ﴾ ٣، الآيات، فقد ذكروا في هذا قصة باطلة وهي: قصة داود مع «أوريا»: قائد جيشه، وزوجته الجميلة، التي أراد داود ضمها إلى نفسه، مع أنه كانت له تسع وتسعون امرأة ... بالقصة باطلة قطعا، كما سنبين ذلك فيما يأتي إن شاء الله تعالى ثم إنهم في سبيل هذا فسروا النعجة بالمرأة، وبذلك أخطأوا في الدليل والمدلول
١ هو غير أبي عبد الرحمن السلمي التابعي الجليل الذي ذكرناه في صدر الكتاب.
٢ مقدمة في أصول التفسير من ص ٣٣-٤٢ والإتقان في علوم القرآن ج ٢ ص ١٧٨.
٣ سورة ص ٢١-٢٤.
 
الاختلاف بين السلف في التفسير اختلاف تَنَوُّع:
قلنا: إن الصحابة تلقوا معظم تفسير القرآن عن النبي ﷺ ولذا: كان النزاع بين الصحابة في تفسير القرآن قليلا جدا، وهو: إن كان بين التابعين أكثر منه بين الصحابة، فهو قليل بالنسبة إلى من بعدهم، ومن التابعين من تلقى جميع التفسير عن الصحابة، وربما تكلموا في ذلك بالاستنباط والاستدلال، بل ربما تكلموا في ذلك بما سمعوه من أهل الكتاب الذين أسلموا.
والخلاف بين السلف في التفسير قليل، وأما خلافهم في الأحكام: فهو أكثر من خلافهم في التفسير، وغالب ما يصح عنهم من الخلاف يرجع إلى: اختلاف تنوع وتفنن في العبارة، لا اختلاف تضادٍّ، وذلك نوعان:
«أحدهما»: أن يعبر واحد منهم عن المراد بعبارة غير عبارة صاحبه تدل على معنى في المسمى غير المعنى الآخر، مع اتحاد المسمى كتفسيرهم:
«الصراط المستقيم» فقال بعضهم: هو القرآن -أي اتباعه- لقول النبي ﷺ في حديث علي الذي رواه الترمذي، ورواه أبو نعيم من طرق متعددة: «هو حبل الله المتين، والذكر الحكيم وهو الصراط المستقيم»، وقال بعضهم: هو الإسلام لقوله ﷺ في حديث النواس بن سمعان، الذي رواه أحمد، والترمذي والنسائي مرفوعا: «ضرب الله مثلا، صراطا مستقيما، وعلى جنبتي الصراط سوران، وفي السورين أبواب مفتحة وعلى الأبواب ستور مرخاة، وداعٍ يدعو من فوق الصراط، وداعٍ يدعو على رأس الصراط» قال: فالصراط المستقيم: هو الإسلام، والسوران: حدود الله، والأبواب: محارم الله، والستور المرخاة هي: حدود الله، والداعي على رأس الصراط: كتاب الله، والداعي فوق الصراط: واعظ الله في قلب كل مؤمن. فهذان القولان متفقان؛ لأن دين الإسلام هو اتباع القرآن ولكن كل منهما نبه على وصف غير الوصف الآخر، كما أن لفظ «صراط»: يشعر بوصف ثالث.
وكذا قول من قال: هو السنة والجماعة: وقول من قال: هو طريق العبودية، وقول من قال: هو طاعة الله ورسوله ﷺ، فكلهم أشاروا إلى ذات واحدة، لكن وصفها كل منهم بصفة من صفاتها.
 
«الصنف الثاني»: أن يذكر كل منهم من الاسم العام بعض أنواعه على سبيل التمثيل، وتنبيه المستمع على النوع، لا على سبيل الحد المطابق للمحدود في عمومه وخصوصه، مثل ذلك: ما نقل في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّه﴾ ١ فمعلوم: أن الظالم لنفسه يتناول المضيع للواجبات والمنتهك للحرمات، والمقتصد يتناول: فاعل الواجبات وتارك المحرمات، والسابق، يدخل فيه من سبق، فتقرب بالحسنات أي النوافل مع الواجبات فالظالمون هم: أصحاب الشمال، والمقتصدون هم: أصحاب اليمين، والسابقون هم المقربون.
ثم إن كلا منهم يذكر هذا في نوع من أنواع الطاعات، كقول القائل: السابق: الذي يصلي في أول الوقت، والمقتصد: الذي يصلي في أثنائه، والظالم لنفسه، الذي يؤخِّر العصر إلى الإصفرار، أو يقول السابق: المحسن بالصدقة مع الزكاة، والمقتصد: الذي يؤدي الزكاة المفروضة فقط، والظالم مانع الزكاة.
وهذا الصنفان اللذان ذكرناهما في تنوع التفسير؛ تارة لتنوع الأسماء والصفات، وتارة لذكر بعض أنواع المسمى، هو الغالب في تفسير سلف الأمة، الذي يظن أنه مختلف.
ومن التنازع الموجود منهم، ما يكون اللفظ فيه محتملا للأمرين؛ إما لكونه مشتركا في اللغة، كلفظ القسورة٢ الذي يراد به الرامي، ويراد به الأسد، ولفظ عسعس٣، الذي يراد به إقبال الليل وإدباره، وإما لكونه متواطئا في الأصل، لكن المراد به أحد النوعين، أو أحد الشيئين كالضمائر، في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى، فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى﴾ ٤ وكلفظ: ﴿وَالْفَجْرِ، وَلَيَالٍ عَشْرٍ، وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ﴾ وما أشبه ذلك. فمثل هذا يجوز أن يراد به كل المعاني التي قالها السلف، وقد لا يجوز ذلك،
١ فاطر: ٣٢.
٢ المدثر: ٥١.
٣ التكوير: ١٧.
٤ النجم: ٨، ٩.
 
فالأول: إما لكون الآية نزلت مرتين، فأريد به هذا تارة، وهذا تارة أخرى، وإما لكون اللفظ المشترك يجوز أن يراد به معنياه؛ إذ قد جوز ذلك أكثر الفقهاء المالكية، والشافعية والحنبلية، وكثير من أهل الكلام، وإما لكون اللفظ متواطئا، فيكون عاما إذا لم يكن لتخصيصه موجب، فهذا النوع إذا صح فيه القولان، كان من الصنف الثاني.
ومن الأقوال الموجودة عنهم، ويجعلها بعض الناس اختلافا: أن يعبروا عن المعاني بألفاظ متقاربة، لا مترادفة، فإن الترادف في اللغة قليل وأما في ألفاظ القرآن: فإما نادر، وإما معدوم، وقل أن يعبر عن لفظ واحد بلفظ واحد يؤدي جميع معناه، وهذا من أسباب إعجاز القرآن، فإذا قال القائل: ﴿يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا﴾ ١، إن المور هو: الحركة كان تقريبا؛ إذ المور حركة خفيفة سريعة، وكذلك إذا قال: الوحي: الإعلام: أو قيل: أوحينا إليك: أنزلنا إليك أو قيل: ﴿وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرائيلَ﴾ ٢ أي أعلمنا، وأمثال ذلك، فهذا كله تقريب لا تحقيق، فإن الوحي هو: إعلام سريع خفي، والقضاء إليهم، أخص من الإعلام، فإن فيه إنزالا إليهم وإيحاء إليهم، والعرب تضمِّن الفعل معنى الفعل، وتعدِّيه تعديته ... ومثل ذلك ما قاله أحدهم في قوله تعالى: ﴿وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَت﴾ ٣ أي تحبس. وقال الآخر: ترتهن، ونحو ذلك، لم يكن اختلاف التضاد وإن كان المحبوس قد يكون مرتهنا، وقد لا يكون؛ إذ هذا تقريب للمعنى، كما تقدم.
وجميع عبارات السلف في مثل هذا نافع جدا؛ لأن مجموع عباراتهم أدل على المقصود، من عبارة أو عبارتين وهذا الفصل الذي لخصته من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية، من النفاسة بمكان٤.
١ الطور: ٩.
٢ الإسراء: ٤.
٣ الأنعام: ٧٠.
٤ مقدمة في أصول التفسير ٨-١٦، الإتقان ج ٢ ص ١٧٦-١٧٧.
 
التعارض بين التفسير بالمأثور والتفسير بالاجتهاد وما يتبع في الترجيح بينهما:
١- التعارض معناه: التقابل والتنافي، بأن يدل أحدهما على إثبات والآخر على نفي مثلا، بحيث لا يمكن اجتماع مقتضاهما، كأن كلا منهما وقف في عرض الطريق، فمنع الآخر من السير فيه، وأما إذا كانا غير متنافيين، بأن جاز اجتماعهما، فلا يسمى تعارضا، ولو كانا متغايرين وذلك مثل ما ذكرناه آنفا في تفسيرهم: «الصراط المستقيم»: بأقوال كثيرة، ولكنها غير متنافية، ومثل ما ذكروه في تفسير قوله تعالى: ﴿فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ﴾، فإنها وإن كانت متغايرة فهي غير متنافية، ويمكن اجتماعها؛ لأن كل واحد ذكر فردا من أفراد العام.
٢- التفسير بالمأثور الثابت بالنص القطعي لا يمكن أن يعارض بالتفسير بالرأي والاجتهاد؛ لأن الرأي إما أن يكون قطعيًّا، إن كان موافقا للدليل العقلي، أو للدليل النقلي القطعي، وإما أن يكون ظنيا، أما الأول. فلأنه تعارض بين قطعتين، وأما الثاني: فلأن الرأي الخالي من الدليل العقلي والنقلي اجتهاد، يستند إلى القرائن والأمارات والدلالات الظاهرة فحسب، وذلك لا يوصل إلا إلى الظن فحسب، ولا يوصل إلى علم قطعي، ولا يمكن أن يعارض الظني القطعي وإلا لزم مساواة المرجوح بالراجح، وذلك باطل في قضية العقل.
٣- أما إذا كان المأثور ليس نصا قطعيا بل ظاهرا، أو خبر آحاد أو نحو ذلك، مما لا يوجب العلم القطعي، وقد عارضه التفسير بالرأي والاجتهاد.
وفي هذه الحالة لا يخلو: إما أن يكون ما حصل فيه التعارض مما لا مجال للرأي فيه كسبب النزول، أو أحوال القيامة، واليوم الآخر، أو للرأي فيه مجال.
فإن كان الأول: لم يقبل الرأي، وكان المعوَّل عليه فيه هو المأثور فقط، إن كان عن النبي ﷺ أو عن الصحابي بشرط أن لا يكون معروفا بالأخذ عن أهل الكتاب، كما أسلفنا، وإن كان الثاني: فلا يخلو: إما أن يمكن الجمع بين المأثور والرأي، أم لا.
فإن أمكن الجمع: حمل النظم الكريم عليهما، وذلك مثل: تفسير القوة، في قوله تعالى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ﴾ بالرمي، فإن هذا
 
لا ينافي تفسيره بكل مستحدث من أنواع الأسلحة التي تستعمل في القذف، والرمي كالمدافع، والصواريخ والقنابل، ونحوها؛ لأنها كلها داخلة تحت مسمى الرمي.
وإن لم يمكن الجمع: حمل النظم الكريم على ما ورد من المأثور، إن كان ثابتا بطريق صحيح، عن النبي ﷺ أو بطريق صحيح عن الصحابة، بشرط أن لا يكون الصحابي معروفا برواية الإسرائيليات؛ لأن الصحابة أعلم بالقرآن والمراد به منَّا؛ لمشاهدتهم الوحي وتنزلاته، والملابسات المحيطة به، ولأنهم عربة فصحاء أصلاء. وأما المنقول عن التابعين، ولا سيما أهل الكتاب الذين أسلموا: فإن التفسير بالرأي حينئذ يكون متقدما على التفسير بالمأثور.
أما إذا لم ينقل عن أهل الكتاب، أو عمن عرف بالأخذ عنهم، وكان معارضا للرأي: فينظر في الأمر: فما ثبت منهما بدليل سمعي، أو شهد له دليل سمعي، حمل النظم الكريمة عليه، وأما إذا لم يثبت أحدهما بسمع، ولم يؤيد بسمع، فإن كان الاستدلال طريقا إلى تقوية أحدهما، وترجيحه، رجح ما قواه الدليل، فإذا تعارضت الأدلة في المراد: علم أنه قد صار من المتشابهات، فيؤمن به على ما أراد الله تعالى، ولا يتهجم على تعيين المراد من النظم الكريم: وينزل حينئذ منزلة المجمل قبل تفصيله، والمشتبه قبل بيانه.
٤ يقدم المأثور الثابت بطريق صحيح عن النبي ﷺ أو عن الصحابة رضوان الله عليهم كما تقدم، إذا لم يكن المعنى الذي دل عليه بالرأي والاجتهاد موافقا لما قام عليه الدليل العقلي، أو موافقا لقطعي آخر نقلي، أو مستندا إلى قطعي علمي كالنظريات العلمية، التي أصبحت حقائق ثابتة مقررة، ككُرَوية الأرض مثلا، ودورانها حو نفسها، وحدوث الخسوف والكسوف، وإلا ففي هذه الحالة يؤول المأثور ليرجع إلى الرأي الموافق للدليل العقلي، أو النقلي القطعي، أو العلم القطعي، إذا أمكن تأويله، جمعا بين الأدلة؛ وذلك لأن إعمال الدليلين أولى من إلغاء أحدهما، وإن لم يكن حمل النظم الكريم في هذه الحالة على ما يقتضيه الرأي والاجتهاد، ترجيحا للراجح حينئذ على المرجوح١.
١ منهج الفرقان في علوم القرآن ج ٢ ص ٥٠-٥٢.

Bagian 1: Pembagian Isra’iliyyat (Riwayat Bani Israil)

Kisah-kisah dan perkataan dari Bani Israil terbagi menjadi tiga kategori:

  1. Kategori Pertama: Yang kita ketahui kebenarannya. Yaitu riwayat yang sejalan dengan Al-Qur'an dan Sunnah. Al-Qur'an adalah Muhaimin (saksi/penjaga) atas kitab-kitab sebelumnya. Riwayat ini boleh disebutkan dan diriwayatkan sebagai pendukung atau argumen terhadap mereka menggunakan kitab mereka sendiri (contoh: kisah Nabi Khidir atau kabar gembira tentang kedatangan Nabi Muhammad ﷺ).

  2. Kategori Kedua: Yang kita ketahui kedustaannya. Yaitu riwayat yang bertentangan dengan syariat kita, seperti kisah-kisah yang mencela kesucian (ishmah) para Nabi (contoh: tuduhan palsu pada Nabi Yusuf, Daud, atau Sulaiman) atau klaim bahwa yang disembelih adalah Ishaq (bukan Ismail). Riwayat ini haram diceritakan kecuali untuk menjelaskan kebohongannya.

  3. Kategori Ketiga: Yang didiamkan (Maskut 'anhu). Tidak ada dalil yang membenarkan maupun menyalahkan. Sikap kita adalah tidak membenarkan dan tidak mendustakannya. Boleh diceritakan sekadar sebagai informasi, namun lebih utama untuk tidak menyibukkan waktu dengannya karena tidak memberikan manfaat agama yang berarti.


Bagian 2: Ketegasan Umar bin Khattab ra.

Teks menceritakan kemarahan Nabi ﷺ saat melihat Umar membawa lembaran Taurat. Nabi ﷺ bersabda: "Aku telah membawakannya (agama ini) kepada kalian dalam keadaan putih bersih."

  • Kisah Khalid bin 'Urfutah: Umar memukul seorang pria yang menyalin Kitab Daniel dan memerintahkannya untuk menghapusnya dengan air panas. Umar melakukan ini untuk menjaga agar umat Islam fokus sepenuhnya pada Al-Qur'an dan tidak bingung oleh kitab-kitab yang telah diubah (tahrif).


Bagian 3: Pandangan Ibnu Taimiyyah tentang Perbedaan Tafsir

Ibnu Taimiyyah menjelaskan bahwa perbedaan dalam tafsir seringkali tidak bermanfaat untuk diperdebatkan, seperti:

  • Warna anjing Ashabul Kahfi.

  • Jenis kayu kapal Nabi Nuh.

  • Nama anak yang dibunuh Nabi Khidir. Jika Allah tidak menyebutkannya secara rinci, berarti mengetahui rincian tersebut tidak menambah nilai ibadah bagi mukalaf.


Bagian 4: Penyebab Kesalahan dalam Tafsir

Ada empat faktor utama penyebab kesalahan dalam Tafsir bi al-Ma'tsur (tafsir berbasis riwayat):

  1. Memaksakan makna ayat pada sesuatu yang tidak dimaksudkan oleh konteksnya.

  2. Tidak membedakan antara riwayat yang shahih, dha'if (lemah), dan maudhu' (palsu).

  3. Terlalu banyak menukil Isra’iliyyat yang tidak masuk akal.

  4. Menghapus sanad (rantai perawi) sehingga kebenaran bercampur dengan kebatilan.

Adapun kesalahan dalam Tafsir bi ar-Ra'yi (tafsir berbasis logika/ijtihad) terjadi karena:

  • Kelompok Pertama: Orang yang memiliki keyakinan/bid'ah tertentu lalu memaksakan ayat Al-Qur'an agar sesuai dengan mazhabnya (seperti Khawarij, Mu'tazilah, Syiah).

  • Kelompok Kedua: Orang yang menafsirkan hanya berdasarkan bahasa Arab tanpa melihat konteks siapa yang berbicara (Allah) dan kepada siapa ayat itu turun (Rasulullah).


Bagian 5: Perbedaan Ulama Salaf adalah Perbedaan Variasi (Tanawwu’)

Perbedaan pendapat di kalangan sahabat dan tabiin jarang sekali bersifat kontradiksi (tadhadd), melainkan variasi (tanawwu'), contohnya:

  • Perbedaan Redaksi: Satu orang menyebut "Jalan yang Lurus" adalah Al-Qur'an, yang lain menyebut Islam. Keduanya benar karena Islam adalah mengikuti Al-Qur'an.

  • Penyebutan Contoh: Satu orang menyebut "Orang yang zalim pada dirinya sendiri" adalah yang mengakhirkan shalat, yang lain menyebut yang kikir zakat. Keduanya benar karena itu hanya contoh dari kezaliman secara umum.


Bagian 6: Menghadapi Pertentangan antara Riwayat dan Ijtihad

  1. Jika riwayat itu Shahih Qath'i (pasti), maka ia didahulukan daripada logika.

  2. Jika riwayat itu Zhanni (tidak pasti), maka dilihat:

    • Jika bisa dikompromikan (jam'u), maka keduanya dipakai. Contoh: Ayat "siapkan kekuatan" diartikan memanah (riwayat) dan juga senjata modern (logika/sains).

    • Jika tidak bisa dikompromikan, riwayat shahih dari Nabi atau Sahabat didahulukan.

  3. Fakta Sains: Jika ada riwayat yang tampak bertentangan dengan fakta sains yang sudah pasti (seperti bentuk bumi yang bulat), maka riwayat tersebut harus dita'wil (diinterpretasikan ulang) agar sejalan dengan ilmu pengetahuan yang pasti, karena dalil akal dan dalil nakal (wahyu) tidak mungkin bertentangan pada hakikatnya.

LihatTutupKomentar