Kitab Al-Suluk fi Tabaqat al-Ulama wa al-Muluk (5)

Kitab Al-Suluk fi Tabaqat al-Ulama wa al-Muluk (5) مِنْهُم سعيد بن قيس بن ابي بكر حَمْزَة كَانَ فَقِيها نحويا ثمَّ اشْتغل بالْمَنْطق فَظهر مِنْهُ مَا

 

Kitab Al-Suluk fi Tabaqat al-Ulama wa al-Muluk (5)

Buku: As-Sulūk fī Ṭabaqāt al-‘Ulamā’ wa al-Mulūk Penulis: Muḥammad ibn Yūsuf ibn Ya‘qūb, Abū ‘Abd Allāh, Bahā’ al-Dīn al-Jundī, Al-Janadi al-Yamanī (meninggal 732 H) 

Penerbit: Maktabat al-Irshād – Ṣan‘ā’ – 1995 M
Edisi: Kedua
Penyunting: Muḥammad ibn ‘Alī ibn al-Ḥusayn al-Akwā‘ al-Ḥawālī
Jumlah Jilid: 2
[Penomoran buku sesuai dengan edisi cetak]
Halaman Penulis: [al-Jundī, al-Janadi, Bahā’ al-Dīn]

 Book: As-Sulūk fī Ṭabaqāt al-‘Ulamā’ wa al-Mulūk
Author: Muḥammad ibn Yūsuf ibn Ya‘qūb, Abū ‘Abd Allāh, Bahā’ al-Dīn al-Jundī al-Yamanī (d. 732 AH)
Publisher: Maktabat al-Irshād – Ṣan‘ā’ – 1995 CE
Edition: Second
Editor: Muḥammad ibn ‘Alī ibn al-Ḥusayn al-Akwā‘ al-Ḥawālī
Number of Volumes: 2
[Book numbering corresponds to the printed edition]
Author's Page: [al-Jundī, Al-Janadi Bahā’ al-Dīn]

الكتاب: السلوك في طبقات العلماء والملوك
المؤلف: محمد بن يوسف بن يعقوب، أبو عبد الله، بهاء الدين الجُنْدي الجَنَدِي اليمني (ت ٧٣٢هـ)
دار النشر: مكتبة الإرشاد - صنعاء - ١٩٩٥م
الطبعة: الثانية
تحقيق: محمد بن علي بن الحسين الأكوع الحوالي
عدد الأجزاء: ٢
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
صفحة المؤلف: [الجندي، بهاء الدين] 

Daftar Isi Al-Suluk Juz 1

  1. Juz 1 
    1. Kitab Al-Suluk fi Tabaqat al-Ulama wa al-Muluk (1)
    2. Kitab Al-Suluk fi Tabaqat al-Ulama wa al-Muluk (2)
    3. Kitab Al-Suluk fi Tabaqat al-Ulama wa al-Muluk (3)
  2. Juz 2 
    1. Kitab Al-Suluk fi Tabaqat al-Ulama wa al-Muluk (4) 
    2. Kitab Al-Suluk fi Tabaqat al-Ulama wa al-Muluk (5)
    3. Kitab Al-Suluk fi Tabaqat al-Ulama wa al-Muluk (6)
  3. Artikel Sejarah yang Lain

     مِنْهُم سعيد بن قيس بن ابي بكر حَمْزَة كَانَ فَقِيها نحويا ثمَّ اشْتغل بالْمَنْطق فَظهر مِنْهُ مَا لَا تحتمله عقول النَّاس فنسبوه الى الزندقة وَالْخُرُوج عَن الدّين وَصَارَ يُفْتِي النَّاس بالرخص وَتَحْلِيل العقد حَتَّى ان امْرَأَة كرهت زَوجهَا وبذلت لَهُ مَالا على ان يخالعها فكره فَأمرت ان تستفتيه عَن وَجه التَّخَلُّص بِهِ عَنهُ فَقَالَ ترتد عَن الاسلام وَعرفهَا كَيْفيَّة الرِّدَّة فَفعلت ذَلِك وَخرجت عَن بَيت الزَّوْج وبلده واستفنت الْفُقَهَاء فافتوها بالبينونة فَتزوّجت بِزَوْج اخر فَفعل ذَلِك مَعَ جمَاعَة من النَّاس فكره اهله واهل بَلَده سكونه مَعَهم حَتَّى انه خرج نافرا عَن الْبَلَد الى نَاحيَة من بلد بني حُبَيْش فَدخل الى بعض الْفُقَهَاء وتحدث مَعَه بمالا يحْتَملهُ عقله فزجره عَن ذَلِك فَلَمَّا خرج من عِنْده قَالَ الْفَقِيه لجَماعَة حوله يَعْتَقِدُونَ دينه وَعلمه من قتل هَذَا المبتدع دخل الْجنَّة اَوْ كَمَا قَالَ فَتَبِعَهُ بَعضهم الى شَيْء من الطَّرِيق وَقَتله وَلم اتحقق بِأَيّ تَارِيخ كَانَ ذَلِك وَله ذُرِّيَّة بِحجر على طَرِيق البدو كَمَا بَلغنِي

    وَمِنْهُم ابو الْقَاسِم بن عَليّ بن عَامر بن حُسَيْن بن عَليّ احْمَد بن قيس الْهَمدَانِي يجْتَمع مَعَ الْمَذْكُور اولا فِي قيس تفقه بِحجَّة إِذْ كَانَ راحها من جملَة عَسْكَر على بن عبد الله الشغدري الَّاتِي ذكره ولي قضا عدن من قبل بني مُحَمَّد بن عمر فَلبث سِنِين وَتُوفِّي على ذَلِك لَيْلَة الْخَمِيس ثَانِي عشر الْقعدَة من سنة ثَلَاث وَسَبْعمائة وَمن الْجَبَل الْمَذْكُور وَادي الشناسي بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة بعد الف وَلَام

    وَفتح النُّون ثمَّ الف ثمَّ سين مُهْملَة ثمَّ يَاء مثناة من تَحت بِهِ قَرْيَة تعرف بالرصد بِضَم الرَّاء بعد الف وَلَام وخفض الصَّاد الْمُهْملَة ثمَّ دَال مُهْملَة سَاكِنة مِنْهَا فَقِيه اسْمه مُحَمَّد بن عَليّ بن ابراهيم حج واقام بالحرمين مُدَّة تفقه بفقهائهما جيدا يذكر بِالدّينِ وَالصَّلَاح والاشتغال بِالْعلمِ

    وَمن نواحيه النَّاحِيَة الْمَعْرُوفَة بدلال قد تقدم ضَبطهَا بهَا الْقرْيَة الْمَعْرُوفَة بتيثد وَقد تقدم ضَبطهَا كَانَ مِنْهَا جمَاعَة ذكرهم ابْن سَمُرَة كمنصور المسكيني وَرُبمَا ذكر ابْنه وَقد بيّنت ذَلِك فِي ذكره مَعَ اهل جبلة اذ أَقَامَ مَعَهم مُدَّة وَتَأَخر عَن زمن ابْن سَمُرَة جمَاعَة مِنْهُم ابو عبد الله نَاجِي بن عَليّ بن ابي عبد الله ابْن ابي الْقَاسِم بن اسْلَمْ الْمرَادِي وَكَانَ فَقِيها غلبت عَلَيْهِ الْعِبَادَة وَشهر بالصلاح ونقلت لَهُ كرامات كَثِيرَة وَكَانَ كَبِير الْقدر شهير الذّكر مَعْرُوف بالصلاح قدمت الْقرْيَة سنة ثَلَاث عشرَة وَسَبْعمائة للبحث عَن حَاله وَحَال غَيره من فُقَهَاء الْجِهَة فَأَخْبرنِي بعض اخيار الْقرْيَة وقدمائها انه حَدثهُ اصحاب الْفَقِيه نَاجِي انه خرج من بَلَده يُرِيد زِيَارَة الشَّيْخ عمر بن المسن الْمُقدم ذكره اولا وتربته فوافقه من بَلَده من يُرِيد زِيَارَة الشَّيْخ جمَاعَة على السّفر مَعَه الى ذبحان اذ الشَّيْخ بَلَده هُنَالك فَقَالَ لَهُم الْفَقِيه يَنْبَغِي ان تجْعَلُوا لكم رَئِيسا تمتثلون قَوْله وتقبلون امْرَهْ وَلَا تخالفونه كَمَا كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا يبْعَث سَرِيَّة قلت اَوْ كثرت الا وَجعل عَلَيْهَا نَقِيبًا فَقَالُوا يَا فَقِيه مَا نرضي غَيْرك فَقَالَ قد رَضِيتُمْ قَالُوا نعم فتوثق مِنْهُم وَسَارُوا جَمِيعًا فوصلوا الْجند وصلوا فِي الْجَامِع ثمَّ خَرجُوا يُرِيدُونَ زِيَارَة الْمَسْجِد الْخَارِج عَن الْبَلَد الْمَعْرُوف بصرب فزاره وَلما صَارُوا عائدين الى الْجند لَقِيَهُمْ فَقير قد

    زورهم فَقَالَ الْفَقِيه للَّذي يحمل زادهم أعْط هَذَا درهما فَأعْطَاهُ وغالبهم كَارِه بِحَيْثُ فهم الْفَقِيه ذَلِك مِنْهُم فصلوا الْعَصْر مَعَ جمَاعَة الْجَامِع فَلَمَّا فرغوا من الصَّلَاة جَاءَهُم فَقير عَلَيْهِ مدرعة صوف فاصصافحهم ثمَّ صَافح الْفَقِيه وَقبل يَده وَترك بهَا عشرَة دَرَاهِم فَالْتَفت الْفَقِيه اليهم وَقَالَ لَهُم هَذِه حسنتكم قد عجلت لكم لما تَغَيَّرت بواطنكم ثمَّ سلم الْفَقِيه الدَّرَاهِم الى حَامِل الزَّاد فَعَلمُوا ان الْفَقِيه قد اطلع على ضمائرهم فاستغفروا الله عَن ذَلِك وسألوا الْفَقِيه التجاوز فصفح

    وَمن غَرِيب مَا جرى لَهُ انه قرب طَعَاما لاصحاب مَعَه فاتاهم الهر فَجعل يتدعك عَلَيْهِم فَضَربهُ الْفَقِيه بسواك كَانَ بِيَدِهِ فَوَثَبَ الهر عَنْهُم وَقَالَ انا ابو الرّبيع فَتَبَسَّمَ الْفَقِيه وَقَالَ لَهُ لَا تنقد يَا فلَان لَا تنقد عَليّ فَلَمَّا علمت أَن اسْمك سُلَيْمَان وعَلى الْجُمْلَة فغرائبه وعجائبه كثير وَكَانَ وَفَاته بَين المدينتين بخبت البزوا وَلم اتحقق تَارِيخه وَلم يتأهل وَكَانَ لَهُ ثَلَاثَة اخوة كلهم ذُو دين رصين تفقه مِنْهُم عبد الله بالامام بطال الَّاتِي ذكره وَغَيره رَأَيْت اجازة لَهُ بِكِتَاب البُخَارِيّ وان اخر قرأته كَانَت سنة ثَلَاث وسِتمِائَة فِي منتصف رَمَضَان وَلم يتَزَوَّج من اخوه الْفَقِيه غير هَذَا الْفَقِيه عبد الله اخبرني ابْن بنته فَقِيه الْقرْيَة حِين قدمتها فِي سلخ شَوَّال سنة ثَلَاث عشرَة كَمَا تقدم

    وَمن النَّاحِيَة عبد الله بن يحي بن احْمَد بن عبد الله بن احْمَد بن لَيْث الْهَمدَانِي نسبا والدلالي بَلَدا مولده سنة تسعين وَخَمْسمِائة تَقْرِيبًا اِدَّرَكَ احْمَد بن ابراهيم الاكنيتي مقدم الذّكر فِي اصحاب الشَّيْخ يحي بن ابي الْخَيْر وَهُوَ الَّذِي ذكرته انه انْتَشَر عَنهُ سَماع الْبَيَان بالسند العالي وَهُوَ الَّذِي لم يكد يبْق اُحْدُ من اعيان النَّاس فِي الْجَبَل خَاصَّة لأعول عَلَيْهِ بالوصول فيصل وَيقف مَعَهم الْمدَّة بِحَيْثُ يقرأون الْبَيَان عَلَيْهِ ثمَّ عِنْد الْفَرَاغ يصلونه بِمَا تسمح بِهِ نُفُوسهم وتزكوا بِهِ هممهم وَمِمَّنْ

    استدعاه الْملك المظفر فاخذ عَنهُ بِحَضْرَة القَاضِي الْبَهَاء وَبَعض اهله فَحكى ان المظفر سَأَلَهُ وَقَالَ يَا فَقِيه بكم سَمِعت الْبَيَان فَقَالَ لخمس وَعشْرين سنة قَالَ وَعلي ابْن كم قَالَ عَليّ ابْن خمس وَثَمَانِينَ سنة فَقَالَ بذلك ادركت عمره حِين يسْأَله تسعين سنة تَقْرِيبًا وَقَالَ بعض الْفُقَهَاء مَتى كات قرائتك فَقَالَ سنة سِتّ عشرَة وسِتمِائَة فَاعْلَم ذَلِك ثمَّ عول عَلَيْهِ اهل سير فَتقدم اليهم ولبث عِنْدهم مُدَّة بالمصنعة حَتَّى اكملوه سَمَاعا ثمَّ استدعاه الشَّيْخ عبد الْوَهَّاب العريقي الى حصن الظفر فَسَأَلَهُ أَن يسمعهُ لَهُ ولجماعة مِنْهُم عَليّ بن العسيل الْمَذْكُور فِي أهل جبلة وَأَبُو بكر بن أبي الْقَاسِم الْمَذْكُور فِي الظفر وَأحمد بن حَمْزَة من الذكرة وَجَمَاعَة غَيرهم واستدعاه القَاضِي اِسْعَدْ الَّاتِي ذكره تجمع اليه جمع من الْفُقَهَاء بوادي ظباء فِي دَار القَاضِي فقرأوا وَاسْتَمعُوا عَلَيْهِ الْكتاب بمسكنه دَار يزِيد وَكَانَ هَذَا الْموضع الْقَائِم بامرهم وَلما ابتنى الشَّيْخ عَليّ بن مُحَمَّد بن عبيد بن عَليّ الْحِمْيَرِي مدرسة بقرية الْحجر بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة بعد لَام وَسُكُون الْجِيم ثمَّ رَاء جعل هَذَا الْفَقِيه مدرسا بهَا فَكَانَ النَّاس ينتابونه اليها وَيَأْخُذُونَ عَنهُ فِيهَا اخبر الْفَقِيه عُثْمَان فِيمَا كتبت يَده انه قدم عَلَيْهِ الى هَذَا الْموضع وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْكتاب وَكَانَ اذا مر بِآيَة رقيقَة بَكَى ثمَّ قَالَ مرّة كنت ايام طلبي للْعلم كثيرا مَا ارى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَقَد اعرف مرّة انني كنت سائرا الى الشَّيْخ الَّذِي انا اقْرَأ عَلَيْهِ فاشتقت إِلَى رُؤْيَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فملت عَن الطَّرِيق ونمت فرأيته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ أَنا الْآن لَا أجد ذَلِك وَكَانَ يتاسف عَلَيْهِ كَانَت وَفَاتَ بقرية مسورة بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة وَفتح الْوَاو وَالرَّاء وَسُكُون الْهَاء وَهِي قَرْيَة تَحت حصن بَيت عز لنيف وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة وَدفن بقرية اربان على وزن فعلان تَثْنِيَة

    فعل محركا وَهِي أَيْضا تَحت بَيت عز ثمَّ خَلفه ابْن لَهُ اسْمه مُحَمَّد تفقه ثمَّ تصوف وغلبت عَلَيْهِ الْعِبَادَة والزهادة ومجاهدة النَّفس فشهرت لَهُ كرامات وَسكن قَرْيَة تعرف المقروضة بسفل جبل بعدان من نَاحيَة السحول فَذكرُوا انه لما ابتنى هُنَالك رِبَاطًا وجاهد نَفسه فِيهِ وَاجْتمعَ اليه جمَاعَة ووافقوه على الْحَال الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ رأيى بعض النَّاس من اهل تِلْكَ النَّاحِيَة عَليّ بن ابي طَالب رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ كَيفَ كَانَ اصحاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ كَمَا صَاحب المقررضة وَأَصْحَابه هَكَذَا سَمِعت خَبِيرا عدلا وَاخْبَرْ عَنهُ انه لما ابتنى الرِّبَاط وَوَصله النَّاس بالخشب وَركب البنأون ذَلِك على الْجدر فصلح الاخشبة وَاحِدَة فَإِنَّهَا قصرت فتركوها فوصل الْفَقِيه فسالهم يركوبها فاخبروه فَقَالَ اعيدوها فانها تصل ان شَاءَ الله فاعادوها فوصلت وكراماته كَثِيرَة وَلما توفّي دفن بالرباط فَلَا يكَاد يصل اُحْدُ اليه بحاجة الا قضيت وَلَقَد كنت مرّة بذى عقيب فَوجدت الْفَقِيه صَالح البريهي الَّاتِي ذكره ان شَاءَ الله تَعَالَى هُنَالك فَسَأَلت عَن سَبَب قدومه فَقيل لي عَلَيْهِ دين وبلغه ان من زار تربة المقروضة وتوسل الى الله بصاحبها ان يقْضِي دينه قَضَاهُ وَبِالْجُمْلَةِ كرامته اكثر من ان تحصى زرت تربته سنة ثَلَاث عشرَة وَسَبْعمائة وَلم اتحقق لَهُ تَارِيخا وَله ذُرِّيَّة بالرباط الى الان سنة ثَلَاث وَعشْرين وَسَبْعمائة وَقد عرض مَعَ ذكر الْفَقِيه عبد الله جمَاعَة غالبهم لَا بُد

    من ايراده فِي الْكتاب مِنْهُم من قدر ذكر كبنى عمرَان وَمِنْهُم من سَنذكرُهُ كالمظفر مَعَ الْمُلُوك وَمِنْهُم من اورده الان على الْعَادة الْجَارِيَة وهم الشَّيْخَانِ عبد الْوَهَّاب العريقي وَعلي بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عَليّ الْحِمْيَرِي واحببت ابدأ بِذكر عبد الْوَهَّاب لتحققي لاحواله فِي الْغَالِب لقرب بَلَده من بلدي وخلطة اهله باهلها هُوَ عبد الْوَهَّاب بن رشيد ابْن عزان العريقي قد ذكرت انه ابتنى بحصن الظفر مدرسة ووقف عَلَيْهَا وَقفا جيدا وَبهَا درس جمَاعَة كَابْن حَمْزَة الذكرى الْمَذْكُور فِي اهل بادية الْجند فِيمَا تقدم واتى فِيمَن تَأَخّر وَكَانَ رجلا رَئِيسا من اعيان الرؤساء شجاعا سَمحا مهيبا عِنْد الاعداء وَكَانَت بلد العوادر بِيَدِهِ وَهُوَ يحمل للغز اتاوة مَعْرُوفَة وَكَانَ يحب الْخَيْر ويفعله وَكَانَ ممتحنا بِشرب الْمُسكر فَقدم من بَلَده زَائِرًا للفقيه عمر بن سعيد العقيبي فحين دخل عَلَيْهِ مَسْجده ربط منديله من رقبته الى رجل الْفَقِيه وعاهده على التَّوْبَة وَقَالَ لَا افتحه حَتَّى تُعْطِينِي عهدا على التَّوْبَة وَذمَّة من الشّرْب فتوقف الْفَقِيه عَلَيْهِ سَاعَة يراوده على التّرْك فَلم يقبل فاجابه الى ذَلِك وعاهده على التَّوْبَة وَكَانَ ذَلِك فِي شهر رَمَضَان ثمَّ لما عَاد بَلَده قَالَ الْمخبر وَكنت حَاضر الْمجْلس فَلَمَّا عدت الْجند اذ كنت كثيرا مَا ساكنها فَلم اصل الْعِيد فِي الْمصلى حَتَّى وصل إِلَيّ غُلَام لَهُ بالبغلة الَّتِي لَهُ وبورقة يستدعيني اليه فَلم اقم من الْمصلى الا الى ركُوب البغلة والمبادرة اليه شجنا عَلَيْهِ ان يكون بِهِ بَأْس فوصلت مسرعا بَلَده فَرَأَيْت غَالب اهله حزانا فَسَأَلت عَن الْقِصَّة فَقيل لي انت تعرف ان هَذَا الْيَوْم مَا تصدق اهل الشّرْب بوصوله وان اللَّيْلَة امْر الشَّيْخ النَّاس بتبديد مَا مَعَهم مِنْهُ وامر صايحا يَصِيح عَلَيْهِم ان لَا يشْربُوا فحزنهم لذَلِك فَلَمَّا دخلت على الشَّيْخ وسلمت عَلَيْهِ وعرفته بركَة الْعِيد رحب بِي ثمَّ سَأَلته عَن الْقِصَّة الَّتِي اوجبت مَا ذكر فَقَالَ لَا طَاقَة لي بالفقيه عمر بن سعيد اخبرك ان نَفسِي نازعتني اللَّيْلَة ان اشرب شَيْئا من خمر امرتهم بادخاره فَلم اطق ذَلِك

    وَالنَّفس تنازعني وتطالبني بِالْعَادَةِ فامرت باحضار شيى مِنْهُ وَلما صَار الكاس بيَدي مملوأ واهويت بِهِ الى فمي اذ بِضَرْب فِي ظَهْري بسياط كانها من نَار ثمَّ كشف عَن ظَهره فرأيته محبللا قَالَ

    فَلم يُمكن حِين أحرقني ذَلِك الا ان رميت الكأس من يَدي وركضت الْإِنَاء الَّذِي فِيهِ الْخمر حَتَّى انْكَسَرَ وامرت على النَّاس صايحا ينهاهم عَن الشّرْب ويامرهم باهراق مَا مَعَهم حسما للمادة قَالَ الْمخبر وَهُوَ ابراهيم بن مُحَمَّد الماربي الَّاتِي ذكره وَخرجت مرّة من ذِي عقيب قَاصِدا زِيَارَة هَذَا عبد الْوَهَّاب فمررت أَنا وَصَاحب لي يعرف بسبا كَانَ ذَا دين وورع بمصنعة سيرفد عانا الْقُضَاة الى طعامهم وَقت العشا فرحنا مَعَ الدَّاعِي وتعشينا مَعَهم ثمَّ لما اصبحنا ازعجني صَاحِبي وَقَالَ نسافر فَقلت إِلَّا ترجو الغدا فَقَالَ لَا حَاجَة لنا بِهِ وهم بمفارقتي وَلم نَكُنْ نمر بالمصنعة الا لحَاجَة لي فانقضت حِين وصلنا ثمَّ خرجنَا فَلم نزل نسير حَتَّى وصلنا الظفر حصن هَذَا الرجل فالتقنا وَسلم علينا وانزلنا نَاحيَة من دَاره واتانا بِشَيْء من الطَّعَام فَامْتنعَ صَاحِبي عَن أكله فشق بِي ذَلِك وَلم أدر مَا الْقِصَّة ثمَّ امسينا وَلم يَأْكُل شَيْئا واراد الشَّيْخ ان يكرههُ على الاكل فمنعته عَن ذَلِك فَلَمَّا نمنا بعض نوم اذ بِهِ يوقظني وَيَقُول انْظُر لي طَعَاما وَكَانَ من عَادَة الشَّيْخ ان يفتقد الضَّيْف بعد هجعة بِشَيْء من الطَّعَام فَنحْن على الحَدِيث وانا الومه على ترك الطَّعَام اذ بالشيخ قد اقبل بِالطَّعَامِ فاكلنا اكلا جيدا فَقلت لَهُ يَا عجباه امْتنعت اول اللَّيْل عَن الاكل ثمَّ اكلت الان فَمَا حملك على ذَلِك فَقَالَ رَأَيْت لَيْلَة امسينا مَعَ الْقُضَاة وتعشينا مَعَهم انه أَتَانِي آتٍ فِي مَنَامِي فجر برجلي وادلاني الى مَوضِع شبه الْبِئْر يتوهج نَارا وَهُوَ يَقُول لي عَادَة تَأْكُل خبز الْقُضَاة وانا اقول لَا اعود لَا اعود فَقَالَ احْلِف على ذَلِك فاحلفني ايمانا مغلطة فَلَمَّا اصبحت كَانَ مني مَا رَأَيْت ثمَّ لما وصلنا هَذَا الرجل قلت اذا كَانَ هَذَا فعله معي فِي اكل خبز الْقُضَاة

    وهم يعْرفُونَ مَا يحل وَمَا يحرم فَكيف يفعل معي فِي خبز هَذَا الرجل الْجَاهِل ثمَّ لما نمت رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لي كل طَعَام عبد الْوَهَّاب فَهُوَ منا قَالَ فاخبرت الشَّيْخ عبد الْوَهَّاب بذلك فَبكى وَقَالَ لست اهلا لذَلِك بل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اهل الْكَرم والتكرم ثمَّ احسن الى سبأ ببشارته لَهُ ثمَّ حج فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وسِتمِائَة فَتوفي عَائِدًا من زِيَارَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد ان سَمعه جمَاعَة يَقُول يَا رَسُول الله انا بجارك من الْعود الى الظُّلم اللَّهُمَّ لَا تعدني اليه فتوفى على مرحلة من الْمَدِينَة فاعاده اصحابه الى البقيع وقبروه بَين الصَّحَابَة على مَا ذكر وَذَلِكَ سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وسِتمِائَة فخلفه اخوه مُحَمَّد بن رشيد نَحْو سنة ثمَّ أَحْمد فاقام عدَّة سِنِين وَكَانَ عبد الْوَهَّاب قد خلف وَلدين مبارز وَمُحَمّد فمبارز اخذ المشيخة بعد عَمه احْمَد وَقَامَ سِنِين على حَال جيد من الْخَيْر وصحبة الْعلمَاء وَالصَّالِحِينَ الى ان توفّي على ذَلِك لنيف وَتِسْعين وسِتمِائَة واما مُحَمَّد فَتوفي وَلم يكن لَهُ عقب ومبارز لَهُ عقب الْغَالِب عَلَيْهِم الْخَيْر والجود وَقَامَ من قومه بعد اخيه مُحَمَّد ابْن عَمه عبد الْوَهَّاب بن مُحَمَّد بن رشيد وَكَانَ من اعيان الشايخ وطريقته على النَّحْو من طَريقَة ابْن عَمه مبارز اذ هُوَ الَّذِي رباه ثمَّ قتل فِي الْقعدَة سنة عشْرين وَسَبْعمائة فخلفه ابْنَانِ هما احْمَد وَعلي فاحمد مَشْهُور ببلدهما بالجود وَالْحيَاء وَعلي الصَّغِير فَارِسًا تَابعا لاخيه هما الان القائمان

    واما ابْن عبد عَليّ فَهُوَ عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد عَليّ بن عواض بن سرى كَانَ ايضا من اعيان الْمَشَايِخ وَارِثا للمشيخة عَن ابيه وجده عبد على كَانَ قيلا كَبِيرا قبل الشَّيْخ علوان

    الجحدري وَإِنَّمَا تخرج علوان بِهِ وَلَكِن غلب على علوان الشهامة وَطلب الرياسة والمنافسة فِيهَا وَغلب على هَذَا الدّين وَالْعقل والمنافسة فِي اقتناء الاجر وَجَمِيل الذّكر بِحَيْثُ اخبر عَنهُ أَنه ألى على نَفسه أَنه لَا يَأْكُل طَعَاما الا مَعَ ضيف وَكَانَ اذا انْقَطع عَنهُ الضَّيْف بَكَى وَقَالَ يَا رب مَا ذَنبي الْبَلَد الَّذِي

    لم يأتني الضَّيْف

    وَلما قدم الغز الْيمن لم يحاربهم بل هادنهم وهاداهم فَكَانُوا يستعقلونه وَلم ينازعوه وَكَانَ يسكن بالحصن الْمَعْرُوف بِبَيْت عز على وزن فعل بخفض الْفَاء وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة ثمَّ لَام وَهُوَ من الْحُصُون المعدودة فِي الْيمن وَبِه توفّي وَلم اتحقق تَارِيخه بل انه قتل الْمَنْصُور وَهُوَ بَاقٍ قد عمي ثمَّ خَلفه ابْنه مُحَمَّد فَسَار بِنَحْوِ من سيرته من مُوَاصلَة الغز والاطعام وَالطَّاعَة الى ان توفّي فِي الدولة المظفرية وَكَانَ جوادا الا انه لَا خيب سَائِلًا حَتَّى كَانَ السُّؤَال يمتحنونه وَتُوفِّي على ذَلِك فَبعث المظفر بنه الاشرف الى الْحصن معزيا بِهِ الى ابْنه عَليّ الْمَذْكُور فَكَانَ لَهُ من اكرامهم شَيْء كثير بِحَيْثُ لم ينزل الاشرف حَتَّى قد عدان لاملك مَعَهم وَلَا حصن فحين وصل الى أَبِيه اعلمه بِعظم حَالهم فاكن فِي نَفسه الْغدر عِنْدَمَا ينرل إِلَيْهِ فَلم يكن غير يسير حَتَّى نزل إِلَى المظفر يسلم عَلَيْهِ وَذَلِكَ عَادَة لَهُ ولأبيه وجده مُوَاصلَة الْمُلُوك فَلَزِمَهُ وأطلعه الدملوة وَقَالَ لَا سَبِيل لإطلاقك حَتَّى تسلم إِلَيْنَا حصن بَيت عز فَأَقَامَ بالسجن مُدَّة والحصن بيد ولد لَهُ اسْمه يُوسُف فَلَمَّا طَال عَلَيْهِ السجْن وطمع الْأَعْدَاء بِهِ مَعَ ميل السُّلْطَان عَنْهُم رغب ابْنه فِي تَسْلِيم الْحصن فسلمه وَأطلق السُّلْطَان أَبَاهُ فسكن حجر الْموضع الَّذِي ذكرت اولا انه ابتنى بِهِ مدرسة جَيِّدَة وانها بَاقِيَة الى الان وَذكر الثقاة ان علوان كَانَ متأدبا مَعَ الشَّيْخ عَبده عَليّ وَقَومه وَكَانَ الشَّيْخ عَبده عَليّ بن مُحَمَّد من كرام الْعَرَب وشجعانها واخيارها يحب الصَّالِحين وَالْعُلَمَاء الرَّاشِدين توفّي اخر الْمِائَة السَّابِعَة تَقْرِيبًا وبالقرب من نَاحيَة دلال قَرْيَة الملحكي قَرْيَة تشهر بالفقهاء الاخيار مِنْهُم عَليّ بن مُحَمَّد كَانَ فَقِيها صَالحا وَرُبمَا ذكرُوا انه لم تفته صَلَاة الصُّبْح مُنْذُ بلغ يَعْنِي فِي وَقتهَا وَتُوفِّي عَليّ ذَلِك وَلم يتَزَوَّج قطّ وَكَانَت وَفَاته بتاريخ نَيف وسبعمائه

    وَمِنْهُم عَليّ بن القَاضِي كَانَ فَقِيها فَاضلا توفّي سنة سبع عشرَة وَسَبْعمائة واخر فقهائهم عُثْمَان بن ابي بكر بن سعيد بن احْمَد الْمرَادِي كَانَ فَقِيها فَاضلا يذكر بشرف النَّفس وعلو الهمة وإطعام الطَّعَام تفقه بِعَبْد الله السلالي مقدم

    الذّكر وبفقهاء ذِي اشرق وَكَانَت وَفَاته على الطَّرِيق المرضي سلخ الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَسَبْعمائة بعد ان بلغ عمره ثَلَاث وَسِتِّينَ سنة وَهَذِه الْقرْيَة اخر حد المخلاف من نَاحيَة الشرق واول حد الغرب

    فنرجع الى تَتِمَّة ذكر المخلاف وَحِينَئِذٍ فَارْجِع الى نَاحيَة المشيرق اذ هِيَ ايضا من النواحي الْقَدِيمَة بالعلماء والاخيار وَلَيْسَ بهَا الى الان من ذَرَارِي الْفُقَهَاء الَّذين ذكرهم ابْن سَمُرَة غير ذُرِّيَّة الْهَيْثَم وَقد ذكرتهم وذرية مُحَمَّد بن مَنْصُور وَقد ذكرتهم وقومهم جمَاعَة يسكنون بقرية صمع الَّتِي تقدم ذكرهَا وضبطها

    وَمِنْهُم ابْنه احْمَد بن مُحَمَّد تفقه بجبا على ى ابي بكر بن يحي واخذ كتب الحَدِيث عَن الشريف ابي الْحَدِيد مقدمي الذّكر وَكَانَ فَقِيها فَاضلا سَأَلَهُ القَاضِي عَليّ بن احْمَد العرشاني ان يقْعد مَعَه بعرشان ليقرئ لَهُ وَلَده عبد الله الْفِقْه وَيسمع هُوَ بِنَفسِهِ عَلَيْهِ الحَدِيث فاجاب واقام بعرشان وَكَانَ يذكر عَنهُ الدّين وَالْفِقْه والورع وَخلف ابْنه على مَا تقدم ذكره فِي اهل ذِي اشرق ثمَّ ابْن ابْنه الْمَعْرُوف بشرف الدّين ذكرته فِي الجبى اُحْدُ قرى الْجند واما قَومهمْ الَّذين هم فِي صمع فهم جمَاعَة مِنْهُم ابو بكر مُحَمَّد بن اسحم بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون السِّين وَفتح الْحَاء الْمُهْملَة ثمَّ مِيم سَاكِنة تفقه بعلي بن الْحُسَيْن الْمَذْكُور اولا وَلم اتحقق من نَعته شَيْئا

    وَمِنْهُم عَليّ بن مَنْصُور بن اسحم فَإِن لَدَيْهِ فقه وَمَعْرِفَة بالفرائض وَولى حكم بلدتي سيف الدّين تقدم ذكرهم

    وَمِنْهُم حُسَيْن بن مُحَمَّد بن اسيد بِضَم الْهمزَة وَفتح السِّين المهلة وَسُكُون الْيَاء الْمُثَنَّاة من تَحت ثمَّ دَال مُهْملَة ابْن اسحم الْمُقدم ذكره كَانَ فَقِيها عابدا خيرا توفّي بِمَكَّة سنة سبع عشرَة وَسَبْعمائة ويليهم أهل هدافة بِضَم الْهَاء وَفتح الدَّال

    الْمُهْملَة ثمَّ الف ثمَّ فتح الْفَاء ثمَّ هَاء سَاكِنة كَانَ بهَا جمَاعَة مِنْهُم ابو مُحَمَّد بن عبد الله بن احْمَد بن ابي الْقَاسِم بن احْمَد بن اِسْعَدْ الْخطابِيّ نِسْبَة الى عرب يعْرفُونَ ببني خطاب يسكنون حازة القحمة بِمَدِينَة ذؤال كَانَ تربا لعَلي بن حُسَيْن الاصابي وتفقهه بِمُحَمد بن مَضْمُون وَمُحَمّد بن جديل وامتحن بِقَضَاء السحول والمشيرق ووحاظة وَكَانَ سكن مِنْهَا قَرْيَة الجعامي الَّتِي كَانَ يسكنهَا الامام زيد الفائشى لانه تزوج فِي ذُريَّته ثمَّ صَار إِلَى هدافة وَتزَوج من ذُرِّيَّة الْهَيْثَم اهل الْجحْفَة فاولد مِنْهَا ابْنَيْنِ هما عُثْمَان وَاحْمَدْ وَكَانَت وَفَاته بالقرية سنة ثَمَانِي وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة وَكَانَ لَهُ اخ اسْمه احْمَد درس بمدرسة الزواحي وَكَانَ مَسْكَنه الاول الجعامي ثمَّ انْتقل الى قَرْيَة تعرف بدفنة بِفَتْح الدَّال الْمُهْملَة وخفض الْفَاء وَفتح النُّون ثمَّ هَاء سَاكِنة وَبهَا توفّي كَانَ زاهدا ورعا لم اتحقق تَارِيخه ثمَّ اخلف عبد الله ابْنه ابو عَفَّان عُثْمَان الْمَعْرُوف بِصَاحِب هدافة الْمُقدم ذكرهَا مولده سنة ثَمَانِي عشرَة وسِتمِائَة تفقه بعلي بن ابي السُّعُود الَّاتِي ذكره وبعثمان من فُقَهَاء الوزيرة غلبت عَلَيْهِ الْعِبَادَة والتصوف وَكَانَ يُقَال انه اوتى اسْم الله الاعظم وَكَانَت لَهُ كرامات كَثِيرَة وينتابه الزائرون من الانحاء المبتعدة وَكَانَ صبورا على اطعام الطَّعَام فَقِيها نزه الْفِقْه حصل بيَدي نُسْخَة التَّنْبِيه الَّذِي لَهُ وَجدتهَا مَعَ بعض قومه فَوجدت مُعَلّقا فِي بعض دفاته بِخَطِّهِ مَا مِثَاله حَدثنِي الْفَقِيه السَّيِّد الاجل الْفَاضِل الْكَامِل الْمُوفق يحي بن احْمَد بن زيد بن مُحَمَّد بن زُهَيْر بن خلف الْهَمدَانِي وَفقه الله تَعَالَى انه رأى فِي الْمَنَام منتصف جمادي الاخرة فِي نصف اللَّيْل الاخير سنة سِتّ وسِتمِائَة انه فِي مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَوجدَ

    الْقبَّة الَّذِي على قَبره وقبر صَاحِبيهِ منكشفة من غيرتخريب وَقد بَقِي مِنْهَا مَا يُغطي الْقَاعِدَة وَمن الْقَائِم إِلَى مقْعد الازار فَدَنَا مِنْهَا فَوجدَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وصاحبيه رَضِي الله عَنْهُمَا قَاعِدين متوجهين الْقبْلَة قَالَ فاستقبلتهم من وَرَاء الْجِدَار الْبَاقِي وَجعلت الْقبْلَة دبر ظَهْري ثمَّ اعطيت نورا فِي قلبِي وطلاقة فِي لساني فَقلت يَا رَسُول الله الْقُرْآن منزل غير مَخْلُوق قَالَ نعم قلت بِصَوْت وحرف قَالَ نعم قلت بِحرف وَصَوت يسمع وَمعنى يفهم قَالَ نعم قلت فَمن قَالَ ان الْقُرْآن مَخْلُوق كَافِر هُوَ قَالَ نعم قلت وان صلى وَصَامَ واتى الزَّكَاة وَحج الْبَيْت هَل يُرْجَى لَهُ الشَّفَاعَة قَالَ لَا قلت يَا رَسُول الله طَلَاق التنا فِي بَاطِل اَوْ صَحِيح فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَاطِل بَاطِل مرَّتَيْنِ وانا اشك فِي الثَّالِثَة وَغلب ظَنِّي انه قَالَهَا ثمَّ قلت يَا رَسُول الله تَارِك الصَّلَاة كَافِر قَالَ نعم قلت يَا رَسُول الله فَهَؤُلَاءِ الَّذين يرعون الْبَقر وَالْغنم ويجعلو وهم يشْهدُونَ ان لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله وَيُؤْتونَ الزَّكَاة مَتى وجدوا ويحجون الْبَيْت إِن اسْتَطَاعُوا وَيَصُومُونَ شهر رَمَضَان ويحسنون الصَّلَاة لَكِن يَقُولُونَ هَذِه الدَّوَابّ تنجسنا فَإِذا اجتعلنا ايضا تنجسنا انهم كفار ام مُسلمُونَ فَسكت صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وانقطعت الْكَلَام فَقَالَ لي ابو بكر وَعمر نكتب لَك بِهَذَا كراسا لَا تنسى ذَلِك فَسكت وَلم ادر مَا شغلني عَن القَوْل لَهما يكتبان لي ذَلِك وَكَانَ وَفَاة هَذَا عُثْمَان على الطَّرِيق الْكَامِل من الزّهْد وَالْعِبَادَة واطعام الطَّعَام بالقرية سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة وامتحن بالجذام حَتَّى سَقَطت رجله الْيُمْنَى من الكعب ويبس من يَده الْيمن اصبعان وَكَانَ عَظِيم الْحَال لَهُ كرامات يطول تعدادها زرت قَبره اول سنة خمس عشرَة وَسَبْعمائة اذ ثَبت عِنْدِي عَظِيم حَاله وَلَا عقب لَهُ

    وَمِنْهُم ابْنه الاخر على بن عبد الله مولده سنة سِتّ عشرَة وسِتمِائَة تفقه بِابْن

    نَاصِر الْمَذْكُور بالذنبتين وَكَانَ فَقِيها محققا مدققا محجاجا سكن قَرْيَة من مخلاف يفوز يُقَال لَهَا منزل عديل على وزن فعيل بِفَتْح الْفَاء وَكسر الْعين المهلمة وَسُكُون الْيَاء الْمُثَنَّاة من تَحت ثمَّ لَام وامتحن اخر عمره بالعماء وَتُوفِّي على ذَلِك على راس عشر وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا وَمِنْهُم ابْن ابْنه احْمَد بن مُحَمَّد بن عبد الله تفق باهله وَأخذ كتب الحَدِيث عَن مُحَمَّد بن مِصْبَاح وَكَانَ فَقِيها رُبمَا قَالَ شَيْئا من الشّعْر والقائم الان بالقرية هُوَ مُحَمَّد بن احْمَد بن الْفَقِيه عبد الله رجل يذكر بِالْخَيرِ وَالدّين وشرافة النَّفس ونزاهة الْعرض واطعام الطَّعَام وَكنت اسْمَع بذلك عَنهُ فاعجب حَتَّى قدمت عَلَيْهِ الْبَلَد فَكَانَ كَمَا قَالَ الشَّاعِر ... وشوقي ذكر الجليس اليكم ... فَلَمَّا الْتَقَيْنَا كُنْتُم فَوق وَصفه ... وَهُوَ يُسمى بالفقيه كَمَا جرت عَادَة اولاد الْفُقَهَاء واقاربهم وَهَذَا اخرهم وبيته شبه الرِّبَاط وَهَذَا عَادَة هدافة مُنْذُ ظهر بهَا الْفَقِيه عُثْمَان وَمن قَرْيَة الزواحي عبد الرَّحْمَن بن عمرَان بن احْمَد بن ابي الْهَيْثَم تفقه بِيُوسُف بن عَليّ الْمَذْكُور فِي ذُرِّيَّة الْهَيْثَم وَهُوَ الان الْمدرس بِمَسْجِد هَذِه الْقرْيَة يذكر بالصلاح والزهد وضبطها بالزاي مَفْتُوحَة بعد الف وَلَام ثمَّ وَاو مَفْتُوحَة ثمَّ الف ثمَّ حاء مُهْملَة ثمَّ يَاء سَاكِنة كياء النّسَب وَالْمَسْجِد الَّذِي يدرس بِهِ قديم بناه الشَّيْخ قَاسم بن حمير الوائلي ووقف عَلَيْهِ وَقفا شَرط ان يكون فِيهِ مدرس ودرسة وَقد درس بِهِ جمَاعَة من الْفُقَهَاء قبل هَذَا عبد الرَّحْمَن ثمَّ يَلِي هَذِه الْقرْيَة على جِهَة الْعود الى جبلة قَرْيَة الفراوي بِفَتْح الْفَاء وَالرَّاء ثمَّ الف ثمَّ وَاو وياء النّسَب اول من شهر بهَا رجل

    يُسمى الاديب كَانَ عابدا صَالحا لَهُ اشْتِغَال بالكتب وَلم يزل على طَرِيق الْعِبَادَة والزهادة الى ان توفّي سلخ ربيع الاول سنة احدى وَسِتِّينَ وسِتمِائَة فَحَضَرَ قبرانه خلق كثير لَا يكادون ينحصرون

    مِنْهُم الْفَقِيه عمر بن سعيد صَاحب ذِي عقيب وَالشَّيْخ عَليّ صَاحب المقداحة وَدفن عقيب النَّهَار فَبَاتَ بالقرية جمع كثير من القبار فيهم الْفَقِيه وَالشَّيْخ الْمَذْكُورَان فَذكرُوا انه حصل لَهُم فِي تِلْكَ اللَّيْلَة تورة لحوح ووعاء زوم فاقتلد اُحْدُ الرجلَيْن بكفاية الْحَاضِرين باللحوح والاخر بالزوم ففعلا ذَلِك حَتَّى صدر الْحَاضِرُونَ شباعا ثمَّ بعد ذَلِك بايام وصل الْفَقِيه حُسَيْن بن الْفَقِيه ابي السُّعُود الَّاتِي ذكره فاقام بالموضع واحياه ثمَّ قد عرض مَعَ ذكر هَذَا الاديب ذكر رجلَيْنِ من الاعيان هما الْفَقِيه عمر بن سعيد وَالشَّيْخ عَليّ بن عبد الله فاما الْفَقِيه عمر فَسَيَأْتِي ذكره واما الشَّيْخ عَليّ فَهُوَ ابو الْحسن عَليّ بن عبد الله عرف بِصَاحِب المقداحة كَانَ من اعيان الزهاد والعباد بِحَيْثُ تقدمه النَّاس على كثير مِمَّن انتسب الى طَرِيق الصُّوفِيَّة اخبرني الثِّقَة الْعَارِف بِكَثِير من اخبار النَّاس ان هَذَا الشَّيْخ كَانَ فِي بدايته رَاعيا لغنم يملكهَا فِي بعض النواحي نواحي المشيرق وَكَانَ لَهُ زَوْجَة فَبَيْنَمَا هما يسهران لَيْلَة على سقف الْبَيْت اذ بفقير قد اقبل فَقَالَت الْمَرْأَة يَا فلَان لَاقَى هَذَا الْفَقِير وَاعْتذر لَهُ فقد تعشينا وَمَا مَعنا شَيْء قَامَ الشَّيْخ واراد ان

    يمشي للقائه فامتسكت رِجْلَاهُ فَدخل فِي نَفسه ان ذَلِك حَال من الْفَقِير فَغير نِيَّته وعزم على ان يلقيه وادخاله الْبَيْت ويأتيه بِطَعَام يسْتَأْنف لَهُ عمله فامتدت رِجْلَاهُ وَسَار فلقى الْفَقِير فَسلم عَلَيْهِ ورحب بِهِ وادخله الْمنزل فَلم تطب الْمَرْأَة بذلك كَمَا جرت عَادَة قليلات التَّوْفِيق فِي كَرَاهَة الضَّيْف فَقَالَ الشَّيْخ قومِي المحني لنا طَعَاما واصنعي لنا اكلا فاعتذرت وَقَالَت لَيْسَ ثمَّ طَعَام نطحن فاكرهها على ذَلِك واخذ لَهَا عودا ضربهَا بِهِ حَتَّى شجها برأسها ثمَّ تَركهَا واخذ الطَّعَام وَجعل يطحن فاستحيت الْمَرْأَة وربطت رَأسهَا واخذت المطحن من يَده وطحنت الطَّعَام حَتَّى اكملت الطَّعَام عصدته واتت لَهُم بِهِ فَأكل الشَّيْخ وَالْفَقِير وهما يتحدثان فَلَمَّا فرغا مسح على رَأس الشَّيْخ وصدره ثمَّ ودعه وسافر فَبعد فَرَاغه وَقع فِي نفس الشَّيْخ الْحَج وعزم عَلَيْهِ فققى الْمَرْأَة بعض الْغنم وَبَاعَ الْبَاقِي اخذ ثمنه وسافر بِهِ زادا الى مَكَّة ثمَّ عَاد الْبَلَد عَازِمًا خدمَة الْفُقَرَاء فِي بعض الرَّبْط فَقدم الْجند وَبهَا عدَّة من الْمَشَايِخ اصحاب الاحوال والكرامات فقصد شَيخا مِنْهُم يعرف بِعَبْد الله بن فلَان يلقب بالرميشي بِضَم الرَّاء وَفتح الْمِيم وَسُكُون الْيَاء الْمُثَنَّاة من تَحت ثمَّ شين مُعْجمَة نسبه فِي بني مِسْكين الْمُقدم ذكرهم وَالْتزم بِخِدْمَة الرِّبَاط فَذكرُوا انه امتحنه وَلم يحكمه كَمَا جرت عَادَة الْمَشَايِخ الاختبار مقدم على التَّحْكِيم فَظهر لَهُ مِنْهُ امور عَظِيمَة واحوال خارقة فاراد ان يحكمه فَقيل لَهُ خطابا لَيْسَ من اصحابك هُوَ من اصحاب ابي الْغَيْث فَقَالَ لَهُ يَوْمًا يَا عَليّ رح الى أبي الْغَيْث فاصحبه فَهُوَ شيخك فبادر وَنزل تهَامَة فَذكرُوا ان الشَّيْخ ابا الْغَيْث كَانَ يَقُول للْفُقَرَاء يقدم عَلَيْكُم فَقير كَبِير الْقدر من هَذِه الْجِهَة فِي هَذِه الْمدَّة وَيُشِير إِلَى الطَّرِيق الَّتِي جَاءَ مِنْهَا وَكَانَ الْفُقَرَاء يخرجُون كل يَوْم الى تِلْكَ الْجِهَة يتلقونه فَقدر انهم يَوْم قدومه التقوه الى الطَّرِيق ووقفوا حَتَّى احرقتهم الشَّمْس ودخلوا الْبيُوت فَقدم الشَّيْخ وَدخل الرِّبَاط وهم على ذَلِك غافلون فحين قدم رحب بِهِ الشَّيْخ وَحكمه من سَاعَته وَقد كَانَ على مَعْلُوم حصله فِي نظر الشَّيْخ الرميشي بالجند فازداد بِنَظَر الشَّيْخ أبي الْغَيْث حسنا حَتَّى كَانَ اعيان الطَّرِيق يَقُولُونَ بشياخة صَاحب المقداحة للرميشي وقصارته انه لابي الْغَيْث ثمَّ بعد مُدَّة عَاد الْجَبَل وَقصد مَسْجِدا

    خربا يعرف بالموضع الْمَعْرُوف بالمقداحة اخذ وَهُوَ اذ ذَاك لَا يسكن حوله فاعتكف فِيهِ فَبعد ايام تقدم رعاء الى الْمَسْجِد فوجدوا الشَّيْخ فِيهِ فَسَلمُوا عَلَيْهِ وَلم يزَالُوا يأتونه وَعلم بِهِ النَّاس فوصلوه وبنوا لَهُ الْمَسْجِد وَكَانَ مَسْجِدا لطيفا ثمَّ بنى لَهُ رِبَاطًا ومساكن كَثِيرَة يحكموا على يَده فرباهم التربية المحققة من الْخدمَة وَالْتزم الصّيام وَالْقِيَام والزهد والورع حَتَّى اعْترف لَهُ بالتربية كل عَارِف وَوَصفه كل واصف وَالْمَسْجِد الَّذِي اعْتكف بِهِ الشَّيْخ هُوَ مَسْجِد لطيف بَاقٍ الى الان على يسَار الرِّبَاط وَلما اقبل النَّاس على الشَّيْخ من كل نَاحيَة بالفتوحات الْكَبِيرَة كَانَ يقبلهَا قبُول فارغ عَنْهَا فَلَا يكَاد يحوز بِشَيْء مِنْهَا وَلم يكن يُمَيّز احدا من أَصْحَابه على اُحْدُ وَاجْتمعَ عِنْده جمع كثير وصلوا الْجُمُعَة وَالْجَمَاعَة ولازموا طَرِيق الشَّرِيعَة لم يتجاوزها اُحْدُ مِنْهُم وَلَا مَعَهم وَظهر فِي أَصْحَابه جمَاعَة اخيار وَكَانَ لَا يُمَيّز نَفسه على اصحابه وَلَا حرمته على حرمهم واذا وصل فتح وصل الى الصَّغِير كَمَا يصل الى الْكَبِير حَتَّى ذكرُوا ان فَقِيرا ورد فَوضع بَين يَدَيْهِ قَلِيل زبيب فَقَالَ الشَّيْخ للنقيب خُذ هَذَا واعمله فِي المشعل بعد ان ملأَهُ مَاء فَفعل ذَلِك بِحَضْرَة الشَّيْخ وتغافل عَنهُ سَاعَة حَتَّى انحل مِنْهُ مَا ينْحل فامره ان يَدُور بِهِ على جَمِيع من فِي الرِّبَاط يسقى كلا مِنْهُ نَصِيبا وَحكى ان النَّقِيب اسْتعْمل عدَّة مصاون لِنسَاء الْفُقَرَاء وامر الصَّانِع ان يعْمل فِي المصون الَّذِي لزوجة الشَّيْخ خيطا حَرِيرًا فَلَمَّا فرغ اوصل المصاون وَهِي شَيْء تغطى بِهِ النِّسَاء رُؤْسهنَّ يُسَمِّيه اهل اللُّغَة الْخمار الى النَّقِيب فاحضرهن الى الشَّيْخ فَقَالَ لَهُ لم عملت لهَذَا علما وَلم تعْمل

    للْجَمِيع فَقَالَ هَذَا لَام الْفُقَرَاء يَعْنِي زَوْجَة الشَّيْخ فاخذه وَقطع مِنْهُ الْحَرِير فَصَارَ دونهن اذ فِيهِ قطع وخشن فلبسته ام الْفُقَرَاء على ذَلِك وَلَيْسَ كَمَا ترى فِي زَمَاننَا هَذَا يتَّخذ مشايخه من فتوح الْفُقَرَاء والمساكن والملابس الْحَسَنَة والمصاغ والمراكب النفسية ويكنزون مَا زَاد على ذَلِك ويشترون بِهِ الاراضي كماترى ذَلِك فِي الْمُشَاهدَة وَبِالْجُمْلَةِ فمناقب صَاحب المقداحة اكثر من ان تحصى وَلم يزل على الْقدَم المرضى حَتَّى توفّي لَيْلَة الثُّلَاثَاء لست بَقينَ من جمادي الاخرة اُحْدُ شهور سنة ثَمَانِي وَسِتِّينَ وسِتمِائَة وَدفن بِطرف الرِّبَاط وَقَامَ بعده الشَّيْخ سُلَيْمَان بن يحي وَكَانَ من اكابر مَشَايِخ الشوافي وَمِمَّنْ صحب الشَّيْخ وَحصل لَهُ مِنْهُ نصيب وافر رُؤِيَ الشَّيْخ عَليّ فِيمَا بعد مَوته فَقيل لَهُ من اسْتخْلفت على اصحابك فِي موضعك فَقَالَ الْخضر ثمَّ لما نزل بِسُلَيْمَان الْمَوْت اسْتخْلف ولدا للشَّيْخ اسْمه صَالح يحضر الْفُقَرَاء وَقَالَ لَهُم اعلموا انا جَمِيعًا ببركة هَذَا وبركة ابيه فكونوا لَهُ خادمين مُطِيعِينَ محبين واحذروا مُخَالفَته فانما كنت خَادِمًا لَهُ فَأَجَابُوا بِالْقبُولِ وَالطَّاعَة ثمَّ توفّي وَلما كَانَ بعد ايام طَوِيلَة لَيْسَ بالمرة توفّي ولد الشَّيْخ وَبَقِي الرِّبَاط فَارغًا عَن قَائِم وَكَانَ للشَّيْخ ولد كَبِير اسْمه مُحَمَّد خرج فِي ايام ابيه وساح الْبِلَاد فَبلغ مَدِينَة ظفار الحبوضي وَقعد ينظر شيخ فِيهَا يعرف بِمُحَمد بن ابي بر فَلَمَّا رأى عقلاء اصحاب الشَّيْخ حَاجتهم الى قَائِم يقوم بأمرهم بعثوا رَسُولا الى ظفار يكْتب اليه وَإِلَى الشَّيْخ يعلمونهما بِشدَّة الْحَاجة الى قَائِم يقوم بالموضع وَلَا يُوجد لَهُ غَيره فحين وصل الْعلم الى ظفار جهزه الشَّيْخ مُحَمَّد والزمه ان يعود الى مَوضِع ابيه فَقدم وابتنى الرِّبَاط على صفة ربط ظفار ومساجدها بِنَاء موثقًا وَقَامَ بالموضع قيَاما مرضيا الى ان توفّي على ذَلِك سلخ جمادي الاولى سنة عشر وَسَبْعمائة وَكنت مِمَّن حضر دَفنه وقرأته وَاجْتمعت بِهِ مرّة فِي الْجند فَرَأَيْت رجلا لبيبا عَارِفًا بِالطَّرِيقِ وَخَلفه ابْن لَهُ اسْمه يُوسُف كَانَ اذ ذَاك صَغِيرا وَهُوَ بَاقٍ على الْقيام بالموضع الى عصرنا سنة ثَلَاث وَعشْرين وَسَبْعمائة

    وَقد عرض مَعَه ذكر الشَّيْخ مُحَمَّد فَهُوَ ابو عبد الله مُحَمَّد بن ابي بكر اصله من دثينة سكن رِبَاطًا خَارِجا من ظفار يذكر لَهُ كرامات كَثِيرَة وَيَده للشَّيْخ مدافع

    توفّي على الطَّرِيق المرضي سنة خمس وَسَبْعمائة ثمَّ خَلفه ابْن لَهُ اسْمه ابو بكر يذكر بِالدّينِ وَالطَّرِيق المرضي وَحِينَئِذٍ نرْجِع الى ذكر الْفُقَهَاء بالفراوي وَغَيرهَا فقد ذكرت ان الشَّيْخ حُسَيْن قدمهَا بعد وَفَاة الاديب سعيد وَكَانَ يسكن قبل ذَلِك قَرْيَة الصفي رَأس وَادي السحول وَهُوَ ابو عبد الله الْحُسَيْن بن ابي السُّعُود ابْن الْحُسَيْن بن مُسلم بن عَليّ الْهَمدَانِي مولده سنة خمس وَعشْرين وسِتمِائَة وَسَيَأْتِي ذكر ابيه ان شَاءَ الله تَعَالَى مَعَ اهل ذِي عقيب سلك هَذَا حُسَيْن طَرِيق الْعِبَادَة وَصَارَ لَهُ بالصلاح حَتَّى توفّي على ذَلِك لليلتين مضتا منش عبان سنة تسع وَتِسْعين وسِتمِائَة فَحَضَرَ قبرانه خلق كثيرا أحصى الْقُرَّاء فيهم كَانُوا سَبْعمِائة رجل وَخلف ثَلَاثَة بَنِينَ اكبرهم مُحَمَّد مولده لليلتين خلتا من الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وخسمين وسِتمِائَة وَكَانَ صَاحب مسموعات وقراءات وغلبت عَلَيْهِ الْعِبَادَة وَكَانَ من اكثر النَّاس تِلَاوَة لِلْقُرْآنِ مَعَ الزّهْد والورع الى ان توفّي على ذَلِك لَيْلَة الِاثْنَيْنِ لخمس بَقينَ من ربيع اول الْكَائِن من سنة سبعين وسِتمِائَة فَحَضَرَ قبرانه خلق كثير من نواحي شَتَّى

    مِنْهُم الْفَقِيه مُحَمَّد بن ابي بكر الاصبحي من اب وابو بكر بن احْمَد التباعي مقدم الذّكر فَذكرُوا ان التباعي كَانَ اُحْدُ الغاسلين لَهُ وَكَانَ اذ ذَاك عقيب رمد فاخذ المَاء المحتقن فِي سرته فَمسح بِهِ عينه باطنهما وظاهرهما فَكَانَ ذَلِك اخر رمد رمده حَتَّى توفّي وَهَذَانِ الفقيهان الْمَذْكُورَان احدهما من اب الْبَلَد الْمَذْكُورَة وَهِي على مرحلة من الفراوي والتباعي من المغادر على نصف مرحلة ايضا وَكَذَلِكَ الْفَقِيه عمر بن سعيد الَّذِي حضر قبران الاديب على مرحلة جَيِّدَة فَانْظُر ايها النَّاظر فِي كتابي سير هَؤُلَاءِ الْقَوْم يرتحل الانسان مِنْهُم المرحلة والمرحلتين فِي قبران اَوْ زِيَارَة لَا يمنعهُم عَن ذَلِك رياسة فقه وَلَا تدريس وَلَا كَذَلِك كماترى فِي زَمَاننَا وَخلف مُحَمَّد بن حُسَيْن ثَلَاثَة من الْوَلَد فابنه احْمَد مولده يَوْم الاحد تَاسِع الْحجَّة من سنة احدى وَسِتِّينَ وسِتمِائَة كَانَ فَقِيها مُجْتَهدا محصلا

    ورعا زاهدا تفقه بِمُحَمد بن ابي بكر الاصبحي وَكَانَ يكثر التَّرَدُّد الى شَيخنَا ابي الْحسن الاصبحي ويراجعه فِيمَا يشكل عَلَيْهِ من الْمسَائِل وَمن ورعه انه كَانَ للْوَاقِف بقرية الفراوي شَيْء يعتاده وَهُوَ قدر جيد من طَعَام املاك وَقفهَا اهل الدَّار الشمسي الْمُقدم ذكرهم برا فتورع هَذَا عَنهُ وَلم يقبله فَانْقَطع ذَلِك عَنْهُم أَي عَن الْقَائِم بالقرية الى عصرنا وَكَانَت وَفَاته لَيْلَة الثُّلَاثَاء الثَّالِثَة عشرَة لَيْلَة بَقينَ من الْقعدَة سنة سبع وَتِسْعين وسِتمِائَة والجميع يقبر الى جنب الأديب سعيد الْمَذْكُور اولا وَهُوَ شَرْقي الْقرْيَة زرت قُبُور الْجَمِيع مرَارًا وَابْنه الثَّالِث ابو الْقَاسِم بن حُسَيْن مولده رَجَب سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وسِتمِائَة يَوْم قدمت كَانَ هُوَ الْمشَار اليه بِالْقيامِ بالموضع ومقابلة الْوَارِد وَالْقِيَام بِحَالهِ ولديه تفقه لَكِن مَال الى طَرِيق الصُّوفِيَّة وَصَحب الشَّيْخ الْقُدسِي الْمُقدم ذكره وتحكم على يَده ونصبه شَيخا وَكَانَ على حَال مرضِي من سَعَة الاخلاق وايناس الوراد والاشتغال بمطالعة الْكتب والبحث عَن فوائدها وَلَقَد تَذَاكرنَا مرّة قَول صَالح المري لاحمد بن هَارُون السَّبي اَوْ لَك نُطْفَة مذرة واخرك جيفة قدره وانت فِيمَا بَين ذَلِك تحمل الْعذرَة فَقَالَ لي قد نظم ذَلِك بعض الْفُضَلَاء فِي ثَلَاثَة ابيات هِيَ ... عجبت من معجب بصورته ... وَكَانَ من قبل نُطْفَة مذرة

    وَفِي عد بعد حسن صورته ... يصير فِي الْقَبْر جيفة قذرة

    وَهُوَ على عجبه ونخوته ... مَا بَين ثوبيه حَامِل عذره ... وَحج مرَارًا وَتُوفِّي برمضان سنة ثَلَاثَة عشرَة وَسَبْعمائة وَمِنْهُم اولاد مُحَمَّد قد ذكرت مِنْهُم ثَلَاثَة أكبرهم احْمَد مولده لَيْلَة الاحد ثَالِث عشر جمادي الاخرة من سنة ثَمَانِينَ وسِتمِائَة وتفقهه بِصَالح السفالى ورزق بَصِيرَة فِي الْعلم وتوفيقا فِي الدّين وزهدا وَإِلَيْهِ أَنْسَاب أهل بَلَده بِالدّينِ وَالصَّلَاح ويحكون لَهُ كرامات

    تدل على خَيره وَرَأَيْت لَهُ بذلا لمواصليه وأنسا معجبا وغالب اشْتِغَاله بالفقه مَعَ كَمَال الْعِبَادَة حَتَّى توفّي على ذَلِك خَامِس شَوَّال سنة ثَلَاث وَعشْرين وَسَبْعمائة

    ثمَّ يَلِيهِ حُسَيْن مولده يَوْم الِاثْنَيْنِ خَامِس ربيع الاخر سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة تفقه باخيه وَكلما قدمت عَلَيْهِم قَرَأَ على بعض شَيْء من ذَلِك بَانَتْ سعاد بتخميس الظفاري ثمَّ غَيره وَهُوَ بَاقٍ فِيمَا عهِدت ثمَّ اخوهما ابو الْقَاسِم مولده يَوْم الاحد جمادي وَعشْرين من جمادي الاولى سنة خمس وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة وَكَانَ يذكر بِالدّينِ توفّي على ذَلِك لخمس بَقينَ من شعْبَان سنة ثَمَانِي عشرَة وَسَبْعمائة وَمن عزلة القرانات جمَاعَة تقدم ذكرهم كبنى ملامس وَغَيرهم ثمَّ من ذِي الاصاور الْخضر بن مُحَمَّد بن مَسْعُود بن سَلَامه اصل بَلَده من وصاب وَكَانَ فَقِيها عَالما ورعا وَهُوَ الَّذِي ذكرت انه وصل الى الْفَقِيه مُحَمَّد بن عمر الجبرتي الى سائله جبلة فَقَالَ فِي حَقه الْفَقِيه مَا قَالَ وَقد درس هَذَا بِمَسْجِد عكار

    وَمِنْهُم احْمَد بن مُحَمَّد عرف بالرعاوي قد ذكرته فِيمَن ولى القضا فِي الْجند وَكَانَ ظَاهر الْمَرْوَة وَالدّين لَكِن الجأه الْفقر والعوز على الْمصير الى الْقَضَاء بالجند فَلبث شَهْرَيْن ثمَّ مرض فطلع بَلَده مَرِيضا فَلبث أَيَّامًا وَتُوفِّي على ذَلِك لاربع بَقينَ من شَوَّال سنة ارْبَعْ عشرَة وَسَبْعمائة وَمِنْهُم يُوسُف بن مُحَمَّد بن مَضْمُون ولي قَضَاء عدن من قبل بني مُحَمَّد بن عمر فَلبث على ذَلِك سِنِين ثمَّ فصلوه واعادوا ابْن الاديب اذ كَانَ عزل نَفسه اولا فَجعلُوا هَذَا مَكَانَهُ فَلَمَّا عَاد ابْن الاديب اراد ملازمته على حِسَاب مَا قبض وَصرف من الْمُسْتَوْدع فصده عَنهُ القَاضِي مُحَمَّد بن عَليّ مياس الَّاتِي ذكره وَقَالَ هَذَا يروح الى من ولاه يفصل مَعَه وَمَا اليك من امْرَهْ شَيْء فَخرج على كره مِنْهُ الى القَاضِي ابْن مياس وَذَلِكَ أَنه لما كتب لَهُ قَاضِي الْقُضَاة على ابْن الاديب يعود إِلَى الْقَضَاء كتب لِابْنِ مياس يَأْمُرهُ ان يدْخل عدن مَعَه يقبض الْمُسْتَوْدع

    يحضرهُ فَلَمَّا صَار بِبَلَدِهِ وَبِيَدِهِ شَيْء لَهُ جنس اشْترى بهَا اراضي جَيِّدَة وبيوتا فَلم يزل على ذَلِك حَتَّى كَانَ سنة ثَلَاث عشرَة فَجعل قَاضِيا بتعز فَلبث مُدَّة حَتَّى حدث بَين القَاضِي وَعَمه اِسْعَدْ مُنَازعَة فِي طَرِيق فَظهر للْقَاضِي هَذَا ان ذَلِك حط نفس وخشى عَاقِبَة ذَلِك نَقله مساعدة قَاضِي الْقُضَاة على عَمه فعزل نَفسه وَعَاد بَلَده فَلبث بهَا اشهرا ثمَّ ولاه قَضَاء صنعاء فَلبث عَلَيْهِ حَتَّى ولى ابْن الأديب الْقَضَاء الْأَكْبَر فَعَزله فَعَاد بَلَده مُتَوَلِّيًا بعض جهاتها الى ان توفّي مستهل جمادي الاولى سنة ثَمَانِي عشرَة وَسَبْعمائة

    وَمِنْهَا عزلة الشوافي وَهِي قَليلَة الْفُقَهَاء لم يذكر ابْن سَمُرَة احدا وَبهَا جِهَات بهَا فُقَهَاء

    مِنْهُم اهل السهولة بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة ثمَّ هَاء ثمَّ وَاو ثمَّ لَام ثمَّ هَاء سَاكِنة وهم جمَاعَة

    مِنْهُم احْمَد بن عبد الله ابْن مَسْعُود بن عليان بن هِشَام الترخمي وَكَانَ فَقِيها صَالحا توفّي سنة خمس عشرَة وسِتمِائَة تَقْرِيبًا

    وَمِنْهُم ابْنه عبيد مولده ثَانِي عشرَة ربيع الاخر سنة اثْنَتَيْ عشرَة وسِتمِائَة تفقهه بِجَمَاعَة معظمهم ابو بكر بن نَاصِر مقدم الذّكر فِي اهل الذنبتين وبعلي بن الْحُسَيْن الاصبحي وَبِمُحَمَّدٍ بن يحي بن اسحق بن أَخِيه يحي بن أبي بكر الْجَمِيع مضى ذكرهم فِي أهل جبا وَذكر الثِّقَة عَنهُ انه قَالَ رَأَيْت لَيْلَة انى مار بطرِيق فوردت على ثَلَاث طرق يمناهن متسعة ويسراهن اضيق مِنْهَا ثمَّ يسراهن جَمِيعًا اضيق من الْكل فتحيرت ايهن اسلك ثمَّ قوى عزمي على سلوك الطَّرِيق الْوُسْطَى فَلَمَّا صرت بهَا لَقِيَنِي رجل فَقَالَ اتدري مَا الطّرق قلت لَا قَالَ اما الْكَبِيرَة فطريق ابْن حَنْبَل وَالَّتِي سلكت طَرِيق الشَّافِعِي وَعَن يسارها طَرِيق

    مَالك

    وارتحل الى زبيد فاخذ بهَا الْفَرَائِض عَن سعيد بن مُعَاوِيَة والتنبيه عَن ابْن قَاسم الْمَذْكُورين فِي اهل زبيد وَسمع الْبَيَان على عبد الله بن يحي وَلما حج اخذ بِمَكَّة عَن ابْن النُّعْمَان بن بشير بن ابي بكر التبريزي وتفقه بِهِ جمَاعَة من بَلَده وَغَيرهَا وَسَأَلَهُ جمَاعَة من الْفُقَهَاء ان يقف لَهُم بمدرسة المسانيف يسمعُونَ عَلَيْهِ الْبَيَان فَسمع عَلَيْهِ جمَاعَة مِنْهُم احْمَد بن ابي بكر بن ابي الْخَيْر من زبيد وَصَالح بن عمر من السفال مَعَ جمع كثير وَكَانَت وَفَاته فَجْأَة لَيْلَة الِاثْنَيْنِ لثمان بَقينَ من صفر الْكَائِن فِي سنة ارْبَعْ وتستعين وسِتمِائَة

    وَمِنْهُم ابْن اخيه ابو الْعَتِيق أَبُو بكر بن مُحَمَّد بن الْفَقِيه مُحَمَّد مقدم الذّكر الملقب بِالْقَاضِي ابْن الْجُنَيْد تفقه فِي بدايته بِعَمِّهِ الْمَذْكُور انفا ثمَّ صحب الْفَقِيه عمر بن سعيد العقيبي واخذ عَنهُ ثمَّ امتحن بِقَضَاء جبلة فَسَار السِّيرَة المرضية ثمَّ نقل الى قَضَاء عدن فَكَانَ فِي ذَلِك الزَّاهِد الْمَعْرُوف والعادل الْمَوْصُوف بِحَيْثُ سَمِعت اهل عدن مُجْمِعِينَ على عَدَالَته ونزاهته وصيانة عرضه وزهده وورعه بِحَيْثُ يغلب على سامع ذكره انه لم يكن ليدْخل فِي قَضَاء عدن لَهُ نَظِير وَلما صَار بعدن وجد مدرسها عبد الرَّحْمَن الابيني الَّاتِي ذكره فاخذ عَنهُ الْوَسِيط وعيره واستفاض ورعه عِنْد الْمُلُوك والامراء فِي الْيمن وَغَيرهَا حَتَّى اخبر الثِّقَة انه جرى لبَعض تجار الكارم محاكمة فِي مصر مُتَعَلقَة بعدن واتصل امرها الى الشجاعي الامير الْمَشْهُور بالجبروت والعسف فاراد ان يعْمل مَعَ صَاحبهَا عناية ويسهل عَلَيْهِ الامر فَقيل لَهُ انك تُرِيدُ نَفعه فتضره ان فِي عدن قَاضِي لَا تاخذه فِي الْحق لومة لائم وَلَا يُؤثر فِيهِ مَا يُؤثر بِغَيْرِهِ من المدارة

    والرشا فَقَالَ وَمن ذَلِك فَقيل لَهُ رجل يعرف بِابْن الْجُنَيْد فَقَالَ وَقد وَالله سمعنَا بِهِ وانه رجل تَقِيّ ثمَّ ترك التَّاجِر عمل مَا يَنْبَغِي عمله واما شَأْنه مَعَ مُلُوك الْبِلَاد فاخبرني عبد الْملك الْوراق

    عَن الْعَفِيف بن سران اُحْدُ التُّجَّار الواردين الى عدن من بَغْدَاد قَالَ الزمني الْملك المظفر انْظُر فِي وقف عدن وَمن جملَته وقف فِي لحج على الْمدرسَة المنصورية صرت لَا اخْرُج لمباشرته بل اكْتُبْ الى حَاكم لحج يَكْفِينِي مَعَ الْكتاب مُؤنَة التَّفْرِيط فَكتب بعض الفضوليين الى المظفر يُخبرهُ بذلك فشق عَلَيْهِ وَكتب إِلَيّ يَقُول بَلغنِي انك اهملت الْوَقْف وَحَتَّى انك اضربت لَا تخرج الى لحج بل تركن على الْكتاب قَالَ فَكتبت اليه اعتذار وَقلت أَنِّي إِذا أبْعث الْكتاب ثمَّ لم أبقهم حَتَّى اكْتُبْ الى قَاضِي لحج يُبَاشر مَعَهم قَالَ فَعَاد جَوَابه إِلَيّ يَقُول لي الْكتاب لصوص وقاضي لحج ألص مِنْهُم تحسبه ابْن الْجُنَيْد نفع الله بِهِ وَلما دخل بعد القَاضِي الْعَنسِي وَكَانَ لَهُ على الْكتاب والوكلاء وَظِيفَة يصلونه بهَا فوصل الْكَاتِب الى ابْن الْجُنَيْد بِشَيْء جمعه لَهُ جنس فَقَالَ لَهُ من ايْنَ لَك هَذَا فاخبره بِالْعَادَةِ الْجَارِيَة مَعَ الْعَنسِي فَقَالَ لَا حَاجَة لي بِشَيْء من ذَلِك واحذرك انت ان تَأْخُذ اَوْ وَاحِد من اصحابك من النَّاس شَيْئا يزِيد على الْوَاجِب من الاخرة وان تستريبوا احدا من النَّاس فَلَا تلقونَ معي خيرا واخرجكم عَن الْبَلَد صاغرين ثمَّ مَتى وصلتم إِلَيّ بِشَيْء من هَذَا نكلت بكم فَاعْلَم اصحابك بِذَاكَ وَاتَّقوا الله بنفوسكم وَالنَّاس فَخرج الْكَاتِب الى اصحابه وَقد ملىء رعْبًا واخبرهم بِمَا تمّ ذَلِك وَانْقطع بذالك طمعهم عَن النَّاس وَانْقطع ذَلِك عَن الْحُكَّام فِي مدَّته ثمَّ مُدَّة ابْن عَبَّاس ورايت من النَّاس من يتَوَقَّف فِي غَيرهمَا وَدخل المظفر عدن فَسَأَلَ عَنهُ فاثنى عَلَيْهِ التُّجَّار ثَنَاء مرضيا حَتَّى نبل فِي قلبه ثمَّ حدث امْر اوجب طلبه الى حَضْرَة السُّلْطَان فامر لَهُ من طلبه فوصل الرَّسُول وَعَلِيهِ ثِيَاب البدله وثيابه مَعَ المصبن فَعَاد الرَّسُول وَاعْلَم المظفر بذلك فازداد عِنْده نبْلًا ومكانة وَقَالَ قد لهَذَا الْحَاكِم الْمدَّة وَهُوَ لَا يملك الا بدلة ان هَذَا لامر عَظِيم ثمَّ حضر القَاضِي الْبَهَاء فَسَأَلَهُ وَقَالَ يَا

    قَاضِي بهاء الدّين بلغنَا ان الْحَاكِم فَقير وَيجب ان نزيد فِي جامكيته وَكَانَت لَا تقوم بِهِ فكم ترى نزيده فَقَالَ عشرَة دَنَانِير فَأمر السُّلْطَان يَجْعَلهَا اربعين دِينَارا اذ كَانَت ثَلَاثِينَ دِينَارا فعتب عقلاء التُّجَّار وَغَيرهم على الوساطة الَّتِي توَسط بهَا القَاضِي بهاء حَيْثُ لم يقل بِجعْل اكثر من ذَلِك وَحَمَلُوهُ على الْحَسَد وَرُبمَا ظنوه انهكراهة لَهُ وَكَانَ ذَا سيرة محمودة وَقَالَ لي الْخَبِير بِحَالهِ كَانَت سيرته بعدن انه مَتى صلى الصُّبْح ذكر الله سَاعَة ثمَّ تقدم الى زِيَارَة ترب الصَّالِحين فَيبْدَأ بتربة الشَّيْخ جَوْهَر ثمَّ بتربة ابْن قيدر ثمَّ بتربة ابْن ابي الْبَاطِل ثمَّ يقوم مِنْهَا الى مَسْجِد ابان فيركع الضُّحَى ثمَّ يَأْتِي مجْلِس الحكم فيقعد فِيهِ يقْضِي فِيهِ مَا شَاءَ الله ثمَّ يدْخل منزله يقيل فِيهِ سَاعَة ثمَّ هَذَا دابه حَتَّى توفّي وَكَانَ مِمَّن لَا تَأْخُذهُ فِي الله لومة لائم مُنْكرا للْمُنكر اخبرني الثِّقَات من اعوانه انه مُرُوهُمْ مَعَه بكنيسة يهود وفيهَا معلم واولادهم وهم يرفعون اصواتهم فَلَمَّا سمعهم لم يَتَمَالَك ان هجم الْكَنِيسَة وخلع نَعله وَضرب الْمعلم ضربا مؤلما بالنعل ثمَّ ضرب من حوله فَخَرجُوا من الْكَنِيسَة هاربين وَلم يزل ممتحنا بِالْقضَاءِ حَتَّى توفّي لَيْلَة الْخَمِيس سادس رَجَب سنة ثَمَانِي وَسِتِّينَ وسِتمِائَة وقبر بالقطيع الى جنب قبر القَاضِي مُحَمَّد بن اِسْعَدْ الْعَنسِي الْمُقدم ذكره فِي اهل ذِي اشرق وَلما ثَبت عِنْدِي عدالتهما وتميزهما على سَائِر حكام عدن كَانَت النَّفس كثيرا تطالبني بزيارتها اذ كَانَ على مجاهدة النَّفس قَادِرين وَهِي اشد من مجاهدة الْجِسْم ثمَّ خَلفه فِي بِلَاد السهولة ابْنه عبد الرَّزَّاق كَانَ جيدا تقيا عالي الهمة ولاه ابْن الأديب قَضَاء جبلة فَكَانَ يذكر بِالدّينِ والورع وسلامة النَّفس وَتُوفِّي على ذَلِك بقرية السهولة فِي رَمَضَان سنة ثَمَانِي عشرَة وَسَبْعمائة وَخَلفه اخ لَهُ اسْمه عبد الاكبر يذكر بالفقه وَالْعِبَادَة وَولي قَضَاء الشوافي ويحكي عَنهُ ورع متقن ولعَبْد الرَّزَّاق ولد ايضا اسْمه احْمَد يذكر بِالْخَيرِ وَهُوَ مكب على الِاشْتِغَال بِالْعلمِ هُوَ الْآن حَاكم بموزع

    وَمِنْهُم ابْن الْفَقِيه عبيد الْمَذْكُور اولا مولده شَوَّال سنة احدى وَخمسين

    وسِتمِائَة تفقه بابيه وَكَانَت وَفَاته سنة ارْبَعْ وَسَبْعمائة

    وَمِنْهُم اخوه عَليّ مولده ثَانِي عشر رَمَضَان سنة سِتِّينَ وسِتمِائَة ولاه بَنو مُحَمَّد بن عمر قَضَاء تعز اول قيامهم بِالْقضَاءِ فَلبث عَلَيْهِ عدَّة سِنِين ثمَّ فصلوه فاقام مُدَّة لَا سَبَب لَهُ حَتَّى ولى ابْن الاديب فاعاده على الْقَضَاء فَلبث اشهرا ثمَّ عَزله ثمَّ لبث مُدَّة بِبَلَدِهِ مُنْقَطِعًا فَلَمَّا صَار الْملك الى الْمَنْصُور وَعَاد ابْن الاديب بعد القَاضِي الظفاري اعاده وَهُوَ على ذَلِك الى الان سيرته غَالِبا فِي الْقَضَاء مرضية على حَسْبَمَا جرت عَادَة الْوَقْت وَاسْتمرّ على قَضَاء تعز الى سنة ارْبَعْ وَعشْرين فَلَمَّا حصل الْحصار والمحطة على حصن تعز ذهب الى المتغلب على الدملوة وَسَأَلَهُ الابقاء على قَضَاء تعز فابقاه فاستمر حَتَّى ارْتَفَعت المحطة بالتاريخ الَّاتِي فَلبث حَاكما اياما وَوجد بعض انقباض فافتسح من السُّلْطَان وَتقدم بَلَده وَكَانَ السُّلْطَان قد احسن اليه احسانا كليا فبذلك عتب النَّاس عَلَيْهِ إِذْ كَانَ من الْوَاجِب عَلَيْهِ أَن يُهَاجر كَمَا هَاجر كثير من النَّاس

    وَمِنْهُم صنوه عبد الرَّحْمَن مولده سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وسِتمِائَة اخذ عَن ابيه وَغَيره وَحين ولى بَنو مُحَمَّد بن عمر اخاه قَضَاء تعز ولوا هَذَا قَضَاء زبيد فاقام بِهِ سِنِين عديدة وتلطف على بواطنهم وَكَانَ يسير على اغراضهم فاقام سِنِين عديدة بعد أَخِيه إِلَى أَن عزل وَذَلِكَ سنة سبع وَسَبْعمائة تفقه بِأبي شكيل الشحري الَّاتِي ذكره ان شَاءَ الله تَعَالَى وَلم يبرح بِمَدِينَة زبيد متديرا حَتَّى انْقَضتْ ايام بني مُحَمَّد بن عمر فَسَأَلَ الْمُؤَيد ان يَجعله مدرسا بِالْمَدْرَسَةِ التاجية المنسوبة الى المبرذعين فَلم يزل بهَا حَتَّى توفّي مستهل جمادي الاولى سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَسَبْعمائة وَكَانَ لعَلي ولد تفقه بَاهل زبيد تفقها جيدا مرضيا

    وَتُوفِّي بزبيد بعد ان كَانَ يدرس مقَام عَمه والطلبة يقدمونه عَلَيْهِ بالفقه وَالدّين وَهُوَ شَاب صَغِير السن

    وَمِنْهُم عبد الْعَزِيز بن عمرَان بن مُحَمَّد بن افلح عرف بالربيضة بِضَم الرَّاء وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْيَاء الْمُثَنَّاة من تَحت وَفتح الضَّاد الْمُعْجَمَة ثمَّ هَاء سَاكِنة نسبه فِي بني بَحر بطن من خولان مَسْكَنه قَرْيَة المنائى بِفَتْح الْمِيم بعد الف وَلَام وفتحالنون ثمَّ

    مُدَّة وهمزة مخفوضة ثمَّ يَاء سَاكِنة وَهِي تَحت صحن المجمعة وتفقه بِجَمَاعَة من الشوافي وَغَيرهَا هُنَالك وَخلف ولدا صَالحا وَيذكر عَنهُ كرامات عديدة

    وَمن ذِي القوفي عمر بن مُحَمَّد بن سَالم الزبيدِيّ ثمَّ المسلماني لقبا لقب بذلك اذ تزوج بإمرأة كَانَت مسلمانية تفقه بالربيضة وقريتهما متقاربتان وَقد قدم ضَبطهَا المنائي وَضبط ذِي القوفي بذال مُعْجمَة مخفوضة ثمَّ يَاء مثناة من تَحت سَاكِنة ثمَّ الف وَلَام وَضم الْقَاف وَسُكُون الْوَاو ثمَّ خفض الْفَاء ثمَّ يَاء كياء النّسَب وَردت قريته سنة ثَلَاثَة عشرَة وَسَبْعمائة فاجتمعت بِولد لَهُ اسْمه عبد الرَّحْمَن كَانَت بيني وَبَينه صُحْبَة وَله بعض اشْتِغَال بِالْعلمِ

    وَمِنْهُم فُقَهَاء رَأس المعروفون ببني عَامر وَكَانَ عَامر رجلا رعويا صَالحا تفقه اولاده فشهروا بالفقه قدمت عَلَيْهِم لنيف وَتِسْعين وسِتمِائَة فَوجدت لَهُم رجلَيْنِ يشهران بالفقه عبد الرَّحْمَن وابو بكر فَتوفي ابو بكر لبضع وَتِسْعين وسِتمِائَة حَاجا مُسَافِرًا واما عبد الرَّحْمَن فَتوفي لبضع وَسَبْعمائة بقريتهم

    وَمِنْهُم احْمَد بن عَليّ بن ابي بكر بن اِسْعَدْ بن زُرَيْع بن اِسْعَدْ صَاحب الْفَقِيه صَالح السفالي حِين قدمت الشوافي رَأَيْته مُبْتَدأ بِطَلَب الْعلم يقْرَأ الْفَرَائِض ثمَّ وصل إِلَى ذِي السفال الْقرْيَة الْمَذْكُورَة فالتزم الْفَقِيه وانس بِهِ وَقَرَأَ عَلَيْهِ وتفقه بِهِ تفقها جيدا وَكَانَ مُجْتَهدا بالفقه وَالْعِبَادَة الى ان توفّي ودرس بِجَامِع سهفنة على حَيَاة شَيْخه صَالح وَتُوفِّي لسبع بَقينَ من ربيع الاخر من سنة خمس عشرَة وَسَبْعمائة

    وَمن المخلاف جِهَة عَنهُ الْجَبَل الْمُقدم ذكره كَانَ بهَا عبد الله بن مُحَمَّد وَولده كَانَا فقيهين فاضلين فوالده أَخذ عَن الْحَافِظ العرشاني وَعَن طَاهِر بن يحيى وَولده قبل اهل عرشان ثمَّ حصلت بَينه وَبينهمْ وَحْشَة فاوجبت نفوره عَنْهُم الى بَاب السُّلْطَان فَذكرُوا أَنه ارتحل الى بَاب السُّلْطَان وَهُوَ إِذْ ذَاك بزبيد الْمُقدم ذكرهَا فَلم يزل يتلطف حَتَّى وصل الى امير خاندار فَوجدَ عِنْده وَرقا مصريا وكتابا وَهُوَ يطْلب نَاسِخا ينْسَخ لَهُ فَقَالَ يَا امير مَاذَا تُرِيدُ ننسخ لَك فَقَالَ اريد نسخ مُخْتَصر الْعين فَقَالَ مَا ترى وانا انسخه لَك فنظره بازدراء وَقَالَ كَيفَ تعرف النّسخ وانت بدوي وَذَلِكَ انه كَانَ عَلَيْهِ وفره وقميص ذُو جيب ونعلين عربيين فَقَالَ يَا أَمِير أَنا رجل من أهل الْعلم ومحفوظي من كتب اللُّغَة هَذَا الَّذِي تُرِيدُ نسخه وَكَانَ الْكتاب بحضن الامير ففتشه وَقَالَ اسمعني مِنْهُ فاسمعه الْبَاب الاول ثمَّ فتح وَسطه وامره ان يسمعهُ مِنْهُ بَابا ثمَّ فتح اخره وامره ان يسمعهُ بَابا فِيهِ ايضا فحين فرغ تهلل وَجه الامير وبش بِهِ واكرمه ثمَّ سَأَلَهُ ان يرِيه خطه واعطاه بَيَاضًا ودواة ثمَّ كتب خطا سحرًا فاستدعى الامير بسوسية وعمامة وَمِلْحَفَة ثمَّ ذهب بِهِ الى منزله واحضر لَهُ الْمُحْتَاج اليه فِي النّسخ فنسخ الْكتاب بِمدَّة قريبَة

    وَعلم اهل عرشان بذلك فاستعملوا عَلَيْهِ من سهل لَهُ الْعود من غير شكا وهم يَفْعَلُونَ لَهُ مَا طلب فَلم يشك وَعَاد بَلَده بعد احسان من الامير فَعمل لَهُ اهل عرشان مَا طلب وعاش طَويلا وَرُبمَا بلغ ثَمَانِينَ سنة وَلم اتحقق تَارِيخه وموضعه يعرف بِذِي الْبَارِي وَبِه توفّي وَله ذُرِّيَّة لم يَكُونُوا على كَمَال باعوا شَيْئا من كتبه كَيْلا

    بالسلة بخداع من بعض فُقَهَاء جبلة فَقدر انه لما مَاتَ المُشْتَرِي بِيعَتْ كتبه قَرِيبا من شِرَائِهِ صدق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا هِيَ اعمالكم ترد عَلَيْكُم وَفِي الْقرْيَة هَذِه رجل اسْمه عبد الله فَقِيه يذكر بِالْخَيرِ وَالدّين

    وَمن الْجِهَة غزلة الصّفة بهَا قَرْيَة تعرف بالقدمة بِضَم الْقَاف وَسُكُون الدَّال وَفتح الْمِيم ثمَّ هَاء سَاكِنة وَكَانَ بهَا جمَاعَة من الْفُقَهَاء

    مِنْهُم عَليّ بن اِسْعَدْ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن ابراهيم بن تبع ابْن عَليّ بن مَنْصُور المنصوري نِسْبَة الى جده هذاتفقه هَذَا باحمد بن عبد الله الوزيري الْمَذْكُور اولا وَكَانَ وَفَاته بربيع الاول سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة بقريته الْمَذْكُورَة خلف ثَلَاثَة بَنِينَ مِنْهُم ابو بكر الْمَذْكُور فِي فُقَهَاء تعز وانه كَانَ مدرسا بِذِي هزيم بمدرسة مُخْتَصّ ثمَّ عمر درس بعده فِي النظامية مُدَّة وكف بَصَره فَعَاد بَلَده وَترك وَلَده ينوبه فِي الْمدرسَة وَهُوَ على ذَلِك الى عصرنا سنة ثَلَاثَة وَعشْرين وَسَبْعمائة وَلَهُم اخ اسْمه احْمَد ويلقب بمظفر تفقه بابيه وَمن الْقرْيَة عمرَان بن عبد الله بن حُسَيْن توفّي منتصف جمادي الاولى سنة خمس وسِتمِائَة

    وَمِنْهُم ابو بكر بن اِسْعَدْ بن حُسَيْن كَانَ فَقِيها مقرئا صَالحا حسن اللهجة بِقِرَاءَة الْقُرْآن بلغ الْملك الْمَنْصُور خَبره فاستدعاه وجاءه فِي رَمَضَان يشفع بِهِ فشفع بِهِ لَيْلَتَيْنِ اَوْ ثَلَاث ثمَّ حصل بِهِ مرض عَاد بَلَده فَتوفي بحبير مَوضِع فِي الطَّرِيق وَذَلِكَ سنة ثَلَاث واربعين وسِتمِائَة ثمَّ حِينَئِذٍ اذكر فُقَهَاء قَرْيَة ذِي السفال الْمُقدم ذكرهَا قد ذكر ابْن سَمُرَة مِنْهَا جمَاعَة وذكرتهم والحقت بهم من

    تحققته من ذَرَارِيهمْ وَمِمَّنْ تاخر عَن زمَان ابْن سَمُرَة مِنْهُم احْمَد الصراري نِسْبَة الى عرب يُقَال لَهُم الاصرار بالصَّاد الْمُهْملَة ثمَّ رأين بَينهمَا الف كَانَ مسكنة قَرْيَة المجزف بِفَتْح الْمِيم بعد الف وَلَام وَسُكُون الْجِيم وَفتح الزَّاي ثمَّ فَاء سَاكِنة كَانَ فَقِيها فَاضلا وَهُوَ اُحْدُ شُيُوخ الشكيل الْفَقِيه ثمَّ جِهَة المخلاف بحرانة كَانَ بهَا جمَاعَة مِنْهُم اولا الْفَقِيه احْمَد بن مقبل الساكنين بعرج قد مضى ذكرهم وبناحيتهم احْمَد بن مُحَمَّد الشكيل بن سُلَيْمَان بن ابي السُّعُود الطوسي مولده سنة ثَمَان وخسمين وَخَمْسمِائة بتاريخ موت صَاحب الْبَيَان تفقه كَمَا قدمنَا باحمد بن مقبل من عرج ثمَّ بِحسن بن رَاشد من العماقي ثمَّ باحمد الصراري من قَرْيَة المجزف وَنسخ بِيَدِهِ عدَّة كتب وَاشْترى كَذَلِك ووقفها على طلبة الْعلم بِبَلَدِهِ من ذُريَّته وَغَيرهم وَتزَوج فِي بني ايمن اهل العماقي وَهِي ام ولديه مَسْعُود وَعبد الله وَكَانَ فَقِيها عَارِفًا صَالحا ذَا دَعْوَة مستجابة مَسْكَنه من مشعار الْحصن عزلة ريدة من وَادي معاين ضَبطهَا بِفَتْح الرَّاء وَسُكُون الْيَاء الْمُثَنَّاة وَفتح الدَّال وَسُكُون الْهَاء وَكَانَت وَفَاته فِي شهر صفر سنة ارْبَعْ وَخمسين وسِتمِائَة وقبره مَشْهُور مَقْصُود للزيارة وَطلب الْحَوَائِج يسمع لَيْلَة الْجُمُعَة فِي الْغَالِب من يقْرَأ الْقُرْآن فِي قَبره وتفقه بِهِ وَلَده مَسْعُود وَكَانَ من عباد الله الأخيار عَارِفًا بالفقه ذَا عبَادَة وزهادة ورعا لم يُوجد لَهُ صبوة وَلَقَد يذكر جمَاعَة من أترابه النِّسَاء بِحَضْرَتِهِ فَقَالَ

    لَهُم مَا تستحون من الله تَعَالَى عَن نظرهن فوَاللَّه مَا اكاد احقق لون والدتي وَكَانَ وَفَاته على الطَّرِيق المرضي قبل ابيه نَهَار الاربعاء لاحدى عشر لَيْلَة بقيت من الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وسِتمِائَة وَهُوَ ابْن خمس وَعشْرين سنة وَلم يتَزَوَّج

    وَأما اخوه عبد الله فمولده سنة سبع عشرَة وسِتمِائَة واخذ فِي بدايته عَن ابيه ثمَّ عَن ابْن نَاصِر بالذنبتين ثمَّ عَن عبد الله بن عمرَان الَّاتِي ذكره وَكَانَ جميل الْخلق حسن الْقَامَة ذَا لحية حَسَنَة وَلَقَد سمع مِنْهُ يَقُول مَا ذقت مُسكرا مَعَ كَونه فِي بلدهم كثيرا وَلَا فاتتني صَلَاة لوَقْتهَا مُنْذُ بلغت وَلَا اتيت كَبِيرَة ثَبت عَن الْفَقِيه صَالح السفالي انه رأى بمنامه قَائِلا يَقُول لَهُ اذا اردت ان تنظر الى شبية ابي بكر الصّديق فَاخْرُج مَعَ ضحى ليلتك الى صلب ذِي السفال تلق الرجل قَالَ فَصليت الضُّحَى لاول وَقتهَا وَخرجت نَحْو الصلب الَّذِي اشار اليها الْمخبر فِي الْمَنَام فَلم ألق ذَا شيبَة غير الْفَقِيه عبد الله بن شكيل مَاشِيا وَمَعَهُ صَاحب لَهُ يحمل مشعله فَلم اشك انه المعني وسلمت عَلَيْهِ وتبركت بِهِ وَكَانَت وَفَاته لَيْلَة الْجُمُعَة بعد الْمغرب وَصلَاته وَذَلِكَ مستهل الْقعدَة من سنة ثَمَانِي وَتِسْعين وسِتمِائَة وَله ذُرِّيَّة الْغَالِب عَلَيْهِم الدّين وَالْخَيْر يسكن بَعضهم قَرْيَة العماقي غير انه لَيْسَ فيهم بالفقه وَكتب جدهم بايديهم الى الان

    وَمِنْهُم عبد الله بن عمرَان الْخَولَانِيّ مولده سنة احدى وسِتمِائَة قَرَأَ الْقُرْآن الْكَرِيم بجبا وَالْفِقْه والْحَدِيث على عشْرين شَيخا اكثرهم اخذا عَنهُ حسن بن رَاشد وَابْن نَاصِر وَكَانَ الْغَالِب عَلَيْهِ المسموعات والاجازات حج ثَلَاث سِنِين ودرس بمصنعة سير وبالجند وَكَانَ مَسْكَنه من الْجِهَة عزلة تعرف بريد بخفض الرَّاء وَفتح الْيَاء الْمُثَنَّاة من تَحت وَسُكُون الدَّال الْمُهْملَة وَكَانَ فَقِيها سخيا عالي الهمة وَكَانَت وَفَاته بالعزلة الْمَذْكُورَة لَيْلَة الِاثْنَيْنِ لسبع خلون من شهر رَمَضَان سنة خمس وَتِسْعين وسِتمِائَة وقبره هُنَالك وَهَذِه الْعُزْلَة من وَادي معاين ايضا ثمَّ

    من جِهَة سهفنة كَانَ بهَا جمَاعَة يتقدمون صعبيون وَغَيرهم وقبلهم الْقَاسِم الْقرشِي مقدم الذّكر فاخبرني الْخَبِير بهم انهم فِي سهفنة يَعْنِي الصعبيين ثَلَاثَة أَبْيَات الاول بَيت الْقُضَاة وهم اكثر من ذكر مِنْهُم ابْن سَمُرَة وَهِي ذُرِّيَّة احْمَد بن عبد الله الَّذِي مضى ذكره بعد الْقَاسِم وَقد بيّنت لُحُوق نسب من ذكره ابْن سَمُرَة بعده واخر من ذكره ابْن سَمُرَة مِنْهُم عَليّ بن اِسْعَدْ بن الْمُسلم قَاضِي جبلة ايام شمس الدولة وَمِنْه انْتقل الْقَضَاء الى اهل عرشان وَذَلِكَ باشارة وَقد ذكرته وَآخرهمْ ابو بكر بن عبد القاهر تفقه بشيخنا ابي الْحسن الاصبحي وَلم تطل ايامه وَلم اتحقق من متأخريهم احدا مُسْتَحقّ الذّكر غير هَذَا ابي بكر وَالْبَيْت الثَّانِي يعْرفُونَ بفقهاء الحوية بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة بعد الف وَلَام وخفض الْوَاو وَتَشْديد الْيَاء الْمُثَنَّاة من تَحت هَاء سَاكِنة وَهِي مَوضِع يعرفهُ النَّاس كَانَ فيهم جمَاعَة مِنْهُم فِيمَا تقدم وَذكر ابْن سَمُرَة عبيد بن يحي ثمَّ مُحَمَّد بن احْمَد بن اِسْعَدْ عرف بآخر زَمَانه عَن ابْن سَمُرَة وتفقه بِجَمَاعَة ذكرهم ابْن سَمُرَة

    مِنْهُم زيد بن عبد الله الزبراني وَمُحَمّد بن احْمَد الجماعي صَاحب الْمُنَازعَة فِي الْجَواب بِمَسْجِد الْجند واخذ الْبَيَان عَن سُلَيْمَان بن فتح الصليحي اُحْدُ اصحاب المُصَنّف وَكَانَ فَقِيها فَاضلا صَالحا تقيا ورعا تفقه بِهِ جمَاعَة مِنْهُم ابو بكر بن نَاصِر بالفرائض خَاصَّة وَاحْمَدْ بن لَيْث النزاري وَغَيرهم كعلي ابْن الْحسن الاصابي وَغَيره وَتُوفِّي بالقرية فِي شهر شعْبَان سنة خمس عشرَة وسِتمِائَة

    وَمِنْهُم ابْنه ابو الْعَبَّاس احْمَد مولده على رَأس عشر وسِتمِائَة تفقه بِابْن نَاصِر وبعمر بن الْحداد وَغَيرهمَا وَكَانَ صَاحب كرامات واثار مشهورات وَكَانَ مَعَ ذَلِك ضنينا فِي دينه وعقله لَا يَأْخُذ الْعلم الا عَن خبْرَة يُقَال انه قدم عَلَيْهِم الْبَلَد رجل غَرِيب متظاهر بِالْعلمِ ومعرفته وَعرض الْفَقِيه واصحابه بَان يُقْرِئهُمْ فَقَالَ لَهُ الْفَقِيه إِنَّا لَا ناخذ الْعلم إِلَّا عَن من تحققنا دينه وامانته وانت غَرِيب رُبمَا اوقعتنا فِي محضور من

    حَيْثُ لَا نشعر وَلم يَأْخُذُوا عَنهُ شَيْئا وتفقه بِهِ جمَاعَة مِنْهُم مُحَمَّد بن اِسْعَدْ الجعميم ثمَّ ابو بكر بن احْمَد التباعي وَكَانَ قَلِيل الْكَلَام إِلَّا فِي مذاكرة الْعلم اَوْ ذكر الله تَعَالَى وَكَانَ شَدِيد الْوَرع عَظِيم الزّهْد وَبِالْجُمْلَةِ فمأثره كَثِيرَة وَلما تحقق المظفر صَلَاحه زَارَهُ الى منزله بسهفنة وَدخل بَيته وَسَأَلَهُ ان يطعمهُ شَيْئا فَدخل الْفَقِيه موضعا من بَيته واخرج لَهُ وللقاضي الْبَهَاء خبْزًا من بر وَلم يكن يعْهَد مَعَه شَيْء فَأكل السُّلْطَان وَالْقَاضِي مَا شَاءَ الله ثمَّ اخذا شَيْئا يتبرك بِهِ ويطعماه من احباه ثمَّ خرجا فَخرج الْفَقِيه يوادعهما الى الْبَاب فَدخلت امْرَأَته فَوجدت بَقِيَّة الْخَبَر فِي الْمَائِدَة فعجبت من ذَلِك اذ لم تعهده مَعَه شَيْئا وَدخلت بَيته مَجْلِسه متبركا بِهِ رَحمَه الله وَسَأَلَ المظفر مرّة من القَاضِي اِسْعَدْ بن مُسلم ان يجمع بَينه وَبَينه فَقَالَ ان ظهر لَهُ ذَلِك لم يوافقني عَلَيْهِ وسأخادعه مخادعة من لَا يشْعر بهَا حَتَّى يَأْتِيك ثمَّ انه لما عَاد سهفنة صَار يعرض للفقيه زِيَارَة مَسْجِد الْجند ويرغبه فِي ذَلِك وَالسُّلْطَان يَوْمئِذٍ فِي الْجند فَلم يزل القَاضِي يتلطف بِهِ وَيحسن لَهُ زِيَارَة الْمَسْجِد حَتَّى اجابه الى ذَلِك فِي يَوْم جُمُعَة فَنزلَا الْجند وَلما صَارا بهَا كتب القَاضِي الى السُّلْطَان يُعلمهُ وَيَقُول ان الصَّوَاب ان مَوْلَانَا السُّلْطَان يقف فِي دهليز بَاب الْبُسْتَان القبلي وَلَا يتْرك مَعَه جندا فَفعل السُّلْطَان ذَلِك وَلما صلى النَّاس الْجُمُعَة خرج القَاضِي والفقيه يتماشيان من بَاب الْمَدِينَة قَاصِدين بلدهما وَقد امْر الغلمان ان يتقدموا بالدواب حَتَّى يتجاوزا الْموضع الَّذِي هُوَ فِيهِ فَلَمَّا صَارا على قرب من الْموضع الَّذِي تواعدا اليه وَبِه ميل يسير عَن الطَّرِيق قَالَ القَاضِي يَا سيدنَا مل بِنَا الى هَذَا الْموضع نستظل فِيهِ سَاعَة بَيْنَمَا يلحقنا صَاحب بِشَيْء قَلِيل نسير بِهِ للعائلة هَدِيَّة فوافقه الْفَقِيه ودخلا الدهليز فوجدا السُّلْطَان قَاعِدا كاحاد من النَّاس عِنْده خَادِم اَوْ خادمان فحين دخلا وسلما قَامَ بِوَجْه الْفَقِيه وبش فِيهِ وَصَافحهُ واجلسه مَعَه ثمَّ سَأَلَهُ ان يدعوا لَهُ فَدَعَا الْفَقِيه موجزا وَخرج مسرعا وَوَقع فِي نَفسه ان ذَلِك هُوَ السُّلْطَان ان القضضي احتال عَلَيْهِ فَعَاتَبَهُ على ذَلِك فَقَالَ القَاضِي يَا سَيِّدي الْفَقِيه لَا بَأْس بذلك هَذَا سُلْطَان فِيهِ خير يحب الْعلمَاء وَالصَّالِحِينَ وَلَوْلَا ذَلِك مَا احب الِاجْتِمَاع بك ثمَّ جعل يعدد لَهُ فِي المظفر خِصَالًا كَثِيرَة تدل على خَيره ثمَّ ان

    المظفر زَارَهُ بعد ذَلِك الى منزله كَمَا قدمنَا وَلم يزل على الْحَال المرضي وَمن سيرته انه كَانَ اذا مَشى اطرق الى الارض فَلَا يلْتَفت يَمِينا وَلَا شمالا وَلَا يرفع رَأسه وَمَا احقه بقول الشَّاعِر ابْن نَاصِر ... إِن الصَّحَابَة كَانَ من اوصافهم ... اهل الْوَقار مواقع للطيور ... وَكَانَت وَفَاته لَيْلَة الْجُمُعَة اول وَقت الْعشَاء فِي شهر شعْبَان من سنة سبع وَسِتِّينَ وسِتمِائَة وقبر عِنْد قبر وَالِده بالمقبرة الغربية من سهفنة وقبورها تزار ويتبرك بهَا وزرتها مرَارًا لانني سَمِعت اهل الْقرْيَة وَغَيرهم يذكرُونَ لقبورهم اثارا وان مَتى نزل بهم حَادث لاذوا بهَا فَيكْشف عَنْهُم

    وَمِنْهُم أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن أسعد أبي عَليّ بن فضل الصعبي يعرف بالجعميم لقبا بخفض الْجِيم وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة وخفض الْمِيم ثمَّ يَاء سَاكِنة مثناة من تَحت ثمَّ مِيم ايضا درس بعد شَيْخه مقدم الذّكر وَكَانَ رجلا مُبَارَكًا صَالحا تقيا مبارك التدريس موفقا بالفتوى وَسَأَلَهُ جمَاعَة من فُقَهَاء النَّاحِيَة أَن يسمعهم كتاب النقاش فتهيأ لذَلِك فَقَالَ لَهُ بعض اولاد القَاضِي أسعد بن مُسلم تفضل يَا فَقِيه اجْعَل ذَلِك عِنْدِي بدار يزِيد لأَقوم بكفاية الْجَمَاعَة فاجابه الى ذَلِك يجْتَمع بَاطِنه وبواطن القارئين والسامعين وَسَار من سهفنة الى دَار يزِيد فَاجْتمع اليه خلق كثير فَبَيْنَمَا هم على ذَلِك اذ ورد عَلَيْهِم مَسْأَلَة نحوية فبقوا متحيرين لَا يقدرُونَ يفتاتون على الْفَقِيه بِالْجَوَابِ وَلَا جزموا يعرفونه بِهِ لعلمهم انه لم يعرف شَيْئا من النَّحْو بل بضاعته فِيهِ مزجاة وَلم يَجدوا من يناوله ورقة السُّؤَال فَنَاوَلَهُ بَعضهم رَجَاء انه حِين يقف عَلَيْهَا يُشِير بهَا الى احدهم فحين وقف عَلَيْهَا اخذ الْقَلَم وجوب عَلَيْهَا جَوَابا شافيا كَأَنَّهُ قد اتقن

    جزا جيدا من النَّحْو ثمَّ ناولها الْفُقَهَاء فتصفحوا ذَلِك وارتضوه وعجبوا من ذَلِك اشد الْعجب قَالَ الْفَقِيه صَالح وَكنت الْقَارئ لغالب الْكتاب وَالْجَمَاعَة سامعون قَالَ وَكَانَ قد يَنْعس الْفَقِيه فِي اثناء الْقِرَاءَة فَنَامَ فغلب على الظَّن انه لَا يسمع فاردت ان اكاسر عَن الْقِرَاءَة اذ بِي ارى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَاعِدا بِموضع الْفَقِيه وَهُوَ يَقُول لي اقْرَأ يَا صَالح فَقَرَأت وَلم اسْكُتْ بعد ذَلِك ثمَّ رَأَيْت الْفَقِيه قد فتح عَيْنَيْهِ عقيب ذَلِك وَتَبَسم إِلَيّ خَاصَّة فَلم ادر مَا تَحت بسمته من معنى وَكَانَت وَفَاته بالقرية فِي شهر الْحجَّة سنة ارْبَعْ وَتِسْعين وسِتمِائَة بعد بُلُوغ عمره بضعا وَسِتِّينَ سنة

    وَمِنْهُم مُحَمَّد بن عُثْمَان التويم قد ذكرته بقرية قرامد من نَاحيَة الْجند وَمن الْقُضَاة الْمَذْكُورين اولا اخرهم ابو احْمَد اِسْعَدْ بن مُسلم كَانَ من اهل الدّين والمروة والانسانية شهد لَهُ بِالْخَيرِ اعيان زَمَانه ذكر الثِّقَة انه اجْتمع مَعَ رجل زَمَانه ابي الْخطاب العقيبي وَسليمَان الْجُنَيْد بديت القَاضِي الْمَذْكُور فباتا فِي صَلَاة وَقيام وَبَات القَاضِي نَائِما قَالَ الْمخبر وَهُوَ الْفَقِيه عبيد السهولي مقدم الذّكر فتحيرت هَل اوافقهم فِي الصَّلَاة ام اوافق القَاضِي فِي النّوم وَبقيت انازع النَّفس فِي ذَلِك واذا بالفقيه الْجُنَيْد قد اخف فِي صلَاته ثمَّ سلم وَقَالَ لي يَا فلَان صَاحبك هَذَا من الَّذين لَا خوف عَلَيْهِم وَلَا هم يَحْزَنُونَ فَلَا تعلمه بذلك وَتزَوج بابنة القَاضِي مَسْعُود ابْن عَليّ الْمُقدم ذكره وانه وَالِي الْقَضَاء الاكبر فَاتَت لَهُ بابنتين وابنا فَتزَوج إِحْدَاهمَا القَاضِي الملقب بالبهاء الْمُقدم ذكره والاخرى اخوه حسان مقدم الذّكر واما الابْن فسكن سهفنة وَسَار بسيرة غير مرضية حمله عَلَيْهَا الشَّبَاب والجاه بصهره وَكَانَ لَهُ ولدان غَيره من اهل البصرى من عدن هما احْمَد وَعبيد فاحمد هُوَ الَّذِي عزم على الْفُقَهَاء حَتَّى سمعُوا عِنْده على الْفَقِيه مُحَمَّد بن اِسْعَدْ مَا قدمنَا ذكره وَتُوفِّي وَعبيد بَاقٍ الى عصرنا وَتُوفِّي القَاضِي اِسْعَدْ على اكمل طَرِيق من الاحسان واطعام الطَّعَام لمن وَصله من الانام وَذَلِكَ يَوْم الاربعاء لعشرين من صفر سنة ارْبَعْ وَسبعين وسِتمِائَة فِي مصنعة سير عِنْد ابْنَته وقبر بمقبرة سير مَعَ جمَاعَة من

    أهالي الْقَضَاء وَغَيرهم وَآخر مَا سَمِعت عَنهُ لَهُ ذكر بالفقه القَاضِي مُسلم بن عَليّ بن أسعد بن الْمُسلم كَانَ من جملَة الْجَمَاعَة الَّذين سمعُوا على الامام سيف السّنة صَحِيح مُسلم بِجَامِع الْجند وَرُبمَا كَانَ وَالِد القَاضِي الْمَذْكُور اولا

    وَمِنْهُم ابو الْخطاب عمر بن ابراهيم بن عَليّ الْحداد كَانَ فَقِيها زاهدا خيرا واصله من سهفنة وَنسبه صعبي قَرَأَ فِي بدايته على احْمَد بن مقبل بعرج ثمَّ نزل تهَامَة فقرا بهَا على الْفَقِيه مُحَمَّد بن اسماعيل الْحَضْرَمِيّ وطلع الْجَبَل فَلبث بسهفنة وطلع الى احْمَد بن مقبل الدثيني الى عرج وَكَانَ بَينه وَبَين ابْن نَاصِر مواخاة وَكَثِيرًا مَا كَانَا يتزاوران وَكَانَ يَقُول مَا اُحْدُ هون الدُّنْيَا فهانت عَلَيْهِ مثل الْفَقِيه عمر بن الحدادج وَكَانَ كثير التَّرَدُّد الى الْحَج والزيارة ووفاته بِالْمَدِينَةِ وَلم اتحقق تَارِيخه وَكَانَ كثيرا مَا يُقيم بتهامة خَاصَّة بالضحي وَتزَوج امْرَأَة وَصَحب الْفُقَهَاء الحضارم وَله ذُرِّيَّة فيهم وهم يسكنون قَرْيَة المحاريب بتعز خَاصَّة فيهم شخص اسْمه مُحَمَّد يشْتَغل بِطَلَب الْعلم وَبِه خير ومرؤة طَالبا للْعلم

    وَمِنْهُم ابو بكر بن قَيْصر تفقه بشيخنا ابي الْحسن الاصبحي وَتُوفِّي بربيع الاول سنة ثَلَاث وَسَبْعمائة وَهُوَ آخر من تحققته مُسْتَحقّا للذّكر فِي الْقرْيَة الْمَذْكُورَة وقدمها جمَاعَة من آل عمرَان ذكرتهم اولا مَعَ ذكرهم وَهَذِه الْقرْيَة آخر اعمال المخلاف من جِهَة الْيمن واحب ذكر فُقَهَاء ذِي السفال قد تقدم ذكر من ذكره ابْن سَمُرَة وذراريهم لم يبْق الا من عداهم متأخرين عَنْهُم وهم جمَاعَة مِنْهُم حسن بن عَليّ بن يعِيش تفقه بالامام سيف السّنة وحذا حذوه مِثَالا وفعالا وَكَذَلِكَ غَالب اصحاب سيف السّنة مَتى رَأَيْت خطوطهم لم تشك بانها خطّ سيف السّنة وَكَانَ هَذَا فَقِيها صَالحا ورعا يسكن فِي منزل هُوَ شَرْقي ذِي السفال يعرف الى عصرنا بمنزل ابْن يعِيش سمع فِي بعض مجامع الحجيج اما بِعَرَفَات اَوْ بمنى قَائِلا يَقُول يَا اهل الْيمن ابشروا فَإِن الله قد غفر لكم ببركة حسن بن

    يعِيش وَكَانَ لَهُ ولد اسْمه ابو بكر كَانَ فَقِيها ايضا اخذ عَن ابْن مَضْمُون من قَرْيَة الملحمة وَغَيرهَا عَنهُ اخذ مُحَمَّد مَسْعُود فِي بدايته وَلم اتحقق لأحد مِنْهُم تَارِيخا

    وَمِنْهُم ابو عبد الله بن مَسْعُود بن ابراهيم ابْن سبأ بن ابي الْخَيْر بن مُحَمَّد الصحاوي مولده منتصف شعْبَان سنة ثَمَانِي عشرَة وسِتمِائَة تفقه فِي بدايته بِابْن يعِيش مقدم الذّكر وَبِعَبْد الله بن عبد الرَّحْمَن الْمُقدم ذكره واخذ دَرَجَة الْفَتْوَى بعدهمَا وارتحل الى اماكن شَتَّى فِي طلب الْعلم كجبا وجبال الدملوة وجبلة وَذي هزيم وَغَيرهَا وَكَانَ رجلا فَاضلا مبارك التدريس خرج من اصحابه ثَلَاثَة نفر تفقه بهم جمَاعَة كَثِيرُونَ واجمع النَّاس على صَلَاحهمْ وعلمهم ونظافة فقههم وَرُبمَا كَانُوا يقدمونهم عَلَيْهِ وَالثَّلَاثَة هم صَالح بن عمر وَعبد الله الحساني الْآتِي ذكرهمَا وَأَبُو بكر بن العراف الْمُقدم ذكره فِي أهل تعز كَانَ يفتخر فِي هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة وَيَقُول لَيْسَ لَاحَدَّ من اهل الْعَصْر مثل هَؤُلَاءِ اما ابْن العراف فمتقن للفقه واما صَالح فمتقن للفرائض واما الحساني فَهُوَ الْفَاضِل بعدهمَا توفّي بِذِي السفال سنة سبع وَسبعين وسِتمِائَة

    وَمِنْهُم ابو مُحَمَّد صَالح بن عمر بن ابي بكر بن اسماعيل البريهي مولده سنة خمس وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة وتفقه بِمُحَمد بن مَسْعُود الْمَذْكُور اولا واليه انْتَهَت الْفَتْوَى بعده فِي ذِي السفال وارتحل هُوَ وَشَيخنَا ابو الْحسن الاصبحي الى ابين فاخذوا عَن ابْن الرَّسُول وَقد ذكرت ذَلِك وَكَانَ فَقِيها فرضيا حسابيا نحويا لغويا عَارِفًا بِالْحِسَابِ والجبر والمقابلة وَله تصنيف فِي الْفَرَائِض جيد مُفِيد قصد بِهِ شرح الْفَرَائِض للصردفي وَعنهُ اخذ شَيخنَا أَبُو الْحسن الأصبحي نظام الْغَرِيب وَغَيره وَكَانَ هَذَا من اكبر النَّاس فِي علو الهمة واصبرهم على اطعام الطَّعَام واكرام الانام وتفقه بِهِ جمَاعَة مِنْهُم مُحَمَّد بن احْمَد بن سَالم وابو بكر بن عَليّ الْمُقدم ذكرهمَا وَابْن اخيه وَاحْمَدْ الشوافي وَجَمَاعَة كَثِيرُونَ وَكَانَ نظيف الْفِقْه مجانبا لمن يتهم بِدِينِهِ اَوْ معتقده يظْهر ذَلِك وَمن مر بِهِ من الطّلبَة رايحا الى بعض النواحي اوصاه بمجانبة اهل المعتقدات الْمُخَالفَة لمعتقدات السّلف وَكَانَ فَقِيه عصره وَوَاحِد مصره وَمَا احسن مَا قَالَ فِيهِ الْفَقِيه عَليّ بن مُحَمَّد بن الامام وَهُوَ شعر

    . . أيا اهل ااسفال لقد علوتم ... بِصَالح أهل هذي الأَرْض طرا

    فقريتكم تطاول طور سينا ... فتعلوه ويعلو طول بصرى

    مشَاهد وَجهه احرزت نورا ... مقبل نَعله قد نلْت اجرا

    هُوَ النباء الْمُبين بِلَا اخْتِلَاف ... هُوَ الْبَحْر الْمُحِيط يفِيض ورا 5 ... ورثت مُحَمَّدًا عملا وعلما ... فدَاك مُحَمَّد دنيا واخرى ... وَمِمَّنْ اخذ عَنهُ ابْن اخيه مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن وابراهيم الاصبحي وَحسن العماكري وَعنهُ اخذت التَّبْصِرَة بعد ان كنت اخذتها عَن عدَّة شُيُوخ قبله والشريعة للآجري وَكتابه الْحجَّة وَكَانَ يَقُول لاصحابه كَمَا كَانَ يَقُول الصعبي ان بلغت ثَمَانِينَ سنة عملت لكم شكرانه فَتوفي قبل ذَلِك لَيْلَة الْجُمُعَة ثَلَاث عشرَة شَوَّال سنة ارْبَعْ عشرَة وَسَبْعمائة وَدفن يمنى الْقرْيَة وطلعت من الْجند فَحَضَرت ثَالِث اقرانه وَصليت على قَبره وَفِي كل لَيْلَة يرى على قَبره نورا صاعدا الى السَّمَاء حَتَّى يظنّ الْجَاهِل لَهُ ان ثمَّ نَارا توقد بذلك اخبر من شَاهده مرَارًا وَورد عَلَيْهِ احْمَد الشوافي فَقَامَ بكفايته وتفقه بِهِ وَتُوفِّي بعده باشهر وَقد ذكرته فِي اهل رَأس من معشار الشوافي

    وَمِنْهُم ابْن اخيه ابو عبد الله مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن ابْن عمر البريهي مولده سلخ جمادي الاول من سنة احدى وسِتمِائَة تفقه بِعَمِّهِ وَقد ذكرت ذَلِك وَهُوَ فَقِيه الْبَلَد الْآن اليه انْتَهَت رياسة الْفَتْوَى والتدريس بهَا ويقصد من نواح شَتَّى واخذ وسيط الْغَزالِيّ عَن شَيخنَا ابي الْحسن واخذ عَنهُ مُصَنفه الْمعِين وَهُوَ فَقِيه ورع متمسك بالآثار نظيف الْفِقْه وَهُوَ الَّذِي أَرَانِي قبر ابْن المصوع وَبِه انس لواصليه خُصُوصا من أَبنَاء الْجِنْس وَإِلَيْهِ تَنْتَهِي الْفَتْوَى من الْجند ونواحيها كَمَا كَانَ عَمه وَهُوَ مدرس الْمدرسَة الْمَوْجُودَة بِذِي السفال إنْشَاء خَادِم الدَّار النجمي تسمى

    فاخرة وَفِي سنة ثَمَانِي وَعشْرين عملت مَنَارَة للجامع هُوَ الْقَائِم بذلك منماله وَمَال الْمَسْجِد غَالِبا ثمَّ حِينَئِذٍ اختم نَاحيَة البلدين بِذكر الْفُقَهَاء الاخيار من السَّادة الاطهار اهل ذى عقيب وَضبط ذِي عقيب بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَفتح الْقَاف وَسُكُون الْيَاء الْمُثَنَّاة من تَحت ثمَّ بَاء مُوَحدَة وَفعلت ذَلِك اعْتِمَاد على ختم الْجِهَة اباختيارنا واول من شهر مِنْهُم الْفَقِيه ابو بكر بن سعيد بن ابي السُّعُود بن اِسْعَدْ بن احْمَد الْهَمدَانِي مولده فِي سنة تسع وَتِسْعين وَقيل سنة سِتّمائَة وَكَانَ فَقِيها فَاضلا حاذقا حَتَّى كَانَ يُقَال الشَّافِعِي الاصغر وَكَانَ اذ ذكر عِنْد الْفَقِيه عمر اخيه الَّاتِي ذكره يَقُول نَحن ببركة ابي بكر وَكَانَت وَفَاته يَوْم الِاثْنَيْنِ منتصف شَوَّال سنة ارْبَعْ وَعشْرين وَسَبْعمائة

    وَمِنْهُم صنوه ابو الْخطاب عمر بن سعيد مولده سنة عشر وسِتمِائَة كَانَ كَبِير الْقدر وشهير الذّكر عَالما عَاملا زاهدا ورعا جَامعا لطريقي الْعلم وَالْعَمَل موفقا فِي صغره وَكبره حكى الثِّقَة انه ثَبت عَنهُ انه قَالَ خرجت وانا صَغِير يَتِيم معي كسرة وقصدت جبلة اريد المعلامة فَلَمَّا صرت بِالطَّرِيقِ جعلت اكل شَيْئا من الكسرة الَّتِي معي فلقيني شخص حسن الْهَيْئَة جميل الْخلقَة فَقَالَ انت فَقِيه وتأكل بِالنَّهَارِ فاستحيت من كَلَامه وَكَانَ غَالب ايام الْفَقِيه الصَّوْم وَكَانَ اصحابه يرَوْنَ ان ذَلِك سَبَب موظبته وَكَانَ مُعظم تفقهه بِمُحَمد بن عمر الجبرتي مقدم الذّكر فِي أهل جبلة واخذ عَن غَيره كمحمد بن مِصْبَاح وَغَيره وارتحل الى صاب فاخذ بهَا شرح اللمع لمُوسَى الاصابي عَن الْفَقِيه ابي بكر الجناحي باخذه لَهُ عَن المُصَنّف واخذ عَنهُ ايضا شَيْئا من كتب الحَدِيث وَكَانَ يحفظ جَامع البُخَارِيّ من الصَّحِيح عَن ظهر غيب وَمن شُيُوخه الْفَقِيه نَاجِي صَاحب تيثد وَقَرَأَ الْبَيَان على الْفَقِيه عبد

    الله بدار زيد فِي أَيَّام القَاضِي اِسْعَدْ اذ اجْتمع لذَلِك الْفُقَهَاء هُنَاكَ وَحج فَمر فِي طَرِيقه على الشَّيْخ ابي الْغَيْث فَسلم عَلَيْهِ وَسَأَلَهُ ان يسمح على صَدره وَلما ودعه سَأَلَهُ ان يبصق لَهُ فِي فَمه فبصق وسافر فَقيل للشَّيْخ كَيفَ رَأَيْت الْجبلي فَقَالَ رجلا كَامِلا سَمِعت جمعا من الْعلمَاء وَغَيرهم مُجْمِعِينَ على زهده وورعه وَكَمَال عِبَادَته ونظافة تفقهه وصيانة عرضه وَمَا يزَال كثير الصّيام لَا يفْطر غير الايام الْمَكْرُوهَة ثمَّ لَا يَأْكُل من الاطعمة الا مَا يعرف حلّه وَلَا يَأْكُل لَاحَدَّ طَعَاما مَا لم يتحققه ثمَّ كَانَ شَدِيد الطَّهَارَة مبالغا فِيهَا وَكَانَ اذا اراد الِاغْتِسَال نزل بِقَمِيصِهِ فِي حائرة عَظِيمَة فينغمس مرَّتَيْنِ ثَلَاثًا ثمَّ يخرج الى صفا فَلَا يبرح مُصَليا عَلَيْهِ حَتَّى تَجف ثِيَابه وَأمره فِي الطَّهَارَة شَدِيد وَفِي كل أُمُور الدّين عَظِيم وَلَقَد رَأَيْت الصَّفَا الَّذِي كَانَ يُصَلِّي عَلَيْهِ فَرَأَيْت فِي مَوضِع سُجُوده أثرا ظَاهرا فَقلت لجَماعَة من اصحابه هَل كَانَ فِي وَجه الْفَقِيه شَيْء فَقَالَ لَا وَهَذَا أَمر عَظِيم وَلَيْسَ كَمَا ترى فِي عباد زَمَاننَا يتعبد الانسان مِنْهُم بعض التَّعَبُّد فَيصير فِي وَجهه اثر السُّجُود اسود اخبرتني الْفَقِيه ابو بكر بن احْمَد الماربي عَن الْفَقِيه عبيد بن صَالح الْعَنسِي عَن الْفَقِيه عمر بن مُحَمَّد بن مِصْبَاح انه رأى وَلَده مُحَمَّد وَقد توفّي فِي طَرِيق الْحَج فِي مَدِينَة حلي ابْن يَعْقُوب فَقَالَ لَهُ مَا فعل الله بك فَقَالَ غفر لي وأدخلني الْجنَّة ويل للمتقشفين فَقلت رَأَيْت جدك يَعْنِي مُحَمَّد الْمَذْكُور فِي اهل جبلة فَقَالَ نعم ويل للمتقشفين ويل للمتقشفين فَقلت كَيفَ هُوَ قَالَ بِخَير ويل للمتقشفين ويل للمتقشفين ثمَّ سَأَلَهُ القَاضِي عَبَّاس الحَدِيث فِي الْكتاب القَاضِي عَبَّاس

    الْمَذْكُور فِي اهل جبلة فَقَالَ لي هُوَ ضِيَافَة الشَّيْخ ابي اسحاق ثمَّ قَالَ ويل للمتقشفين ويل للمتقشفين فَسَأَلت عَن الْفَقِيه عمر بن سعيد يَعْنِي هَذَا وَكَانَ قد توفّي فَجعل يعظم ويصف مَا اعطاه الله وَيَقُول فِي اثناء ذَلِك ويل للمتقشفين ويل للمتقشفين فَقلت لَهُ هُوَ اكبر المتقشفين فَقَالَ نعم لكنه تقشف ظَاهره وباطنه لكنه تقشف ظَاهره وباطنه وَكرر مرَارًا فَلَمَّا توفّي شَيْخه الْفَقِيه مُحَمَّد بن عمر بقرية الذنبتين كَمَا قدمت وَكَانَ ذَلِك لَيْلًا نزل الْفَقِيه الى جبلة فِي جمَاعَة من اصحابه الَّذين حوله وَقصد مَسْجِد السّنة وَطلب اصحاب الْفَقِيه مُحَمَّد بن عمر الَّذين كَانُوا بجلبه وعزمهم على النُّزُول الى الذنبتين لقبران الْفَقِيه فنزلوا فَلَمَّا طلعت الشَّمْس اقْبَلُوا على الذنبتين فَعجب النَّاس مِنْهُم حَيْثُ جاوا من غير علم اعلمهم وَكَانَ ابْن نَاصِر اذ ذَاك هُوَ الْقَائِم بالامر وَبِالْجُمْلَةِ فكرامته وماثر اياته اكثر من ان تحصى وَلم يكن لَهُ نَظِير بِحسن الصُّحْبَة وَمن ذَلِك مَا حكى ان بعض الظلمَة من الْوُلَاة والمتصوفين كَانَ كثير التَّرَدُّد اليه والصحبة لَهُ فَمَاتَ وَرُبمَا كَانَ سَببه اشترغ بِشَيْء من الشَّرَاب فَمَاتَ بذلك السَّبَب فوصل من نعاه الى الْفَقِيه واخبره بِحَالهِ الَّذِي مَاتَ عَلَيْهِ فَقَالَ لاصحابه بِسم الله على السّير الى قبران هَذَا الصاحب فوافقوه بظواهرهم دون وبوطنهم فَلَمَّا صَارُوا بِالطَّرِيقِ الْتفت اليهم وَقَالَ للَّذي تحقق انه اكثرهم كَرَاهَة لذَلِك يَا فلَان انما يُقَام على السَّاقِط واما غَيره فيجر برجليه وَلما توفت الْحرَّة الْمَعْرُوفَة بالنجميه عمَّة السُّلْطَان الْملك المظفر وَهُوَ اذ ذَاك حاط بالموسعة دخل الى جبلة وَحضر قبرانها وَالصَّلَاة فَذكرُوا أَنه وقف النَّاس سَاعَة جَيِّدَة وَالسُّلْطَان المظفر يَقُول لَا يؤم النَّاس فِي الصَّلَاة غير الْفَقِيه عمر بن سعيد وَكَانَ قد حضر خلق كَثِيرُونَ مشهورين بالفقه وَقدم السن كالفقيه مُحَمَّد بن مِصْبَاح وَغَيره وَكَانَ الْفَقِيه قد صَار فِي الطَّرِيق فَمَا زَالُوا بانتظاره حَتَّى قدم وَتقدم

    وَصلى وام بِالنَّاسِ وَلما بلغه ان رجلا وصل الى الْفَقِيه احْمَد بن جديل وَقَالَ يَا سَيِّدي الْفَقِيه رَأَيْت قبلي التعكر نورا من الارض صاعدا حَتَّى خرق السَّمَاء فَمَا ذَلِك يَا سَيِّدي قَالَ بقبلي التعكر القطب وَيَوْم يَمُوت ترتج الارض لمَوْته اخبرني جمَاعَة من أَصْحَابه انهم كَانُوا يتذاكرون ذَلِك وَيَقُول بَعضهم بحضر الْفَقِيه رُبمَا أَنه انا فيبتسم الْفَقِيه وَيَقُول وَرُبمَا يكون عَظِيما فِي معرفَة الْعلم اخبرني الثِّقَة أَنه وَصله قَاصد يُرِيد الْقِرَاءَة عَلَيْهِ فَاعْتَذر لي لعلمه انني أُرِيد السرعة والعودة الى الْبِلَاد ثمَّ سَأَلَني مَا اريد اقرا فاخبرته انني اريد الْفَرَائِض فَقَالَ لي عَلَيْك بزبيد بِابْن مُعَاوِيَة فامتثلت قَوْله وقصدت زبيد وقرأت على الرجل ثمَّ عدت الْبَلَد فمررت على الْفَقِيه فَسَأَلَنِي عَن حَالي فَأَخْبَرته أَنِّي قَرَأت مَا أردْت فَسَأَلَنِي عَن مسَائِل عديدة مِنْهَا مَا عرفت وَمِنْهَا مَا عرفني فَظهر لي أَنه بالفرائض امام عصره ثمَّ عدت بلدي فأقمنتب بهَا مَا شَاءَ الله ثمَّ عزمت على قِرَاءَة الْفِقْه فَقلت اقصده واقرأ عَلَيْهِ الْمُهَذّب فَلَمَّا اتيته اعتذر مني بقلة الْفَرَاغ فارشدني الى الْفَقِيه عَليّ بن الْحُسَيْن الْمُقدم الذّكر وَكتب لي اليه ورقة فاتيته وقرات عَلَيْهِ الْمُهَذّب فَلَمَّا اكملته اتيت الْفَقِيه فَقَالَ لي قَرَأت قلت نعم فباحثني سَاعَة وذاكرني باشكالات ظَنَنْت أَن الَّذِي قَرَأت عَلَيْهِ لَا يعرفهَا فعجبت من ذَلِك من كَون النَّاس لايقولون انه فِي الْفِقْه عَارِف لاشتغاله بِالْعبَادَة وعَلى الْجُمْلَة فمكارمه وكرامته اكثر من ان تحصى ثمَّ كَانَت وَفَاته لَيْلَة السبت بَين الْمغرب وَالْعشَاء لليلتين بقيا من الْحجَّة اخر سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وسِتمِائَة وقبر على قرب من بَيته ومسجده وتربته اكثر الترب قصدا فِي الزِّيَارَة قل ان يَنْقَطِع الزائرون عَنْهَا لَيْلًا اَوْ نَهَارا لم اجد من ترب الاخيار مَا يشبهها غير تربة الامام زيد بن عبد الله اليفاعي فِي الْجند مَعَ قدم الْعَهْد بِهِ بصاحبها وَمَتى وصلهما الزائر اَوْ احدهما وَسَأَلَ ذمَّة بحاجته وجد شَعْرَة بيضًا فياخذها ويحتفظ بهَا فَيَقْضِي الله حَاجته وَلَا يزَال فِي خير مَا دَامَت الذِّمَّة مَعَه وَلَقَد جرى ذَلِك بتربة هَذَا مَا اخبرني الثقاة عَن تربة الامام زيد بذلك ثمَّ مَا استجار بهَا اُحْدُ الا وَفِي وان هم بِهِ اُحْدُ سلط الله عَلَيْهِ شاغلا يشْغلهُ حَتَّى لَا يُطيق شَيْئا ثمَّ اصحاب هَذَا الْفَقِيه يَقُولُونَ مَا ظهر حَال الْفَقِيه بعد مَوته أَكثر مِمَّا كَانَ فِي حَيَاته

    وَلَقَد اخبرني

    بعض الظلمَة عَليّ مستجير فابتزه من عِنْد قَبره فَلم تطل مُدَّة فَاعل ذَلِك وخلص الله المستجير على حَال جميل ثمَّ اخبرني ثِقَة قَالَ كنت يَوْم رَجْفَة الارض بِصَنْعَاء اخالط الْفَقِيه عمر بن سعيد فرأيته وَقد امْر على رجل يزْعم الْيَهُود انه اعلمهم بالتوارة فَلَمَّا اتاه سَأَلَهُ عَن سَبَب الراجفة فَقَالَ موت عَالم من علمائكم ثمَّ انْصَرف فَلم يقم الا بِقدر مَا وصل الْعلم من جبلة الى صنعاء فَقيل مَاتَ الْفَقِيه عمر اخبرني جمَاعَة لَا اتهمَ مِنْهُم فِي ذَلِك ان الراجفة كَانَت وَقت الظّهْر يَوْم الْجُمُعَة وَالنَّاس يتأهبون لصَلَاة الْجُمُعَة وَقد صَار الاول فِي الْجَامِع هَكَذَا اخبرني وَالِدي قَالَ وَكنت يَوْمئِذٍ فِي بلدي زبيد

    ثمَّ خلف هَذَا الْفَقِيه فِي منصبه ورياسة اصحابه ابْن اخيه لامه عبد الرَّحْمَن بن سعيد بن عَليّ بن ابراهيم بن اِسْعَدْ بن احْمَد يجْتَمع مَعَ الْفَقِيه باسعد مولده سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة تفقه بِعَمِّهِ وَلزِمَ مَجْلِسه بعده وَعَكَفَ عَلَيْهِ اصحابه وَكَانَ كثير التّكْرَار الى الْحَج والزيارة وَهُوَ اول من ادخل الْعَزِيز شرح الْوَجِيز الى الْجبَال وَمِنْه اخذ شَيخنَا عَن ابيه وَصحح مِنْهُ فِي معينه وَكَانَ بِهِ سقم وَلذَلِك يُوجد كثير فِي غَرَائِبه مضطربا فَقلت لشَيْخِنَا مَا سَبَب ذَلِك فَقَالَ هَكَذَا وجدته فِي النُّسْخَة وَهِي سقيمة وتفقه بِهِ جمَاعَة وَكَانَت وَفَاته نَهَار الاحد لاحدى عشر لَيْلَة خلت من الْمحرم سنة تسعين وسِتمِائَة بعد ان بلغ عمره ثَلَاثًا وَخمسين سنة

    وَمِنْهُم ابْن اخيه ووارثه ابراهيم بن مُحَمَّد بن سعيد مقدم الذّكر كَانَت لَهُ قِرَاءَة وسماعات واجازات واشتغل بِالْعبَادَة وَكَانَ ذَاكِرًا لفقه الدّين خَاصَّة من الصَّلَاة وَالصِّيَام وَالزَّكَاة وَالْحج وارتحل إِلَى تهَامَة فَأخذ بهَا عَن الْفَقِيه اسماعيل الْحَضْرَمِيّ وَعَلِيهِ قَرَأت الْأَرْبَعين الطائية أول قراءتي بهَا وَكَانَ كثير الْخُشُوع سريع الدمعة وَمَتى سُئِلَ الدُّعَاء مد كفيه ودعا وَهُوَ يبكي وَإِلَيْهِ انْتَهَت رياسة الْموضع بعد ابْن عَمه عبد الرَّحْمَن وَذَلِكَ على حَال خير الى ان توفّي نَهَار الْجُمُعَة ثَالِث عشر ربيع اول سنة خمس وَتِسْعين وسِتمِائَة

    وَلما بلغ نعيه الى شَيخنَا ابي الْحسن الاصبحي طلع ذِي عقيب وَحضر القبران ولبث يَوْمًا اَوْ يَوْمَيْنِ يُرِيد الْقِرَاءَة ثَلَاثًا فَبَلغهُ وَفَاة القَاضِي البها فَسَار من هُنَالك

    الى المصنعة فعزى وَرَاء بعض ايام الْقِرَاءَة ثمَّ عَاد بَلَده

    ثمَّ خلف هَذَا ابراهيم وَلَده مُحَمَّدًا مولده سنة سِتّ وَسِتِّينَ وسِتمِائَة ارتحل الى تهَامَة فتفقه بزبيد على بعض فُقَهَاء تهَامَة ثمَّ خرج الى الْجِهَة الشامية فَقَرَأَ بشجينه الْقرْيَة الَّاتِي ذكرهَا فِي تهَامَة انشاء الله تَعَالَى على الْفَقِيه عَليّ بن ابراهيم البَجلِيّ ثمَّ سَار الى ابيات حُسَيْن الْقرْيَة الَّاتِي ذكرهَا فادرك احْمَد بن حسن الخلي فاخذ عَنهُ وَعَاد بَلَده بعد ان صحّح تنبيهه على تَنْبِيه الامام احْمَد بن عجيل ومهذبة كَذَلِك وعلق على الْكِتَابَيْنِ مَا علقه عَلَيْهَا وَلما لبث فِي بَلَده مُدَّة نزل الى الذنبتين فَقَرَأَ بهَا على شَيخنَا ابي الْحسن الاصبحي بعض وسيط الْغَزالِيّ وَمن ثمَّ حصل بيني وَبَينه انس وَهُوَ الَّذِي رغبني بِطُلُوع المخلاف وخلطة اهله ومعرفتهم وَلما طلعت أَقمت مَعَه فِي بَيته أَيَّامًا وقرأت على وَالِده الْأَرْبَعين الطانية وَهُوَ الْآن الْمشَار إِلَيْهِ فِي التَّمْيِيز بَين اهله لقدم السن وَمَعْرِفَة النَّاس والاصلاح بَينهم وَغلب عَلَيْهِ الِاشْتِغَال بذلك على التدريس وَغَيره

    وَمِنْهُم عبد الصَّمد بن سعيد بن عَليّ بن ابراهيم صنو الْفَقِيه عبد الرَّحْمَن مقدم الذّكر مولده ثَانِي صفر سنة سِتّ وَخمسين وسِتمِائَة سلك طَرِيق عَمه عمر من الصّيام وَالْقِيَام وَالْعِبَادَة مَعَ الِاشْتِغَال بِالْعلمِ ومحبته لَهُ تفقهه بابراهيم الماربي أحد أَصْحَاب عَمه ومسكنه قَرْيَة الثمد غربي قَرْيَة عَمه وَهِي بثاء مثلثه مَفْتُوحَة بعد الف وَلَام ثمَّ فتح الْمِيم ثمَّ دَال مُهْملَة سَاكِنة اليه انْتَهَت رياسة الْبَيْت بالفقه والبلاد بِالدّينِ والورع والزهد اقمت عِنْده بالقرية اياما وَعنهُ اخذت الْبَيَان الْبَعْض قِرَاءَة وَالْبَعْض سَمَاعا وَالْبَعْض اجازة وَكَانَ بقريته فَقِيه يَأْتِي ذكره قَرَأت عَلَيْهِ عدَّة كتب فزاملني هَذَا الْفَقِيه بِسَمَاع بَعْضهَا وَهُوَ شمائل الْمُصْطَفى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِلتِّرْمِذِي وَكَانَ شهير الذّكر بِالدّينِ وَالصَّلَاح والفلاح بِحَيْثُ يضْرب بِهِ الْمثل

    وَلما كَانَ الْأَمر كَذَلِك قَالَ المظفر ولد الْملك الْمُؤَيد لابيه يَا ابت احب ان ارى الْفَقِيه عبد الصَّمد قبل الْمَوْت وَهُوَ اذ ذَاك مَرِيض منزولا بِهِ فَكتب الْمُؤَيد الى هَذَا الْفَقِيه سَأَلَهُ أَن يتفضل بالوصول ويعلمه مرض الْوَلَد واستدعائه لَهُ تَعَالَى فَلم يكن من الْفَقِيه الا تجهز بالوصول لَيْلًا ثمَّ اجْتمع بالمريض وَعَاد بَلَده وَكَانَت قريته ملْجأ للخائفين وملاذا للمتجورين وبيته مقصدا للزائرين وَلم يزل على الْحَال المرضي إِلَى أَن توفّي منتصف شَوَّال الْكَائِن فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَسَبْعمائة

    وَمِنْهُم من قريته الْمَذْكُورَة اولا شَيْخي ابو عبد الله مُحَمَّد عرف بمكرم بن مَسْعُود بن احْمَد بن سَالم الْعَدوي نسبا والمكرم لقبا قدمت المخلاف على مَا تقدم ذكره واقمت بِذِي عقيب اجْتمعت بِهَذَا الْفَقِيه فآنسني وحبب الي وُصُوله الى قريته فاتيته وقرأت عَلَيْهِ طَبَقَات الشَّيْخ ابي اسحاق واخذت عَنهُ طَبَقَات ابْن سَمُرَة اجازة وَعَلِيهِ قَرَأت التَّبْصِرَة فِي اصول الدّين اول مرّة والقحطانية وَكَانَ فَقِيها صَالحا زاهدا ورعا متمسكا بالاثر وقرأت عَلَيْهِ الرسَالَة الجديدة للامام الشَّافِعِي وَكَانَ لَدَيْهِ معرفَة بالفقه والنحو والْحَدِيث واللغة وَهُوَ اُحْدُ من ارتضيت سَرِيرَته فِي المخلاف من الْفُقَهَاء لما مرض مرض الْوَفَاة دخل عَلَيْهِ جمَاعَة من الْفُقَهَاء يعودونه يَوْم اُحْدُ قبل وَفَاته بِخَمْسَة ايام قَالَ الْمخبر فَجعل يحدثني وسألني ان اجله واستحل لَهُ من حضر أَو غَابَ ويودعني فهويت عَلَيْهِ وَقلت لَهُ انت بِخَير وَفِي عَافِيَة فَقَالَ لم يبْق من عمري غير خَمْسَة ايام ثمَّ جعل يكلمني بِمَا يقوى قَوْله فَقلت مَا الدَّلِيل على فرَاغ عمرك فَقَالَ رَأَيْت الْحق سُبْحَانَهُ نَهَار أمس فهممت ان اتعلق بِهِ فَقيل لي بعد سِتّ فَوَقع بقلبي انها سِتَّة ايام وَقد مضى لي يَوْم وَلما حَضرته الْوَفَاة أُغمي عَلَيْهِ فَلَمَّا افاق قَالَ لمن حوله ايْنَ الثَّوْب الَّذِي أعطانية رَبِّي ولازم على ذَلِك فاعطوه ثوبا من ثِيَابهمْ فَرده وَقَالَ ان ثوب رَبِّي لَا يشبه ثِيَاب الادميين وَمَا

    كَانَ رَبِّي ليرْجع فِي هِبته ثمَّ عَاد فِي غيبته وَكَانَ اخر كَلَام سمع مِنْهُ لَا اله الا الله وَكَانَت وَفَاته منتصف الْمحرم سنة سِتّ وَتِسْعين وسِتمِائَة وَكنت اذ ذَاك قد طلعت مَعَ الدي من زبيد الى مصنعة سير لحَاجَة عرضت الى الْقُضَاة ثمَّ عدنا الْجند فَسَأَلت عَن هَذَا الْفَقِيه فَقيل مَرِيض فطلعت اليه لازوره فجيئت الْبَلَد آخر الْيَوْم الَّذِي دفن فِيهِ

    وَمِنْهُم اخوه لامه سُلَيْمَان بن ابي بكر بن عذيب وَالِده فَقِيه من اصحاب الْفَقِيه عمر سَيَأْتِي ذكره قِرَاءَته على أَخِيه وَغَيره لكنه اشْتغل بِالْعبَادَة والعائلة بعد ان سمع وَقَرَأَ عدَّة كتب وَكَانَ مِمَّن سمع معي على اخيه الشَّمَائِل وغالب مَا قَرَأت عَلَيْهِ وَالْغَالِب عَلَيْهِ الدّين وَالْخَيْر توفّي على ذَلِك فِي شعْبَان الْكَائِن فِي سنة تسع وَعشْرين وَسَبْعمائة

    وَمِنْهُم ابو بكر بن فويه بن سعيد وَهُوَ ابْن اخي الفقيهين عبد الرَّحْمَن وَعبد الصَّمد مولده لخمس مضين من شَوَّال سنة سبع وَسبعين وستماية وتفقهه بعمران بن عقبَة من جبلة الْمُقدم ذكره وبعمه عبد الصَّمد وَبِمُحَمَّدٍ بن ابراهيم وارتحل الى وصاب فاخذ بهَا عَن الغيثي وَهُوَ الان الْمشَار اليه بالفقه فِي اهل هَذَا الْبَيْت مَعَ لُزُوم الْوَرع والعفاف والقناعة ولديه ذكر بالفقه ومطالعة الْكتب وامتحن بِمَرَض طَوِيل مَاتَ مِنْهُ ثامن عشر جمادي الاخرة من سنة خمس وَعشْرين وَسَبْعمائة

    وَمِنْهُم ابْن عَمه عمر بن الْفَقِيه عبد الرَّحْمَن يلقب بالمقري من القاب الْمكتب وتفقهه بِعَمِّهِ عبد الصَّمد وَتزَوج بابنت الْفَقِيه هرون الْمَذْكُور فِي بعدان وَذَلِكَ حَيَاة أَبِيهَا وَهُوَ فِي اهل هَذَا الْبَيْت اخر من عَلمته يسْتَحق الذّكر بِالْعلمِ وَفِيهِمْ جمَاعَة الْغَالِب عَلَيْهِم الِاشْتِغَال بِالْخَيرِ

    وَمِنْهُم سُلَيْمَان بن عَليّ بن ابي سُلَيْمَان مولده سلخ شعْبَان سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وستماية فَقِيه فَاضل تفقه بتهامة غَالِبا وبغيرها يذكر بالفقه والانسانية وَله اخ

    اسْمه ابو بكر فَقِيه فَاضل تفقه بَاهل بَلَده وبمن ورد الى ناحيتهم وَشهر بالفقه والتدريس جمَاعَة مِنْهُم ابو عبد الله مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن اسماعيل الماربي اصل بَلَده قَرْيَة ذِي اشرق وتفقهه بِالْقَاضِي مَسْعُود وَتزَوج ابْنَته فِي حَيَاته واولاده الَّاتِي ذكرهم مِنْهَا رتب بِالْمَسْجِدِ الَّذِي بناه حسن بن عَليّ بن رَسُول بقرية عكار على تربة ابيه واوقف عَلَيْهِ وَقفا جيدا على مدرس ودرسة ثمَّ على ضَعِيف ان ورد وَقد درست بِهِ اشهرا من سنة عشر وَمن سنة احدى عشر وَسَبْعمائة وَذَلِكَ بترغيب بعض ذُرِّيَّة الْوَاقِف فَلَمَّا تغير عَن شَرطه عدت الْجند فَكَانَ سَمَاعي ان هَذَا الْفَقِيه كَانَ مُبَارَكًا فَقِيها ذَاكِرًا للفقه ذَا مروة وَخير قيل للْقَاضِي مَسْعُود كَيفَ تزوج الماربي وَهُوَ رجل فَقير فَقَالَ ارجو ببركة الْعلم ان يكون هَذَا كَافِيا لي ولاولادي فان كَانَ فَقير فبركة الْعلم مغنية فَكَانَ كَمَا قَالَ آلت عائلة القَاضِي اليه وَحملهَا فَكَانَ قد يُعَاتب على ذَلِك وَيَقُول لَهُ المعتب حملت عائلة النَّاس فَيَقُول وَالله لَا خيبت ظن القَاضِي مَسْعُود وَيُرِيد كَلَامه الَّذِي تقدم وَكَانَ يصدع بِالْحَقِّ يَأْمر بِالْمَعْرُوفِ وَيُنْهِي عَن الْمُنكر حكى انه صلى مرّة الْجُمُعَة بذى جبلة وطلع الى بَيته وَهُوَ بِموضع يعرف بِذِي محدان من جملَة وقف الْمَسْجِد الْمَذْكُور فَلَمَّا صَار بِشَيْء من الطَّرِيق والمنصور عمر بن رَسُول يَوْمئِذٍ قَاعد فِي قصر عومان لَقِي الْفَقِيه رجلا رَاكِبًا على بغلة حبشية وَمَعَهُ جند وغلمان فظنوه وزيرا اَوْ قَاضِيا وَسَأَلَ عَنهُ قبل الدنو مِنْهُ فَقيل لَهُ هُوَ طَبِيب يَهُودِيّ فحين دنا مِنْهُ وثب عَلَيْهِ واجتذبه من بغلته والقاه على الارض وخلع نَعله وضربه ضربا مؤلما وَهُوَ يَقُول يَا عَدو الله وعدو رَسُوله لقد تعديت طورك وَخرجت على الشَّرْع فَيَنْبَغِي اهانتك على ذَلِك فَلَمَّا فرغ من ضربه اطلقه فَقَامَ على الارض

    وَركب بغلته وَعَاد الى بَاب السُّلْطَان فحين وَصله اسْتَغَاثَ وقلب عمَامَته فَسئلَ عَن السَّبَب فاخبر بِهِ فامر الْمَنْصُور عونا الى الْفَقِيه يساله عَن الْقَصْد فحين اتاه واخبره بذلك قَالَ لَهُ الْفَقِيه سلم على السُّلْطَان وعرفه انه لَا يحل لَهُ ان يتْرك الْيَهُود يركبُوا البغال بالسروج وَلَا ان يتراسوا على الْمُسلمين بالركوب والملابس وَمَتى فعلوا هَذَا فقد خلعوا ذمَّة الاسلام مِنْهُم وَوَجَب قتال فَاعل ذَلِك فحين عَاد الرَّسُول الى السُّلْطَان واخبره بِجَوَاب الْفَقِيه فَقَالَ لِلْيَهُودِيِّ تقدم مَعَ الرَّسُول الى الْفَقِيه ليعرفك مَا يجب بِالشَّرْعِ فافعله ثمَّ قَالَ للرسول قل لَهُ يسلم عَلَيْك فلَان وَيُحب ان تعرف الْيَهُودِيّ مَا يجب عَلَيْهِ بِالشَّرْعِ وَمَتى جاوزه فقد برِئ مِنْهُ فَقَالَ الْفَقِيه لِلْيَهُودِيِّ مَا يجب عَلَيْك كَذَا وَكَذَا وَلَا تفعل الا مَا هُوَ كَذَا وَكَذَا وَمَتى تعديت وَجب قَتلك وَحل دمك وَانْصَرف الْيَهُودِيّ على ذَلِك الى السُّلْطَان فاخبره الرَّسُول بذلك فَقَالَ لِلْيَهُودِيِّ اياك تتعدا مَا امرك بِهِ الْفَقِيه وامره بالانصراف وَلم يزل هَذَا الْفَقِيه على التدريس فِي الْمَسْجِد الْمَذْكُور حَتَّى توفّي ثامن رَمَضَان سنة ثَمَانِي وَثَلَاثِينَ وستماية

    وَمِنْهُم ابو السُّعُود بن الْحُسَيْن بن مُسلم بن عَليّ بن عمر الفضلي الْهَمدَانِي وَهُوَ وَالِد الْفَقِيه حُسَيْن صَاحب الفراوي مقدم الذّكر تفقه بِمُحَمد بن مَضْمُون وبابي عبد الله العمراني المحلميين واخذ عَن عَليّ بن ابي بكر التباعي وارتحل الى عدن واخذ بهَا عَن القَاضِي ابراهيم بن احْمَد القريظي وَكَانَ زميله فِي الْقِرَاءَة حُسَيْن العديني وسُفْيَان الابيني وَولده ابو بكر والسني الشحري وَغَيرهم الَّاتِي ذكرهم وَكَانَ بذلك بِمدَّة مِنْهَا سلخ سنة احدى عشرَة وَسَبْعمائة وَعَاد الْجَبَل فدرس بجبلة وَغَيرهَا وَهُوَ اُحْدُ اشيوخ القَاضِي عبد الله العرشاني ودرس بِمَسْجِد عكار بعد الماربي الى ان توفّي بِشَهْر الْقعدَة سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وستماية

    ثمَّ صَار الْفِقْه بطبقة اخرى وَجَمَاعَة غالبهم اصحاب الْفَقِيه عمر بن سعيد

    وَمِنْهُم ابو بكر بن عذيب مَسْكَنه قَرْيَة المعبري غربي ذِي عقيب كَانَ

    الْغَالِب عَلَيْهِ الْعِبَادَة حَتَّى توفّي لم اتحقق تَارِيخه

    وَمِنْهُم ابراهيم بن الْفَقِيه مُحَمَّد بن عبد الله الماربي مقدم الذّكر مولده سنة خمس عشرَة وستماية تفقه بعمر بن سعيد وَهُوَ اكبر من يروي كراماته ودرس بعد الْفَقِيه ابي السُّعُود غَالِبا فِي حَيَاة شَيْخه وَمن غَرِيب مَا روى للفقيه عمر بن الكرامات انه قَالَ حصلت على حمى انْقَطَعت بِسَبَبِهَا اياما فِي الْبَيْت فَسَأَلَ عني الْفَقِيه فَأخْبرهُ أخوتي بانقطاعي بِسَبَب الحما فَأَتَانِي يزورني على ذِي محدان وَقَالَ لي يَا ابراهيم اكْتُبْ لَك عَزِيمَة تعلقهَا عَلَيْك بِشَرْط ان لَا تفتحها وَلَا تنظر مَا فِيهَا فَقلت نعم فاستدعى بِدَوَاةٍ وبياضا وَكتب سطرا لم أدر مَا هُوَ ثمَّ طوى الورقة وناولنيها وامرني بتعليقها على عضدي بخيط فَفعلت فَلم اكد اتمم تَعْلِيقهَا حَتَّى انْقَطَعت عني الحما فعجبت من ذَلِك وَقلت بِهَذِهِ اسْم الله عَظِيم رُبمَا حسدني الْفَقِيه على مَعْرفَته ثمَّ فتحتها فَوجدت مَكْتُوبًا فِيهَا بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم لَا غير فعجبت من ذَلِك ودخلني الْعجب بعض مَا يدْخل الْعَارِف بِالْمَعْرُوفِ اذ بالحما قد عاودتني لَكِنَّهَا اخف من الاولى فرحت الى الْفَقِيه واخبرته فَقَالَ لَعَلَّك فتحت الْعَزِيمَة فَقلت نعم فَقَالَ اكْتُبْ لَك غَيرهَا بِشَرْط انك لَا تنظر فِيهَا فَقلت سمعا وَطَاعَة فَكتب مثل ذَلِك وامر من عمل لَهَا خيطا وعلقها عَليّ فَلم تأتني الحما فَلَبثت اياما لم افتحها ثمَّ فتحتها فَوجدت فِيهَا مَا وجدت اولا فداخلني بِشَيْء هُوَ دون مَا دخلني اولا فَلم اقم حَتَّى عَادَتْ إِلَيّ الحما وعدت الى الْفَقِيه وشكوت عَلَيْهِ فَقَالَ هَل نظرت فِي الْعَزِيمَة

    فَقلت نعم فَقَالَ الم انهك اقْتصر عَن ذَلِك وانا اكْتُبْ لَك غَيرهمَا

    فاجبت بِالطَّاعَةِ وَكتب لي غَيرهَا فَلَمَّا علقتها انْقَطَعت الحما فحمدت الله وَلم افتض الْعَزِيمَة الا بعد سِنِين عديدة فَلم اجد غير مَا وجدت فِي الاولتين فَقبلت ذَلِك وَوَضَعته على رَأْسِي فَلم تعدني الحما قَالَ مُؤَلفه وَهَذِه الْقِصَّة تشبه الْقِصَّة المروية عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ انه مر بمصروع فَوقف عَلَيْهِ وَقَالَ الله اذن لكم ام على الله تفترون فولى الجني هَارِبا يَقُول لَا وَالله لَا وَالله ثَلَاثًا فَمر رجل بعد ذَلِك على مصروع وَقد سمع عمر يَقُول ذَلِك فَقَالَ مثله فناداه الجني الاية الْآيَة لَكِن عمر لَيْسَ عمر

    وَلما صَار الْقَضَاء إِلَى مُحَمَّد بن عمر

    جعلُوا هَذَا ابراهيم قَاضِيا بجبله فَلبث يَسِيرا وَتُوفِّي على ذَلِك برمضان سنة ثَمَانِي وَتِسْعين وستماية فَرَآهُ بعض اصحابه بعد مَوته فَقَالَ لَهُ مَا فعل الله بك فَقَالَ وَمَا عَسى ان يفعل بِي ولميقتسم ورثتي بعدِي درهما وَحمل على اعناق الرِّجَال الى ذِي عقيب فقبر الى جنب قبر ابيه

    وَمِنْهُم صنوه عبد الله كَانَ فَقِيها خيرا تفقه بعمر بن سعيد ايضا وَكَانَ صَالحا تقيا وَلما تفوفي وَدفن وقف شَيْخه على قَبره سَاعَة وَهُوَ مصغ فَقَالَ بشرني الله ياتاج وَالله بشرني الله يَا تَاج فساله بعض خواصه عَن مُوجب ذَلِك فَقَالَ لم ار منسبق الْملكَيْنِ قبل اني يسْأَله غير هَذَا وَكَانَ الْفَقِيه يلقب بالتاج وَكَانَت وَفَاته رَابِع رَجَب من سنة سبع واربعين وستماية

    وَمِنْهُم صنوه احْمَد تفقه ايضا بعمر بن سعيد وَكَانَ فروعيا اصوليا سَمِعت شَيخنَا اباب الْحسن الاصبحي يثني عَلَيْهِ وعَلى مَعْرفَته بالاصول وَالْفُرُوع وَقَالَ اجْتمعت بِهِ فِي الْجند فَوَجَدته عَارِفًا وَكَانَت وَفَاته منتصف رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وستماية

    وَمِنْهُم سُلَيْمَان بن مُحَمَّد المشوري نِسْبَة الى قَرْيَة تعرف بمشورة بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة وَفتح الْوَاو ثمَّ رَاء بعْدهَا هَاء سَاكِنة كَانَ فَقِيها صَالحا تفقه بعمر بن سعيد وَلم اعرف تَارِيخه

    وَمِنْهُم سعيد بن عبد الله مولى فاتن المعزي كَانَ لَهُ اجْتِهَاد بِطَلَب الْعلم تفقهه بعمر بن سعيد ايضا وَملك عدَّة كتب مِنْهَا وجيز الْفِقْه فَلَمَّا بِيعَتْ تركته بيع الْوَجِيز بِعشْرَة دَنَانِير فرأه بعض اصحابه بعد ذَلِك وَهُوَ يَقُول يَا سُبْحَانَ الله يُبَاع الْوَجِيز الَّذِي هُوَ لي على فلَان بِعشْرَة دَنَانِير وَالله لَو أَعْطَيْت بِهِ مَا أَعْطَيْت لم أبعه

    ثمَّ قد عرض ذكر فاتن المعزي وَكَانَ من اعيان اهل الدّين وَالدُّنْيَا وَكَانَ استاذا حَبَشِيًّا مُتَعَلقا بأذيال الْعلم وصحبته أَهله ومحبتهم والمرء مَعَ من احب

    واسْمه فاتن بن عبد الله المعزي وَهُوَ من موَالِي الغز كجوهر المعظمي فِي موَالِي الْعَرَب حَتَّى ان سيدهما كَانَ فِي الْغَالِب خَارِجين عَن سنَن السّنة اما الْمعز فمشهور خُرُوجه والمعظمي فَهُوَ واهله على ذَلِك لم يحك عَن اُحْدُ مِنْهُم انْتِقَال وجوهر قد تقدم ذكره واما فاتن فَكَانَ من الاتقيا يصحب بني جديل بسهفنة وابتنى عِنْدهم مَسْجِدا حسنا ووقف عَلَيْهِ وَقفا جيدا يقوم بامام ومؤذن ومعلم وَعشرَة ايتام وَلم يزل مستمرا الى ان اضاف بَنو عمرَان حسان خَاصَّة نظر الْوَقْف بسهفنة الى ولد القَاضِي اِسْعَدْ بن مُسلم فَعمل بعض ذَلِك سِنِين ثمَّ قطعه رَأْسا أَيَّام بني مُحَمَّد بن عمر وَمن الاثار الَّتِي عَملهَا فاتن مسجدان باحدهما قَبره فِي مَوضِع على رطيق الطالع من جبلة الى ذِي عقيب يعرف بالمسانيف مَشْهُور ثمَّ مَسْجِد بِطرف مَدِينَة جبله صَغِير لَيْسَ بعده مَسْجِد وَلَا بَيت بل هُوَ اطرف بِنَاء بِذِي جبلة من نَاحيَة ذِي عقيب وعَلى مَسْجِد تربته وقف جيد استولى على وَقفه بعض ذُرِّيَّة اسد الدّين ظلما وَلَا يقوم بِوَاجِب شَرطه وَكَانَ يصحب الْفَقِيه سُلَيْمَان الْجُنَيْد بذى اشرق ايضا والفقيه عمر بن سعيد وَكَانَا مُجْمِعِينَ على دينه وصلاحه وَمَتى اجْتمع باحد مِنْهُم لاطفه وتهذب سئله الدُّعَاء وَكَانَت لَهُ مدرسة بذى جبله خربَتْ بسؤ نظر النظار وَعدم الْحُكَّام ذوى النَّقْض الابرام وَلم اتحقق لَهُ تَارِيخا

    وارجع حِينَئِذٍ الى ذكر الْفُقَهَاء وَقد انقرض ذكر اهل هَذِه الطَّبَقَة صَار الْفِقْه الى طبقَة بِهَذِهِ الْجِهَة وَمِنْهُم ابو بكر بن الْفَقِيه احْمَد الماربي مقدم الذّكر مولده يَوْم الْجُمُعَة ثَالِث صفر من سنة سبع وَسِتِّينَ وستماية تفقه بفقهاء جبلة واخذ الْفَرَائِض على المريجفي الَّاتِي ذكره فِي بادية زبيد وَلما توفّي عَمه ابراهيم جعله مَكَانَهُ على قَضَاء جبله فَلبث عَلَيْهِ سِنِين عديدة الى ان توفّي القَاضِي مُحَمَّد

    ابي بكر سنة ارْبَعْ عشرَة فَعَزله وهم بمصادرته فَخرج من تعز لَيْلًا هَارِبا وَلحق بِذِي عقيب ووقف مستجيرا بهَا وَتَوَلَّى كِفَايَته واعانته مُحَمَّد بن حُسَيْن بن مُحَمَّد الملقب باسد الدّين الْمُقدم ذكره وَهُوَ على السّنة الى الان سنة 723 وَلم يزل على ذَلِك حَتَّى توفّي لَيْلَة الاربعاء خَامِس ربيع سنة خمس وَعشْرين وسبعماية وَقد عرض مَعَه ذكر الامير مُحَمَّد بن حسن وَقد تقدم بَيَان نسبه وَهُوَ الْيَوْم امثل بني اسد الدّين قيَاما باهله وقاصديه وَله تعلق بِالْعلمِ وصحبة اهله وَهُوَ الَّذِي رتبني بِالْمَسْجِدِ الْمَذْكُور اولا وَالْغَالِب عَلَيْهِ الْخَيْر لكنه ممتحن بقربا غير مرضيين يحملونه على الْخُرُوج عَن الطَّرِيق المحمودة شرعا وللقاضي الْمَذْكُور ابناء عَم هما مُحَمَّد وَعمر ابناء ابراهيم الْمُقدم ذكره فمحمد تفقه بِعَبْد الصَّمد وَغَيره وَفِيه خير وسلامة صدر توفّي على ذَلِك لنيف وَعشْرين وَسَبْعمائة

    وَعمر تفقه بِمُحَمد بن ابراهيم العقيبي وَبِعَبْد الصَّمد وَهُوَ الان على تدريس مدرسة ضراس وَتزَوج بابنة الْفَقِيه مُحَمَّد بن ابراهيم وَقد عرض ذكر الدَّار النجمي فِي اماكن مُتعَدِّدَة اقربها فِي ذكر الْفَقِيه عمر وَكَانَت من الصَّالِحَات المحسنات وَلَا اجد لذكرها موضعا يَلِيق بِهِ غير هَذَا فَهِيَ ابْنة عَليّ بن رَسُول اُحْدُ الامراء والملوك من بني رَسُول وَسميت بالنجمية نِسْبَة الى زوج لَهَا وَهُوَ الامير نجم الدّين ابْن ابي زَكَرِيَّا بِأحد الامراء القادمين الى الْيمن وَكَانَ رجلا كَرِيمًا شهما شجاعا مقداما كثير فعل الْمَعْرُوف بَعثه الْمَنْصُور الى حَضرمَوْت يستفتحها فَقتل وَلم تزل هَذِه الْحرَّة على الطَّرِيق المرضي لَيْسَ فِي جبلة رزق للطلبة غَالِبا ظَاهرا مُنْذُ عصرها الى عصرنا سنة تسع وَعشْرين وَسَبْعمائة واعني بالرزق الْأَسْبَاب الظَّاهِرَة من الْمدَارِس والمساجد إِلَّا مِنْهَا أَو من حاشيتها فاما مِنْهَا فانها ابتنت النجمية اشترتها دَارا كَانَ لِابْنِ الْمعلم سمتها باسم زَوجهَا ووقفت عَلَيْهَا وَقفا عَظِيما وابتنت بهَا مَسْجِد الدَّار نِسْبَة اليها وَقد تقدم ذكر ذَلِك حِين ذكرت ابْن مِصْبَاح وَلما بنى اخيها ابو بكر

    ابْن حسن الملقب فَخر الدّين مطاهير جَامع جبلة شقّ عَلَيْهَا وَقَالَت لَو علمت لم يسبقني اليه ثمَّ عملت المطاهير الَّذِي لمَسْجِد الامير ابْن عراف الْمُقدم ذكره ثمَّ كَانَ غَالب لبسهَا من غزلها الْقطن فِي اخر امرها ثمَّ كَانَت تَأمر من يعلم النَّاس من كَانَ مَرِيضا لَا يقدر على

    فليأت بَابهَا فَفعل النَّاس ذَلِك وَبنت لاخيها شرف الدّين الْهَالِك بِمصْر مدرسة ونسبتها اليه وَبهَا قبرت وقبر مَعهَا جمَاعَة من اهلها كبدر الدّين حسن اخيها وَغَيره وَبنت الْمدرسَة الشهابية على اسْم اخ لَهَا اسْمه احْمَد شهَاب الدّين وَهِي الَّتِي كَانَ الْقُضَاة يتولونها كلما جَاءَ حَاكم سكنها واخذ طعامها تسميا بتدريسها حَتَّى كَانَ اخر الدولة المؤيدية سَأَلَهَا الْفَقِيه عمر التباعي من الْمُؤَيد فَوَهَبَهَا لَهُ فَهُوَ الْآن المستولي عَلَيْهَا وأحدث خواتينها من المآثر المرضية إِذْ العَبْد من طِينَة مَوْلَاهُ عدَّة مثر فاحدثت راتب دارها الْمدرسَة المنسوبة إِلَيْهَا مدرسة بجبلة وَهِي الَّتِي ذكرت أَنَّهَا درس بهَا جمَاعَة من الْفُقَهَاء الْمُقدم ذكرهم وَعَلَيْهَا وقف جامل وتعرف بجبله بالرائبه نِسْبَة الى بانيها وَبنى خَادِمهَا فاخر مدرسة بِذِي السفال ووقف عَلَيْهَا وَقفا جيدا وَفِي قَرْيَة البرحة من عزلة النقيلين مدرسة أَيْضا ابتناها بعض حواشيها وَمَا أَحَق هَذِه الْحرَّة بقول الأول ... وَرب حيى ميت ذكره ... وميت يحيى باذكاره

    لَيْسَ بميت عِنْد أهل النهى ... من كَانَ هَذَا بعض اثاره ... وَكَانَت وفاتها بذى جبلة بدارها الْمَعْرُوف وقبرت حَيْثُ ذكرت فِي الْمدرسَة الشرفية

    وَمن النواحي المنسوبة الى مخلاف جَعْفَر نَاحيَة الظهابي وعرشان فغرشان قد

    مضى ذكرهَا واما الظهابي فَهِيَ قَرْيَة على قرب من عرشان بهَا قوم يعْرفُونَ ببني شعْبَان

    وَمِنْهُم سبأ بن سُلَيْمَان واخوه احْمَد تفقها وغلبت عَلَيْهِمَا الْعِبَادَة وَله غرايب اعني سبأ مِنْهَا حَدِيث رُؤْيَاهُ الَّتِي راها فِي حَدِيث الشَّيْخ عبد الْوَهَّاب واهل سير الْمُقدم ذكرهَا اذ هُوَ الَّذِي كَانَ رَفِيق الْفَقِيه ابراهيم الماربي وَمِنْهَا انه كَانَ عَلَيْهِ شَيْء من مظالم الدِّيوَان فوصل جابيها بَيت الْفَقِيه يطْلبهَا فَلم يجده فَأخذ بقرة كَانَت لَهُ ولعائلته فَلَمَّا وصل الْفَقِيه وجد الْأَوْلَاد متضيقين اشد ضيق وَالصغَار مِنْهُم يَبْكُونَ فَقَالَ الْفَقِيه لاقرأن الْقُرْآن اللَّيْلَة ثمَّ ادعو على الجابي وَالسُّلْطَان قَالَ فَلَمَّا دخل اللَّيْل اقبلت على التِّلَاوَة ثمَّ غلبتني عَيْنَايَ فَنمت واذا بقائل يَقُول يَا سبأ تُرِيدُ تغير نظام الْعَالم فِي حق بقرتك اَوْ كَمَا قَالَ فَاسْتَيْقَظت واستغفرت الله وعدت عَمَّا كنت عَلَيْهِ وعزمت على الصَّبْر

    وَمِنْهُم عبد الله بن عبد الْوَهَّاب تفقه بِذِي السفال على صَالح بن عمر وَابْن اخيه مقدم الذّكر ثمَّ بعد وَفَاة صَالح حدث بَينه وَبَين ابْن اخيه وَحْشَة نفر عَنهُ فانتقل الى تعز وَلم يكد يُبَارك لَهُ بِمَا قرا بِذِي السفال وَصَارَ يتَكَلَّم عَلَيْهِم فَذكرُوا انه رأى الْفَقِيه صَالح يَقُول اجْتهد يَا عبد الله وانا اجْتهد وَحصل لَهُ من ابْن الاديب شَفَقَة فولاه قَضَاء صعده فَلبث مُدَّة وَعَاد إِلَى تعز فَجعل لَهُ سَببا بِجَامِع المهجم وَهُوَ عَلَيْهِ الى الان سنة ثَلَاث وَعشْرين وَسَبْعمائة وَمن النَّاحِيَة ابو عبد الله مُحَمَّد بن يحي بن ابي الرجا بن الجناب ابي الْقَاسِم الْحِمْيَرِي مولده سنة تسع وَثَلَاثِينَ وستماية تفقه فِي بدايته بعلي بن الْحسن الاصابي وبابن البانة مقدمي الذّكر وَهُوَ اول من رتب فِي المظفرية طَالبا مَعَ الْفَقِيه عَليّ ابْن الْحسن وَعَلِيهِ قَرَأَ كتاب الْحجَّة فِي الرَّد على الْفَقِيه عبد الله بن زيد ولاه بَنو عمرَان قَضَاء النَّاحِيَة وتدريس مدرسة البرحة فَلَمَّا صَار الْقَضَاء إِلَى بني مُحَمَّد بن عمر عزلوه عَن الْقَضَاء على طَرِيق الخطابية الوهمية وَكَانَت طَرِيقَته مرضية وَتُوفِّي عَلَيْهَا سلخ الْمحرم سنة

    عشْرين وسبعماية عقيب وُصُوله من حج وَله اولاد جمَاعَة تفقه مِنْهُم اكبرهم يحي مولده سنة ارْبَعْ وَسِتِّينَ وستماية تفقه بابيه غَالِبا ودرس باماكن عدَّة مِنْهَا المصنعة بسير وادركته ايام قرأتي بهَا يدرس فِي بعض مدارسها الَّتِي احدثها الْوَزير الْبَهَاء ثمَّ درس بمدرسة الْحرَّة حلل بنخلان الْمُقدم ذكرهَا ثمَّ انْتقل الى مدرسة ضراس فَلم يزل بهَا حَتَّى توفّي غريقا فِي الْبَحْر قَاصِدا الْحَج وَذَلِكَ برمضان سنة ثَمَانِي عشرَة وسبعماية وَابْنه ابو بكر قد ذكرته فِي اهل جبله

    وَمِنْهُم عبد الرَّحْمَن ومولده سنة ثَمَانِي وَسبعين وستماية وَخَلفه فِي مدرسة البرحة بعد ان كَانَ درس قبل ذَلِك بمدرسة مدية وَتُوفِّي على منتصف شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وسبعماية وَالْغَالِب عَلَيْهِ وعَلى اخوته وهم جمَاعَة الْخَيْر وسلوك طَرِيق الاخيار وَإِنَّمَا ذكرت من عَلمته تفقه مِنْهُم وَقد ذكرت ابا بكر انه درس بجبله مَعَ ذكر فقهائها وليحي ولد صَالح ذُو عبَادَة يعرف بالجنيد

    وَمن قَرْيَة السرائم ضَبطهَا بتَشْديد السِّين الْمُهْملَة بعد الف وَلَام ثمَّ فتح الرَّاء ثمَّ همزَة مَكْسُورَة بعد الف ثمَّ مِيم بهَا قوم ينسبون الى ذِي رعين الْحِمْيَرِي مِنْهُم فِي الْقرْيَة الْمَذْكُورَة الان فَقِيه اسْمه ابو بكر ابْن عَليّ بن ابراهيم مولده رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وستماية وتفقهه بَابي بكر بن ابي الرَّجَاء مقدم الذّكر واخذ عَن غَيره قدمت الْقرْيَة اليهم مرَارًا فَقَرَأَ عَليّ كتاب الْمعِين ورأيته ذَاكِرًا للفقه مذاكرا بِهِ ووالده واخوه مُحَمَّد رجلَانِ خيران يقْرَأن الْقُرْآن ويكثران عبَادَة الله تَعَالَى وَبِهِمَا صَبر على اطعام الطَّعَام وَتُوفِّي وَالِده باحدى جمادي سنة ثَمَانِي عشرَة وسبعماية على الْحَال المرضي

    ثمَّ توجه نعيمة المسواد الَّتِي تقدم ذكرهَا وَمِنْهَا فِي بلد صهْبَان الْعَرَب المعروفون بِموضع يعرف بالعرمه بتفح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الرَّاء وَفتح الْمِيم

    وَسُكُون الْهَاء كَانَ بِهِ فَقِيه اسْمه مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن حميدة الصهاني ابتنى وَالِده اوجده مدرسة جَيِّدَة بالموضع وَكَانَ يَسْتَدْعِي المدرسين اليها فيدرسون بهَا فَكَانَ هَذَا عمر يقْرَأ عَلَيْهِم حَتَّى تفقه ثمَّ صَار يحسدهم بعد ذَلِك وينكد عَلَيْهِم تنفيرا لَهُم عَنْهَا وطلبا للاستيلاء عَلَيْهَا حَتَّى ذكر انه فحش على رجل اسْمه ابو بكر بن غَازِي كَانَ رجلا صَالحا مِمَّن اخذ عَن الحضارم بتهامة وَعَن عَليّ بن الْحسن الاصابي فَلَمَّا طَال ذَلِك عَلَيْهِ دَعَا عَلَيْهِ فَلم يكد يفلح بهَا وفارقها الْفَقِيه ولبث مستوليا بعده على الْمدرسَة اياما فأوقع الله بَينه وَبَين اهله شرا نفر مِنْهُم تخشيا من الْقَتْل وَصَارَ الى قَرْيَة الجبابي الْمُقدم ذكرهَا فدرس بمدرسة اسد الدّين ثمَّ انْتقل الى بلد بني نَاجِي فدرس مَعَهم بقرية المخادر مُدَّة وَلما قَامَ الْمُؤَيد واقام فِي الْقَضَاء والوزارة بَنو مُحَمَّد بن عمر جَعَلُوهُ مدرسا بالنجمية بِذِي جبلة وَصَارَ شيخ بَلَده يركب وَبَين يَدَيْهِ الشفاليت لاسلاح كعادة جنس بعض أَهله الَّذِي كَانَ يتخشى مِنْهُ واخاف بَعْضًا وَمَا احسن قَول ابي الطّيب المتنبي ... وَالظُّلم من شيم النُّفُوس فان تَجِد ... ذَا عفة فلعلة لَا يظلم ... وَلم يزل كَذَلِك حَتَّى توفّي بِبَلَدِهِ لبضع وسبعماية

    وَمِنْهُم عبد الرَّحْمَن بن ابي بكر ابْن سبأ الشّعبِيّ تفقه بِمُحَمد الاصبحي وَتزَوج بابنته وَهُوَ وَصِيّه ومنصوبه على اولاده وَولى قَضَاء بَلَده من قبل بني مُحَمَّد بن عمر مُدَّة ثمَّ انْفَصل عَنهُ ثمَّ توفّي فِي شعْبَان سنة احدى وَعشْرين وسبعماية

    وَمن عدن المناصب ابو الْخطاب عمر بن احْمَد تفقه بعمر بن سعيد واخذ عَنهُ وَشهر بِصُحْبَتِهِ وَهُوَ صَاحب رُؤْيا صَاحب المقداحة حِين سَأَلَهُ

    من اسْتخْلف فَقَالَ الخضرولم اتحقق تَارِيخه

    وهذة الْقرْيَة اخر من علمت بهَا الْفُقَهَاء من نواحي المخلاف بالجهة الشرقية

    وَمِنْهُم فِي الْجِهَة الغربية مَوَاضِع مِنْهَا نَاحيَة ريمة المناخي الَّتِي تقدم ذكرهَا فقد تقدم ذكر من ذكره ابْن سَمُرَة واما الْمُتَأَخّرُونَ فجماعة مِنْهُم عبد الله بن عَليّ بن عبد الله بن عمثان بن احْمَد الْخَطِيب كَانَ فَقِيها محققا اخذ عَن عبد الله بن زيد وَكَانَ مَسْكَنه قَرْيَة البرحة وَبهَا توفّي

    وَمِنْهُم ابْن عَمه يحي بن احْمَد وَكَانَت مَعْرفَته نَحوا من معرفَة ابْن عَمه عبد الله وتفقه ايضا بِعَبْد الله بن زيد واخر من شهر مِنْهُم احْمَد بن عبد الرَّحْمَن بن الْفَقِيه عبد الله بن عَليّ وَكَانَ ذَا مسموعات واجازات وَكَانَ اخذه لذَلِك عَن جده عبد الله وَكَانَ عابدا زاهدا ورعا وَكَانَت وَفَاته على طَرِيق مرضِي فِي آخر الماية السَّادِسَة

    وَمِنْهُم مُحَمَّد بن عبد الله بن سُلَيْمَان بنعبد الله بن عَليّ بن عبد الله بن مُحَمَّد بن احْمَد بن عبد الله وَرُبمَا اخد عَن ابْن عَمه مقدم الذّكر فِي اهل المصنعة ودرس بتعز ثمَّ عَاد بَلَده فَتوفي سنة ارْبَعْ وسبعماية وَورد الى النَّاحِيَة جمَاعَة مِنْهُم ابو بكر بن مُحَمَّد العماري اصله من حَضرمَوْت وَكَانَ يُسمى بالعودري اذ قدومه الى ريمة من بِلَاد العوادر وقراءاته على عبد الله بن عَليّ وَبِه تفقه عبد الله بن اِسْعَدْ الحذيفي وَكَانَ سكن قَرْيَة الماجل من ريمة وَبهَا توفّي

    وَمِنْهُم مُحَمَّد بن اِسْعَدْ بن الْحسن بن شريك جد الصباحي ثمَّ الْحِمْيَرِي نسبا وَهُوَ يشهر بَين اهل وقته بالحميري وَكَانَ فَقِيها فَاضلا خُصُوصا من الادب درس بمدرسة الحمادي وَهِي مدرسة لبَعض مَشَايِخ بني ابي المعالى الحرازيين

    وَكَانَت قرأته بزبيد وَعنهُ اخذ جمَاعَة مِنْهُم الغيثي من وصاب وَمُحَمّد بن عُثْمَان الْوَهْبِي الوزيري وَاحْمَدْ بن عَليّ النجار وَغَيرهم وَكَانَت وَفَاته بالقرية لبضع وَتِسْعين وسبعماية وَلَا عقب لَهُ

    ثمَّ صَار الْعلم فِي طبقَة متاخرة يُؤْخَذ عَن جمَاعَة مِنْهُم عبد الله بن اِسْعَدْ الحذيقي نسبه الى قوم يُقَال لَهُم الأحذوق مِنْهُم جمَاعَة هُنَالك كَانَ فَقِيها فَاضلا تفقه بالعماري مقدم الذّكر سكن قَرْيَة الحصبانيين وَكَانَ صبورا على إطْعَام الطَّعَام وإكرام الْأَنَام عَظِيم الْعِبَادَة إِلَى أَن توفّي بالقرية سنة إِحْدَى وَعشْرين وسبعماية

    وَمن النَّاحِيَة ثمَّ من جبل ثومان الْمُقدم ذكره الاخوة المباركون هندوه وعَلى وعبد الله وَعبد الرَّحْمَن بَنو عمر بن مُسلم الْخَولَانِيّ مولده لَيْلَة الْجُمُعَة الْعشْرين من رَمَضَان سنة سبعين وستماية فهندوه وَعبد الله اكثرهم تفقها فِي جبا وَعلي وَعبد الله اشتغلا بِالْقُرْآنِ فعلي مبارك يقْرَأ للسبعة المقارى وَبعد الرَّحْمَن قَرَأَ لشيخين وَغَابَ غيبَة مُنْقَطِعَة الى الان لم يعلم خَبره وَلما اخرب الْمُؤَيد بِلَاد خولان بسعاية وزراية اليهم هرب المذكورون عَن بلدهم الى جبا ونواحي الدملوة فهندوه لما تفقه عَاد بَلَده واخوه عبد الله سكن بقدس بقرية الذخف بِفَتْح الذَّال الْمُعْجَمَة بعد الف وَلَام ثمَّ خاء مُعْجمَة ثمَّ فَاء وَتُوفِّي بهَا منتصف ربيع اخر نَهَار الْجُمُعَة سَابِع رَمَضَان سنة تسع وَعشْرين وسبعماية وهندوه بَاقٍ ببلدهم يذكر بِالدّينِ وَالْفِقْه والاطعام للوارد واما على فسكن الان بقرية الخناجن يذكر بِالْخَيرِ ومحبة اقراء الْقرَان حَتَّى خرج مَعَه مقار ثمَّ حصل عَلَيْهِ

    مرض فَنزل لَهُ هندوه وَحمله الى بلدهم فَهُوَ بهَا الى الان على الْقُرْآن القآن ومحبة اهله مبارك الْفِقْه والتدريس وَالْفَتْوَى واشتهر لذَلِك كُله بعد وَفَاة اخيه هندوه وَتُوفِّي هندوه عَشِيَّة االاربعاء أَو يَوْم الْخَمِيس سَابِع رَمَضَان سنة تسع وَعشْرين وسبعماية بِموضع معتزل بِهِ

    وبدمت العلياء فَقِيه اسْمه احْمَد بن عمر الْحِمْيَرِي تفقه بالحميري الْمَذْكُور بريمة وَكَانَ فَقِيها فَاضلا زاهدا ورعا ذَا عبَادَة وامتحن آخر عمره بالعمى وَتُوفِّي على ذَلِك برجب سنة تسع عشرَة وسبعماية

    وَمن نواحي الْجبَال الشرقية اذ للْعَمَل بهَا مُنْتَهى قد انْتَهَيْت مِنْهَا الى الملحكى وبقرب مِنْهَا مدل بِفَتْح الْمِيم وخفض الدَّال الْمُهْملَة ثمَّ لَام صقع ذُو قرى فِي قَرْيَة مِنْهَا اسْمهَا الدرام فَقِيه اسْمه مُوسَى بن مُحَمَّد بن عون تفقه بِصَالح عمر السفالى وَعلي الصريدح وَبَعض فُقَهَاء تعز يذكر عَنهُ جودة نقل الْفِقْه وَالْخَيْر وَالدّين نظيف الْفِقْه وَمِنْهَا بِنَا بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَالنُّون ثمَّ الف وَهُوَ قطر متسع يجمع قرى كَثِيرَة وَهُوَ اسْم لغيل جَاءَ الى بلد ابين كَانَ بهَا جمَاعَة مِنْهُم عبد الله بن مُحَمَّد بن ابي السُّعُود ابْن القرين ويلقب بِعَبْد الله القرين وَكَانَ فَقِيها صَالحا زاهدا ورعا وَهُوَ الَّذِي ذكرت كَانَ يصحب عَليّ بن يحي الامير الْمَذْكُور وَكَانَ من ذُرِّيَّة القرين متورعا مَشْهُورا بِالدُّعَاءِ المستجاب وَله ذُرِّيَّة بِتِلْكَ النَّاحِيَة يتسمون بالفقه وَمِنْهُم من هُوَ فَقِيه يسْتَحق

    بالتسمى وَكَانَ تفقه القرين بفقيه من الخ اسْمه احْمَد بن ابي بكر بن الْمُبَارك وَهَذِه الخ بِضَم الْهمزَة وَسُكُون اللَّام ثمَّ خاء مُعْجمَة قَرْيَة بعزلة بني قيس وَلِهَذَا احْمَد ذُرِّيَّة بِبَلَدِهِ وَكَانَ بدار نهد جمَاعَة فقها مِنْهُم سُلَيْمَان وَكَانَ لَهُ اولاد جمَاعَة مِنْهُم احْمَد هُوَ فَقِيه الْبَلَد الان توفّي سنة ارْبَعْ وَعشْرين وسبعماية تَقْرِيبًا وحاكمها تفقه بمصنعة سير وَيذكر بالفقه وشرافة النَّفس وعلو الهمة وَكَانَ لَهُ اخ اسْمه مُحَمَّد اجْتمعت بِهِ فِي المصنعة ايام قراتي بهَا فرايته كَامِلا وتفقهه بِابْن الرَّسُول وباهل المصنعة

    وَمن عزلة بخال بِفَتْح الْبَاء وَالْخَاء الْمُعْجَمَة ثمَّ الف ثمَّ لَام فَقِيه النَّاحِيَة فِي عصرنا سنة ثَلَاث وَعشْرين وسبعماية وَهُوَ اسماعيل بن احْمَد بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الْمسلي نسبا والخلي بَلَدا نِسْبَة إِلَى قَرْيَة بِحجر تعرف بخلة بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَشْديد اللَّام وَفتحهَا ثمَّ هَاء سَاكِنة تفقه أَولا بِعَمِّهِ الْآتِي ذكره ثمَّ

    مُحَمَّد الاصبحي ثمَّ بتلميذه ابي الْحسن ثمَّ بِابْن الرَّسُول واخذ عَن صَالح بن عمر وَغَيره لَيْسَ فِي الْجبَال تِلْكَ الَّتِي هِيَ شَرْقي الْجند الى ان يدْخل الدَّاخِل بلد الشرق السرو فَقِيه مفتي يشهر بالفقه وَالتَّحْقِيق لَهُ غير هَذَا كَانَت وَفَاته يَوْم الِاثْنَيْنِ لعشر بَقينَ من شعْبَان سنة ارْبَعْ وَعشْرين وسبعماية بلغ عمره خمْسا وَسِتِّينَ وَمن ذَلِك قَرْيَة الخ الْمُقدم ذكرهَا بهَا فَقِيه اسْمه مُوسَى بن احْمَد النَّقِيب اصل بَلَده السرو الَّاتِي ذكره وَكَانَ وَالِده بَقِيَّة فُقَرَاء مُوسَى بن الزعب فَقدم هَذَا على اسماعيل بن مُحَمَّد وتفقه بِهِ ثمَّ قدم ذِي السفال فاخذ عَن صَالح ابْن عمر ايضا وَهُوَ فَقِيه يذكر بِالْخَيرِ

    وَمن النواحي المعدودة بلد حجر وَهِي عَليّ مرحلة من جِهَة شَرْقي الْجند بهَا قَرْيَة تعرف بالمردع بِفَتْح الْمِيم بعد الف وَلَام ثمَّ بعْدهَا رَاء سَاكِنة ودال مُهْملَة مَفْتُوحَة ثمَّ عين مُهْملَة سَاكِنة فَقِيه اسْمه مُحَمَّد بن ظفر السميري نسبا والقرابي بَلَدا يُقَال حج فادرك الشَّيْخ ابا الْعَبَّاس المغربي بالطايف فَحصل لَهُ نفس وتحكيم كَانَ ابوه خراصا لبَعض ظلمَة الْبَلَد فَعلمه الْقُرْآن فَخرج مُهَاجرا لابويه اذ لم يُعجبهُ امرهما وَكَانَ من العارفين اهل الكرامات والرياضات والسياحات والتفرد بالخلوات وَكَانَ يُصَلِّي غَالب الْفَرَائِض مرَارًا وَلَا يدْرِي اُحْدُ مَا السَّبَب فِي ذَلِك حَتَّى قدم عَلَيْهِ مُحَمَّد بن عبد الله صَاحب المقروضة الْمَذْكُور اولا زَائِرًا لَهُ فَصَليَا جَمِيعًا فَرِيضَة ثمَّ قَالَ ان هَذِه لم تقبل فاخذ بِنَا فاعاد واثانيا فَقَالَ قبلت وَالْحَمْد لله فَعلم النَّاس فِي ان ذَلِك هُوَ السَّبَب فِي ذَلِك وانتفع الْفَقِيه مُحَمَّد بِهِ وتهذب وارتاض واخذ عَنهُ الطَّرِيق واظنه شَيْخه فِي

    المجاهدة والعجيب ان بَلَده بني حُبَيْش بَلَدا بادية قَليلَة الْعلم اهلها فرزق هَذَا علما وسكينة وصلاحا وَمن غَرِيب مَا حكى عَنهُ ان امْرَأَته فَاطِمَة لم يكن لَهُ زَوْجَة غَيرهَا وَكَانَا متصادقين فِي الصُّحْبَة حجا مَعًا ولبثا بِمَكَّة وَالْمَدينَة سبع سِنِين مجاورين فَذكرُوا ان احدهما قَالَ للاخر احب ان نتعاهد على ان من مَاتَ اُحْدُ منا لم يتَزَوَّج الاخر بعده فتعاهدا على ذَلِك فَقدر مَوته قبلهَا

    فَلَمَّا انْقَضى حدادها وصل يخطبها جمَاعَة من اعيان الْبِلَاد وَكَانَت من عرب كثير فَكرِهت الزواج موافاة لعهد الْمَذْكُور فَحَضَرَ تِلْمِيذه وَصَاحبه الشَّيْخ مبارز بن غَانِم ان يَتَزَوَّجهَا وَقد صَار لَهُ صيت عَظِيم فارسل الَّتِى اهلها بذلك فاجابوه لكَونه الْمَذْكُور بعد الْفَقِيه بِالدّينِ وَالصَّلَاح واقبال النَّاس عَلَيْهِ واوعدوه الى حَيْثُ هِيَ قَاعِدَة فِي الْقرْيَة معتكفة على قبر الْفَقِيه اذ هُوَ مقصد من الْمَقَاصِد الْمَشْهُورَة للتبرك كَمَا سَيَأْتِي فواجههم الشَّيْخ اليها فَقَالَ اهلها اخْتَارِي اما ان تتزوجي مبارزا اَوْ تروجين مَعنا بلدنا فاختارات مبارزا بِشَرْط ان لَا ينقلها عَن موضعهَا ثمَّ اتعدوا للزفاف ليَوْم مَعْلُوم يَأْتِي الشَّيْخ ذَلِك الْيَوْم فَبَيْنَمَا هِيَ تتهيأ إِذْ غفت اعفاءة ثمَّ استيقضت فزعة وَعِنْدهَا كركان للفقيه يلْبسهُ فِي حَيَاته واوصى ان يدْفن مَعَه فَقَالَت ابعدوا عني هَذَا الحنا وَجَمِيع الة الْعرس ثمَّ اخذت الكركان وَجعلت تبْكي وتقبله وَتقول المعذرة الى الله ثمَّ اليك يَا ابْن ظفر فَلَا تاخذ على فانني مقهورة فَاجْتمع اهلها حولهَا ثمَّ سألوها عَن سَبَب بكائها فَقَالَت اما تعرفُون ان هَذَا كركان الْفَقِيه وانه دفن مَعَه فَقَالُوا بلَى فاقبلت عَلَيْهِم وَقَالَت رَأَيْت الْفَقِيه فِي النّوم فَقَالَ امتنعي وَقَوْلِي

    لَهُم بيني وَبَين الْفَقِيه عهد على ان من سبق صَاحبه بِالْمَوْتِ لم يتَزَوَّج الاخر بعده وانني كنت استحيت ان اذكر لكم ذَلِك وَلما كَانَ هَذَا السَّاعَة اتاني الْفَقِيه وعاتبني وَقَالَ يَا فُلَانَة مَا هَكَذَا يفعل من يعاهد على شَيْء لَا يتم بِهِ فَلَمَّا اعتذرت مِنْهُ بانكم اكرهتموني قَالَ لَا عَلَيْك امتنعي وَقَوْلِي هَذَا الكركان امارة من الْفَقِيه اليكم لَا تكرهوني وَعرفُوا مبارز يُطلقنِي يذهب رباطه فَاخْرُج الكراري مبارز فحين رَآهُ عظم عَلَيْهِ فَلَمَّا اخبروه عَاد مسرعا الى رباطه

    فَلم تكد تطل مدَّته وَكَانَت وَفَاته اعني الْفَقِيه بالقرية الْمَذْكُورَة لم اتحقق تَارِيخه يُقَال انه مَاتَ لم يبلغ الاربعين السّنة فَهُوَ الى الصغر اقْربْ وَقد بلغت تربته قَاصِدا زيارته واقمت عِنْدهَا ايما وَهُوَ بِمَسْجِد والى جنبه امْرَأَته وببركته مَا زَالَت قريته مُحْتَرمَة مَا قَصدهَا اُحْدُ بِسوء الا خذله الله وَلم اجد بِتِلْكَ النَّاحِيَة مزارا اكثر من تربته قصد للزيارة وَقَضَاء الْحَوَائِج الَّتِي تطلب من الله تَعَالَى وَكَثْرَة النذور لَهَا

    وَفِي لَيْلَة الرغائب من رَجَب يجْتَمع عِنْدهَا خلق ناشر وَفِي الْموضع امْرَأَة من ذُرِّيَّة الْفَقِيه تقوم بقراهم وقرا من يرد على سَائِر الزَّمَان وَمَتى اخذت تُرَابا من تربته شممت فِيهِ الْمسك وَالسَّبَب بسكناه المردع انه ورد وَهُوَ شَاب الى الْقرْيَة فَوجدَ ثَلَاث بَنَات قد طلين وجوههن بالشاب فَسلم عَلَيْهِنَّ وَقَالَ من كَانَت تحب الله وَرَسُوله زَالَت عَن وَجههَا مَا عَلَيْهِ فبادرت احداهن وازالته فَدخل حبها بِقَلْبِه وَدخل الْقرْيَة وَسَأَلَ عَن وَليهَا وَتَزَوجهَا ثمَّ سكن مَعَهم والقيت بَينهمَا الْمحبَّة وهم يعْرفُونَ بَال سعيد وَعَاشَتْ بعده دهرا حدث لَهَا مِنْهُ ابْنة سمتها شريفة ولدت لَهَا بعد مَوته وَالْمَرْأَة الَّتِي ادركتها قَائِمَة بالموضع ابْنَتهَا توفيت اخر سنة احدى وَعشْرين وَسَبْعمائة رَابِع الْحجَّة

    وَقد عرض مَعَ ذكره ذكر الشَّيْخ مبارز بن غَانِم الزبيدِيّ من بطن مِنْهُم يُقَال لَهُم آل سُلَيْمَان نسبه الى زبيد الْقرى قَبيلَة من الْعَرَب فَكَانَ الْفَقِيه مُحَمَّد بن ظفر الْمَذْكُور اولا اذا وصل بلدهم على قدم السياحة يجْتَمع بمبارز هَذَا فيريد أَن يعزمه فَلَا يُرِيد الْفَقِيه فَيسْأَل فَيَقُول انت لَا تصلي وَلَا تعرف الْحل من الْحَرَام فَيَقُول عَلمنِي وانا اقبل مِنْك فَعلمه الْفَقِيه ذَلِك وَصَارَ يتخلى مَعَ الْفَقِيه بخلواته ويرتاض برياضته حَتَّى صَار مِنْهُ امْر عَظِيم وَصَارَ صَاحب كرامات ومجاهدات وَهُوَ مَعَ ذَلِك على عَادَته من ركُوب الْخَيل والتحلي بالمشيخة الْعَرَبيَّة والصوفية ثمَّ بعد ذَلِك انْتقل الى مرخزة قَرْيَة يُقَال انها فِي ضحضاح حجر لعرب يُقَال لم الى ذِي نهد فابتنى رباطه على قرب مِنْهُم وَكَانَ قد ارتحل الى ابين فادرك الشَّيْخ احْمَد بن الْجَعْد فصحبه ولبث ينظره اياما فاعجبه حَاله وَرُبمَا كَانَ ذَلِك باشارة الْفَقِيه مُحَمَّد بن ظفر وَرُبمَا كَانَ مَعًا فنصبه الشَّيْخ شَيخا واحسن اليه واستاذنه فِي بِنَاء الرِّبَاط بمرخزة فاذن لَهُ فابتنا رِبَاطًا وَاسِعًا حسنا لم اجد فِي تِلْكَ النَّاحِيَة مَا هُوَ اوسع مِنْهُ وسكنه حَتَّى توفّي وَكَانَ صَاحب كرامات وافادات وقبره بالرباط الْمَذْكُور وَلم اتحقق لَهُ وَلَا لِابْنِ ظفر تَارِيخا مَعَ انني قدمت بلدهما واقمت عِنْد تربة كل وَاحِد مِنْهُمَا اياما فَلم اجد لذَلِك علما لكَون اهل بلدهما جَهَالَة لَا يعْرفُونَ شَيْئا وَلِهَذَا مبارز ذُرِّيَّة فِي الرِّبَاط الْمَذْكُور قائمون بالوارد وَهَذِه حجر تتصل بجبل يُقَال لَهُ جحاف بِضَم الْجِيم وَفتح الْحَاء الْمُهْملَة ثمَّ الف ثمَّ فَاء اُحْدُ جبال الْيمن الْمَشْهُورَة بِهِ فُقَهَاء اخيار يُقَال لَهُم الأخزون نِسْبَة إِلَى جد لَهُم اسْمه هزان بخفض الْهَاء وَفتح الزاء مَعَ التَّشْدِيد ثمَّ ألف ثمَّ نون شهر مِنْهُم أَولا مُسَافر عرف

    بذلك ولد بِمَكَّة مُسَافِرًا بِهِ أَبَوَاهُ وَتَبعهُ جمَاعَة متأخرون

    مِنْهُم مُحَمَّد بن سعيد وَابْن الْخضر فمحمد تفقه بَاهل جبا وَابْنه تفقه بمصنعة سير على ابْن الاصبحي وَكَانَ فَقِيها ورعا توفّي بشوال سنة سبع وسبعماية وَكَانَ لَهُ اخ اسْمه عمرَان تفقه بِمُحَمد الاصبحي كَانَ فَقِيها ورعا فرضيا

    وَمِنْهُم مُحَمَّد بن عَليّ عَم الْفَقِيه اسماعيل ويجمعهما عَليّ يعرف بالشافعي تفقه باحمد بن جديل بسهفنة وباسماعيل الْحَضْرَمِيّ بتهامة وَعَاد بَلَده فتفقه بِهِ ابْن أَخِيه إِسْمَاعِيل الْمُقدم ذكره فِي بدؤ أمره ثمَّ عرض لَهُ أَن يسْلك طَرِيق الْعِبَادَة والزهاده فابتنى رِبَاطًا بِموضع يُقَال لَهُ رحبان وانفق مَاله على وارديه وَلم يزل بِهِ حَتَّى توفّي وَلم اتحقق تَارِيخه وَله اخ اسْمه احْمَد هُوَ ابو اسمعيل الْمُقدم الذّكر تفقه بتهامة على الْفَقِيه اسمعيل الْحَضْرَمِيّ وَبِه سمي وَلَده الْمُقدم ذكره وَذكر ان ببركة دُعَائِهِ حصل لاسماعيل مَا حصل وَذَلِكَ انه اخبره بولادته ان اباه سَمَّاهُ بذلك تبركا بِهِ فَقَالَ الْحَضْرَمِيّ بَارك الله فِيهِ توفّي بالخ بمصنعة بني قيس سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وستماية تَقْرِيبًا

    وَمِنْهُم عبد الرَّحْمَن بن عَليّ بن يحي بن عبد الرَّحْمَن بن مقبل بن أسعد بن عَليّ بن ابي الهيصم الْيَزنِي نِسْبَة الى عرب يُقَال لَهُم الايزون بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْيَاء الْمُثَنَّاة من تَحت وَضم الزَّاي وواو وَنون مولده لعشر مضين من شعْبَان سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وستماية كَانَ سكنه قَرْيَة من حجر تعرف بِذِي حران بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح الرَّاء مَعَ التَّشْدِيد ثمَّ الف ثمَّ نون وَهِي باخر حجر واسفل جبل جحاف ثمَّ انه ابتنى قَرْيَة على قرب مِنْهَا وسماها الظَّاهِر ضد الْبَاطِن وقدمت عَلَيْهِ وَهُوَ بهَا آخر سنة ثَلَاث عشرَة وَسَبْعمائة كَانَ للفقيه عبد الرَّحْمَن أَخ اسْمه احْمَد بن عَليّ وَهُوَ أول من تفقه بهم تفقهه بِابْن جديل احْمَد مولده يَوْم

    الاربعاء لثمان بَقينَ من ربيع الاخر سنة ثَمَان وَعشْرين وستماية وبالقرية من قوم هَذَا الْفَقِيه جمَاعَة مِنْهُم مُحَمَّد بن احْمَد بن عبيد عرف بالشامي اذ حملت بِهِ امهِ فِي طَرِيق الْحجاز تفقه بِابْن رَسُول وَغَيره وَعلي بن سَالم بن مقبل يجْتَمع مَعَ عبد الرَّحْمَن بمقبل قَرَأَ على الجعميم بسهفنة وَتُوفِّي بِذِي السفال طَالبا للْعلم وَابْن اخيه احْمَد بن ابراهيم بن مقبل بن سَالم قَرَأَ على مُسْفِر بلحج وعَلى ابْن الْمقري بعدن وَكَانَ فِيهِ عصبية لأبناء الْجِنْس وحمية وَتُوفِّي اول سنة ثَلَاث وسبعماية وقبر بِموضع مُرْتَفع من ذِي حران اسْمه مويران وَكَانَ لَهُ اخ اسْمه مُحَمَّد لقبه بمسفر محبَّة لشيخه تفقه باسماعيل الخلي وَتُوفِّي اخر سنة اثْنَتَيْنِ وسبعماية فقبر بِالْمَسْجِدِ الَّذِي بِهِ عبد الرَّحْمَن وَكَانَ رجلا مُبَارَكًا من اهل المروات والحميات على ابناء جنسه وَالدّين وَذكر فِي ذَلِك عدَّة مَنَاقِب قدم سهفنة واخذ عَن فقيهها ابْن جديل احْمَد مقدم الذّكر وَعَن ابي الْخَيْر بن مَنْصُور وسيط الواحدي وَصَالح بن عَليّ الْحَضْرَمِيّ وَكَانَ يروي عَنهُ واليه هَاجر ولد شَيْخي ابي الْحسن الاصبحي من الذنبتين فوسعه وانسه واهله سِنِين عدَّة جزاه الله خيرا وَتُوفِّي بِذِي حران وقبر مَعَ اهله فِي سنة ثَمَانِي عشرَة وسبعماية

    وَمِنْهُم عَليّ بن احْمَد اخو اسماعيل تزوج بابنة عبد الرَّحْمَن الْمَذْكُور انفا وَله ولدان متفقهان مُحَمَّد وَإِبْرَاهِيم فمحمد اخبر ان ميلاده سنة 674 هـ ثمَّ لقِيت مُحَمَّد فآنس ورحب وميلاده سنة 683 وَسكن مَعَه وَهُوَ فَقِيه الْبَلَد بالحكم على وَجه الصُّلْح يذكر عَنهُ شرف النَّفس

    وَمِنْهُم ابو الْخطاب عمر بن عِيسَى بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الْمسلي ثمَّ العامري مَسْكَنه العقله بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الْقَاف وَفتح اللَّام وَسُكُون الْهَاء

    كَانَ فَقِيها متادبا رَاوِيا للشعر قَائِلا لَهُ عَارِفًا خيرا دينا مَقْبُول الْكَلِمَة فِي بَلَده توفّي سنة الْخَصَاصَة العظماء وَهِي سنة اثْنَتَيْنِ وسبعماية وَمن بلد بني حُبَيْش ثمَّ من قَرْيَة الْقَائِمَة عمر بن مُحَمَّد بن مَسْعُود بن يحي بن مُحَمَّد بن مبارك المرى تفقه بشيخنا ابي الْحسن وَقَبله بشيخه مُحَمَّد وبابن رَسُول ودرس بمدرسة شنين الَّتِي تقدم ذكرهَا فِي بلد السحول وَكَانَ يخْتَلف بَين بَلَده والسحول الى ان توفّي على ذَلِك مقتولا من بعض قطاع الطَّرِيق وَذَلِكَ سنة ثَلَاثَة عشرَة وسبعماية فَعمل شيخ الْبَلَد بلزم الْقَاتِل وجاؤا بِهِ الى تربة الْفَقِيه فِي يَوْم ثالثه واستدعى بِولد للفقيه صَغِير فَسلم لَهُ فاسا وَقَالَ اضْرِب بِهِ هَذَا فَهُوَ قَاتل ابيك فَضَربهُ حَتَّى قَتله بعد سَاعَة لصغره وَهَذَا الشَّيْخ رجل خير من اعيان مَشَايِخ الْوَقْت اسْمه معوضة بن مُحَمَّد بن سعيد شيخ بَاقٍ مَالك لمدينة الْقَائِمَة يذكر بِالدّينِ وَكَثْرَة الصّيام وَالْقِيَام وَالصَّدَََقَة وَالْعدْل وَلَو لم يكن لَهُ من الْخِصَال المحمودة الا اخذه بثار الْفَقِيه هَذَا كَيفَ وَهُوَ يذكرهُ بِالدّينِ والعباد ومحبة الْعلمَاء وَالصَّالِحِينَ واطعام الطَّعَام

    وَفِي مدينته جمَاعَة من الْفُقَهَاء مِنْهُم بَنو العسيل خطباء الْمَدِينَة

    وَمِنْهُم فِي عصرنا مُوسَى فَقِيه الْخَطِيب بهَا الْيَوْم وَهُوَ اخو يُوسُف وليوسف ولد اسْمه عَليّ

    وَعلي بن احْمَد بن عبد الله بن جَابر لَهُ مُشَاركَة بالفقه وَمن غَيرهم ابو بكر بن عبد الرَّحْمَن تفقه بعلي بن العسيل وباسماعيل بمصنعة سير ذَاكِرًا للفقه وَهُوَ امثل حكام تِلْكَ النَّاحِيَة فِي معرفَة الْفِقْه ووالده من قبله وَكَانَ ايضا يعد فَقِيها

    ولابي بكر اخ اسْمه احْمَد يذكر بالفقه وَالدّين اخبرني ان مولده رَجَب سنة ثَمَانِينَ وستماية وان اخاه قبله بست عشرَة سنة وَمن هَؤُلَاءِ الْفَقِيه عمر بن عمرَان الحبيشي كَانَ مدرسا بالجبابي

    وَمِنْهُم أَحْمد بن سُفْيَان بن عبد الرَّحْمَن بن أبي الْقَاسِم بن سُلَيْمَان بن جَابر كَانَ فَقِيها صَالحا تفقه بِعَبْد الرَّحْمَن العقيبي وبعلي بن العسيل توفّي بالقائمة اواخر سَبْعمِائة تَقْرِيبًا وَفِي الْقَائِمَة فَقِيه اسْمه احْمَد بن عَليّ كَانَ فَقِيها مقراء صَالحا زاهدا لم يتأهل توفّي على ذَلِك وابو بكر يفوقه بِالْجَمِيعِ مَعَ زِيَادَة الْخلق الْحسن وشرافة النَّفس وَلم اسْمه ابا بكر الاعلى طَرِيق الْحِكَايَة اذ لَا يعرف عِنْد اهل بَلَده الا بذلك على عَادَة كثير من عرب الْيمن كَمَا يفعل الحضارم يَقُولُونَ با فلَان با فلَان با فلَان

    اغلبهم كَمَا وَجَدْنَاهُ فِي اسماء الانصار حِين سمعنَا سيرة ابْن هِشَام

    ثمَّ من هَذِه الْقرْيَة حَتَّى ترد بلد السرو لَا تكَاد تُوجد فَقِيها فَمن الْفُقَهَاء بالسرو الْبَيْت الْمَشْهُور بِبَيْت الزعب أَوَّلهمْ عمر الْمُبَارك بن مَسْعُود بن سَالم بن سعيد بن عمر بن عَليّ بن احْمَد بن ميسرَة بن جعف على وزن فعل مكسور الْفَاء سَاكن الْعين ثمَّ فأبعدها وَلذَلِك يُقَال لَهُم الجعفيون كَانَ هَذَا عمر فَقِيها واعظا يعرف بِصُحْبَة الْفَقِيه سُفْيَان الابيني الَّاتِي ذكره وَكَانَ رجلا كَبِير الْقدر شهير الذّكر حج وزار الضريح فَذكرُوا انه قَامَ فِي حرم الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يمدحه ومدح صَاحِبيهِ وغالب أهل الْمَدِينَة رفضة يكْرهُونَ ذكر الصحابيين فَذكرُوا انه لما فرغ من ذَلِك وَقعد قَامَ اليه رجل يَدعِي انه شرِيف وَيرى انه من اكابر اهل الْمَدِينَة

    فعزمه بَان دَعَاهُ الى منزله لما جَاءَ بِهِ الى مَوضِع خلف عدَّة ابواب أقعده فِيهَا وَدخل موضعا وَخرج اليه بِسيف محدوب وَقَالَ لَهُ اختر اما ان تدلي لسَانك فاقطعها اَوْ اقْطَعْ رَأسك فادلى الْفَقِيه لِسَانه فَقطع مِنْهَا جزأ وناوله وَقَالَ هَذَا اجازتك على الفاعلين الصانعين ابي بكر وَعمر فاخذ الْفَقِيه لِسَانه وَوصل بهَا الى الضريح الشريف فَشكى حَاله بِقَلْبِه وذكل اول لَيْلَة فَلَمَّا تهور اللَّيْل اذ بِهِ يرى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَنَام قد أقبل وَمَعَهُ الشَّيْخَانِ فَوقف على الْفَقِيه وَقَالَ يَا أَبَا بكر اعد على هَذَا لِسَانه قَالَ فَأخذ أَبُو بكر من يَدي الْقطعَة ووضعها على مَوضِع الْقطع وتفل عَلَيْهَا وَقَالَ بحول الله وقوته فعادته قَالَ فَعَادَت كَمَا كَانَت فَمسح صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على رَأْسِي وبشي من جَسَدِي ثمَّ صَاحِبَاه كَذَلِك ودعوا لي فَاسْتَيْقَظت وَأَنا متعاف فَذَهَبت الى منزلي فِي خير وعافية ثمَّ انه عَاد الى بَلَده فَلَمَّا كَانَ فِي السّنة الثَّانِيَة حج فزار فَقَامَ بمديح آخر فِي ذَلِك الْموضع الَّذِي قَامَ بِهِ اولا فَلَمَّا فرغ قَامَ اليه شَاب جميل الْخلق فَلَزِمَ بِيَدِهِ وَقَالَ أحب ان تتروح معي الْمنزل اتبرك بك فَلم يُخَالِفهُ وَسَار مَعَه فاتى بِهِ الْبَيْت الَّذِي لَا يُنكره فتقومت مِنْهُ نَفسه وَدخل متوكلا على الله حَتَّى صَار بوسط الدَّار اذ بِهِ يجد قردا قد ربط الى خَشَبَة بسلاسل حَدِيد فحين رأى الْفَقِيه جعل يتوثب عَلَيْهِ فكاد يقطع الرِّبَاط فنزقه الشَّاب وهم بضربه وَدخل بالفقيه الى مَوضِع مبتعد عَنهُ فاتاه بِطَعَام لَائِق فاكلا مَعًا ثمَّ لما فرغا قَالَ يَا فَقِيه اعرفت هَذَا الْبَيْت قَالَ نعم قَالَ فَعرفت القرد المربوط قَالَ لَا قَالَ هُوَ الشَّيْخ الَّذِي قطع لسَانك وانا وَلَده وانه نَام بعد قطع لسَانك مَعَ امْرَأَته فَلم يَسْتَيْقِظ أَلا وهوي يَصِيح صياح القرود فاسرجنا واتيناه فرايناه قردا كَامِلا فربطناه حَيْثُ رَأَيْت وَقد تبنا عَن مذْهبه ومعتقده وَنحن نحب الشَّيْخَيْنِ وَمن يحبهما فَعجب الْفَقِيه عمر من ذَلِك وَخرج وَكَانَت وَفَاته بِمَدِينَة حَصى بِموضع يُسمى الشعرة قبر هُنَالك الى جنبه قبر ابيه ابي بكر وَجَمَاعَة من اولاده وَسَيَأْتِي

    لَهُ رِوَايَات عَن شَيْخه سُفْيَان ذكرهمَا مَعَ ذكره فِي اهل بَلَده وطبقته وَلم اتحقق تَارِيخه وَكَانَ اولاده جمَاعَة مِنْهُم مُوسَى اشْتغل بالفقه مُدَّة وَذَلِكَ بقرية سهفنة على احْمَد بن جديل ثمَّ ارتحل الى تهَامَة فتفقه على الْفَقِيه اسماعيل الْحَضْرَمِيّ ثمَّ صحب الشَّيْخ مُحَمَّد بن الفصيح اُحْدُ اكابر اصحاب الشَّيْخ ابي الْغَيْث فرباه بطرِيق الصُّوفِيَّة سالكا عَارِفًا وَأمره بالعودة الى بَلَده فَكَانَ بهَا فَقِيها صوفيا مُجَاهدًا لنَفسِهِ وَظَهَرت لَهُ كرامات كَثِيرَة وَكَانَ يقْعد من الطَّعَام السنين إِنَّمَا يشرب بعد صَلَاة الْعشَاء قَلِيل لبن بعد أَن يخلط بِهِ قَلِيل صَبر مسحوق هَذَا دأبه غَالب دهره وَقيل لِأَنَّهُ كَانَ يستف الصَّبْر ثمَّ بعد ثَلَاث سفات يشرب ثَلَاث جرعات لبن

    وَمن الْغَرِيب مَا ذكره لَهُ ان ابْنه توجع فارادت امهِ تعْمل لَهُ قروحا فَقَالَ ان اعملي لكل من اولاد الْفُقَرَاء فروحا فروحا والا فَلَا تعملي وَكَانَ يُقَال لَهُ جُنَيْد الْيمن وعَلى الْجُمْلَة فمناقبه أَكثر وَأجل ان تحصر ثمَّ كَانَ من تَأَخّر عَن صَلَاة الْجَمَاعَة من اصحابه ضرب وَمَتى طلع الْفجْر وَهُوَ نَائِم ضرب ثمَّ لما تحقق من الْيَهُود الْخُرُوج عَن قَاعِدَة الشَّرْع كتب الى اكابر الْفُقَهَاء يستفتيهم فِي جَوَاز حربهم فافتوه بذلك فَقَامَ بِحَرْبِهِمْ واجابه على ذَلِك بشر كثير من اهل بَلَده وَغَيرهم وَكَانَ مركوبه فِي حربهم حمارا وحشيا فَقتل مِنْهُم جمعا كَبِيرا وسبا حرايم وصغارا واسلم مِنْهُم جمع كثير ثمَّ لما توفّي ارْتَدَّ كثير مِنْهُم وَلما صَار يحاربهم تخشى المظفر مِنْهُ تخشيا كليا خشيَة ان يستفحل حربه وَلم يزل على الطَّرِيق المرضي من المجاهدة وباطنه الى ان توفّي فِي شهر الْمحرم سنة تسع وَثَمَانِينَ وستماية وَكَانَ لَهُ ولد اسْمه احْمَد كَانَ على طَرِيق خير لَكِن مَاتَ ابوه وَهُوَ صَغِير فَقَامَ ابْن اخ لمُوسَى اسْمه صوفي بن يحيى بن عمر وَلم يزل قَائِما بالموضع حَتَّى توفّي وَقد كبر أَحْمد ولد الشَّيْخ مُوسَى فَقَامَ برباط ابيه حَيْثُ كَانَت قيَاما لائقا حَتَّى توفّي سلخ شعْبَان من سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَسَبْعمائة وَالشَّيْخ مُوسَى وَابْن اخيه صوفي بن يحي وَولده

    احْمَد ابْن مُوسَى توفوا جَمِيعًا برباط اثعب بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَفتح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة والقائم بالموضع مُوسَى بن ابي بكر بن عمر يسكن اثعب

    وَكَانَ لمُوسَى ولد اسْمه مُحَمَّد توفّي بعد ابيه بِسنة برباط الصَّفَا وَكَانَ لمُوسَى اخ اسْمه هَارُون كَانَ خيرا تفقه بالامام اسماعيل الْحَضْرَمِيّ وَصَحبه وغلبت صحبته ومحبته وَلم يزل عِنْده حَتَّى توفّي بالضحي وَكَانَ لَهُ ولد اسْمه مُحَمَّد توفّي قَتِيلا وقبر بالشعرة مَعَ جده عمر

    وَمِنْهُم اهل شبوة بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الْوَاو ثمَّ هَاء سَاكِنة وَهِي قَرْيَة قديمَة وَهِي بَين جردان وبيجان مِنْهَا فَقِيه الان اسْمه عمر بن مُحَمَّد يلقب ابا مدرك وَصله صَاحب شبوة واهدى اليه ابْنَته لما فِيهِ من فضل وورع فَقِيها مقرأ خرج مِنْهَا جمَاعَة عُلَمَاء اكابر لم اتحقق مِنْهُم غير عمر بن ابراهيم ابْن عِيسَى بن مُفْلِح بن زَكَرِيَّا الافعوى الشبوي نِسْبَة الى الاشتر الملقب الافعى اُحْدُ اكابر اصحاب عَليّ كرم الله وَجهه والشبوى بَلَدا نسبته الى هَذِه الْقرْيَة الْمَذْكُورَة انفا كَانَ هَذَا عمر رجلا كَبِير الْقدر شهير الذّكر تفقه بِابْن الصُّوفِي من اهل الملحمة مضى ذكره وبعلي بن الْحسن الوصابي وارتحل الى تهَامَة فَأخذ بهَا الْفَرَائِض عَن ابْن مُعَاوِيَة وَهُوَ الَّذِي ذكر عَن الْفَقِيه عمر بن سعيد مَا قدمت ذكره انه قدم عَلَيْهِ وَسَأَلَهُ ان يقرئه فاعتذره وارشده الى غَيره وَهَذَا الْفَقِيه سكن فِي اول امْرَهْ بِموضع يُقَال لَهُ الظفر على قرب من بلد الرغب وَأَتَاهُ النَّاس من مَوَاضِع عدَّة

    وامتحن بِقَضَاء السحول فَكَانَ فِيهِ الزَّاهِد الْمَعْرُوف والورع

    الْمَوْصُوف دخلت السحول غير مرّة فَسمِعت اخبار اهله يذكرُونَ من نزاهته وصيانة عرضه وورعه مَا يطرب الْمُسلم وينكره المجرم بِمَا لَا اشك انه فِي الْقَضَاء الْوَاحِد من الثَّلَاثَة ثمَّ انه عزل نَفسه وَعَاد بَلَده فَكَانَ يَأْتِيهِ النَّاس الى الظفر يقرؤون عَلَيْهِ فَمِمَّنْ قَرَأَ عَلَيْهِ مُحَمَّد بن يُوسُف الغيثي الوصابي وَغَيره وَلم اقف لَهُ على تَارِيخ وَاجْتمعت بِولد لَهُ اسْمه هَارُون تفقه بفقهاء جبله فَوقف بهَا مُدَّة وَكَانَ فَقِيها فَاضلا بالفقه والنحو واللغة اخذ النَّحْو واللغة عَن طَاهِر العميقي مقدم الذّكر وَكَانَ يَقُول شعرًا حسنا مِنْهُ القصيد الَّذِي قَالَه فِي شَيخنَا ابي الْحسن الاصبحي وَانْقطع عني خَبره مُنْذُ زمن لبعد بَلَده وَقلة الْمُخْتَلف بَين بلدي وبلده فَلم اتحقق حَال وَلَده وَلَا حَاله وَقت تعليقي هَذِه الاوراق يَا فَتى وبالقرب من شبوة قَرْيَة تسمى عبَادَة فِيهَا فَقِيه اسْمه عمر كَانَ فَاضلا بالقراءات السَّبع يذكر بِالْعلمِ والورع وَهَاتَانِ القريتان عِنْد كل مِنْهُمَا مَعْدن ملح الْمَعْرُوف بالحمرى اندراى

    وَمن وَادي مجره قَرْيَة كَانَ يُقَال لَهَا كسه فِيهَا فَقِيها صالحان هما عبد الرَّحْمَن وابو بكر ابناء ابي السُّعُود زميلان لِابْنِ رَسُول عِنْد ابي الْخَيْر توفّي سنة ثَمَانِي وَعشْرين وستماية من شهر جمادي الاولى

    وَمِنْهُم سَالم بن احْمَد بن مُحَمَّد بن مبارك الشوباني كَانَ فَقِيها جليل الْقدر وعَلى قرب من هَذِه النَّاحِيَة الْجَبَل الْمَعْرُوف بجبل يافع بياء مثناة من تَحت مَفْتُوحَة ثمَّ الف ثمَّ فَاء مخفوظة ثمَّ عين مُهْملَة سَاكِنة وهم قبيل عَظِيم فِي الْيمن متفرقون وَاصل الْجَمِيع من هَذَا الْجَبَل وَهُوَ الَّذِي ظهر مِنْهُ عَليّ بن الْفضل القرمطي كَمَا قدمنَا ذَلِك فَمن الْجَبَل بلد يعرف بِالْيمن بهَا فُقَهَاء هم بَيت دين وَفقه وَلم ادخل بلدهم وَلَا بلد السرو فاذكر ذَلِك عَن عيان كَمَا ذكرته فِي غَالب الْبِلَاد فاليمن بياء

    مثناة من تَحت مَفْتُوحَة بعد الف وَلَام ثمَّ مِيم سَاكِنة ثمَّ نون بَلغنِي ان نسب الْفُقَهَاء بهَا يرجع إِلَى ربيعَة بن عبس بِالْبَاء الْمُوَحدَة سَاكِنة بَين عين وسين مهملتين ويعرفون ببني جدر ثمَّ بَال يعلي كنت ايام قراتي بمصنعة سير سنة تسعين وستماية يقدم كل سنة مِنْهُم جمَاعَة اليها احدهم يعرف بِيُوسُف الشَّافِعِي وَكَانَ يحفظ الْمُهَذّب غيبا وَكَانَ مَتى قدم عكف الطّلبَة عَلَيْهِ فِي المذاكرة وَكَانَ فَقِيها حاذقا خيرا توفّي اخر الْمِائَة السَّابِعَة بِبَلَدِهِ وَكَانَ قُضَاة سير يكرمونه وكل من وصل صحبته وَبِالْجُمْلَةِ فَكَانَ للطَّالِب الْمُجْتَهد تَمْيِيز على غَيره عِنْدهم واما وَالِده ايضا فَهُوَ فَقِيه بلدهم تفقه بسهفنة على ابْن جديل وَتقدم الى جبا فتفقه باهلها وَهُوَ حَاكم بَلَده الا انني انْقَطع عني خَبره بعد سبعماية وَبَلغنِي انه عمي

    وَمن نَاحيَة الْجَبَل بلد يُقَال لَهُ رخمه باسم الطَّائِر الْمَعْرُوف على وزن فعله بَلغنِي ان بهَا فَقِيها يعرف بِمُحَمد بن احْمَد الْحَضْرَمِيّ يذكر بانه ذُو دين وورع وانه حَاكم الْبَلَد علمت ذَلِك الى سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وسبعماية وَله ولدان هما احْمَد وَعلي يذكران بِالْخَيرِ لَا سِيمَا احْمَد

    وَقد انْقَضى ذكر اهل النَّاحِيَة الشرقية من بلدي الْجند غَالِبا وَبَقِي مِنْهَا مَوضِع وَهُوَ شَرْقي جبل سورق بِهِ قَرْيَة تعرف بالصربي بِفَتْح الصَّاد الْمُهْملَة وَالرَّاء ثمَّ بَاء مُوَحدَة ثمَّ يَاء مثناة من تَحت قد يعدها بعض من يعد الاماكن من حُدُود حجر كَانَ بهَا فُقَهَاء جمَاعَة اهل صَلَاح وورع قدمتها لنيف وَتِسْعين وستماية فادركت مِنْهُم عُثْمَان بن ابي بكر بن مَنْصُور الشّعبِيّ تفقه بفقيهي تهَامَة ابْن عجيل والحضرمي بعد ان بَدَأَ ذَلِك بفقهاء المصنعة وباهل سهفنة وهوالذي اخبرني عَن مُوسَى بن الرغب انه كَانَ يدرس بهَا ايضا وَهُوَ مَشْهُور بطول الصّيام وَالْقِيَام قل مَا يفْطر من الايام الا قَلِيلا كثير الْحَج توفّي بطيبه وَدفن بِالبَقِيعِ بَين

    الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم فِي اخر الماية السَّابِعَة وَلم اِدَّرَكَ مِنْهُم غير هَذَا الْفَقِيه وَكَانَ بِهِ صمم فَلذَلِك كَانَ يلقب بالاصم وَلم اكن يَوْم قدمت عَلَيْهِم عزمي جمع هَذَا الْكتاب بل انا يَوْمئِذٍ مبتدئ بِقِرَاءَة الْعلم فَلذَلِك قصرت عَن الْبَحْث الْمُحَقق وَكَانَ قبل هَذَا عُثْمَان ابْن عَم لَهُ اسْمه عبد الله بن عَليّ كَانَ فَقِيها فَاضلا صَاحب محفوظات توفّي بالقرية قبل قدومي عَلَيْهِم بِيَسِير وَذَلِكَ نَحْو سنة تسعين وستماية

    وَمِنْهُم اهل ذابه المعروفون بالاحدوق قد مضى ذكر احدهم مَعَ اهل جبا وَهُوَ ابراهيم وَهَؤُلَاء اخوته فَلَو كَانُوا ذُريَّته لذكرتهم حِين ذكرته وَكنت متشوقا الى تَحْقِيق حَالهم وَاجْتمعت بِبَعْض فقهائهم وَذَوي الدّين فيهم والمعرفة فَسَأَلته ان يبين لي ذَلِك فَقَالَ فهمت من كَلَام الاهل الْمُتَقَدِّمين فِي كتبهمْ انه خرج من أتحم الْبَلَد الَّذِي تقدم ضَبطهَا وَذكرهَا اربعة اخوة لأمر حدث بَينهم وَبَين اهل اتحم وهم ابراهيم بن اسماعيل الْمُقدم ذكره بجبا ثمَّ عَليّ وَمُحَمّد سكنا قِنَا ذَر فَمن ذُرِّيَّة عَليّ فُقَهَاء قناذر الْمُقدم ذكرهم وذرية مُحَمَّد مِنْهُم بَقِيَّة بهَا يشتغلون بِالْعلمِ وَالرَّابِع احْمَد سكن بلد ذابه بقرية مِنْهَا يُقَال لَهَا هزامى بِضَم الْهَاء وَفتح الزَّاي ثمَّ الف ثمَّ مِيم مخفوظة ثمَّ يَاء مثناة من تَحت وَهُوَ وَذريته المقصودون بِالذكر فِي هَذَا الْموضع وَكَانَ فَقِيها فَاضلا بِهِ خير وَدين واولاد احْمَد ولدان يُوسُف واسماعيل فاما يُوسُف فأولد خَمْسَة مِنْهُم ابراهيم حديق الشَّافِعِي وَعبد الله وَعُثْمَان وَاحْمَدْ فتفقه مِنْهُم اثْنَان اللَّذَان ذكرا اولا تفقه ابراهيم باهله وَغَيرهم وَكَانَت وَفَاته لَيْلَة الاربعاء لاثني عشر لَيْلَة بقيت من رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وستماية وَأما الشَّافِعِي فارتحل الى تهَامَة وَأخذ عَن بعض فُقَهَاء الشويري وَعبد الله لَا أَدْرِي عَن من أَخذ وَعُثْمَان كَانَ يحفظ الْقُرْآن من غير فقه وَلم يتفقه وَأما ابراهيم فَكَانَ لَهُ ابْن فَقِيه فَاضل اسْمه عمر كَانَ زميلا لوالدي فِي الْقِرَاءَة على

    الْفَقِيه ابراهيم ابْن عِيسَى بالجند وَكَانَت لَهُ مرؤة وانسانية سَافَرت اليه أَنا ووالدي من الْجند الى هَذِه الْقرْيَة فوجدناه رجلا خيارا من احسن من يقدم اليه فلبثنا عِنْده أَيَّامًا وعدنا الْجند وَكَانَ سَبَب ذَلِك حُدُوث ولد حدث لَهُ وَلما كَانَ سنة تسعين وستماية عزم على الْحَج فَمر بِنَا الْجند وَسَار حَتَّى المهجم فعافصه الْمَوْت فَتوفي ودرج عقبه وَكَانَ لَهُ اخ اسْمه حُسَيْن ولي الْفُقَهَاء مَكَانَهُ وَتُوفِّي عَلَيْهِ سنة عشر وسبعماية واما الشَّافِعِي فأولد ابْنا اسْمه عَليّ كَانَ دينا تقيا توفّي شَهِيدا مقتولا بعد حفظ كتاب الله تَعَالَى سنة تسع وسبعماية تَقْرِيبًا وَله اولاد يس يسمون بالفقهاء لكَوْنهم اولادهم وهم عوام واما عُثْمَان فحفظ الْقُرْآن غيبا وَلم ادركه بعد ذَلِك وَأما احْمَد فَكَانَ عاميا لَكِن أولد وَلدين ترجلا وقرا بعض شَيْء فِي الْفِقْه وَكَانَت لَهما انفس عصامية واسمهما اسماعيل وابو بكر تلقب بالنفيس مولده لَيْلَة الثُّلَاثَاء لتسْع خلون من شَوَّال سنة ثَمَانِي وَثَلَاثِينَ وستماية وَكَانَا معاصرين لِابْنِ عَمهمَا عمر لكنه كَانَ يقهرهما بِالْعلمِ واطعام الطَّعَام وبلادهم مركبة عَلَيْهِ خَاصَّة وَالْفِقْه فَضله توفيا كِلَاهُمَا على رَأس سبعماية وَلَهُمَا ذُرِّيَّة لَيْسَ فيهمَا مُسْتَحقّ للذّكر بالفقه اذ الْغَالِب عَلَيْهِم العامية وَإِنَّمَا يتولون قضايا حياتهم لعدم من يقوم فِي اطعام الْوَاصِل وَالصَّبْر على جَفا عربها فيصالحون بَين من وصل صلحا مجاريا يتراضى بِهِ اهل النَّاحِيَة فقد بيّنت حَال ذُرِّيَّة يُوسُف بن احْمَد مكملا على قدر مَا تحققته وَلم يبْق الا الرُّجُوع الى ذكر اخيه اسماعيل وَذَلِكَ انه اولد ولدا اسماه شعيبا طلع الى جبلة فتفقه بهَا بعباس بن مَنْصُور وَولي الحكم بِبَلَد الاحسون الى ان توفّي لنيف وَتِسْعين وستماية ثمَّ خَلفه ابْن لَهُ

    اسْمه يُوسُف تفقه بابيه ثمَّ توفّي وَخلف ثَلَاثَة بَنِينَ هم مُحَمَّد وَعُثْمَان وَعمر تفقه مُحَمَّد بن التويم فِي قرامد وبابن النَّحْوِيّ فِي تعز وَخلف اباه فِي بَلَده وَتُوفِّي فِي الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وسبعماية تَقْرِيبًا واما عمر فانه تفقه باخيه عُثْمَان وبالفقيه مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بِذِي السفال وَنقل التَّنْبِيه حفظا بتسعين لَيْلَة بنهارها وَنَشَأ نشؤا حسنا وَكَانَ ذَا ذهن وفطنة توفّي فِي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وسبعماية تقريا وعمره يَوْمئِذٍ خمس وَثَلَاثُونَ سنة واما عُثْمَان فتفقه بِصَالح بن عمر وارتحل الى جبا فاخذ بهَا عَن عبد الله ابْن عمر مقدم الذّكر ثمَّ اخذ عَن الْفَقِيه اسماعيل الخلي ثمَّ ارتحل الى تهَامَة فاخذ عَن ابراهيم بن عَليّ البَجلِيّ صَاحب شجينة ثمَّ عَاد بَلَده فَهُوَ الان مدرس بهَا وحاكمها والمفتي بهَا سَأَلته عَن ميلاده فَقَالَ فِي شهر صفر سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وستماية وَلَيْسَ فِي اهله وَلَا فِي ناحيته من يسْتَحق الذّكر غَيره فَقِيه فَاضل بالفقه وَالْقِرَاءَة والمواريث والحساب ولولاه لاستحيت من ذكر العابدين بعد عمر بن ابراهيم حديق وَلم يزل على الْحَال المرضي الى ان توفّي لثمان بَقينَ من شهر الْقعدَة سنة ثَمَانِي وَخمسين وسبعماية وَخَلفه اباه بموضعه فِي الحكم وَمُحَمّد ولي قَضَاء ذابه وَمَا اليها وابراهيم حفظ الْقرَان غيبا وَلم يقْرَأ من الْفِقْه شَيْئا لَكِن حَملَنِي على ذَلِك انه كَانَ فيهم دين وكرم وَلَقَد اخبرني الاديب على عرف باديب ايامه قَرْيَة من قرى الأعروق قد ذكرتها بضبطها حَيْثُ ذكرت عبد الله فِي متاخري من ذكره ابْن سمره وَكَانَ الاديب الْمخبر رجلا مَقْبُول النَّقْل وقريته الْمَذْكُورَة على قرب من بلد هَؤُلَاءِ الْقَوْم الْفُقَهَاء وَمَعَ ذَلِك كَانَ فَقِيرا يقْصد اعيان بَلَده وَقت الْحَصاد فَمن يقْصد هَؤُلَاءِ الْفُقَهَاء فَحصل من ثمَّ بِهِ اليهم انه قدح فيهم واساء القَوْل بهم حسدا لَهُ على احسانهم قَالَ فَلَمَّا قَارب وَقت الصراب استحيت من الرواح اليهم لما بَلغنِي من قبولهم لقيل النمام وَذكرت ذَلِك للفقيه احْمَد بن حَمْزَة صَاحب الذكرة وَهُوَ اذ ذَاك يدرس بالظفر كَمَا قدمنَا ذَلِك وشكوت

    اليه وَكتب لي اليهم ابياتا على لساني احببت ايرادها لغالب اسْتِحْقَاق الْقَوْم لَهَا اذ قَائِلهَا فَقِيه ذُو عَدَالَة لَا يتَكَلَّم الا بِمَا يَصح لَهُ نقلا اَوْ نظرا غَالِبا وَهِي هَذِه ... أيا عاتبي لم أدر مَا أوجب العتبا ... وَكَانَ بعهدي انكم تحفظُوا الصحبا

    فَمَا كَانَ الا ان اشعتم بانني ... اذعت بكم ذما واوسعتكم سبا

    وَمَا كَانَ ذَا من شيمتي وخلائقي ... اخل بخل اَوْ اغيظ لَهُ قليا

    وَلَكِن وشابي من وشا بنميمة ... اراد بهَا بعدِي ويبغي بكم قربا ... وقتات يقتات اللحوم بِنَفسِهِ ... لقد عدم الايمان من اسخط الرِّبَا ... وَفِي حجرات قَالَ ان جَاءَ فَاسق ... فَلَا تعجلوا حَتَّى يبين الَّذِي انبأ

    فان كَانَ ذَا صدق فجازوا أَو اصفحوا ... وان كَانَ كذابا فتبا لَهُ تَبًّا

    وَمَا مُوجب الايذا حَتَّى تصدقوا ... فَلَا بَيْننَا ارث وَلَا ادّعى غصبا

    وَلَا انا فوال وَلَا انا شاحذ ... بلَى ان خشيتم اخذي الْمَدّ وَالذَّهَب

    لي الْفضل ان كفرت عَنْكُم ذنوبكم ... ويستوجب الاحسان من كفر الذنبا

    شَكَوْت لاسماعيل اذ لم يفه بِمَا ... قلتموه انني احْمَد الكتبا

    واباؤكم ال الحديقي سادة ... يومون اهل الشرق ان رمت والغربا

    وَلم يكرم الاضياف مثل جدودكم ... وافتي من استفتى وايتاء ذِي القربا

    فَهَلا ورثتم خلقهمْ مثل رزقهم ... لقد هدم الآبناما شيد الابا

    حرَام عَليّ الان بعد مقالكم ... سئوالكم لَو كنت اقتات للحصبا

    اذ مَا جفى خل وَفِي إِلَى آخر ... فان جدبت ارْض قطعت الرِّبَا وثبا

    سَلام عَلَيْكُم كثر الله خَيركُمْ ... فَلَا تجْعَلُوا فقري لكم ابدا ذَنبا

    . . وَصلى اله الْعَرْش مَا ابتلج الضُّحَى ... وَمَا حنت الورقى وَمَا هبت النكبا

    على سيد الكونين خَاتم رسله ... مُحَمَّد الْهَادِي من الْعَجم والعربا ... قَالَ الْمخبر فَلَمَّا وصلتهم الابيات استأوا واستحيوا وامروا الى بَيْتِي بِمَا اعتاده وَزِيَادَة وَقد ختمت ذكر الْقَوْم بابيات لعُمُوم مدحها لجميعهم

    وَمن قَرْيَة تعرف بقبعين بِضَم الْقَاف وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الْعين الْمُهْملَة ثمَّ يَاء سَاكِنة مثناة من تَحت ثمَّ نون كانها تَثْنِيَة قبع لما يلبس على الرَّأْس مَشْهُور مِنْهَا ابو بكر ابْن الزبير بن ابي الْخَيْر بن مَسْعُود السيفي عرف بالليث كَانَ فِي اول امْرَهْ فوالا يتعانى الربَاب ثمَّ عطف الله عَلَيْهِ واعاضه عَن الشّعْر حفظ الْقُرْآن وَنعم الْعِوَض وارتحل الى مصنعه سير فاخذ بهَا عَن مُحَمَّد بن ابي بكر الأصبحي وَهُوَ مَعْدُود من كبار اصحابه واخذ ايضا عَن شَيخنَا ابي الْحسن ثمَّ انه تأهل بِامْرَأَة من لحج بعد سُكْنى بِنَا ابه الَّاتِي ذكره انشاء الله تَعَالَى إِذْ كَانَ بِهِ قوم يُقَال لَهُم آل مياس وهم قُضَاة لحج مُنْذُ زمن طَوِيل إِلَى عصرنا سَيَأْتِي ذكرهم إنْشَاء الله تَعَالَى كَانُوا يونسون الْوَارِد اليهم ويوهلونه لَا سِيمَا اذا كَانَ ذَا فضل اَوْ دين وخاصة القَاضِي مُحَمَّد بن عَليّ فَقعدَ الْفَقِيه مَعَهم بالقرية وانتفع بِهِ جمَاعَة كَثِيرُونَ مِنْهُم ولد القَاضِي الَّاتِي ذكرهمَا والجبائي وَغَيرهم كَمَا سَيَأْتِي بَيَان ذَلِك انشاء الله تَعَالَى وَكَانَ هَذَا الْفَقِيه رجلا مُبَارَكًا كثير صِيَام النَّهَار وَقيام اللَّيْل ورعا تقيا يتَرَدَّد بَين قريته الْمَذْكُورَة ولحج يقف بِهَذِهِ شهرا وبهذه شهرا وَله ولدان لقب أَحدهمَا بشيخي الأصبحي وَهُوَ من امْرَأَة جبلية وَالْآخر من اللحجية يشتغلان بِالتِّجَارَة وهما باقيان إِلَى عصرنا سنة ثَلَاث وَعشْرين وَسَبْعمائة يسكنان مَعًا بقرية قبعين وَلم يزل اللَّيْث على الْحَال المرضي من الْعِبَادَة وتدريس الْقُرْآن الْكَرِيم وَالْفِقْه إِلَى أَن توفّي بلحج فِي رَمَضَان سنة ثَلَاث وسبعماية وقبره هُنَاكَ زرته

    ثمَّ فِي الْجِهَة حصن الشذف وقريته الْقرْيَة الْمَعْرُوفَة بجرانع بِفَتْح الْجِيم وَالرَّاء

    ثمَّ الف ثمَّ نون مخفوضة ثمَّ عين مُهْملَة والشذف ضَبطه بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة بعد الف وَلَام ثمَّ ذال مُعْجمَة مخفوضة ثمَّ فَاء وَهُوَ حصن قديم من الْحُصُون الْمَشْهُورَة فِي الْيمن وقريته من اكبر الْقرى الْمَشْهُورَة فِي الْيمن فِي نَاحيَة الْحصن وبلده وَأَهْلهَا رُتْبَة الْحصن وهم عرب مجتمعون من نواح شَتَّى وَفِيهِمْ يترأس مِنْهُم من ترأس باظهار خدمَة السُّلْطَان فِي حفظ الْحصن الْمَذْكُور وَلذَلِك يسمون الدِّيوَان وَفِيهِمْ جمَاعَة يحفظون الْقُرْآن غيبا وبناحية العوادر كَذَلِك ثمَّ هم من اكثر الْعَرَب مُحَافظَة على اداء الصَّلَاة فِي الْجَمَاعَات ادركت بِهَذِهِ الْقرْيَة رجلا كَانَ حَاكما بهَا اسْمه عبد الله بن مُحَمَّد يلقب بالشافعي من جملَة جمَاعَة فِي الْقرْيَة يعْرفُونَ بالمعالمة جمع معلم وَهَذَا الْفَقِيه كَانَ رجلا خيرا ذَا مروة لعارفيه وقاصديه وَكَانَ دينا يحكم بَين اهل الْبَلَد على طَرِيق الاصلاح وَتُوفِّي على ذَلِك فِي الْمحرم سنة ثَلَاث عشر وَسَبْعمائة وَخَلفه ثَلَاثَة اولاد تفقه مِنْهُم اثْنَان ابراهيم ويحي فابراهيم تفقه بَاهل ذِي السفال ثمَّ بِصَالح بن عمر وَابْن اخته ثمَّ ذهب الى جبا فاخذ عَن عُثْمَان ثمَّ عَاد بَلَده واما يحي فاخذ بِذِي السفال ثمَّ بجبا ثمَّ بِبَلَد الدملوة على رجل من اهل حجرَة وَغَيرهم ثمَّ عَاد بولده وَهُوَ يتعانى التِّجَارَة وَلَهُمَا اخ اسْمه مُحَمَّد فِيهِ دين وَخير مشتغل بتحفيظ الْقُرْآن الْعَزِيز وَهُوَ عَلَيْهِ الى الان وَحج سنة ثَلَاث وَعشْرين وَسَبْعمائة وقدمت عَلَيْهِم فِي حَيَاة ابيهم وَبعدهَا مرَارًا وَجَدتهمْ من احسن النَّاس انسا للواصل وقياما بِحَالهِ وهم على ذَلِك الى عصرنا سنة ثَلَاث وَعشْرين وَفِي الْقرْيَة فَقِيه اسْمه اِسْعَدْ بن ابراهيم تفقه بجبا وتهامة واتانا الْجند فَقَرَأَ عَليّ خطب ابْن نباتيه وَهُوَ الْآن خطيب الْقرْيَة وامام جماعتها فِي الْجَامِع وَمِمَّنْ وَفد هَذِه الْقرْيَة الأديب احْمَد بن عَليّ بن شحيم اُحْدُ شعراء الْعَصْر المجيدين اصله من تيم قريب بلد صُهَيْب مَاتَ قتلا قَتله العوادر ظلما سنة ارْبَعْ وَثَلَاثِينَ وسبعماية وقبر

    بمقبرة جرانع وَله ولد اسْمه قَاسم وقرابته يسكنون الْقرْيَة أَيْضا وبقرية قصى من جبل سورق عبد الله بن ابي بكر بن مُحَمَّد كَانَ فَقِيها ذَاكِرًا نقيا جَامعا بَين رياسة الْفِقْه وَالدُّنْيَا توفّي عَائِدًا من الْحَج سنة ثَمَانِينَ وستماية تَقْرِيبًا

    وَمن شوع الاديب مُحَمَّد بن عِيسَى الدجا كَانَ من احفظ النَّاس لكتاب الله واصحهم قراة لَهُ وَهُوَ الَّذِي اخبر عَن الْفَقِيه عبد الله بن زيد توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وسبعماية وَكَانَ فَقِيها سخيا وَله ولد اسْمه عَليّ فَقِيه طَرِيقَته الان على طَرِيق ابيه وَضبط قصى وشوع بِفَتْح الْقَاف وخفض الصَّاد الْمُهْملَة ثمَّ يَاء مثناة من تَحت سَاكِنة وشوع بِضَم الشين الْمُعْجَمَة وَفتح الْوَاو وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة ثمَّ انْقَضتْ نَاحيَة الْجَبَل من جِهَة الْيمن وَالْمغْرب وَبقيت قَرْيَة من جِهَة الْمشرق تسمى الانصال فقهاؤها قوم من ذُرِّيَّة الْفَقِيه بن مفلت وَهُوَ ابو بكر بن حسن بن عَليّ بن صَالح وَهُوَ فَقِيه الْقرْيَة الان بِهِ مروة وَحسن خلق تفقه بعض تفقه وَلَا يلجأ الاصحاب الواردين لَا سِيمَا من ابناء الْجِنْس الى اُحْدُ غَيره كَانَ حَاكم الْقرْيَة ثمَّ لَزِمَهُم الْمُجَاهِد هُوَ وقرابة الْفَقِيه صَالح وَعَمه الْفَقِيه عمر بن حسن وحبسهم بحصن تعز وماتوا فِيهِ وَبقيت نَاحيَة الْقبْلَة وَمَا سامتها خَالِيَة عَن الْفُقَهَاء وَقد احكمت الْجند وتعز ونواحيها ثمَّ المخلاف ونواحيه غَالِبا

    فان وجد نقص فالأنساء مَحَله ويأبى الله تَعَالَى أَن يكون الْكَمَال والتمام الا لكتابه وَكَلَامه وَقد عزمت على الشُّرُوع تَتِمَّة ذكر النواحي الَّتِي هِيَ خَارِجَة عَن الْجِهَات الْمُتَقَدّمَة وان ابدأ بِذكر النَّاحِيَة الْقبلية بالتقرب من الْيمن الاوسط نَاحيَة نسيت ان اذكر اهلها وَالْحق بهم ذَرَارِيهمْ كَمَا فعلت مَعَ غَالب الْفُقَهَاء وهم بَيت وَاحِد ذُرِّيَّة الْفَقِيه عبد الله بن الْفَقِيه مُحَمَّد ابْن حميد فاريد ان اجعلهم هُنَا بدايته لذكر فُقَهَاء الْقبْلَة وجهتهم ثمَّ اهلها بل اجْتمعت بافقههم والمشار اليه فيهم الَّاتِي ذكره فَسَأَلته عَن ذَلِك فَقَالَ توفّي الْفَقِيه عبد الله بن الْفَقِيه مُحَمَّد الَّذين ذكرهم ابْن سَمُرَة وَكَانَ لَهُ ولدان هما احْمَد يلقب ابا حَامِد تفقه باحمد بن مقبل الدثيني مقدم الذّكر تزوج بابنته وَولى قَضَاء صنعاء ثمَّ انْصَرف قبل القَاضِي مَسْعُود بن عَليّ وَهُوَ اُحْدُ من يعد فِي اصحابه وَتُوفِّي بِذِي المليد الْقرْيَة الَّتِي توفّي بهَا جده وَقد مضى ذكرهَا والاخر اسْمه عَليّ تفقه باخيه احْمَد وبالقاضي اسماعيل وَولي قَضَاء تعز من قبل القَاضِي ابي بكر بن اسماعيل اذكر انه كَانَ قَاضِي قُضَاة وَلم اكد اعرف لَهُ خَبرا وَقد وجدته فِي السماعات وَلم اتحقق امْرَهْ وَكَانَ هَذَا عَليّ فَقِيها فَاضلا تفقه بِهِ جمَاعَة فِي تعز واخذوا عَنهُ مِنْهُم مُحَمَّد بن الْفَقِيه سُلَيْمَان بن الْفَقِيه بطال الَّذِي ذكر انه اول من اصيب بالانتقال عَن مَذْهَب السّنة الى مَذْهَب الشِّيعَة فِي بني بطال تفقه بعلي ايضا ابْن عَمه يحي بن عمر بن عُثْمَان بن الْفَقِيه مُحَمَّد حميد وَعلي بن أبي بكر بن الْفَقِيه مُحَمَّد ابْن حميد وَكَانَ هَذَا عَليّ فَقِيها مستطير الذّكر بِالْعلمِ وَالْخَيْر الى ان توفّي يَوْم الْجُمُعَة وَكَانَ عيد فطر سنة خمس واربعين وستماية وَبِه تفقه ابْنه مُحَمَّد يعرف بالحكيم وابو بكر تفقه فِي بدايته بابيه ثمَّ اخذ عَن ابْن البانه بتعز واظنه والديحي الْمَذْكُور اولا الَّذِي ذكرت انه امثل اهله بالعصر وَهُوَ الَّذِي اخبرني بِمَا ذكرته انفا من حَال اهله رَحِمهم الله واما هَذَا يحي الْمَذْكُور اولا فَهُوَ فَقِيه فَاضل تفقه فِي بدايته بِابْن زُرَيْق فِي تعز وَغَيره ثمَّ صَار الى قَرْيَة الذنبتين فاكمل الْفِقْه بشيخنا ابي الْحسن وَهُوَ حَاكم بلد قومه الزواقر ويصل الى سوق الموسكة فَيحكم فِيهِ بَين النَّاس ويعقد النِّكَاح وَهُوَ اخر من عَلمته يسْتَحق الذّكر فيهم وَحِينَئِذٍ لم يبْق من الْيمن الَّذِي مقصودي ذكر

    فقهائه الا الْجِهَة الْقبلية وَلها منتها قَصدهَا اكثر فقها واوسع خُصُوصا من اهل السّنة فابداء من ذَلِك بالجهة الْقبلية ثمَّ اذا انْتَهَيْت الى مَا حقق لي من اسْتِحْقَاق الذّكر لعلمائها نزلت الى تهَامَة وابدأ مِنْهَا بحرض وَاذْكُر من حولهَا ثمَّ اطرد ذَلِك إِلَى مَدِينَة حلي وَتسَمى القنفذة ثمَّ أَعُود ذَاكِرًا لفقهاء تهَامَة إِلَى وَادي موزع حَتَّى الْحق بِمَدِينَة ظفار الحبوظي إنْشَاء الله تَعَالَى وَاذْكُر المتاخرين بعد القلعي واصحابه الَّذين مضوا فابدأ بالجهة الوصابية لقربها من مخلاف جَعْفَر ولكوني دَخَلتهَا لهَذَا الْغَرَض باحثا عَن فقهائها وَتَحْقِيق احوالهم وَقد ذكر ابْن سَمُرَة مِنْهَا جمَاعَة على طَرِيق النَّقْل لاعلى طَرِيق التَّحْقِيق فدخلتها سنة عشْرين وسبعماية وَكَانَ قد بَلغنِي أَن بهَا رجلا افضل أَهلهَا يعرف بِمُحَمد بن يُوسُف الغيثي لقبا والتباعي نسبا فَكَانَ هُوَ مُعظم قصدي فِي الدُّخُول اليها اعني وصاب اذ بَلغنِي انه فَاضل فشمرت فِي اخر شعْبَان من السّنة الْمَذْكُورَة وَخرجت من الْجند وَمَعِي عدَّة كتب وَصَاحب يرعي الدَّابَّة فَلم اكد اعرج على اُحْدُ وَلَا مَوضِع الا تعريجا لابقاء حَتَّى اتيت هَذَا المقرى مُحَمَّد بن يُوسُف بِموضع يُسمى الْعنين بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة بعد الف وَلَام وخفض النُّون ثمَّ يَاء مثناة من تَحت ثمَّ نون اخرى وَكَانَ قد كسر على جمع وَقَالُوا طَرِيق شاق لِكَثْرَة المفاوز والمخاوف والبعد وَذكروا لي ان جمَاعَة نهبوا وَقتلُوا فَلم الْتفت على ذَلِك حَتَّى اتيت المقرى الْمَذْكُور بعد مَا قاسيت خوفًا على نَفسِي وكتبي فحين اجْتمعت بِهِ سلم وانس وَذَلِكَ برمضان ثمَّ بعد ذَلِك اخبرته بغرضي وَسَأَلته عَن الفقيهين اللَّذين ذكرهمَا ابْن سَمُرَة فِي اصحاب الشَّيْخ يحيي فاخبرني عَنْهُمَا بِمَا ذكرت فِيمَا تقدم قَالَ وَفِي اولادهم جمَاعَة فضلا شهر مِنْهُم جمَاعَة بِكَمَال الْفضل مِنْهُم مُحَمَّد ويوسف وَهَذَا احْمَد ذكره ابْن سَمُرَة فِي أَصْحَاب الشَّيْخ يحيى بن ابي الْخَيْر وَقد ذكرته كَمَا ذكره وَذكر مَعَه اخاه قَالَ وَفِي اولادهما جمَاعَة فضلاء شهر مِنْهُم جمَاعَة مَعَه أَخَاهُ وَكَانَ مُحَمَّد ويوسف امامين فاضلين بهما

    تفقه اخوهما مُوسَى الْآتِي ذكره وَلم اتحقق لَهما تَارِيخا يُقَال ان مُحَمَّدًا قَرَأَ الْمُهَذّب تسع مَرَّات وَذريته خطبا أرضه قَرْيَة مَشْهُورَة تَحت حصن ظفران

    وَمِنْهُم مُوسَى بن الْفَقِيه احْمَد بن يُوسُف الَّذِي ذكره ابْن سَمُرَة مولده يَوْم الْأَحَد وَقت الْعَصْر لخمس بَقينَ من ربيع الأول سنة سبع وَسبعين وخمسماية وتفقهه باخويه مُحَمَّد ويوسف ابْني احْمَد باخذهما عَن ابيهما وعمهما مُوسَى اللَّذين ذكرهمَا ابْن سَمُرَة وذكرتهما كَمَا ذكر مُوسَى بن يُوسُف نزل الْيمن فاخذ بِهِ عَن القَاضِي مَسْعُود بن عَليّ مقدم الذّكر وَشرح اللمع بشرحه الْمَشْهُور الَّذِي اجْمَعْ الْفُقَهَاء انه لم يكن لاهل الْيمن فِي الشُّرُوح مَا هُوَ اكثر بركَة مِنْهُ واظهر نفعا وازال اشكالا فِي اصول الْفِقْه مِنْهُ وَكَانَ يسكن قَرْيَة من اعمال حصن من حصون وصاب يُقَال لَهُ ظفران ضبط ظفران بِفَتْح الظَّاء الْقَائِمَة وخفض الْفَاء وَفتح الرَّاء ثمَّ الف ثمَّ نون اسْم الْقرْيَة كونعه بِفَتْح الْكَاف وَسُكُون الْوَاو وَفتح النُّون ثمَّ عين مُهْملَة مَفْتُوحَة ثمَّ هَاء سَاكِنة وَكَانَ إِمَامًا فِي الْفِقْه واصوله مدحه الامام ابو الْخطاب بالابيات الَّتِي اوردتها مَعَ ذكره الَّتِي يَقُول فِيهَا ... ويكفيه فضلا مَا ابان بشرحه ... على لمع الشَّيْخ الامام اخي الْمجد ... وَهَذِه شَهَادَة من امام كَبِير كَانَ يُنَازع غَالب الْفُقَهَاء فِي وقته وَلَا يسلم لَاحَدَّ مِنْهُم وَقد تقدم مَعَ ذكره مَا يُغني عَن إِعَادَته

    وَلما كَانَ ايام وقُوف الامير حسن بن عَليّ بن رَسُول الملقب بدر الدّين بِصَنْعَاء مقطعا من جِهَة المسعود واخوه عمر بن عَليّ الملقب نور الدّين بوصاب

    حصل بَين اهل السّنة بِصَنْعَاء والشيعة من الزيدية يَوْمئِذٍ مُنَازعَة وَادّعى كل انه على الْحق واظهر الزيدية صولة وَلم يكن يَوْمئِذٍ بِصَنْعَاء من عُلَمَاء السّنة من يردهم وَكَانَ هَذَا مُوسَى قد شهر اشتهارا عَظِيما فِي جَمِيع انحاء الْيمن فَقَالَ الامير بدر الدّين للزيدية لينزل جمَاعَة من فقهائكم الى الْبَلَد الَّذِي بهَا اخي عمر فقد ذكر لي ان بهَا فَقِيها عَالما يناظرونه فان غَلَبَكُمْ رجعتم الينا وان غلبتموه رَجعْنَا اليكم فاجابوه الى ذَلِك واخذ مِنْهُم الوثيق وَكتب الى اخيه وانتدب لذَلِك جمَاعَة مِمَّن يرَوْنَ انهم لَا يطاقون فِي مناظرة وَلَا علم فحين دخلُوا وصاب قصدُوا الْحصن الَّذِي فِيهِ الْأَمِير وأوصلوا اليه كتاب اخيه بذلك فحين وقف عَلَيْهِم برز اليهم فَرَحَّبَ بهم وَكَانَ مَسْكَنه حصن نعْمَان اُحْدُ حصون وصاب وَهُوَ على قرب من قَرْيَة الْفَقِيه وَكَانَ قد تقدم لَهُ بِهِ خلْطَة عَظِيمَة فَصَارَ يتَحَقَّق جودة علمه وغزارة فَضله فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْم الثَّانِي سَار هُوَ وهم حَتَّى اتوا قَرْيَة الْفَقِيه الْمَذْكُور فوجدوه يدرس فِي الْمَسْجِد فحين دخلُوا عَلَيْهِ وسلموا رد عَلَيْهِم وَلم يكد يقم لَهُم فَلَمَّا قعدوا وَهُوَ مكب على تدريسه جعل الزيدية يعترضونه وَهُوَ يُجِيبهُمْ بِمَا يسْقط اعتراضهم ثمَّ لما فرغ من التدريس اقبل عَلَيْهِم وناظرهم على الْمَذْهَب مناظرة كَامِلَة اسقط بهَا مَذْهَبهم وَبَين فِي ذَلِك سفه رَأْيهمْ وَسُقُوط حججهم فانخذلوا وخرسوا وَتبين عجزهم فصاح النَّاس بهم فَخَرجُوا عَن مجْلِس الْفَقِيه مدحورين خزايا واستطار بَين النَّاس انهم قطعت حجتهم وَلم يقم لَهُم صُورَة وَلَا لمذهبهم فَجعل النَّاس يصيحون بهم من رُؤْس الْجبَال وبطون الاوديه وهموا ان ينهبوهم الى ان علمُوا ان الامير نور الدّين الْقَائِم بهم وَالْجَار لَهُم فامتنعوا من نهبهم وَسَارُوا خَائِفين حَتَّى خَرجُوا عَن وصاب وَلم يزل الْفَقِيه على الْحَال المرضي حَتَّى توفّي سنة احدى وَعشْرين وستماية فرأه بعض اصحابه بعد مَوته فَقَالَ مَا فعل الله بك فَقَالَ غفر لي وشفعني فِي أهل واصاب من قَوَارِير الى بلد السلاطين يَعْنِي بلد

    عتمه اذ مشائخها يعْرفُونَ بالسلاطين وَخلف ولدا اسْمه عبد الرَّحْمَن مولده قبل وَفَاة ابيه بِخمْس سِنِين وَلما كبر تفقه بَابي بكر الجناحي الَّاتِي ذكره وَتُوفِّي لبضع وَخمسين وستماية وَخلف ابْنا اسْمه احْمَد يسكن على قرب من هَذِه الأَرْض بِبَيْت مُنْفَرد وَاجْتمعت بِهِ وَيُسمى بِالْقَاضِي كَأَنَّهُ تولى بعض قَضَاء تِلْكَ النَّاحِيَة وَكَانَ لمُوسَى اخوان يُوسُف وَمُحَمّد ابْنا احْمَد فمحمد كَانَ فَقِيها حقق الْمُهَذّب سَبْعَة اشراف لَا يخرج عَن كل شرف حَتَّى يتحققه وَفِي ذُريَّته خطابة ارضه وَمِنْهُم مُحَمَّد بن عبد الله بن ابي بكر بن مُحَمَّد بن احْمَد كَانَ فَاضلا توفّي سنة 716 سِتّ عشرَة وسبعماية وَمِنْهُم مُحَمَّد بن ابي بكر بن مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب السمعكي مَسْكَنه قَرْيَة كونعة حَيْثُ يسكن الْفَقِيه مُوسَى وَكَانَ رجلا فَقِيها سخي النَّفس يقرئ الطّلبَة وَيقوم بكفايتهم وكفاية الَّذين يقرؤون على الْفَقِيه مُوسَى بن احْمَد وللفقيه مُوسَى قرَابَة يسكنون من وصاب قَرْيَة تعرف بالسدا وبقرية تعرف بالشفير وَاصل خُرُوج اهل الْجِهَتَيْنِ من قَرْيَة بوادي السحول تعرف بالقريعا تقدم ذكرهَا وَضبط السدا بتَشْديد السِّين الْمُهْملَة بعد اللَّام ثمَّ دَال مُهْملَة مُشَدّدَة مَفْتُوحَة ثمَّ الف وَهِي عزلة متسعة اهلها من اجهل عرب تِلْكَ النَّاحِيَة واما الشفير فضبطها بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وتسديدها وخفض الْفَاء ثمَّ يَاء مثناة سَاكِنة ثمَّ رَاء قَرْيَة خرج جمَاعَة فُقَهَاء من التباعيين وأظنهم لما خَرجُوا من القريعاء إِلَى وصاب سكنوا هَذِه الْقرْيَة وَسكن مِنْهُم من خرج الى كونعة وسالت الْمقري الغيثي عَن تَحْقِيق ذَلِك فَقَالَ لَا

    أَدْرِي هَل خرج أهل كونعة من الشفير أَو ورد بَعضهم إِلَيْهِ وَبَعْضهمْ كونعة أَو كَيفَ كَانَ الْقَضِيَّة فَمن الشفير كَانَ لمُوسَى الاكبر الَّذِي ذكره ابْن سَمُرَة هُوَ اخ ثَالِث غير الَّذِي ذكره ابْن سَمُرَة اسْمه ابو بكر كَانَ فَقِيها مقرئا تفقه باخيه وَهُوَ جد الْمقري الغيثي الَّاتِي ذكره وَفَاته سنة ثَمَانِي عشرَة وستماية وَله اربعة اولادهم مُوسَى فاحمد احْمَد كَانَ مقرئا صَالحا شرِيف النَّفس يقوم بكفاية من جأه من الطّلبَة وَكَانَ مَعَ ذَلِك متعبدا يُصَلِّي الصُّبْح بوضؤ الْعشَاء ارْبَعْ عشرَة سنة واما مُوسَى وَعمْرَان وَمُحَمّد فتفقهوا بابيهم بقرية الشفير وَكَانَ لمُوسَى اربعة بَنِينَ يُوسُف وَالِد الْمقري الغيثي ثمَّ الامين تفقه الامين بِمُحَمد بن عَليّ الفتحي وَكَانَ مَشْهُورا بالصلاح وَالْعِبَادَة وصحبة الْخضر عَلَيْهِ السَّلَام وَكَثِيرًا مَا كَانَ يرى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَت وَفَاته برجب سنة خمس وَخمسين وسِتمِائَة

    وَأما يُوسُف فتفقه ثمَّ سلك طَرِيق الْعِبَادَة وَكَانَ مصاحبا لجَماعَة من عباد وصاب يَجْتَمعُونَ بجبل الْعنين وَهُوَ اذ ذَاك لَيْسَ بِهِ أحد انما تسكنه السبَاع وَلما حصلت الالفة بَينه وَبَين بعض الْعباد ازوجه بابنة لَهُ فاولدت لَهُ المقرى مُحَمَّد بن يُوسُف الملقب بالغيثي لقب بذلك لانه وَقت مَا ولد وَكَانَ النَّاس قليلي الْغَيْث فتواتر حِينَئِذٍ اياما حَتَّى ملوه وَلم يزل يُوسُف على ذَلِك حَتَّى توفّي بِالْجَبَلِ وَقد ابتنى بِهِ بَيْتا فِي رَمَضَان سنة ارْبَعْ وَخمسين وستماية واسْمه مُحَمَّد وَاخْبَرْ الْمقري بذلك كُله وان ميلاده الْمحرم اول سنة ارْبَعْ وَخمسين وستماية واسْمه مُحَمَّد واخبرت سَبَب لقبه بالغيثي واخبرني ان ميلاده كَانَ قبل وَفَاة ابيه باربعة اشهر بِالْجَبَلِ الْمَذْكُور وَدفن الى جنب مَسْجِد وَبَيت احدثهما هما باقيان وزرت قَبره فَلَمَّا شب ذهب الى اهله بقرية الشفير فَقَرَأَ مَعَهم الْقرَان ثمَّ ارتحل الى حراز فاخذ عَن ابي زاكي الْقرَاءَات السَّبع ثمَّ عَاد مِنْهُ إِلَى السحول فَأدْرك بهَا عمر بن إِبْرَاهِيم فَأخذ عَنهُ إِذْ ذَاك شَيْئا من كتب الْقرَاءَات وَأخذ عَن أَحْمد الرعاوي مُخْتَصر الْحسن وَعنهُ أَخذ الرعاوي الْقُرْآن تِلْكَ الْمدَّة ثمَّ ذهب الى ريمة فاخذ بهَا عَن الْفَقِيه الْحِمْيَرِي

    المختصرين الحسني والابراهيمي والجمل والمقدمة لِابْنِ بَاب شَاذ بشرحها ثمَّ ارتحل الى صنعاء فَأخذ عَن الوشاح شرح الْجمل لِابْنِ بَاب شَاذ ثمَّ عَاد بَلَده ثمَّ تقدم ريمة الاشابط فاخذ بهَا عَن عَليّ بن احْمَد التهامي فاخذ عَنهُ كتب الْفِقْه وَدخل بلد عتمه فاخذ عَن رجل اسْمه عَليّ بن مُحَمَّد الْعَرَبِيّ فاخذ عَنهُ كتب اللُّغَة والتبصرة والبرهان فِي أصُول الدّين وَالْقَصِيدَة الْمَشْهُورَة بالقحطانية ثمَّ ارتحل إِلَى بلد السرو الى عمر بن إِبْرَاهِيم الْمَذْكُور انه اخذ عَنهُ وانه اخذ قَضَاء السحول وَكَانَ فِيهِ ورع واخذ عَنهُ اللمع بشرحه لمُوسَى ثمَّ الرسَالَة الَّذِي لَهُ فِي الرَّد على الْقَدَرِيَّة ثمَّ عَاد بَلَده وَهُوَ الْآن حِين قدمت عَلَيْهِ مُقيم على تربة وَالِده وَاجْتمعَ اليه جمع من الطّلبَة أخذُوا عَنهُ الْقرَاءَات وَغَيرهَا وَمَعَهُ عدَّة أَوْلَاد ذُكُور وإناث الْكل مِنْهُم لَهُ اشْتِغَال بِالْعلمِ وَهُوَ امثل من يشار اليه فِي وقتنا بِمَعْرِِفَة الْعلم بوصاب وَهُوَ الَّذِي اخذت عَنهُ غَالب اخبار اهل وصاب ونواحيها وَسَأَلته هَل يعلم احدا من قرابتهم فِي وصاب ينْسب الى الْفِقْه فَقَالَ نعم قوم يسكنون وَادي قبعة من اعمال حصن السانة وَهُوَ اصل بلد عَليّ بن الْحسن الْمُقدم ادركت مِنْهُم عبد الرَّحْمَن واخاه ابْني مُحَمَّد بن ابراهيم ابْن عمر فُقَهَاء فضلاء وآبائهم واجدادهم كَذَلِك قَالَ وَكَانَ جدهم عمر فَقِيها مقربا ايضا وَقد انقضوا وَلم يبْق فيهم من يذكر بالفقه وَبَلغنِي ان هَذَا المقرى انْتقل عَن الْعنين رَغْبَة بِشَيْء من الدُّنْيَا الى بلد لبَعض الْحُصُون السُّلْطَانِيَّة اما جعر اَوْ نعْمَان ذكر عَنهُ بِغَيْر الْمَذْهَب

    وبالقرب من بلد هَذَا الغيثي بلد الشعيبين عرب ينسبون إِلَى جد لَهُم شُعَيْب تَسْمِيَة بِالنَّبِيِّ شُعَيْب الْمَشْهُور كَانَ مِنْهُم وببلدهم جمَاعَة مِنْهُم احْمَد بن مُحَمَّد بن عَليّ الشعيبي كَانَ فَقِيها فَاضلا كثيرا مَا يطالع الْكتب وَمِنْهُم عبد الله بن احْمَد الهريمي كَانَ فَقِيها صَالحا ورعا مَشْهُورا بِالْبركَةِ وَدخل على رجل كَانَ يَصْحَبهُ وَقد اقعد فَقَالَ لَهُ يَا فَقِيه مَا تَنْفَع الصُّحْبَة الا فِي هَذَا الْوَقْت فَقَالَ طب نفسا فَمَا

    اخْرُج انشاء الله تَعَالَى الا بك ثمَّ جذبه جذبة فَقَامَ وَخرج بِهِ الى بَاب الْبَيْت وَاسْتمرّ متعافيا حَتَّى توفّي وَلم اتحقق لَهُ تَارِيخا

    وَفِي بلد هَؤُلَاءِ الشعيبيين قَرْيَة كَبِيرَة تعرف بِظهْر تَسْمِيَة بِظهْر الْحَيَوَان دَخَلتهَا فَوجدت الْقَائِم بهَا فِي الامور السُّلْطَانِيَّة شَابًّا خيرا يُقَال لَهُ دَاوُد بن مظفر الشّعبِيّ يذكر بِالدّينِ والمروة وَالْكَرم واختبرته بذلك فَوَجَدته كَمَا يَنْبَغِي

    وجدت حَاكم الْقرْيَة رجلا اسْمه مُحَمَّد بن عبد الْملك يذكر بِالدّينِ وَالْخَيْر فَسَأَلته عَن أصل بَلَده وَأَهله إِذْ بَلغنِي أَنهم فُقَهَاء فَقَالَ الْبَلَد السدا الديادير يسكنون بلد السدا وَذَلِكَ بِفَتْح الدَّال الْمُهْملَة بعد الف وَلَام وَفتح الْيَاء الْمُثَنَّاة من تَحت ثمَّ الف ودال مُهْملَة مخفوضة ثمَّ يَاء مثناة من تَحت سَاكِنة ثمَّ رَاء واحدهم ديداري للبلد الَّتِي تقدم ذكرهَا وَأَن سَبَب وقوفهم بِظهْر أَنه كَانَ جد لَهُم اسْمه اسماعيل بن عَليّ الديداري من عرب يُقَال لَهُم الديادير كَانَ مَشَايِخ الشعيبيين يصحبونه فَسَأَلُوهُ ان ينْتَقل من بَلَده اليهم ويدرس لَهُم بِجَامِع ظهر وليبذلوا لَهُ شَيْئا من وَجه حَلَال فاجابهم الى ذَلِك فَقلت على من كَانَت قرآته فَقَالَ على الْفَقِيه عَليّ بن عبد الله الْكرْدِي قلت لَهُ هَل كَانَ وَالِده عَليّ فَقِيها قَالَ نعم تفقه بِسُلَيْمَان بن فتح يَعْنِي الْمَذْكُور فِي اصحاب الْبَيَان على سُلَيْمَان بن فتح باحمد بن يُوسُف وَالِد مُوسَى مُصَنف شرح اللمع الَّذِي ذكره ابْن سَمُرَة وَوجدت تَارِيخ سَمَاعه للْبَيَان على سُلَيْمَان بن فتح سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وخمسماية وَهَذَا تَارِيخ يدل على تَأَخّر عَليّ عَن زمَان سُلَيْمَان وَلذَلِك لم يؤرخه ابْن سَمُرَة وَلَا وجدت لَهُ تَارِيخا

    وَلم يطب لاسماعيل الْوُقُوف مَعَ الشعيبيين فَعَاد بَلَده واستناب اخا لَهُ اسْمه عمر هُوَ جد الْفَقِيه مُحَمَّد بن عبد الْملك بعد ان هذبه وفقهه وارتحل الى السحول فَأخذ عَن عبد الله بن نَاجِي بالقريعا وَعَاد فَلبث مَعَ الشعيبيين حَتَّى توفّي نَهَار الاربعاء سلخ الْحجَّة سنة سبعين وستماية وَخلف ابْنَيْنِ هما عبد الْملك

    وطاهر فطاهر تفقه بِهِ ثمَّ توفّي وَلم يعقب سنة ارْبَعْ وَثَمَانِينَ وستماية وَأما عبد الْملك فَكَانَ فَقِيها تقيا خيرا سَمِعت الغيثي يثني عَلَيْهِ وَيَقُول كَانَ خيرا وَتُوفِّي على ذَلِك اثْنَتَيْنِ وتستعين وستماية

    وَخَلفه ابْنه الْمَوْجُود الان مُحَمَّدًا الَّذِي قدمت الْبَلَد وَهُوَ فقيهها الان مولده ربيع الاول سنة ارْبَعْ وَسبعين وستماية تفقه بعلي بن احْمَد التهامي الَّاتِي ذكره فِي اهل ريمة قدمت عَلَيْهِ وعَلى الغيثي وَغَيرهمَا من بلد وصاب فِي شهر رَمَضَان سنة عشْرين وَسَبْعمائة فَسمِعت اهل بَلَده يذكرُونَهُ بمحبة وود ويفضلونه على من سواهُ من فُقَهَاء النَّاحِيَة وَله ابْن اسْمه عبد الْملك قد شرع بِقِرَاءَة الْعلم وَلَهُم قرَابَة بِجِهَة السدا يتسمون بالفقه استصحابا لاسم الْأَهْل كَمَا بيّنت ذَلِك وجد الْفَقِيه عبد الْملك وَأَبوهُ وَأَخُوهُ مقبورون بِظهْر غربي مَسْجِدهَا زرتهم مَعَ الْفَقِيه رَحْمَة الله على الْجَمِيع وَمِنْهَا بلد يعرف بِبَلَد ظفران إِضَافَة إِلَى حصن هُنَالك بِوَزْن فعلان بِفَتْح الظَّاء وخفض الْعين الْمُهْملَة ثمَّ رَاء ثمَّ ألف وَنون قَرْيَة تعرف باعدان بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْعين وَفتح الدَّال الْمُهْملَة ثمَّ الف ثمَّ نون مِنْهَا ابو عمرَان مُوسَى بن مُحَمَّد اليزيدي كَانَ فَقِيها فَاضلا لما توفّي وَوضع على المغتسل توقف الْغَاسِل يُرْجَى الْمشْط فَلبث سَاعَة فَمد يَده إِلَى المغسل وَعمل مِنْهُ شَيْئا براسة ولحيته وغرف المَاء بِيَدِهِ الاخرى وَجعل يسْكب بهَا فَعجب النَّاس من ذَلِك وبادر الْغَاسِل واتقن

    وَمِنْهَا عبد الله بن احْمَد بن عَليّ يشهر بِالْعلمِ وَالصَّلَاح وَمن قَرْيَة تعرف بجباح بِضَم الْجِيم وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة ثمَّ الف ثمَّ حاء مُهْملَة وَهِي ملتصقة بحصن يعرف بجعر سلطاني بِضَم الْجِيم وَالْعين الْمُهْملَة ثمَّ رَاء سَاكِنة مِنْهَا ابو بكر بن احْمَد الْمَهْدَوِيّ نِسْبَة الى جد لَهُ اسْمه مهْدي وَمن

    قومه هُنَالك جمَاعَة يعْرفُونَ ببني مهْدي تفقه ببني فتح الْآتِي ذكرهم وَأخذ عَن مُوسَى شَرحه وَإِلَيْهِ وصل الْفَقِيه عمر العقيبي فاخذ عَنهُ شرح اللمع كَمَا اخذ عَن مصنفة واخذ عَنهُ وسيط الواحدي وَكَانَ ذَا دين وَدُنْيا يقوت من انْقَطع عِنْده للْعلم وابتنى مدرسة ووقف عَلَيْهَا وَقفا جاملا لَهَا ولجماعة من الطّلبَة وَمن يدرسهم وَهِي بَاقِيَة الى عصرنا يدرس بهَا مدرس مُرَتّب بهَا طلبة ومدرسها الان عبد الْملك الْمَذْكُور اولا

    وَمن قَرْيَة تعرف بالفجرة بِفَتْح الْفَاء بعد الف وَلَام وَسُكُون الْجِيم وَفتح الرَّاء ثمَّ هَاء سَاكِنة كَانَ بهَا جمَاعَة مِنْهُم حُسَيْن بن مُحَمَّد بن عَليّ بن شبيل نسبه فِي هَمدَان وشبيل بِضَم الشين الْمُعْجَمَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْيَاء الْمُثَنَّاة من تَحت ثمَّ لَام كَانَ فَقِيها صَالحا عَارِفًا بالفقه توفّي سنة ثَلَاث وَسَبْعمائة

    وَمِنْهُم بكر بن احْمَد كَانَ حَنَفِيّ الْمَذْهَب اخذه عَن عَليّ بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الَّاتِي ذكره وَله اولاد انتقلوا الى مَذْهَب الشَّافِعِي مِنْهُم ابْن ابْنه عبد الله بن احْمَد بن الْفَقِيه مكبر كَانَ فَقِيها فَاضلا توفّي بعد سبعماية وَله اخ اسْمه مُحَمَّد حَاكم بَلَده الان بَاقٍ الى سنة ثَلَاثِينَ وسبعماية وَمن نواحي قَرْيَة ظهر قَرْيَة كطر على وزن فعل بِفَتْح الْكَاف ثمَّ طاء قَائِمَة ثمَّ رَاء مِنْهَا احْمَد بن عمر العياشي نِسْبَة الى جد اسْمه عَيَّاش بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَفتح الْيَاء الْمُثَنَّاة من تَحت ثمَّ شين مُعْجمَة كَانَ فَقِيها محققا فَاضلا امتحن فِي اخر عمره بالعما واتاه سَائل فَسَأَلَهُ عَن مَسْأَلَة فقهية والسائل لَهُ فَقِيه وَكَانَ بَقِي مترددا فِي قبُول جَوَاب الْفَقِيه وَبَقِي يُكَرر قِرَاءَته فَقَالَ لولد لَهُ حَاضر يَا بني هَات الْكتاب الْفُلَانِيّ وافتش الْموضع الْفُلَانِيّ ففتش الْوَلَد فَلم يحسن يخرج الْغَرَض فانتول الْفَقِيه الْكتاب وفتشه فَفِي اول فتشه خرج مَوضِع الْغَرَض فاوقف السَّائِل على مصداق مَا قَالَ فَكَانَ ذَلِك

    مصداق قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اتَّقوا فراسة الْمُؤمن فانه ينظر بِنور الله وَكَانَ الْمَنْصُور يحب هَذَا الْفَقِيه ويصحبه من ايام ولَايَته لحصن الشّرف الَّذِي قَرْيَة ظهر ونواحيها من عمله وَهُوَ من الْحُصُون الْعَظِيمَة وَمِنْه ظهر عَليّ بن مهْدي عَليّ تهَامَة وَرُبمَا يَأْتِي بَيَان ذَلِك ان شَاءَ الله وَكَانَ مَوْجُودا لنيف وَثَلَاثِينَ وستماية

    وَلما توفّي خَلفه ابْنَيْنِ هما ابو بكر وَمُحَمّد فمحمد لزم العكفة بِمَسْجِد كطر سنينا عدَّة وَكَانَ يلقب شُعَيْب فغلب لقبه على اسْمه وَلما توفّي وَغسل وحنط وَحمل الى الْمقْبرَة فَلَمَّا صَار على اعناق الرِّجَال وهم سائرون بِهِ نَحْو الْمَقَابِر اذن الْمُؤَذّن فرزن على الحمالين رزنا خَارِجا عَن الْحَد بِحَيْثُ لم يستطيعوا اقلال قدم فوضعوا السرير عَن رقابهم حَتَّى فرغ الْمُؤَذّن عَن اذانه فحركوا السرير فوجدوه كَمَا كَانَ حِين حملوه فَرَفَعُوهُ وَسَارُوا حَتَّى اتوا الْمقْبرَة وهم متعجبون فَقَالَ بعض خواصه كَانَ الْفَقِيه مَتى سمع الْمُؤَذّن قَامَ على قَدَمَيْهِ وَجعل يجاوبه حَتَّى اذا فرغ قعد

    وَأما ابو بكر فَغلبَتْ عَلَيْهِ الْعِبَادَة

    وفقيه الْموضع الان مُحَمَّد بن عمر بن حسن بن احْمَد السوادي الْخَولَانِيّ وقف ارضا جَيِّدَة على من يقْرَأ الْعلم ويقريه بالموضع وَتُوفِّي لبضع عشرَة وسبعماية وَله ولدان صَالح وَمُحَمّد فخلفه ابْنه صَالح مولده سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وستماية وتفقه بعلي بن الصريدح وَهُوَ الان مدرس بموضعهم ذِي حمل بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَضم الْمِيم ثمَّ لَام قَرْيَة تَحت حصن الشّرف الْمُقدم ذكره وَله ابْن اخ اسْمه مُحَمَّد بن عمر زامله بِالْقِرَاءَةِ على ابْن الصريدح وَيذكر عَنهُ الْفِقْه وَالصَّلَاح واطعام الطَّعَام وَمن قَرْيَة تعرف بالاصيب مُوسَى بن حسن الشجيبي نسبه الى جد لَهُ اسْمه شجيب بِضَم الشين الْمُعْجَمَة وَفتح الْجِيم وَسُكُون الْيَاء الْمُثَنَّاة من تَحت ثمَّ بَاء موحده وَبهَا جمَاعَة

    من قوم الْفَقِيه واما مُوسَى فانه كَانَ فَقِيها فَاضلا تفقه بمُوسَى بن احْمَد وَهُوَ الَّذِي رأه بعد مَوته وَسَأَلَهُ مَا هُوَ وَعَلِيهِ فَقَالَ مَا قدمنَا ذكره

    وَمن الْجد لَهُ بخفض الْجِيم بعد الف ودال سَاكِنة ثمَّ لَام مَفْتُوحَة ثمَّ هَاء سَاكِنة وَهِي ايضا من اعمال حصن الشّرف وَهِي عزلة بهَا قرى كَثِيرَة كَانَ بعزلة مِنْهَا وَاد يعرف بعنقبة بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون النُّون وَضم الْقَاف وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة ثمَّ هَاء على بن يُوسُف بن عمر العنقبي نِسْبَة الى الْوَادي الْمَذْكُور اولا كَانَ هَذَا عَليّ من اعيان الْفُقَهَاء فَقِيها محققا نظيرا لعَلي بن صَالح الْحُسَيْنِي الَّاتِي ذكره وَرُبمَا يتدم عَلَيْهِ تفقه بتهامة على ابْن عمر وبن عَليّ الَّاتِي ذكره وَمِنْهُم الاخوان التقيان عَليّ وَعمر ابْنا مُحَمَّد ابْن غليس العريقي فغليس بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَفتح اللَّام وَسُكُون الْيَاء الْمُثَنَّاة من تَحت ثمَّ سين مُهْملَة والعريقي بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وخفض الرَّاء وَسُكُون الْيَاء الْمُثَنَّاة من تَحت وخفض الْقَاف ثمَّ يَا نسب الى الْمَشَايِخ اهل الظفر المقارب لمدينة الْجند الَّذِي ذكرت فيهم الشَّيْخ عبد الْوَهَّاب اولا كَانَ هَذَانِ الرّجلَانِ عظيمي الْقدر قل ان يتَّفق اخوان كاتفاقهما لَا سِيمَا على الدّين وَالصَّلَاح وَفعل الْمَعْرُوف كَانَ مسكنهما منزلا يعرف الْيَوْم بالهجر بِفَتْح الْهَاء بعد الف وَلَام ثمَّ جِيم مَفْتُوحَة ايضا ثمَّ رَاء هِيَ على قرب من جبل الْعنين فعلي تفقه واكثر التَّرَدُّد الى مَكَّة وارتحل الى الشَّام وَالْعراق وجاور فِي الْمَسَاجِد الثَّلَاثَة وَكَانَ معاصرا لِابْنِ ابي الصَّيف وَبَينهمَا محبَّة ومواخاة ومكاتبات

    وَمن مُكَاتبَة ابْن أبي الصَّيف لَهُ عرفت انه من اهل زبيد اذ كتب اليه يَقُول انه بَاعَ نَخْلَة وَكَانَت لَدَيْهِ دنيا ابتنى مِنْهَا ثَلَاث مدارس بوصاب وَحسن وَقفه عَلَيْهَا من مَاله وَمَال اخيه واجتلب كتبا كَثِيرَة وَقفهَا رَأَيْت مِنْهَا الشَّامِل كَامِلا مَعَ الْمقري الغيثي وَكَانَ اخوه عمر قَلِيل السّفر عَن الْبَلَد وَيُقَال انه اوتي الِاسْم الاعظم وَلَقَد سَمِعت بِالنَّقْلِ الْمُتَوَاتر انهما اجْتمعَا يَوْمًا فِي ملاء من النَّاس لأمر أوجب الِاجْتِمَاع وَكَانَ الْمجْلس مجْلِس خير

    فتذاكروا فِيهِ الاء الله ونعمه اذ نزلت عَلَيْهِم من السَّمَاء ورقة خضرًا مَكْتُوب عَلَيْهَا بِالنورِ بَرَاءَة من الله وَرَسُوله لعَلي وَعمر ابْني غليس من النَّار وَكَانَا فِي الِاجْتِمَاع روحين بجسد واذا غَابَ عَليّ كتب الى عمر يذكرهُ بِاللَّه ويحثه على الِاجْتِهَاد بِطَاعَتِهِ وَلَقَد رَأَيْته كتب اليه مرّة من بَيت الْمُقَدّس مكَاتبه مِنْهَا وَالله الله بِنَفْسِك لَا تتركها هملا واعدل بَين نِسَائِك واشفق على اولادك وَلَا تكن اعمالك كلهَا الا لما بعد الْمَوْت ارشد الله احوالك كلهَا وَلَا خطأ لَك رايا وَختم لنا وَلَك بِخَير فِي سَلامَة وعافية وَسنة مرضية توفّي على ذَلِك لبضع عشرَة وستماية وَلَهُمَا فِي موضعهما الَّذِي كَانَا يسكنانه وَقفا جيدا على اطعام الطَّعَام هُوَ الان بيد ذُرِّيتهمْ يَفْعَلُونَ بِهِ مَا اسْتَطَاعُوا وَكَانَا من الْمَشْهُورين بالصلاح فِي كثير من انحاء الْيمن

    وبهذه النَّاحِيَة فَقِيه اسْمه مُحَمَّد بن عمر يعرف بذى حموده كَانَ فَاضلا توفّي سنة ارْبَعْ عشرَة وسبعماية وَخلف ابْنَيْنِ تفقهاهما عمر وَصَالح واولد عمر ابْنا تفقه هُوَ وَعَمه صَالح بعلي بن الصريدح وقريتهم على قرب الْحصن يذكرُونَ بالورع والزهد نفع الله بهم وَمن اصحاب الامام ابي حنيفَة من هَذِه النَّاحِيَة اعمال الشّرف الْحصن الْمَعْرُوف فِي بلد الشعيبيين ثمَّ من قَرْيَة تعرف بِذِي حيران بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء الْمُثَنَّاة من تَحت وَفتح الزَّاي ثمَّ الف ثمَّ نون أَبُو الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان كَانَ فَقِيها كَبِيرا يصله الْفُقَهَاء من نواح شَتَّى ويقرؤن عَلَيْهِ مذْهبه وَكَانَ نور الدّين ابْن الرَّسُول ايام ولَايَته بحصن االشرف يَصْحَبهُ وَيقْرَأ عَلَيْهِ مذْهبه وَكَانَ حَنِيفا حَتَّى اخبره الْفَقِيه الفشلي بالرويا الَّتِي اوردتها مَعَ ذكر الْفَقِيه عمر بن مُحَمَّد بن مَضْمُون وتفقه بعلي هَذَا جمَاعَة كَثِيرُونَ مِنْهُم ابْنه وَمِنْهُم مكبر الْمُقدم ذكره وَجَمَاعَة من اهل تهَامَة وَغَيرهَا وَابْنه مُحَمَّد كَانَ فَقِيها فَاضلا تفقه بابيه وَكَانَ وَالِده يقرى مَذْهَب الشَّافِعِي مَعَ

    مَذْهَب ابي حنيفَة وَكَانَ الْمَنْصُور لما صَار اليه الْملك يامر الْوُلَاة باحترام الْفَقِيه وَمن انتسب اليه ويكاتبه يطْلب الدُّعَاء وَقد انْقَضى ذكر الْفُقَهَاء من بلد الشعييين وَهِي اعمال حصن الشّرف وَقد تطلع النَّاس الى معرفتهم فقد تقدم بَيَان نسبتهم إِلَى الشعيب وان مِنْهُم جمَاعَة من الْفُقَهَاء وَفِي بلدهم كَذَلِك واما هم فعرب استولوا على اعمال الْحصن الْمَذْكُور لاشتغال مُلُوك الغز بِمَا هُوَ اهم مِنْهُ اول من استولى مِنْهُم عُثْمَان ابْن عبد الله بن مُحَمَّد بنعلي الشعيبي كَانَ رجلا شجاعا كَرِيمًا مُطَاعًا مطعاما للطعام اكْتسب دنيا كَثِيرَة وترأس بهَا وَحمل قومه على التجبر عَن الدّفع الى السُّلْطَان ثمَّ مَا زَالَ كَذَلِك وَهُوَ يحايل ويخادع وُلَاة الشّرف حَتَّى استوفى امْرَهْ وَأمر قومه مَالا ورجالا ثمَّ أظهر الْخلاف وَمنع الجباة عَن الطَّرِيق إِلَى بَلَده ثمَّ تزايد ذَلِك حَتَّى قهر على الْحصن واخذه بعد معاصرة بَينه وَبَين الْوَالِي عَن غَالب الْبِلَاد وَذَلِكَ طردا لسوء السمعة بِالْخِلَافِ واخذ الْحصن وَمَعَ ذَلِك يجلب قُلُوب النَّاس بِالْعَدْلِ والاحسان ثمَّ تعامل بِكَثْرَة الصَّدَقَة ومحبة الْعلمَاء وَالصَّالِحِينَ وَبِنَاء الْمَسَاجِد من ذَلِك مَسْجِد يعرف بسفله واظن مَسْجِد ظهر لَهُ ايضا وَهُوَ مَسْجِد كَبِير وَكَذَلِكَ الْمَسْجِد الاخر ايضا وَتُوفِّي على طَرِيق مرضِي فخلفه ابْن لَهُ اسْمه احْمَد فسلك طَرِيقه وَكَانَت لَهُ وَالِدَة صَالِحَة وَيذكر عَنْهَا الْخَيْر كثيرا من ذَلِك ان زَوجهَا الشَّيْخ عُثْمَان اعطاها صَدَاقهَا وَقَالَ عَامِلِي بِهِ واشتري شَيْئا تدخريه لَك ولعائلتك وَقت خصَاصَة فَجعلت تشتري الطَّعَام وتعمله خبْزًا وتطعمه الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين وابناء السَّبِيل حَتَّى اتت على جَمِيع الصَدَاق فَسَأَلَهَا زَوجهَا مَا فعلت فَقَالَت تركته ذخيرة فاعجبه ذَلِك ثمَّ توفّي الشَّيْخ عُثْمَان وَخلف ابْنه احْمَد وَكَانَ شَيخا خيرا سلك طَرِيق ابيه حَتَّى توفّي فخلفه ابْن لَهُ اسْمه مظفر وَكَانَ شَيخا حازما عَازِمًا يحب الْعلمَاء وَالصَّالِحِينَ يسير برعية بَلَده سيرة جَيِّدَة حَتَّى توفّي عَائِدًا من الْحَج سنة ثَمَانِي عشرَة وسبعماية وَخلف اولادا جمَاعَة اخيرهم على مَا يذكر الرّعية الَّذِي اسْمه دَاوُد قدمت الْبَلَد سنة عشْرين

    وَهُوَ الْغَالِب يذكر عَنهُ الدّين وَالْخَيْر وَقِرَاءَة الْقُرْآن وَبَلغنِي أَنه بَاقٍ على ذَلِك فَالله يزِيد بخيره وصلاحه وَفِي سنة تسع عشرَة وسبعماية قتل ابْن عَم لَهُ يعرف بالعوام وَكَانَ لَهُ كثير من الْبِلَاد فاستولى على غَالب بَلَده دون حصن يعرف بقشط اجتلب قُلُوب الْعَوام اليه ابْن الاصيب فَاخْرُج دَاوُود عَن بَلَده بحصن الشّرف وَهُوَ بِهِ الى الان سنة ثَلَاثِينَ وسبعماية بالحصن الْمَعْرُوف بالشرف وبلد الشعيبيين وَمن بلد السدا الْمُقدم ذكرهَا جمَاعَة مِنْهُم مُحَمَّد بن يُوسُف بن شُعَيْب تفقه بمُوسَى بن يُوسُف الَّذِي ذكره ابْن سَمُرَة ثمَّ ابْنه احْمَد تفقه بَابي بكر بن يُوسُف اخى مُوسَى وَكَانَ هُوَ ووالده شَيْخي عرب وفقيهين خيرين جامعين فِي رياسة الدّين وَالدُّنْيَا ثمَّ فِي بلد وصاب عزلة تعرف بالحقيبة بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة بعد ألف وَلَام وخفض الْقَاف وَسُكُون الْيَاء الْمُثَنَّاة من تَحت وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة ثمَّ هَاء مِنْهَا أَبُو الْحسن عَليّ بن صَالح الْحُسَيْنِي نِسْبَة إِلَى جد لَهُ اسْمه حُسَيْن وَمن قومه جمَاعَة يعْرفُونَ ببني حُسَيْن عرب لَيْسُوا بقرشيين تفقه بتهامة على عمر التباعي وعَلى عبد الله بن مُحَمَّد الدباني كَانَ فَقِيها محققا نقالا لفروع الْفِقْه وَكَانَ ابْن عجيل يُرَاجِعهُ ويثني عَلَيْهِ وَله اجوبه فقهيه وفتاوى تدل على تجويده للفقه وَكَانَت وَفَاته تَقْرِيبًا سنة ثَلَاث وسبعماية وَخلف ابْنَيْنِ هما مُحَمَّد وَعبد الله فعبد الله حَاكم بلد يعرف بالروحا من الْبَلَد وَهُوَ بَاقٍ الى سنة ثَلَاثِينَ وسبعماية فَقِيه ذُو عبَادَة وَمُحَمّد قَائِم مقَام ابيه يذكر بِالدّينِ وَالصَّلَاح وكرم النَّفس وَهُوَ واخوه يذكران بجودة الْفِقْه وَلَهُمَا ببلدهما ذُرِّيَّة

    وَمن معشار حصن نعْمَان الْفُقَهَاء بَنو فتح وَكَانُوا اربعة وهم مُحَمَّد وَاحْمَدْ

    وطاهر وَحسن بَنو عَليّ بن فتح كَانُوا فضلا مجيدين اعلمهم مُحَمَّد ثمَّ طَاهِر وَبِهِمَا تفقه ابو بكر الجناحي مقدم الذّكر وَكَانَ تفقههم بِالْيمن عَليّ مُحَمَّد بن عِيسَى البريهي بَاب وعَلى مُحَمَّد بن مَضْمُون بالملحمة واليهما كَانَ قَضَاء بلدهما بناحيتهم مِنْهُم فَقِيه اسْمه عُثْمَان بن عَليّ ولي قَضَاء بَلَده مُدَّة وَهُوَ بَاقٍ الى سنة ثَلَاثِينَ وسبعماية وَكَانَ بناحيتهم فَقِيه اسْمه مُوسَى بن عبد الله الْعِرَاقِيّ كَانَ رجلا من اهل الدّين وَالْخَيْر ولديه دنيا ابتنى مِنْهَا مدرسة وَجعل نظرها إِلَى بني فتح وَكَانَت لَهُ ابْنة لَا ولد لَهُ غَيرهَا زَوجهَا ببعضهم واليهم صَار مَاله وَكَانَت وَفَاته فِي الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وستماية

    وَمِنْهُم بَنو مَرْوَان من قَرْيَة الحسه بِالْحَاء الْمُهْملَة ثمَّ سين مُهْملَة ثمَّ هَاء مِنْهُم مُحَمَّد بن حُسَيْن تفقه بمُوسَى بن احْمَد وَهُوَ اُحْدُ شُيُوخ عَليّ بن الْحسن مقدم الذّكر وادرك القَاضِي مَسْعُود واخذ عَنهُ كِتَابه الامثال وَكَانَ لَهُ اخ اسْمه احْمَد تفقه باخيه ثمَّ ارتحل الى جبا واكمل التفقه هُنَاكَ

    وَمن وصاب الاسفل مِمَّا يوالي تهَامَة قَرْيَة تعرف بالذئاب جمع ذيب اسْم كالحيوان الْمَشْهُور خرج من هَذِه الْقرْيَة جمَاعَة من الفضلا سَأَلت عَن نسبهم فَقيل من قوم بوصاب يعْرفُونَ ببني زيد وَقيل من اشاعر الحجف قَرْيَة بحازة وَالله اعْلَم وقريتهم لعرب يعْرفُونَ ببني الرَّمَادِي نِسْبَة الى الرماد الْمَعْرُوف واظن ذَلِك نِسْبَة الى جد لَهُم اسْمه رماد اَوْ قَرْيَة اسْمهَا ذَلِك وَفِيهِمْ خير وَقيام بِالْمَعْرُوفِ فَمن مُتَقَدِّمي هَؤُلَاءِ الْفُقَهَاء أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن عَليّ كَانَ فَقِيها عَارِفًا مَشْهُورا بالصلاح وَالْعلم تفقه بمصنعة سير على حسن بن رشد ثمَّ مُحَمَّد بن عمر بن احْمَد بن عمر كَانَ فَقِيها زاهدا ورعا ذَا صَلَاح تفقه بالمخلافة على عمر السباعي

    لم اتحقق لَهما تَارِيخا انما اخذت ذكرهمَا عَن خَبِير بهما

    وَمِنْهُم عُثْمَان بن حُسَيْن بن عمر كَانَ مائلا فِي طَرِيق التصوف وَعُثْمَان هَذَا فَقِيها فَاضلا بِهِ تفقه ابْن عَمه احْمَد وَغَيره وَكَانَ تفقهه بعلي بن مَسْعُود الحجي الَّاتِي ذكره فِي أهل بَلَده واخذ ايضا عَن تِلْمِيذه عمر بن عَليّ وَكَانَ وَالِده حُسَيْن فَقِيها لَكِن غلبت عَلَيْهِ الْعِبَادَة والتصوف ولعثمان ولد اسْمه يُوسُف هُوَ الان حَاكم بلد بني الرَّمَادِي مَسْكَنه قريتهم الذئاب وَمِنْهُم احْمَد بن الْفَقِيه مُحَمَّد الْمَذْكُور اولا تفقه بِابْن عَمه عُثْمَان وَهُوَ اُحْدُ شُيُوخ الغيثي وَكَانَت وَفَاته سنة سبع وَتِسْعين وستماية واخذ عَن عمر بن مُحَمَّد بن دَاوُد الرَّمَادِي وَله ولد مَوْجُود اسْمه عمر فَقِيه فَاضل يحفظ التَّنْبِيه استظهارا وَيعرف الْمُهَذّب وَغَيره من كتب الْفِقْه لبث مُدَّة بتهامة وامتحن بِقَضَاء موزع والبرقة وَسمعت الذّكر عَنهُ فِي الْقَضَاء جميلا حسنا وَسكن جبلا على قرب من بَلَده يعرف بالقحار بِفَتْح الْقَاف وَتَشْديد الْحَاء الْمُهْملَة ثمَّ الف ثمَّ رَاء وَفِي أول ذَلِك ألف وَلَام ثمَّ هُوَ الان يسكن قَرْيَة الجبيل من بلدهم حريَّة تفقه جمَاعَة مِنْهُم احْمَد اليامي وَغَيره من قَرْيَة الْعقبَة يذكر بجودة الْفِقْه

    وَمِنْهُم عمر بن عَليّ بن الْفَقِيه عُثْمَان بن حُسَيْن مقدم الذّكر كَانَ يسكن موضعا يعرف بالضنجوج بِضَم الضَّاد الْمُعْجَمَة بعد الف وَلَام وَسُكُون النُّون وَضم الْجِيم ثمَّ وَاو سَاكِنة ثمَّ جِيم كَانَ فَقِيها صَالحا ورعا مطعما للطعام تفقه بِابْن عَمه احْمَد بن مُحَمَّد وَكَانَت وَفَاته سنة خمس عشرَة وسبعماية وَخلف ثَلَاثَة بَنِينَ حُسَيْن أكبرهم تفقه بعض تفقه وَتُوفِّي برمضان سنة ارْبَعْ وَعشْرين وسبعماية

    وَاثْنَانِ باقيان ابو بكر وَعُثْمَان اشتغالهما ضَعِيف

    وَمن بني الرَّمَادِي عمر بن مُحَمَّد بن دَاوُد الرَّمَادِي ثمَّ الْمذْحِجِي ارتحل الى عدن وابين فاخذ هُنَالك عَن عدَّة من الْعلمَاء مِنْهُم سَالم صَاحب الرِّبَاط وَغَيره

    وَمن بلد القواتي بِفَتْح الْقَاف وَالْوَاو ثمَّ الف ثمَّ تَاء مثناة من اعلا ثمَّ يَاء نسب لَا ادري مَا اصله وهم قَبيلَة كَبِيرَة مِنْهُم مُحَمَّد بن عِيسَى بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز القواتي نِسْبَة الى الْقَبِيلَة الْمَذْكُورَة ارتحل الى عدن واخذ بهَا عَن رجل قدمهَا يعرف بالشريف العقماني وَعَن الْفَقِيه سَالم واخذ بوصاب عَن مُحَمَّد بن سعيد العراضي وَعَن مُوسَى بن يُوسُف واخذ الْمُهَذّب عَن ابي بكر بن ابراهيم الْحرَازِي عَن الاحنف التهامي مقدم الذّكر وسَمعه على مُحَمَّد بن احْمَد الجماعي مقدم الذّكر ايضا وَتُوفِّي بقريته الشفير الْمُقدم ذكرهَا لبضع عشرَة وسبعماية

    ثمَّ فِي بلد السلاطين الْمَعْرُوفَة بِبَلَد عتمة وَهُوَ اُحْدُ الْحُصُون المعدودة فِي الْيمن ضَبطه بِضَم الْعين وَالتَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَفتح وَسُكُون الْهَاء وَلها اعمال كَثِيرَة وتعرف بِبَلَد السلاطين اذ هِيَ لقوم من خولان اهل رياسة وَمَكَارِم مَشْهُورَة كَانَ بهَا جمَاعَة من الْفُقَهَاء

    مِنْهُم عُثْمَان بن مُحَمَّد عرف بِصَاحِب الحود بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْوَاو ثمَّ دَال مُهْملَة وَكَانَ يشهر بالصلاح وَتُوفِّي على رَأس عشْرين وسبعماية تَقْرِيبًا وَله ولد اسْمه مُحَمَّد بَاقٍ يذكر بِالْخَيرِ

    وَمِنْهُم فقيههم الان ابو عمرَان مُوسَى بن مُحَمَّد الهاملي نِسْبَة الى قَبيلَة بتهامة بَين موزع وحيس يعْرفُونَ بالأهمول قَبيلَة كَبِيرَة رُبمَا يَأْتِي ذكر بلدهم جمَاعَة فِي ثَانِي الْحَال واما هَذَا مُوسَى فَرجل مبارك مسموع القَوْل مَحْبُوب الى اهل بَلَده وَذُو حمية فِي الله يقوم فِي الْوَاصِل اليه قيَاما مرضيا لم اصله بل بَلغنِي ذَلِك على السن جمَاعَة من المترددين اليه وَبَلغنِي ان عمره قد صَار الى ثَمَانِينَ سنة وَذَلِكَ فِي سنة ثَلَاث وَعشْرين وسبعماية ثمَّ بَلغنِي أَنه توفّي بِهَذِهِ السّنة وَله اخ اسْمه ابو بكر بن

    عُثْمَان فَقِيه فَاضل بَاقٍ الى عصرنا سنة ثَلَاثِينَ وسبعماية

    وَمِنْهُم مُوسَى بن الْحُسَيْن الْحِمْيَرِي فَقِيه فَاضل ذُو عبَادَة عالية وورع كَامِل توفّي سنة ثَلَاثَة وَعشْرين وسبعماية

    وَمن جبال الْيمن الْمُعْتَمد عَلَيْهَا الْجَبَل الْمَعْرُوف بريمة الاشابط وَهُوَ جبل مطل على وَادي ذؤال الْمُقدم ذكره خرج فِيهِ جمَاعَة من الْعلمَاء والعباد واضافته الى الاشابط عرب فِيهِ الان ينسبون الى جد لَهُم يُقَال لَهُ الاشبط بشين مُعْجمَة سَاكِنة بعد الف وَلَام ثمَّ فتح الْبَاء الْمُوَحدَة ثمَّ طاء فَمن فُقَهَاء هَذَا الْجَبَل الْمُتَقَدِّمين على عصرنا جمَاعَة مِنْهُم ابو الْحسن عَليّ بن عبد الله بن عبد الرَّحِيم الْكرْدِي تفقه بابراهيم بن عجيل وبعلي بن الْحسن البَجلِيّ وبعلي بن مَسْعُود اللحجي الَّاتِي ذكرهمَا وَكَانَ كَبِير الْقدر شهير الذّكر مَوْصُوف بنظافة الْفِقْه ورصانة الدّين لما كتب لَهُ الْفَقِيه ابراهيم بن عَليّ بن عجيل اجازته قَالَ قَرَأَ عَليّ الْفَقِيه السَّيِّد الافضل الْوَرع الزَّاهِد الاعدل العابد الْمُجْتَهد المتقن اليقظ المحصل ابو الْحسن ثمَّ ذكر نسبه كَمَا تقدم وارخ الاجازة انها كَانَت سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وستماية وانتفع بِهِ جمَاعَة كَثِيرُونَ من الْجَبَل وَغَيره

    وَمِنْهُم عمر بن مُحَمَّد بن احْمَد الْمقري سكن قَرْيَة السُّورَة بِضَم السِّين الْمُهْملَة وَفتح الْوَاو وَالرَّاء ثمَّ هَاء سَاكِنة كَانَ هَذَا عمر فَقِيها صَالحا وَلما صَار الْفَقِيه اسماعيل قَاضِي قُضَاة جعله قَاضِيا لبلده لتحققه لصلاحه وَكَانَ صَاحب كرامات مُتعَدِّدَة وَلما حَضرته الْوَفَاة اسْتخْلف ابْنه فِي الْقَضَاء تبركا باشارة الْفَقِيه اسماعيل إِذْ الْوَلَد بعض الانسان لَان النَّاس يَعْتَقِدُونَ صِحَة ولَايَة الْفَقِيه إِسْمَاعِيل اذ كَانَ كَامِلا بالفقه وَالدّين كَمَا قدمنَا وَمن عَادَة اهل الْبَلَد ان لَا يَلِي القَاضِي فيهم إِلَّا من ارتضوه واجمعوا على صَلَاحه لذَلِك لَا يؤامرون بذلك سُلْطَانا وَلَوْلَا قبُول النَّاس اجْمَعْ لما فعله الامام اسماعيل وارتضائهم بقوله لما امتثلوا حكم وَلَده هَذَا الْفَقِيه وَلَاؤُه واسْمه عبد الله بَاقٍ الى عصرنا يذكر بِالْفَضْلِ

    وَقَول الشّعْر

    وَمِنْهُم مُحَمَّد بن عَليّ يلقب الزَّيْلَعِيّ لَان اباه قدم من الْبَلَد الْمَعْرُوف بزيلع الَّتِي تقدم ذكرهَا وَيذكر عَنهُ انه يَقُول انه شرِيف حسيني تفقه باسماعيل الْحَضْرَمِيّ وبعلي بن صَالح الْحُسَيْنِي مقدمي الذّكر واخذ عَن عمر الشبوي السروي وَغَيره وَيذكر بالفقه وَالصَّلَاح وَمَعْرِفَة الْفِقْه واتقانه والتوفيق لاصابة الْفَتْوَى وَبَلغنِي انه بَاقٍ إِلَى سنة دخولي وصاب وَمَات سنة 725 هـ وَشرح اللمع شرحا مُفِيدا وَتُوفِّي سنة ثَلَاثِينَ وسبعماية

    وَمِنْهُم مُحَمَّد بن عَليّ بن مَنْصُور يعرف بحزب بخفض الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الزَّاي ثمَّ با مُوَحدَة كَانَ هَذَا فَقِيها صوفيا متعبدا صلى الصُّبْح بِوضُوء الْعشَاء ثَلَاثِينَ سنة وَتُوفِّي على الطَّرِيق المرضي صبح الْجُمُعَة منتصف جمادي الاخرة سنة خمس وَخمسين وستماية

    وَمِنْهُم ابو الْحسن عَليّ بن احْمَد بن سُلَيْمَان بن مُحَمَّد الجحيفي ثمَّ التهامي والجحيفي بِضَم الْجِيم وحاء مُهْملَة مَفْتُوحَة ثمَّ يَاء مثناة من تَحت سَاكِنة فا وياء نسب نِسْبَة الى قَرْيَة فِي بلد عنس بِسُكُون النُّون هِيَ قرب من ذمار خرج مِنْهَا جمَاعَة من قوم هَذَا الْفَقِيه وَقدمُوا تهَامَة وَسَكنُوا وَادي سِهَام فولد بِهِ هَذَا الْفَقِيه سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وستماية وتفقه بِابْن الهرمل الَّاتِي ذكره واخذ عَن غَيره ثمَّ صعد هَذَا الْجَبَل فاهله الْمَشَايِخ بَنو دروب واعتلقوا بِهِ فَوقف عِنْدهم وَصَارَ يقْصد من نواح شَتَّى من الْجبَال وتهامة حَتَّى تفقه بِهِ خلق كثير وَيذكر بِحسن التدريس وَالْفَتْوَى والتواضع ومحبة الْوَارِد يقوم بِحَال الطّلبَة قيَاما مرضيا تفوفي لنيف وَعشْرين وسبعماية وَله ثَلَاثَة اولاد افقههم الْأَوْسَط واسْمه احْمَد تفقه بابيه وبابن الصريدح الْمَذْكُور اولا فِي أهل تهَامَة وَيذكر بجودة الْفِقْه وَحسن السِّيرَة كَمَا يذكر ابوه وَمِنْهُم مُحَمَّد بن الهاروني تفقه بِابْن الصريدح والجحيفي ومسكنه على قرب مِنْهُ وَفِي الْمَشَايِخ بني دروب جمَاعَة اشتغلوا بِالْعلمِ وان كَانَ يغلب عَلَيْهِم الْعِبَادَة والزهد والتصوف مِنْهُم ابو بكر بن احْمَد تفقه بعمر بن الْمقري واخذ الحَدِيث من عُثْمَان الذيابي وَكَانَت وَفَاته بِالْحجَّةِ سنة تسع وَسبعين وستماية وَخَلفه ابْنَانِ فقيهان هما مُحَمَّد وَعلي تفقها بالجحيفي توفّي عَليّ بعد أَن أَجَاد قِرَاءَة الْقرَان سنة ارْبَعْ

    وَتِسْعين وستماية وَتُوفِّي اخوه سنة سبع وَتِسْعين وستماية وَبَلغنِي تحفة عَجِيبَة بِنَاحِيَة هَذَا الْجَبَل فَأَحْبَبْت ايرادها بكتابي اذ أَخْبرنِي بهَا الْمقري مُحَمَّد الغيثي مقدم الذّكر انه كَانَ بِهَذَا الْجَبَل رجل يُقَال لَهُ احْمَد الموصمي عمر مائَة سنة واثنتين وَثَمَانِينَ سنة وَكَانَ يسكن على قرب من الْفَقِيه حزب مقدم الذّكر قَالَ الْمقري ثَبت عَنهُ انه قَالَ فَكل مَا مضى لي سِتُّونَ سنة تراجعت وَحدثت لي قُوَّة ثمَّ لَا تزَال تزداد لي قُوَّة حَتَّى ابلغ اربعين سنة ثمَّ ارْجع الضعْف حَتَّى استمكل السِّتين ثمَّ ار السّير والابتداء حَتَّى اصل الاربعين وَقد استكملت الْقُوَّة ثمَّ اراجع الضعْف حَتَّى اسْتكْمل السِّتين وَله قصيدة يذكر فِيهَا احواله لم يرو لي الْمقري مِنْهَا غير بَيت وَاحِد ذكر انه لم يحفظ غَيره ... يَا بن الثَّمَانِينَ من قبلهَا ... مَضَت مائَة ثمَّ عشر العشير ... وانقضى ذكر من تحققته بجبل ريمة

    وبالقرب مِنْهُ الْجَبَل الْمَعْرُوف بحراز واعماله من اوسع الاعمال بِالْيمن وصلحائه وعلماؤه اكثر صلحاء الْبِلَاد اليمنية وعلمائه غير اني لم ادخل هَذَا وَلَا ريمة انما اخذت مَا اوردته عَن نقل الاثبات فقد انْقَضى ذكر اهل ريمة وَفِي حراز جمَاعَة الَّذِي نقل إِلَيّ خبرهم مِنْهُم ابو اسحاق ابراهيم بن سباء المعجلي تفقه بتهامة عَليّ بن مَسْعُود الشاوري الَّاتِي ذكره وَكَانَ يسكن بَيت معجل من اعمال مسار قَرْيَة كَبِيرَة لعرب اخيار يعْرفُونَ بالمعاجلة اهل دين وَسنة وَلَهُم الْحصن الْمَعْرُوف بمسار الَّذِي ظهر مِنْهُ الصليحي

    الَّاتِي ذكره وَضَبطه بِفَتْح الْمِيم وَالسِّين الْمُهْملَة ثمَّ الف ثمَّ رَاء وَلما تفقه الْفَقِيه الْمَذْكُور عَاد بَلَده وانتشر عَنهُ الْفِقْه انتشارا جيدا ثمَّ خَلفه ابْنه احْمَد تفقه بِهِ غَالِبا وَتُوفِّي على رَأس عشر وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا وَله ولدان هما مُحَمَّد وَعبد الرَّحْمَن فقيهان خيران وَلَهُمَا اولاد يعْرفُونَ ويذكرون بالفقه ايضا بيدهم رياسة الدّين ببلدهم

    وَمِنْهُم ابو اسامة زيد بن ابي السُّعُود وَكَانَ رجلا فَاضلا ورسالته الَّتِي كتبهَا الى الشريف يحي بن حمزه حِين كتب الى اهل حراز يَدعُوهُم الى نصرته وَالدُّخُول بمذهبه يدل على فَضله وعلو قدره وفقيههم الان يحي بن مُحَمَّد بن عمر عرف بِابْن الاعور لعور كَانَ بابيه تفقه بتهامة على مُحَمَّد بن عمر مَسْكَنه اسخن قَرْيَة كَبِيرَة من أَعمال مسار أَيْضا

    وَمِنْهُم أَحْمد بن أسعد المعزبي من قوم هُنَالك يعْرفُونَ بالمعازبة ويسكنون جبلا من أَعمال حراز يعرف بهم فَيُقَال جبل المعازبة اذا وصل احدهم من فَقِيه فَاضل سَمِعت بجودته وَهُوَ مَوْجُود الى سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وسبعماية

    وَمِنْهُم أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عبد الله بن بكر بن زاكي فضبط بكر بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْكَاف ثمَّ رَاء وزاكي بِفَتْح الزَّاي ثمَّ ألف وكاف مخفوضة ثمَّ يَاء مثناة من تَحت وَيُقَال لَهُ اليعلوي نِسْبَة الى عرب هُنَاكَ يعْرفُونَ ببني يعلي بِفَتْح الْيَاء الْمُثَنَّاة وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة ثمَّ لَام مَفْتُوحَة ثمَّ يَاء مثناة من تَحت لانه اسْم مَقْصُور كَانَ هَذَا من اعْلَم النَّاس بالقراءات السَّبع وانتفع النَّاس بِهِ وقصدوه من نواحي شَتَّى واخذوا عَنهُ وَله مصنفات عدَّة بالقراءات وَشهر عَنهُ انه كَانَ يقرى الْجِنّ ايضا وَكَانَ رجلا مُبَارَكًا مَسْكَنه قَرْيَة اسخن بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة وَفتح الْخَاء الْمُعْجَمَة ثمَّ نون سَاكِنة وَبهَا توفّي سنة ثَمَان وسبعماية بعد ان جَاوز عمره سبعين سنة

    وَمِنْهُم ابو عبد الله مُحَمَّد بن ابي

    بكر يعرف باليماني يسكن فِي صقع من حراز يعرف بصعفان لعرب هُنَالك يعْرفُونَ ببني جليخ وَكَانَ هَذَا مُحَمَّد فَقِيها يغلب عَلَيْهِ الْعِبَادَة وَصَاحب كرامات الى ان توفّي وَخلف ولدا اسْمه احْمَد يذكر عَنهُ فَوق مَا يذكر عَن ابيه من الصّلاح واطعام الطَّعَام للوارد وَالْمَشْي فِي حوائج النَّاس الى الاماكن المتباعدة وَلَقَد سَمِعت من ذكره مَا يطرب ويعجب بَلغنِي انه توفّي سنة سِتّ وَعشْرين تَقْرِيبًا وَبِهَذَا الصقع رجل اسْمه عبد الرَّحْمَن بن عمرَان فَقِيه مبارك يخطبهم ويؤمهم يذكر بِالْخَيرِ لَيْسَ هُنَالك نَاحيَة يذكر عَن اهلها الْفِقْه وَالْفضل سوى صنعاء وأعمالها ونواحيها مَعَ قلَّة فُقَهَاء السّنة فِيهَا وَلم أصل إِلَيْهَا لَكِن نقلت أَخْبَار فقهائها من الْخَبِير بهَا فَمن متقدميهم مَنْصُور بن جبر بن مصنور بن مَسْعُود بن مُحَمَّد بن عبس بن حزب فجبر بِالْجِيم الْمَفْتُوحَة ثمَّ بَاء مُوَحدَة ثمَّ رَاء وجده حزب بخفض الْحَاء المهلة وَسُكُون الزَّاي ثمَّ بَاء مُوَحدَة كَانَ فِي بدايته زيديا ثمَّ انْتقل إِلَى مَذْهَب الشَّافِعِي وَصَارَ بِهِ عَالما وَاخْتصرَ احياء عُلُوم الدّين وَله كتاب الْفَائِق فِي الْمنطق ذكر انه صنفه سنة سبع وَخمسين وستماية وَله كتاب الرسَالَة المزلزلة لقواعد الْمُعْتَزلَة وَهُوَ من الْكتب النافعة وَكَانَ مَعَ الْعلم ذَا صَلَاح وَعبادَة صَاحب كرامات انْتفع بِهِ جمع كثير كَابْن الْحميدِي وَمُحَمّد بن مَسْعُود الطَّبَرِيّ وَغَيرهمَا وَمِنْهُم احْمَد بن الْبَنَّا اصله من ظفار الاشراف تفقه فِي بدايته بِمذهب الزيدية ثمَّ اتَّسع علمه فَصَارَ مُجْتَهدا لَا يُقَلّد اماما وَلَا غَيره فِي مسالة وَكَانَ كثير الْعُزْلَة عَظِيم الْوَرع توفّي على ذَلِك سنة خمس اَوْ سِتّ وَتِسْعين وستماية وَمِنْهُم السَّيِّد يحي بن مُحَمَّد بن احْمَد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن سراج بن الْحسن السراجي نِسْبَة الى جده سراج الدّين اُحْدُ الاشراف الحسنيين كَانَ هَذَا اماما كَبِيرا فِي مَذْهَب الزيدية وَعَلِيهِ عكفوا مُدَّة حَتَّى قَامَ وَادّعى الْإِمَامَة وَنزل مَعَ قوم من حصن لَهُم يعْرفُونَ

    ببني فاهم واطبق مَعَهم على اجابته خلق كثير من النَّاحِيَة وحسده الاشراف على الترأس عَلَيْهِم وَكَانَت قِرَاءَته الْعلم بتهامة على الامام احْمَد بن عجيل وَكَانَ الشّعبِيّ حِينَئِذٍ بِصَنْعَاء فبذل لبني فاهم مَالا جزيلا حَتَّى قبضوا عَلَيْهِ وسلموه اليه فكحله بعد حَبسه اياما وَورد امْر السُّلْطَان الْملك المظفر بكحلة فَانْزِل الله بالذين باعوه الجذام حَتَّى ان كَانَ الرجل مِنْهُم ليعتزل فِي الْكَهْف من الكهوف لِئَلَّا يجذم اصحابه فَلَا يَدْرُونَ حَتَّى يجذم مِنْهُم اخرون ثمَّ يجيفون اجافة عَظِيمَة بِحَيْثُ لَا يَسْتَطِيع اُحْدُ يقربهُمْ من تغير الرَّائِحَة ونتنها حَتَّى هلك جَمِيع من كَانَ مِنْهُم حَاضرا مِمَّن قد صَار بَالغا وَلم يزَالُوا على حَالَة ضرّ من قتل بَعضهم بَعْضًا فِي كل وَقت الى عصرنا وَكَانَ كحله عَام بضع وَخمسين وستماية فِي الْحجَّة واقام بِصَنْعَاء مَكْحُولًا يُؤْخَذ عَنهُ الْعلم ويأتيه النذور من الْمُسلمين الى ان توفّي فِي شهر صفر الْكَائِن فِي سنة سِتّ وَتِسْعين وستماية وَخلف ابْنَيْنِ هما مُحَمَّد وَأحمد فمحمد كَانَ نحويا مجودا وَأحمد ولي كِتَابَة انشاء الْعَادِل بن الْأَشْرَف وَلَهُم ذُرِّيَّة بِصَنْعَاء على خير وَمِنْهُم مُحَمَّد بن مَسْعُود عرف بالطير تفقه بِابْن جبر وَكَانَ فَقِيها فَاضلا يَنُوب الْقَضَاء والخطباء بِصَنْعَاء وَتُوفِّي بعد شَيْخه مَنْصُور بِمدَّة قريبَة وَلم اتحقق لَهما تَارِيخا

    وَمِنْهُم احْمَد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الحميد المنتابي نِسْبَة الى قوم يعْرفُونَ ببني المنتاب ويشتهر بني الْحميدِي نِسْبَة الى جده عبد الحميد وَهُوَ من قوم يعْرفُونَ ببني الْمحلي زيدية ويشتهر الى عصرنا الْفُقَهَاء بَنو حميد مِنْهُم هَذَا احْمَد كَانَ فِي بدايته اسماعيليا ثمَّ انْتقل الى مَذْهَب الشَّافِعِي وتفقه بِابْن جبر وبعمر بن سعيد القَاضِي فِي الْفِقْه والْحَدِيث واخذ الاصول عَن رجل غَرِيب يعرف بالاربلي والنحو عَن الوشاح واليه انْتَهَت رياسة الْفَتْوَى على مَذْهَب الشَّافِعِي بِصَنْعَاء ونواحيها وَكَانَ وَفَاته فِي شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ وَسَبْعمائة بعد ان صَار الى نَيف

    وَسبعين سنة وفقيه صنعاء فِي عصرنا رجل اسْمه مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن عَليّ السراج فَقِيه مُحَقّق يقرى بِجَامِع صنعاء فِي الْجَانِب الشَّرْقِي يعرف بالابواب الْخَمْسَة يُقَال انه ادرى النَّاس بالحاوي الصَّغِير وَله اخ اسْمه ابو الْقَاسِم يذكر بالورع وَله عِنْد النَّاس بذلك مكانة وَمِنْهُم عبد الْمُؤمن بن عبد الله بن رَاشد الْبَارِقي ثمَّ النهمي

    والبارقي نِسْبَة الى عرب يسكنون نَاحيَة من بلد بني شهَاب يعْرفُونَ ببني بارق نِسْبَة الى عَمْرو بن براقة اُحْدُ رُؤَسَاء الْعَرَب الَّذين قَاتلُوا مَعَ الْحُسَيْن والى ذَلِك اشار بعض قومه بقوله ... عَمْرو بن براقة النهمي يرفعها ... عَن الْحُسَيْن وان انكرته فسل ... وَكَانَ هَذَا عبد الْمُؤمن مِمَّن قد رسخ فِي السمعلة ولبث فِيهَا مُدَّة طَوِيلَة الى ان صَار اليه ابْن خمسين سنة ثمَّ تشكك فِي كَونه على حق ام على بَاطِل فَجعل يزور الْمَسَاجِد الْمَشْهُورَة والترب الْمُبَارَكَة وَيسْأل من الله ان يرِيه الْحق حَقًا وَيَرْزقهُ اتِّبَاعه فمالت نَفسه الى الِانْتِقَال الى مَذْهَب الشَّافِعِي فحين علم الاسماعيليون ذَلِك شقّ عَلَيْهِم وهموا بقتْله فَتقدم الى قَاضِي الْبَلَد وَهُوَ اذ ذَاك عمر بن سعيد واخبره بقضيته وانه يُرِيد الدُّخُول بِمذهب السّنة لكنه يخْشَى من الشِّيعَة فَتقدم بِهِ القَاضِي عمر الى الامير سنجر الشّعبِيّ واخبره بقضيته فَقَالَ من سكب عَلَيْك كوز مَاء سكبت عَلَيْهِ كوز دم فَتَابَ على يَد القَاضِي بحضر الامير واخذ مِنْهُمَا العهود على حمايته ثمَّ لما وثق بذلك مِنْهُمَا خرج من فوره وتظاهر بترك السمعلة وَالدُّخُول فِي السّنة وَجعل يسب الشِّيعَة ومذهبهم وَيذكر قبائح مَذْهَبهم وَحين بَلغهُمْ ذَلِك

    سعوا فِي قَتله اشد سعي لَكِن الدولة بيد الْمُسلمين قاهرة

    فَمن عَجِيب مَا ذكر عَنهُ أَنه رَآهُ بعض اصحابه اهل صنعاء فصافحه واذ بِهِ يجد فِي كَفه الْيُمْنَى مَكْتُوبًا سطرين الاول لَا اله الا الله وَالثَّانِي مُحَمَّد رَسُول الله فَلَزِمَهُ الرجل واتى بِهِ القَاضِي عمر بن سعيد فاراه مَا فِي يَده الْيُمْنَى فَسَأَلَهُ عَن بَيَان ذَلِك واحلفه ليخبره بِصِحَّة ذَلِك فَقَالَ ان لهَذِهِ فِي يَدي سِنِين مَكْتُوبًا فِيهَا هَذَا وَذَلِكَ انني كنت ايام التَّرَدُّد الى الصَّالِحين متشككا فِي أَي مَذْهَب الْحق فرايت لَيْلَة اني خرجت من صنعاء قَاصِدا تربة الْفَقِيه مَنْصُور بن جبر فَلَمَّا وَقعت على قبر الْفَقِيه رايته قد خرج من قَبره من راسه الى سرته وَقد قلت السَّلَام عَلَيْكُم دَار قوم لَا اله الا الله فَقَالَ لي صدقت لَا اله الا الله مُحَمَّد رَسُول الله فَقلت يَا فَقِيه مَنْصُور هَل انا صَادِق فِيمَا قلت قَالَ نعم والعلامة تصبح غَدا بِيَدِك فَلَمَّا اصبحت تاملت كفي فَوجدت فِيهِ مَا ترَوْنَ وَكَانَ ذَلِك اكبر الاسباب لدخولي مَذْهَب السّنة وكتمت ذَلِك سِنِين حَتَّى شَاءَ الله وَظهر ذَلِك على كره منى قَالَ المقرى الغيثي وَكنت اذ ذَاك مُقيما بِصَنْعَاء اقْرَأ النَّحْو ورايت السطرين فِي كف هَذَا الرجل وَكَانَ رجلا مُبَارَكًا زاهدا ورعا لَازِما طَرِيق القناعة غَالب اوقاته فِي مَسْجِد الْجَامِع صنعاء وَكَانَت الاسماعيلية تهم بقتْله والهجم عَلَيْهِ وَالله يكلؤه ويحميه وَكَانَ لَهُ وَلَهُم وقعات نجاه الله مِنْهَا وَكَانَ غَالب وُقُوفه فِي الْجَامِع حَتَّى انه لَازم الِاعْتِكَاف بِهِ اربعين سنة وَكَانَ يَقُول رايت بعد خروجي من مَذْهَب الاسماعيلية فِي الْمَنَام ان رجلَيْنِ جميلي الْخلق اتياني وانا نَائِم فقعدا عِنْد راسي ومعهما شَيْء كالعطب المنفوش فَقَالَ احدهما للاخر اغرزه فَقَالَ اغرزه انت فَجعل وَاحِد مِنْهُمَا ياخذ شياء من ذَلِك العطب ويدسه فِي فننخري حَتَّى افرغاه قَالَ فقصصت مَنَامِي على السَّيِّد السراجي فَقَالَ لي الايمان غزير بباطنك وَكَانَ عبد الْمُؤمن كثير التِّلَاوَة لكتاب الله فِي الْمُصحف وَكَانَ يقْرَأ كتب الحَدِيث وَقَرَأَ بعض كتب الْفِقْه وبداية الْهِدَايَة وَلم يزل على الطَّرِيق المرضي حَتَّى توفّي سلخ صفر من سنة عشْرين وَسَبْعمائة وَخَلفه ابْن اسْمه ابو الْقَاسِم فَقِيه قراء النَّحْو فِي صنعاء

    وَصَارَ يقريه بهَا ايضا مُدَّة سِنِين ثمَّ نزل الْيمن عقيب وَفَاة ابيه فَقدر لَهُ اتِّصَال بكاتب الدرج يَوْمئِذٍ الْمَعْرُوف بِابْن عبد الْمجِيد الَّاتِي ذكره فِي اعيان الدولة فَجعله نَائِبا لَهُ فِي تدريس النَّحْو بالمويدية ثمَّ زهد لَهُ بهَا رَأْسا ثمَّ قَرَأَ الْمُهَذّب على ابْن جِبْرِيل فرأيته معيدا فِي المؤيدية ثمَّ لما صَار الْقَضَاء الاكبر الى الْوَجِيه الظفاري الَّاتِي ذكره جعله صَاحبه وحافظ سره ثمَّ لما قتل وَصَارَ الْملك الى الْمَنْصُور كَمَا سَيَأْتِي استدعى بِابْن الاديب من لحج واعاده الى قَضَاء الْقُضَاة فعزل هَذَا عَن سَببه على طَرِيق الْهوى وَكَرَاهَة المتاخر لاصحاب الْمُتَقَدّم فاستخرج خطا من السُّلْطَان بالترتيب فِي تدريس الْمدرسَة الاتابكية بِذِي هزيم فرتبه ابْن الاديب بذلك على دخن وَبعد ذَلِك عَاد ابْن الاديب الى لحج وَهَذَا الْفَقِيه مُسْتَمر على التدريس فِيهِ خير وَدين وَفِي سنة ارْبَعْ وَعشْرين وَسَبْعمائة حصل الْخلاف وحروبه ثمَّ حصل من شَائِع بِهِ فَأَطْلقهُ فطلع بلد صنعاء فَلبث بهَا حَتَّى آخر سنة سِتّ وَعشْرين وَسَبْعمائة كَاتب السُّلْطَان وَسَأَلَهُ شَيْئا كَمَا كَانَ فَأمره بالوصول الى بَابه فَلَمَّا وصل رتبه بمدرسة ابيه فَهُوَ على تدريسها الى الان سنة سبع وَعشْرين وَسَبْعمائة فَلبث بتعز الى ثَمَانِي وَعشْرين وطلع بَلَده وَفِي صنعاء حاكمها الان مُحَمَّد بن الْحُسَيْن ولي من قبل بني مُحَمَّد بن عمر بعد ابْن مَضْمُون الْمَذْكُور فِي اهل الملحمة وعزله القَاضِي جمال الدّين مُحَمَّد بن ابي بكر وَجعل مَكَانَهُ سُلَيْمَان اشهرا فرتبه ثمَّ عَزله بِيُوسُف بن مَضْمُون الْمَذْكُور اولا فِي أهل الشوافي فَلَمَّا ولى ابْن الاديب اعاد هَذَا مُحَمَّد فَهُوَ على ذَلِك الى عصرنا سنة ارْبَعْ وَعشْرين وسبعماية وَهُوَ حَاكم اصلاح

    وَمن نواحي صنعاء جمَاعَة لكِنهمْ زيدية مِنْهُم عَليّ بن عبد الله الشريف

    كَانَ فَقِيها فروعيا تفقه بسالم الْمُنْذِرِيّ مَسْكَنه ظَاهر صنعاء وَكَانَ سَالم كريم الصَّدْر يتعصب لمذهبه

    وَمِنْهُم حميد بن احْمَد كَانَ فَقِيها فَاضلا قتل بِحَرب الامام احْمَد بن الْحُسَيْن وَفِي صَبِيحَة ذَلِك الْيَوْم راي الامام قَائِلا يَقُول يقتل الْيَوْم نَظِير الْحسن بن عَليّ أَو عَليّ بن الْحُسَيْن فَكَانَ معاصرا لاحمد بن الْحُسَيْن ثمَّ احْمَد بن حميد ثمَّ مُحَمَّد بن ابي الرِّجَال وَاصل ابْن ابي الرِّجَال من بني شهَاب ذكر ان هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة يتعصبون لكل وَاحِد مِنْهُم

    وقرية تعرف بحوث بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْوَاو ثمَّ ثاء مُثَلّثَة وَهِي مدرسة الزيدية تخرج مِنْهَا جمَاعَة من عُلَمَائهمْ لم أكد اتحققهم وفيهَا الْآن فَقِيه اسْمه يحيى بن حَمْزَة بن عَليّ شرِيف حسيني قدم جده عَليّ من الْعرَاق ايام السَّيِّد السراجي وقيامه بالامامة وَقدم مَعَه وَلَده حَمْزَة فانتسب بِهِ وَعرف صِحَة نسبه فازوج وَلَده حَمْزَة بابنته فاولدت لَهُ السَّيِّد يحي وَله اخ اسْمه حُسَيْن متدين متفقه وتفقها بَاهل الْبِلَاد فيذكر بسعة الْعلم وَالدّين وَلَيْسَ بالناحية اجْمَعْ من يشار اليه بِكَمَال الْعلم ورسوخ الدّين غير السَّيِّد يحي وَلَوْلَا حسد الاشراف لَهُ لاستقام اماما فان الاجماع مُنْعَقد على صَلَاحه لذَلِك واستحقاقه لَهُ وَمِنْهُم مُحَمَّد بن خَليفَة كَانَ فَقِيها كَبِيرا متورعا مَا قَرَأَ عَلَيْهِ اُحْدُ الا انْتفع وَرُبمَا بلغ دَرَجَة الِاجْتِهَاد أَو قَرِيبا مِنْهَا يلبس الثِّيَاب الفاخرة وَيَقُول قصدي تَعْظِيم الْعلم وَله ولد عَالم اسْمه

    عبد الله متورع زاهد رد على ابْن جبر وافتى بِجَوَاز حل قِتَاله وَمِنْهُم احْمَد بن حميد وَعلي بن الْحُسَيْن معاصر لِابْنِ خَليفَة وَمُحَمّد ابْن احْمَد بن الْحُسَيْن الرصاص فالحسين شيخ الامام الْمَنْصُور وَابْن ابْنه احْمَد هُوَ الَّذِي قَامَ بدعوة الامام الْمهْدي احْمَد بن الْحُسَيْن وَهُوَ أول من خَلفه واما مُحَمَّد بن احْمَد وَمن قبله من الْفُقَهَاء فتفقهوا ورأسوا ودرسوا وبهم تفقه السَّيِّد يحي وَبِمُحَمَّدٍ الاخير تفقه الشريف ادريس وَحج مَعَه مَكَّة وَكَانَ يذكر باجادة الْفِقْه ولمحمد ولد اسْمه احْمَد بَاقٍ بحوث صَاحب علم وَدين وتدبير بِحَيْثُ أَن أهل حوث يعولون فِي غَالب امورهم عَلَيْهِ وَكَانَ احْمَد بن الْحُسَيْن ازرق الْعَينَيْنِ فَدخل بعض الْعلمَاء حوث وَاجْتمعَ بِهِ فَقَالَ رَأَيْت شَيْئَيْنِ فِي الْيمن عجيبين احدهما ازرق الْعَينَيْنِ بِمَسْجِد سَلمَة بحوث يصطلي بناره وَمِنْهُم بَنو حَنش أَوَّلهمْ أَحْمد بن حَنش وَولده يحي بن أَحْمد وَولده مُحَمَّد بن يحي كلهم ذُو علم كَامِل لَا سِيمَا باصول الدّين وَاحْمَدْ من جملَة من أفتى بقتل أَحْمد بن الْحُسَيْن وَقَالَ بِبُطْلَان إِمَامَته من اثْنَي عشر وَجها وَتَابَ بعد قَتله فروى ان سَبَب تَوْبَته انه اشْترى حطبا من جَارِيَة فَلَمَّا اوفاها ثمنه سَأَلَهَا ان تحله فَقَالَت لَا احللت حَتَّى تستحل بِدَم احْمَد بن الْحُسَيْن فَوَقع فِي قلبه وَأظْهر العويل والأسف وَالتَّوْبَة بِحَيْثُ لَا يعلم أَن أحدا من الْفُقَهَاء تَابَ كتوبته وان كَانَت رويت التَّوْبَة عَن الْفُقَهَاء كَأَنَّهَا كَانُوا بهَا بوا وَخَلفه ابْنه مُحَمَّد توفّي سنة تسع عشرَة وَسَبْعمائة كَانَ عَالما تقيا يَقُول من رَآهُ مَا اقْربْ سيرته من سيرة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَله تصانيف مِنْهَا القاطعة فِي الرَّد على الباطنية جزؤين من احسن مَا وضع فِي ذَلِك وَله الان ولد اسْمه يحي فَاضل بالاصول والمنطق بَاقٍ الى الْآن وَله اخ اسْمه احْمَد بن يحي بن حسن بَاقٍ الى عصرنا عَالم ورع من كبار الزيدية وَمن الْآمِر بهَا وهم بَيت رياسة وَمَكَارِم متأثلة يقصدهم الْفُضَلَاء وينتفعون ببرهم يشهرون ببني حرَام وَرُبمَا يَأْتِي من ذكرهم مَا يَلِيق فِي أَعْيَان

    الدولة فيهم الْآن رجل اسْمه مُوسَى بن عِيسَى وَولده وَاحْمَدْ بن حسن وَابْن اخيه عَامر بن دريب هَؤُلَاءِ فضلائهم خَاصَّة فِي علم الادب قل ان يُوجد لَهُم نَظِير وَلم يبلغنِي بعد هَذِه الْقرْيَة وَهَذَا الرجل مَوضِع فِيهِ اُحْدُ يسْتَحق الذّكر وان كَانَ النواحي بِصَنْعَاء فُقَهَاء زيديه لم اتحقق مِنْهُم اُحْدُ ولائمتهم فَيذكرُونَ مَعَ الْمُلُوك كَمَا هُوَ لَائِق

    وَحِينَئِذٍ انْزِلْ الى بلد تهَامَة فأبدا بالجهة الْقبلية كحرض ونواحيها ثمَّ أَعُود مقهقرا حَتَّى انتهي إِلَى ظفار الحبوضي فأبدا بِمَدِينَة حلي وَهِي بلد على السَّاحِل لعرب يُقَال لَهُم كنَانَة مَذْهَبهم التزيد وغالبهم أُمِّيُّونَ واهل الْفِقْه بهَا قوم يعْرفُونَ ببني الْوَكِيل يذكرُونَ بِفعل الْمَعْرُوف مَعَ الْحَاج وَغَيره مِنْهُم احْمَد بن عَليّ بن حسن بن عَطِيَّة عرف بِابْن الْوَكِيل تفقه بعلي بن ابراهيم البَجلِيّ الَّاتِي ذكره وَبَلغنِي انه مَوْجُود سنة احدى وَعشْرين وسبعماية ثمَّ اعود الى نَاحيَة حرض فابدا بِالْمَدِينَةِ واخرج الى ناحيتها فاما اهل الْمَدِينَة فحكامها من ذُرِّيَّة الْفَقِيه على بن الامام زيد بن الْحسن الفائشي مِنْهُم متقدمون ومتأخرون جمَاعَة وَمِنْهُم أَبُو الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد بن الْفَقِيه عَليّ بن الامام زيد ابْن الْحسن الْمُقدم الذّكر كَانَ فَقِيها فَاضلا صَالحا تفقه بعمر بن ابراهيم الْحداد المعقلي اُحْدُ اصحاب ابراهيم بن مُحَمَّد بن زَكَرِيَّا ولي قَضَاء حرض ثمَّ انْفَصل عَنهُ وامتحن بالصمم وَقَومه جمَاعَة يذكرُونَ بالفقه يذكر بَينهم تحاسد وهم يتوارثون قَضَاء حرض مُنْذُ زمن طَوِيل وَالْحَاكِم الان عبد الله بن ابي بكر وَفِيهِمْ الان عبد الله بن حسن يذكر بالفقه وَالصَّلَاح وَمِنْهُم منقذ بن مُحَمَّد بن عَليّ الفائشي كَانَ فَقِيها كَبِيرا انْتَهَت اليه الْفَتْوَى وَتُوفِّي اخر الدولة المؤيدية وَفِي حرض فُقَهَاء يعْرفُونَ ببني عَامر اهل صَلَاح وَعبادَة يشهرون بالفقهاء وَعند بُيُوتهم مَسْجِد يَجْتَمعُونَ فِيهِ

    للصلوات الْخمس ومدارسة الْعلم وَبعد الصَّلَاة أَي صَلَاة الصُّبْح يقرؤون ختمة وَكَذَلِكَ بعد صَلَاة الْعَصْر يختمون الْقُرْآن من متقدميهم أَبُو الْحسن عَليّ بن عبد الله تفقه بِابْن الهرملي الَّاتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى

    وَمِنْهُم مُحَمَّد بن عَليّ عرف بِابْن الأطرق كَانَ رجلا صَالحا مُبَارَكًا مَشْهُورا بالصلاح والزهد توفّي عَلَيْهِمَا اخر الدولة المؤيدية وَفِيهِمْ الان فَقِيه يعرف بِمُحَمد ابْن عَليّ يلقب بالطويل بَلغنِي انه ذُو فضل وَدين يدرس ويفتي مجيد بَلغنِي وجوده بشوال سنة ثَمَانِي وَعشْرين وَسَبْعمائة

    وَمِنْهُم عبد الله بن حسن واخوه يحي واخوهما اسماعيل فُقَهَاء فضلا يفتون ويقرؤون فَتوفي يحي فِي سنة الْخلاف تَقْرِيبًا ولعَبْد الله ولد اسْمه مُحَمَّد يذكر بِالْخَيرِ

    وَمن نَوَاحِيهَا الْخَارِجَة قَرْيَة تعرف بالمصبري بِفَتْح الْمِيم بعد الف وَلَام وَسُكُون الصَّاد الْمُهْملَة وخفض الْبَاء الْمُوَحدَة ثمَّ رَاء ثمَّ الف خرج مِنْهَا جمَاعَة نسبهم فِي الْحُكَمَاء مِنْهُم أَحْمد بن ابراهيم الْمصْرِيّ سكن بَيت ابْن ابي الْخلّ من نواحي المهجم واخذ عَنهُ جمَاعَة كاحمد الْمدرس فيهم وَغَيره وانتفعوا بِهِ وَكَانَ يحفظ وسيط الْغَزالِيّ وَله فَتَاوَى مَشْهُورَة متداولة يدل على صفا ذهنه وجودة فقهه كَانَ تفقه بالامام إِبْرَاهِيم بن زَكَرِيَّا الشوبرى مقدم الذّكر وادركه الْفَقِيه اسماعيل ابْن الْحَضْرَمِيّ فِي أول طلبه فاعجب بِهِ وَقَالَ يكون اسماعيل فَقِيها ان اشْتغل فانه حاذق فَلَمَّا قيل للفقيه اسماعيل بذلك اعجبه واجتهد فِي الطّلب وَالْقِرَاءَة وَكَانَ المصبري هَذَا زاهدا ورعا منقالا مُجْتَهدا فِي اتقان الدّين بِحَيْثُ انه مَا دخل عَلَيْهِ وَقت صَلَاة الا وَقد صَار فِي الْمَسْجِد متطهرا وَتُوفِّي على ذَلِك مَعَ بني ابي الْخلّ وقبر فِي مقبرتهم الَّتِي يقبرون بهَا وَمِنْهُم احْمَد بن مُحَمَّد الدباعي بِضَم الدَّال الْمُهْملَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة ثمَّ الف ثمَّ عين مُهْملَة ثمَّ يَا مثناة من تَحت يذكر

    بمكارم الاخلاق وعلو الهمة واطعام الطَّعَام

    وَمِنْهُم لم اتحقق اسْمه مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن ابراهيم وَيعرف بالخرف بل لقبه بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وخفض الرَّاء ثمَّ فَاء سَاكِنة كَانَ فَقِيها عَالما توفّي تَقْرِيبًا سنة سبع عشرَة وسبعماية

    وَمِنْهُم مُحَمَّد بن عَليّ بن ايوب فَقِيه فَاضل بَلغنِي وجوده سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وسبعماية وَمن وَادي وساع بِفَتْح الْوَاو وَالسّنَن الْمُهْملَة ثمَّ الف وَعين مُهْملَة احْمَد بن عَليّ بن هِلَال الْحكمِي تفقه بعمر بن عَليّ الْآتِي ذكره وَكَانَ فَقِيها مُسَددًا موفقا للْفَتْوَى وزميلا لعَلي بن ابراهيم البَجلِيّ ولمحمد بن عمر وَمن وَادي خلب بِضَم االخاء الْمُعْجَمَة وَفتح اللَّام وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة مُحَمَّد بن عَليّ بن مرير بِضَم الْمِيم وَفتح الرَّاء وَسُكُون الْيَاء الثمناة من تَحت ثمَّ رَاء أُخْرَى يُقَال لَهُ الراحلي مَشْهُور بِالْفَضْلِ فِي الْفِقْه واتقان الادب وصاهر الامراء بني سُفْيَان وهم من اكابر بيُوت الشّرف فِي المخلاف السُّلَيْمَانِي

    وَمن جِهَة صَبيا بِفَتْح الصَّاد الْمُهْملَة وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة ثمَّ فتح الْيَاء الْمُثَنَّاة ثمَّ الف حاكمها ابو اسحاق ابراهيم بن عبد الله الريان بِفَتْح الرَّاء بعد الف وَلَام ثمَّ يَا الْمُثَنَّاة من تَحت مُشَدّدَة ثمَّ الف ثمَّ نون وَهُوَ واهله فُقَهَاء شافعية بل ان ابراهيم هَذَا انْتقل الى مَذْهَب الزيدية وَصَحب السَّيِّد مُحَمَّد بن خَالِد الشريف اُحْدُ كرام شرفا الْوَقْت وَيذكر عَن هَذَا الْفَقِيه شرف نفس وعلو همه وبقريته الَّتِي سكنها الاديب مَنْصُور بن عِيسَى بن سحبان اكبر شعراء الْوَقْت

    وفضلائهم توفّي مقتولا فِي شهر الْقعدَة من سنة خمس وَعشْرين وسبعماية

    وَمِنْهُم ابو الْحسن عَليّ بن شَافِع تفقه بالامام احْمَد بن مُوسَى بن عجيل وَله ثَلَاثَة اولاد مُحَمَّد وَاحْمَدْ ووبراهيم فمحمد وَاحْمَدْ تفقها بابيهما واخذ احْمَد ايضا واخوه ابراهيم عَن عَليّ بن الصريدح وَمُحَمّد غلبت عَلَيْهِ الْعِبَادَة يحجّ فِي كل سنة مَاشِيا ومسكنهم قَرْيَة القاع أبي الْخشب وتعرف بقرية الجرابية فالخشب بخاء مُعْجمَة مَفْتُوحَة ثمَّ فتح الشين الْمُعْجَمَة ثمَّ سُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة والجرابية بِفَتْح الْجِيم وَالرَّاء ثمَّ الف ثمَّ بَاء مُوَحدَة مخفوضة وَفتح الْيَاء الْمُثَنَّاة من تَحت ثمَّ هَاء يذكر عَن جَمِيع هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورين ووالدهم مرؤة وإنسانية مَعَ اجادة الدّين وَالْفِقْه

    وَمِنْهُم ادريس بن الْمفضل تفقه بعلي بن ابراهيم البَجلِيّ وَيذكر بالفقه وكرم الطَّبْع وَكَانَ يسكن بشامي النجمية ثمَّ سكنها الان وَمن نواحي جازان بِفَتْح الْجِيم ثمَّ الف ثمَّ زَاي مَفْتُوحَة ثمَّ الف ثمَّ نون تعرف بَابي عَرِيش يذكر أَن فِيهَا فُقَهَاء جمَاعَة اخيار لم اكد اتحقق مِنْهَا احدا اذ لم اتلقف اخبار هَذِه النَّاحِيَة الا من افواه الْمُسَافِرين وَمن جبل اللجب اُحْدُ جبال حرض يُقَال لَهُ عبل بِضَم الْعين وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة ثمَّ لَام كَانَ بِهِ فَقِيه اسْمه ابو بكر الحجوري من قَبيلَة هُنَالك يُقَال لَهُم حجور بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَضم الْجِيم ثمَّ وَاو ثمَّ را وَلم اعرف من نَعته شيا

    وَمن الْبِلَاد المصاقبة لحرض مَدِينَة المحالب اُحْدُ الْبِلَاد المعدودة فِي الامصار وَهِي قَليلَة الْفُقَهَاء حاكمها فَقِيه اسْمه حسان ولي قضاءها من قبل القَاضِي مُحَمَّد بن ابي بكر وَفِي نَوَاحِيهَا قرى كَثِيرَة يسكنهَا الْفُقَهَاء قَرْيَة الناشرية فِيهَا فُقَهَاء جمَاعَة مِنْهُم عمر بن ابي بكر بن مُحَمَّد بن سَلامَة النَّاشِرِيّ تفقه بعلي ابْن مسعودالاتي ذكره وَرَأَيْت تَارِيخ سَمَاعه لقِرَاءَة الْمُهَذّب عَلَيْهِ وانه كَانَ لمُدَّة اخرها ربيع من سنة ثَلَاث عشرَة وستماية

    وَمِنْهُم اخوه احْمَد بن ابي بكر تفقه بَابي بكر بن يحي الجبائي لم اكد اتحقق مِنْهُم غير هذَيْن ثمَّ حكام القحمة الَّاتِي ذكرهم انشاء الله تَعَالَى

    وَمِنْهَا بَيت الاحنف مِنْهَا مُحَمَّد بن احْمَد وَابْنه عَليّ نسبهما فِي الصمين فمحمد توفّي وَابْنه عَليّ بَلغنِي وجوده الى سنة تسع عشرَة وسبعماية وَورد اليها ابو الْقَاسِم العواجي نِسْبَة الى قَرْيَة العواجة الْآتِي ذكرهَا تفقه بالفقيهين الْمَذْكُورين اَوْ باحدهما وَيذكر بِالْفَضْلِ الْجيد وَمِنْهَا وَاسِط مِنْهَا احْمَد نبن هِلَال تفقه بالامام احْمَد بن عجيل وَكَانَ مَشْهُورا عِنْد اهل بَلَده بالذكاء وَمَعْرِفَة الْوَسِيط وَمِنْهُم عَليّ بن مَنْصُور عرف بِابْن سجرة وَكَانَ فَقِيها نحويا شهر بِمَعْرِِفَة الفنين توفّي لبضع عشرَة وسبعماية

    وَمِنْهُم مُحَمَّد بن عبد الله الْمَكِّيّ تفقه بِابْن عجيل الْمَذْكُور انفا وَمِنْهُم مُحَمَّد بن قنيف بِضَم الْقَاف وَفتح النُّون وَسُكُون الْيَاء الْمُثَنَّاة من تَحت وخفض الْقَاف الثَّانِيَة درس بِبَيْت حُسَيْن فِي مدرسة عَبَّاس وَكَانَ فَاضلا بِعلم الادب

    وَمِنْهُم ابراهيم بن عمر بن فاتك اصله من بَيت عطا الْموضع الَّذِي كَانَ الشَّيْخ ابو الْغَيْث مقدم الذّكر سكنه وَبِه توفّي وَمن نواحي المهجم وَهُوَ الان يدرس بمدرسة وَاسِط وَهُوَ جَامع احدثه المظفر وَلما صَار الى ابْن الاديب الْقَضَاء

    الاكبر عَزله للهوى بابراهيم العسقلي ثمَّ لامه على ذَلِك غَالب الْفُقَهَاء فاعاده وَمن النواحي الْبَيْت الْمَشْهُور بالفقه وَالْعِبَادَة وهم الْقَوْم الَّذين يعْرفُونَ ببني سود فيهم جمَاعَة يذكرُونَ بِالْعلمِ والورع غير انهم شهروا بخلطة ائمة الزيدية حَتَّى اتهموا بِالدُّخُولِ فِي مَذْهَبهم وَرُبمَا قطع بذلك بشر كثير فَمن متقدميهم فَقِيه اسْمه حسن ابْن مُحَمَّد كَانَ فَاضلا بفن الادب وَله قريحة يَقُول الشّعْر وغالب شعره فِي مدح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَله معشرة فِي مدح الامام الزيدي احْمَد بن الْحُسَيْن مِنْهَا قَوْله فِي قافية الالف شعر

    . .. الا عَليّ طرا من أَسمَاء ... اسلوا وَمَا كنت مُحْتَاجا لابلاء

    اسماء تعلم اني غير معتوض ... بهَا واني لسواها غير هَوَاء

    اهوى لقاها وان قَالُوا بِهِ تلف ... فالموت من عَيْش وَمَاء

    ابكي وتضحك من تيه وَمن ملق ... شتان مَا بَين ضحاك وبكاء ... وَذكر ان الامام لم يَعش بعد هَذِه المعشرة غير يسير وَمِنْهُم حُسَيْن بن ابي بكر بن حُسَيْن شهر بالفقه وَالصَّلَاح وشهرت لَهُ كرامات وَكَانَ مُعظما عِنْد النَّاس تفقه بعض التفقه على سُلَيْمَان بن الزبير الَّاتِي ذكره ثمَّ غلبت عَلَيْهِ الْعِبَادَة والورع وسلوك طَرِيق الْفُقَهَاء بالناحية لَكِن بلغ مُلُوك الغز أَنه مُتَّصِل بالمطهر امام الزيدية فِي عصره فكرهوه وهموا بامساكه وَكَانَ لَا يسْتَقرّ بِموضع ينالونه وقبضوا بعض اهله لذَلِك وسجنوا بزبيد حَتَّى مَاتَ بَعضهم فِي الاسر وَقَامَ باظهار ذَلِك مِنْهُ الْفَقِيه احْمَد وَإِمَّا هَذَا حُسَيْن فَكَانَ مَشْهُورا بالزهد والورع وَكَانَ يُنكر على الْفُقَرَاء السماع والرقص وَلذَلِك اجْمَعْ الْفُقَهَاء والفقراء عَلَيْهِ وَلم يزل حذرا

    من الغز حَتَّى توفّي لنيف وسبعماية وَله ولد صَغِير اسْمه مُحَمَّد وَالْكَبِير كثير التِّلَاوَة لكتاب الله تَعَالَى ويذكران بالزهد وَالْعِبَادَة

    وَمِنْهُم ابْن عَمه عبد الله بن حُسَيْن كَانَ فَقِيها فَاضلا صَالحا توفّي وَابْن عَمه عبد الله بن حسن توفّي

    وَمِنْهُم ابو مُحَمَّد السودي فَقِيه خير ذُو عبَادَة وزهادة وورع سكن موضعا من اعمال المهجم يعرف بالقناوص بِفَتْح الْقَاف بعد الف وَلَام وَفتح النُّون ثمَّ الف ثمَّ وَاو مخفوضة وَسُكُون الصَّاد الْمُهْملَة وامتحن بِمَا امتحن بِهِ ابْن عَمه الْفَقِيه حُسَيْن ووشى بِهِ الى الْمُؤَيد بِحَيْثُ قيل انه يَدْعُو اهل تهَامَة الى الدُّخُول بِمذهب الزيدية وتكرر ذَلِك وَحصل بِهِ اجماع من أَقوام يظنّ بهم الْخَيْر فارسل الْمُؤَيد الى وَالِي المهجم بَان يلْزمه ويصدره الى زبيد وَهُوَ اذ ذَاك بهَا سنة ثَلَاث عشرَة وسبعماية وادخل السجْن اياما ثمَّ خرج بِشَرْط ان لَا يخرج من زبيد الا بنصح السُّلْطَان فَنزل بَيت الْفَقِيه مُحَمَّد بن أَحْمد العجمي الْخَطِيب بزبيد فِي عصرنا مقدم الذّكر وَلما محنت بالحسبة فِي زبيد سنة خمس عشرَة وسبعماية اجْتمعت بِهِ غير مرّة فرايته رجلا مُبَارَكًا حسن الالفة عالي الهمة صبورا على اطعام الطَّعَام مَعَ الغربة والاسر وَمَعَ ذَلِك ايضا يقْرَأ كتب الحَدِيث هُوَ واخوه يُوسُف على الْفَقِيه احْمَد بن ابي الْخَيْر وَلم يزل مُقيما على الطَّرِيق المرضي حَتَّى كَانَ سنة ثَمَانِي عشرَة وسبعماية اذن لَهُ المويد بِالْعودِ الى بَلَده واهله بعد ان استحضره الى مقَامه وَسَأَلَهُ عَن حَاجَة يَقْضِيهَا فاقترح عَلَيْهِ ان يَجْعَل الْفَقِيه مُحَمَّد بن جَامع نزيله خطيب زبيد فاجابه الى ذَلِك وَهُوَ عَلَيْهِ الى الان سنة ثَلَاث وَعشْرين وسبعماية وَقد ذكرته فِي اهل زبيد وَلم يُسَافر الْفَقِيه حَتَّى قد اكمل قِرَاءَة كتب الحَدِيث على الْفَقِيه احْمَد بن ابي الْخَيْر وَكَانَ مَعَه اخ لَهُ اسْمه يُوسُف كَانَ يزامله فِي الْقِرَاءَة وَتزَوج بابنة الشَّيْخ احْمَد بن جَامع وَحدث لَهُ مِنْهَا اولاد وسافرت مَعَهم بلدهم والفقيه الان يسكن القناوص يذكر عَنهُ فعل الْخَيْر وسلوك الطَّرِيق المرضية على الْعِبَادَة الْمَذْكُورَة من الصّيام وَالْقِيَام والاطعام واخوه يُوسُف يسكن

    الْجَبَل حذرا وَهُوَ فَقِيه ذَاكر للفقه فِيهِ مرؤة واحسان كَمَا فِي اخيه نفع الله بهما ثمَّ ان الَّذين تعصبوا وكادوا الْفَقِيه عبد الله هَذَا حَتَّى تمّ عَلَيْهِ مَا تمّ مَا مِنْهُم الا من امتحن بمحن كَثِيرَة حَتَّى غلب على ظن النَّاس ان ذَلِك نصفه من الله للفقيه

    وَمِنْهُم يَعْقُوب بن الْكُمَيْت كَانَ ذَا عبَادَة وزهادة وَكَانَ مَتى مر بَيَان ظَالِم أَو رَآهُ غطى على وَجهه وَوجه دَابَّته حُكيَ أَن الْفَقِيه زَارَهُ فِي مرض مَوته من قَرْيَة الضحي فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ قَالَ يَا إِسْمَاعِيل كنت بالشوق الى لقائك اني رايت رب الْعِزَّة جلا وَعلا فَقَالَ يَا ابْن الْكُمَيْت انا جعلنَا احْمَد بن مُوسَى خَليفَة فِي الارض وعني بِهِ احْمَد بن عجيل وَلما توفّي حضر قبرانه الامام اسماعيل ابْن الْحَضْرَمِيّ وانزله فِي لحده فَلَمَّا وَضعه رفع الْكَفَن وَصَاح بِابْنِهِ هافلان هافلان كن مثل ابيك فَهَذَا كَفنه وَقد سَار الى جنان الْجَبَّار فَعَلَيْك بطرِيق من خلف وَرَأَيْت لَهُ ابْنا اسْمه مُحَمَّد يذكر عَنهُ امورا تنَافِي الشَّرْع والحقيقة بِحَيْثُ اجرح سبهما عَن مَوَاضِع كَثِيرَة وَاجْتمعت بِهِ فِي موزع فَرَأَيْت مِنْهُ مَا يدل على صِحَة ذَلِك

    وَمن الْجِهَة احْمَد بن عمر الزَّيْلَعِيّ الجبرتي وَشهر بِصَاحِب الْمَحْمُول نِسْبَة الى مَسْجِد على سَاحل المحالب وَكَانَ فَقِيها كَبِير الْقدر شهير الذّكر مَعْرُوف بِالْعلمِ وَالْعَمَل صَاحب كرامات ومكاشفات اخبرني الْفَقِيه ابو بكر بن احْمَد بن عبد الله ابْن مُحَمَّد الخلي قدم علينا الْجند قَالَ قدمت عَلَيْهِ زَائِرًا فَبينا انا عِنْده اذ قدم عَلَيْهِ جمَاعَة يزورونه وَمَعَهُمْ دَرَاهِم فَدَخَلُوا بهَا فتحاله فوضعوا بَين يَدَيْهِ فَجعل يقلبها بسواك فِي يَده درهما درهما واخرج مِنْهَا ثَلَاثَة دَرَاهِم ردهَا على شخص وَسِتَّة عشر درهما على اخر ثمَّ امْر الْخَادِم بِقَبض الْبَاقِي فدخلني من ذَلِك عجب كثير ثمَّ خلوت ببعضهم فَسَأَلته عَن سَبَب رد الْفَقِيه للدارهم الَّتِي ردهَا فَقَالَ ان الَّذِي جِئْت بِالثَّلَاثَةِ الدَّرَاهِم وَلَيْسَت مني بل اعطيتها عَجُوز تَحت يَدهَا ايتام وَلم يمْنَعهَا عَن

    الْوُصُول الاخشية ان يعرفهَا الْفَقِيه فيعيدها عَلَيْهَا قد جَعلتهَا بَين دراهمي فانتقاها الْفَقِيه واخرجها باعيانها كانه قد عرفهَا واما السِّتَّة عشر درهما فَسئلَ عَنْهَا صَاحبهَا وَهُوَ ذَاك الرجل فاتيت الرجل الَّذِي اشار اليه وَسَأَلته عَن قصَّة الدَّرَاهِم فَقَالَ هِيَ من شيخ الصميين كَانَ مرض لَهُ فرس وَنذر للفقيه فَلَمَّا شفي وَعلم اني وَاصل اليه الى الْفَقِيه امْر بهَا معي لعلمه انه لَو وصل بهَا لم يقبلهَا مِنْهُ فَلَمَّا اجْتمعت بِجَمَاعَة مَعَهم دَرَاهِم فتحا ناولتهم إِيَّاهَا فخلطوا بَين دراهمهم واخرجها الْفَقِيه بِأَعْيَانِهَا وأعادها إِلَيّ كَمَا رَأَيْت وسالت هَذَا الْمخبر عَن سيرته فَقَالَ كَانَ يخرج فِي الثُّلُث الاخير من اللَّيْل الى الْمَسْجِد فَلَا يزَال مُصَليا تاليا لِلْقُرْآنِ حَتَّى الْفجْر فيركع ثمَّ يُصَلِّي الْفَرْض ثمَّ يحرم بِالذكر حَتَّى تطلع الشَّمْس ثمَّ يرْكَع الضُّحَى ثمَّ يقبل على اصحابه فيعظهم بالحكمة حَتَّى يرْتَفع النَّهَار ثمَّ يقوم الى الْبَيْت فيدعو النَّاس للغدا فَلَا يزالون يتغدون فوجا فوجا حَتَّى ينقطعوا عِنْد الزَّوَال ثمَّ يتَوَضَّأ وَيخرج الى الْمَسْجِد فَيصَلي التَّحِيَّة حِين يدْخلهُ فاذا ثَبت عِنْده الزَّوَال صلى الظّهْر بعد الاتيان بالسنن من اذان وَصَلَاة ثمَّ لَا يزَال مشتغلا بالتلاوة وَالذكر حَتَّى يدْخل وَقت الْعَصْر كَمَا فعل وَقت الظّهْر الا انه مَتى صلى الْعَصْر اقبل على النَّاس يَعِظهُمْ ويكلمهم بالحكمة كَمَا فعل بعد الضُّحَى سَاعَة ثمَّ يذهب الى الْبَيْت ويستدعي النَّاس فيعشيهم حَتَّى تصفر الشَّمْس ثمَّ يذهب الى الْمَسْجِد فَيصَلي تحيته وَيُصلي الْمغرب حِين تسْقط الشَّمْس ثمَّ لَا يزَال فِيهِ حَتَّى يكون ثلث اللَّيْلَة فَيخرج وَيفْعل كَمَا يفعل اولا وَلم يزل ذَلِك دابه حَتَّى توفّي وَكَانَ لَا يتكسب بحراثة وَلَا زراعة وَلَا دروزة وَمَتى علم باحد من اصحابه انه دروز طرده وَكَرِهَهُ وَتُوفِّي بقرية على سَاحل المحالب تعرف باللحية بلامين احدهما مَضْمُومَة مُشَدّدَة وَفتح الْحَاء الْمُهْملَة وَالْيَاء الْمُثَنَّاة

    من تَحت مَعَ التَّشْدِيد ثمَّ هَاء سَاكِنة وَذَلِكَ فِي الْمِائَة السَّابِعَة تَقْرِيبًا ثمَّ توفّي فِي السّنة الرَّابِعَة من الْمِائَة الثَّامِنَة بالقرية الْمَذْكُورَة

    وَمِنْهُم الْفَقِيه حُسَيْن السودي توفّي بعده بشهرين وَذَلِكَ تَقْرِيبًا وَخلف اربعة اولاد اكبرهم وافقههم عبد الرَّحْمَن تفقه بابيه وسلك طَرِيقه وَهَذَا احْمَد كَانَ مَعَ كَمَال الْعِبَادَة فَقِيها مُعْتَمدًا من الكتبعلى احياء عُلُوم الدّين تاليف الْغَزالِيّ وَهُوَ الَّذِي قاوم الْفَقِيه حُسَيْن السودي وَوصل الى بَاب السُّلْطَان المظفر وابلغه مثله الى الامام المطهر

    وَمن قَرْيَة تعرف بالغصن مُحَمَّد بن الْمُؤَذّن غلب عَلَيْهِ التصوف وَمن قَرْيَة تعرف بالجبيرية بِضَم الْجِيم وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْيَاء الْمُثَنَّاة من تَحت وَحفظ الرَّاء ثمَّ هَاء سَاكِنة مُحَمَّد بن حَمْزَة الْقرشِي تفقه بعمر بن عَليّ التباعي الَّاتِي ذكره وَكَانَ فَقِيها سخيا مَشْهُورا بِالْكَرمِ ذَا دين واجتهاد فِي الْعلم والبحث عَنهُ وَلم اتحقق لَهُ تَارِيخا وَخَلفه ابْن اسْمه عبد الرَّحْمَن تفقه بعلي بن مُحَمَّد الْحكمِي وباحمد بن اسماعيل الْحَضْرَمِيّ وَلزِمَ مجْلِس ابيه فرأس ودرس وسلك طَرِيقه فِي كرم النَّفس وعلو الهمة حَتَّى توفّي لبضع عشرَة وَسَبْعمائة

    ثمَّ من الْجِهَات الَّتِي يذكر عَن اهلها الْفِقْه جِهَة حجَّة بهَا قَرْيَة تعرف بالمخلافة خرج مِنْهَا جمَاعَة من اعيان الْفُقَهَاء اول من تحققته مِنْهُم عَليّ بن مَسْعُود بن عَليّ بن عبد الله بن الْمحرم بن احمدالسباعي ثمَّ الكثبي ثمَّ القدمي فالسباعي نِسْبَة الى جد لَهُ اسْمه السباعي واليه ينْسب جمَاعَة هُنَالك فَيُقَال لَهُم بَنو السباعي والكثبي بِضَم الْكَاف وَسُكُون الثَّاء الْمُثَلَّثَة وخفض الْبَاء الْمُوَحدَة

    ثمَّ يَاء نسب جد اخر أَيْضا كَانَ أول اشْتِغَاله بحراز الْمُقدم ذكرهَا قَرَأَ الْقرَاءَات السَّبع وتفقه بعض التفقه ثمَّ عَاد بَلَده وَوصل الى الْفَقِيه ابي عبد الله مُحَمَّد بن عبد الله بن نزيل الى جبل تَيْس وَهُوَ الَّذِي ذكره ابْن سَمُرَة فِي اصحاب الشَّيْخ يحي بن ابي الْخَيْر وذكرته ايضا فَقَرَأَ عَلَيْهِ الْمُهَذّب ثمَّ وصل الى مَدِينَة جبا الْبَلَد الْمَذْكُور اولا فاخذ الْبَيَان عَن الْفَقِيه ابي بكر واخذ عَن أبي بكر الحجوري الَّاتِي ذكره ثمَّ عَاد المخلافة فراس بهَا ودرس فَلَمَّا ظهر الامام عبد الله بن حَمْزَة وَغلب امْرَهْ فِي نَاحيَة الْبَلَد خرج الْفَقِيه هَذَا فِي جمع من الطّلبَة بِنَحْوِ من سِتِّينَ طَالبا وَقصد تهَامَة فَمر بِموضع من اعمال المهجم يعرف بِبَيْت خَليفَة وَفِيه يَوْمئِذٍ الشَّيْخ عمرَان بن قبع شيخ القرابليين اذ ذَاك فَنزل فِيهِ على سَبِيل المحطة فاضافة الشَّيْخ وَجَمِيع اصحابه ثَلَاثَة ايام وَسَأَلَهُ ان يقف مَعَه ويدرس فِي قريته فاجابه الى ذَلِك ولبث عِنْده سِنِين عدَّة وَذَلِكَ سنة ثَمَانِي عشر وسبعماية ثمَّ لما توفّي عبد الله بن حَمْزَة ووهن امْر الزيدية عَاد الْفَقِيه الى بَلَده فَلبث بهَا مُدَّة قدم فِي اثنائها الشَّيْخ ابو الْغَيْث بن جميل الْمُقدم ذكره وايتنا هُنَالك رِبَاطًا واقاما متعاضدين مُدَّة ثمَّ لما ظهر احْمَد بن الْحُسَيْن واشتدت شَوْكَة الزيدية فَخَرَجَا عَن الْبَلَد وعادا الى تهَامَة وَكَانَ قد وقف الْفَقِيه عَمْرو بهَا فالشيخ ابو الْغَيْث نزل مَعَ الْفَقِيه عطا الَّذِي تقدم ذكره والفقيه نزل مَعَ تِلْمِيذه عَمْرو وَلم يزل عِنْده حَتَّى توفّي وَكَانَ هَذَا الْفَقِيه اماما كَبِيرا ذَا فنون كَثِيرَة وانتشر عَنهُ الْفِقْه بِجِهَة حجَّة وَغَيرهَا انتشارا عَاما وتفقه بِهِ خلق ناشر وَكَانَت وَفَاته تَقْرِيبًا فِي عشر وَخمسين وستماية

    وَوصل الشَّيْخ ابو الْغَيْث بن جميل معزيا بِهِ الى تِلْمِيذه الْفَقِيه عَمْرو وَمن حضر من اهله وَكَانَ قد ازوج الْفَقِيه عمرا بابنة اخيه واما هُوَ فَلم يتَزَوَّج حَتَّى توفّي فَقيل لَهُ فَقَالَ تشغلي عَن الْعلم اَوْ كَمَا قَالَ وَكَانَت حلقته تجمع ثَلَاثِينَ متفقها غالبهم ذُو فقر وايثار حُكيَ انه حصلت عَلَيْهِم ازمة ابصروا بهَا ضَرَرا عَظِيما فَعلم بذلك بعض اهل الْقرْيَة وَلم يكن فِي قدرته على بعث طَعَام

    لجميعهم فَبعث قرصا لبَعْضهِم فآثر بِهِ صاحبا لَهُ ثمَّ الاخر آثر بِهِ اخر حَتَّى عَاد الى الَّذِي اتاه ابْتِدَاء فوصل بِهِ الى الْفَقِيه واخبره الْقِصَّة فاعجبته وَقَالَ الْحَمد لله الَّذِي جعل فِي اصحابي صفة اهل الصّفة وانصار نبيه مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين قَالَ تَعَالَى ويؤثرون على انفسهم وَلَو كَانَ بهم خصَاصَة ثمَّ جمع الدرسة وَقسم الكسرة بَينهم بعددهم وَمن زهده انه مَا قبض دِينَارا وَلَا درهما

    وَمِنْهُم سُلَيْمَان بن مُحَمَّد بن الزبير بن احْمَد الجيشي نسبه الى جد لَهُ اسْمه جَيش بِالْجِيم وَالْيَاء الْمُثَنَّاة من تَحت ثمَّ شين مُعْجمَة ثمَّ الشاوري نِسْبَة الى جد لَهُ اسْمه شاور تفقه بعلي بن مَسْعُود واخذعنه الْقُرْآن والنحو واللغة فغلبا عَلَيْهِ واخذ الادب ايضا خَاصَّة عَن ابراهيم بن عَليّ بن عجيل وَكَانَ كَبِير الْقدر شهير الذّكر وَهُوَ الَّذِي اخذ الرياسة للتدريس بِنَاحِيَة بَلَده وَكَانَت مدرسته جَامع المخلافة وَعنهُ اخذ جمَاعَة مِنْهُم مُحَمَّد بن عمر وَعلي بن عطيه الشغدري وَغَيرهمَا وَعمر طَويلا حَتَّى قيل انه عَاشَ مائَة سنة وَخمْس وَسِتِّينَ سنة وَلم يزل على الطَّرِيق المرضي من الْجُمُعَة وَالْجَمَاعَة ومواظبة الْعلم قِرَاءَة واقراء حَتَّى كمل لَهُ من الْعُمر مائَة سنة فَلَزِمَ بَيته عَجزا وَلم يقدر على الْخُرُوج الى الْجَامِع بل بَقِي التدريس ببيته وَنسخ لنَفسِهِ عدَّة كتب فِي فنون

    كَثِيرَة وَكَانَ حسن الضَّبْط جيد الْخط وَكَانَت وَفَاته لنيف وَتِسْعين وستماية تَقْرِيبًا

    وَمِنْهُم الاخوان طَلْحَة وَمُحَمّد ابناء الزبير بن مُحَمَّد عَمهمَا الْفَقِيه سُلَيْمَان الْمَذْكُور آنِفا وَبِه تفقها وَطَلْحَة غلبت عَلَيْهِ الْعِبَادَة وَشهر بالصلاح واما مُحَمَّد فاخذ عَن عَمه الْفِقْه والادب وَولي قضالاعة وخطابتها وَكَانَ يَقُول الشّعْر من ذَلِك قَوْله مرثاة عَمه الْمَذْكُور

    . . خليلي اما الصَّبْر فَهُوَ بِنَا احرا ... ولكننا وَالله لانملك الصبرا

    وَكَيف نطيق الصَّبْر أَو نملك الحجى ... وشمس الْهدى وَالدّين قد أودع القبرا ... وَله من مديح فِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ... إِن كنت ترغب ان تنَال مناكا ... وَتفِيض من خير الزَّمَان يداكا

    فامدح رَسُول الله تحظ بمدحه ... يَوْم الْحساب وتستبين هداكا ... والشعران طويلان لم يرو الرَّاوِي لنا غير هَذِه الابيات وَله ولد اسْمه احْمَد مَوْجُود سنة احدى وَعشْرين يذكر انه فَقِيه النَّاحِيَة وانه ذُو فضل وَدين

    وَمِنْهُم مُحَمَّد بن عبد الله ابْن عبد الْمَحْمُود الْحَارِثِيّ نِسْبَة الى جد لَهُ اسْمه حَارِث كَانَ هَذَا فَقِيها كَبِيرا وَأمه من قرَابَة الْفَقِيه مَسْعُود وَأكْثر مَا حثه على قِرَاءَة الْعلم والتأسي بخاله الْفَقِيه عَليّ بن حُسَيْن كَانَ يرى اجْتِهَاده وَمَا ظَهرت عَلَيْهِ من بركَة ذَلِك وَكَانَ فَاضلا بِعلم الْفلك وَلما اتَّصل علمه بالمظفر استدعاه وَهُوَ إِذْ ذَاك أَمِير فِي المهجم فوصله وَصَحبه وابتنى لَهُ المظفر جَامع وَاسِط الْمُقدم ذكره فدرس بِهِ وَقد سَمِعت بعض النَّاس يَقُول لبَعض إِنَّمَا بنى لبَعض بني الدَّلِيل وَالله أعلم بِالصَّوَابِ وَهَذِه النَّاحِيَة لم أبلغهَا إِنَّمَا بلغت من تهَامَة مَدِينَة الكدرا وَأَنا إِذْ ذَاك صَغِير اشْتغل بِقِرَاءَة الْقُرْآن على وَالِدي رَحمَه الله

    وَمن الْجِهَة جِهَة المخلافة الاخوان مُحَمَّد وَعبد الرَّحْمَن ابْنا خَليفَة تفقه مُحَمَّد بِعَمِّهِ عَليّ بن مَسْعُود واخذ عَن ابْن الزبير وَعبد الرَّحْمَن أَخذ عَن عَمْرو بن عَليّ وَكَانَ فَقِيها فرضيا مَشْهُورا بالذكاء وَمن بني شاور احْمَد بن عَليّ الشغدري كَانَ فَقِيها فَاضلا بِهِ تفقه ابْن اخيه عَليّ بن عَطِيَّة

    وَمِنْهُم ابو الْحسن عَليّ بن عَطِيَّة الشغدري لقب بعلي الا علا وَضَبطه بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَفتح الدَّال وخفض الرَّاء ثمَّ يَا مثناة من تَحت سَاكِنة وَهُوَ لقب من القاب الصغار ثَبت

    عَلَيْهِ وَقيل بل نِسْبَة لرجل كَانَ شجاعا ذَا همة لما نَشأ هَذَا عَليّ ظَهرت مِنْهُ شهامة ورجولية فلقب بِهِ وَهَذَا أصح مولده سنة خمسين وستماية تَقْرِيبًا وتفقه بِعَمِّهِ احْمَد كَمَا قدمنَا وَسكن بجبل يعرف بحفاش بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح الْفَاء ثمَّ شين مُعْجمَة قريب من نَاحيَة بَلَده مَسْكَنه قَرْيَة تسمى بَاقِل بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة ثمَّ الف ثمَّ خفض الْقَاف وَسُكُون اللَّام وَهُوَ رِبَاط مَشْهُور طَرِيقه فِي الْعلم والخط والضبط ايضا هِيَ طَرِيق الْفَقِيه سُلَيْمَان وَقد ايضا أَخذ عَنهُ وَعَن مُحَمَّد بن عَمْرو وَله منظومة فِي النَّحْو نظم بهَا مُقَدّمَة ابْن باشاذ النَّحْوِيّ وَأُخْرَى نظم بهَا الْقرَاءَات السَّبع يعجب ويطرب أَخْبرنِي الثِّقَة أَنه فَقِيه نحوي لغَوِيّ فَرضِي أوحد بني عصره باتقان الْفُنُون الْمَذْكُورَة بَلغنِي وجوده عَن بعض أَهله الى سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وسبعماية وَمِنْهُم ابْن أَخِيه أَحْمد بن عبد الله بن حسن بن عَطِيَّة مقدم الذّكر مولده سنة احدى وَخمسين وستماية وتفقه بعم ابيه احْمَد الَّذِي ذكرت اولا انه تفقه بِهِ عَليّ ابْن عطيه ولي قَضَاء المخلافة ثمَّ قَضَاء المهجم من قبل مُحَمَّد بن الْفَقِيه ابي بكر التعزي فَلَمَّا ولي ابْن الاديب عَزله على طَرِيق كراهه المتاخر لاصحاب الْمُتَقَدّم وَلما انْفَصل عَن قَضَاء المهجم ولي قَضَاء المهجم بِبَلَدِهِ حَتَّى توفّي برجب سنة تسع عشرَة وسبعماية وَله ولد اسْمه احْمَد يُقَال انه أفقه من ابيه ولي قَضَاء المهجم ايام عبد الرَّحْمَن الظفاري فَلَمَّا عَاد ابْن الاديب عَزله واعاد

    بعض الحضارم وَهُوَ رجل كَانَ ولاه حِين تولى الْمرة الاولى عَزله بِهِ اياه وَسَيَأْتِي ذكره انشاء الله تَعَالَى

    وَمِنْهُم عمر بن عبد الله الشاوري وَهُوَ ربيب سُلَيْمَان وَبِه تفقه يذكر بالفقه وَالدّين والسداد بالفتوى وَهُوَ فَقِيه النَّاحِيَة الان لزم الْمَسْجِد نيفا وَعشْرين سنة ثمَّ حصل بِهِ مرض فَلم يكد يَنْقَطِع عَن الْمدرسَة وَالْجُمُعَة واالجماعة

    وَمِنْهُم مُحَمَّد بن عبد الله بن ابراهيم المحمودي الْحَارِث ثمَّ الشاوري فَقِيه يذكر بالصلاح وَالدّين والورع تفقه بِسُلَيْمَان بن الزبير وبابيه اذ كَانَ ابوه ايضا فَقِيها عَالما وَهَذَا يذكر بالزهد وَله كرامات كَثِيرَة وصبر على الاطعام ومسكنه قَرْيَة قومه بني حَارِث تَحت حصن لبني شاور وَيُقَال لَهُ كحلان وَقد ذكر عمر ابْنه الْفَقِيه عَليّ بن مُحَمَّد مَعَ اهل طبقته وَبَلغنِي سنة سبع وَعشْرين انه توفّي وَلم اتحقق بِأَيّ تَارِيخ

    وَمِنْهُم مَنْصُور بن مَسْعُود تفقه بعلي بن عَطِيَّة وَتزَوج بابنته وَيذكر عَنهُ معرفَة الْفَرَائِض وانقضى ذكر من تحققته بِنَاحِيَة حجَّة ثمَّ يقرب مِنْهُ جبل تَيْس الَّذِي ذكره ابْن سَمُرَة مِنْهُ ابْن نزيل وَقد ذكرته وَتَأَخر عَنهُ جمَاعَة لم اتحقق مِنْهُ غير اثْنَيْنِ هما أَحْمد بن عبد الله مَسْكَنه قَرْيَة القيري بخفض الْقَاف وَفتح الْيَاء الْمُثَنَّاة من تَحت وخفض الرَّاء ثمَّ يَاء مثناة من تَحت أَيْضا وَالثَّانِي مُحَمَّد بن عَليّ يذكر بالجود والانسانية وَبَلغنِي فِي سنة عشْرين وَسَبْعمائة أَنَّهُمَا فَقِيها النَّاحِيَة

    وَمِنْهُم عبد الرَّحْمَن بن النزيلي مَسْكَنه رُهْبَان بِفَتْح الرَّاء وَسُكُون الْهَاء وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة ثمَّ الف ثمَّ نون كَانَ مَشْهُورا بالصلاح وَله ابْن تفقه ثمَّ لما عَاد توفّي بالبحر سنة

    سبع عشرَة وسبعماية

    وَمِنْهُم مُحَمَّد بن عُثْمَان النزيلي فَقِيه مَشْهُور بالصلاح تفقه بِعَمْرو بن عَليّ مَسْكَنه جبل يعرف بنظار بِضَم النُّون وَفتح الظَّاء الْمُعْجَمَة ثمَّ الف ثمَّ رَاء وَبِه قَرْيَة القيري الَّتِي تقدم ضَبطهَا وَكَانَ رجلا مَشْهُورا بالصلاح صَاحب كرامات قدم بعض أُمَرَاء الاشراف الى بَلَده على عزم ان ينهبها وَيلْزم اهلها الدُّخُول بمذهبه وَكَانَ مَعَه جَيش عَظِيم فَلَمَّا صَار على قرب من بلد الْفَقِيه كتب اليه يستعطفه للنَّاس ويستذمه على قريته وَمن حولهَا فَلم يحتفل الشريف بكتابه بل وجوب لَهُ لفظا يَقُول لَهُ مَا أقبل لَهُ شَفَاعَة وَلَا احترم لَهُ موضعا فَغَضب ذَلِك عَلَيْهِ وَأَنْشَأَ يَقُول فِي مدح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم واستغاث بِهِ فِيهَا فَلَمَّا قرب الشريف من قَرْيَة الْفَقِيه خرج اليه اهل الْبَلَد وقاتلوه فهزموا عسكره وَقتل مِنْهُم وَله فِي مدح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قصائد كَثِيرَة وَكَذَلِكَ رأى بعض الاخيار صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقبل فَمه وَكَانَ يَقُول سَأَلت الله أَن يزِيل عني شَهْوَة الطَّعَام وَالنِّسَاء وَالنَّوْم

    فرصده اصحابه فوجدوا ذَلِك قد زَالَ وَكَانَ فَقِيها كثير التدريس لما توفّي وَقد بَقِي لاصحابه بِشَيْء من المسموعات نزلُوا بَيت حُسَيْن واخذوا مَا بَقِي على مُحَمَّد بن عمر وَهَؤُلَاء بَنو نزيل مسكنهم قَرْيَة فِي الْجَبَل بمضرة بِفَتْح الْمِيم وخفض الضَّاد وَفتح الرَّاء ثمَّ هَاء سَاكِنة وَبهَا الان جمَاعَة مِنْهُم وَفِي الْجَبَل قَرْيَة تعرف بسهل الْعَضُد بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَسُكُون الْهَاء وَفتح اللَّام ثمَّ الف وَلَام وَعين مُهْملَة مَفْتُوحَة وضاد مَضْمُومَة ثمَّ دَال مُهْملَة سَاكِنة كَانَ فَقِيها اسْمه هَاشم بن الجحري نسبه الى بِلَاد ثمَّ الْحِمْيَرِي وَالْجِيم قبل الْحَاء الْمُهْملَة ثمَّ رَاء ثمَّ يَا نسب تفقه بعلي بن مَسْعُود ثمَّ نزل تهَامَة وَسكن مِنْهَا بَيت عبش بخفض الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الْبَاء

    الْمُوَحدَة ثمَّ شين مُعْجمَة وَكَانَ لَهُ ولد اسْمه عُثْمَان تفقه وتصوف وَفتح عَلَيْهِ بِمَعْرِِفَة كَلَام الصُّوفِيَّة حَتَّى صَار يتَكَلَّم ويبرهن عَن مستغلقه وَصَحب الشَّيْخ عِيسَى بن حجاج اُحْدُ اكابر العبشية وَسَيَأْتِي بَيَان ذَلِك ان شَاءَ الله وَمن جبل ملْحَان بخفض الْمِيم وَسُكُون اللَّام وَفتح الْحَاء الْمُهْملَة ثمَّ الف ثمَّ نون قَرْيَة تعرف بقرية الدوم قوم بهَا يعْرفُونَ ببني ادريس مِنْهُم ابو اسحاق ابراهيم بن مُحَمَّد تفقه باحمد بن الْحُسَيْن الخلي لَهُ كرامات مَعَ جودة الْعلم وَكَانَ فِي قومه نَاس يتظارهون بِشرب الْخمر فنهاهم عَن ذَلِك فَلم ينْتَهوا فَدَعَا عَلَيْهِم فَسلط الله عَلَيْهِم الجذام ثمَّ الفناء وَكَانُوا نَحوا من اربعين رجلا وَكَانَ أهل بَلَده لَا يورثوث النِّسَاء فاخبرهم على توريهم فورثوهم فَلَمَّا توفّي عَادوا على حَالهم الاول وَله الان ولدان هما عبد الله وَعلي تفقها وَيذكر عبد الله مَعَ الْفَقِيه بالجود والانسانية وَمِنْهُم مُتَقَدما ابو السُّعُود بن عَاصِم كَانَ فَقِيها كَبِيرا غلبت عَلَيْهِ الْعِبَادَة وَكَانَ صَاحب كرامات مِنْهَا ان اهل بَلَده كَانُوا مَتى اجدبوا استسقوا بِهِ فيسقون وَقد انْقَضى ذكر الْجبَال لم يبْق الا الْعود الى تهَامَة فابدأ مِنْهَا مِمَّا يُقَارب الْجبَال الْمَذْكُورَة وَلَا ازال سالكا حَتَّى انتهي الى موزع وَهِي آخر تهَامَة من جِهَة الْيمن ثمَّ اذكر فُقَهَاء الْبِلَاد الَّتِي بَينهَا وَبَين عدن من الْجبَال مِمَّا لم اكن قد ذكرته ثمَّ لَا ازال سالكا حَتَّى اتي بِذكر اهل عدن ونواحيها ثمَّ اسلك طَرِيق احور وخورة حَتَّى ادخل الشحر ثمَّ ارتحل الى ظفار وَهِي تهَامَة جَزِيرَة الْعَرَب فاول بلد يُقَارب الْجبَال الْمَذْكُورَة مِمَّا لم يذكر فِي كتَابنَا مَدِينَة المهجم وَيُقَال لَهَا مَدِينَة سردد نِسْبَة الى واديها وَهِي مَدِينَة قديمَة من المدن التهائم الْمُعْتَمد عَلَيْهَا وضبطها بِفَتْح الْمِيم بعد ألف وَلَام ثمَّ هَاء سَاكِنة وَفتح الْجِيم وَسُكُون الْمِيم فابدأ من اهلها بِالْبَيْتِ الْكَبِير الْقدر الشهير

    الذّكر وهم بَنو صَالح الملقبون بالقضاة فاذكرهم على تَرْتِيب اخبرني بهم خَبِير مِنْهُم قَالَ اول من شهر مِنْهُم بالفقه وَقدم المهجم صَالح بن عَليّ بن احْمَد العثري نِسْبَة الى جَزِيرَة فِي الْبَحْر يُقَال لَهَا عثر بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الثَّاء الْمُثَلَّثَة سميت بذلك لانها يقابلها من الْبر قَرْيَة يُقَال لَهَا عثر قد خربَتْ مُنْذُ زمن طَوِيل وَهِي بَين حرض وحلي وَكَانَ فِي مسكن صَالح قبل ذَلِك مَدِينَة جده فَحصل بَينهم وَبَين صَاحب مَكَّة وَحْشَة واراد عسفهم وظلمهم فنفروا الى بِلَاد فَارس وَلَبِثُوا بهَا مُدَّة وَلم تطب لَهُم فعادوا الْيمن وَسَكنُوا الجزيرة الْمُقدم ذكرهَا ولاجل سكونهم بِبِلَاد فَارس سموا فرسا وَقد جرى ذَلِك عَادَة لخلق كثير فَلَمَّا صَارُوا بالجزيرة خرج مِنْهُم رجلَانِ هما صَالح بن عَليّ بن احْمَد وَعم لَهُ اسْمه سُلَيْمَان كَانَ مقري للسبعة المقارئ فسكن صَالح مَدِينَة المهجم وَسكن عَمه قَرْيَة سِهَام تعرف بِمحل الدارية سَيَأْتِي ذكره وَحصل لكل مِنْهُمَا ذُرِّيَّة فِي مَكَانَهُ الَّذِي سكنه الْغَرَض هُنَا ذكر ذُرِّيَّة صَالح من شهر مِنْهُم بالفقه خَاصَّة فاولهم صَالح دخل المهجم وَهِي اذ ذَاك خَالِيَة عَن الْفُقَهَاء وَقد تفقه وَهُوَ ينْقل الْوَجِيز للغزالي فَجعل قَاضِيا حَتَّى توفّي ثمَّ خَلفه ابْنه ابراهيم وَكَانَ فَقِيها فَاضلا عَارِفًا وَقدم الْبُرْهَان الْحَضْرَمِيّ فِي ايامه وَهُوَ اول من ولي الْقَضَاء الاكبر مِنْهُم ثمَّ خَلفه ابْنه صَالح وَكَانَ فَقِيها صَالحا وعاصر الْحَضْرَمِيّ ايضا وَكَانَ من اهل الدّين وَالدُّنْيَا وَمِمَّنْ ياخذها من وَجههَا ويمنحها فِي مستحقها من طَرِيق الْبر وَالْمَعْرُوف وَمَكَارِم الاخلاق حَتَّى كَانَ يضْرب بِهِ الْمثل فِي الْكَمَال وَكَانَت حلقته فَوق مائَة طَالب وَولي قَضَاء تهَامَة اجْمَعْ وَكَانَ قَضَاؤُهُ مرضيا وعَلى يَده كَانَت عمَارَة المظفر لجامع المهجم وَجعل فِيهَا مدرسا ودرسه وقف عَلَيْهِم وَقفا جاملا وَلَقَد ذكره لي جمَاعَة لَا يُمكن تواطيهم على الْكَذِب ان هَذَا صَالحا كَانَ رجلا عَظِيما وَكَانَت لَهُ مرؤة وشفقة على الايتام انه

    كَانَ يعْمل فِي النّصْف من شعْبَان بهَا رين أَو أَكثر حلوى يفرق أَولهَا على الْأَيْتَام والضعوف ثمَّ يثنى بخواص اصحابه وَلَا يدع فَقِيها فِي الْبَلَد الا واساه وَبِالْجُمْلَةِ فمكارمه كَثِيرَة وَلم يزل على الْحَال المرضي الى ان توفّي بتاريخ شهر جمادي الاولى سنة خمس وَسِتِّينَ وستماية وَمن أحسن مَا حُكيَ عَنهُ انه كَانَ ذَات لَيْلَة نَائِما على قرب من امْرَأَته فَسَمعته يَقُول فِي مَنَامه انا اسبق انا اسبق فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ سَأَلته امْرَأَته عَن مُوجب قَوْله انا اسبق فاحلفته بِاللَّه تَعَالَى فَقَالَ رَأَيْت اني انا وَالشَّيْخ عِيسَى بن حجاج والفقيه نسبق الى الْجنَّة فَقلت انا اسبق وسبقتهما ثمَّ انه لم يقم الثَّلَاثَة بعد ذَلِك غير شَهْرَيْن وتوفوا جَمِيعًا فِي وعد وَاحِد فَصَارَ الْقَضَاء الْأَكْبَر بعده فِي تهَامَة الى الامام اسماعيل الْحَضْرَمِيّ وَخلف صَالحا فِي قَضَاء المهجم ورياسة الْبَيْت فِي ابْن اخيه عَليّ بن مُحَمَّد بن الْفَقِيه ابراهيم بن صَالح فَلبث حَاكما مُدَّة والاشرف بن المظفر مقطعا للمهجم من قبل ابيه فَحدث سَبَب اوجب الوحشة بَين عَليّ هَذَا والاشرف حَتَّى خرج عَن بَلَده نافرا اخبرني وَالِدي انه قدم عَلَيْهِم الْجند ثمَّ تقدم الى لحج وعدن فادرك بلحج الشَّيْخ الصَّالح الْمَعْرُوف بِابْن بَادر فَلبث عِنْده مُدَّة برباطه وَتزَوج بابنته فَاتَت لَهُ بِولد اسْمه حسن وَعَاد الشَّيْخ المهجم وَترك ابْنه فتربى عِنْد جده وَلم يكن رُجُوعه الى المهجم الا بعد مراسلة بَينه وَبَين الاشرف فَلَمَّا عَاد احسن اليه الاشرف احسانا كليا حَتَّى تبادلت الوحشة انسا وَلم يزل وَلَده فِي لحج عِنْد جده وتربى هُنَالك وَصَارَ لَا يعرف بَين اهل لحج وعدن ونواحيها الا بِابْن بَادر لذَلِك وَلما شب قصد المهجم واظنه لم يدْرك اباه وَسَيَأْتِي ذكره انشاء الله وَهُوَ الَّذِي أَخْبرنِي بغالب مَا ذكرته عَن اهله وَذَلِكَ بِمَدِينَة عدن وَذَلِكَ سنة ثَمَانِي عشرَة وسبعماية لكنه لم يكد يُحَقّق لي شَيْئا من التَّارِيخ لِأَن غَالب احواله الْبعد عَن ذَلِك

    وَمِنْهُم عبد الرَّحْمَن بن القَاضِي صَالح بن الْفَقِيه ابراهيم بن الْفَقِيه صَالح مقدمي الذّكر كَانَ اول من رتب فِي الْجَامِع المظفري مدرسا وَكَانَ رَاغِبًا فِي ازدراع الارض مَشْغُولًا بِهِ فَكَانَ لَا يكَاد يفرغ للتدريس فَكتب الطّلبَة الى المظفر يَشكونَ ذَلِك فَكتب قد استخرنا الله تَعَالَى وعذرنا الْفَقِيه عبد الرَّحْمَن لِكَثْرَة

    اشْتِغَاله عَن التدريس ورتبنا الْفَقِيه احْمَد بن عَليّ مدرسا فاستمر وَهُوَ الملقب جمال الدّين الى سنة احدى وَعشْرين وسبعماية كَمَا سَيَأْتِي بَيَانه ثمَّ ان بعض اهله سَأَلَهُ شَيْئا يتسعين بِهِ على وقته فَامْتنعَ فَرفع الى المظفر بَان ابْن زَكَرِيَّا قَالَ كَانَ فِي المهجم اقطاعا للأمير ابْن أبي زَكَرِيَّا وَكَانَ يصحب الْقُضَاة بني صَالح ويحبهم ويعتقد خَيرهمْ فَترك مَعَهم مَالا أودعهُ وأودع أَبَاهُ مَالا حليلا فحقق بَينهمَا ثمَّ طلب عبد الرَّحْمَن وصادره مصادرة شنيعة فَسَأَلت الْخَبِير عَن تَحْقِيق خَيرهمْ فَقَالَ كَانَت المهجم اقطاعا للأمير من أبي زَكَرِيَّا وَكَانَ يصحب الْقُضَاة من صَالح ويحبهم ويعتقد خَيرهمْ فَترك مَعَهم مَالا لَهُ قدر وَقَالَ لَهُم يتصدقون بِهِ عَنهُ على من يعْرفُونَ اسْتِحْقَاقه فصرفوا مِنْهُ جملَة مستكثرة حَتَّى أَنه لم يبْق مِنْهُ شَيْء وَقت رِفَاعَة الرافع غير قدر يسير فطولب الْمَرْفُوع عَلَيْهِ باصل المَال فَلم يقدر وَكَانَ ذَلِك بِسَبَب سُقُوط بني صَالح ويحي بن صَالح مَعَ عبد الرحمن النِّسَاء وَالرِّجَال من اهله حَتَّى افتقروا وَرَأى المظفران الرافع قد عمل لَهُ مكرمَة فَجعله قَاضِيا بالمهجم واسْمه عَليّ بن ابراهيم بن صَالح بن عَليّ فَكَانَت سيرته غير مرضية وتأذى النَّاس بِهِ تاذيا عَظِيما الى القَاضِي الْبَهَاء وهم يغزله فَلم يقدر عَلَيْهِ حَتَّى رَاجع المظفر فِي ذَلِك فصده عَنهُ وَلم يزل على ذَلِك حَتَّى توفّي عيه وَهُوَ آخر قَاضِي توفّي من بني صَالح وَكَانَ المتقدمون يغلب عَلَيْهِم الدّين وَالْكَرم ومواساة الْمُحْتَاج وخصالهم الحميدة أَكثر من أَن تحصى وَقد حدث فيهم شباب سلكوا غير طريقهم وتعانوا مَا لَا يَلِيق بهم فَذكرُوا انه من قبل وُقُوع محنة عبد الرَّحْمَن الْمُقدم ذكرهَا روى ان رجلا رَأْي بَين بُيُوتهم لَيْلًا شخص من الْجِنّ رِجْلَاهُ فِي الارض وَرَأسه فِي السَّمَاء وبرجليه وعنقه أغلال الْحَدِيد وَهُوَ يَقُول أَرَانِي الله دُورهمْ خلاء مفدفدة بأجمعها سَوَاء فَلم يقم الرَّائِي بعد ذَلِك غير يسير حَتَّى تمّ لعبد الرَّحْمَن مَا تمّ وَكَانَ هَذَا السَّبَب لفنائهم وَإِنَّمَا كَانَ على الاخير مِنْهُم حَرَكَة كحركة الْمَذْبُوح غير نَافِع وَلَا منتفع وَلم يبْق مِنْهُم مُسْتَحقّ للذّكر فِي عصرنا غير ابي مُحَمَّد الْحسن بن الْفَقِيه عَليّ بن مُحَمَّد بن الْفَقِيه ابراهيم بن صَالح بن عَليّ الْمَذْكُور اولا اخبرني بتحقيق حَالهم فِي

    الْبِدَايَة واما قصَّة عبد الرَّحْمَن فَانِي اخذتها عَن غَيره وَقد ثَبت فِي مَا مضى ان هَذَا حسن أمه ابنت الشَّيْخ ابْن بَادر وَلما شب قصد بلد اهله فتفقه بعلي ابْن مُحَمَّد الخلي ثمَّ عَاد لحجا فَقَرَأَ على ابْن الأديب وَبِه كمل تفقهه وَجعله بَنو مُحَمَّد بن عمر قَاضِيا فِي الكدرا بِوَاسِطَة ابْن الأديب وتأهل بِامْرَأَة من مَحل الدِّرَايَة ولعلها من قومه أَعنِي ذُرِّيَّة المقرى الَّذِي خرج هُوَ وَصَالح وَلما صَار الْقَضَاء الى القَاضِي مُحَمَّد بن الْفَقِيه ابْن ابي بكر عزل نَفسه وَهُوَ على ذَلِك الى الان وَلما صَار ابْن الاديب قَاضِي الْقُضَاة الزمه على ولَايَة أَمَاكِن مُتعَدِّدَة فَامْتنعَ فَجعله مدرسا بزبيد بِالْمَدْرَسَةِ العاصمية فَهُوَ تسبب بهَا ويغيب عِنْد امْرَأَته فِي مَحل الدارية

    ويتردد الى زبيد حَتَّى الان سنة ثَلَاث وَعشْرين وَسَبْعمائة وَهُوَ من احسن الْفُقَهَاء خلقا ومرؤة وحمية على الاصحاب غير انه ممتحن بغالب حَال الْفُقَهَاء من الدّين وَقد انْقَضى ذكر بني صَالح

    وَحِينَئِذٍ أشرع بِذكر الْفُقَهَاء من غَيرهم وهم جمَاعَة اشهرهم ابو الْعَبَّاس أَحْمد بن عَليّ العامري الملقب جمال الدّين وَيعرف بالمدرس لطول اقامته بالتدريس وشهرته فِيهِ مولده سنة اربعين وستماية تفقه بخاله اسماعيل الْحَضْرَمِيّ واخذ عَن الامام ابْن عجيل وَهُوَ من ابرك الْفُقَهَاء بتهامة تدريسا واكثرهم نشرا للفقه عَنهُ اخذ جمع كثير الْفِقْه وصنف عدَّة مصنفات مِنْهَا شرح التَّنْبِيه شرحا مُفِيدا اثنى عَلَيْهِ غَالب الْفُقَهَاء قَرَأت عَلَيْهِ بعضه وناولنيه وأجازني بِهِ وَسَماهُ هِدَايَة الْمُبْتَدِي وَتَذْكِرَة المنتهي وَله شرح الْوَسِيط ايضا وَذكروا انه اقام على ذَلِك التدريس بالمهجم نَحْو من خمسين سنة وَلذَلِك كثر اصحابه وانتشر عَنهُ الْفِقْه وامتحن بِقَضَاء المهجم من قبل نَبِي مُحَمَّد بن عمر ثمَّ لما صَار الْقَضَاء الى ولد الْفَقِيه استدعاه فعزل نَفسه حِين وَصله الطّلب وَهُوَ الَّذِي ذكرت فِي ذكر عبد الرَّحْمَن بن صَالح ان المظفر لما عَزله رتبه وَكَانَ سهل الاخلاق لين الْجَانِب سليم الصَّدْر مَشْهُور بِالْبركَةِ غير انه لما ولي الْقُضَاة انْتقصَ وَغَمص وَلما عزل نَفسه علم النَّاس ان الله لم يضيع مَا تقدم من صَالح الْعَمَل

    وَكَانَت وَفَاته مستهل صفر سنة احدى وَعشْرين وسبعماية اخبرني الثِّقَة انه رأى بعض الْفُقَهَاء من الحضارم لَيْلَة مَوته النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وابا بكر وَعمر وَمُحَمّد بن اسماعيل وَابْنه اسماعيل الحضرميين فَقَالَ لجده مُحَمَّد يَا جد من هَؤُلَاءِ مَعَك يَعْنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وصاحبيه قَالَ هَذَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وصاحباه ابا بكر وَعمر جِئْنَا جَمِيعًا فِي طلب الْفَقِيه جمال الدّين فَاسْتَيْقَظَ الرَّائِي من نَومه وَإِذا بِهِ يسمع قَائِلا يَقُول مَاتَ الْفَقِيه جمال الدّين وَمِنْهُم عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن يُوسُف الخلي كَانَ فَقِيها فَاضلا مَشْهُورا وَنسبه فِي بني ابي الْخلّ الَّاتِي ذكرهم غير ان امهِ كَانَت من بني صَالح مقدمي الذّكر وَكَذَلِكَ ولد هَذَا بالمهجم وَنَشَأ بهَا وتفقه بالفقيه عمر ثمَّ فِي آخر الْأَمر ذهب إِلَى قومه فَتوفي بهَا لبضع عشرَة وسبعماية وَخَلفه ابْنه مُحَمَّد تفقه بِهِ فِي الْبِدَايَة ثمَّ بالفقيه جمال الدّين الْمَذْكُور وَهُوَ امثل من يشار اليه فِي النَّاحِيَة لتجويد الْفِقْه والتدريس وَأمه ايضا من بني صَالح اخوال ابيه يذكر عَنهُ دين رصين واريحية ومرؤة وَشرف نفس وعلو همه واظن ذَلِك عرقا نَزعه من بني صَالح وَولي قَضَاء المحالب من قبل ابْن الأديب وَهُوَ عَلَيْهِ الى الْآن سنة أَربع وَعشْرين وسبعماية

    وَمِمَّنْ ورد المهجم وانتفع بِهِ جمَاعَة الْفُقَهَاء ابو الْحَدِيد الْمُقدم الذّكر فِي اهل تعز ثمَّ ابو الْفتُوح نصر بن عَليّ بن ابي الْفرج بن عَليّ بن مُحَمَّد الحصري الْبَغْدَادِيّ كَانَ إِمَامًا كَبِيرا جَامعا لفنون شَتَّى اقام بِمَكَّة سِنِين اماما للحنابلة فِي الْحرم الشريف واصله من بَغْدَاد واليه تنْسب المعشرة الحضرية وَنسبه بني الشَّيْخ ابو الْغَيْث الرِّبَاط الْمَنْسُوب اليه فِي طرف المهجم وَيُقَال ان هَذَا الْفَقِيه بناه من مَاله وَلما صَار الى المهجم انْتَشَر عَنهُ الْعلم انتشارا متسعا واخذ عَنهُ النَّاس اخذا كليا واخذ عَنهُ عدَّة من الاكابر من الْبَلَد وَغَيرهم مِمَّن اخذ عَنهُ الصغاني مقدم الذّكر وَغَيره وَهُوَ اُحْدُ من اِدَّرَكَ ابْن الْبَصْرِيّ بِبَغْدَاد اُحْدُ من يروي عَن ابي اسحاق الشِّيرَازِيّ والحريري فاخذ عَنهُ الحصري بِأَخْذِهِ عَنْهُمَا وَعَن غَيرهمَا وَقدم المهجم وَمَعَهُ ابْنة عَمه الَّتِي قَالَ بِسَبَبِهَا معشرة الحصرية وَتوفيت بالمهجم وَله بهَا مَرَّات كَثِيرَة وَلم أكد اتحقق عِنْد وضعي هَذِه الاحرف من شعره شَيْئا غير المعشرة

    وشهرتها بَين النَّاس يُغني عَن ايرادها اَوْ شَيْء مِنْهَا اذ لم تنشر معشرة كانتشارها وَيُقَال ان ابْنة عَمه كَانَت من أَعْيَان النِّسَاء فِي الْفضل وَالْأَدب وَمِمَّنْ اخذ عَن هَذَا الرجل سُفْيَان الأبيني وَالْحسن الصغاني وَغَيرهمَا وَكَانَت وَفَاته بالمهاجم وقبره هُنَالك مَشْهُور الى جنب قبر ابْنة عَمه عِنْد الرِّبَاط الْمَنْسُوب الى الشَّيْخ ابي الْغَيْث نفع الله بهم جَمِيعًا

    وَمن سكن بادية المهجم واشتهر ذكر الْفِقْه فيهم جمَاعَة ابيات ثَلَاثَة هم بَنو كنانه ثمَّ بَنو الْخلّ ثمَّ بَنو الْحَضْرَمِيّ فبنو كنَانَة هم اهل قَرْيَة الضحي كَانُوا بَيت علم وَصَلَاح اول من تحققته مِنْهُم عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن كنَانَة العكي كَانَ ذَا مرؤة وَعلم عَلَيْهِ جيد قدم الْمعلم اسماعيل الْحَضْرَمِيّ وَولده مُحَمَّد وَهُوَ يَوْمئِذٍ الْحَاكِم بالقرية ونواحيها وَسَيَأْتِي بَيَان ذَلِك انشاء الله تَعَالَى فَلم يزل على الْقَضَاء حَتَّى توفّي وَخَلفه ابْنه عبد الله بن مُحَمَّد كَانَ يلقب المعمر لطول عمره حَتَّى قيل أَنه اِدَّرَكَ ابْن عبدويه واخذ عَنهُ وَلم يكد يَصح لي ذَلِك بل أَخذه عَن تِلْمِيذه ابْن عَطِيَّة وَابْن الْآبَار مقدمي الذّكر وَعَن هَذَا مُحَمَّد أَخذ مُحَمَّد بن اسماعيل جُزْءا جيدا من الْفِقْه وَلم اتحقق لَهُ وَلَا لِأَبِيهِ تَارِيخا وَكَذَلِكَ غَالب فُقَهَاء الْبَلَد إِذْ لم أَصْلهَا

    وَمِنْهُم عَليّ بن ثُمَامَة الْمُقدم الذّكر فِي اهل زبيد

    وَمِنْهُم احْمَد بن عبد الله امتحن بِقَضَاء الضحي وَكَانَ من اهل الْعِبَادَة وَالصَّلَاح وَحصل بِهِ مرض فَكَانَ يخرج أَوْقَات الصَّلَاة بَين اثْنَيْنِ ليُصَلِّي مَعَ الْجَمَاعَة فصلى يَوْمًا الظّهْر

    وتمدد فَغلبَتْ عَيناهُ فَنَامَ حَتَّى جَاءَ الْعَصْر فحرك ليستيقظ فَوجدَ مَيتا وَذَلِكَ فِي شهر الْقعدَة سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وستماية

    وَمِنْهُم حسن بن مفرح الْقرشِي بِضَم الْقَاف ثمَّ رَاء مَفْتُوحَة ثمَّ شين مُعْجمَة مخفوضة ثمَّ يَاء نسب كَانَ فَقِيها فَاضلا أَخذ عَن الْبُرْهَان الحرمي وَخَلفه ابْن لَهُ اسْمه احْمَد كَانَ عَارِفًا درس بزبيد مُدَّة وَبهَا توفّي خَامِس ربيع اول سنة سِتّ وَسِتِّينَ وستماية وَيُقَال انه اِدَّرَكَ الْبُرْهَان واخذ عَنهُ

    وَمِنْهُم قَاضِي الضحي الان ابو الْقَاسِم بن عبد الله فَقِيه جيد تفقه باحمد بن اسماعيل الْحَضْرَمِيّ الَّاتِي ذكره وَهُوَ مَذْكُور بِالْخَيرِ والانسانية

    وَمن الضحي ايضا الحضارم اول من قدم مِنْهُم الضحي وَشهر بالفقه ابو عبد الله مُحَمَّد بن اسماعيل عرف بِابْن الْمعلم بن عَليّ بن عبد الله بن اسماعيل الْحَضْرَمِيّ بَلَدا ثمَّ الْيَزنِي نسبا ثمَّ الْحِمْيَرِي فاليزني نِسْبَة الى ذِي يزن وَالِد سيف ذِي يزن الْحِمْيَرِي المهشور يُقَال أَن هَذَا مُحَمَّد تفقه بِمُحَمد بن عبد الرَّحْمَن اذ هُوَ خَاله فان اباه تزوج حِين قدم بابنة عبد الرَّحْمَن وَيُقَال بل قدم الْمعلم وَمَعَهُ ابْنَانِ لَهُ هما مُحَمَّد وَعلي فوالدهما تزوج بابنته فَحملت مِنْهُ بِولد فَرَأى فِي الْمَنَام قَائِلا يَقُول يَا مُحَمَّد يَأْتِيك من زَوجتك ولدان هما مُحدث ومحدث يَعْنِي بِفَتْح الدَّال من الاول وخفضها من الثَّانِي فَاتَت باسماعيل الْمُقدم ذكره وَهُوَ الَّذِي داله مَفْتُوحَة وباخيه ابراهيم وَهُوَ الاخر وَسَيَأْتِي ذكره ولنرجع الى ذكر مُحَمَّد فَكَانَ رجلا عَظِيم الْقدر شهير الذّكر بِالْعلمِ وَالْعَمَل وَكَانَ يقْصد للزيارة والتبرك من الْبعد وَرَأى بعض الْفُقَهَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لَهُ اقْرَأ كتاب المستصفي على الْفَقِيه ابي الْحَدِيد اَوْ على الْفَقِيه مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل الْحَضْرَمِيّ وَذَلِكَ ايام اقامة أبي الْحَدِيد بالجهة فوصل الرَّائِي إِلَى الْفَقِيه وَأخْبرهُ بمنامه ثمَّ قَرَأَ عَلَيْهِ الْكتاب وَحين اخبره بالمنام قَالَ الْفَقِيه الْحَمد لله على ذَلِك حَيْثُ ذكر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذَا الْكتاب المُصَنّف فِي الْيمن فان ذَلِك يدل على فَضله وَفضل الْبَلَد الَّذِي صنف بهَا وَحَيْثُ ذكر الْقِرَاءَة على من ذكر وَأذن بهَا قَالَ وَفِيه دَلِيل على جَوَاز قراءات الْأُمَّهَات الَّتِي جمع مِنْهَا وَكَانَ هَذَا الْفَقِيه يفتح عَلَيْهِ فِي بعض السَّاعَات فينادي بِصَوْتِهِ فتح الْبَاب الَّتِي جمع مِنْهَا وَكَانَ هَذَا يَأْتِي النَّاس اليه فيجدونه شاخصا فَيدعونَ الله بِمَا شاؤا أَفلا يكون اقْربْ من استجابة دُعَائِهِمْ رُبمَا فعل ذَلِك لَيْلًا وَهُوَ فِي الْبَيْت فيطيف النَّاس فيرون نورا حَتَّى يَظُنّهُ كثير انه مسرج بشمع فيمدون أكفهم وَيدعونَ فيستجاب لَهُم معجلا تفقه بابراهيم ابْن زَكَرِيَّا وَغَيره من اهل بَيته وقريه الضُّحَى ونواحيها وَكَانَ كثير الرَّغْبَة فِي قَضَاء الْحَوَائِج وَالسَّعْي لَهَا حَتَّى انه

    كَانَ ليخرج فِي قَضَاء الْحَاجة فيعارضه صَاحب الْحَاجة ويسأله ان يمشي مَعَه الى مسير يَوْم اَوْ يَوْمَيْنِ اَوْ اكثر من ذَلِك فَلَا يتَأَخَّر عَن ذَلِك بل يمشي مَعَه من فوره وَرُبمَا فعل ذَلِك قبل ان يرجع منزله وَكَانَ مَتى دخل زبيد اكثر من زِيَارَة تربة الشَّيْخ الصياد الْمُقدم ذكره وَالْوُقُوف عِنْدهَا وَقَالَ الْفَقِيه صَاحب الرُّؤْيَا الْمُتَقَدّمَة كنت لَيْلَة فِي أَيَّام قرآتي كتاب الْمُسْتَصْفى على الْفَقِيه مُحَمَّد بن اسماعيل نَائِما فِي بَيْتِي فَقُمْت لورد لي اعتاده ثمَّ لما فرغته عدت فِي نومي فَرَأَيْت على بَاب الْبَيْت الَّذِي أَنا فِيهِ شَخْصَيْنِ أَحدهمَا عَن يَمِين الْبَاب والاخر عَن شِمَاله وَكَانَ قَائِلا يَقُول الَّذِي على يَمِين الْبَاب الْخضر وَالَّذِي على الْيَسَار الياس وَتَحْت ابط الْخضر رزمة صحف وَإِذا بالياس يَقُول لَهُ على من تصلح قِرَاءَة البخارى على الْبُرْهَان الْحَضْرَمِيّ اَوْ على الْفَقِيه عَليّ بن مَسْعُود الْمُقدم ذكرهمَا اَوْ على الْفَقِيه مُحَمَّد بن اسماعيل فاجاب الْخضر يَقُول اما سَمِعت قَول ابْن عَبَّاس حَدثنِي اناس مِنْهُم عمر وارضاهم عِنْدِي عمر يقْرَأ البُخَارِيّ على الْفَقِيه مُحَمَّد بن اسماعيل وَبِالْجُمْلَةِ فكراماته اكثر من ان تحصى

    وَمِنْهُم اخوه عَليّ بن اسماعيل كَانَ فَقِيها مُجْتَهدا محققا مدققا غواصا لدقائق الْفِقْه وَكَانَ يُخَالف الْفُقَهَاء فِي أَن من اوضح موضحتين وخرق بَينهمَا لَا يجب عَلَيْهِ الا ارش مُوضحَة خمس من الابل وَيَقُول لَا بل هُوَ كَمَا لَو خرق ذَلِك اجنبي فَيجب عَلَيْهِ خمس عشر نَاقَة فَذكرُوا ان فُقَهَاء بَلَده انكروا عَلَيْهِ القَوْل بذلك فَلم يلْتَفت عَلَيْهِم وَلم يزل مصرا عَلَيْهِ حَتَّى توفّي فَذكرُوا ان ابْن اخيه الامام اسماعيل لما نَشأ وطالع كتب الْفِقْه وجد من بعض الشُّرُوح قَوْله وَجها لبَعض ائمة الْمَذْهَب فَكَانَ مَتى زار قَبره قَالَ ابشرك يَا عَم اني وجدت قَائِلا قد قَالَ بِقَوْلِك وَيُشِير الى هَذِه المسئلة وَلم اتحقق لَهُ وَلَا ابْن اخيه تَارِيخا اذ لم ابلغ بلدهما وحضارمة زبيدهم ذُرِّيَّة هَذَا عَليّ

    وَمِنْهُم ولداه اسماعيل وابراهيم فاسماعيل قد ذكر مِمَّن ورد زبيد وابراهيم كَانَ مُحدثا ومشاركا بالفقه وَقد ذكرت رُؤْيا ابيهما وَمَا قيل لَهُ فِي حَقّهمَا وَلِهَذَا ابراهيم ذُرِّيَّة كَبِيرَة مِنْهُم جمَاعَة أخيار

    وَمِنْهُم الامام احْمَد بن اسماعيل الْحَضْرَمِيّ مقدم الذّكر تفقه بابيه وَكَانَ فَقِيها فَاضلا عَارِفًا بِفُرُوع الْفِقْه يذكر ببركة التدريس وَالْفَتْوَى وَكَانَ من جملَة الْفُقَهَاء الَّذين حَضَرُوا مقَام المويد للنَّظَر فِي قصَّة ابي شكيل وابي بكر بن عَليّ المشيرقي وَذَلِكَ بقصر الْجند سنة سِتّ عشرَة وسبعماية واشار اليه السُّلْطَان بِالنّظرِ فِيهَا فَلم يفعل واشار الى غَيره فَلم يقبل وَذكر خَبِير انهم لم يدخلُوا مقَام السُّلْطَان حَتَّى اتَّفقُوا على مَا كَانَ مِنْهُم وَهُوَ لاشارة بِقَضَاء ابْن الاديب وان القَاضِي ابا بكر المشيرقي بِأَنَّهُ كَانَ يعْتَرف مكْرها فِيمَا حكم بِهِ على ابي شكيل فَكَانَ الْأَمر كَمَا ذكرُوا وَعَاد الْفُقَهَاء بِلَادهمْ بعد ان اعطى السُّلْطَان هَذَا الْفَقِيه مَالا جزيلا لقضا دين عَلَيْهِ كتب لَهُ بِهِ الى عَامل المهجم

    وَكَانَت وَفَاته بقرية الضحي لايام بَقينَ من صفر سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وسبعماية

    وَمِنْهُم اخوه يحيى بن اسماعيل تفقه وَكَانَ هُوَ الْقَائِم باهله اتم الْقيام ثمَّ خَلفه ابْنَانِ فاضلان هما احْمَد واسماعيل تفقه احْمَد بعلي بن مُحَمَّد وَولده مُحَمَّد الخليين

    الْمُقدم ذكرهمَا فِي اهل المهجم وَتُوفِّي بربيع الاول سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وسبعماية واما اسماعيل فتفقه بِجَمَال الدّين الْمُقدم ذكره وبعمه احْمَد

    واما اولاد احْمَد بن اسماعيل فهم جمَاعَة مِنْهُم ابراهيم كَانَ فَقِيها صَالحا كثيرا للُزُوم الْمَسْجِد اقام معتكفا بِهِ نَحْو نَيف وَعشْرين سنة وَكَانَت وَفَاته قبل ابيه بثماني ايام ثمَّ اسماعيل درس بزبيد بالعاصمية ايام بني مُحَمَّد بن عمر ثمَّ لما ولي بن الاديب الْقَضَاء جعله قَاضِيا بالمهجم فَلم يزل عَلَيْهِ حَتَّى كَانَ سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَسَبْعمائة جعل الْقَضَاء الى الظفاري الَّاتِي ذكره فَجعل ولد الْفَقِيه عبد الله الشغدري مقدمي الذّكر مَكَان هَذَا لتكرر الشكوى من اهل المهجم ونواحيها مِنْهُ فَلم تطل ايام الظفاري بل جرى لَهُ مَا جرى كَمَا سَيَأْتِي فَعَاد ابْن الاديب وَعَاد هَذَا فَهُوَ عَلَيْهِ الى الْآن سنة ثَلَاث وَعشْرين ثمَّ يحي هُوَ الان مدرس بزبيد ورايته غير قَاصِر يذكر الْفِقْه

    وَمُحَمّد تفقه ثمَّ اعتزل وَحصل لَهُ ولد وَقد انْقَضى ذكر المتحقق من الحضارم مِمَّن يسْتَحق الذّكر بِالْعلمِ وبهم نختم ذكر فُقَهَاء الضحي وَلم يبْق غير ذَلِك الْبَيْت الثَّالِث من الثَّلَاثَة الأبيات الَّتِي تقدم ذكرهَا وَهُوَ بَيت أبي

    الْخلّ وهم بَيت خير وَعلم وَعمل اصل بلد جدهم مارب بلد السد الَّذِي كَانَ مِنْهُ سيل العرم فَيُقَال ان الَّذِي وصل تهَامَة مِنْهُم رجل اسْمه يُوسُف بن ابراهيم بن حُسَيْن بن حَمَّاد بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَالْمِيم مَعَ التَّشْدِيد ثمَّ ألف ثمَّ دَال مُهْملَة بن ابي الْخلّ الماربي وشهرة ابي الْخلّ تغني عَن ضَبطه فَذكرُوا ان يُوسُف لما تدير قريتهم الَّتِي تعرف بهم اولد وَلدين هما مُحَمَّد وَعبد الله فمحمد غلبت عَلَيْهِ طَريقَة الصُّوفِيَّة وَذهب الى الامام ابْن عبدويه مقدم الذّكر فصحبه بِجَزِيرَة كمران وَهِي قريب من بلدهم وَقَرَأَ عَلَيْهِ بعض التَّنْبِيه وَتزَوج مِنْهُ ابْنة لَهُ اولدت لَهُ ثَلَاثَة اولاد هم عبد الله وَاحْمَدْ وَعبد الحميد وهم الاصول لبني ابي الْخلّ اذ يُقَال لَهُم بَنو عبد الله وَبَنُو عبد الحميد وَبَنُو احْمَد واما عمهم عبد الله فَكَانَ رجلا عابدا وَله ذُرِّيَّة يُقَال لَهُم اولاد عبد الله الاكبر فَكَانَ اول من شهر بالفقه والتدريس رجل من اولاده وَهُوَ ابو الْحسن احْمَد بن مُحَمَّد بن عبد الله يعرف بالمدرس اذ هُوَ اول من درس فيهم وَخَلفه ولد اسْمه مُحَمَّد تفقه بالامام احْمَد بن عجيل الْمُقدم ذكره وَكَانَ فَقِيها فرضيا زاهدا متورعا وَكَانَ تربا لِابْنِ عَمه احْمَد بن الْحسن الَّاتِي ذكره بلغ عمره ثَلَاثِينَ سنة وَلم يتَزَوَّج وَتُوفِّي سنة سبع عشرَة وسبعماية

    وَمِنْهُم ابْن عَمه صَالح بن احْمَد بن مُحَمَّد الَّذِي تزوج ابْنه ابْن عبدويه كَانَ فَقِيها كَبِيرا عَالما ورعا كثير الصّيام وَالْقِيَام كَانَ يَقُول لدرسته لَا تَأْتُونِي الا اوقات كَرَاهَة الصَّلَاة اذ كَانَ لَا يملها لَيْلًا وَلَا نَهَارا وَكَانَ تفقهه بعمر التباعي وَكَانَ غَالب ايامه صَائِما بِحَيْثُ لَا يفْطر غير الايام المكركوهة للصَّوْم وَكَانَ راتبه فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة الف رَكْعَة وامتحن اخر عمره بالعما فَكَانَ يعرف الدَّاخِل عَلَيْهِ قبل ان يتَكَلَّم وَكَانَت وَفَاته سنة سبع وسبعماية بعد ان جَاوز سبعين سنة وَكَانَ لَهُ ابْنَانِ هما مُحَمَّد وابراهيم

    فمحمد غلبت عَلَيْهِ الْعِبَادَة بعد ان تفقه وَعَلِيهِ دين كثير طلع بِسَبَبِهِ الْجَبَل وَبلغ ذَا عقيب من مخلاف جَعْفَر الْمُقدم ذكرهمَا فأدركه الْمَوْت هُنَالك فَتوفي وقبر على قرب من قبر الامام عمر بن سعيد واما ابراهيم فتفقه وَتُوفِّي شَابًّا فِي حَيَاة ابيه سنة خمس وسبعماية وَهُوَ ابْن خمس وَعشْرين سنة وَلَهُمَا اخ اسْمه مُحَمَّد بن احْمَد بن الْفَقِيه صَالح مُجْتَهدا بِالْقِرَاءَةِ حسن الظُّهُور تفقه بِمُحَمد بن عبد الرَّحْمَن الَّاتِي ذكره وَهُوَ مَوْجُود الان وَلم نذكرهُ هُوَ وعميه الْأَعْلَى سَبِيل التبع لأبويهم لقَوْله تَعَالَى بايمان الحقنا بهم ذريايتهم وَمِنْهُم يُوسُف ابْن يَعْقُوب وَلَيْسَ من الْبُطُون الثَّلَاثَة بل رُبمَا هُوَ من اولاد عمهم عبد الله كَانَ هَذَا يُوسُف كَبِير الْقدر شهير الذّكر بِالْعلمِ وَالدّين وَكَانَ تفقهه بالامام اسماعيل الْحَضْرَمِيّ وَابْن عَمه الْمدرس مقدم الذّكر وَكَانَ يُقَال لَهُ شمس الْعُلُوم واراد الاشرف ان يفرده بمسامحة فَقَالَ اما ان يكون لي ولأهلي والا لَا حَاجَة لي بهَا وَكَانَ الْفَقِيه اسماعيل الْحَضْرَمِيّ اذا اشكل عَلَيْهِ بِشَيْء من الْعلم كتب اليه يسْأَله فَيُجِيبهُ بِمَا يزِيل اشكاله وَكَانَ مَتى ذكره عِنْده قَالَ لَو كَانَ ان فِي الْيمن ثَلَاثَة مثله لَا اغنوا الطّلبَة عَمَّن سواهُم وامتحن بِالْمرضِ سنة كَامِلَة فَكَانَ قد ياتيه فَقِيه ويسأله عَن مَسْأَلَة فَيُجِيبهُ ثمَّ يفهم انه غير قَابل مَا قَالَ فيستدعي بِالْكتاب وَيَأْمُر ان يفتش مَا يزِيل ذَلِك فِي اسرع وَقت وَله ابْن فَاضل لَا سِيمَا فِي الحَدِيث هُوَ فِي عصرنا حَاكم الجثة الْبَلَد الْآتِي ذكرهَا

    وَمِنْهُم احْمَد بن عبد الله ابْن يُوسُف عَم الابطن الثَّلَاثَة كَانَ هَذَا احْمَد فَقِيها مَشْهُورا بِالْعلمِ وَالصَّلَاح رابته فِي كل يَوْم وَلَيْلَة من الْقُرْآن ختمتان وَلم يحدث حَدثا قطّ الا تَوَضَّأ وَصلى رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ الثَّانِي من مدرسي ابي الْخلّ فَكَانَ لَهُ ثَلَاثَة بَنِينَ كلهم وعا الْقرَان وَحدث لاحدهم ولد اسْمه احْمَد تفقه بعلي بن مُحَمَّد الخلي وَنجم الدّين الْمَذْكُورين فِي اهل المهجم

    وَمِنْهُم ابو الْعَبَّاس احْمَد بن الْحسن ابْن احْمَد بن مُحَمَّد بن يُوسُف الْمَذْكُور اولا فَهُوَ من بني احْمَد مولده لَيْلَة الاربعاء سادس عشر شَوَّال سنة ثَمَانِي واربعين وستماية وتفققه بِعَمِّهِ صَالح مقدم الذّكر وَتزَوج بابنته وغالب تفقهه بالامام اسماعيل وَكَانَ فريد عصره فَقِيها محجاجا غواصا على دقائق الْفِقْه عَارِفًا باخبار الْمُتَقَدِّمين صَاحب فنون متسعة وَلما بلغ المظفر كَمَاله ونبله وسعة علمه وانه يصلح لقَضَاء الاقضية استدعاه الى تعز فوصله واستحضره وَرَأى رجلا كَامِلا فَسَأَلَهُ ان يَلِي قَضَاء تهَامَة فَاعْتَذر وَلم يستلق المظفر مَعًا صاته وَرَأى ان يهمله الى وَقت آخر واذن لَهُ ان يعود الى بَلَده فسافر من فوره فتوجع وَلم يصل حيس حَتَّى قد اشفى فَتوفي وقبر هُنَالك وَفَاته نَهَار الْأَرْبَعَاء سادس عشر شَوَّال سنة تسعين وستماية وَسمعت جمَاعَة من الْفُقَهَاء انهم يَقُولُونَ انه مَا مَاتَ الا مسموما من بعض حسده وَالله اعْلَم

    وَمِنْهُم عبد الرَّحْمَن بن يُوسُف ابْن احْمَد بن مُحَمَّد بن يُوسُف تفقه بِابْن عَمه احْمَد بن الْحسن الْمَذْكُور آنِفا وبعمه صَالح وبعلي ابْن ابراهيم البَجلِيّ وَهُوَ فَقِيه مُحدث بَقَاؤُهُ سنة عشْرين وسبعماية

    وَمِنْهُم ابْن عَمه مُحَمَّد هُوَ فَقِيه قومه والمدرس فيهم والمفتي مِنْهُم يذكر بالفقه والورع وَأَنه صَاحب رياضة وَعبادَة وكرامات وَصَلَاح

    وَمِنْهُم مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحميد بن مُحَمَّد الْمَذْكُورين اولا بالفقه كَانَ فَاضلا بالفقه والنحو واللغة تفقه باحمد بن الْحسن وبجمال الدّين صَاحب المهجم وبنحوه وبلغته بِسُلَيْمَان بن الزبير وَكَانَ وَفَاته لبضع عشرَة وسبعماية وَمِنْهُم مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن مُحَمَّد بن يُوسُف كَانَ فرضيا نحويا لغويا مشاركا بالفقه تفقهه يبابه وَتُوفِّي سنة تسع عشرَة وسبعماية وَمِنْهُم عبد الرَّحْمَن بن احْمَد بن الْحِمْيَرِي بن يُوسُف كَانَ فَاضلا بِالْحَدِيثِ وَالتَّفْسِير وعالم الْحَقِيقَة طلع مَعَ جمَاعَة من أَهله الى

    تعز يَشكونَ من بعض عُمَّال المهجم الى الْمُؤَيد فاشكاهم بعض الأشكاء ثمَّ عَادوا بلدهم فَمَرض بِالطَّرِيقِ وَلم يصل حيس الا مَيتا فقبر الى جنب ابْن عَمه احْمَد بن الْحسن وَذَلِكَ سنة ثَمَانِي عشرَة وسبعماية

    وَاعْلَم اصلحنا الله وَإِيَّاك ان بني الْخلّ بَيت مَشْهُور بِالْعلمِ وَالصَّلَاح وَإِن كَانَ قد خرج فيهم جمَاعَة قرأوا كتب الْمنطق وَظهر مِنْهُم الْميل والاعتقاد اصحاب الطبايع وَالْأَكْثَر مِنْهُم اخيار سَمِعت الثِّقَة الْخَبِير يَقُول سنة عشْرين وسبعماية أَن فيهم من حفظَة كتاب الله الْعَزِيز ثَلَاثمِائَة حَافظ وَسِتُّونَ حَافِظًا ثمَّ لَهُم فِي موضعهم مَسْجِد يختصون بِهِ ويجتمعون فِيهِ اوقات الصَّلَاة فيختمون بعد الصُّبْح ختمة وَبعد الْعَصْر ختمة

    وَمِنْهُم عَليّ بن مُحَمَّد وَولده مضى ذكرهمَا فِي أهل المهجم

    وَقد انْقَضى ذكر من تحققته على نقل الْخَبِير مِنْهُم وبهم

    وَمن الواردين الى جهتهم ابو مُحَمَّد عَمْرو بن عَليّ ابْن عَمْرو بن مُحَمَّد بن سعيد بن ابي الجعفر بن عَبَّاس بِعَين مُهْملَة ثمَّ بَاء مُوَحدَة ثمَّ الف ثمَّ سين مُهْملَة التباعي نسبا الى ذِي تبَاع أحد أذواء حمير والتباعيون يغلطون فِي النّسَب وَيَقُولُونَ هم من هَمدَان فَلَمَّا اجْتمعت بالغيثي فِي وصاب انكر ذَلِك وَقَالَ حقق نشوان نسبهم الى ذِي هَمدَان وَقيل لَهُ ذَلِك لِأَنَّهُ كَانَ ملكا عَظِيما وَالْكَلَام فِي هَذَا يطول وَلَيْسَ من الْغَرَض فلنرجع الى ذكر عَمه وَكَانَ يلقب بمظفر ومولده ببني شاور سنة ثَمَانِي وَثَمَانِينَ وخمسماية من بلد حجَّة صحب الْفَقِيه عَليّ بن مَسْعُود وتفقه بِهِ ثمَّ طلع الْجبَال وَقصد جبا فادرك ابا بكر بن يحي فاخذ عَنهُ غريبي الْهَرَوِيّ ثمَّ تقدم الى مصنعة سير فَقَرَأَ بهَا على ابْن رَاشد مُسْند الامام احْمَد وَاجْتمعَ بِهِ الْفَقِيه حسن بن عَليّ الْمُقدم ذكره فِي مَدِينَة الْجند فَأخذ مِنْهُ اجازة عَامَّة قَالَ وَسَأَلته هَل روى الْفَقِيه عَليّ بن مَسْعُود عَن الْبُرْهَان اَوْ عَن الشريف يُونُس شَيْئا فَقَالَ لَا واخذ هَذَا عَمْرو عَن بن ابي الصَّيف وابي الْحَدِيد وَغَيرهمَا من الْكِبَار ثمَّ لبضع وَخمسين وستماية قدم مصنعة سير فاخذ الْقُضَاة عَنهُ بهَا مُسْند الامام احْمَد وَلما انْتهى الْفَقِيه عَمْرو فِي معرفَة الْفَقِيه انْقَطع

    عَن شَيْخه الْفَقِيه عَليّ بن مَسْعُود وَهُوَ إِذْ ذَاك بِبَيْت خَليفَة عِنْد الشَّيْخ عمرَان كَمَا قدمنَا ذَلِك وَاشْترى موضعا على قرب من بَيت حُسَيْن وابتنى بِهِ مسكنا وازدرع مَا زَاد على مَوْضِعه الْبناء والى الان لَا يسكن اُحْدُ فِي الْقرْيَة مَعَ بنيه الا برضاهم وموضعه مِمَّا ينْسب الى بَيت حُسَيْن وَكَانَ عمر قد تزوج بابنة اخي شَيْخه عَليّ بن مَسْعُود واولاده مِنْهَا بورك لَهُ فِي الذُّرِّيَّة مِنْهَا بركَة ظَاهِرَة وَكَانَ تزَوجه سنة ثَمَانِي وَعشْرين وستماية أخبر الثِّقَة ان المصبرى الْفَقِيه مقدم الذّكر خرج من بَلَده وَقد صَار فَقِيها فقصد زبيد وناظر فقهائها فَلم يجد عِنْدهم مقنعا فتمثل بقول الاول ... لما دخلت اليمنا وجدت وَجْهي حسنا ... اف لَهَا من بَلْدَة افقه من فِيهَا انا ... ثمَّ عَاد من فوره وَكلما مر بفقيه قَصده وناظره حَتَّى الى بَيت حُسَيْن فاراد الِاجْتِمَاع بالفقيه عَليّ بن مَسْعُود فقصد مدرسته وَهُوَ اذ ذَاك مُقيم مَعَ تِلْمِيذه هَذَا عَمْرو فَكَانَ أول من لقِيه فَظَنهُ ابْن مَسْعُود ففاتحه السُّؤَال وَلم يزل عَمْرو يجِيبه ويستزيده حَتَّى نضب سُؤَاله ثمَّ القى عَلَيْهِ عَمْرو سُؤَالَات اجاب عَن بَعْضهَا وَتوقف عِنَب عض فَقَالَ هَل الْفَقِيه عَمْرو وَكَيف رَأَيْت وَجهك الان اشارة إِلَى الْبَيْت الَّذِي بلغه ان يتَمَثَّل بِهِ اذ كَانَ قد بَلغهُمْ تمثله بِهِ فَقَالَ يَا سَيِّدي المعذرة الى الله ثمَّ اليك يَا سَيِّدي ابا الْحسن فَعلم الْفَقِيه عَمْرو انه لم يعرفهُ وانه حَسبه الْفَقِيه فَقَالَ انا بعض تلاميذ الْفَقِيه عَليّ وَهُوَ اذ ذَاك مشتغل فِي محراب الْمَسْجِد فاقدم اليه فَقدم اليه وَقد عرف انه لَا طَاقَة لَهُ بِهِ وَقَالَ فِي نَفسه إِذا كَانَ ذَا درسي من درسته فَكيف حَال الْمدرس وَلم يزدْ حِين وصل الْفَقِيه على السَّلَام وَطلب الدُّعَاء وَكَانَ عَمْرو كَبِير الْقدر شهير الذّكر مُعظما عِنْد اهل الْعَصْر ابتنى لَهُ عَبَّاس بن عبد الْجَلِيل الَّذِي مضى ذكره مَعَ القَاضِي الْعَنسِي بِذِي اشرق مدرسة هِيَ بَاقِيَة الى الْآن وَكَانَ شَيْخه ابْن مَسْعُود يثني عَلَيْهِ وَيَقُول هُوَ اكبر اصحابي اخذا عني وَهُوَ الَّذِي لقبه بمظفر الدّين واعطاه كتبه فِي اخر الامر واستخلفه على تدريس اصحابه

    فدرس واستغل الْفَقِيه بِالْعبَادَة وتفقه بِهِ جمع كثير من تهَامَة والجبل فَمن تهَامَة احْمَد بن عَليّ بن هِلَال ذكرته فِي نواحي حرض وَعلي بن ابراهيم البَجلِيّ وَابْنه مُحَمَّد بن عمر وَقد ذكرت بَعضهم وَمن تاخر ساذكره عِنْد ذكره والمعرفة لَهُ ان شَاءَ الله وَحصل بَينه وَبَين الشَّيْخ ابي الْغَيْث ألفة فَكَانَ يجله وَيقبل قَوْله وَيُقَال أَن بركَة الشَّيْخ للسماع اسْما إِنَّمَا كَانَ باشارته وَحكى ان الشَّيْخ عَليّ السبننى صَاحب القرشية لما سمع ببركة الشَّيْخ ابي الْغَيْث للسماع قبولا من الْفَقِيه خرج من القرشية وَقصد بَيت حُسَيْن وَاجْتمعَ بالشيخ والفقيه مُجْتَمعين قَالَ للفقيه عَمْرو كَيفَ يَا فَقِيه تنكر احوال الْفُقَرَاء فقالعمرو وَإِنَّمَا أنكر على من أنكر الله عَلَيْهِ وَرَسُوله فَقَالَ أَن كَانَ فَمَا تَقول هَذِه السارية فاضطربت السارية فَقَالَ لقد علمت ان سير احوال الصَّالِحين عَلَيْهِم احرى بهم ثمَّ ضرب الْجِدَار وَإِذا بِهِ قد اضْطَرَبَتْ وكادت الْخَشَبَة تقع بِالْأَرْضِ فبادر الشَّيْخ ابو الْغَيْث والسبتي الى الأنصاف وَالِاسْتِغْفَار ثمَّ لما صفي الْوَقْت قَالَ السبتي يَا فَقِيه اني اعرف مَا فِي نَفسك واشار الى كتاب بيد الْفَقِيه والا فسئلني عَمَّا شيئت فِيهِ اخبرك بِهِ فَعجب الْفَقِيه عَمْرو من ذَلِك وَلم يسْأَله اذ قد علم صدقه وَلم يزل عَمْرو على الْحَال المرضي من التدريس وَالْفَتْوَى وَنشر الْعلم الى ان توفّي عصر الاربعاء لِاثْنَتَيْ عشرَة لَيْلَة خلت من جمادي الاولى سنة خمس وَسِتِّينَ وستماية وَخَلفه ابْنه مُحَمَّد وَكَانَ فَاضلا بالفقه والْحَدِيث تفقه بابيه وبسليمان بن الزبير واخذ عَن ابي الْخَيْر بن مَنْصُور الْمَذْكُور فِي اهل زبيد وَكَانَ لَهُ صهر يصحب عَبَّاس بن عبد الْجَلِيل لماتوفي الْعَبَّاس حصل بعض الوشاة وشا الى الاشرف بصهر الْفَقِيه وان بِيَدِهِ مَالا لعباس فَلَزِمَهُ الاشرف وارادوا مصادرته فوصل الْفَقِيه بابيه وَهُوَ اذ ذَاك مُقيم بالمهجم لكَونهَا اقطاعه فَاعْلَم بوصوله فاستدعاه فحين دخل رحب بِهِ واجله ثمَّ لما كَلمه بصهره قَالَ يَا سَيِّدي قد اشفعتك بِالشّرطِ ان يدرس بِالْمَسْجِدِ الَّذِي بناه الْوَالِد فِي وَاسِط فاجاب بِالطَّاعَةِ للضَّرُورَة بتخليص الصهر ثمَّ تقدم ودرس مُدَّة وَهُوَ مَعَ ذَلِك متقلق وَمهما حصل من طَعَامه صرفه على جمَاعَة الطّلبَة المنقطعين وَفِي بعض

    وُجُوه الْبر فَذكرُوا انه كَانَ ذَات يَوْم مفكرا فِي خلاصه على أَي وَجه يحسن فَدخل عَلَيْهِ فَقير فَسلم عَلَيْهِ وَسَأَلَهُ أَن يكْتب لَهُ شَفَاعَة الى صَاحب جَابر الْحَادِث بِأَن يركبه فِي بعض الجلائب الى جدة فَكتب لَهُ الْفَقِيه وَلما فرغ قَالَ الْفَقِير يَا فَقِيه اجد فِي نَفسك كلَاما واجدك متقلقا وَقد احببت ان اسمعك ابياتا اتوافق الْمَعْنى وَهِي ... كن عَن همومك معرضًا ... وكل الامور الى القضا

    وَابْشَرْ بعاجل فُرْجَة ... تنسى بهَا مَا قد مضى

    فلربما اتَّسع الْمضيق ... وَرُبمَا ضَاقَ الفضاء

    ولرب امْر مسخط ... لَك فِي عواقبه رضَا

    الله يفعل مَا يَشَاء ... فَلَا تكن متعرضا ... فَوَقع فِي نفس الْفَقِيه التّرْك لِلْمَسْجِدِ والزهد بِجَمِيعِ العلائق ثمَّ جعل يفكر بالابيات سَاعَة ثمَّ افاق فَلم يجد الْفَقِير فَطَلَبه وامر من يتبعهُ الطّرق فَلم يُوجد فَخرج الْفَقِيه من فوره عَن الْمَسْجِد سائرا قَاصِدا فوصل بَلَده فَمر بالجبيرية الْمُقدم ذكرهَا من نَاحيَة المحالب وانه كَانَ بهَا تلميذ لابيه فَلَقِيَهُ وعزمه وادخله الْمَسْجِد فَبَيْنَمَا يذهب الْبَيْت بامر اهله

    بتهيئة للاصلاح لدُخُول الْفَقِيه فحين دخل الْمَسْجِد احرم بالصلوة ثمَّ لما ركع رفع رَأسه شاخصا ببصره الى السَّمَاء حَتَّى انْقَضى النَّهَار ثمَّ بقى مطرقا لَا يُجيب وَلَا يتَكَلَّم فَحمل عَن الْمَسْجِد الى بَلَده فَادْخُلْ بَيته فاقام سنة لَا يكَاد يفهم مِنْهُ امْر وَلَا اكل طَعَاما غير شربة لبن ثمَّ فتح عَلَيْهِ عقب ذَلِك بمكاشفات وكرامات وبكلام فِي الْحَقِيقَة مِنْهُ لدغات الْغَفْلَة فِي قلب العَبْد المراقب اعظم من لدغات الْحَيَّات والعقارب واقام سنة أُخْرَى لم يَأْكُل شَيْئا وَفِي السّنة الَّتِي مَاتَ فِيهَا لبث سَبْعَة اشهر لم يذقْ طَعَاما ثمَّ اكرهه اهله قبل مَوته بسبعة ايام على طَعَام وَكَانَت وَفَاته مَعَ ذَلِك يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَانِي

    عشر صفر سنة اثْنَتَيْنِ وَسَبْعمائة وَخَلفه ولد لَهُ اسْمه ابراهيم تفقه بابيه ثمَّ بعلي ابْن ابراهيم البَجلِيّ وتزهد وَلحق طَرِيق الْعِبَادَة والتصوف ثمَّ سَافر الْحَبَشَة فتوفى بهَا وللفقيه عمر ولد اخر اسْمه ابراهيم يغلب عَلَيْهِ معرفَة الحَدِيث وَالتَّفْسِير واللغة واخذه عَن ابيه واخيه وَعَن سُلَيْمَان بن الزبير وَعَن ابي الْخَيْر بن مَنْصُور وزميله فِي قِرَاءَة تَفْسِير الواحدي عِيسَى بن مطير وَله ولد مَوْجُود أَحْمد بن الْفَقِيه عمر وَقد يُنكر بِمَعْرِِفَة الحَدِيث تفقه بِعَمِّهِ مُحَمَّد وبابيه واخبرت بانه بَاقٍ سنة عشْرين وَسَبْعمائة وَمِنْهُم عُثْمَان بن الْفَقِيه هَاشم الحجري مقدم الذّكر فِي جبل نيس تفقه عُثْمَان بِعَمْرو وَكَانَ فَقِيها فَاضلا ثمَّ صحب الشَّيْخ عِيسَى بن حجاج الغيثي وَالشَّيْخ عَليّ السبتي وَفتح لَهُ فِي الْحِكْمَة اقوال كَثِيرَة وَفسّر كَلَام الْمُحَقِّقين تَفْسِيرا نَافِعًا وَكَانَ يتَكَلَّم بحضر الشَّيْخَيْنِ فيقبلان مِنْهُ وَلَا ينكران عَلَيْهِ وَكَانَت وَفَاته سنة ثَلَاث وَسَبْعمائة وَخَلفه ابْن اسْمه مُحَمَّد تفقه بِمُحَمد بن عمر واخذ الحَدِيث عَنهُ ايضا وَعَن اخيه ابراهيم ومولده ومولد ابيه بتهامة بِبَيْت حُسَيْن الَّذِي ذكرت أَن جده تديره وَبَلغنِي أَن هَذَا مُحَمَّد مَوْجُود سنة عشْرين وَسَبْعمائة وَقد عرض مَعَ ذكره رجلَيْنِ من اعيان مَشَايِخ الصُّوفِيَّة هم ابْن حجاج والشنيني فاما ابْن حجاج فَهُوَ أَبُو مُحَمَّد عِيسَى بن حجاج العامري الغيثي نسبه الى الشَّيْخ الْمَذْكُور اولا وَهُوَ اُحْدُ اعيان اصحابه وَنسبه فِي عرب يُقَال لَهُم بَنو عَامر يسكنون جبلا تَحت حصن الشّرف الْمَذْكُور اولا بِبَلَد وصاب على قرب من سوق يعرف بالمجمع وبلادهم تعرف بِبِلَاد أسلم ضد كفر

    وَكَانَ هَذَا عِيسَى صَاحب حَال ومقال قَلِيل الْمِثَال صَاحب تربية وَعلم من عُلُوم الصُّوفِيَّة صَاحب كرامات مَشْهُورَة وَكَانَت وَفَاته فِي شهر جمادي الأولى سنة خمس وَسِتِّينَ وسِتمِائَة وَكَانَ

    مصاحبا للْقَاضِي صَالح والفقيه عمر فتوفوا الثَّلَاثَة بوعد وَاحِد واما الشنيني فَلم اكد اتحقق لَهُ خَبرا

    وَمِنْهُم حُسَيْن وَأحمد ابْنا مطير فقيهان فاضلان أخذا عَن عَمْرو واختص حُسَيْن بِمَعْرِِفَة الادب وَقَول الشّعْر وَكَانَت وفاتهما فِي قَرْيَة الْفَقِيه ايضا

    وَمِنْهُم ابو بكر بن مُحَمَّد الْعَبْسِي بِالْبَاء الْمُوَحدَة بَين الْعين وَالسِّين الْمُهْمَلَتَيْنِ كَانَ فَقِيها فَاضلا وَله يَد فِي النَّحْو ولي قضا بَيت حُسَيْن ثمَّ عزل نَفسه فاجبر على الْعود ثمَّ عزل نَفسه بعد ايام غير طائلة وَكَانَ مَسْكَنه موضعا يعرف بِبَيْت الْقرح بِفَتْح الْقَاف وخفض الرَّاء وَسُكُون الحا الْمُهْملَة اذ اول من تديره جد لهَذَا الْفَقِيه اسْمه الْقرح نسبه فِي عرب يُقَال لَهُم بَنو عُبَيْدَة بِفَتْح الْعين وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْيَاء الْمُثَنَّاة من تَحت وَفتح الدَّال الْمُهْملَة وسكونالهاء وَكَانَ هَذَا الْفَقِيه مِمَّن شهر بِقَضَائِهِ بالورع وَالصَّلَاح وَمن ذُريَّته وبقريته رجل اسْمه عَليّ بن ابراهيم تفقه بِمُحَمد بن مطير وبابن المزجد يَنُوب الْقَضَاء بِبَيْت حُسَيْن وَمِنْهُم أَبُو مُحَمَّد بن عِيسَى بن مطير تَصْغِير مطر بن عَليّ بن عُثْمَان الْحكمِي اصله من حكماء حرض وَكَانَ ابو مطير من اعيانهم وكبرائهم خرج هَذَا عِيسَى من بلد قومه رَاغِبًا فقصد المخلافة فاخذ عَن سُلَيْمَان بن الزبير ثمَّ وصل الى تعز فَفعل ذَلِك بِنَظَر وَقد كَانَ امْر لَهُ بزوادة جَيِّدَة وَذكر انها من وَجه حل فَلم يُمكن الا الْوُصُول وَصَارَ كلما مر فِي طَرِيقه بِبَلَد من المدن وَصله الْوَالِي وَسلم عَلَيْهِ واعلمه بورود امْر السُّلْطَان عَلَيْهِ انه مَتى وصل اليهم اكرموه وسألوه مَا يحْتَاج من الدَّرَاهِم ويسلمونه اليه وَلم يَأْخُذ من اُحْدُ شَيْئا حَتَّى دخل تعز فحين علم السُّلْطَان بِهِ استدعاه فَلَمَّا حضر رحب بِهِ واكرمه ثمَّ سَأَلَهُ عَمَّا قَرَأَ من الْكتب فَأخْبرهُ فَقَالَ لَهُ أَلا قَرَأت شَيْئا من كتب أصُول الدّين فَقَالَ الْفَقِيه قد قَرَأت مَا عرفت بِهِ صِفَات رَبِّي وَحُرْمَة نَبِي ومبتدائي ومرجعي فَقَالَ ذَلِك الْمَطْلُوب وَمَا هُوَ

    فَقلت كتاب الله وَسنة نبيه والنحو واللغة قَالَ صدقت وَنعم مَا علمت وَلَكِن لَو يظْهر عَلَيْكُم خارجي بِمَاذَا كُنْتُم تقابلونه فَقَالَ الْفَقِيه بسيفك المسلول فَقَالَ اسحنت هَكَذَا كَانَ الصَّدْر الاول من السّلف ثمَّ قَالَ اني بنيت بِهَذَا الْبَلَد مدرسة من وَجه حَلَال وَعَلَيْهَا وقف كَذَلِك واحب ان تقف تدرس بهَا فَقلت اني رجل تهامي لَا صَبر لي على الْجبَال الوعرة والبلاد الْبَارِدَة فَقَالَ يَا سُبْحَانَ الله الْعَظِيم لَيْسَ هَذَا عذر وانت ذكرت لي انك قَرَأت عَليّ ابْن الزبير فِي المخلافة وَهِي أَشد بردا من هَذِه الْبَلَد واضنك عَيْشًا فَقَالَ الان حججتني سمعا وَطَاعَة فَكتب حِينَئِذٍ ورقة الى الْوَزير يَقُول لَهُ يَا قَاضِي بهاء الدّين قد صوبنا الراي ان يقف فلَان مدرسا فِي مدرستنا بالمغربة وَقد ساعدنا على ذَلِك جزاه الله عَن الْمُسلمين خيرا فافعل لَهُ فَوق مَا كَانَ يفعل لمن قبله فَتقدم بِالْوَرَقَةِ الى القَاضِي فَلَمَّا وَصله وَأَوْقفهُ على ورقة السُّلْطَان ورحب واهل وَسَهل ثمَّ امْر من سَار مَعَه الى الْمدرسَة قَالَ عُثْمَان الشرعبي فَلَمَّا صَار بِالْمَدْرَسَةِ مستمرا على التدريس ظَهرت الْفَوَائِد الجمة على الطّلبَة وانارت الانوار الفقيهية والحديثية والنحوية واللغوية وَكَانَ يسمع من أرجاء الْمدرسَة صرير الاقلام وانتفع بِهِ من الطّلبَة الْخَاص وَالْعَام وَكَانَ عمره اذ ذَاك اثْنَان واربعون سنة وَهولا يكَاد يُوجد بلحيته سَواد قَالَ وَكَانَ مَجْلِسه محفوفا بالبركات وتسهيل الْعبارَات وَحُصُول التَّوْبَة من الزلات وَاجْتنَاب السَّيِّئَات والغيبات وَمَتى تعرض لَهَا متعرض زبره ومذهبه اقْرَأ الحَدِيث برجب شعْبَان ورمضان وَكَانَ يحضر مَجْلِسه المدرسون الشُّيُوخ الصالحون والشباب التائبون وَكَانَ عَظِيم الْوَرع مَحْفُوظًا عَن ارْتِكَاب الشُّبُهَات لَا يَأْكُل الا مَا يتَحَقَّق لَهُ وَمَتى أكل شَيْئا بِهِ شُبْهَة لم يسْتَقرّ لَهُ بباطن قَالَ الْفَقِيه عُثْمَان عمل بعض جيران الْمدرسَة طَعَاما لحادث حدث لَهُ فَدَعَا اليه جمعا من المدرسين وكافة اهل الْمدرسَة والفقيه من جُمْلَتهمْ فَاحْضُرْ طَعَاما مزخرفا ملونا الوانا كَثِيرَة فاكل مِنْهُ المدرسون واكل الْفَقِيه تقليدا لَهُم ثمَّ لما فرغوا ذهب كل مِنْهُم بَيته فَلم يكد يسْتَقرّ الْفَقِيه ببيته حَتَّى ذرعه الْقَيْء

    فَاخْرُج جَمِيع مَا اكله حَتَّى اعقبه قِطْعَة دم ثمَّ لما فرغ قَالَ للفقيه عُثْمَان مَا هَذَا الرجل الَّذِي دَعَانَا قلت يَا سَيِّدي هُوَ عبد السُّلْطَان من عبيد الطبلخانة فتعب من ذَلِك وَقَالَ لَو علمت لامتنعت لَكِن قلدت الْفُقَهَاء قَالَ الْفَقِيه عُثْمَان وَكَانَ يامرني ان اعْمَلْ قوته فِي بَيْتِي وَيَقُول لي عرف اهلك لَا يخلطونه بِغَيْرِهِ فَكنت اوصيهم كل وَقت بذلك وَكَانُوا يعتمدونه ثمَّ اني غبت وَمَا عَن الْبَيْت فِي بعض الاشغال مَعَ الْفَقِيه فَلم اشعر حَتَّى قد امْر اهلي بِالطَّعَامِ وانا عِنْد الْفِقْه فانتولته من حامله وَوَضَعته بَين يَدي الْفَقِيه ثمَّ كشف الغطاء فَوَجَدته خبز بركانه مثرود بِاللَّحْمِ والفقيه قد اشْتَدَّ بِهِ الْجُوع فاهوى الْفَقِيه بِيَدِهِ ليَأْكُل مِنْهُ فَكَأَن من صرف نَفسه عَنهُ وَجعل يقلب لقْمَة بِيَدِهِ ثمَّ يحملهَا حَتَّى تقرب من فِيهِ ويبعدها وَرُبمَا ادخل اللُّقْمَة ولاكها ثمَّ نجعها ثمَّ ياخذ الْقطعَة من اللَّحْم بِطيب نفس فيلوكها ثمَّ ترك الْخبز وَاقْبَلْ على اناء اللَّحْم فاكل مِنْهُ قطعا ثمَّ تَأَخّر وَقَالَ يَا عُثْمَان غطى عَلَيْهِ واعده من حَيْثُ جَاءَ فَقلت يَا سَيِّدي هلا اعطيه بعض المحتاجين من اهل الْمدرسَة قَالَ لَا فعجبت من ذَلِك وَاعَدت الطَّعَام مَعَ الَّذِي جَاءَ بِهِ ثمَّ لما رحت الْبَيْت سَأَلت اهلي عَن الْقِصَّة فَقَالُوا لما تَأَخَّرت وَلم تصلنا كجاري الْعَادة وَقد كَانَ فرغ طَعَام الْفَقِيه امرنا من اشْترى خبْزًا من السُّوق فَاشْترى من خبز الجرايه فَلَمَّا جَاءَ بِهِ اعجبنا صفائه وَحسنه ونضجه وثردناه بِاللَّحْمِ وامرنا بِهِ اليكم فحنقت عَلَيْهِم وَقلت لاتعودوا على ذَلِك ثمَّ عملت لَهُ طَعَاما غَيره فاتيته بِهِ فَأَكله وَأقَام على التدريس بالمظفرية سنينا ثمَّ عَاد بَلَده فَلبث يَسِيرا ثمَّ توفّي فِي نَحْو ثَمَانِينَ وستماية تَقْرِيبًا وَله ولد اسْمه مُحَمَّد أمه بنت الْفَقِيه عمر وتفقه بِمُحَمد بن عمر وَله معرفَة جَيِّدَة بالفقه مُسَددًا بالفتوى ذُو دين وتقا مَذْكُور مَشْهُور بالفقه وَالْفَتْوَى وَهُوَ الْآن عُمْدَة الْمُفْتِينَ بِالْبَلَدِ

    وَمِنْهُم الْحَضْرَمِيّ بن عبد الله بن مُحَمَّد بن مَسْعُود بن مُحَمَّد المحزى بَلَدا

    والحي نسبا الى قبيل من خولان يعْرفُونَ ببني حَيّ تفقه باحمد بن الْحُسَيْن الْحكمِي واخذ عَن مُحَمَّد بن عمر وَتُوفِّي سنة سبع وَسَبْعمائة وَمِنْهُم ابو الْحجَّاج يُوسُف بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن حسان السيفي عرف بِابْن المزجد فَقِيه فَاضل ومدرس كَامِل وَهُوَ الان الْمدرس بمدرسة عَبَّاس بن عبد الْجَلِيل مقدم الذّكر

    وَمِنْهُم عَليّ بن ابراهيم عرف بِابْن سردام تفقه بِمُحَمد بن عَمْرو وبالفقيه الْحَضْرَمِيّ ويدرس بِجَامِع عَبَّاس وَمِنْهُم ابو بكر بن مُوسَى بن مُحَمَّد بن خَليفَة الكسى من عصبَة ابْن مَسْعُود فَقِيه مجود تفقه اببن مطير وبابن المزجد وَابْن سردام

    وَمن بَيت عطا رجل كَانَ فَقِيها والى وَلَده احْمَد وصل الشَّيْخ ابو الْغَيْث كَانَ الفقية عطا وَولده احْمَد يذكران بالفقه وَالْخَيْر ولاحمد ولد اسْمه مُحَمَّد وَكَانَ خيرا وَنسب عطا فِي بني عُبَيْدَة الْمُقدم ذكرهم وَلم اتحقق من نعتهم شَيْئا وفقيه الْقرْيَة الان يَعْقُوب بن مُحَمَّد الخرب بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة مَفْتُوحَة بعد الف وَلَام وخفض الرَّاء ثمَّ بَاء مُوَحدَة لقب لابيه نسبه فِي الزيدين وتفقه بَابي بكر الْعَبْسِي وَعلي بن مُحَمَّد الخلي مقدمي الذّكر قدم تعز واقام فِي الْمدرسَة المجيرية سنة احدى وَعشْرين وَسَبْعمائة تفقه بِهِ عبد الرَّحْمَن ولد الْفَقِيه ابي بكر التعزي ثمَّ عَاد بَلَده وَقَبله جمَاعَة مِنْهُم يَعْقُوب بن سُلَيْمَان نسبه من الانصار وَكَانَ فَقِيها فَاضلا تفقه بَابي بكر الْعَبْسِي الْمُقدم الذّكر وَالِده من خَواص اصحاب الشَّيْخ ابي الْغَيْث وَوصل الى بَيت عطا صحبته من الْجَبَل ذكر الثِّقَة ان رجلا وصل الى هَذَا يَعْقُوب وَهُوَ فِي النزع فساله عَن مَسْأَلَة فاجابه وَهُوَ غافل ثمَّ توفّي فراه بعض اصحابه بعد دَفنه بِيَوْم اَوْ يَوْمَيْنِ فَقَالَ يَا فلَان رح الى الرجل الَّذِي سالني فِي محضرك عَن كَذَا وَكَذَا وانا فِي النزع وَقل لَهُ اني اجبته فِي حَال شغل والاصح ان جَوَابه كَذَا

    وَكَذَا وَهَذَا من حسن توفيقه حَيا وَمَيتًا وَمن قَرْيَة تسمى بَيت دبان بِضَم الدَّال الْمُهْملَة وفتحالباء الْمُوَحدَة ثمَّ الف ثمَّ نون فَقِيه اسْمه مُحَمَّد بن عمر بن حشيبر بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح الشين الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْيَاء المناه من تَحت وخفض الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الرَّاء وَنسبه فِي قوم يُقَال لَهُم الهليلويون بهَا مَضْمُومَة بعد الف وَلَام مَفْتُوحَة وَبعدهَا لَام مَفْتُوحَة ثمَّ يَاء مثناة من تَحت سَاكِنة ثمَّ لَام مخفوضة ثمَّ يَاء مثناة من تَحت مَضْمُومَة ثمَّ وَاو سَاكِنة ثمَّ نون كَانَ فَقِيها زاهدا ورعا صَاحب كرامات وَكَلَام بالحكمة وَفَاته مستهل عَرَفَة سنة عشْرين وَسَبْعمائة وَكَانَ وَالِده فَقِيها خيرا صحب الشَّيْخ ابي الْغَيْث واختص بِهِ وعد من اصحابه وبقرية يُقَال لَهَا بَيت التوم بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق ثمَّ تشديدها بعد الف وَلَام وَالْوَاو بعْدهَا مثلهَا مِيم سَاكِنة فَقِيه اسْمه احْمَد بن عَليّ الصريفي تفقه باحمد بنالحسن وبجمال الدّين مقدمي الذّكر واخذ الْفَرَائِض وَعلم الْجَبْر والمقابلة عَن مُحَمَّد بن عَليّ الْمَذْكُور انفا

    وَمن قَرْيَة الشريج بالحربية من عرب هُنَاكَ يُقَال لَهُم الحربيون جمع حَرْبِيّ على ضد السلامه وَكَانَ فيهم فِيمَا تقدم فَقِيه اسْمه الْحَبل بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة ثمَّ لَام كَانَ فَقِيها فَاضلا كثير التّكْرَار الى الْحَج وَرُبمَا جاور باحد الْحَرَمَيْنِ فَذكرُوا انه اجْتمع بالغزالي مرَّتَيْنِ بِمَكَّة فَوَجَدَهُ فِي الْمرة الاولى على بغلة بزنار وَحَوله حفدة كَثِيرُونَ وَفِي الْمرة الثَّانِيَة وجده على قدم التجرد وَعَلِيهِ جُبَّة صوف فَتَبِعَهُ الى مَوضِع بِالْحرم واراد مباحثته عَن شَيْء من الْعلم فَالْتَفت اليه وقرا وَمن يَعش عَن ذكر الرَّحْمَن نقيض لَهُ شَيْطَانا فَهُوَ لَهُ قرين فَعلم ان ذَلِك

    كراه الْبَحْث فَعرض عَنهُ وَكَانَ الْحَبل رجلا شهير الذّكر جليل الْقدر وَله الى الان ذُرِّيَّة بِبَلَدِهِ يعْرفُونَ ببني ناشر بِفَتْح النُّون ثمَّ الف ثمَّ شين مُعْجمَة ومخفوضة ثمَّ رَاء سَاكِنة وَقد عرض ذكر الْغَزالِيّ هُنَا فاحب بَيَانه كَمَا كَانَ ذَلِك فِي غَالب الْكتاب اذ كَانَ هَذَا من ائمة الاسلام من الْمُعْتَمد قَوْلهم فِي الْحَلَال وَالْحرَام فَهُوَ ابو حَامِد مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الْغَزالِيّ نسبه الى الْغَزل بيعا اَوْ عملا وَذَلِكَ على عَادَة اهل خوارزم وجرجان اذ ينسبون الى الْعطر وَالْقصر عطارى قصارى وَقيل أَن الزَّاي مُخَفّفَة نسبه الى غزاله قَرْيَة من طوس مولد الْغَزالِيّ وتفقه بَابي الْمَعَالِي الْجُوَيْنِيّ وَكَانَ من ائمة الدّين واخيار الْمُسلمين درس فِي العراقين وَرَأس بِعلم الطَّرِيقَيْنِ وصنف المصنفات المفيدة الَّتِي عكف النَّاس عَلَيْهَا ومالوا عَن غَيرهَا اليها وَمَا من فنونالعلم إِلَّا وَله أَكثر تصنفيا وَأحسن تأليفا وَكتبه وَكتب أبي إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ هِيَ الْمَعْمُول عَلَيْهَا فِي الْيمن

    وَمن النَّاحِيَة عَليّ بن مُحَمَّد بن عُثْمَان بن مُحَمَّد بن ابي الفوارس القيني بِفَتْح الْقَاف بعد الف وَلَام ثمَّ يَاء مثناة من تَحت سَاكِنة ثمَّ نون بعْدهَا ايضا نسبه الى قوم يُقَال لَهُم القيانه من عك تفقه بِالْجَبَلِ على الامام بطال واخذ عَن عَليّ بن مَسْعُود وابي حَدِيد وَغَيرهمَا وَكَانَ للامام اسماعيل الْحَضْرَمِيّ كثير التّكْرَار لزيارته وَفَاته تَقْرِيبًا سنة ثَمَانِي وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة بعد ان بلغ عمره نيفا وَثَمَانِينَ سنة

    وَمِنْهُم ابْن عَمه عمر بن مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن ابي الفوارس مقدم الذكركان فَاضلا بِعلم الأدبية وَله مسموعات بذلك أَخْبرنِي بعض أَهله وَتُوفِّي قبل ابْن عَمه بسنين كَثِيرَة وَمِنْهُم ابو مُحَمَّد عبد الله بن الدَّلِيل الرَّافِعِيّ نسبا كَانَ

    فَقِيها فَاضلا عَارِفًا بالفقه بِحَيْثُ يُقَال انه نَظِير للفقيه عمر وَفِي مَعْرفَته مُسَددًا بالفتوى ماهرا فِي اسْتِخْرَاج دقائق الْفِقْه وَكَانَ كتاب الشَّرْع فِي المهجم مَتى كتبُوا سجلا حكيما لم يضع القَاضِي خطه عَلَيْهِ حَتَّى يَأْمُرهُم بعرضه عَلَيْهِ ليتصفحه وَيضْرب مِنْهُ على مَا يَنْبَغِي عَلَيْهِ وان لم يعرض عَلَيْهِ وجد فِيهِ النَّقْص وانتقض على الْحَاكِم وَالْكتاب

    وَمِنْهُم اعني بني الدَّلِيل ابو بكر بن الدَّلِيل كَانَ فَقِيها محققا لم يخرج من بلدهم وَهِي قَرْيَة فِي حُدُود وَادي سِهَام تعرف بالعنبرة بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون النُّون وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَالرَّاء ثمَّ هَاء سَاكِنة وَكَانَ مَوْجُودا قبل عبد الله واظن تفقه عبد الله بِهِ وَكَانَ يذكر بالفقه والتدقيق وَمِنْهُم مُحَمَّد بن ابي بكر هُوَ ابْن اخي عبد الله مقدم الذّكر كَانَ فَقِيها فَاضلا وَهُوَ الَّذِي ذكر بَعضهم أَن المظفر بني مدرسة جَامع الواسط لسببه اذ كَانَ حسن الظَّن بِهِ وَقد ذكرت ان اصل بلدهم الْقرْيَة الْمَذْكُورَة بوادي سِهَام وَبَلغنِي ان سَبَب سكناهم المقصرية من نواحي المهجم انهم تزوجوا الى بني ابي الفوارس مقدمي الذّكر وَمِنْهُم بَقِيَّة فِي بني ابي الفوارس يذكرُونَ بِالْعلمِ ويتعانونه

    وَمِنْهُم احْمَد بن عبد الله بن مُحَمَّد يلقب بالقطقطي بقافين مضمومتين بَينهمَا طاء مُهْملَة سَاكِنة وَبعد الطَّاء الاخيرة مِنْهُمَا بأنسب لم ادر مَا حَقِيقَة ذَلِك يذكر بتحقيق الْفَرَائِض وَنسب بني الدَّلِيل يرجع الى ربيعَة

    وَمن قَرْيَة التحيتا بِضَم التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَفتح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء الْمُثَنَّاة من تَحت وَفتح التَّاء من فَوق ثمَّ الف وَهِي ايضا من اعمال المهجم كي لَا يظنّ ظان انها من اعمال زبيد وَهِي تحد الْعَرَب الَّذين يعْرفُونَ بالزيديين

    كَانَ يسكنهَا ابو عبد الله مَنْصُور بن عبد الله النجري كَانَ فَقِيها عَارِفًا وَاصل بَلَده نَجْرَان الْبَلَد الْمَشْهُورَة الَّذِي قدم نصارها على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ متقنا عَارِفًا بِالْمذهبِ اخذ عَنهُ جمَاعَة من فُقَهَاء سردد وَغَيرهم حَتَّى قيل أَن الامام اسماعيل اخذ عَنهُ وَصَحب الشَّيْخ ابي الْغَيْث صُحْبَة شافيه فتزهد فِيهَا وَتعبد وَمَال الى طَرِيق الْخلْوَة فَأمر الشَّيْخ صَاحبه فَيْرُوز ان يَخْدمه فَوقف عِنْده اياما يَخْدمه تَعب الْفَقِيه مَعَه وَلم يقدر على انعاشه فَسَأَلَ من الشَّيْخ ابعاده عَنهُ فامر بالعودة الى حَضرته وَكَانَ مَنْصُور هَذَا كَبِير الْقدر شهير الذّكر توفّي تَقْرِيبًا سنة عشْرين وستماية بالقرية والرباط الَّذِي بهَا يُقَال انه اول رِبَاط احدثه الشَّيْخ ابو الْغَيْث فِي اعمال سردد ولمنصور ذُرِّيَّة بالقرية يتظاهرون بطرِيق التصوف

    وَقد عرض ذكره ذكر فَيْرُوز وَاعْلَم انه كَبِير الْقدر شهير الذّكر يَده للشَّيْخ مُحَمَّد بن ابي بكر الْحكمِي صَاحب عواجه الَّاتِي ذكره من بعد وَفَاة شَيْخه فِي الْغَالِب صحب الشَّيْخ ابي الْغَيْث صُحْبَة مخصصة وَكَانَ من عُظَمَاء الصُّوفِيَّة واكابرهم واهل الكرامات فيهم وَلما ان حضرت الشَّيْخ ابا الْغَيْث الْوَفَاة اسْتخْلف هَذَا فَيْرُوز على رباطه وعَلى اصحابه فَقَامَ بذلك الْقيام المرضي الى ان توفّي سنة إِحْدَى وَسبعين وسِتمِائَة وَخلف عدَّة أَوْلَاد ثمَّ قَامَ مقَامه مِنْهُم على إِلَى أَن توفّي سنة إِحْدَى وَتِسْعين وستماية ثمَّ قَامَ مقَام أَبِيه يُوسُف وَهُوَ على ذَلِك إِلَى عصرنا سنة ثَلَاث وَعشْرين وسبعماية

    وَنَرْجِع إِلَى ذكر الْفُقَهَاء فَمن قَرْيَة تعرف بالشريج بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة مُشَدّدَة بعد الف وَلَام وخفض الرَّاء وَسُكُون الْيَاء الْمُثَنَّاة من تَحت ثمَّ جِيم قد تقدم

    ذكرهَا بِغَيْر ضبط بهَا فُقَهَاء جمَاعَة يعْرفُونَ ببني الشَّيْخ من الحربين الَّذين ذكرتهم اولا

    وَمِنْهُم عمر كَانَ نحويا لغويا حسابيا فرضيا اخذ ذَلِك عَن عَليّ الزَّيْلَعِيّ الْمُقدم ذكره فِي اهل زبيد وَعَن هَذَا اخذ علم الْفَرَائِض والحساب عَن القَاضِي مُحَمَّد بن عَليّ الخلي الْمُقدم ذكره وَله ولدان هما عبد الرَّحْمَن وَإِسْمَاعِيل فعبد الرَّحْمَن تفقه باحمد بن الْحُسَيْن وَعلي بن مُحَمَّد الخليين وتفقه بِهِ اخوه اسماعيل وَمن الْقرْيَة احْمَد بن الاحوش الزيدي كَانَ فَقِيها كَامِلا مُسَددًا تفقه بعلي بن مُحَمَّد واخذ الْفَرَائِض والحساب عَن وَالِده مُحَمَّد الخلي وَتُوفِّي عَائِدًا من الْحَج وَقد انْقَضى ذكر من غلب على الظَّن اسْتِحْقَاقه للذّكر فِي المهجم ونواحيها وَلم يبْق الا الْعود إِلَى تهَامَة لتكميل الْغَرَض وَلَيْسَ بعد المهجم يظنّ عدم خلوها عَن فَاضل غير الجثة وَهِي احدى المدن الْمُعْتَمدَة فِي تهَامَة وضبطها بِفَتْح الْجِيم بعد الف وَلَام وَفتح الثَّاء الْمُثَلَّثَة مُشَدّدَة ثمَّ سُكُون الْهَاء سَأَلت خَبِيرا عَن ذَلِك فَقَالَ هِيَ بلد قَلِيل الفضلا بهَا إِنَّمَا يكون حاكمها من غَيرهَا لذَلِك فحاكمها الان رجل من بني ابي الْخلّ ابْن الْفَقِيه يُوسُف بن يَعْقُوب الْمَذْكُور فِي بني ابي الْخلّ يذكر بِالْخَيرِ وَمَعْرِفَة الحَدِيث

    ثمَّ من نَوَاحِيهَا أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن عَليّ بن جَعْفَر اديب الْيمن ن وشاعر الدولتين المظفرية والمؤيدية كَانَ شَاعِرًا فَاضلا ذَا دين رصين لم يحك عَنهُ مَا يشين فِي دينه من شرب وَلَا غَيره وصُولا لرحمه قَائِما باصحابه باذلا لَهُم جاهه وَقد خالطته وَلم أحك مَا حكيته عَن نظر خبر كَانَ كثير الْعِبَادَة محافظ على الصَّلَوَات الْمَفْرُوضَة والمسنونة نظيف الادب صاين الْعرض صَار فِي الدولة المؤيدية كَاتب إنْشَاء وَذَلِكَ بطرِيق اشفاق الوزراء بني مُحَمَّد بن عمر عَلَيْهِ وَله مَعَ مدائح الْمُلُوك والامراء فِي عصره مدائح كَثِيرَة فِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم واشعار ربانية وَمن احسن ذَلِك مَا قَالَه سَائِلًا

    من الله عَافِيَة لولد لَهُ حصل بِهِ خرج فعالجه جَمِيع الاطباء وَعمِلُوا لَهُ انواعا من المراهم فَلم ينفع ذَلِك فَقَالَ شعرًا مِنْهُ امعملها وجنا كالسهم ترتمي ... مضمرة تهوى بهَا راس قشعم

    اقم صدرها نَحْو الشَّام وجزبها ... على مَسْجِد فَوق الحبيل مهدم

    وَلَا تهملنها فِي الفلاة وحثها ... الى ان ترى من يثرب خير معلم

    وَحط بهَا فِي رَوْضَة نبوية ... وصل على ذَاك النَّبِي وَسلم

    وَقبل صندوقا ومسمار فضَّة ... على قَبره وابسط بنانك والثم

    وناد ابْن عبد الله واهتف باحمد ... موارده الْمَشْهُورَة تعن وتغنم

    على الْمُصْطَفى من خير هَاشم دوحة ... إِلَى اصلها كل النُّبُوَّة تنتمي

    فَمَا سَمِعت اذن وَلَا مقلة رَأَتْ ... باشجع من خير الانام واكرم

    واعدل حكاما واحسن سيرة ... واعظم جاها عِنْد اعظم اعظم

    وماذا يَقُول الْمَدْح فِيهِ وَمَا عَسى ... يَقُول لِسَان النَّاطِق الْمُتَكَلّم

    وَقد قصر المداح عَن بعض وَصفه ... فَإِن كنت تلقى مائم وَصفا فتمم

    سَلام على صديقه وضجيعه ... وثالثهم رب التقى والتكرم

    وَعُثْمَان وَاللَّيْث الْقَتِيل بكوفة ... فَمَا قطّ اشقى النَّاس غير ابْن ملجم

    وَلَا تنس ازواج النَّبِي وَآله ... واصحابه السادات احسن انجم ... ثمَّ ذكر جمَاعَة من الانبياء ثمَّ قَالَ يذكر جمَاعَة من اعيان الشُّيُوخ الَّذين ذكرت غالبهم فِي هَذَا الْكتاب فبداء بِذكر جمَاعَة من اهل الْعرَاق لم يكد يعرض لَهُم ذكر فَقَالَ ... وعادوا الى ذكر الشُّيُوخ فانهم ... لَدَى حادثات الدَّهْر امْنَعْ مُلْزم

    كمعروف والشبلي ثمَّ جنيدهم ... وَقل فِي سرى ثمَّ قل فِي ابْن آدهم

    وكوكب بسطَام وَفِي قَرْني هم ... والمم بِنَا فِي ذَلِك الْقَوْم المم ...

    هَؤُلَاءِ سَبْعَة شُيُوخ احب بَيَان تحققته من احوالهم فستة عراقيون وسابعهم الْقَرنِي اويس وَقد مضى ذكره واما السِّتَّة فمعروف هُوَ ابو مَحْفُوظ مَعْرُوف بن فَيْرُوز الْكَرْخِي نِسْبَة الى قَرْيَة على بَاب بَغْدَاد تعرف بالكرخ وَهُوَ من موَالِي عَليّ بن مُوسَى الرضى كَانَ ابواه نصرانين فَلَمَّا اسْلَمْ مَعْرُوف على يَدي الامام عَليّ بن مُوسَى وجاءهما سألاه عَن دينه قَالَ الدّين الحنيفي فتبعاه على ذَلِك اثنى عَلَيْهِ فِي الرسَالَة وَقَالَ كَانَ من الْمَشَايِخ الْكِبَار مستجاب الدعْوَة يستسقى بقبره يَقُول البغداديون قبر مَعْرُوف ترياق مجرب وَلم يزل فِي خدمَة مَوْلَاهُ عَليّ بن مُوسَى وَهُوَ استاذ سرى السقطى قَالَ لَهُ يَوْمًا اذا كَانَ لَك على الله حَاجَة فاقسم وعَلى الْجُمْلَة فكراماته اكثر من ان تحصر كَانَت وَفَاته سنة مِائَتَيْنِ وَقيل احدى وَمِائَتَيْنِ واما الشبلي فَهُوَ ابو بكر دلف ابْن جحدر الشبلي بغدادي المولد والمنشاء صحب الْجُنَيْد وَمن فِي عصره وَكَانَ نَسِيج وَحده حَالا وظرفا وعلما مالكي الْمَذْهَب وَكَانَت نوبَته فِي مجْلِس غير النساج فَلَمَّا أناب أبادهما وبد وَقَالَ كنت واليا عَلَيْكُم فاجعلوني فِي حل ومجاهداته فِي بدايته فَوق الْجد وَكَانَت وَفَاته سنة ارْبَعْ وَثَلَاثِينَ وثلاثمائة وقبره بِبَغْدَاد مَشْهُور وكانتمدة عمره سبعا وَثَمَانِينَ سنة وَعرض مَعَ ذكره شَيْخه وَالَّذِي تَابَ فِي مجْلِس خير النساج صحب ابي حَمْزَة الْبَغْدَادِيّ ولقى السرى وَقَالَ كَانَ اسْمه مُحَمَّد بن اسماعيل من سآمرا وَلَكِن خرج الى الْحَج فاخذه رجل على بَاب الْكُوفَة وَقَالَ انت عبد واسمك خير وَكَانَ اسود فَلم يُخَالِفهُ فَاسْتَعْملهُ فِي نسج الْخَزّ ولذالك قيل لَهُ خير النساج ثمَّ قَالَ لَهُ بعد ان ان استخدمه سِنِين غَلطت عَلَيْك لست عَبدِي وَلَا اسْمك خير فَامْضِ حَيْثُ شِئْت فَمضى وَقَالَ لَهُ لَا اغير اسْما سمانيه رجل من الْمُسلمين عمر طَويلا مائَة وَعشْرين سنة لَهُ اوقات فِي مجْلِس الشبلي مقدم الذّكر والخواص لم يذكر لَهُ فِي الرسَالَة

    تَارِيخا بل ذكر أَنه رأى فِي الْمَنَام فَقيل لَهُ مَا فعل الله بك فَقَالَ لَا تسئلني عَن هَذَا وَلَكِن استرحت من دنياكم الوضرة واما الْجُنَيْد فَهُوَ ابو الْقَاسِم الْجُنَيْد بن مُحَمَّد سيد هَذِه الطَّائِفَة وامامهم اصله من نهاوند ومنشأه ومولده بالعراق وَكَانَ ابوه يَبِيع الزّجاج فَلذَلِك يُقَال لَهُ القواريري وَكَانَ فَقِيها على مَذْهَب ابي ثَوْر صحب السرى الَّاتِي ذكره والْحَارث المحاسبي وَمُحَمّد بن عَليّ القصاب وَتُوفِّي سنة سبع وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ وَقد ذكرت انه كَانَ على مَذْهَب ابي ثَوْر وَرُبمَا يطلع متطلع الى مَعْرفَته فَهُوَ ابو ثَوْر إِبْرَاهِيم بن خَالِد ابْن التمار الْكَلْبِيّ صَاحب الامام الشَّافِعِي وناقل اقواله الْقَدِيمَة كَانَ اُحْدُ الْفُقَهَاء الاعلام والثقات المأمونين فِي الدّين لَهُ الْكتب المصنفة فِي الاحكام جمع فِيهَا بَين الْفِقْه والْحَدِيث وَكَانَ على مَذْهَب اهل الرَّأْي فَلَمَّا قدم الشَّافِعِي بَغْدَاد تبعه الى ان توفّي سنة سِتّ واربعين وَمِائَتَيْنِ بِبَغْدَاد فَدفن بمقبرة بَاب الكباس وَقد عرض ذكر رجلَيْنِ المحاسبي والقصاب فالمحاسبي هُوَ ابو عبد الله الْحَرْث بن اسد المحاسبي كَانَ عديم النظير علما وورعا ومعاملة وَكَانَ بصرى الأَصْل توفّي بِبَغْدَاد سنة ثَلَاث واربعين وَمِائَتَيْنِ وَله كتب فِي الْحَقِيقَة واما القصاب فَلم اكد اتحقق لَهُ خَبرا وَلم اذكر هَؤُلَاءِ الا مُخْتَصرا على سَبِيل التَّبَرُّك وازالة تطلع النُّفُوس الى معرفَة الْقَوْم واما سرى فَهُوَ ابو الْحسن سرى ابْن الْمُغلس السَّقطِي خَال الْجُنَيْد واستاذه وَكَانَ تلميذ مَعْرُوف الْكَرْخِي مقدم الذّكر قَالَ الْجُنَيْد مَا رَأَيْت أعبد من السرى اتت عَلَيْهِ ثَمَان وَتسْعُونَ سنة فَمَا رأى مُضْطَجعا الا فِي عِلّة الْمَوْت كَانَت وَفَاته سنة سبع وَخمسين وَمِائَتَيْنِ

    واما ابْن ادهم فَهُوَ ابو اسحاق ابراهيم بن ادهم بن مَنْصُور من كورة

    بَلخ وَكَانَ من أَبنَاء الْمُلُوك فَخرج يَوْمًا إِلَى الصَّيْد فأثار ثعلبا وَصَارَ يَطْلُبهُ بِهِ فَهَتَفَ هَاتِف الهذا خلقت يَا ابراهيم ام بِهَذَا امْر ثمَّ هتف بِهِ قربوس فرسه وَالله مَا لهَذَا خلقت وَلَا لهَذَا امرت فَنزل عَن داتبه وصادف رَاعيا لابيه فاخذ جبته وَهِي صوف فلبسها واعطاه فرسه وَمَا مَعَه ثمَّ دخل الْبَادِيَة وَصَارَ الى مَكَّة وَصَحب بهَا سُفْيَان الثَّوْريّ والفضيل بن عِيَاض ثمَّ دخل الشَّام وَمَات بهَا وَقيل كَانَ عَامَّة دُعَائِهِ اللَّهُمَّ انقلني من ذل معصيتك الى عز طَاعَتك روى انه قَالَ لرجل فِي الطّواف اعْلَم انك لَا تحوز دَرَجَة الصَّالِحين حَتَّى تجوز سِتّ عقبات اولها تغلق بَاب النِّعْمَة وتفتح بَاب الشدَّة وَالثَّانِي تغلق بَاب الْعِزّ وتفتح بَاب الذل وَالثَّالِث تغلق بَاب الرَّاحَة وتفتح بَاب الْجهد وَالرَّابِع تغلق بَاب النّوم وتفتح بَاب السهر وَالْخَامِس تغلق بَاب الْغنى وتفتح بَاب الْفقر وَالسَّادِس تغلق بَاب الامل وتفتح بَاب الاستعداد للْمَوْت واخباره كَثِيرَة وَلم يذكر لَهُ فِي الرسَالَة تَارِيخا لكنه اول من ذكر فِي الرسَالَة من الشُّيُوخ واما البسطامي فَهُوَ ابو يزِيد طيفور بن عِيسَى البسطامي كَانَ جده مجوسيا اسْلَمْ وَكَانَ اُحْدُ ثَلَاثَة اخوة آدم وطيفور وعَلى كلهم كَانُوا زهادا عبادا اجلهم ابو يزِيد سَأَلَ باي شَيْء وجد الْمعرفَة فَقَالَ بِبَطن جَائِع وبدن عاري توفّي سنة احدى وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ وَقيل ارْبَعْ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ

    وَمَا الَّذين ذكرهم بعد هَؤُلَاءِ فهم من اهل الْيمن واكثرهم قد اتى عَلَيْهِم كتابي اصلا ومعرضا فَذكرُوا ان صَبِيحَة مَا قَالَ القصيدة اصبح ابْنه متعافيا وَله اشعار كَثِيرَة وديوان جمع فِيهِ الغث والسمين وَلم يبْق اُحْدُ من اعيان الدولتين الا مدحه وَكَانَ لَهُ عَلَيْهِ فِي كل سنة عَادَة مَعْرُوفَة واكثر من كَانَ يمدح ابو بكر بن اسرائيل وَكَانَ لَهُ اليه احسان جزيل يعز وَصفه فبذاك انْفَتح لَهُ

    بمدحه وامتدح الوزراء ابناء مُحَمَّد بن عمر بقصائد من ذَلِك مدحهم بقصيد وَذكر انه عوتب على سُكْنى الْجبَال فَقَالَ فِيهَا معرضًا

    . .. تقَابل ذَلِك قَالُوا الْجبَال بهَا ضيق ... فَقلت لَهُم سم الْخياط مَعَ الأحباب ميدان ... وَهَذَا بَيت فِيهِ حِكْمَة واهدى اليه وَالِدي ديوَان العجاج وَكتب اليه ابياتا وبعثني بِالْكتاب والأبيات فَعَاد جَوَابه عَن الأبيات وَكَانَ اعنى الْوَالِد وَهُوَ فِي زبيد ابياتا مِنْهَا مَا علق بحفظي حِين التَّعْلِيق

    . .. أَهلا بِنِعْمَة سيد الْفُضَلَاء ... وَبِمَا تقدم من يَد بَيْضَاء

    مَا إِن رَأَيْت وَلَا سَمِعت كمنعم ... أهْدى الْجَوَاهِر اول الإهداء ... وَكَانَ اهله الَّذين يقوم بهم نَحوا من اربعين بَيْتا وَكَانَت وَفَاته بِبَلَدِهِ فِي منتصف جمادي الاول وَقيل سَابِع عشرَة سنة ثَلَاث عشرَة وَسَبْعمائة بعد الوزراء بِثَلَاثَة أشهر

    ثمَّ حِين يخرج الْخَارِج اطلب هَذَا الْعرض اول مَوضِع تَجدهُ اليك الْمَعْرُوف بالكدرا مَدِينَة وَادي سِهَام وَهِي احدى مدينتي الْحُسَيْن بن سَلامَة على رَأس ثَلَاثمِائَة من الْهِجْرَة والاخرى المعقر على وَادي ذوال وَقد ذكرت ذَلِك فاما الكدرا فَلم اتحقق مِنْهُم أحدا يسْتَحق الذّكر بل انه شهر مِنْهَا رجل يعرف بعلي بن ابي بكر الكدراوي وَله ابيات تدل على فَضله وَهِي ... نقرى الْمُهَذّب للتهذب دَائِما ... ونراجع التَّنْبِيه للتّنْبِيه

    وَكَذَا الْوَسِيط نروم فِيهِ توسطا ... علما صَحِيحا لَيْسَ بالتمويه

    واذا قرانا فِي الْوَجِيز موجز الجوا ... بِنَا قطعا لكل نبيه

    وَكَذَا الْبَيَان الشَّرْع فِيهِ مُبين ... يدْرِي بِمَا قد قلت كل فَقِيه ...

    . . فاسلك سَبِيل الْهدى فَكُن فَتى ... قد جمعت كل الْفَضَائِل فِيهِ ... وَمن نَوَاحِيهَا جمع لَا نكاد نحصرهم عدا اقدمهم الشَّوْبَرِيّ وَقد ذكرتهم اذ هم ذُرِّيَّة اقوام قد ذكر ابْن سَمُرَة وتبعهم فِي الْقرْيَة جمَاعَة مِنْهُم حَاكم الْجِهَة فِي عصرنا وَهُوَ احْمَد بن مُحَمَّد بن حُسَيْن نسبه الى بني زَكَرِيَّا اهل الشوبرى عرف بِابْن الاحيمر تَصْغِير احمر ولى القضا من قبل ولد الْفَقِيه ابي بكر سنة خمس عشرَة وَيذكر بجودة الْفِقْه وَالدّين تفقه بعلي بن ابراهيم البَجلِيّ الَّاتِي ذكره وَسكن قَرْيَة على المحجة تعرف

    بِبَيْت ميفا بخفض الْمِيم وَسُكُون الْيَاء الْمُثَنَّاة من تَحت وَفتح الْفَاء ثمَّ الف وَكَانَ لَهُ ابْن اسْمه مُحَمَّد تفقه بِهِ ثمَّ توفّي وَله ابْن اخ اسْمه احْمَد بن عمر الغنمي بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَسُكُون النُّون وخفض الْمِيم ثمَّ يَاء نسب لَا أَدْرِي إِلَى مَاذَا تفقه بِعَمِّهِ ثمَّ شَيْخه عَليّ بن ابراهيم ثمَّ ارتحل المهجم فأكمل التفقه بِجَمَال الدّين واخذ عَنهُ كتب المسموعات وغالب اقامته بِمَدِينَة المهجم يذكر بِكَثْرَة الِاشْتِغَال بمطالعة الْكتب وَقِرَاءَة الْقُرْآن وَعبادَة الرَّحْمَن وَمن قَرْيَة تعرف بِمحل الدَّار بِهِ حلتان لكل حلّه نسبه الى من يسكنهَا مِنْهَا حلَّة تعرف بأبنات الْقُضَاة المنتسبين إِلَى بني أبي عقامة الَّذين قد مضى ذكرهم وَقد أَشرت إِلَى هَؤُلَاءِ هُنَالك من سكن هَذَا الْمحل فَاسْتحقَّ الذّكر جمَاعَة حُسَيْن بن أبي الْعِزّ كَانَ فَقِيها جليل الْقدر بِحَيْثُ كَانَ الامام احْمَد بن عجيل يثنى عَلَيْهِ ثَنَاء مرضيا وَكَانَ مِمَّن اِدَّرَكَ الشَّيْخ والفقيه صَاحِبي عواجه الَّاتِي ذكرهمَا وَكَانَ ابوه قَاض بِمَدِينَة الكدرا وَكَانَ لحسين اخوان فاضلان اعلمهما احْمَد كَانَ فَقِيها ذَا فنون كَثِيرَة والاخر عَليّ ولي بعد ابيه قَضَاء الكدرا وَكَانَ سَبَب ذَلِك ان اباه لما توفّي قَالَ الشَّيْخ يَا عَليّ أحكم بَين النَّاس عوض ابيك فقد نصبت من السَّمَاء فَلم يزل مستمرا من غير تَوْلِيَة سُلْطَان وَلَا غَيره حَتَّى توفّي

    وَمِنْهُم ولد الْحُسَيْن اسْمه مُحَمَّد وَكَانَ فَقِيها فَاضلا وَمِنْهُم عبد الله بن حُسَيْن

    بن عَليّ يعرف بالفحيش كَانَ فَقِيها عَارِفًا مَذْكُورا بِالْفَضْلِ

    وَمِنْهُم ابو بكر بن عبد الله حُضُور بن احْمَد بن عبد الله يس ابْن ابي حلفه كَانَ فَقِيها عَارِفًا مَذْكُورا بِالْفَضْلِ وخطيبا مصعقا ولي خطابة الكدرا وفقيههم الان عبد الله بن ابي الْعِزّ من قرَابَة القَاضِي الحفايلي مقدم الذّكر اخبرني الثِّقَة انه فَقِيه فَاضل يقرى الْفِقْه وَإِن تفقه بعلي الْحكمِي الْآتِي ذكره فِي أهل شجينة وَفِي هَؤُلَاءِ الْقَوْم خطابة الكدرا والحلة الثَّانِيَة تعرف بابيات بني خطاب الَّذِي شهروا بِالْكِتَابَةِ فِي الدولتين المظفرية والمويدية حَتَّى اضمحل عَنْهُم اسْم الْفِقْه لذَلِك والا ففيهم فضلاء وَمِنْهُم ابو بكر بن خطاب بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة مَفْتُوحَة ثمَّ االطاء الْمُهْملَة ثمَّ الف ثمَّ بَاء مُوَحدَة وَهُوَ احْمَد بن يُوسُف بن حُسَيْن بن عبد الْكَرِيم العبال الأشبطي فالعبال بالف وَلَام ثمَّ عين مُهْملَة مخفوضة ثمَّ بَاء مُوَحدَة ثمَّ الف ثمَّ لَام والأشبطي نِسْبَة الى عرب يسكنون جبل ريمه الَّذِي تقدم ذكره وينسب اليهم فَيُقَال ريمة الأشابط جمع أشبط بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة ثمَّ طاء مُهْملَة سَاكِنة كَانَ ابو بكر بن خطاب فَقِيها فروعيا اصوليا محققا لَهُ مُصَنف فِي الاصول ضمنه الرَّد على الْقَدَرِيَّة وَكَانَ مِمَّن صحب الشَّيْخ والفقيه صَاحِبي عواجه وَكَانَ متصرفي الكدرا يحدثُونَ على الرعايا مظالم كَثِيرَة فيشكون الى الْفَقِيه وَالشَّيْخ فَلَمَّا تكَرر ذَلِك من الرّعية قَالَ لهَذَا أبي بكر يَا أَبَا بكر قد اخترناك على أَن تكون نَاظرا فِي أَمر الرّعية والديوان فتوقف فَقَالَا لَهُ وَمَا عَلَيْك بذلك لَكِن علينا انك لَا تمت على ذَلِك فاقام مُدَّة ثمَّ فِي قرب الْمَوْت لزم بَيته فَتوفي مُنْفَصِلا بعد ان عَاشَ خمْسا وَثَمَانِينَ سنة وَمِنْهُم ابو بكر بن مُحَمَّد بن عمر يلقب بعضاد تفقه بِابْن عَمه ابي بكر وَكَانَ للفقه نقالا عَارِفًا بِهِ توفّي لبضع عشرَة وَسَبْعمائة

    وَمِنْهُم احْمَد بن خطاب بن الْفَقِيه بن ابي بكر الْمَذْكُور اولا تفقه بالامام احْمَد بن عجيل وَكَانَ يثني عَلَيْهِ ويجله ويبجله وَكَانَت وَفَاته باحدى الربيعين سنة ثَمَانِي وَتِسْعين وسِتمِائَة بعد بُلُوغ عمره نيفا وَسِتِّينَ سنة وَمن قَرْيَة المراوعة بالالف وَاللَّام وَفتح الْمِيم والراءثم الف وخفض الْوَاو وَفتح الْعين الْمُهْملَة ثمَّ هَاء سَاكِنة جمَاعَة مِنْهُم ابو بكر بن الشَّيْخ عَليّ بن عَمْرو بن مُحَمَّد عرف وَالِده بالاهدل كَانَ فَقِيها شَيخا فَاضلا ذكر الثِّقَة ان الشَّيْخ ابا الْغَيْث مر بهم فِي بعض اسفاره واقام مَعَهم اياما برباطهم فَاجْتمع عِنْده جمَاعَة من الْفُقَهَاء وسالوه عَن مَسْأَلَة فبادر الشَّيْخ ابو بكر واجاب السَّائِل فَقَالَ الشَّيْخ ابو الْغَيْث خُذُوا جوابكم مِنْكُم وَكَانَ رجلا فَاضلا وَلَكِن غلب عَلَيْهِ التصوف وَطَالَ عمره حَتَّى قيل بلغ مائَة سنة وَخَمْسَة عشر سنة وَكَانَت وَفَاته سنة سَبْعمِائة وَلما كَانَ وَالِده من اعيان الْمَشَايِخ واهل الكرامات والافادات وَجب ان نورد من ذكره بعض مَا تحققناه فَهُوَ ابو الْحسن عَليّ بن عمر مقدم الذّكر واما الاهدل فَهُوَ بهاء سَاكِنة بعد الف وَلَام وهاء بعْدهَا دَال مُهْملَة مَفْتُوحَة ثمَّ لَام سَاكِنة كَانَ كَبِير الْقدر شهير الذّكر يُقَال أَن جده مُحَمَّد قدم من بلد الْعرَاق الى الْيمن وَهُوَ شرِيف حسيني قدم على قدم التصوف وَسكن اجوال السَّوْدَاء من وَادي سِهَام واما ابْن ابْنه هَذَا عَليّ فَنَشَأَ نشوا حسنا وَاخْتلف فِيمَن اخذ عَنهُ الْيَد فَقيل مجذوب وَقيل بل صحب رجلا سائحا من أَصْحَاب الشَّيْخ عبد الْقَادِر الجيلاني يُقَال لَهُ مُحَمَّد بن سِنَان الاحوري وَقيل بل رأى ابا بكر الصّديق فصافحه واخذ عَنهُ يَد التصوف وَقيل صحب الْخضر وَسمعت اصحابه وَبَعض ذُريَّته يَقُولُونَ كَانَ الشَّيْخ يمِيل الى تبجيل الاحوري وَلما توفّي على قدم الساحة إِذْ لم يزل على ذَلِك خرج الشَّيْخ على إِلَى اصحابه فنعاه اليهم وامرهم بالاجتماع للصَّلَاة عَلَيْهِ فَاجْتمعُوا وصلوا عَلَيْهِ ثمَّ كَانَت اخت الشَّيْخ قد نذرت لَهُ نذرا وطلبها الشَّيْخ بِهِ وَزَاد عَلَيْهِ وَعمل لَهُ

    عرسا جيدا وَكَانَ صَاحب مرتبَة وكرامات وَلما خرج الشَّيْخ ابو الْغَيْث من عِنْد ابْن افلح شَيْخه من زبيد مر بِهَذَا فاقام عِنْده مُدَّة وتهذب بِهِ وَكَانَ يَقُول خرجت من ابْن افلح لؤلؤة عجما ثقبني الأهدل وَبِالْجُمْلَةِ فكراماته واحواله اكثر من ان تحصى وَكَانَت وَفَاته تَقْرِيبًا سنة تسعين وستماية

    وَمِنْهُم يحي بن قبيع المجدلي الترقابي نِسْبَة الى قوم يعْرفُونَ بالمجادلة ثمَّ الرقابة عرب واحدهم رقابي وجمعهم الرقابة بِفَتْح الرَّاء بعد الف وَلَام وَالْقَاف مَفْتُوحَة ثمَّ ألف ثمَّ يَاء مُوَحدَة ثمَّ هَاء سَاكِنة تفقه هَذَا بالامام بن عجيل وَتُوفِّي اخر الْمِائَة السَّابِعَة

    وَمن النَّاحِيَة أَحْمد بن مُحَمَّد اللامي نسبا والزيلعي لقبا لقب بذلك لَان امهِ كَانَت زيلعية وَخرج هَذَا على لَوْنهَا وَكَانَ فَقِيها فَاضلا تفقه بِابْن الهرمل ودرس بابيات الْقُضَاة الْمحلة الْمُقدم ذكرهَا من قَرْيَة الْبَسِيط بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة بعد الف وَلَام وخفض السِّين الْمُهْملَة ثمَّ يَاء مثناة من تَحت ثمَّ طاء مُهْملَة وَهِي من اكبر قرى سِهَام لقوم من الْعَرَب يُقَال لَهُم الرُّمَاة على جمع رامي جمَاعَة مِنْهُم أَبُو عَليّ يحي بن ابراهيم ابْن العمك كَانَ من اعيان الْمَشَايِخ فِي الْعلم وَالنّسب وَكَانَ فِي أَوله مُنْقَطِعًا على رآسة قومه يركب الْخَيل ويطيعه قومه فَكَانَ سَبَب اشْتِغَاله بِالْعلمِ أَنه خطب من الْفَقِيه ابي بكر بن خطاب ابْنَته فَامْتنعَ فَلَمَّا لَازمه قَالَ لَا ازوجك انت رجل جَاهِل فَحَملته الانفه على قرائه الْعلم ومصاحبة اهله حَتَّى صَار اماما بالأدب يَقُول الشّعْر ويشارك بالفقه وَلما تحقق مِنْهُ ابْن خطاب كَونه قد صَار معدودا فِي اهل الْفضل زَوْجَة بابنته واتت لَهُ باولاد وذرية الى الان مِنْهُم وَكَانَ يضْرب بِهِ الْمثل فِي حس الْجوَار وَالْوَفَاء بالذمام وَله فِي ذَلِك اخبار يطول شرحها لَكِن اذكر بعض ذَلِك ليستدل بِهِ على جَمِيع مَا نقل عَنهُ مِنْهُ انه كَانَ بقريته رجل غَرِيب مستجير بِهِ ومتسبب اليه عرض لَهُ السّفر الى بعض الاماكن وَهُوَ مِنْهُم بدنيا

    فاكترى دَابَّة من بعض قرَابَة الشَّيْخ إِلَى مَوضِع غَرَضه وسافرا مَعًا بِشَيْء من اللَّيْل فداخل المكرى الطمع فعزم على قتل الْجَار اسْتِخْفَافًا بِهِ وظنا انه لَا يوخذ لَهُ ثار لغربته فَقتله واخذ مَا مَعَه ثمَّ عَاد الْقرْيَة مكتما بالْخبر فَبلغ الْفَقِيه ذَلِك فتعجب مِنْهُ وَسكت حَتَّى كَانَ يَوْم وعد وَصَارَ النَّاس مُجْتَمعين بِالسوقِ وَفِيهِمْ الْقَاتِل وَحضر الْفَقِيه السوقوحين اسْتَوَى السُّوق واخذ بالزحام امْر الْفَقِيه بربط الْقَاتِل فَربط ثمَّ ضرب عُنُقه وسط السُّوق فَهَذَا وفاؤه واما حسن جواره فمعروف من هَذَا الْخَبَر وَكَانَ يذكر بالجود والشجاعة وَله فِي المظفر مدائح كَثِيرَة وصنف كتبا عدَّة فِي الادب ينْتَفع بهَا ويعتمد عَلَيْهَا هِيَ من احسن مَا صنف اهل الْيمن فِي ذَلِك فِي الْعرُوض والمعاني وَالْبَيَان وَغير ذَلِك وَمن شعره مَا قَالَه فِي مدح السَّوْدَاء وَلم أحفظ غَيره وَهُوَ ... اعدلي حَدِيثك يَوْم الْكَثِيب ... وسلي بِهِ عَن فوادي الكئيب

    عَشِيَّة سُودًا قد اقبلت ... تسارقني لحظها من قريب

    وَقد امنت رصدة الكاشحين ... وَسمع الوشاة وَعين الرَّقِيب

    بَدَت ضبية من خلال الْبيُوت ... تجرجر فضل الرِّدَاء القشيب

    فخاطبتها فرْصَة العاشقين ... بِلَفْظ البرى ولحظ الْمُرِيب

    ارتنا القنا والنقاء مائلا ... فوام الْقَضِيب وردف الْكَثِيب

    مولدة من بَنَات الموال ... كَمثل الغزال الْغَرِيب الربيب

    فان لامني النَّاس فِي حبها ... فَمَا لائمي ابدا بالمصيب

    يَقُولُونَ سُودًا وَمَا انصفوا ... وَمَا ذَاك لَو انصفوا بالمعيب

    لَوْلَا السوَاد وَمَا خصّه بِهِ الله ... من حسن سر عَجِيب

    لما كَانَ يسكن وسط الْعُيُون ... وَلَا كَانَ يسكن وسط الْقُلُوب ...

    . . وَلَا زين الْخَال خد الْفَتى ... وَلَا حسن النقش طرس الاديب

    اما حجر الرُّكْن خير الحجار ... اما الْمسك اطيب من كل طيب

    اما شغف النَّاس فِي دهرهم ... بِحَمْد الشَّبَاب وذم المشيب

    وَلَا يحسن الْعين مرهى الجفون ... وَلَا الْكَفّ ان لم يكن بالخضيب

    وَلَا كل عين لعين الْمُحب ... وَلَا كل قلب كقلب الحبيب ... وَهَذِه الابيات على رأى غَالب اهل تهَامَة وَقد اجابه بعض اشراف الْبِلَاد الْعليا عَنْهَا لَوْلَا خشيَة الاطالة لاوردتها وَكَانَ هَذَا الشَّيْخ ابْن العمك جَامعا بَين رياستي الدّين وَالدُّنْيَا مُعظما عِنْد الْمُلُوك وَغَيرهم وَكَانَت وَفَاته فِي عشر ثَمَانِينَ وسِتمِائَة تَقْرِيبًا

    وَمِنْهُم ابْن عَمه إِدْرِيس بن إِبْرَاهِيم المبرعي كَانَ فَاضلا بِعلم الْأَدَب ايضا وَكَثِيرًا مَا كَانَ يُرَاجِعهُ ابْن عَمه فِيمَا يرد عَلَيْهِ من الاشكال وعاش بعده سِنِين كَثِيرَة ومسكنه مَعَ ابْن عَمه فِي الْبَسِيط وَمن النَّاحِيَة الْقرْيَة الْمُبَارَكَة عواجة بِضَم الْعين وَفتح الْوَاو ثمَّ الف ثمَّ جِيم ثمَّ هَاء سَاكِنة اول من شهر فِيهَا بِالْعلمِ ابو عبد الله مُحَمَّد بن حُسَيْن البَجلِيّ كَانَ فَقِيها كَبِير الْقدر شهير الذّكر صَاحب كرامات وعبادات وزهادات واليه ورد الشَّيْخ وَكَانَ ذَا مَكَارِم اخلاق وَشرف نفس وعلو همه واليه قدم الشَّيْخ الْحكمِي فَكَانَ بَينهمَا من الالفة والود بِحَيْثُ لَا يعرف احدهما حَتَّى يذكر مَعَه الاخر فَيُقَال لَهُ صَاحب فلَان وان ذكرا مَعًا قيل الشَّيْخ والفقيه وَمَا احقهما بقول الاول وَهُوَ أَبُو نصر الفارابي حَيْثُ يَقُول

    هموم رجال فِي أُمُور كَثِيرَة ... وهمي من الدُّنْيَا صديق مساعد

    يكون كروح بَين جسمين قسما ... وجسما هما جسمان وَالروح وَاحِد ... وَكَانَ هَذَا لفقيه كثير الِاخْتِلَاط الْفَقِيه سُفْيَان الابيني وَكَانَت طريقتهما وَاحِد وعمرهما وَاحِد لَكِن تَأَخّر موت سُفْيَان على موت هَذَا وَكَانَ هَذَا مَعَ جودة علمه إِمَامًا فِي الْحَقِيقَة وَله فِيهَا مُخْتَصر يعرف باللباب وَكَانَ مَتى قَصده قَاصد لم يخيبه وَله تمثلات مِنْهَا

    . .. وَلَو انما أسعى لنفعي وجدتني ... كثير التواني فِي الَّذِي أَنا طَالبه

    ولكنني أسعى لأنفع صَاحِبي ... وشبع الْفَتى عَار مَتى جَاع صَاحبه ... وَمِنْهَا ... ألفت من نائبات الدَّهْر أكبرها ... فَمَا أعول على شَيْء من الصغر

    اويدندني قسوة الْأَيَّام طيب سنا ... كَأَنِّي الْمسك بَين الفهر وَالْحجر ... وَكَانَت وَفَاته بالقرية فِي شهور سنة احدى وَعشْرين وستماية واما الشَّيْخ صَاحبه فَهُوَ ابو عبد الله مُحَمَّد بن بكر الْحكمِي اصله من حكماء حرض وَكَانَ نجارا كثير الْعِبَادَة وَحصل لَهُ فتوح رباني وَذَلِكَ على مَا قيل بِصُحْبَة الاحورى مقدم الذّكر مَعَ الاهدل وَخرج من بلد قومه وَترك صَنْعَة النجارة بالنُّون وَالْجِيم ثمَّ مَا بعدهمَا ظَاهر وَقدم عواجة فحصلت لَهُ الفة بالفقيه كَمَا قدمنَا وَلم يزل على اكمل طَرِيق وانتفع بِهِ جمَاعَة كَثِيرُونَ مِنْهُم فَيْرُوز خَليفَة ابي الْغَيْث وَعِيسَى النجري وَغَيرهمَا وَبِالْجُمْلَةِ فمناقبه وكراماته اكثر من ان تحصى وَكَانَت وَفَاته باحدى شهور سنة سبع عشرَة وستماية وقبر على قرب من قبر الْفَقِيه وعَلى قرب مِنْهُمَا قبر الْمعلم حُسَيْن وَالِد الْفَقِيه مُحَمَّد وَكَانَ من اعيان الصَّالِحين اهل الكرامات واهل تهَامَة يَقُولُونَ معلمان كَانَا مباركان وَلَهُمَا ذُرِّيَّة يغلب عَلَيْهَا الْخَيْر هما الْمعلم اسماعيل جد الحضارم والاخر هَذَا حُسَيْن وَوجه ذَلِك ظَاهر لَا يحْتَاج إِلَى دَلِيل وَمِنْهُم ابو الْحُسَيْن عَليّ بن حُسَيْن صنو الْفَقِيه مُحَمَّد مقدم الذّكر انفا كَانَ

    فَقِيها محققا غواصا على دقائق الْفِقْه عَارِفًا بِهِ كثير الِاشْتِغَال بِهِ والتدريس لَهُ تفقه بِهِ جمَاعَة وَكَانَ صَاحب كرم وَشرف نفس وعلو همه مَعَ فَرَاغه لذَلِك وَكَانَ كثير السَّعْي فِي حوائج الاصحاب والقاصدين فِي الطلاب وَرُبمَا قدم على اخيه بِجَمِيعِ ذَلِك وَقد يُعَاتب على الْكَرم والمروة فيتمثل بِهَذِهِ الابيات

    . .. تِلْكَ بَنَات الْمَخَاض راتعة ... وَالْعود فِي كوره وَفِي قتبه

    لَا يستفق من مضاض رحلته ... من رَاحَة الْعَالمين فِي تَعبه ... وكف بَصَره فِي آخر عمره وَكَانَت وَفَاته فِي شهر الْحجَّة من سنة احدى وَسبعين وستماية بعد أَن طَال عمره وَمِنْهُم الْفَقِيه مُحَمَّد بن حُسَيْن مقدم الذّكر عَنهُ أَخذ بن أَخِيه عَليّ بن ابراهيم فِي بدايته وَعلي بن احْمَد الصريدح فِي بدايته وَكَانَ فَقِيها فَاضلا وَمِنْهُم عَليّ بن ابي بكر بن الْفَقِيه مُحَمَّد بن حُسَيْن مقدم الذّكر ايضا تفقه بِعَمِّهِ اسماعيل ولى القضا بالقرية ونواحيها وَكَانَ فَقِيها فَاضلا توفّي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وستماية

    وَمِنْهُم مُحَمَّد بن حُسَيْن بن عبد الله بن الْمعلم البَجلِيّ مقدم الذّكر قدمت الْقرْيَة زَائِرًا فِي سنة ارْبَعْ وَسَبْعمائة فزرت الترب ثمَّ دخلت الْجَامِع فَوَجَدته قَاعِدا فِيهِ يدرس فحييت الْمَسْجِد بِرَكْعَتَيْنِ ثمَّ قعدت على قرب مِنْهُ فَعرض لي سُؤال سالته عَنهُ فاطبق الْكتاب الَّذِي بِيَدِهِ وَقَالَ لي انت فَقِيه فَقلت قَرَأت بعض شَيْء فَجعل يحدثني ويرحب بِي سَاعَة ثمَّ ذهب الى منزله فَلم يكن غير قَلِيل حَتَّى دَعَاني دَاع فَذَهَبت الى منزله فَكَانَ لَهُ اكرام جيد استحسنته لعدم السَّابِقَة الْمُوجبَة لَهُ وعزمت على الذّهاب الى الشجينة فعازمني على الْمبيت عِنْده فَلم أجبه إِذْ كنت مستعجلا على رُجُوع الْبِلَاد وَكَانَ هَذَا الرجل مَحْفُوظَة من كتب الْفِقْه الْوَجِيز وَلم يزل يدرس فِي جَامع الْقرْيَة وانتفع بِهِ جمَاعَة حَتَّى توفّي على ذَلِك نَهَار الْجُمُعَة تَاسِع ربيع الاخر من سنة احدى وَعشْرين وَسَبْعمائة وَهُوَ آخر من تحققته من فُقَهَاء الْقرْيَة

    وَاعْلَم ان امْرَأَة الْفَقِيه مُحَمَّد بن حُسَيْن كَانَت تسمى شجينه وَكَانَت من الصَّالِحَات العابدات لما توفّي الْفَقِيه عَنْهَا قَالَت أحب اخْرُج عَن عواجة وَاعْتَزل النَّاس فِي بعض الاماكن ثمَّ عَن لَهَا ان ابتنت مسكنا فِي كثيب يمنى قَرْيَة عواجة سكن فِيهِ وَلَدهَا ابراهيم بن الْفَقِيه مُحَمَّد وَسمي الْموضع بهَا لذَلِك وَهِي بِضَم الشين الْمُعْجَمَة وَفتح الْجِيم وَسُكُون الْيَاء الْمُثَنَّاة من تَحت وَفتح النُّون ثمَّ هَاء سَاكِنة ابنت مُحَمَّد وَسكن اليهم جمَاعَة ثمَّ حدث لولدها ابراهيم اولاد جمَاعَة مستحقون للذّكر مِنْهُم ابو الْحسن عَليّ بن ابراهيم مولده سنة ثَلَاث وَقيل ارْبَعْ وَثَلَاثِينَ وسبتمائة وَكَانَ مُبَارَكًا تفقه فِي بدايته بِعَمِّهِ اسماعيل كَمَا تقدم ثمَّ ارتحل الى بَيت حُسَيْن فاكمل تفقهه بالفقيه عمر وَأخذ عَنهُ الْمُهَذّب أخذا مرضيا وألزمه أَن يتغيبه فتغيبه تغيبا ميز فِيهِ بَين الْفَاء وَالْوَاو وَأخذ عَنهُ الْبَيَان وَغَيره تهذب تهذبا معجبا ثمَّ صَار الى الْفَقِيه أَحْمد بن عجيل فاخذ عَنهُ ايضا ثمَّ عَاد بَلَده فسكن قَرْيَة جده مقدم الذّكر وَلزِمَ طَرِيق الْوَرع والتدريس فانتابه النَّاس من الْبعد والقرب وَشهر بِالْعلمِ وَالصَّلَاح وَسكن مَعَ الْقرْيَة خلق ناشر وَصَارَت قريته كأكبر مَا يكون من الْقرى بِحَيْثُ يَأْتِيهَا الْخَائِف فَيَأْمَن وَالْجَاهِل فيتعلم وَكَانَ اشرف أهل عصره نفسا وادراهم بِالْعلمِ حسا وَأَكْثَرهم للْكتاب وَالسّنة درسا كريم النَّفس أَخْبرنِي الْفَقِيه عبد الله بن الاحمر اُحْدُ مدرسي زبيد ايام اخبرني وَهُوَ سنة احدى وَعشْرين وَسَبْعمائة قَالَ صَحِبت الْفَقِيه على الْمَذْكُور ولزمت مدرسته عشْرين سنة مَا علمت ان سَائِلًا سَأَلَهُ شَيْئا فاعتذره بل يُعْطِيهِ مَا سَأَلَ وَكَانَ مشتغلا بِجَمِيعِ الطَّاعَات الْوَاجِبَة والمستحبة اشْتِغَال مداومة وَكَانَ من ابرك الْفُقَهَاء تدريسا قل مَا قَرَأَ عَلَيْهِ طَالب الا انْتفع اخبرني شَيْخي ابو عبد الله مُحَمَّد بن عبد الله الْحَضْرَمِيّ فَقِيه زبيد فِي عصرنا وَقد ذكرته قَالَ لما جِئْت الى الْفَقِيه عَليّ بن ابراهيم اريد اقْرَأ عَلَيْهِ وَأَنا على حَال متبلبل اريد اجْتِمَاع قلبِي على تَحْصِيل الْعلم وباول درسه قرأتها عَلَيْهِ قُمْت وانا بِخِلَاف مَا انا عَلَيْهِ من الرَّغْبَة

    وَبَينهمَا أشكل عَليّ وَفِي نَفسِي عدَّة مسَائِل قد اشتبهن عَليّ مُنْذُ بداية قراتي فحين بدأت وقرأت عَلَيْهِ أول يَوْم عرضت فِي خاطري جَمِيع الْمسَائِل فَمَا عرضت مسالة إِلَّا وَزَالَ اشكالها وَتبين لي خطاها من صوابها فَلم ازل من مَكَاني حَتَّى غلب عَليّ ظَنِّي ان ذَلِك من بركته ثمَّ مَا زلت اجد الزِّيَادَة فِي فهمي الى وقتي هَذَا وَذَلِكَ سنة احدى وَعشْرين وَسَبْعمائة وَكَانَ لَهُ دنيا ان وقف فِي بَيته اطعمها الواردين والزايرني والطلبة والمنقطعين وَكَثِيرًا مَا يُسَافر مَكَّة فَيصْرف الطَّرِيق وَفِي مَكَّة مَا يُجَاوز الْحَد عَطاء من هُوَ موقن بالخلف واحصوا حجاته فَكَانَت نيفا وَثَلَاثِينَ حجَّة وزرته فِي حَيَاته مرَارًا مُنْفَردا وَمَعَ وَالِدي فَمن احسن مَا سمعته يَقُول لوالدي وَقد اوصاه بِالدُّعَاءِ يَا فلَان شَرّ الاصحاب من احْتَاجَ إِلَى وَصِيَّة وَكَانَ من أَكثر النَّاس نقلا للفقه واحسنهم تغيبا للمهذب خرج من بَين يَدَيْهِ نَحوا من مائَة مدرس وَلم يكن فِي مدرسي تهَامَة وَلَا الْجبَال المتاخرين أَكثر اصحابا مِنْهُ

    مِنْهُم جمَاعَة من الشويري قد مضى ذكرهم ثمَّ حَاكم الْجِهَة الان ابْن المزجد من بَيت حُسَيْن وَابْن الاحمر وَابْن الْحَضْرَمِيّ مدرسي زبيد فِي عصرنا واخوه عمر وَمُحَمّد بن عمر الاحمر وَهَذَانِ اول من انْتفع بِهِ وَلزِمَ مَجْلِسه وعَلى بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد من حَضرمَوْت اُحْدُ اصحاب الشَّيْخ ابي مُفِيد وَعلي بن مُحَمَّد الْحكمِي ووالده ابراهيم وَمُحَمّد بن ابي الْقَاسِم الْحكمِي وَكَانَت وَفَاته ثَانِي عشر الْمحرم سنة خمس عشرَة وَسَبْعمائة وَمِنْهُم صنوه عمر ومولده سنة سبع وَعشْرين وسِتمِائَة وَلكنه انما نشط الى قراة الْعلم حِين رأى أَخَاهُ قد تراس بطريقه فَقَرَأَ عَلَيْهِ وتفقه بِهِ وَكَانَ صَاحب دنيا يحجّ بهَا وَيطْعم جمَاعَة من الطّلبَة ويقريهم الْعلم وابتنى بالقرية مَسْجِدا معجبا بِالْأَجْرِ والجص وَجعل يدرس فِيهِ ويقصده اليه الزائر والضيف إِذْ الْمجْلس الَّذِي يخْتَص بِهِ اخوه كَانَ من خوص وامتحن بالعمى فِي اخر عمره ثمَّ توفّي من رَابِع ربيع الاخر من سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَسَبْعمائة

    وَمِنْهُم ابْنه ابراهيم ولد سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وسِتمِائَة تفقه بابيه وَقد ذكر ذَلِك وَهُوَ من اعيان الْفُضَلَاء الاخذ عَن ابيه وصلحائهم وَكَانَ الْفَقِيه يُحِبهُ حبا شَدِيدا ويفضله وَسُئِلَ عَن ذَلِك فَقَالَ لما ولد كنت عِنْد والدته فِي الْخَيْمَة الَّتِي وَضعته بهَا

    فحين سقط الى الارض أضأت الْخَيْمَة وانارت حَتَّى اني عددت جرائحها واخبرني الْخَبِير بِحَالهِ انه كَانَ من اخيار اولاد الْفُقَهَاء دنيا وكرما وَمَعْرِفَة للفقه وَالْعِبَادَة وغالب ايامه الصّيام ولياليه الْقيام ومكثرا لاطعام الطَّعَام قل مَا يلد الاخيار مثله وَتُوفِّي على الطَّرِيق المرضي من التدريس وَالْعِبَادَة وَجَمِيع مَا قدمنَا ذكره بتاريخ لَيْلَة الْجُمُعَة سَابِع عشر الْحجَّة من سنة عشْرين وَسَبْعمائة

    وَمِنْهُم أَخُوهُ مُحَمَّد فَهُوَ مشتغل بالزراعة وَالْعِبَادَة وَكَانَ قد انْتقل من الْقرْيَة الى مَوضِع آخر بسهام ثمَّ لم يتْركهُ اهله حَتَّى عَاد وَهُوَ مِمَّن يشهر بمكارم الاخلاق والطباع وَلما تَغَيَّرت الْبِلَاد باخْتلَاف الدول وَضعف الْمُلُوك تنكدت احواله تنكيدا كليا وطلع جبل ريمة لبَعض الْحَوَائِج فَتوفي هُنَالك فِي شهر صفر سنة ثَمَان وَعشْرين وَسَبْعمائة

    وَمِنْهُم الاخوان ابو بكر وَمُحَمّد ابناء يُوسُف بن الْفَقِيه عمر ابْن ابراهيم مقدم الذّكر انفا تفقها فِي بدايتهما بجدهما على ثمَّ بخالهما ابراهيم مقدمي الذّكر وَبِعَبْد الله بن الاحمر وهما فِي عصرنا فُقَهَاء النَّاحِيَة والمشار اليه من المتحلين بالفقه والتدريس ويحكي عَن ابي بكر شرف نفس وَصَلَاح توفّي على ذَلِك سنة خمس وَعشْرين وَسَبْعمائة وَفِي الْقرْيَة فَقِيه اسْمه مُحَمَّد بن ابي الْقَاسِم الْحكمِي هُوَ الان يدرس بقرية شجينة وَهُوَ متفقه وَمِنْهُم ابْن عَمه يُوسُف بن ابراهيم بن عمر بن ابراهيم تفقه بوالده وَبِعَبْد الله بن الاحمر وَمِنْهُم ابو عبد الله مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ بن مُحَمَّد بن الاحمر السَّاعِدِيّ ثمَّ الخزرجي نسبه الى الْخَزْرَج اُحْدُ بَطْني الانصار مولده سنة تسع وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة وتفقهه بعلي بن ابراهيم البَجلِيّ وَهُوَ أول من لزم مَجْلِسه وَكَانَ زميله الْفَقِيه عمر اخاه وَكَانَ من اتراب مُحَمَّد بن حُسَيْن فِي آخر اهل عواجه ودرس هَذَا فِي جَامع المنسكية وَهُوَ جَامع احدثه المظفر بن الرَّسُول وَجعل بِهِ درسة ومدرسا وَقد مضى ذكره وَلم يزل على التدريس بِهِ حَتَّى توفّي بشجينة تَاسِع الْمحرم سنة سبع وَسَبْعمائة وامه ابْنة عمر والفقيهين

    عَليّ بن إِبْرَاهِيم وأخيه من بَنَات الْفَقِيه عَليّ الوصابي من بني البَجلِيّ وَولده عبد الله مولده شعْبَان من سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وستماية وتفقه بعلي ابْن ابراهيم وَهُوَ الان اُحْدُ مدرسي زبيد المعتبرين استدعى للتدريس فِي الْمدرسَة الْمَعْرُوفَة بزبيد بمدرسة الدَّار الجديدة وَهُوَ أمثل من يشار اليه فِي الْفُقَهَاء بالتواضع وَالصَّبْر على التدريس اجْتمعت بِهِ فِي زبيد مرَارًا فَوَجَدته كَذَلِك وَهُوَ آخر فُقَهَاء النَّاحِيَة وجودا

    وَمِنْهُم ابو الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد الْحكمِي تفقه بعلي بن ابراهيم ودرس مُدَّة فِي حَيَاته وانتفع بِهِ جمَاعَة وَتزَوج بابنة اخيه الْفَقِيه عمر وَله مِنْهَا اولاد وَلم يزل على التدريس الى ان توفّي بصفر سنة تسع وَتِسْعين وسِتمِائَة وَله ولد سلك مسلكا غير لَائِق بِأَهْل الْفِقْه وَهُوَ الْآن حَاكم الْجِهَة ولي ذَلِك بعد ابْن الاحمر

    وَمِنْهُم ابو عبد الله مُحَمَّد بن عبد الله بن عَليّ عرف بِابْن الهرمل وَهُوَ من القحرا الْعَرَب الَّذين يسكنون نَاحيَة الْبَلَد الْمُقدم ذكره وَهُوَ بِضَم الْقَاف بعد ألف وَلَام وَسكن الْحَاء وَفتح الرَّاء ثمَّ ألف وهم يرجعُونَ الى عك بن عدنان وَكَانَ فِي أول أمره يسكن عواجة ودرس بهَا مُدَّة ثمَّ انْتقل إِلَى مَوضِع قريب مِنْهَا يعرف بالعطفة بِعَين مُهْملَة مخفوضة بعد ألف وَلَام ثمَّ طاء مُهْملَة سَاكِنة ثمَّ فتح الْفَاء ثمَّ هَاء سَاكِنة كَانَ من اعيان فُقَهَاء تهَامَة وفضلائهم وَله مُصَنف فِي الْفِقْه سَمَّاهُ التُّحْفَة ضمنه زيادات الْوَسِيط على الْمُهَذّب يُوجد مجلدين مَعَ اهل شجينة وَكَانَ من كرام الْفُقَهَاء وَذَوي الاحسان فيهم يقوم بالمنقطع مَعَ طلبة الْعلم وَحَتَّى من سكن مَعَه من المنقطعين وَلما توفّي بكا عَلَيْهِ فِي اربعين بَيْتا فسئلوا فَقَالُوا كَانَ يقوم بكفايتنا وَمَا يكَاد يعلم بِنَا اُحْدُ وَلَا بَعْضنَا يعلم بِبَعْض وَهَذَا من ادل دَلِيل على خير هَذَا الرجل وَكَانَ لَا يغسل ثِيَابه

    إِلَّا بالحطم وَلم يعلم النَّاس بِهِ حَتَّى قدم عَلَيْهِ الامام اسمعيل الْحَضْرَمِيّ وَسَأَلَهُ عَن صابون فَقَالَ مُنْذُ سَمِعت ان الغز يطر يطرحون الجلجلان على النَّاس كرهت الْغسْل بالصابون فَلَا اغسل ثِيَابِي الا بالحطم فَقَالَ الْحَضْرَمِيّ لاصحابه لقد فاق علينا هَذَا الرجل بورعه وَقد ذكرت قصَّته فِي قراته الْبَيَان على الْفَقِيه حسن بن عَليّ حِين قرات عَلَيْهِ وَذكرت قرائه بعض الْجِنّ مَعَه وَكَانَ مَشْهُورا مَذْكُورا بِالدّينِ وَالْعلم والورع وَمَكَارِم الاخلاق وَلم يزل على الْحَال المرضي حَتَّى توفّي بعد أَن امتحن بالعمى واعاد الله اليه بَصَره لَيْلَة الِاثْنَيْنِ لثمان خلون من رَجَب سنة ثَمَانِي وَسِتِّينَ وسِتمِائَة بالعطفة وَبعد ان تفقه بِهِ جمَاعَة

    مِنْهُم عَليّ الصريدح وَعلي الجحيفي مقدمي الذّكر وَعلي بن عبد الله العامري قد ذكرته حِين ذكرت اهله بحرض واسماعيلل بن عمر الرقابي وَجَمَاعَة كَثِيرُونَ وَهُوَ آخر من تحققته من فُقَهَاء سِهَام ثمَّ لَيْسَ وَرَاء هَذِه الْقرْيَة على قرب مِنْهَا من جِهَة الْيمن قَرْيَة يذكر فِي أَهلهَا عُلَمَاء غير قَرْيَة القحمة الْمُقدم ذكرهَا والمتقدم فِي اهلها المنتسب الى الْعلم مِنْهُم بَنو الْفَاضِل المشهورون بالقضاة كَانَ فيهم جمَاعَة أول من ولى القضا فيهم رجل اسْمه يشهر بالدحداح كَانَ يذكر بِالْفَضْلِ ثمَّ ابْن عَم لَهُ اسْمه مُحَمَّد بن يَعْقُوب عَزله القَاضِي اسماعيل بن ثُمَامَة الْمُقدم ذكره

    وَمِنْهُم احْمَد بن يَعْقُوب ولى قضا فشال من قبل بني مُحَمَّد بن عمر مُدَّة واكتسب فِي اثناء ذَلِك مَالا جيدا ثمَّ صادره القَاضِي مُحَمَّد بن الْفَقِيه ابي بكر بعد ان عَزله وَفِي عقب ذَلِك امتحن بالعمى

    وَمِنْهُم ابْنه يَعْقُوب تفقه بِابْن الصريدح وَبِعَبْد الله بن ابراهيم بن عجيل مقدمي الذّكر واخذ الْفَرَائِض عَن عَليّ الجبرتي ثمَّ ولاه القَاضِي عَليّ بن مُحَمَّد بن عمر قضا المحالب فَتَوَلّى وَهُوَ شَاب فَكَانَ يحْكى عَنهُ سيرة المعجبين وَلما صَار

    القضا إِلَى القَاضِي مُحَمَّد بن ابي بكر عَزله مَعَ ابيه وصادره ايضا بشى وَجرى لَهما مَا لم يكد يتم على اُحْدُ من نظرائهما من المصادرة والترسيم ثمَّ عمي القَاضِي أَحْمد وَتُوفِّي ابْنه يَعْقُوب بالقحمة بعد أَن اقام مُدَّة مَرِيضا لم يكد يستريح مُنْذُ صودر حَتَّى توفّي سنة ثَمَانِي عشرَة وسبعماية وبيد هَؤُلَاءِ بني الْفَاضِل خطابه الْقرْيَة مُنْذُ زمن طَوِيل الى عصرنا سنة ثَلَاث وَعشْرين وسبعماية وَزَالَ عَنْهُم قَضَاء القحمة فِي أَيَّام القَاضِي البها جعل ذَلِك فِي قوم من أهل الناشرية فَأول من قضى مِنْهُم عمر بن ابي بكر كَانَ فَقِيها صَالحا عابدا متعففا متواضعا وَكَانَ من أشبه النَّاس بالامام إِسْمَاعِيل الْحَضْرَمِيّ وَله ولد اسْمه عبد الله تفقه بعلي بن مُحَمَّد الْحكمِي بشجينة وَهُوَ يتعاني الْمُعَامَلَة وَالتِّجَارَة بدنيا مَعَه ويسكن القحمة وَبَلغنِي انه توفّي فِي أَيَّام الْفِتْنَة وَهِي السنوات الَّتِي حدث بهَا الْخلاف الْمَشْهُور وَلما توفّي القَاضِي عمر جعل القَاضِي البها مَكَانَهُ ابْن عمر لَهُ اسْمه ابو بكر بن عبد الله وَكَانَ يذكر بجودة الْفِقْه فَلَمَّا توفّي جعل مَكَانَهُ ابْن مَه عِيسَى وَهُوَ الَّذِي ادركته حَاكما سنة سبعين وسِتمِائَة فَلبث مُدَّة وَتُوفِّي سنة خمس وَسبعين وسِتمِائَة تَقْرِيبًا ثمَّ نقل مُحَمَّد بن ابي بكر من زبيد فَجعل حَاكما وَهُوَ رجل مِنْهُم بعد تفقه بَاهل زبيد واعاد مُدَّة فِي الْمدرسَة التاجية وَتزَوج بابنة الْفَقِيه مُحَمَّد بن عبد الله الْحَضْرَمِيّ وَله مِنْهَا ولد اسْمه عَليّ مولده الْمحرم سنة سبع وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة وَهُوَ الان الْحَاكِم مَكَان ابيه وَلما توفّي سنة ثَمَانِي عشرَة وَسَبْعمائة وَيذكر وَلَده بجودة الْفِقْه وَشرف النَّفس والانسانية وَلَعَلَّه نزع الى اجدداه وولايته من ابْن الاديب

    وَمن نواحي الْقرْيَة بَيت الاكسع بِهِ جمَاعَة مِنْهُم ابو الْقَاسِم بن يُوسُف بن الاكسع هَذَا الاكسع الَّذِي ينْسب اليه هَذَا الْبَيْت كَانَ من اتراب الْفَقِيه عَليّ بن الصريدح وَكَانَ فَقِيها مَذْكُورا بذلك وَمِنْهُم احْمَد بن مُحَمَّد بن الْمعلم عمر بن الاكسع عرف بالزيلعي تفقه بعلي ابْن ابراهيم البَجلِيّ وَكَانَ فَقِيها وجده عمر بن

    الاكسع هُوَ الَّذِي كَانَ كثير الْحَج ويتصدا برياسة الْقَافِلَة الى مَكَّة وتنسب اليه الْقَافِلَة فَيُقَال قافلة ابْن الاكسع وَظَهَرت لَهُ فِي الطَّرِيق كرامات صدرت من الْحَاج تعرض اهل الْفساد واظنه اخذ ذَلِك عَن الْفَقِيه بكر الفرساني الَّاتِي ذكره واخذ عَن ابي عجيل حكى ان الامام احْمَد حج مَعَه وَهُوَ يَوْمئِذٍ شَاب فَلَمَّا رأى عظم مَا يقاسي وَأَن لَوْلَا عزمه وهمته لم يطق النَّاس سفر الْحجاز قَالَ لَهُ يَوْمًا يَا معلم عمر كَيفَ يصنع النَّاس بعْدك فِي أَمر الْحَج فَقَالَ انت لَهُم بعد الله يَا أَحْمد فَكَانَ كَمَا قَالَ قَامَ الْفَقِيه كقيامه وَزِيَادَة كَمَا قدمنَا وَكَانُوا يعدون ذَلِك مكاشفة من الْمعلم وَكَانَ من اكابر الصَّالِحين

    وَمِنْهُم يُوسُف بن الْفَقِيه ابو الْقَاسِم بن يُوسُف بن الاكسع يذكر بِالدّينِ والورع وتفقهه بِابْن الصريدح وبعلي بن ابراهيم البَجلِيّ وَدخل زبيد فاخذ بهَا النَّحْو عَن بعض فضلائها لم اتحققه وَهَؤُلَاء الثَّلَاثَة كَانُوا متعاصرين بَلغنِي وجودهم سنة عشْرين وَسَبْعمائة

    وَمِنْهَا اعني النَّاحِيَة قَرْيَة المدالهة الَّتِي تقدم ذكرهَا وان بهَا الْفُقَهَاء بني الصريدح قد مضى ذكر غالبهم وَفِيهِمْ الان فَقِيه اسْمه عُثْمَان بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله الْفَقِيه الَّذِي ذكره ابْن سَمُرَة وذكرته نَحوه فِيمَا مضى

    وَمِنْهُم ابو عبد الله مُحَمَّد بن عِيسَى بن عمر ابْن اسماعيل بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن اسماعيل الاحنف مقدم الذّكر وَذكره ابْن سَمُرَة وذكرته وَالْمَذْكُور هُنَا يلقب بالعجمي لم ادر مَا سَبَب ذَلِك وَيذكر بِكَوْنِهِ عَارِفًا بالفرائض والحساب واخذ كتب المسموعات عَن الامام احْمَد بن عجيل وَهُوَ مَعْدُود فِي خَواص اصحابه وَيذكر بشرف النَّفس وعلو الهمة وَالْقِيَام الْمُنْقَطع من الطّلبَة عِنْد الْفَقِيه عَليّ بن الصريدح وَكَانَ يسكن فِي أول مرّة مَعَ شَيْخه ابْن عجيل ثمَّ تزوج بابنة الْفَقِيه عَليّ الصريدح وَسكن المدالهة مَعَ اهلها لذَلِك وَحدث لَهُ ولد اسْمه عِيسَى تفقه بجده عَليّ وَكَانَ فَاضلا تقيا وَتُوفِّي شَابًّا سنة خمس عشرَة وَسَبْعمائة وَفِي الْقرْيَة الان فَقِيه اسْمه ابو بكر يذكر بِالدّينِ وَمَكَارِم الاخلاق اخبرني عَنهُ الْفَقِيه أَبُو

    الْعَبَّاس الظفاري وانه رصين الدّين ذُو مَكَارِم واخلاق

    وَمن النَّاحِيَة بَيت ابْن عجيل قد مضى ذكر اهله حَيْثُ كَانُوا وَمِنْهَا مَحل الاعوص بِهِ بَنو جعمان ونسبهم فِي الصريفيين قَبيلَة فِي ذوال سَمِعت من يَدعِي الْخِبْرَة فِي نسب اهل ذوال يَقُول جعمان وعجيل اخوان وَابْن عجيلا معربي وجعمان صريفي وَلَعَلَّهُمَا اخوا لم هَذَا التَّعْلِيل كَانَ مني وَالله اعْلَم فَمن مُتَقَدِّمي بن جعمان ابو عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله جعمان كَانَ فَقِيها كَبِير الْقدر سامي الذّكر عَنهُ اخذ مُوسَى بن عجيل الْفَرَائِض وَكَانَا زميلين فِي القرائة على إِبْرَاهِيم بن زَكَرِيَّا بقرية الشوري الْمُقدم ذكرهَا ثمَّ وَلَده عبد الله بن مُحَمَّد كَانَ تربا لاحمد بن عجيل وَكَانَا زميلين فِي القرائة على الْفَقِيه ابراهيم بن عجيل

    وَمِنْهُم مُحَمَّد وَعمر ابناء احْمَد بن الْفَقِيه عبد الله بن مُحَمَّد كَانَ تربا لِأَحْمَد بن عجيل وَكَانَا زميلين فِي القرائة على ابراهيم بن عجيل فمحمد تفقه بابراهيم بن عبد الله بن عجيل حَيْثُ كَانَ سَاكِنا مَعَهم فِي الْقرْيَة كَمَا قدمت ذَلِك وَهُوَ فَقِيه فَاضل واما عمر فَكَانَ فَقِيها فرضيا تغلب عَلَيْهِ الْفَرَائِض توفّي بحلى عَائِد من الْحَج سنة ثَمَانِي عشرَة وَسَبْعمائة

    وانقضى ذكر من تحققته مُسْتَحقّا للذّكر من أهل ذوال ثمَّ بعد هَذِه الْقرْيَة حُدُود وَادي رمع الَّذِي أم قراه فشال قَرْيَة كَبِيرَة لم أكد اتحقق من اهلها مُسْتَحقّا للذّكر بل كَانَ فِيهَا قَاض هُوَ رَاشد بن الْفَقِيه حسن بن رَاشد مقدم الذّكر فِي أهل العماقي وَفِي مدرستي مصنعة سير لم اتحقق مننعته شَيْئا ولاه بَنو عمرَان رِعَايَة لحق ابيه وَلما توفّي جعلُوا ابْنه مَكَانَهُ حَتَّى تولى بنوا مُحَمَّد بن عمر فعزلوه على طَريقَة امثالهم باحمد ابْن الْفَاضِل فَلم يزل حَتَّى كَانَ القَاضِي مُحَمَّد بن ابي بكر مَعَه مَا قدمنَا ذكره

    وَمِنْهُم قاضيها الْفَاضِل بعد ابْن ابو الْحسن عَليّ بن عمر الوزيري تولى ذَلِك من قبل ابْن مُحَمَّد بن أبي بكر صحبته ايام محنت بِحَسبِهِ زبيد فَوَجَدته ذَا

    مروة وعقل توفّي بالمغربة سنة خمس وَعشْرين وَسَبْعمائة على الْقَضَاء ايام خُرُوج النَّاصِر

    وَمن نَوَاحِيهَا قَرْيَة تعرف محلّة زِيَاد نسبه الى رجل اسْمه زِيَاد وَكَانَ رجلا صوفيا وَنسبه فِي المقاصرة وفيهَا الان ابْن ابْنه زِيَاد بن عَليّ بن زِيَاد تفقه بعلي بن الصريدح وَله اخوان ابو بكر وابراهيم فابو بكر يذكر بالفقه وابراهيم يذكر بالقراءات وَرُبمَا فَضله أَبُو بكر بجودة الْفِقْه على أَخِيه زِيَاد وَالثَّلَاثَة مذكورون باطعام الطَّعَام والخلق الْحسن مَعَ الدرسة وهم أهل صَلَاح وَمِنْهَا القرشية كَانَ بهَا جمَاعَة الحقت مِنْهُم احْمَد بن عَبَّاس المساميري ثمَّ الزَّيْلَعِيّ كَانَ فَقِيها فَاضلا كَبِير الْقدر شهير الذّكر من اقران الْفَقِيه ابي الْخَيْر بن مَنْصُور الْمَذْكُور بزبيد وَكَانَ كثيرا مَا يَقُول ابو الْخَيْر اكثر كتبا مني وانا اكثر علما مِنْهُ وَكَانَ يغلب عَلَيْهِ فن الادب وَيَقُول شعرًا جيدا مِنْهُ

    . .. لَا يطْلب الْعلم الا الحرذ الْكَرم ... وَمن لَهُ حسب الابا والشيم

    اَوْ لَو ذعى ابي سيد فطن ... مقبل يقظ مُسْتَقْبل الْهم

    اما ذَوُو الضِّدّ مِمَّن قد ذكرتهم ... فالفلس عِنْدهم من اشرف الهمم

    اف لَهُم ولدنياهم وَمَا جمعُوا ... وحبذا الجهبذ النقاد للكلم

    كل امْرِئ راسخ فِي الْعلم عنصره ... فانه فِي اقتباس الْعلم ذُو كرم

    وكل عَيْش قُرُون الْعلم يحْبسهُ ... ويحه الْعلم بدر صادع الظُّلم

    بِاللَّه يَا صَاح نقب هَل ترى احدا ... قد مارس الْعلم الا سَاءَ ذَا البهم

    وَالصَّبْر صاب وَدون الْمجد علقمه ... وَمن يرم صِحَة من غير مَا سقم ...

    . . يروم مس الثريا وَهُوَ يُخبرهُ ... وريق الْعُمر مَوْقُوف على الْهَرم

    عَلَيْك بِالْعلمِ ان الْعلم مجلبة ... للفضل مدحرة للنقص والسدم

    وعد عَمَّا ترى من ثروة الوخم ... فعيشه مثل عَيْش الشأ وَالنعَم ... هَيْهَات دون العلى وَالْمجد مرهفة ... يفري القفار الى الجوسوس فالحرم ... واشعاره كَثِيرَة لم يكد يعلق بحفظي مِنْهَا غير مَا أوردته أنشدنيه بعض أَصْحَابه من لَفظه عَنهُ وَكَانَ مَعَ كَمَال فَضله زاهدا ورعا متقللا لم يتأهل بِامْرَأَة إِلَى أَن توفّي بالمحرم سنة تسع وتستعن وسِتمِائَة

    وَمِنْهُم يُوسُف بن مُحَمَّد عرف بالمحرم تفقه بالامام احْمَد بن عجيل وَلزِمَ مَجْلِسه ثَلَاثِينَ سنة اجْتمعت بِهِ فِي زبيد سنة احدى وَعشْرين وَسَبْعمائة واخبرني بذلك وَسَأَلته عَن مبلغ عمره فِي وقته ذَلِك فَقَالَ ثَمَان وَثَمَانُونَ سنة وَله أَخ اسْمه عِيسَى بن عمر تفقه بِعَمِّهِ وَهُوَ فَقِيه فَاضل يدرس الان سنة ثَلَاث وَعشْرين وَسَبْعمائة بالقرية وَاعْلَم ان هَذَا الْوَادي الْغَالِب على أَهله مَذْهَب ابي حنيفَة وَكَذَلِكَ وَادي زبيد ووادي حيس يغلب الى اهلها التحنف لَكِن رمع وحيس يغلب على أَهلهَا العامية وَلم أكد اسْمَع لَهُم بفقيه واما وَادي زبيد فَفِيهِ الْفُقَهَاء الْفُضَلَاء وَقد تقدم ذكر أهل الْمَدِينَة وأذكر هُنَا أهل نَوَاحِيهَا فَيقرب إِلَى القرشية الْقرْيَة الَّتِي تسمى التريبة بِضَم التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَمن تَحت وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْهَاء وتعرف بالكبيرة إِذْ هُنَاكَ سميَّة لَهَا تعرف بالصغيرة كَانَ بهَا جمَاعَة من اهل الْفضل مِنْهُم بَنو السايح بَيت فضل وَظهر فيهم نَاس تعانوا الطِّبّ وَمذهب الْحُكَمَاء فنسبوا الى الْخُرُوج من الْمَذْهَب لذَلِك فَمن تحققته نسب الى ذَلِك لم أذكرهُ فَمن الفضلا الْفضل أَبُو بكر بن السايح كَانَ فَقِيها فَاضلا أديبا عَارِفًا بالطب وَمِنْهُم مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن كَانَ رجلا مُبَارَكًا يشهر بالصلاح وَمَعْرِفَة الطِّبّ ومشاركة

    الْفِقْه وَمِنْهَا اسماعيل بن قريع العقبي كَانَ فَقِيها فَاضلا صَالحا قريع بِضَم الْقَاف وَفتح الرَّاء وَسُكُون الْيَاء الْمُثَنَّاة ثمَّ عين وَمِنْهَا حسن بن ابراهيم بن المحرقل الاشعري النّسَب وَضبط المخرقل بِضَم الْمِيم بعد الف وَلَام وَفتح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَسُكُون الرَّاء وخفض الْقَاف وَسُكُون اللَّام كَانَ فَقِيها فَاضلا بِهِ تفقه جمَاعَة مِنْهُم ابْن اخيه مُحَمَّد فِي بدايته وَكَانَت وَفَاته لَيْلَة السَّابِع عشر من رَجَب سنة خمس واربعين وسِتمِائَة

    وَمِنْهُم ابْن اخيه مُحَمَّد بن حُسَيْن المحرقل كَانَ فَقِيها فَاضلا عَارِفًا بالفقه وَالتَّفْسِير والْحَدِيث تفقهه بعلي بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الوصابي وَابْن حنكاس بزبيد بعد ان اخذ فِي بدايته عَن عَمه وَقد ذكرت ذَلِك وتربه على بن ابي بكر ويلقب بالحكيم كَانَ فَاضلا رَفِيقه فِي الرحلة الى وصاب تفقه وَتُوفِّي شَابًّا

    وَمِنْهُم ابو بكر بن الشَّيْخ عِيسَى بن اقبال عرف وَالِده بالهتار واقبال هُوَ ابْن عَليّ بن عمر بن عِيسَى الصريفي نسب الى اب فِي المعازبة يُقَال لَهُ صريف وَكَانَ لَهُم جد معلم فَكَانُوا يعْرفُونَ ببني الْمعلم اعني الشَّيْخ عِيسَى وَقَومه الأدنون مِنْهُ وَكَانَ هَذَا ابو بكر كَبِير الْقدر علما وَعَملا وتفقه بِمذهب ابي حنيفَة اذ ولد بالقرية وَنَشَأ بَين اهلها فَلم يجد بدا من الدُّخُول بمذهبهم فرزق فقها جيدا وَلَكِن غلب عَلَيْهِ مَذْهَب وَالِده التصوف وَلما دنت وَفَاة وَالِده اسْتخْلف فِي مقَامه وَكَانَت وَفَاته لبضع وسِتمِائَة تَقْرِيبًا

    وَحين عرض ذكر ابيه وَهُوَ من اعيان الْمَشَايِخ بِالْيمن وافراد الصُّوفِيَّة فِي الزمم أَحْبَبْت إِيرَاد بعض مَا صَحَّ من مناقبه وكراماته على قدرما نمى إِلَى لما قدم هَذِه الْقرْيَة مُهَاجرا لِقَوْمِهِ فتديرها وتأهل بهَا واما بدءه فِي التصوف فَقيل إِنَّه مجذوب وَقيل اجْتمع بِبَعْض رجال ابي الْغَيْث فَحكمه وَعلمه سلوك الطَّرِيقَة

    وَكَانَ كَبِير الْقدر شهير الذّكر موفقا مَعْصُوما وسرى حَاله الى بعض اصحابه فَكَانَ يجْتَمع بِالنسَاء ويحادثهن فَلَا يجد تغير وَحكم جمعا من النسوان وَيعْمل السماع ويختلط الرِّجَال بِالنسَاء فَلَا يجد أحد تغير وَله ولاصحابه فِي ذَلِك أَخْبَار يطول شرحها من ذَلِك مَا روى ان بعض امراء الْعِزّ دخل بَيته فِي زبيد فَوَجَدَهُ عِنْد امْرَأَته وَهِي بَين يَدَيْهِ تغني وَقيل تغمزه فحين رأى الغزى ذَلِك لم يَتَمَالَك أَن جذب السَّيْف وهم بالشيخ فكشف عَن عَوْرَته وَقَالَ مَالك يَا مفروك فَرَأى الْغَزِّي لَهُ فرج امْرَأَة وَقيل رَآهُ ممسوحا فَرمى السَّيْف من يَده وَجعل يقبل رَأسه وَيَديه وَرجلَيْهِ وَيَقُول انت الهتار اعذرني فَمَا عرفتك وَكَانَ الْغَزِّي يسمع بِهِ وباحواله وَيَوَد الِاجْتِمَاع بِهِ حَتَّى حصل لَهُ الْحَال الْمَذْكُورَة وَأَخْبرنِي وَالِدي عَن الشَّيْخ حُسَيْن عَن ابيه على الْفَتى وَكَانَ من اعيان مشائخ الصُّوفِيَّة بِمَدِينَة الْجند أَنه قَالَ خرجت وَأَنا شَاب أُرِيد زِيَارَة الصَّالِحين بتهامة فمررت بِهَذَا الهتار بِبَلَدِهِ ثمَّ دخلت مَعَه الى زبيد فقصد دَارا وَاسِعَة ودخلها غير مطرق وانا مَعَه فَمَا هُوَ الا ان توسطها حَتَّى خرج اليه جمَاعَة نسَاء احرار وإماء أهل صور حَسَنَة وَهن يرفلن من حلى وحلل فقبلن يَده ثمَّ ادخلنه مَجْلِسا مفروشا واقبلت امْرَأَة تفوقهن حسنا فَوضع كرْسِي وَالشَّيْخ قد قعد على سَرِير فحين غنت الْمَرْأَة دهشت الْفَتى وَلم يزل يَأْخُذ بالذبول حَتَّى كَاد يغيب عَن الْحس فَالْتَفت اليه الهتار وَقَالَ لَهُ على طَرِيق المجون رخى أم حُبْلَى فَقلت لَهُ يَا سَيِّدي إِن لم تمدونا من خواطركم وَإِلَّا هلكنا فَمسح على صَدْرِي وسكنت وَخَرجْنَا مَعًا فَقَالَ لي يَا عَليّ يُولد لَك ولد هَذِه اللَّيْلَة فَلَمَّا عدت الْبَلَد وجدت

    وَلَدي حُسَيْن قد ولد وعَلى الْجُمْلَة فَمَا آثر أيات الهتار كَثِيرَة واصحابه كثيرا ايضا اصحاب حالات ومقالات

    وَمِنْهُم عَليّ بن يُوسُف صَاحب مَحل عَقبي قَرْيَة على رَأس وَادي زبيد على قرب مَسْجِد معَاذ وهوشيخ وَالِدي تحكم على يَدَيْهِ وَصَحبه وَكَانَ يذكر عَنهُ كرامات كَثِيرَة وَلَهُم إِلَى الان ذُرِّيَّة فِيهَا الْخَيْر يقومُونَ بالموضع ويكرمون الْوَارِد وَلَهُم كرامات كَثِيرَة وَمِنْهُم فَرح النوبي كَانَ يسكن الْجند وَبهَا توفّي وقبره مَشْهُور يزار وَكَانَ رجلا مُجَردا صَاحب كرامات قَلما قصد زَائِره الا وقضيت حَاجته وَله ذُرِّيَّة بالتريبة يحملون على الاعزاز والاكرام والاحترام وَلما حَضرته الْوَفَاة جمع اولاده واصحابه وامرهم باجتناب مَا كَانَ يعمله من خلْطَة النِّسَاء وَالْجمع بَينهم وَبَين الرِّجَال فِي اوقات السماع وامتثلوا ذَلِك ثمَّ قَالَ لِابْنِهِ ابي الْبكر الَّذِي هُوَ خَلِيفَته يَا أَبَا بكر ياتيك من هَذَا النهج رجل ممتحن بِمَرَض واشار الى نَاحيَة القوز الْكَبِير فَمَتَى اتاك حكمته وبلغه عني السَّلَام وسله الدُّعَاء فَلم يقف الشَّيْخ بعد الْوَفَاة غير يسير حَتَّى قدم الشَّيْخ مَسْعُود وَهُوَ من موَالِي عرب يسكنون على قرب من القوز فِي حُدُود رمع امتحن بالجذام فطرده موَالِيه فَخرج مطرودا سائرا حَتَّى قدم التريبة فحين رَآهُ الشَّيْخ أَبُو بكر عرفه فَرَحَّبَ بِهِ واخذ عَلَيْهِ الْيَد وامر لَهُ بِالْعودِ الى موَالِيه واذن لَهُ بالتحكيم وابتناء رِبَاطًا فَعَاد وَقعد بالقوز مَوضِع رباطه وتربته وَهُوَ يَوْمئِذٍ عقدَة الاسلام فَكَانَ يستضل بِالشَّجَرَةِ حَتَّى فطن لَهُ فابتنوا لَهُ موضعا يستظل بِهِ ويكن وَظَهَرت لَهُ كرامات خارقة وَقد زرت قَبره مرَارًا واقمت

    عِنْده مرَارًا وَكَانَت الاقامة فِي الْحجَّة سنة عشر وَسَبْعمائة والقائم برباطه رجل اسْمه بن ابي بكر الجحائي بجيم مَفْتُوحَة ثمَّ فتح الْحَاء الْمُهْملَة ثمَّ الف هم همزَة مخفوضة ثمَّ يَا نسب الى عرب يُقَال هم الجحائين وَهُوَ مبارك فِيهِ آنس للوارد وَصَحب خَليفَة الشَّيْخ مَسْعُود هَذَا فاستخلفه وَهُوَ كَبِير السن ذُو ديانه وَخير وَله اولاد الْغَالِب عَلَيْهِم الْخَيْر ولنرجع إِلَى ذكر الشَّيْخ عِيسَى أَنه لم يمت حَتَّى حرم على أَوْلَاده واصحابه سلوك طَرِيقه فِي خلْطَة النِّسَاء وَقَالَ لَهُم إِنَّكُم لَا تطيقون ذَلِك وَيُقَال كَانَت وَفَاته سنة سِتّ وسِتمِائَة تَقْرِيبًا وَكَانَت سنة الرماد وَسميت بذلك لانه نزل بهَا رماد من السَّمَاء وَصفته ان اول مانزل رماد ابيض يَوْمًا وَلَيْلَة واظلمت الْبِلَاد وَخَافَ النَّاس فَلم يزل بعد ذَلِك رَمَادا اسود ورواجف وزلازل وَجَرت عجائب يطول شرحها نرْجِع إِلَى ذكر الْفُقَهَاء بالتريبة مِنْهُم مُنِير بن جَعْفَر كَانَ فَقِيها كَبِيرا فَاضلا انْتَشَر عَنهُ مَذْهَب ابي حنيفَة انتشارا مرضيا وَله بالقرية ذُرِّيَّة ويعرفون بِهِ وَمِمَّنْ اخذ عَنهُ ابناءه يحي وجعفر تفقه بِمذهب الشَّافِعِي وَهُوَ خطيب الْقرْيَة

    وَمِنْهُم عمرَان بن عَليّ العروي تفقه بِمُحَمد المخرقل وَعمي آخر عمره توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين كَانَ صَالحا خَاشِعًا ثمَّ طَلْحَة بن عَليّ بن اسحاق وَغَيرهم

    وَمِنْهُم اسماعيل بن يُوسُف بن قريع الْفُقيْمِي بِفَتْح الْفَاء بعد ألف وَلَام وَفتح الْقَاف وَسُكُون الْيَاء والمثناة من تَحت وَمِيم ثمَّ يَاء فقريع بِضَم الْقَاف وَفتح الرَّاء وَسُكُون الْيَاء الْمُثَنَّاة من تَحت وَعين ثمَّ مِيم وياء نسب كَانَ فَقِيها صَالحا زاهدا تقيا يرى على قَبره فِي كل لَيْلَة نور منتشر إِلَى السَّمَاء وَمِنْهُم أَحْمد بن عبد الله بن عبلة كَانَ فَقِيها مُحدثا وَهُوَ آخر من عَلمته من فُقَهَاء الْقرْيَة وَمِنْهُم مُحَمَّد بن عِيسَى بن عبد الْبَاقِي تفقه بِابْن قريع مقدم الذّكر وَكَانَ كَامِل الْفضل وَله بتعبير الْمَنَام يَد طايلة

    وَمِنْهُم ابو بكر عرف بالاحمر وَنسبه فِي المعازبه كَانَ فَقِيها تقيا تفقه بِمُحَمد بن حُسَيْن المخرقل وَمِنْهُم عمر بن سُلَيْمَان وَمِنْهَا حُسَيْن بن ابي بكر الدباهي تفقه بِابْن العطيعط وَابْن جَابر وَغَيره وَكَانَ رجلا صَالحا موفقا توفّي بالقعدة سنة سبع وَعشْرين وَسَبْعمائة وَلَيْسَ فيهم من تَحْقِيقه على مَذْهَب الشَّافِعِي وَلَو تحققت ذَلِك لبينته

    وَمن قَرْيَة المحارقة أَبُو بكر تفقه بِمذهب الشافيع وَيذكر بِالدّينِ وَالْخَيْر وَالِاجْتِهَاد فِي الْعلم وَمن قَرْيَة القرتب بقاف مَضْمُومَة بعد الْألف وَلَام ثمَّ رَاء سَاكِنة وتاء مثناة من فَوق مَضْمُومَة ثمَّ بَاء مُوَحدَة سَاكِنة وَكَانَ مِنْهُم فِيمَا تقدم أَحْمد بن مُحَمَّد بن ابراهيم الاشعري السنب السدُوسِي الْبَيْت كَانَ فَقِيها فرضيا حسابيا نحويا نسابيا وَله فِي علم الْحساب تصنيف وَهُوَ كتاب التفاحة فِي علم المساحة وَله فِي الانساب كتاب الْبَاب وَله فِيهِ ايضا كتاب التَّعْرِيف وَله مُصَنف ايضا فِي النَّحْو وَكَانَ معاصرا لصَاحب الْبَيَان وَلما امتدح الشَّيْخ مُحَمَّد بن عَليّ بن مشعل العمراني جعل الشَّيْخ من اعظم مناقبه كَونه من قومه ذكر ذَلِك ابْن سَمُرَة وَمِنْهُم عبد الله بن حسن الحولي وَمِنْهُم باو بكر بن خَالص الْحكمِي مَشْهُورا بالصلاح وَالِاجْتِهَاد يُقَال انه اكب على مطالعة شرح مُخْتَصر الْكَرْخِي عشر سِنِين فَكَانَ لَا يسئل عَن مسئلة الا اجاب مِنْهُ وَمِنْهُم على ابْن معدان الاشعري تفقها جَمِيعًا بالحولي وَمِنْهُم مُحَمَّد بن ابي بكر بن خَالص تفقه باخيه وَمِنْهُم ابو الْحسن عَليّ ن ابي مَسْعُود وَكَانَ فَقِيها صَالحا وَمِنْهُم فقيههم الان ابو بكر بن عمر ابْن عبد الله بن جَابر وبابن جَابر يعرف نسبه فِي المقاصرة مولده سنة سِتِّينَ وسِتمِائَة وتفقهه بِمُحَمد بن خَالص وَكَانَ مُحَمَّد فِي بدايته ثمَّ دخل زبيد واخذ عَن الْمَكِّيّ والسراج وَابْن مطري مقدمي الذّكر وَذهب الى التريبة فاخذ بهَا عَن

    مُحَمَّد بن حُسَيْن المخرقل وَهُوَ الان مدرس اصحاب ابي حنيفَة فِي المنصورية بزبيد مَشْهُور بِالدّينِ وَالْخَيْر وسلامة الصَّدْر اجْتمعت بِهِ وراجعته فغلب على ظَنِّي انه كَمَا قيل وَمِنْهَا المزيحفة بِضَم المليم بعد الف وَلَام وَفتح الزَّاي وَسُكُون الْيَاء الْمُثَنَّاة من تَحت وخفض الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح الْفَاء ثمَّ هَاء سَاكِنة عمر بن واقص بخفض الْقَاف بعد وَاو والف ثمَّ صَاد بعد الْقَاف كَانَ فَاضلا فقهيا لَهُ مصنفات فِي النَّحْو وَمِنْهَا احْمَد بن مُحَمَّد تفقه ثمَّ سَافر الْحَبَشَة فاخذ عَنهُ بهَا فِي الْمَذْهَب كثير من النَّاس وَمِنْهَا أَحْمد بن عمر بن هَاشم بن الْحُسَيْن بن عمر بن أبي السُّعُود الْخُزَاعِيّ نسبا والزيحفي بَلَدا نسبته إِلَى هَذِه الْقرْيَة كَانَ كَامِل الْفضل بِعلم الْحساب لَهُ بِهِ مصنفات الْخَوَارِزْمِيّ بسيط ووجيز وَله كتاب جَوَاهِر الْحساب يُوجد مِنْهُ الْجُزْء الاول وَيُقَال انه مَاتَ قبل اكماله وَولى عمالة ديوَان المخلاف وَسكن ذَا جبلة مُدَّة واخذ عَنهُ جمَاعَة مِنْهُم صَالح السفالى وابو بكر بن مُحَمَّد المأربي وَغَيرهمَا وَمَات نَحْو ثَمَانِينَ وستماية تَقْرِيبًا بِمَدِينَة

    وعَلى قرب من الْقرْيَة العنبرة سَاحل زبيد قَرْيَة قديمَة وَهِي على ضبط عنبرة سِهَام وَقد ضبطتها ايضا مَعَ ذكر ابْن حنكاس وَقد مضى ذَلِك عِنْد بني الدَّلِيل فِي اهل سردد وَهَذِه الْقرْيَة خرج مِنْهَا جمَاعَة من اعيان الدّين وَالدُّنْيَا الْمُتَقَدّم عَليّ بن مهْدي كَانَ من الْفُضَلَاء لَكِن سلك الْفضل غير طَرِيقه فَلذَلِك اخرته فِي ذكر الْمُلُوك انشاء الله والمتأخر مِنْهُم أَبُو بكر بن حنكاس مضى ذكره فِي أهل زبيد

    وعَلى قرب مِنْهَا قَرْيَة الحصبا بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة بعد الف وَلَام وَسُكُون الصَّاد الْمُهْملَة وَفتح البأ الْمُوَحدَة ثمَّ الف بهَا جمَاعَة يعْرفُونَ ببني دِينَار شافعية الْمَذْهَب الْغَالِب عَلَيْهِم الْخَيْر

    مِنْهُم عمر بن ابي بكر بن دِينَار واخوه عبد الله كَانَ فقيهين خيرين ولعَبْد الله ولد اسْمه ابو بكر يذكر عَنهُ الِاجْتِهَاد بقرائه الْعلم وَاجْتمعت بِهِ عَام خمس عشرَة وَسَبْعمائة

    وَقد محنت بحسبة زبيد لعدم طول وَكَثْرَة عول وسالت عَن هَذَا ابي بكر فَذكر لي عَنهُ الْخَيْر وعَلى قرب مِنْهَا المسلب كَانَ بهَا جمَاعَة مِنْهُم احْمَد بن الْفَارِسِي من ابناء الْفرس الَّذِي مضى ذكرهم اولا وَذكرت مِنْهُم فِي أهل زبيد عبد الله بن مصنور وَذكرت ان اصلهم من التربية وانه كَانَ تربا للفقيه اسماعيل ابْن مُحَمَّد الْحَضْرَمِيّ وَكَانَ هَذَا مُحَمَّد فَقِيها اديبا وَغلب عَلَيْهِ الادب وَكَانَ فِي نَاحيَة السّفل من وَادي زبيد ثَلَاثَة رجال فضلاء شافيعيان وحنفي كَانُوا فِي عصر وَاحِد مشهورين لَا سِيمَا الاديبان مِنْهُم هَذَا وَعمر بن دِينَار والحنفي الصفي من الهرمة الَّاتِي ذكره فِيهَا ولمحمد هَذَا ولد يشْتَغل بِالْعلمِ يدْخل زبيد فيتفقه بِابْن الاحمر مقدم الذّكر وَغَيره وَاجْتمعت بِهِ فِي زبيد سنة احدى وَعشْرين وَسَبْعمائة وَمن قَرْيَة الهرمة جمَاعَة متقدمون مِنْهُم عبد الله ابْن ايمن وَابْنه على مقدما الذّكر ومتأخرون جمَاعَة مِنْهُم الاخوان ابو بكر وَمُحَمّد ابناء عِيسَى ابْن عمر ابْن عُثْمَان وابو بكر يلقب بالسراج وَقد ذكرته فِي أهل زبيد وَمُحَمّد تلقب بالصفى ويغلب عَلَيْهِ الْأَدَب وَله شعر رائق وَكَانَ يتعانى الزِّرَاعَة توفّي سنة ثَلَاث وَسَبْعمائة وَله ولد اسْمه يُوسُف من أَعْيَان الرّعية مَذْكُور بِالْخَيرِ قل أَن يلد الْفُقَهَاء مثله بِالْخَيرِ والمرؤة وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَسَبْعمائة

    وَمن بني ايمن جمَاعَة مِنْهُم بعد الرَّحْمَن وَولده مُوسَى حَاكما بزبيد ايام القَاضِي الْبَهَاء ثمَّ كَانَ مُوسَى بعد ابيه عَزله بَنو مُحَمَّد بن عمر وصودر بِمَال لَا اعرف بمبلغه وَذَلِكَ فِي آخر الْمِائَة السَّابِعَة وَبهَا توفّي على طَرِيق التَّقْرِيب وَأما

    وَالِده فَتوفي سنة خمس وَسِتِّينَ وستماية

    وَمِنْهُم شَيْخي عمر بن عِيسَى بن اسماعيل الْمَشْهُور بالنحوي وبالهري نِسْبَة الى الْقرْيَة كَانَ فَاضلا بِعلم الادب والحساب والفرائض والدور والتصريف وَالْعرُوض وَصَحب الاشرف دهرا بعد ان صنف لَهُ ولاولاده عدَّة مصنفات فِي النَّحْو ثمَّ صحب الْمُؤَيد على جاري عَادَته مَعَ الاشرف وَمَات على ذَلِك لنيف وَسَبْعمائة وَهَذِه الْقرْيَة آخر قَرْيَة علمتها فِي وَادي زبيد وَبهَا مُسْتَحقّ الذّكر بِالْعلمِ ثمَّ مَتى خرج الْخَارِج عَن نواحي زبيد دخل وَادي حيس وَلم اعرف بِهِ أحدا يسْتَحق الذّكر لَا حَنَفِيّ وَلَا شَافِعِيّ غير الْقُضَاة المعروفين بَاهل الهبتي فَإِنَّهُم يذكرُونَ بِالْعلمِ وَالصَّلَاح اعني متقدميهم على مَذْهَب ابي حنيفَة وَخرج مِنْهُم جمَاعَة متأخرون سلكوا طَرِيق الْكِتَابَة الحسابية اردى مَسْلَك وَعدم فيهم الْفُضَلَاء وَمن قرى حيس الْمَعْرُوفَة بالسلامة غَالب اهلها حنفية طبعا لَا علما وَقد بيّنت ذَلِك ان غَالب بادية زبيد وفشال وحيس وبلد الأهمول التحنيف وَفِي هَذِه الْقرْيَة الان رجل يعرف بالفقيه عَليّ بن ابي بكر الزَّيْلَعِيّ اصل بلدهم بطة من بلد الْحَبَشَة مولده الْقرْيَة ومولد ابيه وَإِنَّمَا يُقَال لَهُ الزَّيْلَعِيّ على الْعَادة الَّتِي بينتها مَعَ جمَاعَة تقدمُوا من اهد النّسَب وَيُقَال لَهُ الْعقيلِيّ نِسْبَة الى عقيل بن ابي طَالب قدم جده مُحَمَّد هَذِه الْقرْيَة فتاهل بهَا واولد ابْنه ابا بكر من اهلها ثمَّ تأهل ابو بكر من الْعقَاب فاولد هَذَا واخوة لَهُ جمَاعَة ثمَّ سَافر مَكَّة عدَّة حجج قيل تسعا وَتُوفِّي بعاشرتها وَكَانَ ابْن عجيل كَانَ قد حج تِلْكَ السّنة فَقَالَ لاهل مَكَّة مَا كُنْتُم فاعلين لكبيري قُرَيْش فعلتموه لهَذَا فقد تحققت انه قرشي فطا فوابه ثمَّ قبروه وَخَلفه هَذَا فَكَانَ برا تقيا ذَا كرامات عديدة ببركة عمرت السَّلامَة وسكنها

    الْمُطِيع وَالْعَاص واحترم ساكنها حَتَّى صَارَت مَدِينَة كَبِيرَة غَايَة لم يكن لَهَا فِي مدن تهَامَة نَظِير وَحج فِي سنة تسع وَعشْرين وَسَبْعمائة وَتُوفِّي اخر الْحجَّة بِمَكَّة فَفعل بِهِ كَمَا يفعل بِقُرَيْش وَله مَكَارِم اخلاق وصبر على اطعام الطَّعَام وتديرها مَعَه ابو الْحسن عَليّ بن ابي بكر بن عَليّ بن مُوسَى الهاملي ثمَّ المسيني صحب الْفَقِيه عَليّ بن ابي بكر وَعلم لَهُ اولاده وتفقه بعمر الدماني وارتحل بَيت ابْن عجيل فاخذ بِهِ

    عَن عَليّ بن مُحَمَّد كَمَا اخذ عَن ابْن الصريدح واخذ كتب الحَدِيث عَن ابي الْخَيْر وَغَيره وَاصل بَلَده عزلة من بلد الركب تعرف بالهبتي من قوم يعْرفُونَ يُقَال لَهُم المسانية اصلهم من اهمول الحمرانية وقريتهم على قرب من حيس وضبطها بِفَتْح الْهَاء بعد الف وَلَام وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة ثمَّ تَاء مثناة من فَوق ثمَّ يَاء مثناة من تَحت وَمِنْهُم أم قرى الْوَادي تعرف بحيس كَانَ بهَا رجل قَاض يعرف بِمُحَمد بن ابي بكر بن صبيح يعرف بِالْخَيرِ وَالدّين سَمِعت من يذكرهُ بذلك وَورث ابْنه ابو بكر الْقَضَاء فَلم يسر سيرته فسَاء ذكره وعزله بَنو مُحَمَّد بن عمر وَجعل مَكَانَهُ رجلا من وحاظة فَلبث مُدَّة ثمَّ توفّي فَجعل مَكَانَهُ رجلا من اهل دمت يُقَال لَهُ مُحَمَّد بن ابي بكر كَانَ فَقِيها تفقه بِأَهْل تعز ثمَّ نقل الى الكدري فَتوفي بهَا وَجعل مَكَانَهُ رجل من بني ارحب فَتوفي وَالْقَاضِي مُحَمَّد بن ابي بكر متزلزل الامر فَلَمَّا قَامَ ابْن الاديب ولاها رجلا من اهل ابين من بني ابي الامان الْمُقدم ذكرهم وَكَانَ قوم من اهلها يذكرُونَ بالعفة وَالصَّلَاح يعْرفُونَ ببني ابي الحسا وَكَانَ بهَا فَقِيها ابو بكر بن عمر المهيري بِضَم الْمِيم بعد الف وَلَام وَفتح الْهَاء وَسُكُون الْيَاء الْمُثَنَّاة من تَحت ثمَّ خفض الرَّاء وبدعها يَاء نسب مولده حيس وَله بهَا ذُرِّيَّة تفقه باسماعيل الْحَضْرَمِيّ وَغَيره وَكَانَ فَاضلا بالفقه وَعلم الْحساب

    توفّي على رَأس عشر وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا

    وَمن نَوَاحِيهَا قَرْيَة الخوهة قَرْيَة على السَّاحِل ذَات نخيل كثير قد ذكرتها حِين ذكرت الشَّيْبَانِيّ إذهي قريته وَبهَا الان قوم من ذُريَّته يتسمون بالفقه كَمَا جرت الْعَادة لاولاد الْفُقَهَاء واليهم خطابه حيس وَيُوَلُّونَ العقد بقريتهم والاصلاح بَين اهلها وَفِيهِمْ من يذكر بِالْخَيرِ وهم الان عدد كثير فِي الْقرْيَة اجْتمعت بِرَجُل مِنْهُم قدم علينا الْجَبَل اسْمه عمر بن يُوسُف بن عمر بن عُثْمَان بن عَليّ بن فالح ابْن الْفَقِيه حسن الشَّيْبَانِيّ مقدم الذّكر فاخبرني ان اولاد الْفَقِيه حسن ثَلَاثَة فالح كَانَ عَالما فَاضلا وَعبد الله وَإِبْرَاهِيم فعبد الله كَانَ شَاعِرًا عَارِفًا بأحبار الْعَرَب وانسابها واشعارها وَإِبْرَاهِيم كَانَ عابدا صَالحا يعتزل النَّاس فِي جبل بالبحر وَقد ذكرت بعض أَحْوَاله مَعَ ذكر ابيه ففالح كَانَ لَهُ ابْن فَقِيه اسْمه على فَاضل ثمَّ خلف ثَلَاثَة بَنِينَ هم ابو بكر وَعُثْمَان وَمُحَمّد وابو بكر تفقه وَولى قضا حيس وخطابتها وَعُثْمَان تفقه بَاهل زبيد وَكَانَ مقرئا يقرى الْقُرْآن للسبعة وَالْفِقْه بِمَسْجِد الْهِنْد بزبيد مُحَمَّد تفقه وَسكن البرقة وَله بهَا ذُرِّيَّة وَولى قَضَائهَا

    وعَلى قرب مِنْهَا الاوشج بالف وَلَام بعد وَاو سَاكِنة ثمَّ شين مُعْجمَة مخفوظة ثمَّ جِيم سَاكِنة وَهِي قَرْيَة ذَات نخل على حيس الخوهة كَانَ بهَا مُحَمَّد بن مقرة وَولد لَهُ اسْمه عُثْمَان كَانَ مقرأ للسبعة وَخلف ابْنا اسْمه عَليّ كَانَ فَاضلا بالأدب وَله ولد اسْمه مُحَمَّد هُوَ الَّذِي وجدته يَوْم قدمتها وَله أَخ فَاضل يذكر بذلك قدمتها فِي ايام الْوَالِد فَوَجَدته فَاضلا بالادب وَالْغَالِب عَلَيْهِم وعَلى أهل الخوهة وقضاة حيس التشفع

    وعَلى قرب مِنْهَا وَفِي حُدُود وَادي موزع قَرْيَة تعرف بالحمرانية بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة بعد الف وَلَام وَسُكُون الْمِيم وَفتح الرَّاء ثمَّ الف وَنون ثمَّ يَاء مثناة من تَحت ثمَّ هَاء سَاكِنة وَهِي قَرْيَة كَبِيرَة بَين مدينتي موزع وحيس لعرب يعْرفُونَ بالاهمول غالبهم على مَذْهَب ابي حنيفَة وَهُوَ اخر بلد يعرف بِهِ ذَلِك كَانَ بهَا فَقِيها على الْمَذْهَب

    وَمِنْهُم مُوسَى بن مُحَمَّد بن ابراهيم تفقه بَاهل زبيد يثنى عَلَيْهِ بجودة الْفِقْه اهل مذْهبه ويروون عَنهُ تعليلا وتحقيقا وتدقيقا وَكَانَ صَاحب عبَادَة وَبَينه وَبَين الْفَقِيه ابي بكر الفرساني صَحبه واخوة وَكَثِيرًا مَا كَانَا يتزاوران ويجتمعان وَلم اتحقق لَهُ تَارِيخا وَخَلفه بَنِينَ هم عَليّ وَعمر وابو بكر لَهُم مُشَاركَة بِالْعلمِ وَيخْتَص على بسلوك طَرِيق الادب وَقَول الشّعْر وَكَثْرَة الْحَج وَله ولد يعرف بالسراج لَهُ تخلق ومرؤة وَيذكر بالفقه وَالصَّلَاح وَصرف الْمُنكر عَن الْقرْيَة واقامة الْمَعْرُوف واما عَمه عمر وابو بكر فرجلان يذكران بِالْخَيرِ وعلو الهمة فابو بكر تزوج ابْنة الْفَقِيه عبد الله بن الْخَطِيب الَّاتِي ذكره فِي أهل موزع وَكَانَ دينا وَلما توفّي وَخلف أَخَاهُ عليا وَله ولد يذكر بشرف النَّفس وَالْخَيْر وَأما عمر فَرجل يتعانى الزِّرَاعَة وَالتِّجَارَة فِيهِ انسانية توفّي فِي ربيع اول ثَمَانِي عشرَة وَسَبْعمائة اسْمه عَليّ متفقه ومشتغل بِالْعلمِ وَبِه مَكَارِم اخلاق وبر بالاصحاب اقمت عِنْدهم بقريتهم فِي سنة سبع عشرَة فَرَأَيْت مِنْهُم غَالب مَا حكيته عَنْهُم وَكنت اذ ذَاك مَرِيضا قد يئست من الْعَافِيَة فضلا عَن تَمام الْكتاب وَإِلَّا فالتاريخ حَيْثُ الخوهة والأوشج لَكِن كنت كَمَا ذكرت فَللَّه الْحَمد على الْعَافِيَة وَلَيْسَ بعد الحمرانية قَرْيَة يعرف أَهلهَا بالفقه غير موزع ونواحيها وَلَكِن أهل موزع ونواحيها شافعية وَإِن كَانَت الحمرانية فِي نواحي موزع لَكِنَّهَا آخر بلد يذكر بهَا مَذْهَب أبي حنيفَة ويعتمد عَلَيْهِ

    فَمن النواحي لموزع قَرْيَة تعرف بالغرافي بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة بعد ألف وَلَام ثمَّ رَاء ثمَّ الف ثمَّ فَاء ثمَّ يَاء سَاكِنة كانها للنسب كَانَ بهَا جمَاعَة مِنْهُم بقضا ابو السَّجَّاد بكر ابْن عمر بن يحي الفرساني بَلَدا والتغلبي نسبا قومه اهل موزع فِي عصرنا مُنْذُ زمن وَاصل مخرجهم من جَزِيرَة يُقَال لَهَا فرسَان هَكَذَا سمعته ايام محنت بضا موزع من قبل القَاضِي مُحَمَّد بن ابي بكر

    وبحثت عَن احوال هَذَا بكر فاخبرت بانه تفقه بجبا واظنه اِدَّرَكَ ايام بكر بن يحي بن اسحاق وَكَانَ فَقِيها كَبِيرا ورعا زاهدا لما تحقق قومه اغتصبوا ارْض موزع وَعَاد الى بَلَده وَقد تفقه صَار يشق وجود الْحَلَال دَائِما يجده مجتلبا من بِلَاد بعيده الى بَلَده وطالت عَلَيْهِ الْأَيَّام وَقصد موضعا مُبَاحا شَرْعِيًّا وَعمل بِهِ أَرضًا ازدرعها لانه يُرِيد يطعم مِنْهَا عائلته ودرسته والواردين اليه فَلم يزل على ذَلِك حَتَّى توفّي والارض بيد ذُريَّته الى الان يَجدونَ بهَا بركَة عَظِيمَة وَقد مَرَرْت عِنْدهَا وأريتها وَهُوَ مَوضِع لَا يتَصَوَّر كَانَ ملكا لَاحَدَّ وَإِنَّمَا كَانَ عمل الْفَقِيه لَهُ الهاما من الله تَعَالَى وَكَانَ من اكابر اهل زَمَانه علما وَعَملا صَاحب كرامات مَشْهُورَة وَلَو لم يكن لَهُ الا فتح الطَّرِيق الْحَج وَضعف فِي أَيَّامه الْحَج حَتَّى عميت الطَّرِيق وَقل عارفوها فَفَتحهَا الْفَقِيه وسافر بقافلة وَتردد فِيهَا سِنِين عدَّة وَبعد عمر بن الاكسع صَاحب ذوال ثمَّ الامام ابْن عجيل والى الْآن قافلة الْحَج منسبوبه اليه كَمَا قدمت مَعَ ذكره وَكَانَ هَذَا بكر اماما كَبِيرا سالكا طَرِيق السّلف ثَبت عَنهُ انه كَانَ يَقُول انا فِي الْفِقْه شَافِعِيّ وَفِي المعتقد حنبلي وَفِي الطَّهَارَة زيدي وَكَانَ مَتى ذكر عِنْد الامام ابْن عجيل عظمه وعدله فَضَائِل كَثِيرَة واعترف لَهُ بالكمال فَجرى مرّة من الْفَقِيه ذَلِك بحضر بعض الْفُضَلَاء فَقَالَ يَا فَقِيه وبابكر وَمَا اوتى بعظمة هَذَا

    التَّعْظِيم فَقَالَ اوتي خيرا كثيرا مِنْهُ انه اني اسْم الله الْأَعْظَم وَمِنْهَا انه اوتي خصيصة من خَصَائِص الانبياء عَلَيْهِم السَّلَام فَقَالَ السَّائِل وَمَا هِيَ فَقَالَ كَانَ مَتى اراد البرَاز وَقعد على الارض انفتحت لَهُ فَمَا اخرجه بلعته حَتَّى اذا قَامَ التأمت وَبقيت مُتَعَجِّبا من صِحَة هَذَا الْخَبَر وَمن ايْنَ اخذه الامام وَلكنه كَانَ عِنْد اهل الْيمن مرضى الْعقل مَقْبُول النَّقْل فَقدر ان طالعت خَصَائِص النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذِي جمعه القَاضِي عِيَاض فَوَجَدته قد ذكر ذَلِك فِي حق نبئنا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَذكره فِي الْبَاب الثَّانِي من كِتَابه الَّذِي جمعه فِي شرف الْمُصْطَفى وشمائله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ اذا اراد أَن يتغوط صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انشقتى لَهُ الارض وابتلعت غائطه وبوله وفاحت بعد ذَلِك رَائِحَة الْمسك عَلَيْهِ وَكَانَ كَافَّة بني عجيل وَبني البجلى اهل شجينة مَتى قدم عَلَيْهِم أحد من موزع أكرموه كَرَامَة لهَذَا الْفَقِيه وسألوهم هَل فيهم أحد فَإِن وجدوه زادوهم اكراما وَجعلُوا يسلمُونَ على ذَلِك ويتبركون بِهِ كَأَنَّهُ مَعْرُوف لَهُم كَانَ غَائِبا وَكَانَ كثيرا لمواصلة الْفَقِيه مُوسَى الهاملي ولإبراهيم ابْن الشَّيْبَانِيّ وَقيل لِابْنِهِ حسن وَكَانَ يتزاورون وَمَتى غفل احدهم زَارَهُ الاخر وَمن غَرِيب مَا ذكر عَنهُ انه قَصده رجل غَرِيب الى مَسْجده فِي اقبال زرع يسْتَحق ان تحفظ فَقَالَ للرجل يَا هَذَا تقف مَعنا تشرح لنا زرعا فَقَالَ نعم فَأَقَامَ اياما يشْرَح فذركوا ان الْفَقِيه جَاءَهُ يَوْمًا فَوَجَدَهُ نَائِما وَكَانَ رَأسه لَا يزَال مشددا بالخرق فَوجدَ الْفَقِيه قد ذهبت جانبا ورائسه قد ذهب من جلده

    قِطْعَة حَتَّى بَقِي الْعظم بَينا فَبَقيَ الْفَقِيه سَاعَة معجبا ثمَّ ايقظه من نَومه فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ دهش من نظر الْفَقِيه لما هُوَ يَكْتُمهُ عَن كل أحد ثمَّ بَادر يلف رَأسه فَذكرُوا ان الْفَقِيه قَالَ لَا بَأْس عَلَيْك وهون عَلَيْهِ الْحَال ثمَّ سئله عَن سَبَب ذَلِك قَالَ كنت رجلا من أَوْلَاد زبيد المسرفين على أنفسهم عرض يخاطري أَن أكون انبش الْقُبُور وَأخذ مِنْهَا الأكفان ابيعها فنبشت عدَّة قُبُور وَطَابَتْ لي مُعَاملَة ذَلِك حَتَّى توفيت ابْنة اُحْدُ التُّجَّار وَبَلغنِي انها كفنت بِثَوْب لَهُ قيمَة فاتيت قبرها لَيْلًا ونبشته فَمَا هُوَ الا ان فتحت لحدها اذ بيد خرجت مِنْهُ فاختطفت من رَأس الْجلْدَة الَّتِي رَأَيْت فَقلت يس وتعوذت فَقَالَ يَا قَلِيل التَّوْفِيق اما آن لَك أَن تخشى الله وترعوى عَن فعلك فَقلت مجيبا وَلَا اعرف الْكَلَام مِمَّن يصدر أَنا التائب الى الله تَعَالَى وَلست ارى شخصا يكلمني فَقَالَ إِن صدقت توبتك لم يَضرك شَيْء مِمَّا تمّ بك فَاذْهَبْ وَتب الى الله فَذَهَبت بَيْتِي وسترت حَالي من اهلي واصحابي وَمن الله عَليّ بالعافية فَخرجت عَن زبيد حَتَّى ساقني الْقدر اليك هَذَا مَا نقل قدماء الْقرْيَة وَذكر غَيرهم انه حِين قَالَ يس قَالَ لَهُ قَائِل أَنا تبَارك لَو كنت يس لأخذت جَمِيع رَأسك وَقد بَلغنِي رِوَايَة تشابه هَذِه وَذَلِكَ أَن رجلا نبش قبرا فحين بدا بنبش اللَّحْد خرجت مِنْهُ يَد قلعت إِحْدَى عَيْنَيْهِ فَقَالَ يس فَسمع قَائِلا يَقُول انه تبَارك لَو كنت يس لقلعت عَيْنَيْك الثِّنْتَيْنِ وَكَانَت وَفَاته فِي صدر الْمِائَة السَّابِعَة وقبره يمنى الْقرْيَة مَشْهُورا يزار ويتبرك بِهِ وصلت الْقرْيَة مرَارًا لغَرَض الزِّيَارَة والبحث عَن احواله ولعلى أجد اشياء من كتبه فاستدل بِهِ على الْغَرَض فَقيل لي ان الْفَقِيه لما توفّي خلف ابْنه السَّجَّاد وَصَارَت اليه الْكتب فسلك طَرِيق الصُّحْبَة لاهل الامراء واهدى كثر الْكتب اليهم على طَرِيق التَّقَرُّب وَتُوفِّي وَخلف ابْنة وَاحِدَة تزَوجهَا بعض مَشَايِخ الفرسانيين واسْمه على بن احْمَد فاولدت لَهُ عدَّة اولاد غالبهم رعيه يذكرُونَ بِالْخَيرِ والمرؤة

    وَمِنْهُم سُلَيْمَان بن مُحَمَّد يعرف بِالْقَاضِي يُقَال انه تفقه بالفقيه بكر وَهُوَ ابْن عَمه وسلك طَرِيقه ورعا وزهدا حَتَّى انه احيا عدَّة ارْض فِي أَمَاكِن من راس

    وَادي موزع كَمَا فعل شَيْخه وامتحن بقضا موزع وَكَانَ يسكن بقرية تعرف بالقحقح بقافين مفتوحتين بَينهمَا حاء مُهْملَة سَاكِنة وتتلو الثَّانِيَة حاء مُهْملَة أَيْضا سَاكِنة وَهِي على قرب من ارضه وَذَلِكَ غَرَضه وَكَانَ غَالب احواله إِنَّمَا يَسْتَنِيب فِي الْقَضَاء رجلا من موزع وَكَانَ مَا حصل لَهُ من جا مَكِّيَّة صرفه فِي مُقَابلَة مَا اتجه عَلَيْهِ من الْحَرْث فِي ارضه ثمَّ لنائبه فِي القضا كَانَ من اهل الديانَات والمروات يَصْحَبهُ الاخيار ومواصلة الْفُقَهَاء الابرار والفضلاء الأخيار وَلم يزل على الْحَال المرضي الى ان توفّي لنيف وَسبعين وسِتمِائَة بقريته الْمَذْكُورَة وقبر على قرب مِنْهَا وَقد تقدم ان ابْن ادم اُحْدُ مدرسي تعز قدم الى قريته لصحبة كَانَت بَينهمَا فَلم يُدْرِكهُ فَوقف عِنْد اولاده وَتُوفِّي مَعَهم فقبروه الى جنب قبر ابيهم

    وَلما محنت بِقَضَاء موزع ترددت لزيارة تربته وتربة ابْن آدم مرَارًا جعل الله ذَلِك خَالِصا لوجهه الْكَرِيم وَلما توفّي سُلَيْمَان جعل ابْنه عمر مَكَانَهُ قَاضِيا مديدة

    ثمَّ بلغ قَاضِي الْقُضَاة انه غير صَالح فولى الْفَقِيه مُحَمَّد بن ابي الْخَيْر فَلبث قَاضِيا مُدَّة سِنِين ثمَّ توفّي على ذَلِك وَقد ذكرته مَعَ ابْنه فِي أهل زبيد وَكَانَ بهَا رجل يعرف بِسَعِيد بن مُحَمَّد الاعرج لعرج كَانَ بِهِ اللحاوي ثمَّ الحرضي فاصله من بني الاطرق وَقد مضى ذكرهم فِي حرض وَإِنَّمَا سعدت لانها بلد يغلب على اهلها البداوة وَالْفِقْه بهَا عَزِيز الْوُجُود وَذَلِكَ يعرفهُ الْعَارِف من طَرِيق العيان أَو من طَرِيق النَّقْل الْمُتَوَاتر وَكَانَ هَذَا سعيد الْمَذْكُور لَدَيْهِ اسْم بالفقه ويصحب الْمَشَايِخ الفرسانين وَكَانَ ابوه مُحَمَّد من قبله حَاكما ونسبهم فِي حكماء حرض من قوم يُقَال لَهُم بَنو الاطرق بَيت صَلَاح وَعبادَة ثمَّ لما توفّي جعل ابْنه سَعْدا مَكَانَهُ ثمَّ بعده القَاضِي سُلَيْمَان وَلم يكن للغز فِيهَا أَمر وَلَا نهي غير إتاوة تكون على الفرسانين فَلَمَّا توفّي سُلَيْمَان جعل الفرسانيون القَاضِي سعد حَاكما فَكَانَ لذَلِك على طَرِيق الاصلاح فَقدم فِي أثْنَاء قَضَاءَهُ الْفَقِيه حسن الشرعبي الْآتِي ذكره فَصَارَ يدرس ويفتي فتعب سعد من ذَلِك وانتقل عَن موزع الى مَوضِع فِي السّفل

    يعرف بالجريب بِفَتْح الْجِيم بعد الف وَلَام وخفض الرَّاء وَسُكُون الْيَاء الْمُثَنَّاة من تَحت ثمَّ بَاء مُوَحدَة فَتوفي بِهِ وَله ذُرِّيَّة بموزع الى الْآن ولي ابْنا لَهُ اسْمه اِسْعَدْ قضا موزع مُدَّة وَحدث بَينه وَبَين مَشَايِخ الفرسانيين وَحْشَة افضت الى قَتله فِي اعقاب سنة سبع وَعشْرين وَسَبْعمائة

    وَمن الواردين اليها جمَاعَة مِنْهُم يَعْقُوب بن مُحَمَّد التربي نِسْبَة الى قَرْيَة من قرى زبيد تعرف بالتربة بِضَم التَّاء الْمُثَنَّاة فَوق وَسُكُون الرَّاء وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْهَاء 2 يُقَال ان اصل قدومه الى الْفَقِيه بكر فتفقه بِهِ وَكَانَ على طَرِيق الْوَرع الْكَامِل وَسكن موزع فَكَانَ مِمَّن يزار للتبرك وَينْتَفع بِهِ ويطلبه المشائخ الفرسانيون للدخول على حريمهم للشَّهَادَة فِي النِّكَاح وَغَيرهم ثمَّ كَانَ مَا زرعه لَا يمسح فياخذ غَلَّته ينْتَفع بهَا من غير معَارض وَكَانَ يمِيل الى الْخلْوَة وَكَرَاهَة الشُّهْرَة وَلما اقْطَعْ المظفر ابْنه الواثق موزع وَصَارَ مُقيما بهَا وَكَانَ من أخيار الْمُلُوك على مَا سَيَأْتِي بلغه صَلَاح هَذَا الْفَقِيه وَعلمه فاستمر فِي زيارته وَخرج من بَيته الى بَيت الْفَقِيه نَهَارا جهارا فَلم يشْعر الْفَقِيه حَتَّى قيل لَهُ الْملك الواثق صَاحب الْبَلَد على بابك يستأذنك فِي الدُّخُول اليك فاذن لَهُ فَلَمَّا دخل سلم فَرد عَلَيْهِ ورحب بِهِ فساله الدُّعَاء فَدَعَا لَهُ ثمَّ خرج فتعب الْفَقِيه من ذَلِك اشد التَّعَب ثمَّ سُئِلَ الله تَعَالَى أَن يَنْقُلهُ فَلم تكد تطل ايامه بعد ذَلِك حَتَّى انْتقل ذَلِك على رَأس ثَمَانِينَ وسِتمِائَة تَقْرِيبًا وَكَانَ لَهُ ابْن اسْمه عبد الله تفقه بِهِ ثمَّ غلبت عَلَيْهِ الْعِبَادَة فَكَانَ بهَا كَامِلا وَتُوفِّي بعد ابيه بسنوات فقبر الى جنبه فهما يزاران وتبرك بهما زرت تربتهما مرَارًا اذ هِيَ مَشْهُورَة فِي مَقْبرَة موزع وَله اولاد ابْن يسكنون قَرْيَة الكدحه فِي سَاحل واحجة هم ائمة الْقرْيَة وخطبائها وقرابته يسكنون الْقرْيَة الَّتِي خرج مِنْهَا فِي

    وَادي زبيد بَينهم وَبَين اولاده مُوَاصلَة وتعارف

    وَمِنْهُم اعني الواردين الى موزع ابو مُحَمَّد بن الْحسن الشرعبي نِسْبَة الى بلد هِيَ قبلي تعز وَهِي بالشين الْمُعْجَمَة وَسُكُون الرَّاء وَفتح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة خرج من بَلَده وَقدم زبيد وتفقه بِابْن قَاسم الْمَذْكُور اولا فِي اهل زبيد وَقدم موزع وَهُوَ ذَاكر للفقه عَارِف بِهِ ثمَّ انْتقل عَن موزع الى قَرْيَة البرقة فَلبث بهَا مُدَّة وَلم تطب لَهُ موزع فطلع الى تعز وَقصد القَاضِي الْبَهَاء وَهُوَ اذ ذَاك قَاضِي الْقَضَاء ووزير فَشَكا اليه حَاله فولاه قَضَاء موزع والزمه الدُّخُول فِيهِ فَنزل الى موزع قَاضِيا فَسَار بِقَضَائِهِ سيرة مرضية ووقفت عَلَيْهِ امْرَأَة من الفرسانيين ارضا وَبنت فِي موزع مَسْجِدا وسئلت الْفَقِيه ان يكون مدرسا فِي الْمَسْجِد وَله غلَّة الارض الْمَوْقُوفَة فاجابها الى ذَلِك وتفقه بِهِ جمع من موزع ونواحيها واقام مُدَّة حَيْثُ ابتنت الْحرَّة مَرْيَم ابْنة الشَّيْخ الْعَفِيف مدرسة بِمَدِينَة زبيد واحبت ان يكون الَّذِي يدرس اذ كَانَ أكبر فُقَهَاء الْوَقْت العاملين وَذَلِكَ لما بَلغهُمْ من فَضله فاستدعاه المظفر الى تعز وسئله ان ينْتَقل الى زبيد فَاشْترط ابقاء وَلَده فِي قضا موزع نَائِبا لَهُ فاجيب الى ذَلِك وَأجَاب وانتقل الى زبيد ودرس بِالْمَدْرَسَةِ الْمَذْكُورَة وأدركته فِيهَا وقرأت عَلَيْهِ بعض الْمُهَذّب تبركا إِذْ ذكر أَنه من أَصْحَاب ابْن قَاسم وَقد تفقه بِهِ جمَاعَة وقصده الطّلبَة خُصُوصا الى موزع ولبث بزبيد عدَّة سِنِين حَتَّى كبر وهرم وَضعف عقله وبصره وَعَاد الى موزع فَجعل مَكَانَهُ مُحَمَّد بن عبد الله الْحَضْرَمِيّ وَكَانَ اذ ذَاك معيدا فِي الْمدرسَة وَعَاد موزع على القضا وَكَانَ قَضَاءَهُ غير مرضِي فَلَمَّا ولي بَنو مُحَمَّد بن عمر القضا عزلوه بِرَجُل من أهل ذبحان يُقَال لَهُ مرْثَد وَكَانَ الْفَقِيه حسن راتبه كل يَوْم سبعا من الْقُرْآن وَكَانَ يَقُول اخذت ذَلِك من شَيْخي ابْن قَاسم وكما اخذه من شَيْخه ابراهيم بن زَكَرِيَّا وَكَانَت وَفَاته سنة اثْنَتَيْنِ وَسَبْعمائة عَام المجاعة الشَّدِيدَة وقبر فِي الْمقْبرَة الَّتِي بهَا الْفَقِيه يَعْقُوب زرته مرَارًا

    وَمِنْهُم ابو بكر بن مُحَمَّد بن عبد الله بن بكر بن عمر بن سعيد الشّعبِيّ نسبا الابيني بَلَدا يعرف بِابْن الْخَطِيب اذ كَانَ ابوه خَطِيبًا بقرية ابين تعرف بالطرية ومولده بهَا يَوْم الْجُمُعَة سادس رَمَضَان سنة ارْبَعْ وَعشْرين وسِتمِائَة فَلَمَّا شب وَقَرَأَ

    الْقُرْآن خرج من بَلَده طَالبا للْعلم فوصل قَرْيَة الضُّحَى الْمُقدم ذكرهَا فادرك مُحَمَّد بن اسماعيل فاخذ عَنهُ بعض شَيْء ووجده مَشْغُولًا بِالْعبَادَة قَلِيل الْفَرَاغ لاقرأ الْعلم فعزم على الِانْتِقَال الى بعض الْفُقَهَاء وَخرج عَن الْقرْيَة فَتَبِعَهُ الْفَقِيه واعاده وَجَاء بِهِ الى وَلَده اسماعيل وَقد تفقه وَهُوَ معتكف فِي الْمَسْجِد يطالع الْكتب فَقَالَ لَهُ يَا وَلَدي قد أكرمتك اقْرَأ على هَذَا الْفَقِيه وتعليمه فَقَالَ حبا وكرامة فَكَانَ اول من لزم مجْلِس الْفَقِيه اسماعيل وتفقه بِهِ وَلم يزل عِنْده حَتَّى كمل تفقهه ثمَّ حصلت لَهُ عناية من الْفَقِيه اسماعيل فاستغرق فِي الْعِبَادَة وَظَهَرت لَهُ كرامات وَكَانَ كثيرا مَا يرى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيسأله عَن امور مشكلة فيبينها لَهُ مِنْهَا مَا اخبرني تِلْمِيذه الْفَقِيه الصَّالح ابو الْخطاب عمر بن الصفار الَّاتِي ذكره فِي أهل عدن انه لما ظهر الْكَلَام بَين قَاضِي عدن مُحَمَّد بن اِسْعَدْ الْعَنسِي والبيلقاني والمنافرة وتعب هَذَا الْفَقِيه من ذَلِك وَصَارَ يبلغهُ تَكْفِير كل مِنْهُم لصَاحبه واحتجاجه عَلَيْهِ فتحير الْفَقِيه من قبُول كَلَام احدهما وصحبته فَرَأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مَنَامه واخبره باخْتلَاف القَاضِي والبيلقاني فَقَالَ الْحق مَعَ من انتسب الى احْمَد بن حَنْبَل اَوْ كَمَا قَالَ فَلَمَّا صبح وَصلى الْغَدَاة قَالَ لاصحابه اشارة لَا تَبْرَحُوا ويجتمعوا حوله فَلَمَّا حَضَرُوا قَالَ رَأَيْت البارحة كَذَا وَكَذَا ثمَّ أَمر الى القَاضِي التثبت وَلم يزل على الْحَال المرضي وَلما كمل تفقهه وَصَارَ ممليا من سر الله تَعَالَى عَاد بَلَده الطرية فَلم تطب لَهُ فَدخل مَدِينَة عدن وَسكن مَسْجِدا يعرف الان بِهِ بِنَاحِيَة حرَام السوك فتسامع بِهِ اهل عدن وقصدوه الى الْمَسْجِد وترددوا اليه حَتَّى شغلوه عَن الْعِبَادَة فتعب لذَلِك اشد التَّعَب وشكى الى بعض خواصه ذَلِك فَقَالَ يَا فَقِيه سلهم قرض شَيْء من دنياهم فَعمل ذَلِك مَعَ بَعضهم فَاعْتَذر وَخرج وَصَارَ كلما وجد احدا من نظرائه اخبره بَان الْفَقِيه سلهم اقراض شَيْء فاعتذره وانه مَتى سَأَلَهُ ايضا كَمَا ساله فَلم يكد اُحْدُ بعد ذَلِك يعود الى الْفَقِيه وَانْقطع النَّاس عَن الْوُصُول فاستراح الْفَقِيه بذلك اشد رَاحَة وَكَانَ بعدن

    رجل مغربي لَهُ بَنَات وَفِيه خير ومحبة للْعُلَمَاء والصلحاء وَعِنْده دنيا فوصل الى الْفَقِيه وَصَحبه واتلف بِهِ ائتلافا تَاما ذَلِك الى ان تزوج ابْنَته واتت لَهُ باولاد اذكر مِنْهُم من يسْتَحق الذّكر إِن شَاءَ الله وَصَحبه جمَاعَة فِي عدن انتفعوا بِهِ وتهذبوا بِهِ وصاروا اهل عبَادَة وزهاده وَمِنْهُم عمر بن مُحَمَّد الصفار الَّاتِي ذكره وَغَيره اخبرني الْفَقِيه عمر بن ابي بكر بن العراف متع الله بِهِ عَن الثِّقَة انه قَالَ قراء بعض الحَدِيث على الْفَقِيه اسماعيل الْحَضْرَمِيّ بحضر جمَاعَة فَذكر فِيهِ عَن النَّبِي صلى وَعَلِيهِ وَسلم انه قَالَ احضر عبد من عباد الله بَين يَدي الله تَعَالَى فَقَالَ لَهُ يَا عَبدِي تمنى فَقَالَ يَا رب وَمَا اتمنى اذا لم تكن الْعَطِيَّة نَاقِصَة اعطني على قدرك فَقيل لَهُ نعم العَبْد نعم العَبْد انت فتعجب الْحَاضِرُونَ من ذَلِك فَقَالَ الْفَقِيه اسماعيل رجل من اصحابي قد جرى لَهُ ذَلِك فسالسوه بِاللَّه من هُوَ وَقَالَ هُوَ هَذَا واشار الى ابْن الْخَطِيب وَكَانَ حَاضر الْمجْلس فاستحى وَسكت وَقَالَ عزمت عَلَيْك تَتَكَلَّم وَقَالَ نعم كَانَ منى ذَلِك اَوْ كَمَا قَالَ وَلم يزل مُقيما بعدن حَتَّى جرى لَهُ قصَّة وَهِي مَا أخبرنَا بهَا جمَاعَة من الثِّقَات انه كَانَ حول مَسْجِد الْفَقِيه جمَاعَة بيُوت يعْمل فِيهَا الْمُسكر وَيذكر من اهلها الْأَذَى وَالشَّر على اصحاب الْفَقِيه وَغَيرهم فَلَمَّا كَانَ ذَات يَوْم امْر الْفَقِيه اصحابه بالاجتماع ان يَأْخُذ كل وَاحِد خَشَبَة بِيَدِهِ ثمَّ اخذ الْفَقِيه خَشَبَة نحوهم وتقدمهم وَقصد بَيْتا من الْبيُوت فَكسر الظروف الَّذِي فِيهِ الْمُسكر ثمَّ دخل الْبيُوت الاخر فَعمل بهَا وَكَذَلِكَ وَكَانَ اصحابها عَلَيْهِم للديوان جملَة كَبِيرَة لاجل عَمَلهم لذَلِك فبادروا الى بَيت الْوَالِي يَشكونَ وَهُوَ يَوْمئِذٍ مُحَمَّد بن عمر بن مِيكَائِيل وَكَانَ معجبا بِنَفسِهِ لانه كَانَ يَوْمئِذٍ شَابًّا وَله اتِّصَال بِصَاحِب الدولة المظفر فحين شكوا إِلَيْهِ بَادر فَأمر جمَاعَة من غلْمَان الْولَايَة فساءوا أدبهم على الْفَقِيه وَأَصْحَابه فَلم يبت حَتَّى أُصِيب بِمَرَض صَعب هُوَ القولنج فكاد يهْلك وَأمر الْفَقِيه يستعطفه فَلم يجبهُ الْفَقِيه بِشَيْء فَقيل تحمل وصل الى الْفَقِيه والا هَلَكت لَعَلَّه يَرْحَمك اذا راى حالك فاتى لَهُ بمحمل وَحمل بِهِ حَتَّى أَتَى بَاب الْمَسْجِد وارتمى عِنْده واستحى الْفَقِيه وَخرج فَمسح عَلَيْهِ فهان بِهِ وَعَاد بَيته وَلم يزل ذَلِك يعتاده فِي غَالب زَمَانه واخبرني بعض الثِّقَات انه كَانَ هجم الْفَقِيه

    وَأَصْحَابه بعض الْبيُوت عَشِيَّة وَإِنَّمَا وصل الْخَبَر الى الْوَالِي الْمَذْكُور وَجه اللَّيْل فَقَالَ لنائبه فِي صبح غَدا تامر لي جمَاعَة ياتون بالفقيه واصحابه واعمل بِهِ مَا يسْتَحقُّونَ على رُؤُوس النَّاس اَوْ كَمَا قَالَ ثمَّ بَات مصرا على اذيتهم فاخذته بَطْنه وَجَرت عدَّة مَرَّات حَتَّى كَانَ يدنف على الْمَوْت فَلَمَّا اصبح اتاه من النَّاس للصياح على طَرِيق الْعَادة فاحبروه بِحَالهِ فستاذنوه لزيارته فاذن لَهُم فحين راوه علمُوا ان ذَلِك من سَوَاء نِيَّته على الْفَقِيه وعزمه على اذيته وَقد كَانُوا تحققوا مِنْهُ امورا كَثْرَة فَقَالُوا لَهُ كانك امسيت مصرا على شَرّ للفقيه عبد الله قَالَ نعم فَقَالُوا لَهُ استدرك نَفسك باسترضائه فَهُوَ من اولياء الله الَّذين لَا يفلح من عاداهم فَقَالَ ائْتُونِي بِهِ فَقيل لَهُ انه لَا يَأْتِيك لَكِن ان كَانَ لَك بِنَفْسِك حَاجَة فَتحمل اليه فَلَعَلَّهُ اذا راك على الْحَال رَحِمك فاستدعى بمحمل فَركب حَتَّى اتى بَاب الْمَسْجِد فَطرح نَفسه وَقيل للفقيه فَخرج إِلَيْهِ فَقَالَ للأمير يَا صبي مَا تأدب فَقَالَ أَنا يَا سَيِّدي اسْتغْفر الله وَأَتُوب اليه فَقَالَ فارحمني فرحمه الْفَقِيه ودعا فَاسْتَمْسك بَاطِنه وَمن ذَلِك محن بِمَرَض بَاطِن لم يزل بِهِ بعتاده وَبلغ وَالِده عمر بن مِيكَائِيل وَجَعه وقوته فَنزل الى عدن زَائِرًا وَقد علم الْقِصَّة فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ وبخه وَقَالَ لَهُ ألم أقل لَك وامرتك بالتأدب مَعَ الصَّالِحين ثمَّ تردد وَالِده الى الْفَقِيه وَمَا زَالَ يتلطف بِهِ حَتَّى طَابَ قلب الْفَقِيه ثمَّ لم يلك الْفَقِيه يقف بعد ذَلِك بعدن بل خرج قَاصِدا تهَامَة فَلَمَّا وصل موزع وفقيهها وحاكمها حسن الشرعبي الْمُقدم ذكره وَخرج فِي لِقَائِه والتقاه وانزله فِي بَيته وبجله وَعظم حرمته فحين رَآهُ النَّاس فعل ذَلِك تأسوا بِهِ ثمَّ ان الْفَقِيه عبد الله اعجبته موزع فتديرها وَظَهَرت لَهُ كرامات تخرج عَن الْحصْر حَتَّى كَانَ من أَتَى ذَنبا عَظِيما وهرب الى نَاحيَة لم يقدر عَلَيْهِ اُحْدُ وَلَو كَانَ فعل مَا عَسى أَن يَفْعَله وَكَانَ يَقُول فِي يَوْم سبت وَهُوَ مَرِيض يكون يَوْم الثُّلَاثَاء جلبة عَظِيمَة يَا لَهَا من جلبة وَكَانَت وَفَاته فِيهِ وَهِي لثمان بَقينَ من ربيع الاول سنة سبع وَتِسْعين وسبتمائة وقبر بالمقبرة الَّتِي بهَا الْفَقِيه يَعْقُوب وَغَيره من فُقَهَاء موزع وَإِلَى جنبه قبر الكاشغري الْمَذْكُور فِي أهل تعز فِي وَسطهَا والشرعبي فِي شرقها وَيَعْقُوب فِي غربها

    هَذَا الْفَقِيه عدَّة أَوْلَاد غالبهم من ابْنة المغربي الْقَائِم بعده فيهم أَبُو بكر كَانَ صَالحا سخيا وَتُوفِّي فخلفه ابْن لَهُ آخر اسْمه اسماعيل كَانَ عابدا ورعا وَتُوفِّي وَله الان اخوان هما مُحَمَّد وَأحمد قدمت الْبَلَد عَام محنت بقضائها فَوجدت مُحَمَّد الاكبر مَشْغُولًا بالعزلة وَالْعِبَادَة وتجلى وَله كرامات كَثِيرَة واما احْمَد فعلى طَرِيق أهل موزع يخالطهم ويسير سيرتهم فِي دينه ودنياه

    وَمن الواردين عمر بن مُحَمَّد الذبالى الْمُقدم الذّكر فِي أهل وصاب مَعَ قومه كَانَ فقهه بِعَبْد الله بن ابراهيم من عجيل مقدم الذّكر وَمن نواحي موزع ابو بكر بن عِيسَى يلقب

    ابْن الجوزية نِسْبَة الى الْجَوْز الشّجر الْمَعْرُوف وَلَا ادري سَبَب ذَلِك مَسْكَنه قَرْيَة فِي أَسْفَل موزع تعرف بالهدنية بِفَتْح الْهَاء بعد الف وَلَام وَفتح الدَّال الْمُهْملَة وخفض النُّون وَتَشْديد الْيَاء الْمُثَنَّاة من تَحت مَعَ الْفَتْح ثمَّ هَاء سَاكِنة تفقه بِحسن الشرعبي وَكَانَ رجلا مُبَارَكًا ذَا دين وَعبادَة وَفَاته فِي شهر الْقعدَة من سنة عشرَة وَسَبْعمائة

    وَمِنْهُم ابو عبد الله مُحَمَّد بن عمر العريقي نِسْبَة الى قَرْيَة من اعمال حيس الْمُقدم ذكرهَا وَهِي بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَفتح الرا وَسُكُون الْيَاء الْمُثَنَّاة من تَحت ثمَّ قَاف سكن من نواحي موزع قَرْيَة يُقَال لَهَا جاعمة بجيم ثمَّ الف وَعين مُهْملَة مخفوضة وَفتح الْمِيم ثمَّ هَاء كَانَ رجلا ورعا زاهدا كَامِلا فِي سلوك الطَّرِيق رَأَيْت جمعا من النَّاس الَّذين يشهرون بِالْخَيرِ وَالصَّلَاح ويعد لَهُم كرامات فَوجدت هَذَا الْفَقِيه من اكملهم فِي ذَلِك وَلما اقمت فِي موزع سَمِعت النَّاس مُجْمِعِينَ على كَمَال صَلَاحه وعبادته وَشرف نَفسه وعلو همته فزرته مرَارًا الى منزله

    فَوَجَدته كَمَا قيل وفوقه ثمَّ انه يزدرع مَوَاضِع على الْوَادي فَمَا حصل مِنْهُ صرفه فِي مَصَالِحه وطعما للوارد اليه وَمَعَ ذَلِك كُله لَهُ رَغْبَة فِي الْفِقْه واشتغال بِالنّظرِ فِي كتبه وَفِي ضمن اقامتي لموزع اسْتعَار مني نُسْخَة كتاب الْمعِين نُسْخَة شَيْخي الاصبحي فانتسخها وَالْوَقْت يعجز عَن نَظِيره بِجَمِيعِ احواله وَمَعَ الْخِصَال الْمَذْكُورَة هُوَ من احسن اصحاب صحبته وَبَلغنِي انه توفّي فِي عشر الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَسَبْعمائة وَهُوَ آخر من تحققته بالناحية مُسْتَحقّ الذّكر حَتَّى يدْخل الدَّاخِل مَدِينَة عدن خَاصَّة لمن سلك الطَّرِيق الساحلية فَأَحْبَبْت أَن اسلك طَرِيقا فِيهَا فُقَهَاء فَلم اجد ذَلِك إِلَّا الْجِهَة الذبحانية وَهِي نَاحيَة الْحصن الْمَعْرُوف بحصن الدملوة وَهِي من أَكثر بِلَاد الْيمن فقها ومتفقهين وعلماء ومحققين وحصن النَّاحِيَة هُوَ خزانَة لملوك الْيمن مُنْذُ ملكه ال زُرَيْع الَّذين نابو الصليحيين فِي عدن بعد بني معن وَسَيَأْتِي بَيَان ذَلِك وَأول مَوضِع يلقى الطالع من موزع بلد يعرف بحنة لقوم من البدو يُقَال لَهُم الاقحور من أَجْهَل الْعَرَب وَضبط حنة بخفض الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح النُّون وتشديدها ثمَّ هَاء سَاكِنة كَانَ بهَا أَبُو السرُور بن ابراهيم نسبه فِي عرب يُقَال لَهُم المحاولة احوالهم البداوة واقتناء الْمَاشِيَة ابل وبقر وغنم كَانَ هَذَا أَبُو السرُور فِي بدايته مشتغلا بِالْعلمِ وَالْقِرَاءَة فِي مَدِينَة جبا وَكَانَ مُجْتَهدا فِي ذَلِك فتفقه واجتهد بتحصيل نصيب الْفِقْه والنحو الْقرَاءَات السَّبع وَبعد أَن اكمل ذَلِك صحب رجلا كَانَ يسكن على قرب من جبا وَكَانَ فَقِيها متصوفا فَلم اتحقق اسْمه وَلَا مَسْكَنه بل أَخْبرنِي بذلك بعض أَوْلَاده وَكَانَ يشهر بجودة السلوك فِي الْعلم وَالْعَمَل وَكَانَ مِمَّن لَهُ معرفَة فِي الاسماء وَمن

    جملَة مَا يذكر عَنهُ أَنه اوتي اسْم الله الْأَعْظَم فَلَمَّا صَحبه الشَّيْخ ابو السرُور سلكه وهذبه فَكَانَ عَارِفًا بالطريقين وَفتح عَلَيْهِ بفتوح غَرِيبَة بِحَيْثُ توحش عَن النَّاس واعتزلهم فِي مَوضِع يُقَال لَهُ هقرة وَصَارَ يغلب التَّقَرُّب والمكاشفة لمن وَصله عَن أُمُور غامضة وَلَقَد اخبرني وَالِدي يُوسُف بن يَعْقُوب رَحمَه الله انه قدم اليه وَهُوَ شَاب على قدم التَّجْرِيد والسياحة لغَرَض الزِّيَارَة قَالَ فَلَمَّا جَلَست مَعَه دعتني نَفسِي إِلَى مواخاته فاستحيت أَن اذكر لَهُ ذَلِك اجلالا لَهُ واذا بِهِ قد مد يَده إِلَيّ وَقَالَ يَا أخي قبلتني لَك اخا كَمَا أَخا عِيسَى بن مَرْيَم الحوارى الَّذِي رفع مَعَه مددت يَدي فَرحا وعقدت مَعَه المؤاخاة وَعلمت ان ذَلِك مِنْهُ على طَرِيق المكاشفة وَلما سكن بِالْجَبَلِ الْجند صرت امْر اليه بِالسَّلَامِ وأعلمته انني سَاكن فِيهَا فَكَانَ كل من وَصله مِنْهَا اَوْ من نَوَاحِيهَا امْر لي مَعَه بِالسَّلَامِ وَأخْبر الثِّقَة عَنهُ انه قعد عِنْده يَوْمًا على الرمل فَكتب باصبعه بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم مفصلا وَقَالَ فتح الله بِهَذَا الِاسْم الْعَرْش واخباره يطول شرحها وعَلى الْجُمْلَة كَانَ كَبِير الْقدر علما وَعَملا غير أَنه غلب عَلَيْهِ سلوك طَرِيق الْعِبَادَة والتجريد وَكَانَت لَهُ كرامات تطول تعدادها وَعمر مائَة واربعين سنة وَكَانَت وَفَاته يَوْم الْخَمِيس منتصف ربيع الاخر سنة ثَمَان وَسبعين وسِتمِائَة وَخَلفه عدَّة اولاد اخيار مِنْهُم عبد الله كَانَ زاهدا وَله مكاشفات وَسكن قَرْيَة تعرف بالحلبوبي وَهِي على قرب من المفاليس توفّي وَخلف اولادا وتفقه مِنْهُم مُحَمَّد وَكَانَ تقيا خيرا توفّي سنة تسع عشرَة وَسَبْعمائة وَمِنْهُم حسن بن عبد الله تفقه بِابْن الأديب بعض التفقه وَلما توفّي ابْن الْحرَازِي عَن قضا عدن جعله ابْن الاديب مَكَانَهُ على قضا عدن وَهُوَ عَلَيْهِ إِلَى

    عصرنا سنة ثَلَاث وَعشْرين وَلما بلغت دولة ابْن الْمَنْصُور على عدن جعله بعد وَفَاة ابْن الاديب قَاضِي قُضَاة الْبَلَد الَّتِي غلب عَلَيْهَا وَله ابْن عَم سَالم ابْن عمرَان بن ابي السرُور وَهُوَ معيد فِي مدرسة عدن مُنْذُ مُدَّة وَلما صَار القضا الى ابْن عَمه مقدم الذّكر صَار ينوبه حِين يخرج عَن عدن وَلم يبْق للشَّيْخ ابي السرُور ولد من صلبه غير ولد يسكن موزع يُقَال لَهُ معمر وَفِيه دين وَصَلَاح اجْتمعت بِهِ فِي موزع مرَارًا فارتضيت اموره

    وَلم يبْق الا الشُّرُوع بِذكر فُقَهَاء الدملوة فقد ذكر ابْن سَمُرَة مِنْهُم جمَاعَة وذكرتهم أَيْضا وابدأ الان بِمن لم يذكرهم ابْن سَمُرَة لتاخرهم عَن زَمَانه وهم جمَاعَة رَأَيْت أول من ابتدى مِنْهُم الْبَيْت الَّذِي ظهر فِيهِ الْفضل وانتفع النَّاس بتصنيف أَهله وانتشر مِنْهُم الْفِقْه انتشارا مرضيا وهم بَنو بطال

    اولهم جدهم ابو عبد الله بطال بن احْمَد بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن بطال الركبي نِسْبَة الى قَبيلَة كَبِيرَة يُقَال لَهُم الركب يسكنون مَوَاضِع مُتَفَرِّقَة من الْيمن معظمهم الَّذين على طَرِيق زبيد ثمَّ الَّذين من طَرِيق عدن الساكنون بجبل الْحَرِيم بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وخفض الرَّاء ثمَّ يَاء مثناة من تَحت ثمَّ مِيم مِنْهُم هَذَا الفقية وَقد تقدم نسبه الى قَبيلَة يُقَال لَهَا الركب وَكَانَ يسكن قَرْيَة من الْجَبَل قَرْيَة يُقَال لَهَا ذِي يعمد بِفَتْح الْيَاء الْمُثَنَّاة من تَحت وَسُكُون يَا الْمُهْملَة وخفض الْمِيم وَسُكُون الدَّال وَكَانَ تفقهه بابراهيم ابْن حديق وَغَيره واخذ عَن الصَّدْر الصغاني فَلَمَّا ظهر مِنْهُ مَا ظهر من الْكَمَال قَالَ عقلاء زَمَانه ضد اسْمه وَلَقَد حِين لم يمكنني السّفر الى بَلَده ونواحيها للبحث كتبت الى بعض فقهائها اسأله عَن حَقِيقَة

    الْأَمر فِي أَحْوَال الْفُقَهَاء فِي الْجِهَة فَكتب إِلَيّ بِمَا عرض لَهُ وَقت كتبت وَقَالَ فِي حَقه لَهُ بَيت

    . .. وَمَا سميت سُودًا وَالْعرض شائن ... وَلكنهَا أم المحاسن أجمعا ... ثمَّ قَالَ كَانَت بدايته وسلوكه طَرِيق الْعلم بإرشاد الدّرّ جَوْهَر المعظمى الْمُقدم ذكره إِذْ كَانَ أَهله رهنوه عِنْده فرباه وهذبه وَجعله مَعَ من عِنْده ويصله من الْفُقَهَاء فتفقه وَتعلم الْعلم واتقن الْقرَاءَات والنحو وَالْفِقْه والْحَدِيث واللغة وَكتابه الْمَعْرُوف بالمستعذب يدل على ذَلِك وابتنى مدرسة بقريته الْمَذْكُورَة أَولا وقصده النَّاس من انحاء الْيمن للأخذ عَنهُ وَمِنْهُم جُمْهُور ابْن عَليّ بن جُمْهُور صَاحب المذاكرة الغريبة فِي النَّحْو وَأَبُو الْخَيْر بن مَنْصُور مقدم الذّكر فِي أهل زبيد ويحي بن ابراهيم بن مُحَمَّد بن مُوسَى من اب وَمُحَمّد وَعبد الله ابْنا سَالم الابيني وَغَيرهم وَعمر بن مُفْلِح بن مهيوب وَعبد الله بن عَليّ بن ابي عبد الله الْمرَادِي مقدم الذّكر بقرية تيثد من نَاحيَة دلال وَقدم الى مَوْضِعه الصَّدْر الصغاني وَأخذ كل وَاحِد مِنْهُمَا من صَاحبه مالاق لَهُ أَخذه عَنهُ وَأخذ عَن الصغاني أَوْلَاده الْآتِي ذكرهم وَكَانَ فِي مُبْتَدأ أمره كثير التَّرَدُّد بَين بَلَده وعدن وجبا فَأخذ بجبا عَن يحيى بن مُحَمَّد بن أبي الْقَاسِم الجبائي شَارِح المقامات وبعدن عَن القَاضِي أَحْمد القريظي ثمَّ ارتحل الى مَكَّة فَلبث بهَا ارْبَعْ عشرَة سنة فازداد علما وَمَعْرِفَة وَلم يكن يتْرك احدا من الواردين والمقيمين لَدَيْهِ فضل يتَحَقَّق إِلَّا اخذ عَنهُ ثمَّ اخذ عَن ابْن ابي الصَّيف ولازم صحبته وَرَأَيْت اجازته لَهُ وان تَارِيخ ذَلِك سنة احدى وسِتمِائَة ثمَّ عَاد بَلَده فقصده طلبة الْعلم من جَمِيع أنحاء الْيمن وجمعت حَلقَة تدريسه فَوق سِتِّينَ طَالبا يقوم بالمنقطع مِنْهُم وَكَانَ مَتى صلى الْعَصْر امرهم بِالْخرُوجِ الى التربة والاشتغال بالمسابقة على الاقدام والمواثبة ثمَّ يخرج فيقعد على قرب مِنْهُم وهم يتواثبون ويتجارون واولاده من جُمْلَتهمْ وَهُوَ ينظر حَتَّى إِذا اصْفَرَّتْ الشَّمْس انْصَرف الْفَقِيه الى

    الطَّهَارَة واستقبال الْقبْلَة مَعَ الذّكر حَتَّى يُصَلِّي الْمغرب ويتبعه اصحابه فِي ذَلِك

    وَله من التصانيف كتاب المستعذب المتضمن لشرح غَرِيب الفاظ الْمُهَذّب ثمَّ الاربعون حَدِيثا استخرجها من الاحاديث الحسان والصحاح الجامعة لما يسْتَحبّ درسه عِنْد الْمسَاء والصباح بيني وَبَينه بروايتها رجلَانِ وَله اربعون فِي لفظ الْأَرْبَعين لم أَقف عَلَيْهَا بل أَخْبرنِي عَنْهَا لاثقة وَله أشعار مستحسنة مِنْهَا مَا كَبه الْفَقِيه الْمَذْكُور فِي جَوَابه وَمن الشّعْر الْمَنْسُوب إِلَيْهِ

    . .. كَفاك بِمَوْت العارفين لنا رزأ ... لقد قلتهَا حَقًا وَمَا قلتهَا هزوا

    الم تَرَ أَن الدَّهْر أهلك مِنْهُم ... ثَمَانِينَ جزوا ثمَّ أبقى لَهُم جزوا

    وصمرت سلالا من الْعَيْش حسرة ... وَقد جرت بِالْعَيْبِ عَن صمنها حرا

    وطفت بهَا الاحياء طرا فَلم اجد ... ايدبا لبيبا يعرف الْخَيْر والشرا ... وَكَانَ عَارِفًا بالاصول وَالتَّفْسِير نظيف الْعلم وَكَانَ من كَمَاله فِي الْعلم ذَا عبَادَة وزهادة وورع وغالب زَمَانه يخْتم الْقُرْآن فِي كل يَوْم وَلَيْلَة وَكَانَت وَفَاته بِمَنْزِلَة الْمَذْكُور لبضع وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة بعد أَن وقف كتبه وَجُمْلَة من ارضه على الْمدرسَة الَّتِي يدرس بهَا وَخَلفه اولاده فِيهَا واستمروا على تدريسها حَتَّى دخل عَلَيْهِم الدخيل فَخرج مِنْهُم جمَاعَة الى مَذْهَب الاسماعيلية كَمَا سَيَأْتِي انشاء الله وَقد عرض مَعَ ذكر هَذَا الامام امام كَبِير فاحببت بَيَان مَا لَاق من حَاله على جاري الْعَادة فِي الْكتاب غَالِبا وَذَلِكَ انه لَيْسَ من الْيمن وَلَو كَانَ مِنْهُ لاوردته من جملَة أَهله وَهُوَ أَبُو الْفضل الْحسن بن مُحَمَّد بن الْحسن الصغاني نِسْبَة الى قَرْيَة من قرى

    سَمَرْقَنْد بتَشْديد الصَّاد الْمُهْملَة بعد ألف وَلَام وَتَشْديد الْعين الْمُعْجَمَة ثمَّ ألف ثمَّ نون ثمَّ يَاء نسب كَانَ اماما كَبِيرا متضلعا لعلوم شَتَّى مِنْهَا النَّحْو واللغة والْحَدِيث وَالْفِقْه بِمذهب ابي حنيفَة غَالِبا قدم الْيمن مرَارًا فاقام فِي عدن وَصَحبه ولد الْفَقِيه بطال بن سُلَيْمَان واقام مَعَه مُدَّة ثمَّ طلع إِلَى بلدهم وَأقَام مَعَهم بِذِي يعمد وَأخذ عَنهُ الامام بطال وَغَيره وقصده جمع من الْفُقَهَاء الى هُنَالك واخذوا عَنهُ وَكَانَ مدرسته بِمَدِينَة عدن الْمَسْجِد الَّذِي يعرف بِابْن الْبَصْرِيّ اُحْدُ تجار عدن مجَازًا إِذْ كَانَ يقوم بِهِ وَيصْلح متشعثه وَإِلَّا فَهُوَ يعرف بِأَنَّهُ الشَّيْخ الْوَزير يَاسر بن بِلَال الَّاتِي ذكره ان شَاءَ وَبِهَذَا التَّعْرِيف عرفه الصغاني وَكتاب سماعات جمَاعَة فَيَقُول فِي آخر السماع كَانَ ذَلِك بثغر عدن بِمَسْجِد لله يعرف بِمَسْجِد الشَّيْخ يَاسر بن بِلَال وَلَو لم يكن لهَذَا الامام من الدَّلِيل على الْفَضِيلَة صِحَاح الْجَوْهَرِي تصنيف حسن سَمَّاهُ التكملة وَهُوَ كاسمه انتسخه الْفُضَلَاء من اهل عدن وَغَيرهَا كبيت ابْن الْفَارِسِي وَالْإِمَام بطال وَغَيرهم وَكَانَ جَوَابا للبلاد وَلذَلِك كثر الاخذ عَنهُ اذ مَا يكَاد يُقيم بِموضع إِلَّا وَيُقِيم بِهِ ويستفيد عَنهُ بعض اهله فَلذَلِك انْتَشَر عَنهُ الْعلم انتشارا متسعا وَقدم تعز لبضع وَثَلَاثِينَ واخذ عَنهُ الشَّيْخ مَنْصُور بن حسن والفقيه احْمَد بن عَليّ السرددي مقدمي الذّكر فِي اهل تعز كتاب مقامات الحريري سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة وَوجدت خطه بالاجازة

    لَهما مؤرخا بالتاريخ ثمَّ لقى أخر عمره سكن مَكَّة وَقَامَ بهَا مجاورا مَكَان يتسمى بالملتجى الى حرم الله وَلَقَد أَخْبرنِي الثِّقَة مِمَّن سكن مَكَّة أَنه اخبره الثِّقَة مِمَّن اِدَّرَكَ هَذَا لافقيه بِمَكَّة يَقُول كَانَ الصغاني إِذا أصبح وطلعت الشَّمْس ويركع الضُّحَى قَالَ يَا عبير فَيخرج اليه خاجم فَيَقُول لَهُ هَات الْكيس الاخضر فيأتيه بِهِ وَهُوَ مَمْلُوء ذَهَبا مَضْرُوبا بالسكة فَيَأْخذهُ بِيَدِهِ وَيمْسَح بِهِ وَجهه وصدره وَيَقُول الْحَمد لله الَّذِي رزقنا من غير حول منا وَلَا قُوَّة اللَّهُمَّ كَمَا رزقتنا فَبَارك لنا فِيهِ ثمَّ يفتح راسه وَيخرج دينارين يناولهما الْخَادِم يَقُول اصرفهما فِي مأرب الْبَيْت ثمَّ يرْبط الْكيس وَفِي الْيَوْم الثَّانِي فِي مثل الْوَقْت يُنَادي الْخَادِم كَمَا ناداه اولا فاذا اجابه قَالَ لَهُ هَات الْكيس الاصفر فيأتيه بِهِ فَيعْمل بِهِ كَمَا عمل بالكيس الاول ثمَّ فِي الثَّالِث يَقُول هَات الْكيس الازرق فيأتيه فيفعل فِيهِ كَمَا فعل بالكيس الاول وَهَذَا دأبه حَتَّى توفّي وَله مصنفات فِي علم الحَدِيث واللغة مِنْهَا التكملة للصحاح وَمِنْهَا مختصرة فِي أَسمَاء الاسد وكناه وَغير ذَلِك وَله من الشّعْر جملَة مستكثرة مِنْهُ مَا خمس بِهِ الدريديه وَسَماهُ التسميط من احسن مَا قَالَ فِيهِ فِي تسميط بَيت ابْن دُرَيْد الَّذِي يَقُول فِيهِ

    . .. بل قسما بالشم من يعرب هَل ... لمقسم من بعد هَذَا منتهي

    اليه بربنا عز وَجل ... لَا بسواه لَا رتياع أَو وَجل

    مثل الَّذِي قَالَ مقَال ذِي وَهل

    بل قسما الْبَيْت الْمُتَقَدّم قَرَأت ذَلِك ثمَّ قَرَأت الْمُخْتَصر على شَيْخي ابي الْعَبَّاس أَحْمد بن الْحرَازِي نسبا ثمَّ الْعَدنِي بَلَدا يرْوى ذَلِك عَن ابراهيم السرددي الَّاتِي ذكره فِي أهل عدن عَن الصغاني وَمَا احسن مَا انشد نيه الْفَقِيه أَبُو الْخطاب عمر بن ابي بكر عرف بِابْن العراف عَن شَيْخه ابي بكر بن عمر النَّحْوِيّ عَن

    بَعضهم عَن الصغاني ... أحقا أَتَى جَهرا فَكَانَ من الشطط ... وعذرا اتى سرا فأكد مَا فرط

    فَمن رام ان يمحو جلى قبيحة ... خفى اعتذار فَهُوَ فِي أوسع الْغَلَط ... وَكَانَت وَفَاته بِمَكَّة المشرفة سنة اربعين وَقيل خمسين وسِتمِائَة تَقْرِيبًا قَبره مَشْهُور يزار وَمن محَاسِن شعره مَا انشدني شَيْخي ابو الْعَبَّاس الْحرَازِي قَالَ انشدني وَالِدي انه سَمعه كثيرا ينشد لنفهس ... تعلمت اسباب القناعة يافعا ... وكهلا فَكَانَا فِي حَياتِي ديدني

    وَقد كَانَ اوصاني ابي حف بِالرِّضَا ... بَان لَا اوافي مطمعا من يَدي ذنى ... وَوجدت مُعَلّقا بِخَطِّهِ فِي بعض الْكتب ... فَقلت للنَّفس جدي بعد فِي الطّلب ... فَإِنَّمَا الشّرف الْمَحْسُود فِي الْأَدَب ... وَاجْتمعت فِي جمادي الاخرة سنة سِتّ وَسَبْعمائة بِرَجُل من الْعَجم واسْمه عَليّ بن الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن عمر بن اسماعيل الشهرروري وَهُوَ يتزيا بزِي الْفُقَهَاء وعَلى ذهنه اشعار مستحسنة وَرِوَايَات مستملحة فتذاكرت مَعَه بِشَيْء من محَاسِن الشّعْر ثمَّ ذكرت لَهُ قَول جَار الله الزَّمَخْشَرِيّ يرثى شَيْخه أَبَا مُضر وَهُوَ ... وقائله مَا هَذِه الدُّرَر الَّتِي ... تساقطها عَيْنَاك سمطين سمطين

    فَقلت هُوَ الدّرّ الَّذِي كَانَ قد حشى ... أَبُو مُضر اذني تساقط من عَيْني ... فَقَالَ لي قد اخذ معنى الْبَيْتَيْنِ عَم لي اسْمه احْمَد بن مُحَمَّد ونظمه شعرًا رثى بِهِ شَيْخه ابا الْفَضَائِل الصغاني فَقَالَ عمي مقدم الذّكر ... أَقُول والشمل فِي ذيل النَّوَى عبرا ... يَوْم الْوَدَاع ودمع الْعين قد كثرا

    ايا الْفَضَائِل قد زودتني اسفا ... اضعاف مَا زودت قدري فِي الوري اثرا ...

    . . قد كنت تودع سَمْعِي الدّرّ منتظما ... فَخذه من جفن عَيْني الان منتثرا ... وعَلى الْجُمْلَة فمحاسن الصغاني أَكثر من أَن تحصى

    وَلم يبْق الا الْعود الى ذكر فُقَهَاء الْيمن فابدأ بتتمة اصحاب الامام بطال وَمن بناحيتهم وهم جمَاعَة مِنْهُم ابْنه ابو الرّبيع سُلَيْمَان تفقه وتأدب غلب عَلَيْهِ علم الادب والْحَدِيث وغالب اخذه عَن ابيه وَعَن الامام الصغاني وَكَانَ يُحِبهُ وَيُعْجِبهُ مَا يرى فِيهِ من نجابة وشهامة فَذكرُوا أَنه لما قدم الْيمن وَصَارَ بعدن بعد أَن كَاتب تقدّمت لَهُ يَد ألفة وبوالده كتب اليه من عدن يستحثه على النُّزُول اليه وَيَقُول لَهُ صلني متعجلا وَلَا يصحبك غير زَاد الطَّرِيق فعندي عشرَة أحمال من الْوَرق وَالْوَرق فحين وقف الْفَقِيه على الْكتاب بَادر وَنزل فَلَمَّا دخل عدن فَكَانَ من اجمل اهل زَمَانه كَانَ النَّاس يصلونَ الْمَسْجِد يتعجبون من حسنه وَهُوَ اذ ذَاك شَاب فَكَانَ النَّاس يأْتونَ الْمَسْجِد زمرا لَيْسَ غرضهم إِلَّا الْفِكر والتعجب الرِّجَال نَهَارا وَالنِّسَاء لَيْلًا ويظهرون ان غرضهم الزِّيَارَة للامام الصغاني فَلَمَّا اشْتهر ذَلِك عِنْد النَّاس تَعب مِنْهُ الْوَالِي للبلد وخشى الْفِتْنَة اذ بلغه ان ذَلِك حصل فِي بعض المتكررين فامر بحبسه وتغيبه فَلَمَّا صَار مَحْفُوظًا كَانَ يكْتب حُرُوف أبجد مقطعَة ويامر بِكُل ورقة تبَاع على اولاد الْجَار يتحرزون عَلَيْهَا وَكَانَت تبَاع كل وَفَاته بِخمْس دَنَانِير اَوْ نَحْوهَا يَسْتَعِين بهَا على أمره ثمَّ لما عزم الصغاني على الْخُرُوج أخرجه الْوَالِي وخرجا مَعًا وَكَانَت وَفَاته بعد أَبِيه بِقَلِيل

    وَمِنْهُم ابناه عمرَان واسماعيل فعمران كَانَ فَاضلا بالنحو والتصريف احذهما عَن ابيه واسماعيل كَانَ عَارِفًا بالقرات السَّبع وَهُوَ آخر من عَرفته من اولاد الشَّيْخ بطال يسْتَحق الذّكر وَكَانَ لَهُ ابْنَانِ اخران غير هذَيْن هما مُحَمَّد واسحاق فمحمد اخذ ولَايَة المفاليس من الْمُلُوك وَهُوَ أول من فعل ذَلِك بعد صَاحب الجوة فَلبث مُدَّة على ذَلِك فولى ذَلِك ابْنه بطال فاقام مُدَّة ثمَّ قَتله بَنو عَمه وَله اذ ذَاك

    ولد اسْمه مُحَمَّد مَرْهُون بالدملوة مَعَ خَادِم اسْمه ياقوت فاقامه مقَام ابيه وَعصب مَعَه وقوى امْرَهْ واكتبسب بذلك اموالا وَصَحب اعيان الدولة فقوى بذلك امْرَهْ وَاسْتمرّ على ذَلِك دهرا طَويلا هرب القاتلين لابيه وَكَانَ سريا بالرياسة والاحسان الى الرؤساء والكبراء من اهل الدّين وَالدُّنْيَا وَكَانَ يسكن موضعا بِالْجَبَلِ يُقَال لَهُ ظَبْي على تَسْمِيَة الْحَيَوَان الْبري الْمَعْرُوف وَكَانَ يسلم مِمَّا يتهم بِهِ اصحابه من التمذهب بالسمعلة وَكَانَت وَفَاته سنة تسع وَسَبْعمائة واخذ بعده المشيخة ابْنه احْمَد فَلبث مُدَّة ثمَّ توفّي بقرية السَّلامَة هَارِبا سنة احدى وَعشْرين وَسَبْعمائة والمشيخ مَكَانَهُ أَخ لَهُ اسْمه على يذكر بِالْخَيرِ والمروة وَحسن الصُّحْبَة وَتُوفِّي فِي شهر شعْبَان من جرح وَقع بِهِ اذ كَانَ مصحبا بقافلة مارا فِي خدير فطمع بِهِ وبالقافلة قوم من الشفاليت فَرَمَاهُ بَعضهم فجرحه وَقتل فيهم وجرح وَلم يكَاد وايظفرون بطائل وَتقدم بَلَده جريحا فَمَاتَ من الْجرْح وَقيل ان بعض اهله دس لَهُ سما فَتوفي فِي اثناء شعْبَان سنة سِتّ وَعشْرين وَسَبْعمائة

    وَمِنْهُم مُحَمَّد بن الْفَقِيه سُلَيْمَان بن الْفَقِيه بطال تفقه بعض تفقه ثمَّ درس بمدرسة جده فوصل بعض دعاة الاسماعيلية ومتكلميهم واستدرجه حَتَّى دخل بمذهبه لضعف علمه وَدينه فانه لَا ينْتَقل عَن اُحْدُ هذَيْن الا من كَانَ كَذَلِك وَاسْتمرّ ذَلِك وانتشر فِي نَاحيَة الْبَلَد وَفِي قومه الى عصرنا وَمن ذَلِك الْوَقْت انْقَطع الْفِقْه ذكر الْفَقِيه من ذُرِّيَّة الامام بطال وَخَربَتْ ذِي يعمد والمدرسة ايضا ونسبهم النَّاس الى السمعلة وَمِنْهُم ابْن بنته الملقب بالنفيس بن عبد الله بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن بطال يجْتَمع بالفقيه من طَرِيق الاباء فِي مُحَمَّد بن سُلَيْمَان اذ عبد الله وَالِد هَذَا احْمَد ولد الْفَقِيه اخوان تفقه هَذَا بجده الامام بطال ثمَّ لما توفّي جده ارتحل الى تهَامَة اخذ عَن مُحَمَّد بن اسماعيل الْحَضْرَمِيّ مقدم الذّكر وَلما حصل

    الْخلاف بَينه وَبَين عَمه واولاد شَيْخه الامام بطال انْتقل عَن بَلَده وَسكن فِي جوَار السُّلْطَان الْملك المظفر عِنْد بُسْتَان ثعبات الَّاتِي ذكره فاخذ عَنهُ فُقَهَاء تعز مصنفات جده وَشَيْخه كالمستعذب وَغَيره وَكَانَت وَفَاته لبضع وَسبعين وسِتمِائَة بعد ان تفقه بِهِ جمَاعَة وَهَذَا اخر من تحققته فِي بني بطال مُسْتَحقّ الذّكر وَقَالَ لي بعض فُقَهَاء النَّاحِيَة من كتبت اليه اسئلة عَن ذَلِك فَقَالَ اما الْفَقِيه مُحَمَّد الملقب ببطال وَمن اليه فهم وَالله درة فِي جيد المحاسن وواسطة قلادة بَعدت عَن المشائن ووجوهم للصباحة والسنتهم للفصاحة وايديهم للسماحة وعقولهم للرجاحة فهم بدور المحافل اذا اجْتمعت وشمس الضُّحَى اذا ارْتَفَعت

    وَأما أَصْحَابه من أهل بَلَده وَغَيرهم فجماعة وَمِنْهُم أَبُو الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن ابراهيم العامري الوعلاني والعامري نِسْبَة الى قَبيلَة مَعْرُوفَة والوعلاني نِسْبَة الى بلد تفقه ببطال واخذ الْفَرَائِض عَن عبد الرَّحْمَن بن حديق يقنا ذَر الْمُقدم ذكره وَكَانَ كَبِير الْقدر شهير الذّكر وَكَانَ للشَّيْخ أَحْمد بن مُحَمَّد الحوادي مقدم الذّكر بِهِ اعْتِقَاد وصحبة وَبني باشاراته أثارا مستحسنة يَأْتِي ذكرهَا انشاء الله تَعَالَى مَعَ ذكره وَقدم جبلة سنة سِتّ واربعين وستماية فاخذ عَنهُ المستعذب []

     

    LihatTutupKomentar